الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

134 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

kh 1122220

مصطفى عبدالسلام:

يعتبر مسجد حسان الشهير من مآثر الدولة الموحدية برباط الفتح، ويقع على ربوة عالية عن سطح المحيط الأطلسي بثلاثين مترًا عن يمين الطريق الذاهبة من رباط الفتح إلى سلا، على الضفة اليسرى من وادي أبي رقراق في الجهة الشرقية من رباط الفتح، وأول ما يشاهده المسافرون في البواخر العابرة للمحيط الأطلسي إلى الدار البيضاء، أو العكس إلى طنجة، وكذا من أعلى الجو في الطائرات، منارته الشامخة العظيمة تعاند بإيمانها الصامد الراسخ تقلبات التعرية والزمان، فتذهله وتنقله إلى عالم التساؤل التاريخي.. من الآمر ببنائها؟ وفي أي تاريخ؟ ومن هو مهندسها؟ ويبقى الجواب عن هذه الأسئلة مرهونًا بزيارة المسجد وقراءة تاريخه.

يرجع تاريخ بناء مسجد حسان إلى عهد السلطان يعقوب المنصور الموحدي بعد رجوعه من الأندلس إلى المغرب، من معركة «الأرك» التي انتصر فيها على الفونصو الثامن ملك قشتالة في شهر شعبان عام 591 هـ يوليو 1195م(1)، فبعد مسجد القصبة القديم الذي بناه عبدالمؤمن بن علي سنة 445هـ، أراد أن يكون بناء مسجد حسان من أكبر مساجد العالم الإسلامي، ومنارة الأعضم المضروب به المثل في الضخامة وحسن الصنع، فسخر في بنائه ونقل حجارته 700 أسير من أسارى معركة الأرك(2).

ويرى أحد المؤرخين أنه أضيف إلى مسجد حسان تذكار باسم بنيه، على أن هذه النسبة يحيط بها الغموض، ولكن أرجح الروايات تذكر أن حسان مهندس أندلسي، ووضع تصميم المسجد والمنار، وأشرف على ما شيد فيه، وليس هناك ما يؤكد أن المهندس شارك في تصاميم أخرى بالمغرب، ويوجد ضريح حسان هذا في مقبرة صغيرة قرب المسجد(3).

وقد اختلف في تحديد مساحته، وعرضه، وطوله، فبعض المؤرخين يرى أن مساحته 2600 متر مربع، وطوله 180 مترًا، وعرضه 142 مترًا، وبه 12 بابًا(4)، ومنهم من يرى مساحته 2500 متر مربع، ومنهم من يرى مساحته 2552، وطوله 183 مترًا، وعرضه 139.40 مترًا، وتبلغ مساحة قاعة الصلاة وحدها أكثر من 1962 مترًا مربعًا، وعدد أعمدته أربعمائة، ومحيط السارية ثمانون سنتيمترا، وعدد أبوابه ستة عشر بابًا، ومحرابه ثلاثة أمتار طولا ومثلها عرضًا(5).

ومنارته(صومعته) شبيهة بمنارة الخرالدا بإشبيلية وجامع الكتبيين، وتم تشييدها في عهد يعقوب المنصور الموحدي عام 591-592هـ، وصومعة حسان مسافتها للمحراب في خط مستقيم، يبلغ كل جانب من المنارة 16مترًا، وارتفاعه 44 مترًا، وهي الباقية من المئذنة، وقاعدتها مبنية بالحجر المصقول والمنضد ببالغ العناية والبراعة(6)، وهي تضم غرفا إلى علو ستة أدوار، وفي داخلها طريق صاعد مائل ميلًا بطيئًا بحساب هندسي جميل(7)، ويصعد إليها دون درج، وكانت الدواب حينئذ عند الضرورة تصعد بجميع ما تحتاج إليه(8).

وأمر يعقوب المنصور بجلب الماء إلى مسجد حسان في قنوات من مسافة 20 كلم طولًا، من عين غبولة، ويجهل الطريق التي كانت تمد الجامع بالماء، بصرف النظر عن الآبار الموجودة بالصحن الكبير غير أنه من الثابت بالمسجد وجود آبار داخلية لحفظ المياه وتصريفها(9)، وتعتبر صومعة حسان الثالثة بعد خرالدا بإشبيلية والكتبية بمراكش وعلوها جعلها أفخم منارة برباط الفتح.

يبلغ عرض السور 1.5 متر وعلوه 9 أمتار، وكانت تحاذي سور القبلة عدة أبراج للزينة وحفظ التوازن في آن، وكان المحراب منحرفا بعض الشيء من القبلة، وتختلف زخرفة تيجان الأعمدة، فبعضها يشبه تيجان أعمدة قرطبة، والباقي يشبه تيجان باب الرواح برباط الفتح، وكانت الأبواب في غاية الضخامة يتجاوز علوها 10 أمتار(10).

ويمتد الصحن الكبير مسافة 1139 مترًا، وتحاذيه أروقه تمتد جانب سور الجامع من الشرق والغرب.. ويبلغ مجموع أساكيب بيت الصلاة 18 ثلاثة في الجنوب وسبعة في الشمال، ويحتوي على 19 بلاطا، والأساكيب الوسطى التي يجاوزها صحنان صغيران، فتشتمل على بلاطة بقطع النظر عن الأروقة الجانبية(11).

وقد ذكر أحد المورخين أن عدد بلاطات هذا المسجد كانت 21، سعة البلاطة الواحدة خمسة أمتار، فكان عرضه عند الصلاة في ذلك الجامع 105 أمتار أما جوفه أو عمقه فيتكون من 5 أساكيب موازية لجوار القبلة، وكانت للجامع منجبات يمنى ويسرى وخلفية(12).

وقد اختلف المؤرخون في إتمام بناء المسجد فمنهم من يرى أنه لم يتم بناؤه في عهد يعقوب المنصور الذي توفي عام 595هـ(13)، ولا حتى في عهد ابنه عبدالله محمد الناصر لدين الله يعقوب المنصور الذي اهتم بغزو الأندلس، وما لحقه من انهزام في معركة العقاب في 15 صفر عام 607هـ والمتوفى في أواخر ذي الحجة عام 609هـ(14)، ولا حتى في عهد حفيده يوسف المنتصر بالله بن الناصر بن المنصور المتوفى عام 618 هـ(15)، وسجل أنه كان غير تام سنة 621 هـ ومنهم من يرى أنه تم بناؤه كاملًا(16).

والذي بقي دون تسجيل عند المؤرخين للفصل في الاختلاف، وتثبت الحقيقة التاريخية بصفة قطعية عدم تعرضهم لذكر العوامل الطبيعية وغيرها التي أدت إلى انهيار سقفه والجزء العلوي من المنارة وأسوار وأبواب مسجد حسان!

وما تبقى من آثار مسجد حسان من أعمدة وأسوار ومن المنارة العجيبة، من أعجب الفن المعماري الأندلسي المغربي، وإلى عهد قريب كان يسمح بالصعود إلى المنارة للتمتع بالرؤية الشاملة للعدوتين الرباط وسلا، ولظروف أمنية أقفل باب المنارة حفاظًا على سلامة الزائرين من السقوط من أعلاها، والاكتفاء بالتملي في عظمتها من أسفل أرضية المسجد.

وفي عقد المغفور له الحسن الثاني في السبعينيات، شيد بجانبه معلم تاريخي عظيم وهو ضريح المغفور له محمد الخامس، وشملت عناية المغفور له الحسن الثاني مسجد حسان فبلط، والعناية بأسواره، وأحيط بالحدائق وإقامة الصلوات الخمس، وإقامة خطبة الجمعة بمسجد الضريح.

ويشكل ضريح المغفور له محمد الخامس، وبقايا آثار مسجد حسان مفخرة معمارية عظيمة جمعت روعة جمالية الفن المغربي والأندلسي بعدوة رباط الفتح، وسجلها تاريخ المغرب الوسيط والمعاصر بمداد الفخر والاعتزاز.

ما بقي من أثار المسجد من أعمدة وأسوار من أعجب الفن المعماري الأندلسي المغربي

الهوامش

1- كتاب «الاستقصا» الناصري، الجزء الثاني، ص 185، طبعة دار الكتاب 1954 البيضاء.

2- نفس المصدر، ص 195.

3- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 112، مطبوعات المغرب للترجمة والتأليف 1979، الرباط.

4- كتاب «المغرب» الصديق بن العربي، ص 56-57، الطبعة الثانية، مطبعة الأمنية 1956الرباط.

5- كتاب «المساجد» حسين مؤنس، ص 224، سلسلة عالم المعرفة 1981، الكويت.

6- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 125، مطبوعات المغرب.

7- نفس المصدر، ص: 126-127.

8- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 125- 132، مطبوعات المغرب للتأليف، الترجمة 1979، الرباط.

9- «نفس المصدر»، ص 125 -132.

10- نفس المصدر، ص 126.

11- نفس المصدر، ص 126.

12- كتاب «المساجد» حسين مؤنس، ص 224، سلسلة عالم المعرفة 1981، الكويت.

13- كتباب «الاستقصا» الناصري، الجزء الثاني، ص 195، طبعة دار الكتب 1954.

14- نفس المصدر، ص 214-220 -225.

15- نفس المصدر، ص 226 - 227.

16- كتاب «رباط الفتح» عبدالله السويسي، ص 216، طبعة مطبوعات المغرب للتأليف الترجمة 1979.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال