الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

4 23 2015 9 29 15 AM

د. أحمد حمد أحمد:

حتى نكون موضوعيين في كتاباتنا، سنبدأ بتحديد معنى التطرف، هل يعني التطرف التمسك بالدين؟ أو هل يعني التعصب للرأي؟ أو هل يعني معاداة الفرد للمجتمع الذي يعيش فيه؟ أو هل يعني محاربة الفساد في هذا المجتمع؟ أو هل يعني مجابهة الحكومات بسبب اختلال سياستها وأنظمتها؟ أو هل يعني توجيه شديد النقد إليها، كلما حدث خطأ أو تجاوز منها؟

إن لفظة التطرف تعني الوقوف على طرف، أي أن المتطرف يقف على حافة شيء، وغالبا ما يختل توازن كل من يقف على الحافة أو الطرف، فهو مهدد دائما بالسقوط. فالتطرف إذن هو المبالغة في أي أمر، وعدم الاعتدال فيه.

المجتمعات الأوربية

لا يخلو أي مجتمع من وجود التطرف والمتطرفين، حتى المجتمعات الأوروبية التي يظن الكثيرون أنها مستقرة لا يعكر صفوها هذا التطرف وهؤلاء المتطرفون، ففي فرنسا مثلا توجد فئة كبيرة مشايعة لليمين المتطرف exl-reme droite، وأخرى مشايعة لليسار المتطرف، وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية ذات ميول يسارية في أصل مذهبها السياسي، لكنها تحاول أن تكون حكما محايدا، لا ينحاز لأي من هذين الاتجاهين المتطرفين.

المجتمعات الإسلامية

والتطرف في المجتمعات الإسلامية يأخذ طابعا خاصا، إذ تتمحور اتجاهات التطرف وتتبلور في مدى التمسك بالفضائل المرتبطة بالعقيدة، وعدم التمسك بها، فكلما كان هناك مساس بهذه الفضائل، كان هناك مجابهة لهذا المساس، وكلما كان هناك تطرف في هذا المساس، كان هناك تطرف في هذه المجابهة.

التطرف في العبادة والدعوة:

وقد جاءت نصوص الآيات والأحاديث، لتضع المسلم في مركز التوسط والاعتدال، حتى لا تذهب به المبالغة إلى التطرف، ولاسيما في مجال العبادة والدعوة، لأن العبادة ترشيد لنفسه، والدعوة ترشيد لغيره، وهذا الترشيد لا يحقق ثمرته على الإطلاق في نطاق المبالغة والتطرف.

ففي مجال العبادة يقول الله تعالى: {ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} (المائدة:6(

{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } (البقرة:185(

{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} (الإسراء:29)، وهذا نموذج من الآيات التي تؤكد على التوسط والاعتدال في هذا المجال. ويقول الرسول  " صلى الله عليه وسلم" : «إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»، «يسروا ولا تعسروا»، «من شدد شدد الله عليه»، «لا يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه»، وهذا نموذج من الأحاديث يؤكد هذا المعنى المراد.

وفي مجال الدعوة يقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ  وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125)،

{فَلِذَلِكَ فَادْعُ  وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ  وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (الشورى:15). ويقول الرسول  " صلى الله عليه وسلم" : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه»، «بشروا ولا تنفروا».

من أين يأتي التطرف إذن؟

أمثل علاج للتطرف هو توسيع نطاق الصالحين والمصلحين، والتضييق على الفساد والمفسدين.

يبدو أن الأحداث الخطيرة التي تنزل بمجتمعات المسلمين، أو الكوارث التي تعصف بها تدفع بالعباد والدعاة إلى أن يتشددوا، ويشددوا في الأخذ بتعاليم الدين، والتحلي بفضائله، خوفا من طغيان هذه الأحداث، واستمرار هذه الكوارث، وتهديد المجتمع بالانهيار والدمار، فإن الاعتقاد السائد أن انتشار الفساد في أي مجتمع وخاصة المجتمع الإسلامي هو سبب هذا كله، مصداقا لقولة تعالى: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا } (الإسراء:16)

ويبدو أن محترفي الفساد وهواته يضيقون بهؤلاء العباد وهؤلاء الدعاة، ولذلك يبذلون أقصى جهودهم في استعداء السلطة عليهم، واستنهاض الأقلام والكتاب للنيل منهم وتشويه أمرهم، واستنكار أعمالهم، تمهيدا للقضاء عليهم، حتى يضمنوا لأنفسهم العيش في أمان من مخاطرهم. وتظل حلقة التشدد والتطرف بين الفريقين تنداح وتتسع أبعادها، حتى تشغل المجتمع، وتلهيه عن تحسين حاله، وتأمين مستقبله.

وما العلاج الناجع للتطرف؟

لاشك أن علاج التطرف بالذات لا يكون بمقابلته بتطرف مثله، فإن هذا كما يقال إنما هو سكب البترول على جمرة من النار، ليزيدها اشتعالا، أو أنه سيكون كعملية شد الحبل بين فريقين، يمسك كل منهما بطرف منه، وقد يكون هذان الفريقان متساويين في القوة، فتظل المغالبة بينهما إلى ما شاء الله، وقد يكون أحدهما أقوى فتكون له الغلبة، ولكن انتصاره موقوت، فإن المهزوم لن يصبر على هزيمته، وسيحتال لتقوية نفسه، كي يعود إلى الشد من جديد. ومعنى هذا أن المغالبة مستمرة، ولا يعلم إلا الله متى تنتهي، ومن سيكون فيها المغلوب إلى الأبد.

إن العلاج الأمثل هو في توسيع النطاق للصالحين والمصلحين، وتضييق الخناق على الفاسدين والمفسدين، هو في تقوية صوت الحق، وخفوت صوت الباطل، هو في جعل الفساد وبطارقته من ثانويات تكوين المجتمع، لا من أساسياته. وأقول «تضييق الخناق وخفوت صوت الباطل وجعل الفساد من الثانويات لا من الأساسيات»، لأننا لا نستطيع القضاء على الفساد مهما بذلنا من قوة، لكننا نستطيع أن نجفف الكثير من روافده، ونكشف التزوير الذي يخدع به الكثير من دعاته.

إن العلاج الأمثل إنما هو في تجلية المثل العليا، حتى لا يغشيها غبار الشهوات الدنيا، وفي الحفاظ على القيم النفيسة، حتى لا تهبط بها النفوس الخسيسة، وفي الحرص على الأخلاق الفاضلة، حتى لا تنال منها الميول السافلة.

وما الإرهاب؟

أما الإرهاب فهو إحداث الرعب في القلوب، وليس الإرهاب مرتبطا حتما بالتطرف، فقد ـيكون التطرف دون إرهاب، وذلك عندما تكون السلطة من الحكمة بحيث تحفظ التوازن بين الفئات المتطرفة، ومن العدالة بحيث لا يميل أي متطرف إلى الإرهاب بسبب شعوره بظلم.

وإحداث الرعب أمر غير محمود في أي مجتمع، سواء أكان مصدر هذا الرعب هو الأفراد أم الحكومات، فقد يكون هذا الرعب من فرد ضد فرد، وقد يكون من فرد ضد جماعة أو حكومة، وقد يكون من حكومة ضد مواطنيها أو مواطني دولة أخرى.

الإرهاب المطلوب

وأمر الإرهاب يحتاج إلى شيء من التفصيل، فقد يكون الإرهاب مطلوبا شرعا، وذلك إذا ما كان موجها إلى أعداء الإسلام والمسلمين، فمن الواجب شرعا على كل مسلم وكل حكومة مسلمة الإعداد المستمر لهذا الإرهاب، مصداقا لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (الأنفال:60). وهذا الإرهاب المطلوب هو الذي يتحقق به النصر على الأعداء، فإن الرعب إذا استحكم في قلوبهم خارت قوتهم، وارتعدت مفاصلهم، وسقط السلاح من أيديهم، وفروا هاربين، أو استسلموا مهزومين. ولذلك قال رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «نصرت بالرعب».

الإرهاب المرفوض

والإرهاب المرفوض هو غالبا ما يتركز في طائفتين: طائفة يحركها الاعتداء المؤقت، وطائفة يحركها التخريب المبيت، فأما طائفة الاعتداء المؤقت فيسميهم الفقهاء البغاة، وقد نظم الإسلام علاقة جمهور المسلمين بهم على أساس من الإصلاح والتقويم، لا على أساس من الانتقام والتجريم، وذلك في قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا  فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ  فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (الحجرات:9). وقد يكون اعتداء طائفة على طائفة أخرى من المؤمنين لأسباب تافهة، لكنها على كل حال لا تضمر عداء لتعاليم الدين، ولا تبيت النية لتخريب ديار المسلمين.

أما الطائفة التي يحركها التخريب المبيت فهي طائفة الحرابة، وقد نظم الإسلام علاقة المسلمين بهم على أساس من الانتقام والتجريم، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ  ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة:33)

فالإرهاب هو إدخال الرعب بتحدي منهج الله ونظام رسوله في استقرار مجتمع المسلمين، وتأمين كل فرد فيه على نفسه وماله وعرضه، وهو إرهاب الحرابة، وهو الإرهاب الذي تجب مقاومته، وتحصين مجتمع المسلمين منه. أما الإرهاب الذي نبث به الرعب في قلوب أعداء الإسلام والمسلمين، فهو من الخصائص التي يجب أن يتميز بها مجتمع المسلمين.

عدم الخلط أسلم

وقد قمنا بتوضيح مفهوم هذه العبارات، وتحديد مواقف هذه الطوائف، حتى لا يكون هناك خلط بينها، فإن عدم الخلط بين هذه المفاهيم، أو هذه المواقف هو الأسلم في أي مجتمع مسلم. لابد أن يستعمل الدواء المر في محله، وأن يستعمل الدواء الحلو في محله، لابد أن تستعمل المبيدات والمطهرات في أماكن الحشرات والقاذورات، وأن تكون الجماليات والزينات في أماكن الأفراح والاحتفالات، لابد أن يتوفر الأمن لكل من يحرص على رقي المجتمع وتنمية مواهبه وموارده، وأن يتوجه الإرهاب إلى كل من يعمل على انحدار المجتمع، وتصفية مواهبه، وتخريب موارده.

القول الثابت

وإذا كان الكلام الذي تتداوله أو تتناوله الألسنة والأقلام في المجتمعات غير الإسلامية كلاما قد ينقصه التحديد والثبات، إذ يتعرض للتغيير والتحوير، ويقبل التبديل أو التعديل، فإن كلام الله هو المحكم الثابت الذي لا يلحقه تغيير أو تحوير، ولا يرد عليه تبديل أو تعديل، بل هو الذي تستقر عليه الأحوال، وتنتظم به الأوضاع، وتنضبط التصرفات والأعمال، ويثبت الله به قلوب المؤمنين: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ  وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ  وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } (إبراهيم:27(

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال