بقلم - خالد الخليصي العجرمي:

تلاحظ في الآونة الأخيرة عند موت إنسان أن يبدي البعض شماتة في موته، ومع الأسف أن ما يحدث هنا لهو بالجد مؤسف؛ فالميت ذهب إلى بارئه ووقف بين يديه، بحسناته وسيئاته وكل ما فعل في دنياه من خير أو شر، عظم أو صغر؛ رحل عن الدنيا.

لا ننكر على أعدائه حقوقهم، وليس لأحد أن يحجر على أصدقائه وأهله حزنهم وأساهم، وطباعنا التي عرفناها منذ الأزل وليست جديدة في أن نمارس الصمت على الأقل إذا لم نحترم حرمة وفكرة الموت.

ليس من الأخلاق أن نتشفى ونشمت؛ فمقولة "لا شماتة في الموت" ليست جديدة، ولا يجب أن يستفز البعض من كانوا على اختلاف مع الميت؛ احترامًا لحرمة الموت. إن المسلم الذي تربى على الأخلاق الإسلامية الفاضلة ووعي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا يشمت في أحد ولا يفرح في  مصائب الآخرين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

إذا ما الدهرُ ألقى على أناسٍّ *** مصائبه وأناخ بآخرينَ

فقُل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا

وإن المسلم يكره أفعال العصاة ويكره أفعال الكفار، لكنه لا يشمت فيهم ولا يفرح في مصائبهم؛ لأنه لا يُكِّن حقدًا لأحد ولا يبغض أحدًا، لكنه يكره أفعال العصاة والبعيدين عن طريق الله، ويدعو إلى الجميع بالهداية والمغفرة.

وليعلم كل إنسان أن التشفي في الموت ليس خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا؛ فكما مات غيره  سيموت هو، وهل يسرُّ الإنسان إذا قيل له: إن فلانًا يسعده أن تموت، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" رواه الترمذي وحسَّنه؟!

والشماتة في مصائب الناس من الأمور المنبوذة أخلاقيًا واجتماعيًا. ولا يجوز شرعًا التطاول على الأموات حتى لو كان كافرًا، كما نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه المتوفى لم يعد حاضرًا ليدافع عن نفسه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا} رواه أحمد.

كما أنه لا يجب أن نتكلم عن المتوفى بأنه كان ظالمًا إذا لم يكن استوفى القضاء في جميع الأدلة عليه، فيجب ألا يتورط المسلم في ظلم أحد مهما كان ظاهره سيئًا.

فقل للذي يبدي الشماتة جاهلًا *** سيأتيك كأس أنت لا بد شاربه

يا أيها المبدي الشماتة انتظر *** عقبًا كان الموت كأس مرير

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"