الإثنين، 29 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

254 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

y75we7 

قصة لـ فرحات جنيدي:صورة صفحة ‏‎Farahat Genedy‎‏ الشخصية

فتح خزينة ملابسه وأخرج قميصا الشتاء والصيف، ورفعهما أمام عينيه وأطال النظر إليهما والحيرة تضرب رأسه: أيهما يرتدي؟ فكلاهما أسوأ من الآخر، والأمطار والأتربة اخترقت سطح غرفته الخشبي فغيرت ألوانهما وأذابت أطرافهما، والمناخ خريف وهو يخشى على صحته.

أربكته أصوات ندائهم: أسرع الرئيس قادم, فارتدى قميص الصيف وألقى بالآخر على الأرض, ووقف أمام المرآة يهندم شاربه ويحدث نفسه: من اليوم سيعلم الناس أني ما زلت  قويًا وقادرًا على أن آتي لكل ذي حق حقه.

خرج مسرعًا، وعلى باب البيت وجد الرئيس أمامه وعربات الشرطة الكبيرة تملأ الشارع ورجاله يحيطون به من كل جانب ويمنعون كل من يحاول الاقتراب منه أو أن يقدم له شكوى.

اخترق الموكب فأمسكوا به ووضعوا السلاح في صدره؛ فشق قميصه ودفعهم بصدره وهو يصرخ فيهم أن يقتلوه, صرخ الناس فانتبه الرئيس وأشار إليهم أن يتركوه, فكبر الناس, ففرد عوده المحني واقترب من الرئيس بخطوات ثابتة, وبصوت قوي لم يهزمه شقاء السبعين عامًا التي عاشها قال: ما هذا؟ لماذا تريد قتلنا؟

تراجع الرئيس خطوة وخشي أن يأمر الحارس أن يمنعوه فتثور عليه الناس؛ فوقف يستمع إليه في صمت وعلى وجهه ابتسامة تواري خوفه وقال: توقف أرجوك وابتعد فأنت رجل كبير لا تتحمل دفعة من رجالي.

ضحك وثبت في مكانه وقال بحزم شديد: توقف أنت وكفاك حصارًا وابتعد عنا؛ فنحن لا نستطيع أن نعيش في هذا العالم الضبابي المظلم الكئيب, لماذا تفعل بنا هذا؟ ألا يوجد في قاموس قراراتك خيارات؟ ألا تعرف غير القتل أو السجن؟ هناك أشياء أخرى أولها الرحمة.

توقف لحظة ليلتقط أنفاسه قبل أن يتابع: ألا تتذكر جدي؟ لقد حمل فأسه عشر سنوات من أجلنا كي نعيش في رخاء لا شقاء, توقف وتذكر أبي الذي سبق صدره صدرك وحماك من رصاص الغدر, توقف أرجوك فالأرض لم تجف بعد من دمه, توقف فأنا لا أخشاك وإن قتلتني لن أصرخ فيخشاك غيري, ولو صرخت لن يخشوك, فأصوات المآذن وأجراس الكنائس ما زالت تذكرهم بدماء أبنائهم وآبائهم وأجدادهم؛ هم شعب عنيد يرفض التطور والتغير. أتعلم؟ كانت جدتي تصحبنا كل عيد قبل شروق الشمس ليس لنلهو أو نستمتع بجمال الطبيعة, لا لا؛ بل تصحبنا إلى القبور نصافح أجدادنا ونتسامر مع آبائنا ونتذكر صبانا مع إخوتنا ورفقاء عمرنا, نعم نفعل كل ذلك, لا تتعجب فنحن أبناء الأرض قبورنا تتكلم.

أتدري، ذات عيد خرج جدي بفأسه وجلبابه الأخضر وجبهته السمراء يصرخ فينا ويدفعنا بظهر فأسه نحو الجبهة لنأخذ ثأر أبنائه, تعرف لم نستطع أن نعصي له أمرًا, ذهبنا جميعًا حتى ذلك الولد الذي اتخذ من المرآة صديقًا له, لقد قص شعره وذهب معنا, لا لا؛ بل سبقنا وتوضأ من القناة وأمسك بالساري ورفع العلم ورفعت روحه إلى السماء, لم نتركه وكانت أرواحنا خلفه تتسابق على ترانيم الألم, ورغم ذلك ظل جدي حزينًا ولم يفارق باب الدار, عنيد رفض أن يعود إلى قبره وظل  متكئًا على فأسه, يصرخ في كل من يمر من أمام بيته بأن يرسل ابنه إلى الجبهة, ليس ليجلب له أخبارنا، لا؛ بل ليقاتل معنا, عدنا وبدلًا من أن نأخذ بالثأر حملنا رفات الأحباب, إنهم هنا في قبر واحد, لم يفرق الرصاص بينهم, صلينا عليهم صلاة واحدة.

تعلم؟ لم يهزم الألم جدي؛ بل زاد من صلابته وضمنا إلى حضنه دفعنا على أن نعود ونقاتل، وانتصرنا وأعدنا الأرض وثبتنا عليها كأشجار النخل لا يقوى أحد على اقتلاعها.

وواصل حديثه وهو يتفحص بثبات في تعبيرات وجه الرئيس: توقفْ أنت وأرجوك أن تبتعد, نريد أن نشهد أجيالًا جديدة لم تذق طعم الهزيمة والانكسار. توقف ولا تزد المسافة بين الحلم والحقيقة؛ إن حلمنا مجرد حرية، ومن أجلها افترشنا الأرض وأخذنا السماء غطاء وارتضينا بالجوع والعطش والبرد, ومهما خنقنا عالمك الضبابي المظلم الكئيب لن نترك الأرض والمساجد والكنائس ونرحل ونطلب الرحمة على أبواب المعابد.

فُتحتْ أبواب سيارات الشرطة الكبيرة وخرج منها عشرات الجنود وهزت أقدامهم الأرض وطرقوا باب غرفته  بشدة، ففزعت زوجته وصرخ أطفاله فنهض مفزوعًا؛ فوجد الجنود يقفون على رأسه, تصبب العرق من فوق جبينه واهتز جسده ولم تقو قدماه أن تحملاه فكاد أن يسقط على الأرض فأمسك به أحدهم؛ فاعتدل عوده وقال بصوت ضعيف تعلوه دقات قلبه: لم أفعل شيئًا! ماذا تريدون مني؟

عليك أن ترحل الآن أنت ومن معك, سنأخذ تلك البنية اليوم لنؤمن زيارة السيد الرئيس ولا تعد حتى نرحل, هل هناك أي اعتراض؟

كيف أعترضُ وكلنا رجال الرئيس؟

استدار وارتدى قميصه فوق جلباب النوم واتكأ على كتف زوجته وخرج في صمت.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال