الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

4 8 2015 8 57 07 AM

الحسن ملواني:

دخل متهالكا شاحب الوجه فاتر الأطراف، سأله الطبيب، فلم يعرف كيف يرد عليه، فهو لا يحس بأي ألم في جسده. وبعد لحظة من التردد، قال مجيبا: أيها الطبيب، أصارحك بأني لا أشكو من ألم ولا وجع، الوساوس تهاجمني بين فينة وأخرى، تارة أخال نفسي شريرا مغتصبا تحققت فيه كل صفات التوحش والنذالة بامتياز، وتارة يتبين لي استعدادي الفطري للبذل في سبيل إشاعة المودة والوئام والاحترام بين الناس، أرى قدرتي على أن أكون مرشدا بحلمي وحكمتي ونبل أخلاقي.

كان الطبيب يحدق فيه مركزا عله يعثر بين أقواله على شيء يفيده في العلاج، وحيث لم يجد شيئا قاطعه قائلا: علتك يا أخي بسيطة، لا تحتاج إلى دواء، بعد أيام سيزول عنك ما تعانيه.

نهض المريض خائبا، كان حزين القسمات مضطرب الأفكار، فالطبيب لم يقنعه بما يمكن أن يزيل عنه ما يقاسي.. كان حائرا يتساءل عن الدور الحقيقي للأطباء، فقد زار هذا وذاك، منذ خمس سنوات ولم يسمع منهم سوى الجواب نفسه، فهل الدواء ممنوع عليه وحده؟ أم أن علته لم يوجد لشفائها دواء بعد؟

انحرف بعيدا عن الشارع الرئيسي قاصدا شجرة وارفة الظل، أسند ظهره إلى جذعها، كان جاف الحلق مغرورق العينين، كان يحس أنه وحيد في زنزانة مظلمة سيختنق فيها بعد لحظة، أغلق عينيه المترهلتين ينشد سنة من النوم تخفف من الضيق الذي يطبق عليه.. فتح عينيه وإذا بشيخ وقور يربت على كتفه، فاستغرب استغرابا، واختلط لديه الحلم بالواقع.. حياه فرد عليه التحية بشفتين مرتعدتين، ابتسم الشيخ في وجهه، ثم رفع عينيه نحو الأفق وكأن شيئا لاح له من بعيد. ثم قال: اسمع يا بني، إني أتوسم في وجهك الخير والسداد، وأعرف أنك تعاني، وربما زرت أكثر من طبيب بلا جدوى.. تعجب المريض، فمن أين له أن يعرف ذلك كله؟

قال الشيخ وهو يربت على ركبته: مرضك ليس من بدنك، مرضك من قلبك، فقلبك مريض بعد أن كان سليما، وأعلم كما تعلم أنك عشت سنوات بقلب سليم يقبل الحق من صاحب الحق، كنت منيبا إلى الله متوكلا عليه، كانت حركاتك وسكناتك منقادة لأمر العبودية وطلب التقرب إليه سبحانه وتعالى.

وحين هاجرت من بلدتك الجميلة بأناسها البسطاء الطيبين حللت بتلك المدن الغريبة، فتلوثت أفكارك وتغيرت رؤيتك الصافية للعالم، ويوما بعد يوم صار قلبك مريضا، والقلب المريض حين يشتد عليه المرض يصبح بابه سهل الانفتاح لاستقبال الشبه والشكوك ووساوس الشيطان، فإن خف مرضه رجع بصاحبه إلى التفكير في الحق والعتاب على التقصير.. وبتقلب القلب المريض، يعيش المرء متاعب نفسية تفوق الوصف.

كان المريض يصغي إلى الشيخ فشعر بالطمأنينة تسري في أعماقه شيئا فشيئا، كان يقول في نفسه: الآن فقط وجدت الطبيب المعالج، الآن جاء الشفاء.

تهيأ الشيخ للانصراف ثم عاد فقال للمريض: لقد نسيت أن أخبرك أنك محظوظ لأن قلبك لم يمت بعد، فالقلب الميت أسوأ حالا من المريض، القلب الميت مرتع للشهوات بكل الأنواع، لا يردع صاحبه عنها لا العبد ولا المعبود، يتصرف وفق هواه ولا يفكر في مولاه.

أشاع قول الشيخ مزيدا من السكينة والفرح في قلبه، وشعر أنه وجد بابا نحو طريق الشفاء.. وحين هم الشيخ بالمغادرة، سأله المريض: أيها الشيخ الطيب الفاضل الحكيم، لم تصف لي دواء! قال: عليك بالرجوع إلى سيرتك الأولى، حين كنت في بلدتك تؤمن بقوله تعالى: { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} (الشعراء:88-89)، كان قلبك آنذاك خاليا من كل شهوة تبعدك عن نور الله، تبحث عن الحسنات وتخاف السقوط في الزلات.

يا بني، عليك بتقوى الله وكفى.

 انصرف الشيخ.. لم يعد المريض يراه، وكان يفكر في أمر القلوب الثلاثة: سليم يطمئن صاحبه، ومريض يعذب صاحبه، وميت يميت همة وأخلاق صاحبه.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال