الجمعة، 03 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

387 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

6 1 2015 8 51 21 AM

السيد عبد المحكم السيد:

تعتبر أفريقيا القارة المسلمة بين قارات العالم الأكثر عددا من المسلمين. فالغالبية العظمى من سكانها الأصليين يدينون بالإسلام، وتذكر الإحصاءات أن نسبتهم هي 70 في المئة من سكانها.

وقد انتشر الإسلام في شرق أفريقيا منذ عهد النبي  " صلى الله عليه وسلم" ، ثم تخطى الصحراء حتى وصل إلى المناطق الداخلية إلى «كينيا» (1)، و«تنزانيا». واقتحم نطاق الغابات في قلب القارة، ونفذ إلى هضبة البحيرات. وتدفق إلى هضبة الحبشة، وانتشر على طول الساحل الغربي. ودخل الإسلام جنوب إفريقيا مع المهاجرين المسلمين من الهند وماليزيا، ولا يزال ينتشر ويصل مداه إلى آفاق جديدة (2).

تاريخ

ويلفت الأنظار الآن ميل معين بين سود أميركا لاتخاذ مواقف موالية نسبيا للعرب والمسلمين. فنجد بين الكتاب والمفكرين السود الأميركيين الذين لهم خلفية دينية أو علمانية وعيا بوجود الإسلام كعنصر ظاهر في الثقافة، خلال بحثهم التاريخي والاجتماعي، فضلا عن الثقافي والروحي.

وهذا الاتجاه واضح في كتاب المؤلف «أليكس هيلي» عن رحلته إلى تلك القرية الحالمة «جوفيوري» في دولة «جامبيا» غرب أفريقيا، التي اختطف منها القراصنة الإنجليز شابا اسمه «كونتا كينتي» سنة 1767 ميلادية، ونقلوه ليباع عبدا رقيقا في أميركا، لا يعرف أحد عنه شيئا، حتى ألهم الله واحدا من أحفاد هذا الأفريقي المسلم أن يأتي من ولاية «فرجينيا» إلى دولة «جامبيا» باحثا عن القرية التي اختطف منها جده منذ مئتين وخمسين عاما تقريبا.

ويركز المؤلف على تأكيد استمرارية الهوية الإسلامية للسود في أميركا. وقد وصل عددهم الآن إلى نصف سكان الولايات المتحدة الأميركية.

والكتاب يحفل بكل من ناحيتي الثقافة العربية الإسلامية المكتوبة بلغة القرآن، والتي تعلمها الفتى المسلم «كونتا كينتي» في كتّاب القرية، قبل أن يختطف. كما يركز على الثقافة المحلية القبلية بأفريقيا.

ولكن المهم هو عنصر الدين، والقدرة على كتابة الجمل باللغة العربية التي علمها «كونتا كنيتي» لابنته الوحيدة «كيزي»، وعلمتها هي بالتالي لأبنائها. يقول حفيده «أليكس هيلي»: أخذني رجال «جوفيوري» إلى المسجد المبني من الخيزران والقش، وصلّوا من حولي باللغة العربية، وترجم لي ملخص دعائهم: (الحمد لله على واحد فقدناه من بيننا، أعاده الله إلينا).

ولعل في هذا ما يُلهم الدعاة وهيئات التبليغ للعمل من أجل تذكير هؤلاء بأنهم انحدروا من أصول لها ثقافة عالية، لها صلة بوحي السماء عموما، وبكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من حكيم حميد. والقرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم ينله التحريف، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (الحجر:9). ولعلنا نتدارك ما فاتنا. ولنبدأ مع «أليكس هيلي» من البداية، لنتعرف على الجذور الإسلامية للسود في الولايات المتحدة الأميركية.

ولنبدأ مع الكاتب الأميركي، والبحث عن «جذوره» الإسلامية:

و«أليكس هيلي» من السود الأميركان. تطورت حياته وأفكاره، فاعتنق الإسلام، وانضوى تحت راية الزعيم الزنجي المسلم «مالكوم إكس».

فلما اغتيل هذا الزعيم، اعتزل وذهب يبحث عن طريق القراءة والسفر، حتى خرج بكتابه «جذور» بعد اثنتي عشرة سنة.. وأصبح اسمه بعدها أشهر من «محمد علي كلاي» الذي اعتنق الإسلام مثله.. ونال على كتابه «جذور» جائزة «بوليتزر» للأدب. وهي الجائزة التي تعادل في أميركا جائزة نوبل العالمية الشهيرة.

يقول «أليكس هيلي» الكاتب الأميركي الأسود:

الأمة الأميركية كلها أمة مؤلفة من مهاجرين، فيما عدا تلك القلة التي عرفت باسم «الهنود الحمر». وفيما عدا هذه القلة فكل الأميركان قد هاجروا إلى أميركا بمحض إرادتهم ورغبتهم في بلاد لا حدود لغناها ووفرة مواردها، إلا فئة واحدة جاءت قسرا وغصبا.. أولئك هم الزنوج.. كان يجلبهم القراصنة، ويبيعهم تجار الرقيق عبيدا بعد أن كانوا أحرارا.

ولايزال بعض البيض في أميركا يتوهمون أن السود من مواطنيهم ليس لهم أصول حضارية ولا إنسانية، بالمفهوم الذي يعرفه من نزحوا من إنجلترا أو فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

ولقد استمع «أليكس هيلي» وهو صغير من جدته العجوز إلى قصة جده المسلم الأفريقي، الذي بدأت مأساته عندما ذهب يبحث في الغابة المحيطة بقريته عن جذع شجرة ملائم، ليصنع منه طبلة.

وكان يقول: إن اسم قريته «جوفيور» القريبة من نهر «كامبي بولونجو»، وهناك انقضّ عليه أربعة ضربوه على رأسه حتى أفقدوه الوعي، وكتفوه بالحديد، وألقوه في سفينة مع عدد كبير من الصبيان والفتيات السود. وعبرت السفينة بحرا هائجا أربعة شهور، حتى ألقت بهم في تلك الأرض الجديدة. وظلت هذه القصص عالقة بذهن أليكس هيلي حتى شبّ وفكر في البحث عما وراء هذه القصص التي سمعها من جدته العجوز. وظن أن الأفارقة الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة أخيرا يستطيعون مساعدته في بحثه، فكان يذهب إليهم ويسألهم عن تلك القرية «جوفيور» فيستمعون إليه تأدبا، ويهزون أكتافهم، وينصرفون مندهشين من هذا الأميركي الذي يبحث عن قرية مجهولة وسط غابات أفريقيا. وأخيرا التقى بأستاذ في جامعة «هارفارد» متخصص في الشأن الإفريقي.

فقال له: إنه يرجح أن تكون هذه القرية في «جامبيا»، فهناك نهر بهذا الاسم. وبعد ثلاثة أيام كان أليكس هيلي يركب الطائرة في طريقه إلى غرب أفريقيا. وفي عاصمة دولة جامبيا قالوا له: هناك أناس تخصصوا في حفظ تاريخ القبائل والعائلات، فذهب يبحث حتى وجد المؤرخ العجوز الذي راح يروي قصة العائلة، وكأنه يقرأ في كتاب مسطور.. إنها عائلة مسلمة مثل الكثير من العائلات في تلك المنطقة. عائلة لها تقاليد اجتماعية ودينية. ووصل المؤرخ إلى سنة 1776 ميلادية حين وقعت مأساة في العائلة.

فقد ذهب ابنها البكر يلعب على شاطئ النهر، فاختفى ولم يظهر له أثر بعد هذا... هل غرق في النهر وجرفته الأمواج!؟

أم هل اختطفه تجار الرقيق؟ فصل الخطاب ليس هنا..

وذهب «أليكس هيلي» إلى لندن، وهناك تحتفظ الحكومة في مكتب السجلات العامة بوثائق عن السفن الإنجليزية. ونقب في تلك السجلات العامة، حتى اهتدى إلى السفينة التي حملت ذلك الفتى الإفريقي، واسمها «لورد لونجيبه»، وقد أبحرت من جامبيا حتى وصلت إلى ميناء «أنا بوليس» في أمريكا يوم 29 من سبتمبر 1776 ميلادية. وقرأ في جريدة «ميريلاند جازيت» في عدد شهر أكتوبر إعلانا عن وصول السفينة لورد لونجيبه، قادمة من نهر جامبيا في أفريقيا، وعليها حمولة من أجود وأصح الأصناف من العبيد الذكور والإناث السود.

وعاد أليكس ليكتب قصة جده الذي ولد في قرية «جوفيور» بجامبيا، والذي أثر الإسلام في سلوكه حتى نهاية حياته غريبا بعيدا عن أهله ووطنه الأصلي.

وترجع جذور عائلة «كنتا» إلى أحد الشيوخ المرابطين على ثغور إقليم «موريتانيا» الإسلامية، ويدعى «كيرابا كونتا كينتا». وعندما وصل إلى سن الإدراك حدّثه عن جده كينتا الأول، وأعانه على حفظ القرآن، ومعرفة الكتابة باللغة العربية، ثم اصطحبه إلى المسجد، وعلمه كيف يعرف مواقيت الصلاة بنفسه.

وعندما وصل سن الثانية عشرة تلقى «كينتا» تدريبا على المصارعة والقتال والصيد، ولفت إليه الأنظار لذكائه وقوة بنيانه وفراعة طوله. وعندما وصل سن الرابعة عشرة اصطحبه أبوه إلى قرية عمه على مسيرة أربعة أيام، مشيا على الأقدام في أرجاء أفريقيا المونقة بالعشب، ومرّ بمواطن الأسود.

وعندما بلغ السادسة عشرة اصطحب أخاه الأمين في رحلة للبحث عن الذهب، وعادا برزق وفير من هذا المعدن النفيس.

وبدأ يفكر في حج بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وزيارة مسجد الرسول محمد  " صلى الله عليه وسلم"  بالمدينة المنورة، إلا أن خططه لم تتحقق، لأنه ذهب ذات يوم عندما بلغ السابعة عشرة إلى غابة قريبة من قريته «جوفيور»، وهو كثيرا ما ذهب إليها منفردا، وكانت هذه الغابة آمنة تماما من الوحوش المفترسة كالأسود والنمور.. ولكن كان ينتظره في هذه المرة من هو أكثر شراسة، وأكبر شرا من الوحوش الجائعة! كان يتربص به أربعة من القراصنة المدربين على صيد البشر.. ودخل الفتى في معركة غير متكافئة، ولكنه استطاع أن يفقأ عين أحدهم قبل أن يضربوه على رأسه، ويفقد الوعي. وعندما أفاق وجد نفسه مكبلا بالحديد، ودفعوه إلى مبنى يسمى «قلعة جيمس»، والتي كانت مركزا لتجميع الزنوج وتصديرهم إلى أميركا. وقام أحد القراصنة بكي ظهور هؤلاء المخطوفين والمخطوفات برسم تلك العلامة على ظهورهم وظهورهن (L.L)، إنها العلامة التي ترمز إلى السفينة التي ستحملهم واسمها «لورد لونجيبه». ورأى «كينتا» كيف تحرق أسياخ الحديد أجسادهم وأجسادهن، ويتعالى صراخهم وصراخهن، ويزداد الأنين والبكاء عندما يصب الماء المالح على جروحهم! ولا حول ولا قوة لهم، لأنهم مقيدون بأطواق الحديد.. كانت الرحلة طويلة عبر المحيط في تلك السفينة الرهيبة. وكان قد سبقها المئات من السفن التي حملت الألوف من الأحرار لبيعهم عبيدا أرقاء بقانون دستوري، استندت نصوصه إلى الدستور الأميركي، الذي قرر إقامة دولة حرة ديموقراطية فيما يتعلق بالجنس الأبيض فقط. أما فيما يتعلق بالسود، فكانت أبعد شيء من الحرية والديموقراطية، حتى وصل عدد الزنوج إلى نصف عدد السكان الأميركان، وهي نسبة لم يبلغها عدد الرقيق في أي مجتمع أو عصر، أو في دولة من الدول.

وحاول «كينتا» الهرب رافضا أن يعيش عبدا، وقد خلقه الله مسلما حرا، فقطعوا نصف قدمه حتى لا يستطيع الهرب، وعطفت عليه «بيل» الخادمة السوداء، فكانت تقدم له الطعام الذي يفضله كمسلم لا يأكل لحم الخنزير، ولا يشرب الخمور، وتعاونه فتحضر له الماء ليتوضأ ويصلي كما كان يصلي في مسجد قريته «جوفيور» المسلمة. وظل محافظا على ذلك حتى مات.

ومع أن «بيل» تكبره، فقد تزوجها، وأنجب منها وحيدته «كيزي»، التي وعت ما كان يحكيه لها عن حياته قبل أن يخطفه الإنجليز. ويكتب لها على الرمل اسمه واسم أبيه وجده بالحروف العربية «كينتا عمر كيرا باكونتا كينتا»، وحفظت «كيزي» ذلك. ولكن عندما بلغت «كيزي» السادسة عشرة نزعت من والديها، وباعها سيدهما ولم يرها والدها بعد ذلك على الإطلاق، وهناك في ولاية «كارولينا» أنجبت من سيدها الأبيض الذي اشتراها ولدا أسموه «جورج». وأنجب جورج ذكورا وإناثا. وإحدى حتى قصة جدها.

الهوامش

1- من دول شرق أفريقيا، ومساحتها 583644 كيلو مترا مربعا، وعاصمتها «نيروبي»، وهي موطن «حسين أوباما» والد الرئيس الأميركي «باراك حسين أوباما».

2- كتاب «الديانات في أفريقية السوداء»، ص 153:152، لمؤلفه هو بيرديشان.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال