الأربعاء، 01 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

340 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

هذا ديننا

tq6346664q66asela

السنوسي محمد السنوسي

• نحن أمة بُدئ كتابُها العظيم- الذي شكّل وعيها، وأسّس أركانها، ورسّخ مقوماتها- بالأمر الإلهي بالقراءة؛ القراءة غير المقيد بفن من الفنون، ولا بعلم من العلوم، القراءة التي لا شرط فيها إلا أن تكون باسم الله.. {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق: 1- 5).

لكن يوم أن تحولت "أمة اقرأ" إلى أمة غير قارئة، وحدثت الفجوة بينها وبين القراءة كفعل حضاري، يؤسس لعقل ثري نابض بالحيوية والإبداع.. صار واقعها إلى ما نرى، مما لا يخفى على أحد!

• وإذا تأملنا حالنا فيمكن أن نجد شريحة كبرى لا تعرف للكتاب سبيلاً، ولا تقيم معه ودًّا ولا رابطة... تخاصمه كأنه عدوها، وتهجره كأنّ بينهما عَدَاءً مُسْتَحْكَمًا..!!

وهناك شريحة- أقل- لا تتصل بالكتاب إلا من حيث وظيفتها التي تدر عليها الدخل، فهي محصورة في جانب واحد من العلم والمعرفة لا تتعداه، وهي بذلك أحادية الرؤية، سكونية الطرح، لا تتسم أفكارها بالشمول والفاعلية.

وهناك فئة- وهي أقل من القليل- تبحث عن المعرفة أينما كانت، تقرأ للقراءة، لا من باب العبث واللهو، وإنما إدراكًا منها بأن بابًا واحدًا من العلم لا يكفي، وبأن الحكمة موزَّعة على جميع المعارف، بل وموزعة على جميع اللغات.. فهذه الفئة تلتمس الحكمة بتنوع القراءة، وبتنوع اللسان؛ أي بمعرفة اللغات والثقافات المتعددة.

• ولا أجد مُحفِّزًا لمن لا يقرأ إلا أن أقول له: لقد فاتك أن تجعل لحياتك معنى، وفاتك أن تضيف أعمارًا إلى أعمارك، كما كان يقول العقاد، كما فاتك أن تحوز إلى خبرتك خبراتٍ متعددةً لن تسنح لك فرصةُ اكتسابِها بغير القراءة.

أما من يحصر نفسه في جانب واحد من المعرفة، وهو غالبًا ما يكون جانبًا متصلاً بـ"لقمة العيش" وبضرورات الحياة، فأقول له: القراءة فِعلٌ روحي وعقلي، ينبغي أن تُنزِّهه عن ماديات الحياة، وألا تجعله فقط وسيلة للكسب.. اجعل القراءة وسيلة للمتعة الروحية، وللترقي العقلي، وللتهذيب الوجداني.. ولن يتحقق ذلك إلا بمعرفة شاملة متنوعة.

• وإذا كان الطعام غذاء البدن، وكانت العبادة غذاء الروح، فإن القراءة غذاء العقل؛ لكننا- للأسف- أبدعنا في الأولى، وقصّرنا في الثانية.. وأما عن حالنا مع الثالثة- القراءة- فلا تسأل..!!

والنتيجة هي ما ترى من واقع أمتنا.. لا ما أُخبرك.. فليس الخبرُ كالعِيَان..!!

• ولو سألنا: ما المصادر التي تشكّل العقل؟

فلا شك أن من أهمها: الحياة بما فيها من عادات وتقاليد وحركة موّارة.. والقراءة.

فكيف يرجو إنسان لعقله أن يكون مستقيمًا ثريًّا إنْ هو استبعد "القراءة" من حياته؟!

إنه حينئذ لن يكون أمامه إلا "الواقع" بأوحاله وترهاته وخزعبلاته ومُحْبِطاته..!!

• أما أسئلة القراءة، التي أظنها تبعث على الخجل، فهي كثيرة، منها:

- هل تؤمن بجدوى القراءة في حياتك، وبدورها في تنمية ذاتك؟

- هل تخصص جزءًا من راتبك للكتب؟ وكم تبلغ نسبته؟

- هل تجعل من يومك وقتًا محدَّدًا تقضيه بصحبة الكتاب؟

- كم كتابًا تقرأ على مستوى العام؟

- هل تقرأ في تخصصك المهني؟

- هل تتجاوز تخصصك إلى القراءة الحرة، الباحثة عن المتعة والمعرفة المتنوعة؟

- هل تضع في خطتك أن تغرس حب القراءة في أولادك؟

• إن أمةٌ لا تقرأ، لا يجوز لها أن تفكر في مستقبلها..!!

وإذا جاز، فلن يمكنها ذلك؟!

gallery 1238183406 

د.طه ريان: ربوا أبناءكم على حب الوطن وفق هدي النبي

الشيخ معوض: حبه بالمساواة والعدل والعمل والتمسك بالدين وليس بالشعارات والأغاني

د.دسوقي: مدوا جسور التواصل والمحبة والتآزر وتخلصوا من نعرات الطائفية والعصبية

د.عمرو منير: أفضل تعبير عن حبنا له بمحبة أُناسه والاهتمام بثقافته واحترام تاريخه

د.مجدي حسين: الأمن النفسي من أساسيات بقاء الوطن والإنسان وتكاملهما

د.العالم: على الإعلام أن ينمي في المواطن ملكيته للأرض واعتزازه بلغته وثقافته

القاهرة - عبدالله شريف:

"حب الوطن" فطرة إنسانية، ومنهج نبوي أصيل، لخصه الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أخرجه قومه من مكة بقوله: (والله إني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجتُ) وفي رواية أخرى: (ما أطيبَك من بلدٍ! وما أحبَّك إليَّ!، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنْتُ غيرك).. لكن مع ما يعانيه المسلم من أفكار دخيلة ومعتقدات فاسدة، قد تضل الفطرة طريقها الصحيح.. وتظل بحاجة إلى مقومات.. فكيف ننمي حب الأوطان في نفوسنا؟ وهل يتعارض ذلك الحب مع الدين؟ "الوعي الإسلامي" التقت عددًا من العلماء والأكاديميين وجاءتكم بالتفاصيل.

002220

آندي حجازي

هل فكرت يوما لم خلق الله تعالى الألوان في الطبيعة؟ لماذا تعدد الألوان وتدرجاتها؟ هل تخيلت يوما الكون بلا ألوان؟ أو بلونين أو ثلاثة فقط؟ ولو كان باللون الأسود والأبيض أو الأزرق مثلا، فكيف ستكون الحياة؟ ألن تكون رتيبة؟! تشعرك بالملل والكآبة، فسبحان الله الذي أضفى على الحياة متعة وبهجة وجمالا بتلك الألوان والمخلوقات المتنوعة التي لا تعد ولا تحصى بجمال فائق لا يوصف.
جمال الكون
فالله تعالى خلق الجمال في الكون ودعانا للتفكر به والاستمتاع بكل مكوناته، فعلى سبيل المثال: قال الله تعالى واصفا جمال الأنعام التي خلقها للركوب عليها والانتفاع بها: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النحل:6)، وقال عز وجل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً  وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (النحل:8) فالجمال رائع في الكائنات الحية كالخيول والإبل والطيور والحيوانات بأنواعها في البر والبحر والفضاء، يدعوننا للتأمل بمدى جمالها وروعة ألوانها ودقة صنعها وعظيم خالقها.
والله تعالى دعانا للتفكر في جمال السماء وما فيها من بروج وكواكب وأقمار ونجوم مضيئة تتلألأ وتبعث البهجة والمنفعة: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} (ق:6) {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} (الحجر:16)، فانظر إلى روعة السماء وبروجها: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} (البروج:1)، وانظر لجمال تضاريس الأرض وأجرامها السماوية: { وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)  وَعَلَامَاتٍ  وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) } (النحل:15-16).
فتأمل جمال الأرض من أنهار جارية، وجنات وبساتين يانعة، وبحار واسعة، وجبال شاهقه، ومياه جارية... إنها روعة الخالق في الكون؛ {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} (النمل:60). وقال عز وجل: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} (الغاشية:17-19). فالآيات القرآنية في جمال مخلوقات الله كثيرة ولكننا ذكرنا غيضا من فيض.
وما أعظم خلق الإنسان بأسراره العظيمة وإتقان خلقه من بارئ عظيم، إعجاز لا مثيل له! قال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ  وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } (التغابن:3). {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } (التين:4). فجمال خلق الإنسان يعكس عظمة ودقة وروعة جمال صنع الله الذي أتقن كل شيء صنعه. فالله جميل يحب الجمال، وكل شيء في الكون يعكس جمال ودقة صنعته بلاريب، بدرجة تعجز كلماتنا عن وصفها، ولكن يكفيك التنقل بين بلدان العالم لترى الجمال الحقيقي في الطبيعة لما أبدع الله تعالى.
الجمال البشري
لكن الجمال في الإسلام لا يتمثل فقط في الكون وفيما خلق الله تعالى ولكن هناك أنواع جمال تصدر من البشر أنفسهم وهم المسؤولون عنه ومن ذلك:
جمال السلوكيات وجمال المظهر
الإسلام دين الجمال الحقيقي، ويحث على الجمال ولكن الإنسان من يختار سلوكاته التي تعكس الجمال أو تعكس القبح! فأنت تختار أن تحافظ على النظام أو تخالفه، وتختار أن تفتح النافذة وترمي النفايات في الطريق أو أن تزيل النفايات والأذى من الطريق، وتختار أن تكتب على جدران المدارس والأنفاق والبنايات وبين أن تطلي الجدران المتسخة وتصلح بعض الأماكن من حولك، تختار أن تلبس ملابس نظيفة مرتبة مهندمة أينما ذهبت لتعكس صورة المسلم الحقيقي وجمال مظهره؛ وبين أن ترتدي ملابس غير مرتبة أو متسخة أو ذات رائحة؛ لا تعكس صورة المسلم الحقيقية!
أنت تختار أن تضع المخلفات في كيس للنفايات بعد الذهاب في نزهة وتحافظ على نظافة الحديقة وجمال المكان الذي كنت به، وبين أن تترك وراءك منظرا مشوها قبيحا يتحول إلى مكرهة صحية نتيجة قبح في السلوك! أنت تختار أن تنظف أمام بيتك ومحلك التجاري أو مدرستك وتدهن الرصيف أمام بيتك وتزرعه كمظهر جمالي وبين أن تعتبر أن هذا ليس من شأنك وترمي بحملك على عامل التنظيفات والحكومة.
وأنت من يقرر أن تلتزم بقواعد السير وأنت تقود سيارتك أو تعبر الشارع، وبين أن تخالف كل قواعد السير وتعرض نفسك والآخرين للخطر ظنا منك أن هذا من الذكاء (والفهلوة)، بينما هو تهور وبشاعة في السلوك!
وأنت من يختار أن تتلفظ بأجمل الألفاظ مع الآخرين وأن تتكلم بصوت مهذب معقول يعكس جمال تربيتك وسمو روحك وبين أن ترفع صوتك في الطريق وتشتم وتتعارك مع الآخرين بسبب وبدون سبب، فقط لثقافة لديك! وأنت وحدك من يقرر أن يبتسم في وجه الآخرين فيشع الأمل في قلوب من حوله، وبين أن يلقاهم بوجه عبوس قمطرير يصبح سمة له! وأنت الذي تختار أن تصعد على ظهور الآخرين تملقا للمسؤولين أو أن تؤدي دورك بإخلاص كما يجب... فجمال سلوكاتك من جمال روحك، وهي الجمال بعينه.
جمال الأخلاق
ومن جانب الجمال الأخلاقي؛ فكذلك لك الخيار بين أن تطرح الجمال في أخلاقك وبين أن تنشر القبح فيها، فتفي بالعهود كأن تأتي في الموعد المحدد مع الآخرين، أو أن تتأخر دائما لتصبح هذه سمتك التي تعرف بها! بين أن تلتزم في الطابور وبين أن تتحايل لتسبق كل منهم يصطفون قبلك! بين أن تتقن عملك أو واجبك المدرسي والجامعي وبين أن تسرق جهد غيرك لتقدمه بأقل جهد ممكن وبأقل إخلاص وإتقان متاح!
فلديك وحدك القرار في أن تعكس جمال أخلاقك كالصدق فتقول الحقيقة حين تحتاجها أو أن تختلق القصص والحكايات والاتهامات أو القصص المزورة! والقرار أن تتكلم بكلام حسن لطيف جميل مليء بالأدعية والنصائح والحوار والإقناع والتهذيب، أو أن تتلفظ بكلمات دون أن تلقي لها بالا أو تطلق على الآخرين ألقابا قبيحة تجعل الآخرين ينبذونك وينفرون من الجلوس معك! فللكلمات جمال خاص ووقع في النفس لا يمحى.
وأنت وحدك تقرر إن كنت ستعامل خادمك أو سائقك معاملة طيبة تعكس جمال أخلاق الإسلام وتجعلهم يحبون دينك أو أن تعامل من هم دونك معاملة فوقية متعجرفة وتؤذيهم وتجعلهم ينفرون من هذا الدين الذي تنتمي له، فهل تذكر كيف كان رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  يعامل أنس بن مالك؟ لندع أنس يخبرنا.. فعن أنس  "رضي الله عنه"  قال: «لقد خدمت رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  عشر سنين، فوالله ما قال لي: أف قط، ولم يقل لشيء فعلته: لم فعلت كذا، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا».
فلماذا أحب المسلمون الأوائل رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  ويستمر حبه لليوم بين المسلمين؟ أليس لجمال روحه وأخلاقه وتصرفاته وسلوكاته من تهذيب في القول والفعل والنفس، وتطبيق حقيقي لجمال الإسلام العظيم وأخلاقه الرائعة الجاذبة، فلماذا لا نقتدي به اليوم في جمال أخلاقه كالصدق والأمانة والكرم والتسامح والتعاون ومحبة الآخرين والحرص على منفعتهم والتواضع والتهذيب والرحمة والعدل..؟!

وقد مدحه الله تعالى بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4)
فنحن بقرار شخصي نختار أن نعكس جمال الإسلام في أفعالنا وسلوكاتنا ومعاملاتنا وبين أن نكون مصدر نفور لهم بتلك الأفعال، فمن سيحب الإسلام إن رأى تلك السلوكات السلبية التي تصدر من أهل الإسلام اليوم بجهل منهم؟!
جمال العقل
العقل البشري مميز عن سائر المخلوقات بحسنه وقدراته ومكنوناته، فللعقل البشري جمال خاص أنيق نافع يتميز به، وينعكس على الواقع قولا وفعلا. فمثلا هناك فرق بين أن تعمل وتدرس وتجتهد وتبدع شيئا جديدا لمجتمعك وعالمك وبين أن تكون عالة على الآخرين، فرق بين أن تبذل جهدا وتنتج وتتقن وبين أن تؤدي المطلوب بأقل القليل من الجهد فتكون فردا عاديا في المجتمع.
وفرق بين أن تكون متعلما وذا علم نافع تنمي قدرات عقلك وتستثمر إمكانات ذكائك في فائدة المجتمع وتنميته كبناء المصانع والمدارس والأبنية الجميلة والحدائق والطرق الحديثة.. وبين أن تكون جاهلا تقع في الكثير من الأخطاء والمشكلات نتيجة الجهل وتوقع الآخرين معك، فالصورة الجمالية مختلفة تماما.
فهناك فجوة بين من يقرأ ويتثقف ويزيد من معلوماته وقدراته المعرفية وبين من يضيع وقته بلا فائدة تذكر، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ  إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر:9)، فلماذا سبقنا الغرب والشرق اليوم، أليس بالعلم؟ فانظر مثلا لمن يخترع الأجهزة والآلات أليس له التفوق الحضاري اليوم؟ وانظر كذلك لمن يوظف قدرات عقله فيبني بيته بناء حسنا جميلا جذابا بدل أن يبنيه بناء ناقصا لا معالم جمال فيه؛ فلماذا لا تكون مدينتنا جميلة وأنيقة؟! فالإسلام دين الحس الجمالي حتى في العمارة والبناء، فهو دين عمارة الأرض.
تساؤلات على طريق الجمال
علينا أن نطرح على أنفسنا اليوم تساؤلات؛ لماذا ترى بلاد الغرب والشرق جميلة ومرتبة شوارعها ومزروعة بالأشجار والزهور، متقنة الأرصفة، مطلية الجسور، أبنيتها قمة في الإتقان والجمال، ومحلاتها التجارية منظمة نظيفة متقنة الصنع، أناسهم يتصفون بالدقة في المواعيد، واحترام النظام والترتيب وحقوق المواطنين الآخرين. لماذا حدائقهم تنتشر في مدنهم بشكل جميل متقن نظيف تعكس مدنيتهم ورقيهم العلمي والعمراني والحس الجمالي لديهم؟
لدرجة أنك تشتهي الجلوس فيها ولماذا أخذت آلة التصوير معك لسادت الحيرة لديك بأي منظر تبدأ التصوير؟
الحقيقة أن الكثير من بلادنا العربية مازالت تحتاج للكثير من الجهد لتصبح بهذا الشكل، والكثير يعتبر أن هذا دور الحكومات فحسب، ولكن الحقيقة أن للأفراد دورا في التغيير كتشجير مدينتهم أو حول بيوتهم وأماكن عملهم، وتحسين أبنيتهم وعمرانها والإبداع بها دون تبذير لا طائل منه، والمحافظة على نظافة مدننا وأناقتها، فأنت إما أن تكون إيجابيا تشعر أن هذا الوطن وطنك أو أن تكون ذا تفكير سلبي تعتقد أن لا أمل في الإصلاح والتغيير وأن الأمل بعيد وأن الخطأ خطأ الآخرين فقط!
فلماذا لا تبدأ بنفسك وبما تستطيع، فكل إنسان مسؤول عن سلوكاته وسيحاسب يوم القيامة على أفعاله وإتقانه لعمله وحده، فلا تستطيع أن تقول لله تعالى إني وجدت قومي يرمون الأذى في الطريق فرميت مثلهم، أو وجدت الناس يكذبون ويسرقون أو يسرفون أو يغشون أو يسبون أو يحتالون... ففعلت مثلهم! فلم لا تكون أنت بداية التغيير؟ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد:11). وقال  " صلى الله عليه وسلم" : «أنا زعيم بيت في الجنة لمن حسن خلقه». فلم لا نكون نحن القدوة لأبنائنا وطلبتنا أو موظفينا؟ فمادمت في موقع مسؤولية وتتمنى التغير والأفضل لبلدك، فلماذا تنتظر التغيير أن يأتي من خارجك! فلا تحقرن من المعروف شيئا... فلنبدأ بتطبيق أخلاق الإسلام الجميلة في أنفسنا أولا لتنعكس في مجتمعاتنا، فالله تعالى جميل يحب الجمال.

00021220

د. مسعود صبري :

كل منا يخطئ ويقع في المعصية، ويرتكب شيئا أو أشياء مما حرم الله تعالى، وذلك راجع لطبيعة النفس البشرية التي تخطئ وتضل الطريق أحيانا.

وإن كانت هذه طبيعة الإنسان، فإن العصر الذين نعيشه سهل طرق المعصية، وجرأ كثيرا من الرجال والنساء والشباب والفتيات على ارتكاب محرمات كان يستحي من قبلنا أن يأتوها، فإذا هي تفتح على مصراعيها، فانتشر من المعاصي في عصرنا مالم يكن في غيره من العصور، مما أوجب أن يكون عند الإنسان فقه للمعصية وكيفية الابتعاد عنها.

إن الإسلام يتعامل مع النفس البشرية بطبيعتها، ولم يصور الإنسان ملكا، بل صوره إنسانا يطيع الله تعالى ويسعى مجاهدا نفسه، لكنه قد يقع في المعصية.

 ولقد أبان النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما أخرجه الترمذي فقال:" كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، وكما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ". وزاد رزين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «لو لم تُذْنِبوا لَخَشيِتُ عليكم ما هُوَ أَشدّ منه، وهو العُجْبُ»، فعلم أن كل إنسان يذنب ويخطئ، لكنه مطلوب منه أن يستغفر الله تعالى من ذنبه، وأن يتوب إليه، وفي الحديث القدسي: " كل بنى آدم خطاء بالليل والنهار، ثم يستغفرونى فأغفر له ولا أبالى".

ولكن على المسلم أن يكون فقيها في ذنبه، فالذنوب كما أبان العلماء صغائر وكبائر، ولا تستوي الصغيرة والكبيرة، وفي الحديث: " كل بني آدم أصاب الزنا لا محالة، فالعين زناها النظر، واليد زناها البطش، والنفس تهوى وتحدث، ويصدقه أو يكذبه الفرج".

ولكن على المسلم أن يكون فقيها في معصيته، وأن يدرك أن الذنوب مختلفة، فيجاهد نفسه أولا أن لا يقع في المعصية، فإن وقع فيها، فعليه ما يلي:

أولا- حفظ دينه وعدم الخروج منه:

ذلك أن أول مقاصد الشيطان أن يخرج المسلم عن دينه ليكفر مثله، حتى يكون معه خالدا في جهنم، كما قال تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82]، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا .أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} [النساء: 119 - 121].

فليحافظ المسلم على إسلامه مهما كان، لأن مجرد إسلامه يحفظ ضمان عدم الخلود في النار يوم القيامة، وفي الحديث:" أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان".

وقد فتحت لنا وسائل الإعلام اليوم باب الإلحاد واللادينيين العرب، وجعل بعض الكتاب والمفكرين يدعون إلى الإلحاد باسم الحرية، وأن الإنسان حر لا يتقيد بدين أو ملة، وأن هذه من معالم الحضارة!!!

فمتى كان الكفر والإلحاد حضارة في حياة المسلمين؟!!!

بل وجدنا خللا في عقول كثير من الناس، فساووا بين الموحدين والكافرين، بزعم أنه لا يمكن له أن يكفر، أو أن كلمة الكافر كلمة ثقيلة لا ينبغي أن تقال لغير المسلم، وأنهم مشركون وليسوا كافرين، نعم لا بأس أن لا ينادي المسلم غير المسلم بالكفر، لكن يجب عليه أن يعتقد بقلبه أنه كافر، ولا يمنعه هذا من حسن معاملته والإحسان إليه، لكن لا يستوي عند الله من آمن به ومن كفر.

ثانيا- اجتناب الكبائر:

فإن لم يقدر الشيطان على أن يجعل الإنسان كافرا، انتقل معه إلى ارتكاب الكبائر.

والكبائر هي المعاصي التي فيها حد في الدنيا ؛ كالسرقة ، والزنى ، والقذف ، وشرب المسكر ، أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله أو لعنة أو نار ؛ كالربا ، والغيبة ، والنميمة ، وعقوق الوالدين والسحر وغيرها.

والسر في هذا أن ارتكاب الكبائر قد تكون بابا من أبواب جهنم، لأن المسلم إن ارتكب الكبائر وتاب إلى الله تعالى وقبل الله توبته محي عنه ما فعل، فإن لم يتب إلى الله تعالى فأمره إلى الله يوم القيامة، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه، فقد يدخل الموحد نار جهنم ابتداء، فيعذب في النار على قدر ما ارتكب من الكبائر المحرمة، ثم يخرجه الله تعالى بعد أن تفحم جسده، فيلقى في نهر يقال له: نهر الحياة، فيعود كما كان، ويدخل الجنة بتوحيده لله، لكن مختوم على قفاه:" جهنميون" تمييزا له عن المسلم الذي صبر وجاهد نفسه وحفظ نفسه من ارتكاب الكبائر المحرمة.

ثالثا- إياك والرياء

فإن لم يقدر الشيطان على أن يجعل المسلم يكفر أو يرتكب الكبائر، فإنه يسعى أن يجعله يرائي بعمله الصالح؛ ليفسد عليه عمله، ولا يجعله مقبولا عند الله تعالى، وفي الحديث:" إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، وابتغي به وجهه".

رابعا- الوقوع في الصغائر:

فإن يئس الشيطان من وقوع المسلم في الكفر والكبائر والشرك والرياء، سلط قواه حتى يوقعه في الصغائر كي ينال منه، المهم أن لا يترك الشيطان الإنسان بغير معصية.

على أنه من الواجب على المسلم أن لا يعتقد في نفسه أن ما يفعله من المعصية حلال، فإن ارتكب محرما، فعليه أن يوقن أنه محرم، فلا يعتقد الرشوة هدية، ولا الفوائد البنكية المحرمة استثمارا، ولا ظلم الناس حقا، فإن ذلك مما يجعل المرء لا يتوب إلى الله تعالى، لكن اعتقاده بأن المعصية معصية ولو ارتكبها؛ يسهل له طريق التوبة إلى الله تعالى.

ولكن من رحمة الله تعالى أن دوام المسلم على طاعته، وتكثيره الأعمال الصالحة تمحو تلك الصغائر، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ } [النجم: 32].

وقال سبحانه: {{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ .أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [آل عمران: 135، 136].

فليكن المسلم حريصا على دينه، وأن لا يقع فيما يدخله جهنم، وإن ضعفت نفسه، فلا يتعد الصغائر إلى غيرها، وليكثر من الأعمال الصالحة، فهي سبب لمغفرة الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

والناس يقوم القيامة أصناف:

أولا- الموحدون الذين لم يعصوا الله تعالى، فهؤلاء من أهل الجنة.

ثانيا- الموحدون أصحاب الصغائر، فإن الله تعالى برحمته يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة.

ثالثا- الموحدون أصحاب الكبائر، فإن أصابوا حدا من حدود الله؛ كان كفارة لهم، لا يحاسبون عليه يوم القيامة، فإن غلبت حسناتهم سيئاتهم فهم من أهل الجنة.

فإن لم يتوبوا، فأمرهم موكول إلى الله ، إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم في جهنم قدر خطاياهم ثم يخرجون من النار، فيدخلون الجنة.

رابعا- الكافرون أصلا، والمرتدون، والإلحاديون، فهؤلاء يدخل النار إن ماتوا على كفرهم ولم يتوبوا إلى الله، كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ } [البقرة: 161، 162]، وقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } [النساء: 168، 169].

6552

أحمد أبوزيد :

تدوين الوحي الشريف شرف رفيع تسابق إليه الكثير من المسلمين على مر العصور، بدءا من الصحابة الكرام، الذين اشتهروا بكتابة الوحي بإملاء النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، عقب نزوله، على جلد الغزال والعظام وسعف النخيل، وانتهاء بمئات الخطاطين الذين كتبوا المصاحف الشريفة عبر العصور بمختلف الخطوط العربية التي خلدها القرآن الكريم بعد أن كتب بها.

فقد حرص المسلمون على أن يخرج القرآن، مخطوطا ومطبوعا، في أجمل صورة، وأبهى حلة، واشتهر جمهرة من الخطاطين على مر العصور ببراعة الخط وجماله، وكتبوا المصاحف الخاصة والعامة، وانكب المجلدون والمذهبون عليه إبداعا في إخراجه، حتى أصبح أعظم رونقا، وأجمل شكلا وأكثر جلالا، وكان سببا في تطوير الكتابة العربية وتجويدها، خطوطا ونقوشا، فصار الخط العربي إحدى أهم الوحدات الزخرفية الفنية الإسلامية، ليس هذا فقط، بل امتد أثره ليشمل كل جوانب الفن الإسلامي وميادينه.

وتنوعت مظاهر العناية بالقرآن الكريم، بعد الصدر الأول، من ناحية كتابته وتجويدها وتحسينها، حتى بلغ الرسم القرآني ذروته من الجودة والحسن والضبط، واستقر المصحف على الشكل الذي نراه عليه اليوم من الخطوط الجميلة، وابتكار العلامات المميزة التي تعين على تلاوة القرآن تلاوة واضحة جيدة، واتباع قواعد التجويد.

بداية التدوين

ولقد كانت بداية تدوين النص القرآني الشريف في عهد النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، على يد عدد من الصحابة، ممن عرفوا بكتاب الوحي، مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وثابت بن قيس رضي الله عنهم.

وبعد موت النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، قام أبوبكر الصديق  "رضي الله عنه" ، بمشورة عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه" ، بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد من صدور الصحابة ومن الوسائل التي كتب عليها، وسار على نهجه عثمان بن عفان  "رضي الله عنه" ، عندما جمع الناس على مصحف واحد، ومنع الاختلاف بين المسلمين، وتم نسخه في عدة مصاحف لتوزيعها على الأمصار الإسلامية. وقد نال زيد بن ثابت  "رضي الله عنه" ، شرف تحمل مسؤولية جمع القرآن في عهد أبي بكر، وكتابته في عهد عثمان.

 < مخطوطات المصحف

وخلال العصور الإسلامية المتعاقبة تبارى الخطاطون في نيل شرف كتابة المصحف الشريف بخطوط متعددة، وبرز في كل قطر خطاطون بلغوا الكمال في حسن الخط وتجويده، فجاءوا بما يبهر من الخطوط الرائعة، التي خلدت ذكرهم على مر العصور، وعلى رأس هؤلاء: قطبة بن المحرر، وابن مقلة، وابن البواب، والمستعصمي، وإبراهيم منيف، وتوحيدي الطبري، وحامد الآمدي، وخليل الزهاوي، ودرويش نعمان الذكائي، وسفيان الوهبي، ومحمود الثنائي، وصبغة الله الحيدري، وعبدالوهاب النائب، وشهدة بنت أحمد الإبري الدينوري، وعبدالله بك الزهدي، ومحمود شكري الألوسي، وأحمد شاكر الألوسي، ونعمان الألوسي، وعلي علاء الدين الألوسي، وعبدالله بهاء الدين الألوسي، وعمر الهيتي، وعلي الكوتي، وماجد بك الزهدي، ومحمد عبدالعزيز الرفاعي، ومحمد عبدالقادر، ومحمد فريد النحاس، ومحمد محفوظ، وإبراهيم عبدالغني الدروبي، ومحمد بهجت الأثري، ومير علي التبريزي، وهاشم محمد البغدادي، ووليد الأعظمي، وياقوت بن عبدالله الموصلي، وياقوت الرومي.

وما زال عدد من هذه المصاحف التاريخية محفوظا في مختلف المساجد والمتاحف ودور الكتب والمؤسسات، منها ما هو مكتمل النص القرآني من بدايته وحتى نهايته، ومنها ما وجدت أجزاء منه فقط، وآخر لم تسلم منه إلا وريقات متفرقة.

فنجد دار الكتب والوثائق في القاهرة تضم واحدة من أهم قاعات التاريخ والفنون الإسلامية الموجودة في العالمين العربي والإسلامي، وهي قاعة القرآن الكريم، التي تحتوي على مجموعة من أندر المصاحف الشريفة وأجملها، التي يرجع بعضها إلى القرن الأول الهجري، منها مصحف الخليفة عثمان ابن عفان  "رضي الله عنه" ، وهو مكتوب بالخط الكوفي القديم على رق غزال من غير شكل ولا نقط ولا كتابة أسماء السور، والمصحف السمرقندي، ومصحف كتب في آخره إنه بخط أبي سعيد الحسن البصري سنة 77 هجرية، ومكتوب بالخط الكوفي على الرق.

 < خطوط متنوعة

وقد كتبت المصاحف في بداية الأمر بخطوط مربعة ذات زوايا، مثل «الخط المكي»، و«الخط الحيري» (نسبة إلى الحيرة في العراق)، والذي يعد من أقدم الخطوط التي كتب بها المصحف، فقد استعمل قبل الإسلام، واستمر العمل به حتى ظهور الإسلام، وكتب به الوحي قبل استحداث الخط الكوفي في خلافة علي بن أبي طالب  "رضي الله عنه" ، والذي يعد أجمل الخطوط في وجدان المسلمين طوال قرون من العصر الإسلامي، واتسعت دائرة استعمالاته، وكتب به المصحف الشريف وكل ما يتعلق بالنصوص الدينية والمستندات الرسمية، كما كانت تزين به المساجد والقصور كتلوين زخرفي جميل.

واستمرت المصاحف تكتب بالخط الكوفي طوال القرون الأربعة التالية. وكان من بين أسباب استخدام هذا الخط ما أمكن توليده من زخارف فيه، مما يعطي جلالا لخطوط القرآن الكريم يتفق وقدسيته، واستمر الوضع كذلك بالنسبة إلى المصاحف إلى أن ظهر نوع آخر من الخطوط من اختراع الأتابكة وابتكارهم هو الخط النسخ.

كما استخدم الخطاطون في كتابة الــقرآن الكريم خط الثلث، والخط المغربي الذي انتشر في بلاد المغرب الإسلامي وبلاد الأندلس، ثم ابتكر خط الرقعة، وظهرت أنماط محلية أخرى وتكونت لها مدارس في بلاد المسلمين أهمها مدرسة هراة في الخط المغولي، ثم مدرسة تبريز في بلاد فارس، وهو ما يعرف بالخط الفارسي، واحتضن حكام المسلمين ذوي المواهب وفناني الخط العربي في عهود الإسلام الزاهرة.

والخط النسخ يكاد يكون خط جميع المصاحف المطبوعة والمنتشرة هذه الأيام، وهي في أصلها مخطوطات لكبار الخطاطين مثل: الحافظ عثمان ومصطفى نظيف.. وغيرهما. وقد تبارى الخطاطون في كتابة القرآن الكريم حتى تعددت الأقلام وتنوعت الخطوط وأصبح الخط فنا متميزا.

 < إخراج المصاحف وزخرفتها

وبعد خط المصاحف بخطوطها المميزة والجميلة، جاء فن إخراج المصحف الشريف، الذي يعد من أهم الفنون الجميلة منذ القرن الأول الهجري وحتى العصر العثماني، حيث لم تكن الطباعة معروفة آنذاك، فكان المصحف الواحد يشترك في إخراجه مجموعة من الفنانين، يعملون لأكثر من عام في زخرفته وتذهيبه وكتابة آياته بالخط العربي بأشكاله المختلفة، ومن ثم تجليده تجليدا فاخرا.

وترجع بداية زخرفة وتذهيب المصاحف إلى العصر العباسي الذي تأثر بالفن الفارسي الساساني الذي كان شائعا في إيران، ومنذ ذلك التاريخ اهتم الرسامون المسلمون بزخرفة وتذهيب صفحات المصحف الشريف، وكتبت المصاحف على صفائح الفضة والذهب والعاج، وطرزت الآيات القرآنية الكريمة بخيوط من الفضة والذهب على الحرير والديباج لتزين بها المساجد والمجالس والمكاتب والدواوين.

وكان التذهيب للمصاحف في بداية الأمر مقتصرا على أجزاء معينة من الصفحات، كأشرطة بين السور، والفواصل بين الآيات الكريمة، وامتد إلى الصفحات الأولى لتزخرف جميعها، وكذلك الصفحات الأخيرة من المصحف، وقد بلغ فن التذهيب والتلوين روعته في العصر المملوكي، حيث وصل ذروة الإجادة في التكوينات الهندسية والمضلعات والأشكال التجميلية وزخارف التوريقات والتفريعات النباتية التي أرست دعائم الفن الإسلامي في تجميل الخط. وقد أضفى النص القرآني على الخط العربي منزلة خاصة في نفوس المسلمين جميعا، فامتزج الشعور الديني مع الإحساس بالجمال الفني، ونشأت الروائع الفنية الإبداعية لتطوير الأساليب والأنماط التقليدية.

 < روائع المصاحف الأثرية

وإذا نظرنا إلى المخطوطات القرآنية الأثرية فسنجد بعض الباحثين ومنهم الباحث عبدالله بن محمد الشريدة، يقسم تلك المخطوطات طبقا لقيمتها إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما اكتسبت قيمتها وشهرتها من عظمة كاتبها ومقامه الديني ومكانته التاريخية، ومنها مصحف الخليفة الثالث عثمان بن عفان  "رضي الله عنه" ، وهو المصحف الرسمي للدولة في عهده، حيث قام بإتلاف وإحراق المصاحف الموجودة لدى الصحابة آنذاك، وأمر بنسخ مصحفه الذي تبناه وأرسله إلى أمهات العواصم في ذلك الوقت، وعرفت هذه النسخ الست بـ «المصحف الإمام».

ومنها مصحف الإمام علي بن أبي طالب  "رضي الله عنه" ، وتوجد منه سبع نسخ محفوظة ومخطوطة بالخط الكوفي، منها نسختان في تركيا، ونسخة في صنعاء باليمن، ونسخة في الهند، ونسختان في مدينة شهد في إيران، ونسخة في النجف.

ومنها مصحف الإمام الحسن بن علي، وتوجد منه نسختان في مشهد والنجف، ومصحف الحسن البصري، كتب بخطه سنة 77هـ، وهو مجلد بغلاف من خشب الصنوبر، وفي أوائل آياته حليات ونقوش ذهبية، ومحفوظ بدار الكتب في مصر. ومصحف الإمام الصادق، الذي يرجع إلى القرن الثاني للهجرة وهو مكتوب بالخط الكوفي على رق غزال، ومجلد بقطع من خشب الصنوبر، وفي أوائل السور والآيات حليات ونقوش ذهبية، وهذه النسخة موجودة بمكتبة رضا رامبوا بالهند، وهنالك نسخة أخرى محفوظة في دار الكتب المصرية.

 < خطاطون خلدهم القرآن

وأما القسم الثاني: فهو يضم مخطوطات قرآنية اكتسبت قيمتها وشهرتها من مدى إتقان ودقة الخطاط الذي قام بكتابتها، ومن ذلك: مصحف الخطاط محمــد بن عـــلي بن الـــحسين والمــلقب بـ «ابن مقلة»، والذي كتب عدة مصاحف، منها نسخة موجودة في مكتبة رضا في رامبوا بالهند، وهي نسخة نادرة جدا بالخط النسخي القديم، كتبها في مائتين وخمسة عشر ورقة. والنسخة الثانية كتبها عام 308هـ، وموجودة بدار الكتب المصرية، وهي نسخة محلاة بالذهب. أما النسخة الثالثة فهي بالقلم الكوفي والنسخي معا، وتحتوي على ثلاثمئة وسبع وثلاثين ورقة، من الورق القديم جدا، وموجودة في متحف هراة بأفغانستان.

ومصحف الخطاط علي بن هلال الملقب بـ «ابن البواب»، والذي كتب حوالي أربعة وستين مصحفا، أحدها بالخط الريحاني، أهداه للسلطان سليم الأول، ومنها مصحف بمتحف الآثار الإسلامية ببغداد كتبه عام 1401هـ. كما يحتفظ مستر جستر بيتي في مدينة دبلن بإيرلندا بنسخة من مصحف ابن البواب، وهو مجلد صغير، عدد صفحاته 286 صفحة.

ونجد مصحف الخطاط ياقوت المستعصمي، الذي برع في كتابته للمصاحف الشريفة، فكتب كثيرا من المصاحف التامة، والأجزاء التي تضم سورة أو عدة سور، وهي موجودة في كثير من المتاحف وبعض المساجد وخزائن الكتب، منها مصحفان مكتملان بخط النسخ وخط الثلث، موجودان بخزائن الكتب في إسطنبول بتركيا.

وهناك مصحف الخطاط حسن رضا التركي، الذي كتب ثمانية عشر مصحفا، بأحجام مختلفة، والنسخة الكبيرة موجودة في متحف طوب قبو سراي بإسطنبول، وأصبح مصحفه المصحف الرسمي في دولة تركيا. ومصحف الخطاط الحافظ محمد أمين الرشدي التركي، وهو من المصاحف الجميلة، الرائعة التنسيق والتجريد، كتبه عام 1236هـ، وكانت كتابته بوصاية من والدة السلطان عبدالعزيز خان ابن السلطان محمود خان العثماني، والتي أهدته إلى مسجد مرقد الشيخ جنيد البغدادي عام 1278هـ، وحفظ بعدها في مكتبة الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بالعراق.

ونجد أيضا مصحف الخطاط الحافظ عثمان، الذي كتب خمسة وعشرين مصحفا، وقد طبعت هذه المصاحف ووزعت على مختلف بلدان العالم الإسلامي، مما كان سببا في ذيوع صيته، فرجح مصحفه على بقية المصاحف، وانتـشر في الأقطار الإسلامية والعربية. وتحتفظ جامعة إسطنبول بمصحف بخطه النسخي البديع، وكذا مكتبة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة. وهناك مصحف الخطاط عبدالله زهدي أفندي، وهو مصحف وحيد يعد من المصاحف النادرة والثمينة، وهو بحوزة مواطن مصري.

 < روعة الإخراج الفني

ويأتي القسم الثالث والأخير: وهو يشمل مخطوطات قرآنية اكتسبت قيمتها وشهرتها من روعة الإخراج الفني الذي تميزت به. ومن ذلك: مصحف السيدة خوند بركة، أم السلطان المملوكي شعبان، وهو مصحف من أروع وأبدع ما يفخر به معرض دار الكتب المصرية من العصر المملوكي، حيث كتب عام 775هـ بخط ريحاني، ومضبوط ضبطا عاديا، والفواتح وكل رؤوس السور، وعلامات التجزئة، محلاة بالذهب واللازورد والأزرق الجميل، وحجمه من القطع الكبير.

ومصحف السلطان قلاوون، ويعد من أروع المصاحف من ناحية التذهيب والزخرفة بجانب حسن الخط، وهو يحتوي على ثلاثين جزءا، كل جزء مجلد على حدة. وقد كتب هذا المصحف بأجزائه عام 1313هـ، ويمتاز كل جزء بتنوع زخارفه، وفواتح السور مزينة باللونين الذهبي والأبيض على أرضية زرقاء، وكل جزء يفوق الآخر في تصميماته وزخارفه وتذهيبه.

وهناك مصحف مملوكي محفوظ بدر الكتب المصرية باسم أرغون شاه، ومؤرخ بعام 1349م، ويضم ثلاثمئة وثمان وثمانين صفحة من الحجم الكبير، وبكل صفحة أحـد عشر سطرا، مذهبة بشكل رائع لأوائل الحروف ونهاية الصفحات، وأواخر الآيات وبداية كل سورة. واستخدمت فيه الزخارف المتشابكة المجدولة المزينة بأزهار اللوتس.

 < مصاحف هندية

كما تحتفظ دار الكتب والوثائق القومية في القاهرة بمصحف يعود إلى دولة الهند، ومكتوب بخط الثلث السطري، وتتخلل تلك السطور، بخط دقيق، ترجمة للآيات الشريفة بالخط الفارسي، وهو مقسم إلى سبعة أقسام، كل جزء على حدة.

ونجد مصحف إمبراطور هندي عمره حوالي 400 سنة، يزن 13 كيلوجراما، وتمت كتابته بخطوط ذهبية وفضية، وكل ورقة من هذا المصحف لها رائحة عطر مختلفة عن الأخرى، والخامة المصنوعة منها تلك الصفحات مقاومة للحريق. ومصحف السلطان برقوق المكتوب بخط ابن الصايغ عام 801هـ، وهو منقوش بالذهب والألوان الزاهية، ذات اللون الذهبي الرائع، الذي استخدم فيه الذهب الخالص والأزرق اللازوردي والأحمر الياقوتي، وتتخلل الألوان مساحات من البياض التي تضفي على الألوان عمقا وجمالا.

وهناك مصاحف مكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة، وهي مصاحف ثمينة، مهداة من عامة المسلمين، ومن مختلف العصور إلى الروضة الشريفة بالمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وهي بأقلام متنوعة، وبأساليب كتابية رائعة، بعضها مذهب تذهيبا غاية في الدقة والجمال.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال