الأحد، 28 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

221 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

y9i9 

أرصد تعددًا في الطاقات الإيقاعية في أعمالي تخرج بها عن التصنيف الحدِّي السائد

جميع مؤسساتنا الثقافية تعمل بلا خطة ولا منهج وبالتالي النتيجة صِّفر!

القاهرة - آية إيهاب:

درس الصحافة، لكنه كان مسكونًا بعشق الشعر، فأبدع فيه وأسس مجلة "كتابات" الأدبية، وقدم لجمهوره العديد من الأعمال جمعها أخيرًا في ديوان واحد تيسيرًا على القارئ، معترفًا بأنه في مجال الإبداع لا يتوقف عند أي خطوط حمراء من أي نوع، ولا يسمح لأحد بأن يضع في طريقه أسلاكًا شائكة من أي نوع أيضًا.. هذا هو الشاعر رفعت سلام، الذي حاز على جائزة كفافيس، وقام بترجمة العديد من الإبداعات الشعرية الأجنبية إلى العربية فأضاف جمالًا إلى جمالها. التقينا سلام، الذي صدرت له عن الهيئة المصرية العامة للكتاب مجموعته الشعرية الكاملة بعنوان "ديوان رفعت سلام"، وهذا نص الحوار:

مع صدور أعمالك الشعرية الكاملة في ديوان واحد أخيرًا، هل ستتوقف قليلًا أم ستواصل الإبداع؟

بالطبع لن أتوقف، فالشاعر لا يتوقف عن الإبداع إلا حين موته، أما سبب إقدامي على نشر جميع أعمالي في كتاب واحد فمن أجل توفيرها للقارئ، لاسيما بعد أن بيعت أغلب الطبعات السابقة منها، ورأيت أنه من الأفضل جمعها في إصدار واحد تسهيلًا على القارئ من نشر البحث بين الإصدارات المتفرقة لأعمالي السابقة، ولهذا أسميتها "ديوان رفعت سلام" وليس "الأعمال الشعرية الكاملة".

لا خطوط ولا أسلاك

يرى البعض أنك تخلصت داخل أعمالك الشعرية من الخطوط الحمراء؟

في الشعر، بل وفي الإبداع عامة، لا بد من التحرر من كل خطوط حمراء. فالشعر -والإبداع عامة- حرية، بل هو أحد أشكال تحقق الحرية. وأي قيد هو نفي للإبداع، وأية خطوط حمراء هي مصادرة له، وحين أكتب، تنتفي كل الخطوط والأسلاك الشائكة، من أي نوع؛ هكذا تصبح علاقتي مع العالم في مطلق حريتها. وكذلك علاقتي مع كل أشكال التراث التي تسكنني، بدءًا بالتراث الفرعوني، وصولًا إلى الراهن. علاقة جدلية، بلا إذعان أو توحد؛ علاقة متحررة من الشروط المسبقة، من أي نوع، كعلاقة ندَّين، تحتمل كل درجات الرفض والقبول والمحاورة والمجادلة والقراءة النقدية، فالجوهري هو "طبيعة العلاقة" لا "شكل العلاقة".

رغم أن مجموعتك نثرية لكنها تلتزم بموسيقى ما. هل ترى أن شعر النثر يجب أن يحتوي على تلك الموسيقى؟

لا أكتب وفق التصنيف السائد: قصيدة نثر/ قصيدة تفعيلة. فهل يمكن الاستفادة من الطاقات الكامنة في جميع أشكال الكتابة الشعرية، ودمجها معًا، في بنية شعرية واحدة؟ ذلك ما أحاوله منذ عملي "إشراقات رفعت سلام" (1992) وحتى الآن. فكل نمط من هؤلاء ينطوي (داخله) على طاقات مباحة متاحة للشاعر الراهن. والانحصار في نمطٍ ما - حتى لو كان "قصيدة النثر"- هو سجن طوعي.

ولأنني بدأت حياتي الشعرية بكتابة القصيدة العمودية، ثم التفعيلية، فإنني - حتى الآن - أستفيد من إمكانيات النمطين في كل عمل شعري جديد، حسب احتياجات العمل. وبالتالي، فإنني أرصد تعددًا في الطاقات الإيقاعية في أعمالي الشعرية، تخرج بها عن التصنيف الحدِّي السائد: قصيدة نثر/ قصيدة تفعيلة، إلى أفق آخر، يفتح النص الشعري لكل الإمكانيات والاحتمالات الإبداعية، حتى لو كانت إمكانيات واحتمالات تنتمي إلى الفن التشكيلي (مثلما حدث في عملي "حجَر يطفو على الماء").

فالتحدي القائم يكمن في كيفية إثراء النص الشعري بطاقات أخرى غير المستهلكة، في فتح آفاقه على جميع الاحتمالات الإبداعية، بدون "نمطية".  

ترجمة الشعر

ترجمت عددًا من الأعمال الشعرية.. فهل ترى أن المترجم يجب أن يكون أديبًا في المقام الأول؟

بل ربما ما هو أكثر من الأديب بالنسبة لترجمة الشعر بالذات. فهي تقوم أولًا على امتلاك اللغة، بل على امتلاك اللغتين، وتراثهما الثقافي، لا الامتلاك القاموسي الخارجي، بل حتى امتلاك الظلال الكامنة فيما وراء المعاني الظاهرة. تقوم أيضًا على امتلاك الخيال الشعري، فكيف يمكن استيعاب الصورة الشعرية في النص الأجنبي ثم إعادة صياغتها في النص العربي بلا خيال شعري؟ تقوم على ما هو أكثر من المعرفة باللغتين، فما أكثر النصوص الشعرية المترجمَة إلى العربية بلا شعرية، وما أكثر النصوص الشعرية المترجمة بروح ترجمة التقارير والدراسات، فينطفئ الوهج الكامن في النص الذي يستنهض الروح والخيال القارئ.

متى شعرت أنك بحاجة للدخول في مجال الترجمة؟

لم أشعر بهذه الحاجة، لقد انزلقتُ إلى الترجمة بلا وعي. في السبعينيات ترجمتُ لنفسي قصائد بوشكين من الإنجليزية، لأتمكن من النفاذ إلى أعماقه (لم تكن هناك ترجمات عربية لأشعاره). لم أكن أترجم لأحد آخر، بل لنفسي. حين اكتفيت، وجدت الأوراق تصل إلى نحو مئة صفحة من القطع الكبير. ووجدت النصوص جيدة، فقلتُ لنفسي: لمَ لاَ أقوم بمراجعتها وإعدادها ككتاب؟ فعلتُ ذلك، وعكفتُ على المقدمة. ولم يطل الانتظار، فسرعان ما صدرت طبعتها الأولى في إحدى دور النشر الكبيرة ببيروت. هكذا انزلقت شاعرًا فشاعرًا إلى الترجمة.

وهل أضافت إليك كما أضفت إليها؟

أضافت الكثير. في البداية صوبت لي رؤية الشعر: أن الشعر متعدد، وليس واحدًا، وأن الآفاق الشعرية كثيرة، بأكثر من الشعراء أنفسهم، ولكن على كل شاعر أن يكتشف أفقه الخاص، الفريد، الذي يشبه بصمته الشخصية، وألا تعارض -أو تناقض أو نفي- بين التوجهات الشعرية المختلفة، وأن من الثراء استيعابها جميعًا، كثروة مجانية موروثة، لا الانحياز إلى أحدها وتبنيه باعتباره التوجه الوحيد الصائب والممكن.

ومن ناحية أخرى، فقد امتلكت من خلال الترجمة الأعماق الشعرية، فلكل شاعر ترجمتُه. امتلكتُ ما لا يدركه القارئ للترجمة من تعددية احتمالات الصورة الشعرية الواحدة. فإذا كانت الترجمة تقوم في النهاية على اختيار احتمال واحد وحيد للجملة الشعرية، هي التي يقرؤها القارئ، فإن الاحتمالات الأخرى المستبعدة من الصفحة المكتوبة لأنها الأقل رجحانًا تظل كامنة داخلي. وهذا يعني أن آلاف الآلاف من الصور الشعرية المحتملة والممكنة لكل شاعر ترجمته تشكل داخلي ثروة لا يدركها حصر ولا إحاطة. فأنا الغني وأموالي الصور الشعرية.

النتيجة صفر!

وما المختلف في تجربة ترجمة أعمال "كفافيس وبودلير ورامبو" الكاملة، برأيك؟

هو الاختلاف بين التجربة الشعرية لكل منهم عنها لدى الآخرين، وطرائق التعبير، وكيفيات بناء الصورة الشعرية، ورؤية العالم، إلخ.

والاختلافات بينهم – شعريًّا - شاسعة، كأن كلًا منهم يشكل قارة شعرية مستقلة عن الآخرين، لكنها قارة باهرة، خصبة، مؤسسة لتيارات وأجيال ورؤى شعرية تالية له. وذلك ما شكل صعوبة كبيرة للاستيعاب والإحاطة الشاملة بعالم كل منهم على حدة، وخاصة أن غالبية المراجع والمصادر لم تكن متاحة لنا في القاهرة، لأنها كلها مصادر ومراجع أجنبية تم الحصول عليها خلال سفريات إلى اليونان وفرنسا على مدى سنوات لامتلاك المادة الأولية.

وذلك ما دفعني أولًا إلى التساؤل: كيف سمحت الثقافة العربية للزمن بأن يمر دون تقديم الأعمال الشعرية الكاملة لكل منهم؟ ولعل إحساسي بتقصير الثقافة العربية إزاء هذه الأصوات الشعرية الشاهقة هو ما دفعني إلى محاولة سد هذه الثغرة الفادحة، برغم صعوبة العمل، والمعاناة في الحصول على المراجع، بلا سند أو معين.

قلتَ إننا لا نمتلك مشروعًا للترجمة. هل هناك خطة محددة يتعين على المؤسسات الثقافية أن تتبعها؟

جميع المؤسسات الثقافية لدينا تعمل – للأسف الشديد - بلا خطة، ولا منهج؛ وبالتالي نحصل على نتيجة تشبه الصِّفر. فالتراكم الكمِّي العشوائي – بلا توجه ولا رؤية - لا ينتج ثقافة.. وغالبية رؤساء المؤسسات القادمين من البيروقراطية الجامعية هم مجرد "تكنوقراط"، بلا اهتمام ثقافي، ولا خيال، موظفون مطيعون لمن يأتي بهم، هدفهم الوحيد هو الاستمرار على الكرسي الذي يتيح لهم امتيازات غير مسبوقة، مادية وغير مادية.

ولا تبدو الدولة مهتمة أو معنية بالشأن الثقافي، بل تبدو "الثقافة" – بالنسبة لها - مجالاً غامضًا، غير محدد الأبعاد، والعاملون فيه – المثقفون - يبدون لها أشخاصًا زائدين عن الحاجة.

وفي جميع الحالات، فلا مفر رغم ذلك من أن تكون لكل مؤسسة خطةٌ ما تسعى لتنفيذها، بما يتجاوز الإنتاج العشوائي البيروقراطي. وهو ما تفتقر إليه حاليًّا جميع المؤسسات الثقافية.

مشروع المئة كتاب

في مشروع المئة كتاب الذي تقوم عليه، كيف استطعت الخروج من فخاخ التنميط والتكرار والروتين؟

ليس في الأمر عبقرية، فقط استخدام الحد الأدنى من التفكير والخيال. فخلال متابعاتي الثقافية، لاحظت افتقار الأجيال الجديدة إلى الأعمال الإبداعية الكبرى، التي لا خلاف عليها بين الثقافات المختلفة، وبعضها سبقت ترجمته، لكنه لم يعد متاحًا منذ سنوات، بعد أن نفدت طبعته الأولى. فمَن يحدثك عن "دون كيخوته" لم يقرأها، وإنما قرأ عنها، على سبيل المثال. واستقر رأيي على ترجمة أهم مئة عمل أدبي في التاريخ ترجمة جديدة تراعي الدقة والسلاسة، والمحافظة على الخصائص الأسلوبية الفريدة لكل كاتب (وهو ما أهدرته الترجمات السابقة، تمامًا). وهكذا، أعددت القائمة، بالاسترشاد بقوائم فرنسية وبريطانية وأمريكية ونرويجية، في هذا الشأن.

وقد وصلنا الآن إلى إصدار 25 عملًا من قائمة المئة كتاب، رغم كل الظروف المرتبكة المربكة التي تمر بها البلاد، والمترجمون، وهيئة قصور الثقافة (التي تصدر السلسلة). ولحسن الحظ أن مسؤوليها قد أعفوني من الروتين حتى الآن، فاستطاعت السلسلة أن تحقق إنجازات هامة في مجال الترجمة، وتصحيح الكثير من الترجمات السابقة، التي كانت خاضعة كليًّا لمزاج المترجم.

لكن المشكلة الراهنة أن أعمال السلسلة تنفد في وقت قياسي، ولم يستجب أحد للمطلب المتكرر بزيادة كمية النسخ، لتصل السلسلة إلى الأقاليم بكميات معقولة. كما إنني آمل في مساواة مترجمي السلسلة -الذين يقدمون أرفع مستوى للترجمة في مصر حاليًّا- بمترجمي المركز القومي للترجمة، من ناحية الأجر المالي، حيث لا ينال مترجمو السلسلة إلا نصف أجر مترجمي المركز القومي للترجمة، برغم انتماء الجهتين لوزارة الثقافة.

لمَ برأيك يُطلب من الشعراء دائمًا الكتابة عن الثورة؟ وهل يستطيع الأديب بسهولة التعبير عن حدث لحظي، أم من الأفضل الانتظار؟

لعلها الرغبة في تأكيد الثقة في الثورة، بأن تنعكس في الشعر. وهي رغبة إنسانية مشروعة، لكن من الصعب إنتاج الشعر الحقيقي وفقًا للأحداث الجارية، حتى لو كانت بمقام الثورة. فما يتم إنتاجه لن يخرج عن شعر المناسبات العابر، الزائل؛ باعتباره نصوصًا سياسية قابلة للاستهلاك المباشر. أما الشعر المعبر عن جوهر الثورة فعلينا انتظاره برحابة صدر، وبلا استعجال.

الأعمال الشعرية الكاملة رفعت سلام

صدرت الأعمال الكاملة للشاعر رفعت سلام بجزئيها الأول والثاني، حيث صدر الجزء الأول الذي يقع في 400 صفحة من القطع الكبير، ويضم 4 أعمال شعرية: "وردة الفوضى الجميلة" (1987)، "إشراقات رفعت سلام" (1992)، "إنها تومئ لي" (1993)، "هكذا قُلت للهاوية" (1993)، وهي الأعمال الأربعة الأولى من منجزه الشعري.

أما الجزء الثاني فيضم: "إلى النهار الماضي" (1998)، "كأنها نهاية الأرض" (1999)، "حجر يطفو على الماء" (2008)، "هكذا تكلم الكركدن" (2012)، فضلًا عن قصائد البدايات التي لم يسبق نشرها من قبل، وتسبق زمنيًّا الديوان الأول "وردة الفوضى الجميلة"، أي النصف الأول من السبعينيات.

وقد زيل العملين تعريفٌ عن الشاعر وطبيعة أشعاره، حيث كتب: "صوتٌ شعري فريد، لا يشبه سوى ذاته، افتتح -مع آخرين- سبعينيات الشعر المصري والعربي، لكنه سرعان ما انطلق -خارج السياق- في تأسيس سياقه الخاص، وتجربته الفارقة في تعدد الأصوات، وتعدد البنية الشعرية، وإعادة صياغة الصفحة الشعرية على غير مثال، وفتح فضاء القصيدة على مصارعه، بلا قيود أو حدود.

أعمال شعرية أخرى، مغامرة حتى الحدود القصوى الممكنة -حتى الآن- تمثل الجزء الثاني من ديوانه الكامل، وشعرية تؤسس للخروج على كل الأنماط، بلا سعي لتأسيس نمط جديد، خروج على ثنائية (التفعيلي) و(النثري)، وعلى كل الأعراف السابقة أو الراهنة. إنه (سِفر خروج) شعري، من المعروف إلى المجهول، من المملوك إلى العصي على الامتلاك".

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال