-
الثلاثاء، 04 غسطس 2015 08:58
-
كتب بواسطة: adminkw

فيصل يوسف العلي :
لما كانت السابقة مستورة عنا، والخاتمة ظاهرة، جاء في الحديث «إنما الأعمال بالخواتيم»، كالوعاء، إذا طاب أعلاه، طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه، خبث أسفله، وأن ذلك مقدر بحسب الأعمال، وأن كلا ميسر لما خلق له من الأعمال، التي هي سبب للسعادة أو الشقاوة، والتعويل على كرم الله وفضله ورحمته، وأن دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة.
وللنفس حالتان، حالة استراحة إن حرمتها إياها كلّت، وحالة تصرّف إن أرحتها فيها تخلّت، فالأولى بالإنسان تقدير حاليه، فإن لها قدرا محدودا، وزمانا مخصوصا، ومن عاش لشيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، وينبغي أن يقسم حالةَ تصرّفه ويقظته على المهم من حاجاته، ويتصفح ما صدر من أفعاله، فإن كان محمودا أمضاه، وإن كان مذموما استدركه إن أمكن، وانتهى عن مثله في المستقبل، وقد قيل: من كثر اعتباره، قلّ عِثاره.
فإياك والأمر الذي إن توسعت
مواردهُ ضاقت عليك المصادر
فما حسن أن يعذر المرءُ نفسَه
وليس له من سائر الناس عاذر
والأعمال بالخواتيم، إما أن يوقظ قبل موته بمدة يتمكن فيها من التزود بعمل صالح يختم به عمره، أو يوقظ عند حضور الموت فيوفق لتوبة نصوح يموت عليها، فالتوبة التوبة قبل أن يصل الموت النوبة، فيحصل المفرط على الندم والخيبة، فكن أيها العاقل مقبلا على شأنك، واجعل نصح نفسك غنيمة عقلك، ولا تداهنها بإخفاء عيبك، وإظهار عذرك وهذّب نفسك، بإنكار عيوبك، فإنه من لم يكن له من نفسه واعظ، لم تنفعه المواعظ.