الثلاثاء، 07 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

188 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

196 large0000

محمد شعطيط :

في طفولة بيل جيتس، دخلت عليه أمه البيت فوجدته شارد الذهن، فسألته: «ماذا تفعل يا بيل؟». فأجابها قائلا: «أنا أفكر. هل سبق لك يا أمي، أن فكرت؟». ظنت الأم أن بطفلها لوثة من جنون، فأخذته إلى الطبيب النفسي، الذي قرر بعد جلسة مطولة مع الطفل، الذي لم يتجاوز السادسة من عمره حينها، أن يحضر له مجموعة من الكتب لإشباع فضوله وتنمية رغبته الملحة في التفكير والإبداع.

لم يكن بيل جيتس بدعا من سائر الأطفال في حب الاستطلاع، الذي يعتبر منصة إطلاق الطفل إلى عالم الإبداع. لكنه وجد الأسرة الحاضنة التي آمنت بقدراته واستعداداته، التي جبله الله تعالى عليها، وعملت على دعمها، واستثمارها، وتوجيهها، وسقيها، حتى اشتدت، واستوت، وآتت من كل زوج بهيج.

وإذا كان للأسرة هذا الدور الفعال والإيجابي في التنشئة الإبداعية للطفل، فإنها أيضا سيف ذو حدين.. عامل تثبيط وقتل لموهبة الإبداع. ولذلك، إذا أرادت أي أسرة أن توفر البيئة المناسبة لتنمية روح الإبداع لدى أطفالها، فإنه يتحتم عليها الاشتغال على واجهتين نراهما رئيسيتين. إلا أنه وقبل الحديث عنهما لا بأس من تقديم تعريف مقتضب للإبداع وهو كما يلي: الإبداع مصدر بدع الشيء يبدعه بدعا وابتدعه: أنشأه وبدأه. وركي بديع: حديثة الحفر. والبديع والبدع: الشيء الذي يكون أولا. وفي القرآن الكريم: {قُلْمَاكُنتُبِدْعًامِّنَالرُّسُلِ} (الأحقاف:9)، أي ما كنت أول من أرسل. والبديع: المحدث العجيب. وقوله تعالى: {بَدِيعُالسَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ } (البقرة:117)، أي خالقها ومبدعها ومخترعها لا عن مثال سابق.. ورجل بدع، وامرأة بدعة: إذا كان غاية في كل شيء كان عالما أو شريفا أو شجاعا. هذا من الناحية اللغوية. أما عند ذوي الاختصاص، فيمكن الاكتفاء بتعريف الموسوعة الفلسفية العربية، فقد جاء جامعا مانعا، وقد عرفت الإبداع كما يلي: «إنشاء شيء جديد أو صياغة عناصر موجودة بصورة جديدة في أحد المجالات، كالعلوم والفنون والآداب».

أما الواجهتان اللتان ينبغي على الأسرة توجيه اهتمامها إليهما فهما:

1 - العمل على تطوير محفزات الإبداع.

2 - إقصاء معوقات الإبداع، أو العمل على تقليصها والتضييق عليها ما أمكن.

والخطاطة التالية يمكن أن تشكل خلاصة هذه المعوقات والمحفزات؛ حتى يسهل التعامل معها وتذكرها، بل يمكن رسمها وطبعها على ورقة وتعليقها في سبورة البيت عند الطفل أو باحة البيت أو على شاشة الهاتف أو القارئ اللوحي أو غيرها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه العوائق والمحفزات لا يمكن الضرب بينها بسور يقطع الصلة بينها. بل ما يكون عاملا محفزا عند طفل قد يكون عائقا لدى طفل آخر. ذلك للعلاقة الدينامية بين مختلف هذه العوامل. فثقافة الوالدين مثلا، التي تكون عامل تحفيز عند بعض الأطفال، قد تسهم في قتل الإبداع عند آخر. فالوالدان المثقفان – مثلا وأحيانا وليس دائما - يسقطان تجربتهما على أبنائهما، فيحاولان تدارك الأخطاء التي ارتكبت معهما من حيث اغتنام الوقت وفترة الصبا في التحصيل، مما يؤدي إلى المبالغة في ملء فراغ الطفل بالأنشطة والبرامج والدورات، من دون أخذ احتياجاته بعين الاعتبار، مما يؤدي إلى ملل الطفل وامتعاضه، وقد يدفعه إلى ترك الجمل بما حمل. فتتبغض إلى قلبه كل أشكال الحرص على المعرفة واغتنام الوقت والتحصيل وبرامج الإبداع. ولذلك وجبت الإشارة إلى دراسة كل عامل، والاستفادة منه، من دون إفراط ولا تفريط، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. فإلى الخطاطة:

من خلال قراءة خطاطة الحوافز والمعوقات يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

- تلعب العوامل الموضوعية دورا مهما في تنمية الإبداع لدى الطفل من خلال إشباع روح المبادرة لديه عن طريق استثمار حبه للمعرفة، وتقديم الدعم اللازم والمناسب، مع التركيز على التواصل، وإعطاء هامش من الحرية المسؤولة للطفل، إضافة إلى التشجيع والتحفيز المستمر.

- دور التلاحم العاطفي وإبعاد الطفل مطلقا عن المشاكل الزوجية والأسرية والعائلية. فالأسر المضطربة الهائجة المائجة تغذي روح الانعزال والانطواء لدى الأبناء. كما أن كثرة لوم الطفل وتقريعه وتأنيبه بمناسبة وبغير مناسبة تفقده الثقة بنفسه كما أثبتت ذلك بعض الدراسات.

- اغتنام كثرة أسئلة الطفل وحبه للاستطلاع في تنمية روح الإبداع لديه بتعليمه كيفية الإبحار الآمن في الإنترنت، وتوجيهه التوجيه الناعم اللين إلى بعض المواقع العلمية والتربوية الهادفة التي تشبع نهمه المعرفي. فكثرة أسئلة الطفل هي مفتاح الإبداع وبدايته المشرقة. ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة كما تقول الحكمة.

- تنمية التعلم الذاتي لدى الطفل، وتعليمه كيف يصطاد السمكة بنفسه وصنارته مع الصبر الدؤوب، ونشر روح الاستمتاع واللعب، واستثمار مختلف النظريات التربوية التي قربت الشقة وكفت المؤنة.

أما المعوقات فإن إكراهاتها تبدو لأول وهلة صعبة المنال، لكن زرع الورد في الحقل منذ البداية والاعتناء به يغنيان في النهاية عن مشقة اقتلاع الأشواك. ومن شغل نفسه بالفضائل كفى نفسه تعب اقتلاع الرذائل. فإذا تمعنا في الخطاطة وجدنا أن أهم المعوقات الأسرية للإبداع تتجلى أساسا في الجانب النفسي والعاطفي. أو في الجزء الأكبر منه. فلا إبداع مع غياب التلاحم العاطفي والإشباع الروحي لنفسية الطفل. لا إبداع مع القمع والإرهاب والعنف الأسري. ولا إبداع مع ضعف ثقة الطفل بنفسه، والتي تلعب الأسرة دورا بارزا في تغذيتها وفي رعايتها منذ نسائم فجر الطفولة الأولى. كما أنه لا إبداع مع التدليل الزائد أو التقاليد السلبية المقيدة التي تلبس لبوس الدين أو العرف المبالغ فيه، مما ينعكس بالسلب على روح المبادرة والطموح والإبداع. وقد سئلت فتاة في إحدى المجلات: كيف استطعت تحقيق أهدافك في الحياة؟ فكانت إجابتها: لقد آمن والداي بقدراتي ومواهبي فشجعاني، ولم يكونا في أي لحظة عامل تثبيط أو إعاقة لطموحاتي وأفكاري وإبداعي.

لقد كانت الأمة العربية والإسلامية رائدة بين الأمم حينا من الدهر لأنها شجعت ونمت التفكير المستقل والإبداع الخلاق في شتى المجالات، فأنتجت لنا عباقرة ومبدعين في شتى المجالات من أمثال: الإمام البخاري والإمام أحمد والشافعي وابن تيمية والغزالي وابن رشد والبيروني وابن البيطار وابن النفيس وابن الهيثم والجزري.. وغيرهم كثير. وإن الأمة أضحت اليوم ولودة بحمد الله، وقد استيقظت من سبات عميق. ويقع النصيب الأوفر على الأسر الكريمة للمساهمة في هذه النهضة من خلال تربية روح الإبداع لدى أبنائها وفلذات أكبادها بطرق علمية بعيدا عن الارتجالية من جهة، أو الإهمال وترك الحبل على الغارب من جهة ثانية، فالعصر عصر علم، وما كان على أساسه وبني على قواعده أعطى ثماره ولو بعد حين، وواقع الأمم الغربية خير شاهد، فهل نتعلم ونستفيد؟ وهل نسارع إلى المشاركة في دورات تدريبية لتعلم كيفية تنمية روح الإبداع لدى الأبناء؟ وهل نقوم بزيارات دورية أو سنوية للمبدعين والعلماء والعباقرة في مختلف المجالات؟ وهل ننهل من المعارف الحديثة لتحقيق هذا الهدف النبيل؟ نعم، في الإمكان أفضل مما كان، وكم ترك الأول للآخر، وعطاء الله ممدود، فهل نبسط الكف؟

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال