القاهرة- محمد نصر ليله:

في ظل دعواتٍ وصَيحاتٍ أصابتْ أسماعَ كل ذي فطري سليمة بالتلوثِ من قُبحها، يظَلُ شرعُ الله مُصاناً محفوظاً؛ قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (٩) سورة الحجر، ومنْ حفظِ شرع الله حفظ محارمه، ومن مقاصد الدين الخمسة حفظ الأعراض.

وهنا يظهر دور العلماء الربانيين، قال تعالى في سورة المائدة: "إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" (٤٤)، وينطبق حكمُ الآية الكريمة على أُمة محمدٍ ﷺ.

وقد برز علماء الأزهر ومشايخه إلى التصدي لدعاة الفسق والانحلال؛ عملاً بمسؤوليةٍ أُوكلت إليهم حين شُرِّفُوا بالانتماء إليه.

نذكر هاهنا بعضاً من فتاوى شيوخ وعلماء الأزهر السابقين في حكم النقاب؛ إيماناً منهم بوجوب صيانة المرأة من أغراض الحاقدين الدنيئة ومن أصحاب النفوس المريضة:

١-يقول الحافظ جلال الدين السيوطي -رحمه الله- عند تفسيره لقول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" (٥٩) سورة الأحزاب: "هذه آية الحجاب في حق سائر النساء؛ ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن، ولم يوجب ذلك على الإماء". (١)

٢-العلامة عبدالله الشرقاوي شيخ الأزهر، قال رحمه الله: "أما عورتها خارج الصلاة بالنسبة إلى نظر الأجنبي إليها فجميع بدنها، حتى الوجه والكفين ولو عند أمن الفتنة، فيحرم عليه أن ينظر إلى شيء من بدنها ولو قلامة ظفر منفصلة منها". (٢)

٣- قال الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر -رحمه الله- عن المرأة إذا لم تأمن الفتنة: "وجب عليها ستر الوجه والكفين سداً للذرائع إلى المفاسد". (٣)

٤ - وقد أبدى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، غضبه وسخطه على من يهاجمون النقاب والحجاب قائلا: "وعجيبٌ أيضاً وغريب أمر هؤلاء وهم في رفضهم للحجاب والنقاب يرفعون شعار الحرية الشخصية، ونحن نسألهم أهناك حرية بلا ضوابط تمنع الجنوح بها إلى غير الطريق الصحيح؟ وأية حرية تلك التي يعارضون بها تشريعات السماء؟ وهذه الحرية التي تضيق الخناق على المحجبات وتترك الحبل على الغارب للسافرات فيحرضن على الجريمة بعد الافتتان، وحسبنا من سوابق الخطف للفتيات واغتصاب المائلات المميلات، حسبنا من ذلك دليلٌ على حكمة الله البالغة فيما شرع من ستر. إن هؤلاء يِحاولون التدخل في صميم عمل الله، ويريدون أن تُشَرِّع الأرض للسماء، وخسئوا وخاب سعيهم". (٤)

إن المجال لا يسع لسرد باقي أقوال العلماء على ذلك هاهنا، ولكن الذي يتضح جلياً دون خفاء أو سوء تَوَهُّمٍ أن النقاب شريعةٌ ربانية، دافع عنها علماء الأمة، ولو اتسع المجال لكتبنا مجلدات لجميع أقوال أهل العلم القدامى والمعاصرين في ذلك، ولا أعتقد أن أقلام الأرض تكفي للدفاع عن شريعة ربانية شريفة تُعلي قدر المرأة ولا تُهينها.

تنويه:

أقوال العلماء بمصادرها منقولة اختصاراً من كتاب "فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول النقاب" طبعة دار اليسر، ضمن سلسلة فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف.

_________________

الهوامش:

١-الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي (ص٢١٤)

٢-حاشية الشرقاوي على تُحفة الطلاب بشرح تنقيح اللباب (١/١٧٤)

٣-مجلة صوت العرب "بيروت" كانون الثاني ١٩٦٧

٤- من حوار لصحيفة الأخبار المصرية بتاريخ (١/٤/١٩٩٤)

                              

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"