✍ إحسان الدبش – باحث وكاتب:

يصبح الإنسان مسلماً بطريقتين:

الأولى: من ينتقل من الكفر إلى الإسلام صادقاً مخلصاً، مهما بلغ عمره ، ومهما كان نوع معتقده السابق الذي كان يعتقده. يلاحظ أنه يكون أكثر إقبالاً على تعلم أحكام الإسلام، وتطبقاً لشعائره، وحماساً له . وقد يصبح من علماء المسلمين. واشهر الأمثلة الصحابة الذين كانوا يدينون بالوثنية، أو أهل كتاب ثم انتقلوا إلى الإسلام. والأمثلة من غير الصحابة كثيرة إلى الان.

الثانية: الذي أسلم وراثة عن أبيه وأمه، منذ ولادته، حيث نجده غير حريصاً على التفقه في دينه كالأول، ومتساهلاً في تطبيق أحكامه، والإسلام بارداً في نفسه غير متحمس له. وقد يصل به الأمر أن ينتكس إن جهل بالإسلام وأغراه الكفر .فقد ورد في قول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: « إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة 1 من نشأ في الإسلام ولم يعرف الجاهلية. » وبالطبع فإن التعميم دائماً خطأ فمن الصنف الثاني من هم كالصنف الأول وإن كانوا قلة إذا قورنوا بجميع المسلمين.

فما السبب في ذلك ياترى ؟. في صفة الحالة الأولى. يكون من دخل الإسلام كأنه دخل [ مدرسة الإسلام ] ، والمدخل إلى ذلك أن يشهد أن " لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " وهذه الشهادة من جهة إيمان ومن جهة ثانية بمثابة تسجيل في دخول هذه المدرسة. فهو شغوفاً ليتعلم أسس الإسلام وتفاصيله، أحكامه ومبادئه، والسعي لتطبيق تعاليمه. مقارناً بما كان عليه .

وبعد هذا المدخل هناك سلسلة من التعليمات من ( القرآن والسنة ) التي تنظم حياته سواء كان كفرد ثم أسرة ثم مجتمع. فالمسلم الجديد مسرور وسعيد لهذا التغيير الكبير الإيجابي الذي أحدثهما القرآن والسنة في حياته، منتظراً المزيد من الآيات ليزداد إيماناً. قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة 124) كالطالب الذي يزداد فرحاً كلما ازدادت علاماته. أو كالتاجر الذي يزداد فرحاً كلما زاد المال في صندوقه.

ويشعر الداخل الجديد للإسلام بالسعادة المستمرة كلما أطاع الله متعلماً شيئاً جديداً من الإسلام سواء كان هذا الشيء الجديد في مجال التقوى والإيمان ، أو في مجال التربية والأخلاق ، أو في مجال العلاقات الاجتماعية ، أو المعاملات التجارية او غير ذلك... ويحزن إذا غفل وعصى الله.

ويعلمه الإسلام أنك إذا أردت أن ترتقي في ( إسلامك ) يجب أن تكون ( مؤمناً ) وإذا أردت أن ترتقي في إيمانك يجب أن تكون ( تقياً ) وإذا أردت أن ترتقي في تقواك يجب ان تكون ( محسناً ) ومن صفاته أيضاً أنه ( مُخْبٍتْ ) فهو يصعد بشكل مستمر كالطالب المجد كلما اجتهد أكثر، ارتقى في سلم النجاح أكثر حتى يصل إلى درجة [الممتاز] . ولكل كلمة من هذه الكلمات معناها الخاص بها كما هو معلوم.

وكلمة مخبت وردت في سورة الحج في قوله تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ 2(الحج34) والتي تعني « المطمئنين والمتواضعين والذين لايظلمون ». تفسرها الآية التي بعدها بشكل واضح ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ (35الحج)

فما هو السبيل ليرتفع التأخر الذي عليه المسلم الذي ورث الإسلام عن أبيه وأمه إلى مستوى المسلم المتقدم عليه الذي انتقل من الكفر إلى الإسلام. ..

وهذه النقلة من التأخر إلى التقدم تتم بثلاث طرق:

أولا: التفقه في الدين وأساسه القرآن الكريم الذي يرفع المسلم درجات بشكل مستمر كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ ( الإسراء 9) وأن يكون تلاوة القرآن وتدبر معانيه يومياً. غذاء للفكر وللقلب . كغذاء الطعام للبطن.

ثانياً: العمل بما تفقه به. متبعاً سنة الرسول الكريم، وأن يتخذه قدوته، في كل أقواله وأعماله وبمن سار على هديه.

ثالثاً: مقاومة الكسل واللهو الذين يقعدان عن تحصيل الواجيات، وذلك بمجاهدة النفس لتطوير ألأعمال نحو الأفضل في كل المجالات لننتقل من التأخر إلى التقدم.

إن ما نحن فيه من تخلف ليس من الإسلام وإنما ما نحن فيه من تخلف عن تعاليم الإسلام العظيم الذي جاء به رسولنا الكريم. في جميع مناحي الحياة.

هوامش

1- العروة: ما يستمسك به ويعتصم. ومنه عروة القميص

2- تفسير الطبري

 

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"