الأربعاء، 01 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

476 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

373587 1372426976 

القاهرة - محمد نصر ليله:

من مُسَلَّمات الأمور أن للإنسان رغبات واحتياجات وشهوات. ومن المُسَلَّمات أيضًا أن الإنسان يسعى دومًا في سبيل تلبية متطلباته، وهذا هو ما يهدف علم الاقتصاد إلى تحقيقه، وهدفه هو "تكييف الموارد المحدودة الموجودة لتحقيق إشباع رغبات الإنسان".

لكن، عندما يبدأ الإنسان في سبيل تحقيق رغباته فإن له طرقًا عدة عليه أن يختار خَوْضَ إحداها، وإنَّ تلك السُّبُل لمليئة بما يُنَفِّر ويُجَذِّب، وإن من المُنَّفِرات ما سمى في الشريعة الإسلامية بلفظ "المكارِه"، مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "حُفَّت الجنَّة بالمكاره، وأُحيطت النار بالشهوات". فعند الانغماس في سبيل منها فقد اخترت لنفسك طريقًا تُحاسَب عليه في الدنيا أمام الحاكم، وفي الآخرة أمام ملك الملوك، سواء كان هذا السبيل مسلكًا لتحقيق غاية دُنيَوية أو غاية أُخروية، فالسَّالكُ للطريق أنت، ومُستَقبِل أهوالِه أنت، والفائز عند الربح أنت، والخاسر عند الانتكاس أنت.

لذا، سنتحدث هنا عن أهم أداة لتحقيق الاختيار الصحيح للسبيل القويم الذي تختاره في حياتك، سواء هدفه الدنيا مثل (عمل، تجارة، دراسة، صداقة) أو سبيل هدفه الآخرة (صدقة، صيام، حج، جهاد) أو سبيل هدفه مشترك بين الدنيا والآخرة (الزواج، الضَّربُ في الأرض).

عامة، لكل منا طريقه الخاص في تحديد سُبُلِ تحقيق خياراته، وهي لا تكاد تخرج عن واحد من اثنين: (القلب أو العقل) لكن أشقُّ طريق للاختيار هو طريق العقل، فهو معاكسٌ لاختيار القلب، فدوماً القلب يميل دون تمييز لآثار الاختيار. أما العقل فاختياره دوماً مُعاندٌ لمراد القلب وشهوات النفس.

وفي قولٍ لأحد الحكماء: "احكم بعقلك لا بقلبك"، وعندما يتعلق الاختيار بقرار مهم أو مَصيِريّ وفي نفس الوقت له طرفٌ مُناصرٌ في القلب والنفس، عندها يكون صاحب اتخاذ القرار على أعتاب مرحلة مهمة في إظهار التحكم بالنفس.

وإنَّ للضغط على النفس وتجاهل رغباتها لأثرًا عظيمًا في تربية النفس وتهذيبها، فقد يميل القلب ميلًا عظيمًا نحو قرار ما، لكن للعقل رأيًا أرجح أساسًا وأصدق عبارة وأحرص على صاحبه من القلب، فإن القلب غالبًا ما يكون اهتمامه الأول هو مصلحة صاحبه الشخصية ولو على حساب الآخرين، وهذا ما يُولّد الأنانية في النفس وقد تصل إلى ظهور البغضاء والحقد في القلب، وليس أدل على ذلك من (تكبُّر رجالات العرب وسادة قبائلها على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنَّ عقولهم كانت مقتنعة أشد الاقتناع بصدق البعثة، لكن حرص النفس على شهواتها من منصب وغيره هو ما أهلكهم وجعلهم من حطب جهنم، لذا.. فغالبًا ما يكون اختيار العقل هو الأولى بالقبول والاتباع حتى ولو كان على غير المراد.

ومن أرقِّ الأمثلة الدالة على ثِقل اختيارات العقل على القلب ما يحدث عند اختيار الزوجة، فالشاب قد يميل قلبه ناحية إحدى الفتيات لكن عقله كلَّه يرفضها. فإن غلب قلبه على عقله كان في خسارة واضحة لأن العقل هو الحاكم المفتَرَضُ للنفس، وإن استجاب لنداء العقل كان له سَمْتُ رُجحان وعُرفَ بحسن إصداره البيان.

ونضرب مثالاً آخر نعيشه على تغليب القلب على العقل والعكس بينهما: "ثقافة الأخذ بالثأر" المعروفة في أوساط القبائل والعَصَبَات المُشتَهرة. فإذا حدث واعتدى طرف من قبيلة ما على فرد في أخرى فإننا أمام صورتين لا بد أن تحدث إحداهما: الأولى، تحكيم العقل، وهنا ينتصر الشرع للمضرور ويتحاكم الطرفان لحكم القاضي فيحكم بينهما بالحق وليس هناك حقٌ أحق من القصاص، وفي تلك تكون حياة الناس آمنة مطمئنة.

والثانية، تحكيم القلب والهوى. وهنا أُتيح مجالٌ كبيرٌ للشيطان، فيبدأ عمله الذي يحترفه مع اتباع الهوى وتظهر العصبيات وتُعاد ظواهر الجاهلية التي دُفنت بعد الإسلام ويقتتل الطرفان ويسقط من كلٍ ما يسقط من صَرعى وجرحى وتخرَّب بيوت من تُخرَّب وتُرَمَّل النساء ويُيتم الأطفال ويفزع الأمنون... كل هذا ما كان إلا نتاج اتباع الهوى وتغليبه على العقل.

لذا، فاتبعوا عقولكم التي حثنا الله عز وجل على التَّفَكُّر بها، قال تعالى: "وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ". واحذروا من اتباع أهوائكم، قال تعالى: "وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه". واحذروا النفس وما تشتهيه، قال تعالى: "إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي". دومًا نحن في صراع بين قلوبنا وعقولنا، فطوبى لمن استقام عقله ورَوَّضَ نفسه واتبع أمر ربِّه.

التعليقات   

+1 #2 Rokanasser 2015-07-13 14:26
جزاك الله خيرا .. مقال جيد
اقتباس
+1 #1 عبداللطيف 2015-07-13 06:43
جميل والله هذا المقال
اقتباس

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال