الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تدوينات

6 1 2015 8 51 21 AM

السيد عبد المحكم السيد:

تعتبر أفريقيا القارة المسلمة بين قارات العالم الأكثر عددا من المسلمين. فالغالبية العظمى من سكانها الأصليين يدينون بالإسلام، وتذكر الإحصاءات أن نسبتهم هي 70 في المئة من سكانها.

وقد انتشر الإسلام في شرق أفريقيا منذ عهد النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، ثم تخطى الصحراء حتى وصل إلى المناطق الداخلية إلى «كينيا» (1)، و«تنزانيا». واقتحم نطاق الغابات في قلب القارة، ونفذ إلى هضبة البحيرات. وتدفق إلى هضبة الحبشة، وانتشر على طول الساحل الغربي. ودخل الإسلام جنوب إفريقيا مع المهاجرين المسلمين من الهند وماليزيا، ولا يزال ينتشر ويصل مداه إلى آفاق جديدة (2).

تاريخ

ويلفت الأنظار الآن ميل معين بين سود أميركا لاتخاذ مواقف موالية نسبيا للعرب والمسلمين. فنجد بين الكتاب والمفكرين السود الأميركيين الذين لهم خلفية دينية أو علمانية وعيا بوجود الإسلام كعنصر ظاهر في الثقافة، خلال بحثهم التاريخي والاجتماعي، فضلا عن الثقافي والروحي.

وهذا الاتجاه واضح في كتاب المؤلف «أليكس هيلي» عن رحلته إلى تلك القرية الحالمة «جوفيوري» في دولة «جامبيا» غرب أفريقيا، التي اختطف منها القراصنة الإنجليز شابا اسمه «كونتا كينتي» سنة 1767 ميلادية، ونقلوه ليباع عبدا رقيقا في أميركا، لا يعرف أحد عنه شيئا، حتى ألهم الله واحدا من أحفاد هذا الأفريقي المسلم أن يأتي من ولاية «فرجينيا» إلى دولة «جامبيا» باحثا عن القرية التي اختطف منها جده منذ مئتين وخمسين عاما تقريبا.

ويركز المؤلف على تأكيد استمرارية الهوية الإسلامية للسود في أميركا. وقد وصل عددهم الآن إلى نصف سكان الولايات المتحدة الأميركية.

والكتاب يحفل بكل من ناحيتي الثقافة العربية الإسلامية المكتوبة بلغة القرآن، والتي تعلمها الفتى المسلم «كونتا كينتي» في كتّاب القرية، قبل أن يختطف. كما يركز على الثقافة المحلية القبلية بأفريقيا.

ولكن المهم هو عنصر الدين، والقدرة على كتابة الجمل باللغة العربية التي علمها «كونتا كنيتي» لابنته الوحيدة «كيزي»، وعلمتها هي بالتالي لأبنائها. يقول حفيده «أليكس هيلي»: أخذني رجال «جوفيوري» إلى المسجد المبني من الخيزران والقش، وصلّوا من حولي باللغة العربية، وترجم لي ملخص دعائهم: (الحمد لله على واحد فقدناه من بيننا، أعاده الله إلينا).

ولعل في هذا ما يُلهم الدعاة وهيئات التبليغ للعمل من أجل تذكير هؤلاء بأنهم انحدروا من أصول لها ثقافة عالية، لها صلة بوحي السماء عموما، وبكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من حكيم حميد. والقرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم ينله التحريف، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (الحجر:9). ولعلنا نتدارك ما فاتنا. ولنبدأ مع «أليكس هيلي» من البداية، لنتعرف على الجذور الإسلامية للسود في الولايات المتحدة الأميركية.

ولنبدأ مع الكاتب الأميركي، والبحث عن «جذوره» الإسلامية:

و«أليكس هيلي» من السود الأميركان. تطورت حياته وأفكاره، فاعتنق الإسلام، وانضوى تحت راية الزعيم الزنجي المسلم «مالكوم إكس».

فلما اغتيل هذا الزعيم، اعتزل وذهب يبحث عن طريق القراءة والسفر، حتى خرج بكتابه «جذور» بعد اثنتي عشرة سنة.. وأصبح اسمه بعدها أشهر من «محمد علي كلاي» الذي اعتنق الإسلام مثله.. ونال على كتابه «جذور» جائزة «بوليتزر» للأدب. وهي الجائزة التي تعادل في أميركا جائزة نوبل العالمية الشهيرة.

يقول «أليكس هيلي» الكاتب الأميركي الأسود:

الأمة الأميركية كلها أمة مؤلفة من مهاجرين، فيما عدا تلك القلة التي عرفت باسم «الهنود الحمر». وفيما عدا هذه القلة فكل الأميركان قد هاجروا إلى أميركا بمحض إرادتهم ورغبتهم في بلاد لا حدود لغناها ووفرة مواردها، إلا فئة واحدة جاءت قسرا وغصبا.. أولئك هم الزنوج.. كان يجلبهم القراصنة، ويبيعهم تجار الرقيق عبيدا بعد أن كانوا أحرارا.

ولايزال بعض البيض في أميركا يتوهمون أن السود من مواطنيهم ليس لهم أصول حضارية ولا إنسانية، بالمفهوم الذي يعرفه من نزحوا من إنجلترا أو فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

ولقد استمع «أليكس هيلي» وهو صغير من جدته العجوز إلى قصة جده المسلم الأفريقي، الذي بدأت مأساته عندما ذهب يبحث في الغابة المحيطة بقريته عن جذع شجرة ملائم، ليصنع منه طبلة.

وكان يقول: إن اسم قريته «جوفيور» القريبة من نهر «كامبي بولونجو»، وهناك انقضّ عليه أربعة ضربوه على رأسه حتى أفقدوه الوعي، وكتفوه بالحديد، وألقوه في سفينة مع عدد كبير من الصبيان والفتيات السود. وعبرت السفينة بحرا هائجا أربعة شهور، حتى ألقت بهم في تلك الأرض الجديدة. وظلت هذه القصص عالقة بذهن أليكس هيلي حتى شبّ وفكر في البحث عما وراء هذه القصص التي سمعها من جدته العجوز. وظن أن الأفارقة الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة أخيرا يستطيعون مساعدته في بحثه، فكان يذهب إليهم ويسألهم عن تلك القرية «جوفيور» فيستمعون إليه تأدبا، ويهزون أكتافهم، وينصرفون مندهشين من هذا الأميركي الذي يبحث عن قرية مجهولة وسط غابات أفريقيا. وأخيرا التقى بأستاذ في جامعة «هارفارد» متخصص في الشأن الإفريقي.

فقال له: إنه يرجح أن تكون هذه القرية في «جامبيا»، فهناك نهر بهذا الاسم. وبعد ثلاثة أيام كان أليكس هيلي يركب الطائرة في طريقه إلى غرب أفريقيا. وفي عاصمة دولة جامبيا قالوا له: هناك أناس تخصصوا في حفظ تاريخ القبائل والعائلات، فذهب يبحث حتى وجد المؤرخ العجوز الذي راح يروي قصة العائلة، وكأنه يقرأ في كتاب مسطور.. إنها عائلة مسلمة مثل الكثير من العائلات في تلك المنطقة. عائلة لها تقاليد اجتماعية ودينية. ووصل المؤرخ إلى سنة 1776 ميلادية حين وقعت مأساة في العائلة.

فقد ذهب ابنها البكر يلعب على شاطئ النهر، فاختفى ولم يظهر له أثر بعد هذا... هل غرق في النهر وجرفته الأمواج!؟

أم هل اختطفه تجار الرقيق؟ فصل الخطاب ليس هنا..

وذهب «أليكس هيلي» إلى لندن، وهناك تحتفظ الحكومة في مكتب السجلات العامة بوثائق عن السفن الإنجليزية. ونقب في تلك السجلات العامة، حتى اهتدى إلى السفينة التي حملت ذلك الفتى الإفريقي، واسمها «لورد لونجيبه»، وقد أبحرت من جامبيا حتى وصلت إلى ميناء «أنا بوليس» في أمريكا يوم 29 من سبتمبر 1776 ميلادية. وقرأ في جريدة «ميريلاند جازيت» في عدد شهر أكتوبر إعلانا عن وصول السفينة لورد لونجيبه، قادمة من نهر جامبيا في أفريقيا، وعليها حمولة من أجود وأصح الأصناف من العبيد الذكور والإناث السود.

وعاد أليكس ليكتب قصة جده الذي ولد في قرية «جوفيور» بجامبيا، والذي أثر الإسلام في سلوكه حتى نهاية حياته غريبا بعيدا عن أهله ووطنه الأصلي.

وترجع جذور عائلة «كنتا» إلى أحد الشيوخ المرابطين على ثغور إقليم «موريتانيا» الإسلامية، ويدعى «كيرابا كونتا كينتا». وعندما وصل إلى سن الإدراك حدّثه عن جده كينتا الأول، وأعانه على حفظ القرآن، ومعرفة الكتابة باللغة العربية، ثم اصطحبه إلى المسجد، وعلمه كيف يعرف مواقيت الصلاة بنفسه.

وعندما وصل سن الثانية عشرة تلقى «كينتا» تدريبا على المصارعة والقتال والصيد، ولفت إليه الأنظار لذكائه وقوة بنيانه وفراعة طوله. وعندما وصل سن الرابعة عشرة اصطحبه أبوه إلى قرية عمه على مسيرة أربعة أيام، مشيا على الأقدام في أرجاء أفريقيا المونقة بالعشب، ومرّ بمواطن الأسود.

وعندما بلغ السادسة عشرة اصطحب أخاه الأمين في رحلة للبحث عن الذهب، وعادا برزق وفير من هذا المعدن النفيس.

وبدأ يفكر في حج بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وزيارة مسجد الرسول محمد  " صلى الله عليه وسلم"  بالمدينة المنورة، إلا أن خططه لم تتحقق، لأنه ذهب ذات يوم عندما بلغ السابعة عشرة إلى غابة قريبة من قريته «جوفيور»، وهو كثيرا ما ذهب إليها منفردا، وكانت هذه الغابة آمنة تماما من الوحوش المفترسة كالأسود والنمور.. ولكن كان ينتظره في هذه المرة من هو أكثر شراسة، وأكبر شرا من الوحوش الجائعة! كان يتربص به أربعة من القراصنة المدربين على صيد البشر.. ودخل الفتى في معركة غير متكافئة، ولكنه استطاع أن يفقأ عين أحدهم قبل أن يضربوه على رأسه، ويفقد الوعي. وعندما أفاق وجد نفسه مكبلا بالحديد، ودفعوه إلى مبنى يسمى «قلعة جيمس»، والتي كانت مركزا لتجميع الزنوج وتصديرهم إلى أميركا. وقام أحد القراصنة بكي ظهور هؤلاء المخطوفين والمخطوفات برسم تلك العلامة على ظهورهم وظهورهن (L.L)، إنها العلامة التي ترمز إلى السفينة التي ستحملهم واسمها «لورد لونجيبه». ورأى «كينتا» كيف تحرق أسياخ الحديد أجسادهم وأجسادهن، ويتعالى صراخهم وصراخهن، ويزداد الأنين والبكاء عندما يصب الماء المالح على جروحهم! ولا حول ولا قوة لهم، لأنهم مقيدون بأطواق الحديد.. كانت الرحلة طويلة عبر المحيط في تلك السفينة الرهيبة. وكان قد سبقها المئات من السفن التي حملت الألوف من الأحرار لبيعهم عبيدا أرقاء بقانون دستوري، استندت نصوصه إلى الدستور الأميركي، الذي قرر إقامة دولة حرة ديموقراطية فيما يتعلق بالجنس الأبيض فقط. أما فيما يتعلق بالسود، فكانت أبعد شيء من الحرية والديموقراطية، حتى وصل عدد الزنوج إلى نصف عدد السكان الأميركان، وهي نسبة لم يبلغها عدد الرقيق في أي مجتمع أو عصر، أو في دولة من الدول.

وحاول «كينتا» الهرب رافضا أن يعيش عبدا، وقد خلقه الله مسلما حرا، فقطعوا نصف قدمه حتى لا يستطيع الهرب، وعطفت عليه «بيل» الخادمة السوداء، فكانت تقدم له الطعام الذي يفضله كمسلم لا يأكل لحم الخنزير، ولا يشرب الخمور، وتعاونه فتحضر له الماء ليتوضأ ويصلي كما كان يصلي في مسجد قريته «جوفيور» المسلمة. وظل محافظا على ذلك حتى مات.

ومع أن «بيل» تكبره، فقد تزوجها، وأنجب منها وحيدته «كيزي»، التي وعت ما كان يحكيه لها عن حياته قبل أن يخطفه الإنجليز. ويكتب لها على الرمل اسمه واسم أبيه وجده بالحروف العربية «كينتا عمر كيرا باكونتا كينتا»، وحفظت «كيزي» ذلك. ولكن عندما بلغت «كيزي» السادسة عشرة نزعت من والديها، وباعها سيدهما ولم يرها والدها بعد ذلك على الإطلاق، وهناك في ولاية «كارولينا» أنجبت من سيدها الأبيض الذي اشتراها ولدا أسموه «جورج». وأنجب جورج ذكورا وإناثا. وإحدى حتى قصة جدها.

الهوامش

1- من دول شرق أفريقيا، ومساحتها 583644 كيلو مترا مربعا، وعاصمتها «نيروبي»، وهي موطن «حسين أوباما» والد الرئيس الأميركي «باراك حسين أوباما».

2- كتاب «الديانات في أفريقية السوداء»، ص 153:152، لمؤلفه هو بيرديشان.

huhu 1981ful2

القاهرة - الوعي الشبابي:

أكثر من 20 دراسة علمية تؤكد أن الأضرار الناتجة عن مشاهدة المناظر الجنسية المثيرة تشبه الإدمان على الكحول والمخدرات، بل هي أخطر حيث تتلف أجزاءً مهمة من الدماغ، وفي دراسة جديدة أجريت من قبل باحثين في جامعة كامبردج Cambridge University وجدت أن دماغ الإنسان الذي ينظر للمحرمات وبخاصة المقاطع الإباحية pornography يسلك سوكًا يشبه دماغ ذلك الذي يدمن المخدرات والخمر.

5222252

صلاح رشيد :

لم تحظ لغة في تاريخ لغات العالم بمثل ما حظيت به لغتنا العربية من الروعة والسحر والجمال والثراء وحسن التعبير والأداء.. هذا في الوقت الذي لم تتعرض لغة للعداء والهجوم السافر بمثل ما تعرضت له لغتنا الجميلة من شتى الضربات الخارجية والطعنات الداخلية من مستشرقين ومستغربين، وأناس من جلدتنا، وأناس غرباء عنا!

المهم أن العربية وجدتْ لها في كل العصور أنصارًا يذودون عن حياضها، فأنشئت لأجل ذلك المعاهد العلمية والمجامع اللغوية، وظهر علماء في اللغة ألّفوا حولها المعاجم والقواميس الشهيرة، أمثال: ابن منظور، والخليل، والثعالبي، والزجّاج، والزبيدي، وابن فارس، وغيرهم.

فلا عجب أن يكتب الصحفي أحمد بهاء الدين، قائلًا: «كان من حظي أنني زرت كثيرًا من البلاد الإفريقية، وعرفت الناس فيها، من الزعماء الكبار والحكام... إلى باعة الفاكهة في الأسواق الفقيرة... ووصلت إلى «تومبوكتو» وعرفت معرفة شخصية، الأشواق الهائلة لدى هذه الشعوب إلى اللغة العربية، وإلى العروبة، وإلى معرفة لغة دينهم.. كنتُ أسير في الأسواق فإذا عرف العامة أنني عربي قادم من مدينة الجامع الأزهر الشريف.. أحاطوا بي، لا حفاوة فقط، بل تبركًا، يمسحون بأيديهم ثيابي ثم يمسحون بها وجوههم.. فاللغة العربية- لأنها لغة دينهم– مقدسة، ومن يتكلّمها كأنه من الأولياء الذين يتبركون بهم. كنت أحيانًا أهرب من الأسواق حين أشعر أن الرجال والنساء البسطاء يعاملونني وكأنني «ضريح متنقّل» لا ينقصهم إلا أن يربطوا في عنقي وأطرافي أحجبتهم وأدعيتهم»!

ولِم لا؟ فالعربية هي اللغة التي حفظت التراث الإنساني من الضياع والاندثار.. لذلك فنحن لسنا مطالبين بحماية لساننا فقط ولا مزيد على ذلك، ولكننا مطالبون بحماية العالم من خسارة فادحة تصيبه بما يصيب هذه الأداة العالمية من أدوات المنطق الإنساني، بعد أن بلغت مبلغها الرفيع من التطور والكمال، وإن بيت القصيد هنا أعظم من القصيد كله.. لأن السهم في هذه الرمية يسدد إلى القلب ولا يقف عند الفم واللسان، وما ينطق به في كلام منظوم أو منثور.

لكل هذا كانت «اللغة العربية» ومازالت فخر أبنائها، فقد تغنوا بها، ونظموا فيها بدائع أشعارهم، فهاهو الشاعر المسيحي السوري «جاك صبري شماس» يقول في قصيدته «أشرف اللغات.. لغة القرآن الكريم»:

هام الفؤادُ بروضكِ الريّانِ

أسمى اللغاتِ ربيبة القرآنِ

أنا لنْ أخاطب بالرطانة يعربًا

أو أستعير مترجمًا لبيانِ

أودعتُ فيك حشاشتي ومشاعري

ولأنتِ أمي، والدي وكياني

لغةٌ حباها اللهُ حرفًا خالدًا

فتضوّعتْ عبقًا على الأكوانِ

وتلألأت بالضادِ تشمخُ عزةً

وتسيلُ شهدًا في فم الأزمانِ

فاحرصْ أخي العربي من غدر المُدَى

واغرسْ بذورَ الضادِ في الوجدانِ

ما كان حرفكِ من «فرنسا» يُقتدى

أو كان شعركِ من بني «ريفان»

ولئنْ نطقتَ أيا شقيقي فلتقلْ:

خير اللغات فصاحة القرآن

كذلك، تغنى الشاعر الكبير «علي الجارم» بالفصحى، فهي التي علمته سحر البيان، حتى إن حسنها يعجز عن وصفه الشعراء، فهي سرّ الحسن، ولغة الفن الرائق، لأنها أقدم من التاريخ ذاته، فيقول:

يابنة السابقين من قحطانِ

وتراث الأمجاد من عدنان

أنتِ علمتني البيانَ فمالي

كلما لُحتِ حارَ فيكِ بياني؟

ربَّ حُسنٍ يعوقُ عن وصف حُسنٍ

وجمالٍ ينسي جمال المعاني

يابنة الضادِ أنتِ سرٌّ من الحسن

تجلى على بني الإنسان

لغة الفن أنتِ والسحر والشعر

ونورُ الحِجَى ووحيُ الجنانِ

أما الشاعر الدكتور «عبده بدوي» فيرسم في قصيدته «اللغة.. والبلبل» صورة تشكيلية تاريخية واعية للعربية بعطورها الفواحة، وخيالها الذي يأسر القلوب.. فهي عنده دوحة ظليلة لمحبيها، وهودج العشق لأمتها، وقصة الأبطال الذين نافحوا عنها، حتى تنزّل بلسانها القرآن الكريم:

تابعتُ عطركِ في صحراء أجدادي

ودرتُ حولكِ في صمتي وإنشادي

مازلتُ أذكرُ حرفًا فيه وسوسةٌ

من الجِنان، ومن تفاحها النادي

قد كنتِ دوحة بانٍ.. أنبتتْ رجزًا

قُرْبَ الخيام التي شُدّت بأوتادِ

وكنتِ هودج عشقٍ فيه زلزلةٌ

فالحب رغم التأسي رائحٌ غادي

وكنتِ قصة فرسان قد انهمروا

وأصبحوا والأماني عند ميعادِ

حتى تدفق فيكِ الوحي مبتهجًا

فأصبح الكونُ –كل الكون- في الضادِ

اللهَ يا فجرها فاضت قداستهُ

بالنور في «كعبة» بالشعر في «النادي»

وهاهي ذي تتكلم على لسان شاعرها المكي «مصطفى زقزوق» في قصيدته «اللغة العربية»، فتقول مفاخرة بروعة بيانها ودلائل إعجازها، وتفردها بين اللغات:

منحتكَ قُرْبي والحروفُ مضيئةٌ

بروعة آياتٍ وتغريد طائرِ

منحتكَ ما عندي، فلم يبقَ غيرهُ

خلائقُ من نُبلٍ وأمجاد غابري

وفوق جبيني أمةٌ عربيةٌ

مُفاخرةٌ بالضادِ عن لهو ساخرِ

هذه هي «لغة الضاد» أم اللغات، وأصل كل اللهجات التي عرفتها الدنيا بأسرها، والتي أمدّت الأدباء والكُتّاب بوابل صيّب من البيان الأدبي الذي لم تشهد الدنيا له مثيلًا، من أجل هذا أصبحت هدفًا لسهام خصومها وشانئيها.. فتعرضت لأكثر من هجمة مغرضة.. ولم تكن الحرب عليها من حيث هي لغة عربية، وإنما لأنها لغة تقوم بدور التوحيد الآن، توحيد اللسان والفكر والثقافة كما قامت بدور التوحيد في الماضي، وهم لا يريدون لهذه الأمة أن تتوحد، ولأنها أيضًا لغة تستوعب تراث الحضارة الإسلامية، وبقاء هذه اللغة يصل هذه الأمة بماضيها، وهم لا يريدون لهذه الأمة أن تتواصل، ولا يريدون لهذا التراث أن يبقى حيًا وفاعلًا ومؤثرًا... فحُورِبت بإحلال اللغات الأجنبية مكانها، كما حُوربت أيضًا بسلاح العاميات المحلية، وقد تولى كبر هذه الدعوة المستشرقون وعملاء الاستعمار في القرن الماضي ثم تبعهم عليها بعض أبناء هذه الأمة المخدوعين! وكأن الزمان استدار مثلما كان في مطلع القرن العشرين، حينما وقف شاعر النيل «حافظ إبراهيم» يرثي حال الفصحى، في قصيدته الشهيرة التي يقول فيها:

رموني بعقمٍ في الشباب وليتني

عقمتُ فلم أجزع لقول عُداةِ

ولدتُ ولمّا لمْ أجد لعرائسي

رجالًا وأكْفاءً وأدتُ بناتي

وسعتُ كتاب اللهِ لفظًا وغاية

وما ضقتُ عن آيٍ به وعظاتِ

فكيف أضيقُ اليوم عن وصف آلةٍ

وتنسيق أسماء لمخترعاتِ

أنا البحرُ في أحشائه الدّرُّ كامنُ

فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

وقد جاء شعراء كثيرون يعارضون هذه القصيدة، منافحين عن شرف العربية وما ألمّ بها من دعاوى القوم وسوء فهمهم، فهاهو الشاعر الإسلامي «محمد حافظ محمد» يَمْتَن بفضل الفصحى، متمنيًا أن تستأنف دورها في صنع مسيرة الحضارة الإسلامية، فيقول في قصيدته:

ما زال فضلك يستجيش مشاعرًا

نظمت حقائق من لظى المأساةِ

ويعود صوت المدعين ليحتسي

مُرَّ المزاعم في كؤوس رُفاتِ

ويجيء دورك في الحياة لتبدئي

هد التقدم فوق متن هُداةِ

فخطى التقدم لا تكون بغير ما

لغة تنير الدرب للخطواتِ.

«العربية» حفظت التراث الإنساني من الضياع والاندثار

kh 1122220

مصطفى عبدالسلام:

يعتبر مسجد حسان الشهير من مآثر الدولة الموحدية برباط الفتح، ويقع على ربوة عالية عن سطح المحيط الأطلسي بثلاثين مترًا عن يمين الطريق الذاهبة من رباط الفتح إلى سلا، على الضفة اليسرى من وادي أبي رقراق في الجهة الشرقية من رباط الفتح، وأول ما يشاهده المسافرون في البواخر العابرة للمحيط الأطلسي إلى الدار البيضاء، أو العكس إلى طنجة، وكذا من أعلى الجو في الطائرات، منارته الشامخة العظيمة تعاند بإيمانها الصامد الراسخ تقلبات التعرية والزمان، فتذهله وتنقله إلى عالم التساؤل التاريخي.. من الآمر ببنائها؟ وفي أي تاريخ؟ ومن هو مهندسها؟ ويبقى الجواب عن هذه الأسئلة مرهونًا بزيارة المسجد وقراءة تاريخه.

يرجع تاريخ بناء مسجد حسان إلى عهد السلطان يعقوب المنصور الموحدي بعد رجوعه من الأندلس إلى المغرب، من معركة «الأرك» التي انتصر فيها على الفونصو الثامن ملك قشتالة في شهر شعبان عام 591 هـ يوليو 1195م(1)، فبعد مسجد القصبة القديم الذي بناه عبدالمؤمن بن علي سنة 445هـ، أراد أن يكون بناء مسجد حسان من أكبر مساجد العالم الإسلامي، ومنارة الأعضم المضروب به المثل في الضخامة وحسن الصنع، فسخر في بنائه ونقل حجارته 700 أسير من أسارى معركة الأرك(2).

ويرى أحد المؤرخين أنه أضيف إلى مسجد حسان تذكار باسم بنيه، على أن هذه النسبة يحيط بها الغموض، ولكن أرجح الروايات تذكر أن حسان مهندس أندلسي، ووضع تصميم المسجد والمنار، وأشرف على ما شيد فيه، وليس هناك ما يؤكد أن المهندس شارك في تصاميم أخرى بالمغرب، ويوجد ضريح حسان هذا في مقبرة صغيرة قرب المسجد(3).

وقد اختلف في تحديد مساحته، وعرضه، وطوله، فبعض المؤرخين يرى أن مساحته 2600 متر مربع، وطوله 180 مترًا، وعرضه 142 مترًا، وبه 12 بابًا(4)، ومنهم من يرى مساحته 2500 متر مربع، ومنهم من يرى مساحته 2552، وطوله 183 مترًا، وعرضه 139.40 مترًا، وتبلغ مساحة قاعة الصلاة وحدها أكثر من 1962 مترًا مربعًا، وعدد أعمدته أربعمائة، ومحيط السارية ثمانون سنتيمترا، وعدد أبوابه ستة عشر بابًا، ومحرابه ثلاثة أمتار طولا ومثلها عرضًا(5).

ومنارته(صومعته) شبيهة بمنارة الخرالدا بإشبيلية وجامع الكتبيين، وتم تشييدها في عهد يعقوب المنصور الموحدي عام 591-592هـ، وصومعة حسان مسافتها للمحراب في خط مستقيم، يبلغ كل جانب من المنارة 16مترًا، وارتفاعه 44 مترًا، وهي الباقية من المئذنة، وقاعدتها مبنية بالحجر المصقول والمنضد ببالغ العناية والبراعة(6)، وهي تضم غرفا إلى علو ستة أدوار، وفي داخلها طريق صاعد مائل ميلًا بطيئًا بحساب هندسي جميل(7)، ويصعد إليها دون درج، وكانت الدواب حينئذ عند الضرورة تصعد بجميع ما تحتاج إليه(8).

وأمر يعقوب المنصور بجلب الماء إلى مسجد حسان في قنوات من مسافة 20 كلم طولًا، من عين غبولة، ويجهل الطريق التي كانت تمد الجامع بالماء، بصرف النظر عن الآبار الموجودة بالصحن الكبير غير أنه من الثابت بالمسجد وجود آبار داخلية لحفظ المياه وتصريفها(9)، وتعتبر صومعة حسان الثالثة بعد خرالدا بإشبيلية والكتبية بمراكش وعلوها جعلها أفخم منارة برباط الفتح.

يبلغ عرض السور 1.5 متر وعلوه 9 أمتار، وكانت تحاذي سور القبلة عدة أبراج للزينة وحفظ التوازن في آن، وكان المحراب منحرفا بعض الشيء من القبلة، وتختلف زخرفة تيجان الأعمدة، فبعضها يشبه تيجان أعمدة قرطبة، والباقي يشبه تيجان باب الرواح برباط الفتح، وكانت الأبواب في غاية الضخامة يتجاوز علوها 10 أمتار(10).

ويمتد الصحن الكبير مسافة 1139 مترًا، وتحاذيه أروقه تمتد جانب سور الجامع من الشرق والغرب.. ويبلغ مجموع أساكيب بيت الصلاة 18 ثلاثة في الجنوب وسبعة في الشمال، ويحتوي على 19 بلاطا، والأساكيب الوسطى التي يجاوزها صحنان صغيران، فتشتمل على بلاطة بقطع النظر عن الأروقة الجانبية(11).

وقد ذكر أحد المورخين أن عدد بلاطات هذا المسجد كانت 21، سعة البلاطة الواحدة خمسة أمتار، فكان عرضه عند الصلاة في ذلك الجامع 105 أمتار أما جوفه أو عمقه فيتكون من 5 أساكيب موازية لجوار القبلة، وكانت للجامع منجبات يمنى ويسرى وخلفية(12).

وقد اختلف المؤرخون في إتمام بناء المسجد فمنهم من يرى أنه لم يتم بناؤه في عهد يعقوب المنصور الذي توفي عام 595هـ(13)، ولا حتى في عهد ابنه عبدالله محمد الناصر لدين الله يعقوب المنصور الذي اهتم بغزو الأندلس، وما لحقه من انهزام في معركة العقاب في 15 صفر عام 607هـ والمتوفى في أواخر ذي الحجة عام 609هـ(14)، ولا حتى في عهد حفيده يوسف المنتصر بالله بن الناصر بن المنصور المتوفى عام 618 هـ(15)، وسجل أنه كان غير تام سنة 621 هـ ومنهم من يرى أنه تم بناؤه كاملًا(16).

والذي بقي دون تسجيل عند المؤرخين للفصل في الاختلاف، وتثبت الحقيقة التاريخية بصفة قطعية عدم تعرضهم لذكر العوامل الطبيعية وغيرها التي أدت إلى انهيار سقفه والجزء العلوي من المنارة وأسوار وأبواب مسجد حسان!

وما تبقى من آثار مسجد حسان من أعمدة وأسوار ومن المنارة العجيبة، من أعجب الفن المعماري الأندلسي المغربي، وإلى عهد قريب كان يسمح بالصعود إلى المنارة للتمتع بالرؤية الشاملة للعدوتين الرباط وسلا، ولظروف أمنية أقفل باب المنارة حفاظًا على سلامة الزائرين من السقوط من أعلاها، والاكتفاء بالتملي في عظمتها من أسفل أرضية المسجد.

وفي عقد المغفور له الحسن الثاني في السبعينيات، شيد بجانبه معلم تاريخي عظيم وهو ضريح المغفور له محمد الخامس، وشملت عناية المغفور له الحسن الثاني مسجد حسان فبلط، والعناية بأسواره، وأحيط بالحدائق وإقامة الصلوات الخمس، وإقامة خطبة الجمعة بمسجد الضريح.

ويشكل ضريح المغفور له محمد الخامس، وبقايا آثار مسجد حسان مفخرة معمارية عظيمة جمعت روعة جمالية الفن المغربي والأندلسي بعدوة رباط الفتح، وسجلها تاريخ المغرب الوسيط والمعاصر بمداد الفخر والاعتزاز.

ما بقي من أثار المسجد من أعمدة وأسوار من أعجب الفن المعماري الأندلسي المغربي

الهوامش

1- كتاب «الاستقصا» الناصري، الجزء الثاني، ص 185، طبعة دار الكتاب 1954 البيضاء.

2- نفس المصدر، ص 195.

3- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 112، مطبوعات المغرب للترجمة والتأليف 1979، الرباط.

4- كتاب «المغرب» الصديق بن العربي، ص 56-57، الطبعة الثانية، مطبعة الأمنية 1956الرباط.

5- كتاب «المساجد» حسين مؤنس، ص 224، سلسلة عالم المعرفة 1981، الكويت.

6- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 125، مطبوعات المغرب.

7- نفس المصدر، ص: 126-127.

8- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 125- 132، مطبوعات المغرب للتأليف، الترجمة 1979، الرباط.

9- «نفس المصدر»، ص 125 -132.

10- نفس المصدر، ص 126.

11- نفس المصدر، ص 126.

12- كتاب «المساجد» حسين مؤنس، ص 224، سلسلة عالم المعرفة 1981، الكويت.

13- كتباب «الاستقصا» الناصري، الجزء الثاني، ص 195، طبعة دار الكتب 1954.

14- نفس المصدر، ص 214-220 -225.

15- نفس المصدر، ص 226 - 227.

16- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 216، طبعة مطبوعات المغرب للتأليف الترجمة 1979.

old sanaa

صنعاء - الوعي الشبابي:

شهد اليمن حروبا وصراعات مسلحة وكانت المواقع التاريخية تتعرض فيها للتدمير والنهب والتهريب. وزاد تعرضها لمثل هذه الأعمال في حرب 2015 لوجودها مباشرة في مناطق الصراع وتحويلها إلى ساحات معارك واستخدامها كمتاريس عسكرية.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال