الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

74 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تدوينات

4 23 2015 9 29 15 AM

د. أحمد حمد أحمد:

حتى نكون موضوعيين في كتاباتنا، سنبدأ بتحديد معنى التطرف، هل يعني التطرف التمسك بالدين؟ أو هل يعني التعصب للرأي؟ أو هل يعني معاداة الفرد للمجتمع الذي يعيش فيه؟ أو هل يعني محاربة الفساد في هذا المجتمع؟ أو هل يعني مجابهة الحكومات بسبب اختلال سياستها وأنظمتها؟ أو هل يعني توجيه شديد النقد إليها، كلما حدث خطأ أو تجاوز منها؟

إن لفظة التطرف تعني الوقوف على طرف، أي أن المتطرف يقف على حافة شيء، وغالبا ما يختل توازن كل من يقف على الحافة أو الطرف، فهو مهدد دائما بالسقوط. فالتطرف إذن هو المبالغة في أي أمر، وعدم الاعتدال فيه.

المجتمعات الأوربية

لا يخلو أي مجتمع من وجود التطرف والمتطرفين، حتى المجتمعات الأوروبية التي يظن الكثيرون أنها مستقرة لا يعكر صفوها هذا التطرف وهؤلاء المتطرفون، ففي فرنسا مثلا توجد فئة كبيرة مشايعة لليمين المتطرف exl-reme droite، وأخرى مشايعة لليسار المتطرف، وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية ذات ميول يسارية في أصل مذهبها السياسي، لكنها تحاول أن تكون حكما محايدا، لا ينحاز لأي من هذين الاتجاهين المتطرفين.

المجتمعات الإسلامية

والتطرف في المجتمعات الإسلامية يأخذ طابعا خاصا، إذ تتمحور اتجاهات التطرف وتتبلور في مدى التمسك بالفضائل المرتبطة بالعقيدة، وعدم التمسك بها، فكلما كان هناك مساس بهذه الفضائل، كان هناك مجابهة لهذا المساس، وكلما كان هناك تطرف في هذا المساس، كان هناك تطرف في هذه المجابهة.

التطرف في العبادة والدعوة:

وقد جاءت نصوص الآيات والأحاديث، لتضع المسلم في مركز التوسط والاعتدال، حتى لا تذهب به المبالغة إلى التطرف، ولاسيما في مجال العبادة والدعوة، لأن العبادة ترشيد لنفسه، والدعوة ترشيد لغيره، وهذا الترشيد لا يحقق ثمرته على الإطلاق في نطاق المبالغة والتطرف.

ففي مجال العبادة يقول الله تعالى: {ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} (المائدة:6(

{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } (البقرة:185(

{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} (الإسراء:29)، وهذا نموذج من الآيات التي تؤكد على التوسط والاعتدال في هذا المجال. ويقول الرسول  " صلى الله عليه وسلم" : «إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»، «يسروا ولا تعسروا»، «من شدد شدد الله عليه»، «لا يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه»، وهذا نموذج من الأحاديث يؤكد هذا المعنى المراد.

وفي مجال الدعوة يقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ  وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125)،

{فَلِذَلِكَ فَادْعُ  وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ  وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (الشورى:15). ويقول الرسول  " صلى الله عليه وسلم" : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه»، «بشروا ولا تنفروا».

من أين يأتي التطرف إذن؟

أمثل علاج للتطرف هو توسيع نطاق الصالحين والمصلحين، والتضييق على الفساد والمفسدين.

يبدو أن الأحداث الخطيرة التي تنزل بمجتمعات المسلمين، أو الكوارث التي تعصف بها تدفع بالعباد والدعاة إلى أن يتشددوا، ويشددوا في الأخذ بتعاليم الدين، والتحلي بفضائله، خوفا من طغيان هذه الأحداث، واستمرار هذه الكوارث، وتهديد المجتمع بالانهيار والدمار، فإن الاعتقاد السائد أن انتشار الفساد في أي مجتمع وخاصة المجتمع الإسلامي هو سبب هذا كله، مصداقا لقولة تعالى: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا } (الإسراء:16)

ويبدو أن محترفي الفساد وهواته يضيقون بهؤلاء العباد وهؤلاء الدعاة، ولذلك يبذلون أقصى جهودهم في استعداء السلطة عليهم، واستنهاض الأقلام والكتاب للنيل منهم وتشويه أمرهم، واستنكار أعمالهم، تمهيدا للقضاء عليهم، حتى يضمنوا لأنفسهم العيش في أمان من مخاطرهم. وتظل حلقة التشدد والتطرف بين الفريقين تنداح وتتسع أبعادها، حتى تشغل المجتمع، وتلهيه عن تحسين حاله، وتأمين مستقبله.

وما العلاج الناجع للتطرف؟

لاشك أن علاج التطرف بالذات لا يكون بمقابلته بتطرف مثله، فإن هذا كما يقال إنما هو سكب البترول على جمرة من النار، ليزيدها اشتعالا، أو أنه سيكون كعملية شد الحبل بين فريقين، يمسك كل منهما بطرف منه، وقد يكون هذان الفريقان متساويين في القوة، فتظل المغالبة بينهما إلى ما شاء الله، وقد يكون أحدهما أقوى فتكون له الغلبة، ولكن انتصاره موقوت، فإن المهزوم لن يصبر على هزيمته، وسيحتال لتقوية نفسه، كي يعود إلى الشد من جديد. ومعنى هذا أن المغالبة مستمرة، ولا يعلم إلا الله متى تنتهي، ومن سيكون فيها المغلوب إلى الأبد.

إن العلاج الأمثل هو في توسيع النطاق للصالحين والمصلحين، وتضييق الخناق على الفاسدين والمفسدين، هو في تقوية صوت الحق، وخفوت صوت الباطل، هو في جعل الفساد وبطارقته من ثانويات تكوين المجتمع، لا من أساسياته. وأقول «تضييق الخناق وخفوت صوت الباطل وجعل الفساد من الثانويات لا من الأساسيات»، لأننا لا نستطيع القضاء على الفساد مهما بذلنا من قوة، لكننا نستطيع أن نجفف الكثير من روافده، ونكشف التزوير الذي يخدع به الكثير من دعاته.

إن العلاج الأمثل إنما هو في تجلية المثل العليا، حتى لا يغشيها غبار الشهوات الدنيا، وفي الحفاظ على القيم النفيسة، حتى لا تهبط بها النفوس الخسيسة، وفي الحرص على الأخلاق الفاضلة، حتى لا تنال منها الميول السافلة.

وما الإرهاب؟

أما الإرهاب فهو إحداث الرعب في القلوب، وليس الإرهاب مرتبطا حتما بالتطرف، فقد ـيكون التطرف دون إرهاب، وذلك عندما تكون السلطة من الحكمة بحيث تحفظ التوازن بين الفئات المتطرفة، ومن العدالة بحيث لا يميل أي متطرف إلى الإرهاب بسبب شعوره بظلم.

وإحداث الرعب أمر غير محمود في أي مجتمع، سواء أكان مصدر هذا الرعب هو الأفراد أم الحكومات، فقد يكون هذا الرعب من فرد ضد فرد، وقد يكون من فرد ضد جماعة أو حكومة، وقد يكون من حكومة ضد مواطنيها أو مواطني دولة أخرى.

الإرهاب المطلوب

وأمر الإرهاب يحتاج إلى شيء من التفصيل، فقد يكون الإرهاب مطلوبا شرعا، وذلك إذا ما كان موجها إلى أعداء الإسلام والمسلمين، فمن الواجب شرعا على كل مسلم وكل حكومة مسلمة الإعداد المستمر لهذا الإرهاب، مصداقا لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (الأنفال:60). وهذا الإرهاب المطلوب هو الذي يتحقق به النصر على الأعداء، فإن الرعب إذا استحكم في قلوبهم خارت قوتهم، وارتعدت مفاصلهم، وسقط السلاح من أيديهم، وفروا هاربين، أو استسلموا مهزومين. ولذلك قال رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «نصرت بالرعب».

الإرهاب المرفوض

والإرهاب المرفوض هو غالبا ما يتركز في طائفتين: طائفة يحركها الاعتداء المؤقت، وطائفة يحركها التخريب المبيت، فأما طائفة الاعتداء المؤقت فيسميهم الفقهاء البغاة، وقد نظم الإسلام علاقة جمهور المسلمين بهم على أساس من الإصلاح والتقويم، لا على أساس من الانتقام والتجريم، وذلك في قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا  فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ  فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (الحجرات:9). وقد يكون اعتداء طائفة على طائفة أخرى من المؤمنين لأسباب تافهة، لكنها على كل حال لا تضمر عداء لتعاليم الدين، ولا تبيت النية لتخريب ديار المسلمين.

أما الطائفة التي يحركها التخريب المبيت فهي طائفة الحرابة، وقد نظم الإسلام علاقة المسلمين بهم على أساس من الانتقام والتجريم، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ  ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة:33)

فالإرهاب هو إدخال الرعب بتحدي منهج الله ونظام رسوله في استقرار مجتمع المسلمين، وتأمين كل فرد فيه على نفسه وماله وعرضه، وهو إرهاب الحرابة، وهو الإرهاب الذي تجب مقاومته، وتحصين مجتمع المسلمين منه. أما الإرهاب الذي نبث به الرعب في قلوب أعداء الإسلام والمسلمين، فهو من الخصائص التي يجب أن يتميز بها مجتمع المسلمين.

عدم الخلط أسلم

وقد قمنا بتوضيح مفهوم هذه العبارات، وتحديد مواقف هذه الطوائف، حتى لا يكون هناك خلط بينها، فإن عدم الخلط بين هذه المفاهيم، أو هذه المواقف هو الأسلم في أي مجتمع مسلم. لابد أن يستعمل الدواء المر في محله، وأن يستعمل الدواء الحلو في محله، لابد أن تستعمل المبيدات والمطهرات في أماكن الحشرات والقاذورات، وأن تكون الجماليات والزينات في أماكن الأفراح والاحتفالات، لابد أن يتوفر الأمن لكل من يحرص على رقي المجتمع وتنمية مواهبه وموارده، وأن يتوجه الإرهاب إلى كل من يعمل على انحدار المجتمع، وتصفية مواهبه، وتخريب موارده.

القول الثابت

وإذا كان الكلام الذي تتداوله أو تتناوله الألسنة والأقلام في المجتمعات غير الإسلامية كلاما قد ينقصه التحديد والثبات، إذ يتعرض للتغيير والتحوير، ويقبل التبديل أو التعديل، فإن كلام الله هو المحكم الثابت الذي لا يلحقه تغيير أو تحوير، ولا يرد عليه تبديل أو تعديل، بل هو الذي تستقر عليه الأحوال، وتنتظم به الأوضاع، وتنضبط التصرفات والأعمال، ويثبت الله به قلوب المؤمنين: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ  وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ  وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } (إبراهيم:27(

020122

حواس سلمان محمود :

تعتبر عملية اختراع النقود عملية حضارية كبرى، ولقد اهتدى الإنسان إليها منذ العصور القديمة، شأنها في ذلك شأن اختراع أحرف الكتابة، أو استكشاف كيفية إشعال النار، أو ابتكار الزراعة.

لقد عاش الإنسان البدائي على جني الثمار والصيد بشكل جماعي، وكان زعيم القبيلة هو الذي يوزع المنتجات بين أفرادها، وكانت العشيرة تشكل وحدة اقتصادية معلقة، ومع تطور الإنتاج أصبح الاقتصاد المعلق غير كاف لمواجهة الحياة الإنسانية ومشقاتها المتعددة، فدخلت الجماعات المتفرقة في مبادلات فيما بينهما الآخر على شكل مقايضة (مبادلة سلع مع سلع مباشرة)، وكانت المقايضة وسيلة في بادئ الأمر في مجتمعات بسيطة، ولكن مع تطور المجتمعات ظهرت حاجات جديدة وتعددت السلع وزاد الإنتاج، فأضحى التعاون بموجب المقايضة عملية عسيرة على الإنسان، وما لبث الإنسان أن توصل إلى إيجاد وحدة معيارية تقاس بها قيم مختلف السلع والخدمات، ثم أصبحت هذه الوحدة وسيطا للمبادلة، يقبلها الأفراد عموما، في الوفاء بالالتزامات. فالنقود إذن هي أي شيء يتمتع بقبول عام في الوفاء بالالتزامات، أيا كان نوعها وأيا كانت صفاتها. وأصبحت النقود، فضلا عن ذلك، أداة لاختزان القوة الشرائية، وذلك كي تستخدم عند الحاجة في المستقبل. فما دام في إمكان الفرد مبادلة أي شيء بالنقود فإنه يمكن للمرء أن يكتنز النقود، وذلك لأهمية الوظائف التي تؤديها، باعتبارها وسيطا للتبادل، ومقياسا للقيمة، ومستودعا للقيمة ومعيارا للمدفوعات الآجلة.

وكانت النقود السلعية أقدم أنواع النقود، واحتلت المعادن النفيسة، مثل الذهب والفضة، مكان الصدارة بين المعادن النقدية، وتلتهما في المنزلة معادن أخرى، مثل الحديد والنحاس والزنك والقصدير.

يذكر أن التاريخ المبكر للنقود يعود إلى الابتكار الذي حدث في الصيف (آسيا الصغرى) والنقود التي سكها الليديون من خليط معدني من الذهب والفضة، وذلك في عهد ملكهم إرديس (652 - 625 ق.م).

النقود قبل الإسلام

لم يكن للعرب نقود خاصة بهم حين ظهر الإسلام، فقد كانوا يتعاملون بالدراهم الفضية الساسانية وبالدنانير البيزنطية الذهبية، ولاشك في أن تعاملهم بنقود الفرس والبيزنطيين يرجع إلى مجاورتهم للدولتين ومستعمراتهما، وإلى رحلاتهم التجارية العديدة. ومع ذلك، فقد كانت هناك نقود عربية متداولة بين العرب في الجاهلية على نطاق محدود جدا، وكمثال على ذلك نقود اليمن الحميرية. وكذلك اقتبس الأنباط من الإغريق والروم ضرب النقود، وكان لدولة تدمر نقود على شكل نقود الإسكندرية الرومانية، وعليها كتابة ورسوم.

تجدر الإشارة إلى أنه قد اشتهر عند العرب الدينار الهرقلي، فكانت دنانير هرقل ترد على أهل مكة في الجاهلية، وكان ذهب الدينار الهرقلي من أجود أنواع الذهب، وكان شكله بديعا حسنا. كما استعمل العرب الدينار البيزنطي، إذ نقلوا اسمه من اليونانية فأطلقوا عليه اسم الدينار أو الدينر (من دون ألف)، وكان الدينار مثقالا من الذهب، أي 4265 من الغرامات، وهذا الوزن هو وزن «السوليدس»، أو الدينار البيزنطي الذي كان شائعا في بيزنطة قبل الإسلام، وكان وزن الدينار يقدر أيضا باثنتين وسبعين حبة شعير، أو ستة آلاف حبة خردل من الوسط. ويذكر المقريزي أنواعا مختلفة من الدراهم الفضية الساسانية التي شاعت عند العرب قبيل الإسلام، وكانت هذه الدراهم مختلفة الأوزان والأسماء، حيث هناك الدراهم السود الوافية والدراهم الجواز، وكانت لهم دراهم تسمى «جوراقية»، إضافة إلى الدراهم «الطبرية».

العملات والنقود في التاريخ الإسلامي

يطلق عليها لفظ «السكة»، الذي يعبر عن معان متعددة تدور كلها حول النقود التي تعاملت بها الشعوب العربية والإسلامية من دنانير ذهبية ودراهم فضية (سبق ذكرها) وفلوس نحاسية. ويقصد بلفظ «السكة» أحيانا تلك النقوش التي نزين بها هذه النقود على اختلاف أنواعها، وأحيانا أخرى يعني «قوالب السبك» التي يختم بها على العملة المتداولة، كما يطلق أيضا على الوظيفة التي تقوم على سك العملة تحت إشراف الدولة. ويقدم العلامة العربي ابن خلدون تعريفا جامعا للسكة فيقول: «السكة، هي: الختم على الدنانير والدراهم للتعامل بها بين الناس بطابع حديد، ينقش فيها صور وكلمات مقلوبة، ويضرب بها على الدينار والدرهم، فتخرج رسوم تلك النقوش عليها ظاهرة مستقيمة، إذ يعتبر عيار النقد من ذلك الجنس في خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى وبعد تقدير أشخاص الدرهم والدينار بوزن معين يصطلح عليه، فيكون التعامل بها عددا، وإذا لم تقدر أشخاصها يكون التعامل بها وزنا. والسكة تعد مظهرا من مظاهر سلطة الخليفة أو السلطان أو الحاكم، إلى جانب كونها وثائق رسمية لا يمكن الطعن فيها، أو مصدرا من مصادر التاريخ تساعد على استنتاج الحقائق التاريخية، سواء ما يتعلق منها بالأسماء أو العبارات الدينية المنقوشة عليها، إلى جانب كونها سجلا للألقاب والنعوت التي تلقي الضوء على كثير من الأحداث السياسية، التي تثبت أو تنفي تبعية الولاة أو السلاطين للخلافة أو للحكومات المركزية في التاريخ الإسلامي. ولذلك، تعد النقود التي سكت في صدر الإسلام في دمشق وبغداد والقاهرة مستندات رسمية تؤكد على الوحدة السياسية والاقتصادية للعالم العربي».

ولابد من التأكيد - هنا - أن العقيدة الإسلامية قد أسهمت بقسط كبير وملموس في تطور صناعة السكة في العالم الإسلامي بفضل اهتمام الشريعة الإسلامية بالنقود، لكونها تدخل في ميدان العبادات، وتحدد المعاملات، وذلك لصلاتها المباشرة والوثيقة بالزكاة والصداق والعقود والوقف والعقوبات وغيرها. ارتبطت السكة ارتباطا وثيقا بالفنون الإسلامية، حيث تساعد نقوشها في التعرف على الكتابات الأثرية المنقوشة، ودراسة دلالاتها السياسية والتاريخية والعقائدية، إلى جانب كونها مصدرا مهما للتعرف على أسماء البلاد والأماكن التي ضربت فيها. كذلك تفيد دراسة السكة في إلقاء الضوء على حالة العالم الإسلامي الاقتصادية عبر العصور التاريخية.. من خلال التعرف على قيمة العيار في السكة، ومقدار وزنها في العصور الوسطى باسم «دار السكة» و«دار الضرب»، وهي على هيئة منشأة صناعية تتبع السلطان أو الحاكم، وتقوم بإصدار عملات نقدية ذهبية أو فضية أو نحاسية أو برونزية.

1- في عهد الرسول  " صلى الله عليه وسلم"

جاء الإسلام وكان الدرهم الساساني والدينار البيزنطي شائعين في العهد النبوي المبارك، ويشير القرآن الكريم واصفا طوائف من أهل الكتاب، ويذكر الدينار قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (آل عمران:75).

هذا، ولقد كان الذهب والفضة خلال هذه الفترة النبوية المباركة، يمثلان ذروة التعامل النقدي، بل إن كفار قريش تحدوا الرسول بأن يأتي بمعجزة حسية تؤكد صدق رسالته، قال تعالى: {فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ} (الزخرف:53). وبعد رسوخ الإسلام حذر المسلمين من مغبة اكتناز معدني الذهب والفضة، وعدم إخراج زكاتهما {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التوبة:34).

ونظرا لانشغال النبي  " صلى الله عليه وسلم"  وصحابته الأبرار بتوطيد أركان الدولة الإسلامية الناشئة، والقضاء على الشرك والكفر، أقر عليه الصلاة والسلام العملات النقدية المتداولة في عهده لتنظيم جباية الزكاة، على الرغم من أنها تحمل شعارات وصورا تتعارض مع روح الإسلام وتعاليمه، وظلت هذه النقود متداولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية بشكل عام والحجاز بشكل خاص، حيث كان الدرهم الفضي الساساني متداولا في الحجاز، باعتباره معدنا نفيسا لا نقدا ثابتا. وكان منها (أي النقود المتداولة) الكبير والصغير والثقيل والخفيف.

والدرهم الساساني عبارة عن قطعة فضية مستديرة عليها صورة الحاكم الساساني داخل طوق من ثلاث دوائر، وأمام وجهه اسمه مكتوب باللغة الفهلوية (البهلوية)، وخارج الطوق توجد أربعة أهلة متفرقة على الجهات الأربع في وسطها نجوم سداسية، وفي خلف العملة صورة الموقد الناري للعقيدة المجوسية، وإلى جانبيه حارسا المعبد، أما الدينار البيزنطي فهو عبارة عن قطعة ذهبية مستديرة الشكل، على وجهها صورة الإمبراطور البيزنطي هرقل لوحده أو مع ولديه «هرقليوناس» و«قسطنطين»، ويحمل كل منهما صليبا ينتهي بصليب آخر، أما الوجه الآخر للعملة فيتمثل الصليب قائما على مدرجات أربعة بجانبها كتابات بالأحرف اللاتينية.

وهناك عملة ثالثة تحتل مكانة أقل من سابقتيها وهي: الفلس النحاسي البيزنطي، مطبوع على وجهه صورة للإمبراطور البيزنطي الحاكم، أما الوجه الآخر فقد حمل الحرف اللاتيني «m»، الذي يرمز إلى قيمة الفلس، ويساوي 40 نميا (30 غراما)، وقد أقره الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  في التعامل.

لقد استعملت هذه العملات على نطاق لا بأس به في عهد الرسول  " صلى الله عليه وسلم" ، حيث فرض الإسلام الجزية على أهل الكتاب دينارا على كل بالغ، وجعل الإسلام الفضة والذهب من الأموال الباطنة، وزكاتهما ربع العشر. ونصاب الفضة مئتا درهم بوزن الإسلام، الذي وزن كل درهم منه ستة دوانق، وكل عشرة منها سبعة مثاقيل، وفيها إذا بلغت مئتي درهم خمسة دراهم هو ربع عشرها، ولا زكاة فيها إذا نقصت عن مئتين وفيما زاد عليها بحسابه.

وأما الذهب فنصابه عشرون مثقالا (أي دينارا) بمثاقيل الإسلام، ويجب فيه ربع عشره وهو نصف مثقال، وفيما زاد بحسابه، ويستوي فيه خالصه ومطبوعه، ولا تضم الفضة إلى الذهب، ويعتبر نصاب كل واحد منهما على انفراده. وأصبحت لهذه العملات النقدية قوتها الشرائية، فقد اشترى الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  حائطا لبني النجار مساحته 4200 م2 بنى عليه مسجدا بعشرة دنانير ذهبا، دفعها من مــال أبي بكر  "رضي الله عنه" . واشترى عثمان  "رضي الله عنه"  في عهد الرسول أرضا زادها في المسجد بعشرين ألفا، أو بخمسة وعشرين ألف درهم، وقيل بعشرة آلاف درهم.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الصحابة قد امتهن الصرافة، مثل: البراء بن عازب وزيد بن أرقم، رضي الله عنهما. وقد ورث العرب بعضا من العادات السيئة في الجاهلية، فجاء الإسلام مبطلا لها، حيث كان من عادة التجار العرب أنهم يتعاملون بوزن النقود لا بعدّها، ذلك لأن بعض الناس كانوا يقتطعون جزءا من الدرهم أو الدينار، وقد عاب القرآن هذه الصفات الذميمة في قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ } (النمل:48)، أي قيامهم بتزييف الدراهم وغشها، وقال تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} (هود:87). هذا، ولقد روى المروزي بإسناده عن علقمة ابن عبدالله عن أبيه: «أن النبي  " صلى الله عليه وسلم"  نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس»، ولهذا يعتبر النبي  " صلى الله عليه وسلم"  صاحب أول إصلاح نقدي قام به العرب المسلمون في مجال القضاء على ظاهرتي الغش والتزوير حينما وضع لبنات الحضارة الإسلامية القائمة على العقيدة والأخلاق، وهذا مصداقا لقوله تعالى جل وعلا {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء:107).

2- في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم

بعد وفاة النبي  " صلى الله عليه وسلم"  استمر الخلفاء الراشدون، رضي الله عنهم، على نهجه في التعامل بالمسكوكات النقدية الأجنبية، وذكر الإمام أبو الحسن الماوردي أن عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه"  وضع ماهية الدرهم الشرعي. وقد اهتم ابن خلدون في مقدمته بتحديد هذه النقود فقال: «أعلم أن الإجماع منعقد منذ صدر الإسلام وعهد الصحابة والتابعين أن الدرهم الشرعي هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب، والأوقية منه أربعون درهما، وهو على هذا سبعة أعشار الدينار، ووزن المثقال من الذهب اثنتان وسبعون حبة من الشعير، فالدرهم الذي هو سبعة أعشاره خمسون حبة، وخمسا حبة وهذه المقادير كلها ثابتة بالإجماع».

وتذكر بعض المراجع الحديثة نقلا عن المقريزي (من علماء القرن التاسع الهجري) أن عمر  "رضي الله عنه"  ضرب الدرهم سنة 18 للهجرة على نفس الكسروية وأشكالها وأعيانها، ولم يحاول ضرب سكة جديدة، إلا أنه أضاف إليها نقش بعض العبارات الإسلامية مثل الحمد لله، ومحمد رسول الله، ولا إله إلا الله، ولله، أو بسم الله، أو بسم الله ربي.. وهذه النقوش الموجودة في بعض العملات الكسروية الساسانية مشكوك في نسبتها إلى الخليفة عمر  "رضي الله عنه"  لعدة أمور أهمها:

1- أن المصادر الفقهية والتاريخية المتقدمة لم تذكر ذلك البتة. فعن سعيد ابن المسيب أن أول من ضرب النقود المنقوشة عبدالملك بن مروان، وكانت الدنانير والدراهم كسروية.

2- أن هذه النقود المنقوشة في عهد عمر لم يصل إلينا منها شيء حتى نسلم بصحتها، بل إن هذه الدراهم المنسوبة إلى عمر مؤرخة بسنة 20، وبعضها موجود في المتحف العراقي، فإن تاريخ سكها في الحقيقة لا يعود إلى فترة الخليفة عمر  "رضي الله عنه"  (13-23هجرية)، وقد نتج هذا الالتباس بسبب عدم التمييز بين التواريخ التي كانت تضرب بها النقود آنذاك.

3- إذا افترضنا ضرب هذه النقود في عهد عمر  "رضي الله عنه"  فأين المكان الذي سكت فيه؟!

4- أن المتأمل في شخصية عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه"  كأحد العشرة المبشرين بالجنة، والمعروف بإيمانه القوي، وغيرته الشديدة على الإسلام، لن يقبل بوضع شعارات الإسلام الخالدة على هذه العملات الوثنية والمجوسية بما فيها من صور وطقوس تتنافى مع تحريم الإسلام لهذه الصور، قال عليه الصلاة والسلام: «من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ». ويمكن الإشارة هنا إلى شخصية عمر بقول المصطفى  " صلى الله عليه وسلم"  فيه: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك». (صحيح البخاري).

وهكذا نرى أن هذه المسكوكات المنسوبة إلى عهد عمر  "رضي الله عنه"  ليست على الوجه الصحيح في نسبتها لعدم وجود الأدلة الكافية والبراهين الدامغة.

3- في العهدين الأموي والعباسي

أمر عبدالملك بن مروان الحجاج بن يوسف بنشر الدراهم الجديدة في القسم الشرقي من الدولة الإسلامية، وبمنع تداول الدراهم السابقة، وبإقناع الناس بجلب الدراهم القديمة إلى دار الضرب لطبعها من جديد، وسار الخلفاء الأمويون بعد عبدالملك بن مروان على سياسته في ضرب النقود، فكان الخلفاء يتشددون في عيار الدينار الذهب، وكان الذهب خالصا بقدر ما كانت تساعدهم طرق التصفية. وقيس عيار دينار للرشيد وآخر للمطيع فكان عيارهما 97.9 في المئة، أي 23.5 من القراريط (حبة)، باعتبار أن الذهب الخالص 24 قيراطا (حبة).

كذلك تشدد الخلفاء بعد عبدالملك في صحة الوزن وتخليص الفضة، فضرب عمر بن هبيرة (والي العراق) للخليفة الأموي يزيد بن عبدالملك، دراهم أجود من دراهم الحجاج على عيار ستة دوانق، ولما ولى الخليفة هشام بن عبدالملك خالد بن عبدالله القسري العراق اشتد في النقود أكثر من ابن هبيرة. وذهب خلفه في ولاية العراق يوسف بن عمر، وكان أبعد منه في تخليصها والدقة في العيار، فكانت الدراهم «الهيبرية» و«الخالدية» و«اليوسفية» أجود نقوش بني أمية. ولم يكن الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور يقبل في الخراج من نقود بني أمية غيرها، ولهذا سميت الدراهم الأولى «المكرهة». وفي العصر العباسي كان الخلفاء يضربون الدراهم والدنانير، وكانوا ينفقون أحيانا وزن الدراهم، فضرب أبوالعباس السفاح الدراهم بالأنبار ونقصها حبة واحدة، ثم نقصها حبتين. وفي خلافة المنصور أصبح النقص ثلاث حبات، ولم يصبح للدراهم وزن ثابت، مما جعل الناس يتعاملون بها بالوزن. ولما قتل جعفر البرمكي فوض هارون الرشيد أمر دار الضرب إلى السندي بن شاهك، فاعتنى بتخليص الذهب والفضة في النقد، وضرب الدرهم على العيار الصحيح، لكن الأمر لم يثبت على حال بعد ذلك.

أما وزن الدينار العباسي فكان بوزن الدينار الأموي وهو 4265 من الغرامات، أي 66 حبة، وهذا هو الوزن الشرعي للدينار أو المثقال. واستمرت كلمة دينار تنقش على جميع النقود الذهبية للدولة العباسية والدول التي نشأت في عهدها وانفصلت عنها، وكان هارون الرشيد أول خليفة يذكر اسمه على الدينار، وضرب العباسيون من الدنانير ما كان أكثر من المثقال إلى أربعة مثاقيل، وذلك للتعامل بها، وضربوا عدا عن هذا أنواعا من الدنانير الكبيرة الحجم والوزن، وذلك لكنزها أو للصلة والإهداء في مناسبات معينة، كالأعياد والأفراح، أو للتصدق بها، وأطلقوا عليها اسم دنانير الصلة، وذلك لكي يصلوا بها أحباءهم وندماءهم والفقراء.

المراجع

ـــــ محمد عودة العودان، «النقود في الحضارة الإسلامية»، مجلة الخفجي، ربيع الأول - يونيو 1999م، ص22.

ـــ سامي عبدالله المغلوث، «العملات النقدية المستخدمة في عهد الرسول  " صلى الله عليه وسلم"  والخلفاء الراشدين»، مجلة الخفجي، ربيع الآخر 1420هجرية – يوليو 1999م، ص12.

ـــ سالم الشيحاوي، «النقود عبر التاريخ»، صحيفة تشرين السورية، 23 ديسمبر2000م، ص9.

ـــ جون كينث جالبريت، ترجمة أحمد فؤاد بلبع، «تاريخ الفكر الاقتصادي.. الماضي صورة الحاضر»، عالم المعرفة – الكويت، عدد261، سبتمبر2000م، ص157.

ــــ د. ناهض عبدالرزاق، المسكوكات، أبو عبيد ابن سلام، الأموال.

 ــــ  مقال بعنوان «العملات والنقود الإسلامية»، موقع «سوق السبت»، 7 أبريل 2008م.

Antiquities museum big 

القاهرة – أيسل محمد:

هو بالتأكيد ليس عملاقا المتحف الذي تسابق مصر الزمن على الانتهاء من تشييده على مقربة من الأهرامات ليكون أحد أكبر متاحف العالم، كما أنه ليس كما المتحف المصري العتيق الذي يتوسط قلب القاهرة وفي ميدانها الأشهر "التحرير"، لكنه متحف قزم، اتخذ من جدران مكتبة الإسكندرية الحديثة ركنا يتحصن به، وينتسب إلى كيان ثقافي عالمي يزيد من زخم المدينة الشاطئية الأشهر في مدن البحر المتوسط..

4 16 2015 8 39 49 AM

مياسة النخلاني:

من منا لم يضعه النسيان في موقف لا يتمناه، أشياء تبدو بسيطة رغم أننا نفعلها كل يوم كنسيان أحدنا أين وضع مفاتيح البيت، أو أن نضرب وعدًا ما ولا نتذكره إلا بعد انقضائه، نحفظ تقريرًا ما في جهاز العمل وننسى المجلد الذي وضعناه فيه، وأحيانا نستذكر دروسًا طوال الليل وفي قاعة الامتحان تتبخر من ذاكرتنا وكأن أعيننا لم تقع على كلمة طوال أيامٍ مضت... إنها آفة النسيان، المعضلة التي نعاني منها كثيرًا وتضعنا في مواقف لا نُحسد عليها.

في الحقيقة إن لعقولنا القدرة على حفظ واستيعاب ما لا حصر له من المعلومات، كما أن الفارق بين عقولنا وعقول العباقرة مثل ألبرت انشاتين يكاد لا يذكر، فلا يمكن القول إن قدرة البعض على التذكر أسرع من غيرهم يعود إلى امتلاكهم عقول أفضل، إنما يعود السبب إلى أنهم يعرفون كيفية استخدام هذه العقول الاستخدام الأمثل.

صحيح أن بعض العوامل البيئية مثل نوعية الغذاء أو كيفية تنشيط العقل ـ خلال اليوم ـ تؤثر على صحة العقل وطريقة عمله، لكن من الأهمية بمكان أن نفهم طريقة عمل عقولنا وكيفية تنشيط الذاكرة، فكلما زادت هذه المعرفة ساعدنا ذلك على استخدام إمكانيات عقولنا بفعالية.

وفيما يلي - طرق من شأنها أن تسهم في تنشيط قدرتنا على التذكر باستخدام بعض التقنيات الفعالة:

تحسين الذاكرة بربط الأشياء بأخرى نعرفها:

من أفضل الطرق التي تساعدنا على تحسين الذاكرة أن نحاول ربط ما نريد تذكره بآخر نعرفه مسبقًا، على سبيل المثال إذا قابلنا شخصًا وعرَّف نفسه أنه أحمد، منا من يعيد تكرار الاسم أكثر من مرة لحفظه دون جدوى، لذا ولتذكر الاسم بسرعة علينا أن نتذكر أحد معارفنا أو أقاربنا ممن يحملون الاسم نفسه وبهذه الطريقة نحفظه سريعًا، وإذ لم نجد اسمًا مماثلا يمكن ربط الاسم بآخر قريب منه.

 جد عنصر التشويق والاثارة:

كلما زاد اهتمامنا بموضوع ما استمتعنا بإنجازه، وبالتالي سهل علينا تذكره، والعكس صحيح.. فعندما يقل اهتمامنا تزداد صعوبة التذكر, لذا علينا أن نهتم أكثر بما نحن بصدد حفظه ليسهل علينا تذكره فيما بعد. قد نجد أنفسنا مهتمين ببعض الأمور بطبيعة الحال، لكن لا ينطبق الحال على أمور أخرى، لذا علينا أن نحاول البحث عن سبب يجعلها مفيدة لنتعلمها، وإلا سنجد أننا نخوض في مواضيع مملة وصعبة سرعان تتسرب من الذاكرة، ولتجاوز هذه المشكلة علينا أن نوجد عنصر الإثارة والتشويق ونقنع أنفسنا بأن الخبرات والمعلومات الجديدة جيدة لصحة العقل خاصة الصعبة منها.

فكِّر بعمق.. تحفظ بعمق:

عادة، الأمور التي نتذكرها جيدًا هي تلك التي فكَّرنا فيها بعمق. فإذا كان مرورنا على معلومة ما سطحيا خاليا من التفكير المعمق بتفاصيلها فلن تختزلها في ذاكرتنا لفترة طويلة, لذا علينا أن نفكِّر بعمق بما نحن بصدد حفظه، فكلما كان تفكيرنا أعمق كانت ذاكرتنا أقوى، ولتحقيق هذه الغاية علينا أن نطرح على أنفسنا أسئلة حول الموضوع ذاته، ونكوِّن إجاباتها.

لماذا نحفظ؟!

تذكر الأمور يكون على مستويين، إما قصير أو طويل, فالمدة المحددة لتذكر معلومة ما تؤثر بشكل مباشر على فترة بقائها في ذاكرتنا، فإذا كنا بصدد تعلم أحد المواضيع ورغبنا لتعلمه فقط لنجتاز امتحانًا ما، فمن المفترض أن نحفظها فقط للامتحان وننساها بعده بفترة قصيرة لكن في حال كنا ننوي تذكر تلك المعلومة لمده أطول فمن المفترض أن تبقى فترة أطول في ذاكرتنا، لأن العقل ينظر إليها على أنها شيء مهم وبالتالي يحافظ عليها.

وبما أننا نستقبل معلومات كثيرة خلال يومنا وحياتنا بشكل عام، فالعقل يميل إلى ترتيب المعلومات المتلقاة حسب أهميتها، فكلما زادت أهمية الأمر لنا طالت فترة تذكره، وبالتالي المعلومات الأقل أهمية سرعان ما تنسى.

خاصية الربط لتحسين الذاكرة:

تتلخص هذه الخاصية بربط شي ما بآخر فإذا عدنا الى البيت بعد سفر دام شهور أو سنوات فرؤية المنزل مجددا سيعيد بعض الذكريات إلى مخيلتنا، لان الخبرات الماضية التي اكتنفها المنزل قد نشطت وحفزت العقل بمجرد رؤيته، وبإمكاننا استغلال خاصية الربط هذه في تحسين الذاكرة باستخدام أشياء محدده لتحفيزها.

فإذا أردنا تذكر أمر مهم في الصباح ولم يتوفر لنا مفكرة لتدوينه قبل الذهاب إلى السرير يمكننا ترك شي ما على أرضية الغرفة وحين نتعثر به صباحا سيذكرنا بما أردنا تذكره قبل أن ننام.

تقنية التكرار:

ا ب ت ث ج ح خ.. من السهل تذكر الحروف الهجائية لأن الحرف الأول يقود للثاني وهكذا، إنه تكرار الحروف الذي قضينا فترة طويلة من طفولتنا في حفظها، إذا حاولنا أن نعيد سرد الحروف الهجائية بالمقلوب وقبل أن نمضي وقتًا لحفظها وتكرارها فسنجد بعض الصعوبة، فالناس يجدون سهولة بتذكر الأمور المتتالية عندما يقود أحدها إلى الآخر، خاصة إذا كان لهذا الترتيب معنى مثل 1،2،3،4 فسيكون من السهولة حفظه وبالتالي تذكره.

السكر يقتل ذاكرتك:

الإكثار من المأكولات والمشروبات كثيرة السكر يسيء إلى الذاكرة، فالسكر يثبط إنزيمات تكوين الذاكرة، ما يعني أننا نتذكر أقل قدر ممكن من المعلومات التي نكتسبها، ولتحسين الذاكرة علينا تجنب مصادر السكر خاصة إذا كنا بصدد حفظ واستيعاب شيء ما، خلال المحاضرات مثلا، ومراجعة الدروس، أو بصدد تعلم شيء جديد.

كوِّن انطباعًا قويًا كي لا تنسى:

كلما ترك أمرٌ ما الأثر القوي في أنفسنا سهل علينا تذكره، وبعض الأمور تترك الانطباع القوي فينا بطبيعة الحال بينما غيرها لا، الانطباع القوي هو شعور ينشِّط الذاكرة بشكل كبير، فكلما نشطت ذاكرتك سهل علينا التذكر، وبإمكاننا تنشيط عقولنا بتحفيز أكثر من حاسة في وقت واحد، فإذا كنا بصدد اكتساب معلومة جديدة فعلينا التفكير فيها كثيرًا، نقولها بصوتٍ مسموع، وننظر إليها مطولا، ندوِّنها.. الخ.

تعلَّم شيءٌ مختلف يُسهل حفظه:

هذه الطريقة للطلاب خصوصًا، أو لأي شخص أمامه الكثير من الأمور لتعلمها، فالذاكرة تعمل بشكل أفضل عندما نعطيها المساحة الكافية لتستوعب المعلومات التي تعلمناها للتو، فإذا كنا ندرس الرياضيات لساعة كاملة على سبيل المثال، فلن نتذكر إلا ما استذكرناه بتركيزٍ عالٍ، لذا وإن كان علينا أن نذاكر مادة أخرى فيجب أن يكون اختيارنا لمادة مختلفة تمامًا عن الرياضيات، فدراسة مواد متشابه الواحدة تلو الأخرى من شأنه أن يُربك العقل والذاكرة، وينتج عنه قدرة أقل على التذكر، لأن الدماغ يحتاج وقتًا ليستوعب المعلومة الجديدة عليه، فعلينا تجنب الدخول في نشاطات متشابه بشكل متتابع وسنلاحظ سهولة تذكر كل المواد التي ندرسها.

4 9 2015 8 52 31 AM

د. أبو كريشة: حرمته ثابتة، وتقوية الوازع الديني يحصن الشباب من الوقوع في هذه الكبيرة

د. شومان: ضعف العقيدة وتزايد المشكلات الاجتماعية والاقتصادية أدى إلى فقدان الأمل

د. إنشاد: ليست ظاهرة.. لكن على الجميع التصدي لها بداية من الأسرة وحتى الحكومة

د. ثريا: لا يمكن الجزم بالأسباب الحقيقية دون الخضوع لدراسة منهجية

د. بحري: تسليط الإعلام على حالات الانتحار يغري البعض بالإقدام عليه للفت الأنظار

 عبدالله الشريف ومحمد عبدالعزيز:

دق علماء الإسلام ومختصون في علمي النفس والاجتماع ناقوس الخطر بسبب تزايد حالات الانتحار في المجتمعات العربية، لا سيما في أوساط الشباب، واعتبروا أن هذه الحالات باتت تقترب من حد الظاهرة، واعتبروها شرخا في جدار المجتمع وعقيدة أفراده، وشددوا على ضرورة تنمية الوازع الديني، للتصدي لهذه الحالات، وكذا العمل على حل مسبباتها التي تتمحور غالبيتها حول الظروف الاقتصادية وانعكاساتها النفسية.

نبدأ مع د. طه أبوكريشة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، الذي شدد على أن قتل الإنسان لنفسه حرام حرمة ثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ففي القرآن الكريم يقول الله عزوجل في نهي صريح: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا  وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) } (النساء:29-30). وفي السنة النبوية المطهرة نرى كذلك نهيا زاجرا عن قتل الإنسان نفسه، قال رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم، وعن جندب بن عبدالله  "رضي الله عنه"  قال: قال رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة» (رواه البخاري ومسلم).

حصنوا أبناءكم

وأضاف أبوكريشة: إنه إذا أردنا أن نحد من هذه الحالات التي باتت تقترب من حد الظاهرة في مجتمعاتنا، فعلينا أن نحصن أبناءنا من النوازع والضغوط النفسية السلبية التي تؤدي إلى فعل هذا الأمر المحرم، وذلك بتقوية الوازع الديني والتوعية في مدارسنا ومساجدنا ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وفي الوقت نفسه فإن على علماء الاجتماع والنفس وعلماء الدين أن يبحثوا عن الأسباب التي تؤدي إلى هذا التجاوز الديني الخطير.

كما أشار إلى ضرورة تقديم اقتراحات ووسائل علاج عملية ومنطقية لهذه الظاهرة، معتبرا أن هذا الأمر واجب على الدولة في المقام الأول، فيجب عليها إيجاد فرص العمل لمن لا يجدون عملا، وتوفير العلاج اللازم للمرضى، سواء نفسيا أو جسديا حتى لا يستبد بهم اليأس والقنوط، ويقدموا على الانتحار.

وأوضح أن الابتعاد عن صحيح الدين من الأسباب المهمة لعدم الاكتراث بالإقدام على قتل النفس، فغياب الدين يترك آثاره في النفوس، ويحطم القلوب ويورث القنوط من رحمة الله، فيؤدي ذلك إلى مشاعر نفسية سيئة، تؤثر على عقول ضعاف الإيمان خاصة من فئة الشباب.

وتابع: يجب أن نقوي علاقة الإنسان بخالقه عز وجل، حتى يكون ذلك حصنا يلوذ به كل من يمر بضائقة حياتية، ومن المؤكد أننا إذا صنعنا ذلك فسيعيد الإنسان التفكير ألف مرة قبل أن يقوده الشيطان للتفكير في الوقوع في هذه الكبيرة التي تعد من أكبر الكبائر عند الله عز وجل.

فقدان الأمل

أما د. عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، فيرى أن تزايد حالات الانتحار، خاصة في المجتمعات العربية ليس بظاهرة، وأنه انتشر خلال القرون السابقة في المجتمعات غير الإسلامية، بينما انتقل إلى المجتمعات العربية والإسلامية مع الانفتاح الإعلامي، خلال العقود الأخيرة، مشيرا إلى أنه لا يملك إحصاءات تفيد بارتفاع معدلات الانتحار، لكنه أكد أن تركيز وسائل الإعلام على نشر أخبار حالات الانتحار بكثافة، أغرى بعض ضعاف الإيمان إلى الانسياق وراءها، والتخلص من نفسه عند أول ضائقة نفسية أو مادية أو عاطفية تصادفهم.

وأوضح شومان أن ضعف العقيدة وتزايد المشكلات الاجتماعية والتربوية والاقتصادية أدى إلى فقدان الأمل، ودفع بالبعض إلى إيثار التخلص من مشكلاتهم بالانتحار، مشددا في هذا الصدد على ضرورة التوعية الصحيحة بمبادئ الإسلام التي تحرم قتل النفس.

وتابع: إن الإسلام وفقا للقاعدة الشرعية العامة الداعية إلى حفظ النفس، حرم الانتحار تحريما قطعيا، لأي سبب كان، وأنه ليس من حق الإنسان أن يزهق روحه كتعبير عن ضيق أو احتجاج أو غضب.. مؤكدا أن الانتحار من كبائر الذنوب، وقد بين النبي  " صلى الله عليه وسلم"  أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل به نفسه، فـعن أبي هريرة  "رضي الله عنه"  عنه، أن رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  قال: «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل، فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».

وأضاف شومان أنه مثلما تقع مسؤولية على علماء الإسلام والدين عامة بتقوية الوازع الديني، وتوضيح حرمة الإقدام على قتل النفس، فإن علماء النفس والاجتماع أيضا يقع على عاتقهم دور محوري في دراسة المشكلات الاجتماعية والنفسية المؤدية إلى الانتحار، وكذا ضرورة الوصول إلى حلول عملية لهذه المشكلات، والتي قد تخفى عن علماء الدين.

كما طالب المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية بالقيام بدورها في التصدي لهذه المشكلة، وتربية النشء وتهيئتهم على الإقبال على إعمار القلب والأرض، رغم أي تحديات وعقبات قد تصادفهم.

ليست ظاهرة

على مستوى علم الاجتماع، ترى د. إنشاد عز الدين، أن الانتحار في المجتمعات العربية مازال في إطار الحالات الفردية، ولا يشكل ظاهرة عامة، موضحة أن قتل النفس موجود منذ الأزل، وله أسبابه وظروفه التي تختلف من شخص إلى آخر.

وأضافت: إن الظاهرة حتى يطلق عليها ظاهرة، لابد من توافر عدة مقاييس، أهمها توافر نسبة مئوية واضحة تقارن بالعدد الأصلي للسكان، إضافة إلى تنفيذ مقياس الشريحة الطبقية فيما يخص الأعمار المطبق عليهم نفس الحالة، ومقياس الزمن والفترة، وعلى سبيل المثال إذا وجدنا أنه بمعدل يومي أو أسبوعي ينتحر لدينا عدد معين واضح، يمثل نسبة واضحة من عدد السكان، هنا يمكن القول: إننا أمام ظاهرة لابد من دراستها.

وتابعت: المجتمعات العربية لديها التزامات دينية وعادات وتقاليد، لا تسمح بانتشار فكرة الانتحار، وهذه الالتزامات لا تقتصر على ديانة واحدة، لكنها مرفوضة من جميع الديانات.

واستشهدت بواقعة انتحار شاب على عمود لوحة إعلانات في أحد شوارع القاهرة، قائلة: «لا تحدث مثل هذه الحالات بصورة مستمرة، إنما هي حالات متباعدة زمنيا، ولا يمكن وصفها بأنها جماعية، وهذا لا يعني التقليل من خطورتها، أو التقاعس عن علاجها، بل يجب على الجميع بداية من الأسرة وحتى الحكومة التصدي لهذه الحالات، بحل الأسباب المؤدية إلى قتل النفس.

تفكك اجتماعي

بينما ترى د. ثريا عبدالجواد، أستاذ علم الاجتماع، أن العنف تزايد في بعض المجتمعات العربية، خلال السنوات الأخيرة، كما تزايدت الاضطرابات النفسية نتيجة تفاقم المشكلات الاقتصادية والأسرية، ولكن لا يمكن الجزم بأن هناك دراسات موثوقة أكدت زيادة معدلات الانتحار للحد الذي وصفه بالظاهرة، بل يمكن القول: إن هناك تزايدا في معدل حالات الانتحار الفردية.

وأضافت: إنه في كل حالات التطور والتحول الاجتماعي تصاب المجتمعات بنوع من التفكك الاجتماعي، يمكن أن ينجم عنه هذه الحالات، ومن هذا المنطلق لا يمكن الجزم بأن حالات الانتحار التي وقعت في بعض البلدان العربية خلال الفترة الأخيرة ناجمة عن ظروف سياسية فقط، أو اجتماعية فقط، لكن هناك أكثر من سبب يؤدي إلى ذلك، ولا يمكن الجزم بالأسباب الحقيقية، دون الخضوع لدراسة منهجية.

وحذرت من أن وسائل الإعلام هي من ضخمت حالات الانتحار، حتى صنعت منها ظاهرة عامة، ومحاولة استغلال ذلك لتحقيق مكاسب خاصة.

أما على مستوى علم النفس، فأكد د. هشام بحري، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن الانتحار يعتبر من حالات العنف الخطيرة التي تصيب المجتمعات، فعندما يغضب الإنسان من شخص قد يلجأ للاعتداء عليه بعد تفكير طويل، لكن في حالة المنتحر، فغضبه ينفث عنه في جسده ونفسه، فيقطع شرايين يده أو يلقي بنفسه من مرتفع، أو يحرق أو يشنق نفسه.

وشدد على ضرورة إعادة مفهوم قيمة الحياة لدى الإنسان، بالإضافة إلى قيمة الخوف من الله، وعدم التجرؤ على معصيته، مشيرا إلى أن الانتحار حتى الآن لا يمكن وصفه بالظاهرة في المجتمعات العربية، لكن ما يمكن الجزم به أن هناك زيادة في معدلاته نتيجة أسباب متباينة، ومنها التسليط الإعلامي على حالات الانتحار والتي تغري البعض بالإقدام عليه ربما بدافع لفت الأنظار.

وأوضح أن قرار الانتحار صعب جدا، ولا يمكن أن نقول: إن أعداد الإناث أو الذكور أكثر اتخاذا للقرار، لكن يمكن القول بأن الإناث أكثر عرضة للضغوط النفسية والاكتئاب والضيق، لأنهن يتعرضن لأكثر من جهة ضغط.

وأشار إلى أن فقدان الأمل في المستقبل، وانتشار العنف والاستهانة بالدم من الأسباب التي ضاعفت نسب الانتحار.

وطالب المجتمع بكل مؤسساته بالعمل على احتواء مصادر الضغط على الشباب والحد منها، بالإضافة إلى زرع ثقافة الذهاب إلى الطبيب النفسي عند التعرض لأزمة يصعب على الإنسان تجاوزها بمفرده.

800 ألف محاولة انتحار سنويا

كشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن شخصا واحدا يقدم على الانتحار حول العالم كل 40 ثانية، ليصل مجموع محاولات الانتحار سنويا إلى 800 ألف.

وذكر التقرير أن الانتحار يحصد أرواح أشخاص أكثر من النزاعات العسكرية والكوارث الطبيعية.

وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها المنظمة الدولية تقريرا كهذا، إذ قامت بتحليل بيانات أشخاص أقدموا على الانتحار من 172 دولة, لمدة عشر سنوات.

وحول هذه الظاهرة، قالت المنظمة: إن الانتحار مشكلة صحية ونفسية لا علاج لها، وأكدت عجز الهيئات الصحية العالمية عن مناقشتها، وإيجاد حل لها، مؤكدة ضرورة خفض الانتحار حول العالم بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2020.

ومن أبرز ما ورد في التقرير ارتفاع نسبة الانتحار بين الذكور مقارنة بالإناث، كما أنها ترتفع في الدول الغنية أكثر من الدول الفقيرة.

وذكر التقرير أن استخدام المبيدات الحشرية هو الوسيلة الأبرز للانتحار، خصوصا في المناطق النائية، لذا تعهدت الحكومات بتطبيق خطط وطنية صارمة لمواجهة هذه الظاهرة، ووقف محاولات الانتحار.

إحصائية مصرية: 2355 حالة انتحار خلال العام الماضي

كشفت إحصائية صادرة عن المركز القومي المصري للسموم التابع لجامعة القاهرة عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين، حيث سجل المركز وقوع 2355 حالة انتحار خلال العام الماضي، خاصة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عاما، طبقا للإحصاءات الرسمية، بسبب ضائقات مادية، أو حالات نفسية.

كما رصد د. ياسر ثابت في كتابه: «شهقة اليائسين» ظاهرة الانتحار في مصر والوطن العربي، وأكد أن الفئة العمرية الأكثر إقبالا على الانتحار في مصر هي ما بين 15 و25 عاما، حيث تبلغ نسبتهم 66.6 في المئة من إجمالي عدد المنتحرين في كل الفئات. تأتي بعد ذلك نسبة المنتحرين من المرحلة العمرية ما بين 25 و40 عاما، حيث تمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال. ومعظم حالات انتحار الرجال في هذه المرحلة العمرية ترجع إلى الظروف الاقتصادية، وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.

المرتبة الثالثة في إحصائية المنتحرين جاءت ممثلة في الفئة العمرية من 7 إلى 15 عاما. وكانت البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد. وبلغت نسبة هؤلاء الأطفال المنتحرين 5.21 في المئة من إجمالي المنتحرين في مصر.

أما عن طرق الانتحار، فتختلف بين النساء والرجال، إذ إن 90 في المئة من النساء يستخدمن في انتحارهن الأقراص المنومة، أو سم الفئران، أو إلقاء أنفسهن من أماكن شاهقة، أو في النيل، بالإضافة إلى لجوئهن إلى حرق أنفسهن أما الرجال فينتحرون عادة بالشنق، أو قطع شرايين اليد، أو إطلاق النار على أنفسهم أو الحرق.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال