-
الأحد، 17 مايو 2015 10:44
-
كتب بواسطة: adminkw
فيصل يوسف العلي :
إن الإبداع الفكري والعلمي للتراث الإسلامي، هو حصيلة قرون طويلة في عدة مجالات، تكمن في التراث المسطور الذي لا غنى للعالم عنه، وما ترك لنا الأوائل في خزاناتها من تراث خالد، وعلم نافع، أفادت منه الحضارة الغربية.
ولايزال هذا التراث الهائل متناثرا في مدونات نادرة، سطرت باليد، اشتملت على معارف القدماء.. هذا التراث الثمين الذي ينبغي جمعه وصيانته من الهلاك.
ومن المعلوم أن التراث الإسلامي ابتلي خلال القرون بمحن عديدة في مشارق الأرض ومغاربها، وضاع منه الكثير.
فالإنسان منذ القدم يعتمد على غيره، ويحاول الإتيان بشيء جديد. فالاعتماد والابتكار هما من عوامل التقدم والارتقاء. وقد أخذ العرب والمسلمون عمن تقدمهم، واقتبس الغرب من العرب، وكان مما امتازت به القرون الأولى من الإسلام أن علوم الأوائل، التي بدئ بترجمتها، قد زادت العناية بها، وقد أدخلت هذه العلوم والصناعات في العربية روحا جديدا، فترجم إليها من عدة لغات، فاغتنت اللغة، ورأت من الأساليب والأفكار ما لا عهد لها به، وهذا أول تأثير من آداب الأمم الأخرى أصاب اللغة العربية، فأصبحت لغة علم وصناعة، بعد أن كانت لغة شعر وحكمة فقط.
وما أضافه العرب من الثقافة الإنسانية إلى تراث من سبقهم من المفكرين، وما خلفته الحضارة الإسلامية لا حصر له.
ونظرة إلى الأمم الناهضة القوية ذات التراث الضخم، نجد أنها تصرف عنايتها إلى القديم وإحيائه، وأن المقصد الأسمى والغاية النبيلة هما جعل تلك الأمة تؤمن بأن لها كيانا معتبرا في عالم الاكتشاف والاختراع، وأنه بإمكانها المساهمة في خدمة الإنسانية.
إن الأمة العربية والإسلامية من الأمم التي خلفت تراثا في ميادين المعرفة، عاد على الحضارة بالتقدم والارتقاء، وقد وضعوا له الأصول والقواعد؛ درسا وتدقيقا لا تزال في أسسها وجوهرها. وإذا ضاعت الأصول، ضاع التاريخ معها، وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلفها الأسلاف، فإذا سطت محن الدهر أو عوادي الزمن على بعض هذه الآثار والتراث وأزالت معالمها، فقدها التاريخ، وكانت كأنها لم توجد، وبفقدها يجهل عصرها ورجالها.
فلزاما على أهل الحل والعقد أن يتفرغوا للبحث والتفتيش عن التراث وجمعه وصيانته حتى يكون متاحا للدارسين والباحثين في شتى فروع المعرفة البشرية.