السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

113 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تدوينات

1645221

علاء الدين حسن :

يقـول الله تعالى في كتـابه الكريم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (البقرة: 152). ويقول رسول الله  " صلى الله عليه وسلم": «التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله» (صحيح الجامع).

1800120

السنوسي محمد السنوسي :

عجيب أمر هؤلاء الذين يدعون إلى الإلحاد، وإلى إنكار وجود الله سبحانه، وإلى أن يسير الناس في الحياة لا حظ لهم من إيمان يملأ عليهم أفئدتهم، ولا من عبادة تخشع لها جوارحهم وتنقاد!

إنهم لا يعادون الإسلام فحسب، وهو الدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة، على اختلاف في الشرائع والأحكام للأقوام والأمم التي توزعت على امتداد القرون المتطاولة، حتى ختم الإسلام بشريعة النبي محمد  " صلى الله عليه وسلم" ..

إنهم لا يعادون هذا الإسلام فحسب، بل يعادون أيضا الأديان الباطلة، والمعتقدات الموغلة في الخرافات والترهات.. فإنها جميعا متفقة على ضرورة الإيمان، أي على أصل القضية!

إن «الناس من أقدم العصور حيارى، يجدون في أنفسهم إلهاما بالفطرة إلى التسليم بقوة قاهرة، يستلهمونها ويستمدون منها العون، ويستقبلون منها الخير والشر، فيدعونها خوفا وطمعا، ويتملقونها بالقرابين والعبادات، ويجدون في الإيمان بهذه القوة - التي اختلفوا في تكييفها - سندا وملاذا من رهبة القوى المادية في الكون، وسلوى وعزاء عمّا هم فيه من قسوة الحياة وآلامها» (1).

وإذا كان الإيمان - في معناه العام - هو إحساس الإنسان وشعوره بضرورة وجود قوة أخرى أكثر كمالا واقتدارا منه - كانت هي البدء الذي به كان، وإليها خاتمة المطاف والمنتهى - فإن هذا الإحساس البشري الذي يعمر به قلب الإنسان ووجدانه هو فطرة الإنسان التي فطر عليها، والتي ركبت في طبعه، فصارت لازمة من لوازم حياته، المعنوية والروحية. وكما يبحث الإنسان عن الطعام والشراب والهواء للإبقاء على كيانه المادي، فهو يشعر بالحافز للبحث عن هذه القوة الخفية، والتقرب منها واسترضائها للإبقاء على كيانه الروحي والمادي معا (2).

من تجاوز الكنيسة إلى تجاوز الدين

لقد ظل الإنسان الغربي في «عقوده المظلمة» - خاصة في أواسط القرن السادس عشر - يعاني صراعا مريرا مع الكنيسة، محاولا الخروج من سيطرتها وربقتها، بعدما فرضت الكنيسة رؤيتها الخاصة للكتاب المقدس، ولسائر نشاطات الحياة حتى على الجوانب العلمية منها (3)، إضافة إلى تحالف رجال الكنيسة مع الإقطاعيين، وهو ما أدى إلى أن يثور الإنسان الغربي ليس على سلطة الكنيسة فقط، بل على سلطة الدين ذاته!

ومن هنا، نشأت موجات متتابعة من الإلحاد، ومن الجرأة على الله، تسفه فكرة الإيمان، وتصمها بالعبودية والخنوع، وتعتبرها قيدا على حرية الإنسان وإرادته.

لكن - والحق يقال - قد يكون للإنسان الغربي بعض العذر فيما فعل، إذ كانت سيطرة الكنيسة وقيودها قد بلغت حدا مرهقا للإنسان، ومثلت عبئا على الإيمان ذاته!

لكن البعض من المفتونين بالغرب وثقافته وحضارته، راحوا ينقلون معركة الإنسان الغربي مع الكنيسة، وخروجه على دينها الذي يحرم العلم.. راحوا ينقلون ذلك إلى أرض المسلمين، ويسقطون تلك المعركة على الإسلام، دون أن يدركوا أن لا وجه أبدا للمقارنة بين الإسلام، وما انتهت إليه الكنيسة من دين، وأن هذا الصراع بين العلم والدين إنما هو ابن البيئة الغربية بشكل حصري!

وفي مواجهة موجات الإلحاد، أوائل القرن العشرين، حذر الأستاذ عبدالعزيز جاويش من خطورة تلك القضية، وأوضح أن الذين يصورون علاقة العلم والدين حربا قائمة دائمة لا يستقر لهما صلح، إنما هم تلاميذ آثار الغربيين، ممن يفتنون بكل جديد، ولو كبل عقولهم بأغلال التقليد، وحبسهم عن التدبر والتفكير.

وأكد جاويش أن هؤلاء لو كان لهم علم بأصول القرآن الكريم، ووقفوا على ما مكن للعقل والوجدان من قواعد الحرية الصادقة في سائر شعب الحياة، لما زلت لهم قدم في مزالق التقليد، ولفقهوا إجلال ذلك الكتاب الذي يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الإسراء:36)، والذي يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل:43) (4).

التحريف مدعاة للإلحاد

من الملاحظ - وكما سنرى من خلال سرد بعض التجارب الذاتية - أن التحريف الذي لحق ببعض الشرائع السماوية، وأصابها بالتناقض، وجعلها تضاد العقل وتستعصي على الفهم، فضلا عن لاعقلانية المذاهب الوضعية التي ذهبت بعيدا في منحدر الخرافات.. أن ذلك كان مدعاة للإلحاد، وسببا أساسيا في أن يرفض العقلاء تلك المزاعم التي تسمى «دينا»!

ولما كان الإسلام - الدين الخاتم - قد تكفل الله سبحانه بحفظ كتابه وينبوعه الصافي، الذي يشتمل على أصول العقائد وأمهات الفضائل وقواعد الشرائع، فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9).. فإننا نستطيع أن نقرر باطمئنان أن الإلحاد هو مشكلة من خارج بيئتنا الحضارية (5). فبيئتنا الحضارية لم تعرف صداما مع العلم، ولا إجحافا بمكانة العقل، ولا تسلطا على مناهج البحث العلمي، ولم تدع إلى مقررات تصادم الفطرة السليمة والعقول المستقيمة.

إن خطورة العقائد المحرفة، تكمن في أنها تبعد الناس ليس عن اتباع هذه العقائد المحرفة فحسب، بل عن الاعتقاد الديني بوجه عام. ولذلك يقول مراد هوفمان في تقديمه لأحد كتب جيفري لانج: «عندما يزعم المؤلف بأن العقائد الدينية في العصر الحديث لا تفعل شيئا، سوى أنها تزيد من أزمة الإيمان والدين، فإنه يردد صدى ما قاله محمد أسد عام 1934م، عندما تنبأ أن الشكوك التي أثارتها العقيدة النيقية (6) وخاصة عن أفكار التجسيد والتثليث، لن تبعد أصحاب الفكر عن كنائسهم وحسب، بل عن الإيمان بالله تبعا لذلك» (7).

ويسجل ألفونس «أتيين دينيه» - الذي أسلم وتسمى بـ«ناصر الدين» - شهادته عن اتساق العقيدة الإسلامية مع الفكر والعقل، فيقول: «إن العقيدة المحمدية (8) لا تقف عقبة في سبيل التفكير، فقد يكون المرء صحيح الإسلام، وفي الوقت نفسه حر التفكير. وكما أن الإسلام قد صلح منذ نشأته لجميع الشعوب والأجناس، فهو صالح كذلك لكل أنواع العقليات، وجميع درجات المدنيات» (9).

ولما سئل البروفيسور «هارون مصطفى ليون» عما أعجبه في الإسلام، ذكر أن من مفاخر الإسلام، أنه مبني على العقل، لا يطالب معتنقيه أبدا بتجميد طاقاتهم الفكرية، مخالفا بذلك عقائد أخرى، تلزم تابعيها بالاعتقاد الأعمى لمذاهب وآراء معينة، دون تفكير فيها (10).

وقد وجه هوفمان نقدا حادا لما دخل من تحريف على المسيحية، جعلها لاعقلانية! فيقول: عندما يتوسط المسيحيون في خطأ محاولة الدفاع العقلاني عن مذهب «التثليث» يأخذون أولا بالتذرع ببعض الألاعيب اللغوية، وينتهي بهم الأمر إلى التراجع، زاعمين أنه بما أن «التثليث» هو سر من الأسرار، فإنه بذلك يستعصي على التفسير. ثم يؤكد هوفمان أن من الابتذال، القول بأن «الأسرار الدينية» تستعصي على التفسير، وهي كذلك بحكم تعريفها، ولكن ليس هناك ما يمنعنا إطلاقا من أن نقرر بداية ما إذا كانت المسألة تتعلق بسر من الأسرار بالفعل، أو أنها - كما في حالة «التثليث» - من نسج قلوب البشر وعقولهم. ويضيف: «لقد مضى ذلك الوقت الذي كان فيه للمسيحية أن تستفيد من فكرة «التثليث»، خاصة عندما تنتشر بين شعوب تؤمن بالتسلسل الهرمي للآلهة، أما اليوم فإن «التثليث» لا يعدو أن يكون عبئا على المسيحية» (11).

فمراد هوفمان يفرق بين ما يعتبر سرا من الأسرار، وبين ما هو من نسج عقول البشر. ويوضح أنه «الأسرار» قد يجوز عدم فهمها، ولكنه «التثليث» ليس أصلا من هذه الأسرار، وإنما هو من نسج الخيال.

ولكننا يجب أن نضيف هنا توضيحا لما ذكره السفير هوفمان، أن حتى ما يسمى «الأسرار» - أي ما يطلق عليها الإسلام «العقائد» - فإنها لا يجوز أن تتناقض مع العقل.. ولكن يجب أن نفرق في مسائل العقائد بين ما لا يستطيع العقل إدراك كنهه وحقيقته مثل: عذاب القبر، وغير ذلك من الأمور الغيبية وبين ما يحكم العقل باستحالته، مثل: التثليث ووراثة الخطيئة الأولى، فالنوع الأول يقف فيه العقل عند حدوده ويؤمن به، أما النوع الثاني فإن العقل يرفضه، ويأبى الاعتراف به، وعلى ذلك فهناك من عقائد الإسلام ما نؤمن به ولا ندرك كنهه، لكن ليس في الإسلام ما يحكم العقل باستحالته، أو ما يخالف الحقائق المنطقية.

تجارب ناطقة بالتوحيد

أمام هذا الأمر الداعي للعجب والدهشة - أي الإلحاد - فإنني أرى أن من الأوفق، ونحن نحاول أن نمد لمن أغراهم بريقه الزائف يد الهداية والإرشاد، عسى الله أن يمنحهم نورا ينقذون به أنفسهم من التردي في مهاوي ظلمات الجحود.. أرى أن نعرض لهم نماذج مضيئة من أبناء الحضارة الغربية، سبقوهم في طريق التعرف على الله، والتسليم بمنهجه، والسعادة في رحابه.

فلاشك أن عرض هذه النماذج يفيدنا في هذا المقام من ناحيتين:

الأولى: أن حياة أولئك الذين اهتدوا هي نفسها أوضح مناقشة للمزاعم التي ما فتئ هؤلاء يرفعونها في وجه دعاة الإيمان، ويلبسون بها على العامة، وعلى الشباب الذين لا تسعفهم معارفهم للصمود في وجهها.

أما الناحية الثانية، فهي أن هذه النماذج المضيئة تقول لهم بلسان الحال: لقد أغرانا الشيطان كما أغراكم، وتربص بنا كما تربص بكم، وقعد لنا في طريق الهداية كما قعد لكم، لكننا - بمعونة من الله وفضل - قد اجتزنا كل تلك العقبات، وآوينا إلى ركن شديد، ووجدنا في واحة الإيمان ما ظللنا نبحث عنه، وما شقينا لعقود بسبب الابتعاد عنه.

فمن محمد أسد الصحفي النمساوي الذي كان يهوديا، إلى رجاء جارودي الفرنسي الذي كان عضوا باللجنة المركزية للحزب الشيوعي، إلى جيفري لانج الأميريكي الذي فضل الإلحاد على دين الكنيسة..

هذه النماذج - وغيرها كثير - ناطقة بضرورة الإيمان، وأنه فطرة الله التي فطر الناس عليها، وناطقة أيضا بأن الإسلام هو الدين الجدير بأن يمنحه الإنسان ثقته، وأن يسلم له قياده، وأن يرسو بسفينة عقله على شطآنه.. فهو دين الله الخاتم، المحفوظ بحفظه من التحريف والتبديل إلى يوم الدين، ومن ثم، كان قادرا على مخاطبة أرقى العقول البشرية، على اختلاف الزمان والمكان.

وما الإلحاد إلا مشكلة من خارج بيئتنا الحضارية، فلنحذر من محاولات إرهاق العقول، وتشتيت الجهود عن مواجهة التحديات التي تحيط بنا من كل حدب وصوب!.

الهوامش

1- الرسالة الخالدة، الأستاذ عبدالرحمن عزام، ص: 18، طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، 1964م.

2- في الإيمان والإسلام، الأستاذ أحمد حسين، ص: 13، دار القلم، بدون تاريخ، بتصرف يسير.

3- حينما أثبت كوبرنيكس دوران الأرض حول الشمس، وحينما زاد جاليليو دوران الأرض حول نفسها؛ قرر المكتب المقدس في فبراير 1616م أن مذهب كوبرنيكس سخيف، وبمقارنته بما جاء في وصية المسيح يعد هرطقة. ولقد حرمت روما تعليم نظام المجموعة الشمسية إلى ما بعد منتصف القرن الثامن عشر، مما أربك دراسة العلوم الطبيعية هناك. انظر: أثر القرآن في تحرير الفكر البشري، الشيخ عبد العزيز جاويش، ص: 41، هدية مجلة «الأزهر»، ربيع الآخر 1433هـ، بتصرف يسير.

4- المصدر نفسه، ص: 111، 114، باختصار وتصرف.

5- لم يعرف تاريخنا «الإلحاد» كظاهرة، وإنما كحالات معدودة.

6- أي العقيدة التي تقررت في مؤتمر «نيقية» سنة 325م، والتي قررت بنوة عيسى وألوهيته.

7- من تقديم د. مراد هوفمان لكتاب د. لانج، «حتى الملائكة تسأل»، ص: 12، ترجمة د. منذر العبسي، دار الفكر، دمشق، ط1، 2001 م.

8- الصواب أن نقول «العقيدة الإسلامية»، لأن الغرب يقصد من نسبة العقيدة إلى محمد  " صلى الله عليه وسلم" ، إظهار الإسلام وكأنه من اختراع محمد، وليس وحيا إلهيا.

9- أوروبا والإسلام، د. عبد الحليم محمود، ص: 99، دار المعارف، ط2، 1982م.

10- في الدعوة إلى الإسلام، المستشار محمد عزت الطهطاوي، ص: 256، دار التراث، ط1, 1979م.

11- يوميات ألماني مسلم، هوفمان، ص: 159، 160، ترجمة د. عباس رشدي العماري، مركز الأهرام للترجمة والنشر، ط1، 1993م.

almstba.com 1342553957 539

القاهرة - الوعي الشبابي:

القاهرة مدينة غنية بتاريخها وبشرها وقصصها. بعض الشباب المحبين للتصوير يحاولون عن طريق تطبيق انستغرام اكتشاف بعض أسرار هذه المدينة التي تضج بالحيوية والألوان المثيرة للمتعة وحب الاكتشاف.

 

111222122

د. محمد مصطفى إبراهيم :

لقد حدثت ثورة في الطب خلال القرون الماضية، بداية من استخدام المجهر، ثم البنج والتخدير والتطعيم والمضادات الحيوية، وانتهاء بزراعة الأنسجة والأعضاء البشرية، وكذلك تقدمت وسائل التشخيص والتحليل والعلاج. ويتهيأ الطب الآن ليدخل عصرا جديدا يسمى الطب الجزيئي molecular medicine، للتعرف على مسببات الأمراض بالتفصيل، على المستوى الفيزيائي والجزيئي. ولاتزال الاكتشافات والبحوث الطبية في مجال الطب الجزيئي تشهد تطورا مستمرا.

وفي مايو عام 2012م، تمكن فريق طبي سعودي من عمل أول تحليل جيني لفيروس الإيدز، أو نقص المناعة، باستخدام جهاز تحليل الجينوم الجزيئي، الذي يتعرف على الفيروس، ويكشف نوع سلالته، ويحددها.

يولد الإنسان بمجموعة من الصفات الوراثية المسؤولة عن لون الجلد والشعر والطول ولون العينين، والخصائص الوظيفية لأعضاء الجسم اللازمة لاستمرار الحياة وبقاء الجسم سليما، وهذه الصفات محمولة على جينات موجودة على كروموسومات تمثل الجينوم البشري، الذي يشمل من 20 إلى 25 ألف جين، طبقا لما أعلنته النتائج الأخيرة لمشروع الجينوم البشري، وتم عمل الخريطة الوراثية للإنسان لمعرفة جينات كثير من الأمراض الوراثية.

يمكن تقسيم الأمراض إلى أمراض وراثية وغير وراثية: أمراض وراثية بيئية وأمراض بيئية. وقد عرف الإنسان حوالي 6 آلاف مرض وراثي بشري في شعوب العالم المختلفة. ومعظم الأمراض الوراثية سببها جينات متنحية، أو طفرات تعطل إنتاج البروتينات الطبيعية.

تشكل الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية نسبة عالية من أمراض المواليد الجدد، ويتوقع إحصائيا أن يصاب طفل واحد من كل 25 طفلا بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات، أو بمرض له عوامل وراثية، مثل: عيب خلقي، وتأخر عقلي. وتسعة من هؤلاء المصابين بهذه الأمراض يتوفون باكرا، أو يحتاجون إلى البقاء في المستشفيات لمدة طويلة.

وفي العالم العربي تمثل الأمراض الوراثية مشكلة كبرى في مجال الصحة العامة، وتسهم عوامل عديدة في انتشارها الواسع في المنطقة، منها ارتفاع معدل زواج الأقارب. وقد أنشئ المركز العربي للدراسات الجينية في دولة الإمارات العربية من أجل تشخيص الاضطرابات الوراثية ومنعها، ووضع أسس مستقبلية للرعاية الصحية في المنطقة.

وغني عن الذكر أن المركز العربي للدراسات الجينية قد أطلق مشروعا طموحا في شهر ديسمبر 2004م من أجل وضع «الفهرس الوراثي للعرب» (CTGA)، بهدف تنوير المجتمع العلمي والجمهور وتعريفهم بالأمراض الوراثية عند العرب، واقتراح استراتيجيات للبحث في المستقبل.

وقد عقد المؤتمر العربي الخامس لعلوم الوراثة البشرية في أواخر عام 2013م تحت شعار «تطبيقات علوم الوراثة البشرية في الرعاية الصحية» بمشاركة 600 طبيب وعالم وراثة من أكثر من 15 دولة عربية وأجنبية.

وتضمنت فعاليات المؤتمر العربي جلسة عن تشخيص الاضطرابات الوراثية، وتقنيات تحديد الخصائص الوراثية للأفراد. وقد كشف المؤتمر عن وجود نحو 1600 مرض وراثي منتشر في العالم العربي، واصفا هذا العدد بأنه «كبير جدا»، ويساعد على الإصابة بالأمراض العضوية.

وقال رئيس المركز العربي للدراسات الجينية رئيس المؤتمر الدكتور نجيب الخاجة إن: «80 في المئة من الأمراض الموجودة في العالم مشتركة بين الدول، فيما تتوزع الـ 20 في المئة الباقية على الدول العربية، مع وجود خصوصية في كل دولة». وأضاف: «بالنسبة إلى دول الخليج، يبلغ متوسط الأمراض الوراثية المكتشفة 250 مرضا وراثيا، حيث يبلغ عدد الأمراض الوراثية في الإمارات 270 مرضا، وينخفض العدد في البحرين ليتجاوز 200 مرض، بينما يزيد إلى 300 مرض في سلطنة عمان، ويصل أقصاه في الكويت بـ 340 مرضا وراثيا».

تعريف العلاج الجيني

يعرف العلاج الجيني على أنه استبدال الجين السليم الذي يؤخذ من المريض نفسه أو من إنسان آخر بالجين الممرض أو المسبب للمرض الوراثي.

طرق العلاج الجيني

توجد عدة طرق أو بروتوكولات معتمدة للعلاج الجيني في عدة دول، مثل: أميركا 135 بروتوكولا، و60 في أوروبا، وواحد في الصين، وآخر في اليابان. وكلها تعتمد على الأسس التالية:

1 - التعرف على الموقع الجيني المستهدف للعلاج.

2 - إحلال أو إضافة الجين السليم مكان الجين المعطوب عن طريق الحقن المباشر، أو استخلاص الخلايا المستهدفة وعلاجها خارج الكائن الحي ثم حقنها ثانية في الجسم بطريقة غير مباشرة.

3 - نقل الجين السليم عن طريق ناقل إلى الخلايا المستهدفة، ومن أهم النواقل الفيروسات بأنواعها.

4 - يجب أن يصل الجين إلى عدد كاف من الخلايا المستهدفة؛ ليستقر بها ويعبر عن نفسه.

تقسيمات العلاج الجيني

يمكن تقسيم العلاج الجيني إلى عدة تقسيمات حسب طريقة إدخال الجين إلى خلايا الجسم، أو طبقا للخلايا المستهدفة للعلاج (in vivo داخل الكائن ex vivo/ خارج الكائن الحي أو خلايا جسمية أو جنسية).

استخداماته في علاج الأمراض المختلفة

مازالت المعالجة الجينية للأمراض تحت التجارب على الحيوان، وهناك تجارب محدودة على الإنسان بداية من سنة 1995م، حيث بدأ العالم أندرسون في معهد الصحة الأميركي تجاربه على سرطان المخ، وحقق بعض النجاح، ومازالت الأبحاث مستمرة. كما أعلن في الصحف سنة 2007م عن نجاح علاج العمى الوراثي بالعلاج الجيني في أحد مستشفيات لندن لأول مرة على حيوانات التجارب.

ومن أهم الأمراض المرشحة للعلاج: أمراض السرطان والأمراض الوراثية، مثل: أمراض التليف الكيسي، وأمراض الدم، مثل: الهيموفيليا بأنواعها. كذلك يمكن استخدامه في أمراض الأيض، أو التمثيل الغذائي الناتجة عن خلل في وظائف أجهزة الجسم.

أهم الصعوبات التي تواجه تطبيقه

 يعتبر العلاج الجيني من التقنيات الحديثة التي تحتاج إلى خبرة وإلمام كامل بطرق العلاج والبروتوكولات المعتمدة والمطبقة في كثير من الدول المتقدمة، كذلك من أهم الصعوبات عدم ثبات الجين المنقول، ومشاكل الجهاز المناعي، والأمراض متعددة الجينات، واحتمال تنشيط الجينات الضارة، مثل: جينات الأورام، نتيجة الدمج الخاطئ للجينات السليمة في غير أماكنها المستهدفة، بالإضافة إلى النواحي اللاخلاقية والدينية. ويمكن في المستقبل التغلب على هذه الصعوبات ونشر تطبيقه في معظم دول العالم. ويتنبأ العلماء أنه بحلول عام 2020م يمكن التعرف على معظم جينات الأمراض الوراثية وعلاج الأمراض الخطيرة، مثل: السرطان والإيدز وغيرهما، ونحن في انتظار الوعود الحالمة لهذه التقنيات الحديثة ومدى إمكانية تطبيقها في البلدان النامية. هذا الذي سوف نراه في المستقبل القريب، إن شاء الله.

132863103410001

خلف أحمد أبوزيد :

كانت المساجد، وستظل، محور الحياة الدينية في العالم الإسلامي. ولقد أقيم أول مسجد في الإسلام من قبل النبي  " صلى الله عليه وسلم"  في المدينة المنورة، وكان من البساطة بحيث لم يتجاوز في بدايته حجم قاعة لإقامة الصلاة، ومكانا يجتمع فيه النبي الكريم بأصحابه. وعلى هذا النمط البسيط أقيمت مساجد كثيرة في مختلف المدن والبلدان، التي أشع عليها نور الإسلام بعد ذلك. ولكي يتعرف المسلمون على الجهة الصحيحة للقبلة أثناء الصلاة وضع المحراب؛ ليكون وجهتهم الصحيحة للصلاة نحو الكعبة المشرفة. هذا المحراب الذي أمسى رمزا للصلاة، وموقعا جوهريا يذكر الناس بعبادة الله عزوجل. وتبارى الناس في تفخيمه، والتركيز على شكله، حتى صار تحفة معمارية تنطق بالجمال والإبداع، وتعبر في الوقت نفسه عن الروح المبدعة، التي تحلى بها المعماري والفنان والمسلم.

تعريف المحراب

والمحراب عنصر معماري، أكثر ما يوجد في المساجد والجوامع والزوايا والمدارس. وهو التجويف أو الحنية الموجودة في حائط القبلة. وقد قيل أيضا إنه «الغرفة، الموضع العالي، صدر البيت، أرفع مكان في المسجد، أشرف الأماكن، أشرف المجالس، وقد أطلق عليه أيضا القبلة» (1). والمحراب لا يتسع إلا لشخص واحد هو الإمام، يؤدي فيه الصلاة خلال وقت الذروة، وفي الأعياد والمواسم، وازدياد عدد المصلين، فيكون وجود الإمام داخل تجويف المحراب متيحا فرصة لتكوين صف كامل من المصلين، مما يوفر في المكان. أما في الأحوال العادية، فإن الإمام غالبا يقف بعيدا عنه، وذلك يعطي انطباعا بأن عمل المحراب لا يزيد على كونه علامة بارزة لتحديد اتجاه القبلة، وبذلك يعتبر هذا العمل الرئيسي للمحراب.

المحراب في القرآن الكريم

ورد ذكر المحراب في أكثر من موضع من آيات القرآن الكريم، قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} (مريم:11). ونلحظ هنا أن التوجه بالتسبيح صباحا ومساء كان لوجوده في المحراب، أي إن المحراب هو موضع لائق لذكر الله والتسبيح والتبتل إليه سبحانه، { وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا  كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا  قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا  قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ  إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ  بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمران:37). والمحراب هنا «غرفة عبادتها في بيت المقدس» (2). {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:39)، أي إن المحراب للصلاة ومناجاة الله وذكره سبحانه. كما وردت كلمة المحراب في القرآن الكريم بمعنى المكان العالي المكرم في المنزل، قال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ } (ص:21)، «أي اعتلوا سور مصلاه ونزلوا إليه» (3). كما جاءت لفظة محراب في القرآن الكريم بصيغة الجمع «محاريب»، في قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} (سبأ:13)، وفسرت محاريب في هذه الآية الكريمة بالقصور والمساجد يتعبد فيها.

ومحاريب المساجد في الإسلام تنقسم إلى نوعين: محاريب مسطحة، ومحاريب مجوفة.

المحاريب المسطحة

هي مجرد رمز يعين اتجاه بيت الله الحرام على هيئة رسم مسطح أو غائر أو بارز. وتذكر المصادر التاريخية أنه «لم يكن المحراب في مسجد النبي  " صلى الله عليه وسلم"  مجوفا، بل مسطحا تسطح الجدار نفسه، ولكنه كان محددا أو معلما، وظل في مكانه بعد توسعة المسجد في حياة النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، في السنة السابعة بعد الهجرة، وكان جراء ذلك أنه صار أقرب إلى الجدار الشرقي منه إلى الجدار الغربي، ذلك لأن توسعة المسجد نحو الغرب كانت أطول من توسعته نحو الشرق. وفي خلافة عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه" ، نقل جدار القبلة نحو الجنوب بمقدار خمسة أمتار تقريبا، ومن ثم نقل مكان المحراب نحو الجدار الجديد، ولكن على نفس المحور، وحدث الشيء نفسه في خلافة عثمان بن عفان  "رضي الله عنه" ، حيث نقل جدار القبلة إلى الجنوب خمسة أمتار أخرى، وبذلك صار في موضعه الحالي» (4). وقد ظل المحراب في العهد الإسلامي الأول مسطحا. أما عن المادة التي صنعت منها المحاريب المسطحة، فكانت من الجص على حائط القبلة. ومن أمثلة المحاريب المسطحة الباقية إلى اليوم محراب قبة الصخرة المسطح في المغارة تحت الأرض، كما يوجد في مسجد ابن طولون في القاهرة خمسة من المحاريب الجصية المسطحة، التي يعود بعضها إلى العصر الفاطمي، والبعض الآخر صنع في العصر المملوكي.

المحاريب المجوفة

تتخذ المحاريب المجوفة هيئة بنائية، وكيانا معماريا فريدا، ولا يعرف على وجه التحديد مكان أول محراب مجوف في المساجد الإسلامية، غير أن بعض المصادر ترجع إنشاء أول محراب مجوف إلى توسعة المسجد النبوي في عهد الوليد بن عبدالملك، زمن ولاية عمر بن عبدالعزيز على المدينة، «الذي جعل للمسجد محرابا مجوفا، وموقعه في الروضة الشريفة، أمام مصلى النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، فكان هذا أول محراب مجوف في المسجد» (5). وقد انقسمت المحاريب المجوفة إلى نوعين: المحاريب المجوفة ذات المسقط المتعامد الأضلاع، والتي ترجع إلى القرنين الأول والثاني الهجريين، خصوصا في شرق العالم الإسلامي، خلال العصر العباسي كما في «محراب قصر الإخيصر، ومحراب أقدم مسجد باق على أرض فارس، ويعرف باسم طريق خانه» (6). أما خلال النصف الأخير من القرن الثاني الهجري، فقد كانت الغلبة للمحراب المجوف ذي المسقط نصف الدائري، والذي نجده بكثرة في العمائر الأموية، كما في المسجد الأموي بدمشق، وجامع قصر الحلايات، ومسجد خان الزبيب، ومسجد أبو الوليد، والمحراب الصغير في قصر المشتى وقصر الطوبة، وجميعها في منطقة الشام. وسرعان ما انتشر هذا النوع من المحاريب المجوفة في بناء المساجد في شرق العالم الإسلامي وغربه على حد سواء. وقد قيل الكثير من الآراء بشأن الحكمة من المحراب المجوف، منها أنه يفيد في تعيين اتجاه القبلة، وفي تحديد مكان الإمام عند الصلاة، وفي توسيع المسجد بما يقرب من صف من المصلين في الصلاة الجامعة، ويساعد على تجميع صوت الإمام وتكبيره وإيصاله إلى المصلين، الذين يوليهم ظهره أثناء الصلاة، لاسيما قبل اختراع مكبرات الصوت.

مواد المحاريب

لقد نال المحراب المجوف عناية كبيرة من مؤسسي المساجد من حيث الاهتمام بعمارته وزخرفته، ونوعية المواد التي يغشى بها تجويفه. ونتوقف هنا مع أهم المواد التي صنع منها تجويف المحاريب.

الجص

يعد الجص من أقدم المواد التي صنع منها تجويف المحاريب في المساجد الإسلامية. ويعد المحراب القديم في جامع أحمد ابن طولون، في مدينة القاهرة، أقدم مثل في مصر على استخدام الجص في تشييد المحاريب، حيث استخدم الجص في تشييد محراب المسجد، وذلك من ناحية جداره المجوف وعقود واجهته، وما حولها من زخارف جصية كلها تعود إلى فترة ابن طولون «ما عدا الكسوة (الطاقية) التي من الخشب، والتي زخرفت بالألوان، فهي من أعمال السلطان لاجين المملوكي، وكذلك الشريط المزخرف بالفسيفساء والكسوة من الحشوات والأشرطة الرخامية، التي تغطي سطح تجويف المحراب» (7).

الرخام

كان الرخام من المواد المفضلة في تغشية محاريب المساجد. ومن أشهر المحاريب الرخامية القديمة المحراب الذي عثر عليه في جامع الخاصكي ببغداد، ويعتقد أنه كان في الأصل قد عمل لجامع المنصور، الذي بناه لقصره في وسط بغداد، وهو عبارة عن قطعة من الرخام، وهناك أيضا محراب جامع عقبة ابن نافع في القيروان، والذي زود على أيدي حكام إفريقيا من الأغالبة، وهو من حشوات رخامية من المرمر المزخرف، ومحراب مسجد الناصر قلاوون في مدينة القاهرة، والذي يعد من أكبر المحاريب في مصر وأفخمها، «يكتنفه ثلاثة أعمدة رخامية ذات تيجان كأسية، وفي تجويف المحراب فسيفساء من الرخام، والصدف متعددة الألوان» (8). وأيضا في محراب مسجد السلطان حسن «المكسو بالرخام الملون المحلى بنقوش ذهبية، والذي يكتنفه أربعة أعمدة من الرخام، وعلى يمين المحراب المنبر، وهو من الرخام الأبيض، وبابه من الخشب المصفح بالنحاس المنقوش» (9). كما زاوج المسلمون في المغرب والأندلس في عمل المحاريب وزخرفتها بين استخدام الجص والرخام في عبقرية فنية فريدة، تفصح عن نفسها في محراب جامع قرطبة الكبير، ومحراب مدرسة يوسف في غرناطة.

الخزف

وإلى جانب الجص والرخام، برع الفنان المسلم في استخدام مختلف أنواع البلاطات الخزفية، لتغشية المحاريب، وكان أول ظهور لبلاطات الخزف ذات البريق المعدني، في صنع المحاريب، في سامراء بالعراق، ثم أرسلت ليزدان بها محراب مسجد عقبة بن نافع في القيروان، وهي باقية إلى يومنا هذا (10). وقد تنافس الغرب الإسلامي مع المشرق الإسلامي، من حيث الشغف باستخدام الخزف لزخرفة المحاريب، ففي بلاد المغرب والأندلس، خصوصا في عصر دولة الموحدين، استخدم الزليج بزخارفه الهندسية الدقيقة والمتعددة الألوان على نطاق واسع، حتى بات من مميزات الفن الإسلامي الرئيسية هناك، كما أثبت الخزافون في المشرق الإسلامي جدارتهم بريادة هذا الفن، من خلال استخدام بلاطات الخزف ذي البريق المعدني، والخزف ذي اللون الأزرق الفيروزي، لتغشية وزخرفة حنايا المحاريب، وذلك بتجميل محاريب البلاطات الخزفية بالكتابات النسخية، التي تحوي آيات من القرآن الكريم، إلى جانب الزخارف النباتية المعروفة بالتوريق أو الأرابسك، واستخدمت المقرنصات الخزفية أيضا لتزيين طواقي المحاريب، مثلما نرى في محراب جامع يزد، ومحراب جامع قلبان في بخارى. وقد لحق الأتراك العثمانيون بركب المحاريب الخزفية، فنراهم يستخدمون بلاطات الخزف المنتجة في أزتيك، ليس فقط لتغشية المحاريب، بل لكسوة جدران المساجد من الداخل بها.

المحاريب المتنقلة

عرف المسلمون المحاريب المتنقلة، أو غير الثابتة، وهي محاريب يمكن نقلها من مكان إلى آخر عند الضرورة، وكانت هذه المحاريب تصنع من الخشب، وكان يعنى بزخرفتها، حيث كان يستخدم بعضها لإقامة الصلاة في القصور الخاصة بالخلفاء والأمراء. وقد عرفت هذه المحاريب المتنقلة أيضا في منطقة الموصل بالعراق، وما وقع شمالها من أرض الأكراد، وذلك بغرض استخدامها في المصلى الصيفي للمساجد التي تقع في المناطق القارية، التي يتسم مناخها بالبرودة الشديدة شتاء، والحرارة الشديدة صيفا، الأمر الذي دفع بالمسلمين في هذه المناطق إلى تقسيم المسجد إلى قسمين، أحدهما مغلق للصلاة في أوقات الشتاء، والآخر مفتوح لاستخدامه في فصل الصيف. ولما كان المحراب الرئيسي يشيد في الجزء المغلق، فقد كان الاحتياج شديدا لاستخدام المحاريب المتنقلة في المصليات الصيفية. ومن أمثلة هذه المحاريب المتنقلة الباقية إلى اليوم «محراب السيدة رقية، بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة، والذي يعود تاريخه إلى عام 533م» (11).

وفي النهاية نقول: رغم اختلاف العلماء بين مؤيد ومعارض للمحراب المجوف، فإنه يمثل عنصرا فنيا ومعماريا مهما، يؤكد على الطراز الفريد للعمارة الإسلامية، ويمثل في الوقت نفسه أحد الملامح المعبرة عن جماليات الفن الإسلامي.

الهوامش

1 - مختار الصحاح، مادة «م ح ب»، ص 128.

2 - كلمات القرآن.. تفسير وبيان، للشيخ حسنين محمد مخلوف، ص 37.

3 - المصدر السابق، ص 262.

4 - موسوعة المفاهيم الإسلامية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، وزارة الأوقاف المصرية، الفصل الخاص بالمحاريب (نسخة إلكترونية).

5 - وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، محاريب المساجد.

6 - الفن الإسلامي، أبوصالح الألفي، ص 168.

7 - المصدر السابق، ص 169.

8 - المصدر السابق، ص 198.

9 - جامع السلطان حسن وما حوله، د. حسن عبدالوهاب، ص 18.

10 - الفن الإسلامي، مصدر سابق، ص 175.

 11 - موسوعة العمارة والآثار والفنون الإسلامية، د. حسن الباشا، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، (نسخة إلكترونية).

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال