القاهرة - د.يحيى الصامولي:

لي صديقٌ قديم، نشأ في أسرةٍ بسيطةٍ مستورة، وكانت غاية مناه أن يتحسّن حاله، ويكون له دخلٌ شهريّ يغنيه ويرضيه، فأكرمه الله بالتعليم الجيّد وصار دخله الشهريّ فوق المنى، حتى عُدّ من أغنياء الناس، وهو بعدُ في مقتبل عمره، وغبطه كثير من الناس، وتمنوه زوجًا لبناتهم .

التقيتُه قريبًا، فتصافحنا وتعانقنا طويلًا، وأخذَنا الكلامُ يمنةً ويسرة، ثم قال لي : ألا يوجد عروسٌ تحتَ نظرك، إنني أبحث منذ سنواتٍ طوال ؟!
فقلتُ له : كلُّ العرائس تحتَ أمرك، ولكنّ المشكلة لديك أنتَ وليست في العرائس !!
تعجَّب صديقي، ونظرَ إليّ في اندهاش قائلًا : المشكلة عندي أنا ؟!
قلتُ له، أجلْ، لديك مشكلةٌ نفسية ضدّ الزواج سأخبرك بها سريعًا بعد أن تجيب على هذا السؤال .. [وهو يعلم أنني صاحب موهبة في التحليل النفسي- بفضل الله-] ، فقال : وما هو السؤال ؟!
قلتُ : السؤال: هل تعلمُ يا صديقي أن لديك مشكلة نفسية ضدّ الزواج قدْ تتسبب في بقائك عَزَباً مدى الحياة ؟!!
اندهش مرّةً أخرى، وبدأ يتوجَّسُ مني قلقًا وضيقًا لصراحتي الطاغية معه، لكنني قصدتُ أن أكون صريحًا تمامًا .. وإنْ امتعضَ وتكمّد غيظًا، لعله يفيق .. ثم قال : ليست عندي أية مشكلات نفسية والحمد لله .
فقلتُ له : كلا، مشكلتك النفسية تتلخَّص في الآتي :
عندما كنتَ بسيطًا في أسرةٍ بسيطة، كانت ترضيك وتملأ قلبك فلانة بنت عمي فلان الرجل البسيط، أو تهيم عشقًا بفلانة الفتاة المحترمة المجتهدة المتفوقة، ونحو ذلك .. أما بعد أن اقتحم المال عليك حياتك، صرْتَ تزِنُ كلّ شيء بذلك الميزان الماديّ، وكل فتاةٍ من أولئك العشرات اللاتي عُرِضْنَ عليكَ للزواج أو رأيتهن أو تقدَّمت إليهن كان السؤال الذي يسيطر على جنانك ليس هو (هل هي زوجة صالحة؟) وإنما كان ( هل تستحقّ هذه الفتاة كلّ ذلك العزّ الذي أصبحتُ فيه والذي سأجعلها ترفلُ في سندسُه وإستبرقه؟)
إنّ هذا التساؤل سيطر عليك إلى أبعد حدّ، وكانت الإجابةُ عليه دائمًا سلبية؛ لأنك أصبحتَ مع شعورك بالفخر لما توصلتَ إليه تظنّ أنك ستكون زوجًا مثاليًا جدًا، ومن ثم فإنك تريد زوجةً مثاليةً جداً!!
ولكنْ اعلم يا صديقي أن المال ليس هو كلّ شيء، بل هو آخر شيء، والزواج المثاليّ قد يكون مع الكفاف وليس مع الغنى، وإنني أعرف أزواجًا رزقوا من المال ما لا تتوهمه أنتَ في أحلام يقظتك، ومع ذلك فهم متوقفون على الطلاق رغم ما هم غارقون فيه من النعيم المادي، والأبهةِ الدنيوية.
يا صديقي، [ ابحث عن زوجةٍ مستقيمة تستحقُها أنت، وليس عن زوجةٍ ترى أنها تستحقك ] هذه الجملة هي خلاصةُ الداء والدواء.
وجم صديقي في صمتٍ عميقٍ متفكّرًا ومندهشًا في آنٍ معًا.
يبدو أنه أدرك الحقيقة.
بعد سنواتٍ من التيه.
وأبشركُم..
(لقد وجد زوجته أخيرًا)

• اليمنيون يحاربون العنوسة ...
• مثلثات أسرية
• "أخوات شهرزاد الخليجيات" يستشرفن ...
• "أم الإمارات": احموا أبناءكم من ...
• "الحب".. على طاولة العلم!