القاهرة – ثناء مصطفى:

تشعرين بالتوتر، وتعانين من جفاف الفم والحلق، وزيادة العرق، مع فقدان الشهية، والشعور بالتعب والدوار وعدم القدرة على التنفس.. إذاً أنت خائفة من شيء ما، قد يكون خوفاً ملموساً واقعياً من شيء يهددك مباشرة، أو خائفة من أشياء غير ملموسة كالظلام والأماكن المغلقة، وهذا ما يعرف بخوف الرهاب.. وقد يكون الخوف طبيعياً في الحالين، إلا أن المبالغة في الخوف من الغد والمجهول الذي قد يحمله يعرض حياتك للخطر.. هذا ما أكدته العديد من الدراسات العلمية.. لذلك سألنا عددًا من المختصين، وإليكم التفاصيل.

كثيرة هي الدراسات التي تناولت الخوف، منها دراسة أمريكية كشفت أن الخوف من فقدان العمل يتركآثاراً سلبية على صحة الفرد تعادل في خطورتها الأذى الذي تسببه أمراض مثلارتفاع ضغط الدم أو أضرار التدخين‏.. بينما ذكرت دراسة أخرى أعدها خبير تربية الأطفال "تيم جيل" أن الإفراط في الخوف على الطفل وحمايته يؤدي إلى تفويت الفرصة عليه كي يعيش طفولته ‏بشكل عادي، ومن شأن ذلك إعاقة‏اكتسابه مهارات مهمة يحتاج إليها في حماية‎‎نفسه.

كما كان لكبار السن نصيب من الخوف، فبحسب دراسة أعدها باحثون أستراليون وبلجيكيون في جامعة "نيو ويلز" تبين أن خوف المسنين من السقوط أرضاً لصعوبة الشفاء السريع من آثاره، يزيد من خطر سقوطهم حتى وإن كانوا فعلاً ليسوا في ظرف يسبب لهم ذلك.. وتبين أن 40% من المسنين الخائفين من السقوط سقطوا بالفعل مرات عديدة.. وأشارت إلى أن هذا الخوف قد يؤدي إلى تقييد غير ضروري للمشاركة في الأنشطة الفيزيائية والاجتماعية،ما ينتج عنه تردٍ في الحالة الفيزيائية وانعزال اجتماعي واكتئاب وضغطٍنفسي.

بينما كشفت دراسة رابعة عن أن رهاب الاحتجاز أو "فوبيا الأماكن المغلقة" يمثل مشكلة عامة تؤثر فيالتطبيق السليم لإجراءات التشخيص بالرنين المغناطيسي لكثير من الأمراض بسبب هذا الخوف، ما يؤثر سلباً على صحتهم، ويفاقم من خطورة أمراضهم.

ويعلق د. يسري عبدالمحسن – أستاذ الطب النفسي، قائلا: الخوف من المستقبل علمياً يعني القلق النفسي، وهو نوع من الخوف من المجهول أو من لا شيء، مع توقع الخطر الأسوأ دائماً، حتى وإن كان هذا التوقع لأشياء غير حقيقية، فإنه نوع من التوهم بدافع الخطر.

اضطرابات عصبية

أضاف د.عبدالمحسن أن الخوف من المستقبل دائماً ما تصاحبه اضطرابات في الجهاز العصبي اللاإرادي، وله عدة مظاهر سلبية كالرعشة والصداع النصفي وقلة النوم والزغللة وضيق التنفس وزيادة ضربات القلب وزيادة في اللعاب، كما قد يصيبه ألم في البطن وأوجاع المفاصل هذا بخلاف صعوبة التركيز وضعف الذاكرة.

وأكد أن القلق النفسي هو أكثر الأمراض النفسية شيوعاً على الإطلاق، والرجال هم الأكثر إصابة به من السيدات، حيث إن الخوف والقلق من المستقبل يأتي من كثرة أعباء الحياة والإحساس بالمسئولية والاحتياجات المتتالية وضغوط العمل والاحتكاك مع الآخرين، وهو ما يتعرض له الرجل أكثر من المرأة، بينما يزداد مرض الاكتئاب لدى النساء وهو ثاني الأمراض النفسية انتشاراً على مستوى العالم بنسبة 1-3 بين السيدات والرجال على الترتيب.

ويوصي عبدالمحسن بمعالجة الخوف من المستقبل بالثقة بالنفس والطمأنينة والإحساس بالأمان والإيمان بالقدر. موضحاً أنه ينصح دائما المصابين بهذا النوع من الخوف المرضي بالانشغال الدائم والابتعاد عن التفكير والتوهم، وعمل خطط مستمرة للوصول إلى الأهداف وتوقع الفشل قدر توقع النجاح، وذلك لتقليل الإحباط عند الفشل، كذلك بالعبادة والقراءة وممارسة الرياضة والانخراط في الأعمال الاجتماعية بجانب ممارسة الهويات المختلفة.

توترات اجتماعية

بينما ترى أستاذ علم الاجتماع، د. سامية الساعاتي، أن عدم وضوح الرؤية يجعل الإنسان في حالة من القلق الدائم، وهذا مما يعيشه الإنسان المعاصر حالياً خاصة في الشعوب العربية، من مستقبل غامض وغير واضح المعالم، ما يؤدي إلى خوف الأب على أبنائه وعلى مصدر رزقه، وبالتالي خوف الأبناء على مستقبلهم.

وأضافت أن الخوف من الغد يولد مع الإنسان؛ فالطفل الرضيع يبحث عن الأمان في حضن أمه، ويشعر بالذعر عند ابتعادها عنه، ويظل عدم الشعور بالأمان والخوف من المجهول مرتبطًا به في كل مراحله العمرية، خاصة لدى المرأة، فهي أكثر أعباء والأكثر حساسية واهتماماً بتفاصيل حياة من حولها من أفراد الأسرة.

أمراض القلب

بدوره، يؤكد أستاذ أمراض القلب، د. حسام الخبيري، أن الشعور بالخوف من الغد والقلق المستمر مسئول عن أغلبية أمراض القلب، وخاصة أمراض الذبحة الصدرية وضيق الشرايين التاجية وهي أكثر أمراض القلب شيوعاً، وهو مرض "العصاب القلبي" وهو شكل من أشكال "سيكوسيمتاك" أي المرض النفسي العضوي فنجد شخصًا لديه اكتئاب نفسي أو قلق يشكو من آلام عضوية.

وأضاف أن الرجال هم الأكثر عرضة لمثل تلك الأمراض، فالإحصاءات تؤكد أن قلب المرأة أقوى من الرجل، وأن كل عشرة مصابين بأمراض القلب خاصة الذبحة الصدرية منهم تسعة رجال وامرأة واحدة فقط، وذلك يرجع إلى الحماية الإلهية لها لهرمونات الأنوثة التي كانت تستخدم في علاج معظم أمراض القلب قبل اكتشاف أدوية القلب الحديثة والجراحات.

وينصح د. حسام بالبعد عن بؤر التوتر، فإن لم يستجب يتم العلاج بالمهدئات النفسية وتمارين الاسترخاء وهي تمارين نفسية متعارف عليها من أجل تقليل ضغط التوتر النفسي والقلق الزائد.

وفاة

أما أستاذ أمراض الباطنة والكلى بطب عين شمس، د. مجدي الشرقاوي، فيؤكد أن القلق يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وخلل في التحليل السكري، وأن الخائفين من المستقبل هم أكثر إصابة بأمراض الجهاز الهضمي كالقولون العصبي وسوء الهضم والتهابات المعدة، كذلك اضطرابات الجهاز التناسلي والبولي.

وأضاف أن التوتر الزائد يؤثر على متوسط عمر الأفراد وقد يتسبب في الوفاة خاصة إذا كان الخوف متواصلا، والشخص مصاباً بأمراض كضغط الدم والسكر العصبي، مشيراً إلى أن الخوف والقلق النفسي يتسببان في أمراض واضطرابات معوية، كاضطراب القولون العصبي وسوء الهضم. مؤكداً أن الأعصاب هي التي تنظم عملية الهضم وتعتبر أشد حساسية للمحفزات وتفترض الدلائل بأن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق هم أكثر عرضة للخطر لظهور عدد من الحالات المرضية المزمنة وتظهر لديهم أعراض حادة أكثر من غيرهم كما يتعرضون لخطر الوفاة أكثر.

• اليمنيون يحاربون العنوسة ...
• مثلثات أسرية
• "أخوات شهرزاد الخليجيات" يستشرفن ...
• "أم الإمارات": احموا أبناءكم من ...
• "الحب".. على طاولة العلم!