الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

128 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

 708784 427316

إنزال الحديد من السماء من أروع دلائل الإعجاز في سنة الرسول

لا يمكن حدوث صدام بين دين صحيح وعلم دقيق.. والجهل وراء الإلحاد

الإصلاح في مجتمعاتنا يبدأ بالعودة إلى نظم التعليم القديمة مع الأخذ بكل تقنيات العصر

انبهار كثير من شباب الأمة بالتقدم العلمي للغرب أغرى بعضهم بإنكار الدين

على المتعايشين في وطن واحد أن يتعاونوا ويتركوا التباين في الاعتقاد لرب العالمين

القاهرة - عبدالله شريف:

دار الإعلام العربية

بين مئات الكتب يبحث، وفي آيات الله عز وجل وأحاديث رسوله يتأمل؛ ساعيًا وراء إظهار أوجه إعجاز ما أتت به رسالة الإسلام، ليس لأتباعه فحسب؛ بل للناس كافة. إنه الدكتور زغلول راغب محمد النجار، أحد مؤسسي الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، والذي يحل ضيفًا على صفحات "الوعي الإسلامي" من خلال هذا الحوار، مؤكدًا أن حضارة الإسلام تميزت بشمول الثقافة مع احترام التخصص، وأن الجهل هو السبب الحقيقي للإلحاد؛ إذ لا يمكن أن يحدث صدام بين دين صحيح وعلم دقيق. مزيد من التفاصيل في السطور التالية.

أمضيتَ رحلة طويلة في مجال الإعجاز العلمي.. فإلى أين انتهيت؟

الإعجاز العلمي في كتاب الله وسنة رسوله () لا نهاية له؛ وذلك لأن الآية الكونية في القرآن الكريم تأتي في عدد محدد من الكلمات التي يتجدد معناها بنمو المعرفة الإنسانية، في تكامل لا يعرف التضاد؛ تحقيقًا لقول رسول الله () عن القرآن الكريم: "هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدّ،ِ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ". وكذلك أحاديث رسول الله () الذي وصف نفسه بقوله: "إِنَّى أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ، وَاخْتُصِرَ لِيَ اخْتِصَارًا".

وتبيان السبق العلمي في الكتاب والسنة هو طوق النجاة للأمة الإسلامية من الوحل الذي تغوص فيه إلى أعناقها في أيام الفتن التي تمر بها الأمة في زماننا الراهن.

دلائل إعجازية في الكتاب والسنة

وهل يصح نسْب الإعجاز إلى السُّنَّة؟

الإعجاز العلمي أصلا يتجسد في كتاب الله عز وجل, وهذا التجسد لا يمنع أبدًا من وجود نماذج له في أقوال رسول الله (). ومن أروع الشهادات على ذلك إثبات أن الحديد قد أنزل إلى أرضنا إنزالًا من السماء، ووجود سورة باسم "الحديد" في كتاب الله تشبه إنزال الحديد بإنزال الرسالات السماوية، وهي السورة رقم 57 في المصحف الشريف، وتوافق هذا الرقم مع الوزن الذري لأحد نظائر الحديد، وتوافق رقم الآية (25) مع الوزن الذري للحديد، بعد حساب البسملة أول آية في سورة الحديد. هو أمر معجز حقًا؛ خاصة إذا أخذنا في الحسبان نزوله من قبل ألف وأربعمائة سنة على نبي أميّ ()، وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين، والأمثلة أكثر من أن تذكر في هذه العجالة.

يعترض كثيرون على إسقاط مشاهدات علمية على آيات القرآن الكريم.. بماذا ترد عليهم؟ وما الفائدة من الإعجاز العلمي للعامة؟

الآيات الكونية في كتاب الله وأشباهها في أحاديث رسول الله () لا يمكن فهمها فهمًا كاملا في إطار اللغة العربية وحدها، إنما ينبغي قراءتها في سياق الحقائق العلمية المنضبطة بالشرع والطرح العلمي المحكم ليتسنى فهم دلالات الآية أو الحديث فهمًا كاملًا واستنباطها. وعندما يتحقق ذلك نستطيع أن نثبت لأنفسنا أولا، ولغيرنا ثانيا، سبق هذين المصدرين من مصادر الإسلام لجميع المعارف المكتسبة بقرون عديدة بالإشارة إلى عدد هائل من حقائق الوجود. وهذا السبق الزمني هو الذي نسميه "الإعجاز العلمي"، وهو أيسر وسائل الدعوة للإسلام في زمن يتحدث بمنطق الدلائل العلمية المجردة؛ ومن ثم فهو أيضًا وسيلة من وسائل تجديد فهم المسلمين للكتاب والسنة، ولعدم الجمود على جهود القدامى، مع التأكيد على أفضالهم, وهذا التجديد هو الذي يعين على مخاطبة الآخر باللغة الوحيدة التي يفهمها أهل عصرنا، وهي لغة العلم. وقد يرى بعض الناس أنه لا مجال للعامة في هذا المضمار، لكن يكفيهم إدراك تفوق القرآن والسنة على الكثير من معارف العصر.

بداية الإصلاح المجتمعي

كيف يحقق طالب العلم التوازن بين العلم الشرعي والعلوم الأخرى؟ وما نقطة الانطلاق لمن يهتمون بالإعجاز العلمي؟

تميزت الحضارة الإسلامية بشمول الثقافة مع احترام التخصص، وهذه النظرة الثاقبة قد انقلبت في عالم الماديات الجارفة الذي نعيشه إلى المبالغة الشديدة في التخصص. وهذه المبالغة حوَّلت العلماء إلى عدد من التروس في ماكينة عملاقة طورت العلم تطويرًا هائلا؛ لكنها حرمت العلماء من الثقافة الشمولية التي يحتاجونها في الوصول إلى المعارف الكلية؛ وبذلك حرمتهم من إنسانيتهم ومن فهمهم لحقيقة رسالة الإنسان في هذه الحياة فضَلّوا وأضلوا. وهذا المرض انتقل إلينا من الحضارة الغربية التي يشكوا عقلاؤها منه. وفي حضارتنا الإسلامية كانت الثقافة الشمولية هي الأساس مع احترام التخصم؛ لذا فإن بداية الإصلاح في مجتمعاتنا هي العودة إلى نظم التعليم القديمة مع الأخذ بكل تقنيات العصر. وفي ذلك يجب أن يُعطى دارسو المعارف المكتسبة حظًا كافيًا من الثقافة الإسلامية، كما يُعطى دارسو العلوم الشرعية حظًا كافيًا من المعطيات الكلية للمعارف المكتسبة؛ وبذلك يتحقق التكامل المعرفي عند الدارسين مهما كانت تخصصاتهم.

ما تقييمك لعلم الإعجاز العددي في القرآن الكريم؟

إذا سئلتُ عن وجود إعجاز عددي في كتاب الله فإجابتي "نعم"؛ لكني أحذر من استخدام "حساب الجمل" في تحقيق هذا الوجه من أوجه الإعجاز. ومبرراتي لذلك أنه حساب ابتدعه اليهود وليس له منطق رياضي، ولا يتوافق مع اختلاف علماء اللغة في تحديد عدد حروف الهجاء وترتيبها، بالإضافة إلى أني لم أجد ما يشير إلى قبوله من رسول الله ().

هل هناك طريقة محددة تعين على التدبر والتأمل والوصول إلى المعاني في القرآن؟

الآيات القرآنية تنقسم إلى نوعين؛ فمنها المحكم والمتشابه. فالآيات المحكمة هي المتعلقة بركائز الدين، سواء فيما يخص العقيدة أو العبادات والمعاملات. أما الآيات المتشابهة فتشمل الإشارات الكونية والقضايا الغيبية، وهذه صيغت صياغة معجزة لتتسع دلالاتها مع اتساع دائرة المعرفة الإنسانية، وليس هذا لغير كلام الله؛ والأمثلة على ذلك كثيرة ولا يتسع المجال لعرضها. وبذلك يتضح أن تدبّر الإشارات الكونية في كتاب الله لا يمكن أن يتم إلا بتوظيف أحدث ما وصل إليه الإنسان من حقائق مكتسبة.

الإلحاد سببه الجهل

"الإلحاد سببه الصدام بين الدين والعلم".. كيف ترد على هذه المقولة؟

لا يمكن أن يحدث صدام بين دين صحيح وعلم دقيق، لكن الإلحاد له أسباب كثيرة؛ أولها الجهل بحقائق الدين وحقائق العلم. والإلحاد في الغرب قد تكون له مبرراته؛ لأن الغرب بدأ نهضته بمفاصلة كاملة مع الكنيسة التي قامت بتحريف التوراة والزبور والإنجيل في شكل العهدين القديم والجديد وملأتهما بالأخطاء العلمية والعقدية والتاريخية وعرّضتهما لتكرار التحرير، والإضافة والحذف، والتبديل والتغيير؛ حتى كفر بهما أغلب أهل الأرض.

لذلك؛ جاءت غالبية الكتابات العلمية بصياغات منكرة أو متجاهلة للدين فألحد أغلب أهل الأرض. وفي عالمنا الإسلامي انبهر كثير من شباب الأمة بالتقدم العلمي والتقني المذهل الذي حققه الغرب فانساق قطاع منهم وراء المفاهيم الغربية في إنكار الدين، وكان غالبية هؤلاء من أصحاب المشاكل الأسرية والأمراض النفسية؛ ولذلك تثبت الإحصائيات أن غالبية الملحدين العرب يموتون بالانتحار أو الغرق أو ارتكاب الجرائم.

هل كل التفسير بالإعجاز العلمي قائم على الظنِّ والاحتمال وليس على اليقين؟

أولا يجب التمييز بين قضيتين أساسيتين: أولاهما الإعجاز العلمي في القرآن والسنة, والأخرى قضية التفسير العلمي لهذين المصدرين من مصادر الإسلام. والذي يعرف قدر هذين المصدرين في الهداية البشرية لا يمكنه إلا أن يوظف الحقائق القطعية الثابتة في قضية الإعجاز العلمي؛ باستثناء عدد محدود من القضايا الغيبية كالخلق والإفناء والبعث بالنسبة إلى الكون والأحياء والإنسان.

أما في التفسير العلمي فنحرص على توظيف الحقائق العلمية كلما توفرت. لكننا نعلم أن العلم المكتسب لم يصل بعد إلى كل الحقائق، وفي هذه الحالة يمكن توظيف النظرية السائدة المقبولة؛ فإذا ثبت صدقها فبها ونعمت, وإذا ثبت خطؤها فإن الخطأ في التفسير لا ينسحب على جلال النص وإنما يقع على كاهل المفسر. والذين فسروا باللغة أصابوا وأخطؤوا, ولم ينل ذلك الخطأ من جلال القرآن، أو من شرف الحديث.

وحدة الأمة في تلاحم أبنائها

تعددت مشاريع الإصلاح في العالم الإسلامي التي نادى بها علماء وفلاسفة ومصلحون في العالم الإسلامي. برأيك ما أسباب تراجع هذه المشاريع وإخفاقها؟

من أبرز أسباب ذلك غياب المرجعية التي ترتضيها غالبية الأمة, وكان الأزهر الشريف يمثل هذه المرجعية في السابق. كذلك نحن نعيش اليوم في زمن التكتلات البشرية الكبيرة, ويقول علماء الاجتماع إنه لم يعد هناك مجال للكيانات البشرية الصغيرة أن يكون لها رأي في مجريات الأحداث في العالم، وعليها أن تبقى تابعة ذليلة للتكتلات الكبرى. من هنا كانت الوحدة الأوروبية على الرغم مما بين مكوناتها من خلافات عرقية ولغوية ودينية ومذهبية وتاريخ قديم مليء بالصراعات والدماء. وفي مقابل ذلك سعى الغرب، الذي أخرج المسلمين من الأندلس بعد حضارة دامت لأكثر من ثمانية قرون كاملة، ثم أسقط دولة الخلافة العثمانية، إلى تفتيت العالم الإسلامي إلى أكثر من اثنتين وستين دولة ودويلة، ثم جاء الآن ليسعى إلى مزيد من التفتيت. ويستغل الغرب في تفتيته للعالم الإسلامي إلى إثارة كل النعرات العرقية، والدينية والمذهبية والفكرية.

ونسي أغلب المسلمين معنى المواطنة؛ أي إن المتعايشين في وطن واحد عليهم أن يتعاونوا في المحافظة على أمن هذا الوطن وسلامته ونموه، تاركين التباين في الاعتقاد لرب العالمين. ولو وعى المسلمون هذه الحقيقة ما كانت الحروب الطاحنة التي تدمر كل شيء، وتحرق الأخضر واليابس في جميع بلاد المسلمين. ولمقاومة كل ذلك علينا أن نبني مرجعية ترتضيها الغالبية, وأن نتعلم معنى المواطنة، وأن نسعى إلى قيام الدولة المدنية التي تحكمها دساتير يضعها المخلصون من أبناء الوطن. وفوق ذلك أن نسعى إلى وحدة إسلامية على مراحل متدرجة حتى تتحقق هذه الوحدة ولو بعد حين.

إذا كنا نجتهد في صياغة المشروع الحضاري الإسلامي فإن قضية اللغة يجب أن تكون ركيزة محورية في هذا المشروع، كيف نشخص أزمتها؟

لم تنهض أمة من الأمم إلا بنهوض لغتها، من هنا تكاتفت جهود الغرب لإماتة اللغة العربية بعد أن كانت اللغة السائدة في كل دول العالم الإسلامي. واللغة العربية هي أم كل لغات العالم؛ هي لغة أبينا آدم (عليه السلام)، ولغة عدد كبير من الأنبياء والمرسلين، وهي لغة أهل الجنة. لذلك يجب علينا السعي لإحيائها من جديد، بعد أن فقدها كثير من المسلمين، بل والعرب؛ ويكون ذلك بإحياء عملية ترجمة واسعة كالتي كانت في بداية النهضة الإسلامية، حتي يصاغ التعليم والبحث العلمي والإعلام بلغة عربية سليمة؛ لأن اللغة تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال.

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال