الإثنين، 29 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

244 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

85839252212

تركي محمد النصر :

ليس هناك إجماع على البداية الأولى للقاء الذي حصل بين المجتمع البريطاني والمجتمعات الإسلامية، ولكنه اشتهر بين أصحاب الأقلام، أن الاتصال الأول بين المملكة المتحدة والعالم الإسلامي حصل في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين من خلال الغزو العسكري لقوات الإمبراطورية البريطانية لعدد من الدول الإسلامية. وبعضهم أرجع ظهوره إلى ما قبل ثمانية قرون، وذلك عندما استنجد أحد ملوك بريطانيا بأحد حكام المسلمين في شمال إفريقيا مقابل اعتناق الإسلام، بيد أن الوثائق التاريخية المتوفرة على قلتها تغور بالزمن إلى مسافات سحيقة تعود ببعضها إلى أبعد من ذلك.

بالجمع بين الروايات قد يتبين أن الإسلام ظهر في بريطانيا منذ القرن الثاني الهجري ظهورًا فرديًا خجولًا، ولكنه بدأ يتنامى ويظهر كدين له أتباع ومؤسسات في بداية القرن التاسع عشر الميلادي ليستقر أمره في بدايات القرن العشرين حين اعتنق الإسلام اللورد «استانلي أوف الدرلي» أحد أبناء العائلات النبيلة في إنكلترا، وكان سفير بريطانيا في الآستانة، وقد سمى نفسه بعد إسلامه: «عبدالرحمن»، ثم تبعه إلى الإسلام بعد ذلك أحد أعيان مدينة «ليفربول» واسمه السيد «هنري كويليام 1856ـ1932م» الذي سمى نفسه بعد إسلامه «عبدالله»، وكان شديد الذكاء فصيح اللسان الأمر الذي لفت انتباه السلطان عبدالحميد الثاني بن عبدالمجيد الأول (1842-1918م)، في الأستانة، حيث استدعاه إلى تركيا ونصبه ممثلًا للمسلمين في بريطانيا وشيخًا لهم.

فرجع عبدالله إلى لندن واجتهد في نشر تعاليم دينه الجديد، ثم طوَّر عمله الدعوي بإصداره جريدتين إسلاميتين أخذ ينشر فيهما آراءه، ويدعو من خلالهما إلى الإسلام، وتعتبر هذه البداية الطيبة هي أساس الوجود الإسلامي في مدينة الضباب، كما حوَّل قسمًا من بيته إلى مسجد، وسُجّل هذا المسجد في العام 1889م كأول مسجد يقام في بريطانيا، وهذا ما خالفه صاحب كتاب «بريطانيا والإسلام» حيث قال: إن أول مسجد أسس في بريطانيا كان في سنة 1860م، في مدينة كاردف - ويلز ، وعقبه إنشاء أول جمعية إسلامية في بريطانيا في سنة 1886م، لكن صاحب كتاب «الإسلام في بريطانيا» يذهب إلى أبعد من ذلك حيث يرى أن أول مسجد أسس في بريطانيا كان في مدينة «سري» جنوب لندن في العام 1661م، ولابد من الإشارة هنا إلى أن إنشاء أول المدارس الإسلامية كان في سنة 1983م على يد الداعية الإنكليزي المسلم «يوسف إسلام» ، فكانت نواة لأكثر من مئة مدرسة إسلامية بعدها.

والجدير بالذكر أن مسجد لندن الجامع (موضوع البحث) هو الأكبر والأضخم والأشهر في بريطانيا وله قصة بداية مثيرة.

قصة البداية

في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا توسع من نفوذها في العديد من مناطق العالم كان يزيد إذ ذاك عدد المسلمين بين رعاياها على عدد المسيحيين، الأمر الذي فتح المجال أمام فكرة بناء مركز لتجمع المسلمين فيها، إلا أن الإنكليز لم يهتموا كثيرًا بهذا الأمر علمًا بأن المبلغ المقترح لبناء هذا المسجد قد تعهد به سلطان حيدر أباد.

وفي العام 1940م استطاع السيد «حسن نشأت باشا» سفير مصر في لندن آنذاك استغلال علاقاته الوطيدة مع اللورد «لويد» رئيس المجلس الأعلى النيابي البريطاني وإقناعه بأهمية تشييد مسجد للمسلمين في لندن، وأن ذلك سيلقى استحسانًا طيبًا لدى جميع المسلمين.

وبدوره قام اللورد «لويد» بنقل الفكرة لرئيس وزراء بريطانيا آنذاك «نيفل تشمبرين» مذكرًا إياه بأن الحكومة المصرية سبق لها أن تبرعت قبل ذلك بسنوات بأرض في قلب القاهرة للجالية البريطانية في مصر، لتقيم عليها كنيسة خاصة بها، فاستجاب رئيس الوزراء لهذا المقترح وأمر بتقديم مساعدة مالية ضخمة من الخزانة البريطانية لتمويل هذا المشروع.

التحوّل المبارك

تحرك المسلمون على أثر هذا الخبر وشكلوا لجنة من سفراء الدول الإسلامية في بريطانيا في ذلك الوقت وهي: مصر والسعودية وإيران وتركيا، وقامت هذه اللجنة بشراء أحد القصور الملكية القديمة في حي «ريجنت لودج» في وسط لندن، ويضم هذا القصر المذكور أرضًا واسعة وحديقة من أروع وأجمل حدائق لندن، وتبلغ مساحة هذه الأرض ما يزيد عن 10 آلاف متر وقامت اللجنة من فورها بتحويل القصر القديم إلى مسجد بعد إجراء بعض التعديلات عليه، وأقيم إلى جانبه في نفس المبنى أول مركز ثقافي إسلامي في لندن.

بداية الفكرة

عمل القائمون على هذا المركز بجد ونشاط فقاموا بتأسيس مكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب المتنوعة، كما عملوا على تجهيز قاعة للصلاة تتسع لآلاف المصلين، وقاموا بتهيئة بقية أجزاء المبنى لأعمال المعهد الثقافي الإسلامي، كما قاموا بالإعداد لإصدار مجلة دينية ثقافية باللغة الإنجليزية تصدر بانتظام، وقد عُهد بتحريرها لسكرتير المعهد الثقافي الشيخ «علي عبدالقادر» فكان المركز أشبه ما يكون بخلية نشيطة تواصل عملها بالليل والنهار، وبقي هذا المركز الإسلامي الضخم يمثل المسلمين في بريطانيا إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث بدأ المسلمون ومجلس أمناء لندن يفكرون بإنشاء مسجد ضخم وجامع يمثل العالم الإسلامي أجمع.

عقبات في الطريق 

لاقت فكرة بناء المسجد قبولًا عامًا في لندن، وبدأ القائمون على المشروع يعدون العدة الاقتصادية والفنية، وقاموا بإعداد تصميم للبناء المقترح قدمه المهندس المصري «رمزي عمر»، وأُرسي حجر الأساس فعلًا عام 1954م إلا أن تنفيذ البناء تأخر نظرًا لعدم توافر الأموال اللازمة التي قدرت بربع مليون جنيه، وزاد أمد هذا التأخير بعض الأحداث السياسية كحرب السويس عام 1956م فاضطر القائمون على المشروع إلى الانتظار حتى عام 1959م حيث جمعوا الأموال وهيئوا الظروف للبدء بالبناء إلا أن بلدية لندن ولجنة الفنون الجميلة رفضت مخطط البناء بحجة أنه يخالف الهيئة العامة للمدينة ولا ينسجم مع الطراز المعماري الإغريقي للمباني المحيطة بحي «ريجنت» فتوقف العمل من جديد وثبطت الهمم حتى عام 1969م.

تجدد الأمل وعلو الهمة

وفي العام 1969م قام سفراء الدول الإسلامية بتحريك المشروع ثانية فطرح بناء المسجد من جديد وقدموا عدة تصاميم لعرب وبريطانيين للجنة التحكيم فاختارت تصميمًا لأحد المهندسين البريطانيين، وبالفعل كان تصميمه مشروعًا أنيقًا بديعًا ولكن اللجنة المؤلفة من ثلاثة أعضاء مختصين بينهم مسلم واحد أجرت عليه بعض التعديلات الطفيفة.

وبعد هذه المرحلة تمت الموافقة بصعوبة على تصريح البناء وكان ذلك في عام 1973م، وبعد الحصول على تصريح البناء بدأ العمل الفعلي بالبناء.

كانت التكلفة العامة لهذا المشروع عالية جدًا حيث وصلت إلى ستة ملايين جنيه ما كان يمكن تأمينها لولا فضل الله الذي سخر بعض الحكومات الإسلامية التي تعلم جيدًا الأهمية الحضارية والثقافية والدينية لمثل هذا المسجد الكبير في لندن عاصمة الإمبراطورية البريطانية السابقة.

وصفه

القاصد زيارة مسجد لندن الجامع الذي يتكون من أربع وحدات رئيسية هي: المسجد، والمركز الثقافي، ومباني السكن، ووحدة الخدمات، سيشاهد وهو مقبل عليه منارة بيضاء كبيرة ترتفع بعزة وعظمة ليستقر فوقها هلال كبير في بلاد تشعر المساجد فيها بالغربة، ويبلغ ارتفاع هذه المنارة حوالي 50 مترًا، وبداخلها سلم حلزوني ومصعد كهربائي يصعد إلى شرفة الأذان الرئيسية التي يرتفع منها صوت الحق مناديًا الله أكبر الله أكبر.

كما تعلو المسجد قبة نحاسية مغلفة بالبلاستك لحمايتها من تأثيرات الجو، كما أن هيكلها محاط بوحدات وعوارض واقية ضد ضغط الرياح.

ويرتفع فوق القبة الهلال الإسلامي شامخًا على عمود من النحاس فيه ثلاث كرات نحاسية متتابعة، وأما سقف القبة من الداخل فقد زُيّن بالفسيفساء التركي، كما عهد بأعمال الزخرفة على الجدران والأخشاب إلى متخصصين من المغرب والجزائر وتونس.

والداخل إلى صحن المسجد الفسيح سيمتع ناظره بالتصميم البديع وخصوصًا أرضيته التي رُصفت بالرخام الأبيض ويزداد المنظر جمالًا عندما تقف في وسط الصحن لتشاهد قاعة الصلاة حيث تفصل بينهما أروقة تحاكي بجمالها المساجد القديمة، وعندما تدخل إلى قاعة الصلاة المُنارة بثريات ضخمة بديعة المنظر ستؤخذ بجمالها، كما تزين النوافذ فيها بسواتر خشبية محفورة بزخارف إسلامية نفيسة.

ويتكون المسجد من طابقين، وبكل طابق قاعة كبرى للصلاة، فأما الطابق الأعلى منهما فهو مبنى المسجد، ويقوم بصفة أساسية على أربعة أعمدة توجد ظاهرة بالقاعة الكبرى بالطابق الأسفل، وقد شيدت على أعلى قواعد أشبه بالعمائم المخروطة الشكل تحت السقف.

وإذا دخل الزائر إلى الطابق السفلي (القبو) سيجد عدَّة حجرات خُصصت للمحاضرات والاجتماعات والفصول الدراسيّة، ويمكن إزالة الحواجز الفاصلة بين هذه الحجرات لتستخدم مكانًا للصلاة في التجمعات والمناسبات، وجميع الأدوار مجهزة بالخدمات الصحية والفنية.

هذا وقد اعتنى القائمون على بنائه بالمرافق الملحقة فخصصوا جناحًا للسكن وهو عبارة عن ثلاثة طوابق تضم أربع شقق، وإلى جانبه مكان خصص لتجهيز الموتى على الطريقة الإسلامية.

الدور الاجتماعي للمسجد

اعتُني بمسجد لندن الجامع منذ تأسيسه ليكون جامعًا يؤدي أدوارًا اجتماعية وأسرية، فهو يفتح أبوابه من طلوع الفجر إلى ما بعد صلاة العشاء لتأدية الصلوات الخمس، وفي يوم الجمعة يزدحم بمئات المصلين الذي يرتفع عددهم في الصيف إلى الآلاف.

أما في عيدي الفطر والأضحى فيشارك في الصلاة أكثر من خمسة عشر ألفًا يؤدون الصلاة في جماعات متتابعة.

كما تجرى في المسجد عقود الزواج بين المسلمين، ويحتفظ بسجلات خاصة بذلك، ويتدخل لنصح الأزواج وتسوية الخلافات داخل الأسر.

وللمسجد دور اجتماعي كبير من خلال زيارته للسجون وتعهده لمساجين المسلمين وزيارتهم وتخفيف المصاب عنهم، وكثيرًا ما تتم زيارة المرضى بالمستشفيات وإهداؤهم المصاحف والكتب الدينية.

ويحتفظ كذلك بعناوين المحلات التي يتوفر فيها اللحم الحلال، إضافة إلى قائمة بعناوين المساجد والهيئات الدينية في كثير من مدن بريطانيا والعالم.

هذا ويسجل المسجد العديد من حالات إشهار إسلام المهتدين الجدد.

الدور التعليمي والثقافي

لقد عُني مسجد لندن الجامع منذ تأسيسه بالجانب العلمي والثقافي للمسلمين في هذه البلاد وذلك من خلال مركزه الثقافي ومكتبته الضخمة التي تحتوي على أكثر من خمسة عشر ألف كتاب في شتى العلوم الإسلامية، وقد صُممت لتتسع لأكثر من خمسين ألف مجلد، وبداخل المكتبة حجرة واسعة ومجهزة للمطالعة تتسع لحوالي 150 قارئ، وتقدم خدمات رفيعة للباحثين والزائرين.

وتصدر عن هذا المركز مجلة فصلية باللغة الإنجليزية لها وزنها لدى الهيئات العلمية.

كما يُصدر المركز إخبارية عن المسلمين ونشاطات المركز وبعض الفتاوى المتعلقة بفقه الجاليات والأقليات، والتوجيهات الخاصة بهم.

وقد أصدر المركز كتبًا عدة تناولت مواضيع مهمة كالصلاة والصيام والزكاة والحج، كما تناولت القضية الفلسطينية، وحقوق الإنسان، وقانون الأسرة، ومواقيت الصلاة وإمساكية شهر رمضان.

كما ينظّم المركز فصولًا دراسية في عطلة نهاية الأسبوع، ويدعو كبار المفكرين والعلماء المسلمين لإلقاء محاضرات وعقد ندوات.

وقد شكل المسجد لجنة لمراقبة الهلال والعناية بالتقويم الهجري، تُدعى «لجنة رؤية الهلال» تجتمع دوريًا بالمركز.

الخاتمة

إن المركز الإسلامي في لندن لا يزال يتمتع بدوره الديني والثقافي والاجتماعي لعموم المسلمين في لندن والذين زاد عددهم عن (2.5) مليون مسلم، ويقوم بالعناية بالصِلات الوثيقة مع الهيئات والمؤسسات الثقافية في البلاد الإسلامية وغيرها لما فيه مصلحة المسلمين، ويؤدي دورًا جيدًا لإقامة علاقات اجتماعية طيبة بين الجاليات الإسلامية والسلطات والمجتمع البريطاني، ليكون بذلك منارة من منارات الإسلام تنشر الخير والأخلاق الرفيعة والعفة في بلاد الغرب، الأمر الذي استرعى انتباه وإعجاب الكثير من المسؤولين وصناع القرار في بريطانيا.

وأختم المقال بحديث للأمير «تشارلز» prince charles أمير مقاطعة ويلز حيث يقول عن الوجود الإسلامي في بلاده: «الإسلام جزء من ماضينا وحاضرنا في جميع المجالات الإنسانية، وقد ساهم في خلق أوروبا المتحضّرة، فالإسلام جزء من تراثنا وليس غريبًا علينا، إضافة إلى ذلك فالإسلام يمكنه أن يفهمنا ويساعدنا على الحياة في هذا العالم وهو ما فقدته المسيحية، فصلب عقيدة الإسلام هو إعطاؤنا تصورا كاملا ومتكاملا للعالم الذي يحيط بنا» (الإسلام في بريطانيا للدكتور محمد صادق).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال