الإثنين، 29 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

275 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

1419205527

د. عمرو عبد الكريم :

على مدار أكثر من قرن من الزمان، والسؤال المركزي الذي يشغل عالم المسلمين هو: لماذا تأخر المسلمون، وتقدم غيرهم؟

والإجابة على هذا السؤال المركزي أو الوجودي، أو بالأحرى: سؤال النهضة ، وعملية الاستئناف الحضاري تحتاج إلى رؤية فكرية عميقة، وإحاطة بأبعاد تاريخية واسعة ، ومعرفة حضارية كبيرة، وخبرات فكرية وثقافية، حتى يتم تشخيص هذه المحنة التاريخية تشخيصا دقيقا ومستوعبا، ليتسنى تقديم محاولات جادة للإجابة عليه.

وعلى مدار أكثر من قرن من الزمان تعددت المدارس الفكرية التي حاولت الإجابة على هذا السؤال المركزي، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أنه (أي السؤال) مازال حاضرا ومعاشا في الوعي الجمعي العربي والإسلامي، وأنه مازال يثير مزيدا من الجدال على اختلاف طرق التناول وإشكاليات المنهجية، ويمكن القول بشيء من اليقين: إن كل النتاجات الفكرية على مدار تلك الحقبة الزمنية الطويلة نسبيا هي محاولات للإجابة على هذا التساؤل.

ذلك أن كل خطاب للنهضة يفرز سؤاله، ومازال خطاب النهضة في عالمنا العربي يستدعي مزيدا من الجدال.

ورغم ما قدم من إجابات أو محاولات اجتهادية للنهوض، ظل حال الأمة كما هو، ترزح تحت مطارق مظاهر التخلف في الداخل، وسندان الضغوط الكونية من الخارج، ولعل ذلك مرده إلى أن سؤال النهضة لا يستلزم فقط إجابات نظرية، بقدر ما يحتاج إلى حركة واعية على الأرض، وتراكم معرفي في أبنية المجتمع السياسية والاقتصادية.

حاول أمير البيان شكيب أرسلان (1286-1366هـ-1869-1946م) في كتابه: (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟) (صدر في 1930م) أن يقدم إجابة قال عنها الشيخ رشيد رضا: «إنها آية من آيات بلاغته، وحجة من حجج حكمته، ولعلها أنفع ما تفجر من ينبوع غيرته، وانبجس من معين خبرته».

وانحسرت إجابة أمير البيان عن سبب تأخر المسلمين في عدة نقاط، منها:

1- بعدهم عن دينهم، وعدم رغبتهم في التضحية بأي مما يملكونه في سبيل رفعة هذا الدين.

2- أكد أمير البيان أن أسباب تأخر المسلمين لا ترجع لكونهم مسلمين.

3- ذكر أن من أسباب تأخر أو انحطاط المسلمين الجهل, العلم الناقص, فساد الأخلاق, الجبن, نسيان ماضيهم المجيد، وتخليهم عن ثقافتهم وديانتهم. وتركهم الجهاد، وشحهم، وبخلهم على المجاهدين الإسلاميين، وضياع الإسلام بين الجامدين وبين الجاحدين، وترك العلم والعمل به والتخوف من الفشل. وأكد أن العزيمة والإرادة كفيلتان بإحراز أي تقدم.

وفي نهاية تحليله أكد أمير البيان أن المسلمين لن ينهضوا إلا بالأشياء التي نهض بها غيرهم، ومنها: الجهاد بالمال والنفس، والعلم.

ولن يتم للمسلمين - ولا لأي أمة من الأمم - نجاح أو رقي إلا بالتضحية، فإن هذا الأمر قد أمر الله به - عزوجل - مرارا في كتابه العزيز.

ولننفض غبار اليأس، ولنتقدم إلى الأمام، ولنعلم أننا بالغون كل أمنية بالعمل والدأب والإقدام، وتحقيق شروط الإيمان.

وفي تجربة اجتهادية أخرى حاول الشيخ أبوالحسن علي الحسني الندوي (1914م -1333هـ - 1999م -1420هـ) في كتابه: (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) أن يقدم إجابة مختلفة لنفس السؤال، ولكن الذي ينظر إلى عنوان الكتاب يجده غريبا في تركيبه، والمفترض أن يكون العنوان هكذا: (ماذا خسر المسلمون بضعفهم)، لكن الندوي نظر إلى الواقع نظرة شمولية فجاء العنوان هكذا، لأن انحطاط المسلمين سيؤدي إلى ضعف العالم وخسارته، والعكس صحيح.

شخص الندوي الواقع الحالي بقوله: إن علة العالم الإسلامي اليوم هي الرضا بالحياة الدنيا والاطمئنان بها، والارتياح إلى الأوضاع الفاسدة والهدوء الزائد في الحياة. فلا يقلقه فساد، ولا يزعجه انحراف، ولا يهيجه منكر، ولا يهمه غير مسائل الطعام.

ثم استعرض أسباب هذا الانحطاط الروحية والمادية، ووصف ما حل بالمسلمين أنفسهم، عندما تخلوا عن مبادئ دينهم، ونكصوا عن تبعاتهم، وما نزل بالعالم كله من فقدانه لهذه القيادة الراشدة، ومن انتكاسه إلى الجاهلية الأولى، ويرسم هذا الخط عن طريق التأمل الفاحص.

ومن خلال هذا الاستعراض، يحس القارئ بمدى الحاجة البشرية الملحة إلى تغيير القيادة الإنسانية، وردها إلى الهدى الذي انبثق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجاهلية إلى المعرفة، وبمدى الخسارة التي حلت بالبشر جميعا، لا بالمسلمين وحدهم في الماضي، وفي الحاضر، وفي المستقبل القريب والبعيد.

إلى جانب ذلك فإن الخصيصة البارزة في هذه المحاولة للإجابة على سؤال النهضة: هي الفهم العميق لكليات الروح الإسلامية في محيطها الشامل، وهو لهذا لا يعد نموذجا للبحث الديني والاجتماعي فحسب، بل نموذجا كذلك للتاريخ كما ينبغي أن يكتب من الزاوية الإسلامية، فهو ينظر إلى الأمور كلها، وللعوامل جميعها، وللقيم على اختلافها. فحين يتحدث المؤلف عن رد القيادة العالمية إلى الإسلام، فهو يتحدث عن مؤهلات القيادة، فلا ينسى بجوار «الاستعداد الروحي» أن يلح في «الاستعداد الصناعي والحربي»، و«التنظيم العلمي الجديد»، وأن يتحدث عن «الاستقلال التجاري والمالي»، إنه الإحساس المتناسق بكل مقومات الحياة البشرية. وبهذا الإحساس المتناسق قدم الندوي في استعراضه التاريخي، وفي توجيهه للأمة الإسلامية سواء إجابته أو تصوره للإجابة.

حاول المفكر الجزائري مالك بن نبي (1323-1392هـ/ 1905-1973م) في كتابه (شروط النهضة) أن يقدم إجابته مختلفة على هذا التساؤل المركزي: فشخص واقع الأمة بأن عوامل تراجعها تكمن في قابليتها للاستعمار، وشيوع ثقافة الاستهانة والتهوين، وطغيان تقديم الأشياء والأشخاص على الأفكار، والتركيز على التفاصيل والانشغال بها دون الكليات.

وأكد ابن نبي على أن أمراض هذه الأمة هي: الاستعمار والأمية، والفقر والظلم والجهل.

وقدم تصوره ثلاثي الأبعاد للإجابة على سؤال النهضة بأن مشكلة الإنسان وتغييره يبدأ من النفس، وذلك بمعرفتها وتعريفها للآخرين، وبمعرفة الآخر وعدم التعالي عليه.

ومشكلة التراب من حيث قيمته الاجتماعية وحلها موجود في إعادة الاعتبار لقيمة «الشجرة» التي تكسر حدة التصحر الذي يعاني منه الإنسان.

والبعد الثالث يتعلق بالزمن الذي هو المكون الأساس لأي حضارة.

ولاشك أن هناك محاولات أخرى، بعضها أسبق من محاولة أمير البيان، وخاصة للجيل الأول من رواد النهضة، أمثال الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، والكواكبي، وخير الدين التونسي، وبعضها كان على أرضية تغريبية أو استلهاما من الحضارة الغربية، وبعضها كان رفضا للواقع، واختزال الإجابة في شعار العودة إلى الإسلام، دون تقديم أي آليات أو مناهج وأساليب عمل.

وخلاصة القول: إن أي محاولة للإجابة مستوعبة لابد أن تكون أكثر واقعية في التشخيص لواقع الأمة المأزوم والمهزوم، فتركز على معنى قوله تعالى: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} (آل عمران:165)، فتؤكد على نقد الذات واكتشاف مواطن الخلل في البنية الثقافية والاجتماعية، ولعل ذلك ما حاولته بعض اجتهادات الجيل الأول من الباحثين عن إجابة لسؤال النهضة، مثل: رفاعة الطهطاوي في كتابه «تخليص الإبريز»، وخير الدين التونسي في كتابه «أقوم المسالك في معرفة الممالك»، وعبدالرحمن الكواكبي في كتابيه «أم القرى»، و«طبائع الاستبداد»، ومحمد عبده في مساجلاته مع «رينان»، و«هانوتو»، و«فرح أنطوان»، ومحمد رشيد رضا من خلال مجلته «المنار».

منذ أكثر من قرن ومازال السؤال صالحا للطرح، إذ إن الواقع المعيش لم يقدم عليه إجابة بعد، وأحسب أن أي إجابة لابد أن تتجاوز الرؤية التقليدية لتشخيص واقع لم يزل قائما منذ قرنين، إلى محاولات تقديم إجابات أشد تفصيلية عن كيفية تجاوز واقع التخلف ذاته، للانخراط في دورة الحضارة من جديد، دون انفصال منهجي عن الثوابت الفكرية التي تشكل عصب أي حضارة ناهضة، أو تريد النهوض..

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال