القاهرة - شهاب غنيم:

هل فكرت يومًا أنه من الممكن أن يكون في التخلف متعة؟! ربما تعجب من مجرد طرح هذا التساؤل، أليس كذلك؟

أعلمُ يقينًا أنه سؤال مثير للدهشة والعجب، وأشعر بك الآن وأنت تتحدث بينك وبين نفسك أثناء قراءتك هذه الكلمات وتقول: كيف يكون هذا؟ وهل يمكن أن تجد في التخلف متعة؟ والإجابة بكل ثقة: نعم!

نعم يمكن أن تجد متعة في التخلف؛ حينما تصل إلى درجة معينة من الإيمان بالله مع الرقي في الفكر، حينها تفهم وتدرك حقيقة ما أقصد، وهي أن القليل من عباد الله الشكور وأن الكثير هم هلكى والعياذ بالله.

حين تعيش بين الناس وبداخلك إحساس بالسخرية من كل ما تعيشه من حولك وتجد فيه أن التخلف أصبح هو الأصل في الحياة، وأن المثالية المرجوة أصبحت ممقوتة عند كثير من البشر؛ أليست هذه الحقيقة مثيرة للسخرية والضحك حين تدرك أن المثالية أصبحت تهمة تُحاسب عليها، بل ويمكن أن تصبح بسببها مجرمًا؟

المضحك والذي تشعر فيه ومعه بمتعة حقيقية وهي متعة السخرية التي يمكن أن تهوِّن عليك حين تدرك أن معظم المجتمع يحب ويستمتع بكل الأوضاع السلبية التي من حوله ويألفها بغض النظر عن تأثيرها في الأجيال حاضرًا ومستقبلًا.

واقع أصبح يحاصره التخلف في عدة مجالات: التعليم، التفكير، المعاملات الإنسانية، في رؤية الواقع الذي يحاصره التخلف من كل جانب، وهذا تخلف مُحبب إلى نفوس كثير من البشر، ولعل هذا يفسر لنا لماذا الكثرة مذمومة في أغلب آيات القرآن الكريم "وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ"، "وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ"، بينما القلة محمودة "وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ‌"، "إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ".

الواقع الذي تعيش فيه - أو بمعنى أدق في الواقع الذي يجب أن تعيش فيه - أيها المسكين وتسير بداخله مسارٌ إجباري، لكن تعيش فيه بمتعة السخرية منه حتى لا تشق على نفسك.

نصيحة لك أخي القارئ، يا من تنظر إلى كل ما هو حولك وتتذمر منه وتعاني بسببه: جرّب أن تفكر بهذه الطريقة المختلفة؛ جرّب أن تدرك متعة التخلف.

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"