فايزة نتو: كانت تفتقد مقومات الحياة وتجهل أبسط أمورها وتعاني فوبيا الخوف

الأم: مسؤولات نادي الصم بذلن جهدا كبيرا لتصحيح شخصيتها ودمجها مع الآخرين

جدة - دعاء بهاء الدين:

عندما خيم الصمت على حياتها، انعزلت عن العالم وتقوقعت داخل ذاتها، ذابت وسط الحياة فلم تدرك معناها، ولم تعش أحلى ما فيها من لحظات، هذه هي منى، فتاة صماء أتمت عامها الثلاثين ولم تدرك للحياة معنى، داخل أسرتها ظلت مهملة، فلم تحتويها في أي من مراحل عمرها.. فعاشت حياة راكدة بلا معنى، فاقدة الإحساس بما يدور حولها، كأنها لم تبلغ الفطام، أو كأن الدنيا سقطت تماما من حساباتها..

"ماذا عسى الصماء أن تفعل أو تستوعب".. كانت هذه العبارة التي لم تنطقها الشفاه، إنما ترجمها الواقع في إحباط لازم حياة "منى" منذ استوعبت أنها ولدت صماء، كان الجميع يتحدثون أمامها ويتفاعلون وفقا ما يبغ آذانهم من كلمات.. إلا هي، ظلت حبيسة ذاتها، لا تستمع إلا لصرخات ألمها وقهرها، فلم تجد سبيلا للذهاب إلى المدرسة، استسلمت لواقعها السلبي المرير، والذي انعكس نفسيا عليها وهي تجد مثيلاتها يحتضن الغد بين أيديهن، ذاهبات إلى مدارسهن، حيث شمس العلم التي غابت عنها.

وميض الأمل

صارعت "منى" الاكتئاب وهى ترى من حولها من خلف أسوار عالمها العقيم، أهملت في مظهرها ولم تهتم بصحتها وهى تشكو لأيامها سوء حظها الذي أوقعها فريسة لصمت إعاقتها، وجفاء من حولها.. أحست أنها تشكل عبئا على أسرتها، وعبثا حاولت أسرتها إخراجها من قوقعتها لتتكيف مع من حولها إلا أنها كانت رافضة تماما لتلك المحاولات، حتى ثلاثة أشهر خلت، فمنذ هذا التاريخ بدأت أسوار الصمت تتكسر لديها شيئا فشيئا حينما شاهدت والدتها مقابلة تليفزيونية للأستاذة فايزة نتو تتحدث عن نادي الصم للسيدات، ففرحت الأم وهي ترى وميض أمل ينبثق لابنتها، وعلى الفور اتجهت إلى النادي وتواصلت معه، شرحت للقائمين عليها حالة ابنتها ووجدت منهم كل ترحيب، ولأول مرة منذ سنوات أطلت الابتسامة على شفتيها وهي ترى ابنتها تخطو خطواتها الأولى في معرفة العالم الذي ظلت طيلة عمرها محرومة منه تخشى من التعامل معه. وفي النادي بدأت "منى" تحبو نحو عالمها الجديد، لتعيد إنسانيتها المفقودة.

تهيئة

إلى ذلك، أوضحت فايزة نتو رئيس مجلس إدارة نادي الصم أنه عند قدوم منى للنادي كانت كأنها تفتقد مقومات الحياة، جاهلة بأبسط أمورها، تعاني فوبيا الخوف من التعامل مع الآخرين، لا تعلم أبجديات القراءة والكتابة، لا تفهم لغة الإشارة، تفتقد معنى التواصل مع الآخرين.. وكان السبب الحقيقي في عدم التحاقها بمعهد الأمل ما تعانيه من انخفاض مستوى الذكاء الاجتماعي.

تواصل نتو حديثها قائلة: جذب انتباهي مستوى منى الاجتماعي والتعليمي، فقررت البداية معها من الصفر، وبفضل من الله، ثم تعاون طالبات التربية الخاصة بكلية دار الحكمة توصلنا إلى نتائج إيجابية في التفاعل مع منى، من خلال استجابتها الايجابية في تعلم لغة الإشارة.. لاسيما أنه قد تم تهيئتها نفسيا وصحيا كي تصبح قادرة على التعامل مع المجتمع من خلال إكسابها حرفة يدوية تستطيع من خلالها أن تكون عضوة فعالة في المجتمع، وتحقق استقلاليتها.

تقدم ملحوظ

من جانبها، أوضحت رويدا شمعة معلمة منى الحالة التي كانت عليها الفتاة عند قدومها إلى النادي والجهل الذي كان يخيم عليها، بالإضافة إلى خوفها وقلقلها المستمرين في التعامل مع زميلاتها، موضحة أنها بدأت معها في تعلم أبجديات اللغة، مع لغة الإشارات كي تتمكن من التواصل مع زميلاتها.. واتضح أن لديها رغبة واستعداد كبيرين لاستيعاب المعلومات بما وهبها الله من سرعة البديهة، فكانت تنفذ التعليمات بدقة وتحاكي معلماتها في الكتابة، وحققت في وقت قياسي تقدما ملحوظا في تعلمها للكتابة، وهي لا تزال في بداية مشوار التعليم، كما أبدت تحمسها لتعلم الخياطة، وما زلنا نتابع معرفتها بمهارات الحياة وتنمية الجوانب التعليمية التي تخلق لها جسورا للتفاهم مع الآخرين.

اندماج

أخيرا، أشارت شيماء شمروخ مسؤولة التدريب وعضوة النادي إلى الجهود المبذولة من قبل المعلمات في المركز من خلال تعليمها وتدريبها على لغة الإشارة عن طريق الكمبيوتر والتحدث إليها لمعرفة مدى استجابتها للتعليم، ففي البداية لم تكن تستجيب لأدنى تفاعل، وتعاني من الخوف في التعامل معنا.. موضحة ان الخطوة التعليمية القادمة سوف تعتمد على تهيئتها لسوق العمل من خلال تنمية مهاراتها في العمل الذي ترغب في القيام به مثل الخياطة، أو مهارات التجميل أو الطهي، ومن ثم يتم التركيز عليه لتصبح مهيأة للعمل والاندماج في المجتمع.

• اليمنيون يحاربون العنوسة ...
• مثلثات أسرية
• "أخوات شهرزاد الخليجيات" يستشرفن ...
• "أم الإمارات": احموا أبناءكم من ...
• "الحب".. على طاولة العلم!