✍ إحسان الدبش – باحث وكاتب:

ركبت في حافلة نقل صغيرة، بعد مدة وجيزة من ركوبي. ركب في الحافلة فتى لا يتعدى عمره ثلاثة عشر عام، ألقى السلام، ثم جلس، يلبس بنطال كوبوي ممزق في بعض أجزائه، بما فيها إحدى ركبيته، ولا يبدو علي البنطال أنه مهترئ بسبب قِدَم أصابه.

ابتدأته بالحديث فقلت له هلا لبست بنطال غير ممزق الركبة، فإن اللباس يقي الجسم من بعض الصدمات على رقته، فلو وقعت أرضاً لاسمح الله على أرض خشنة، فإن جلد ركبتك سيتهشم فيقيه قماش البطال. تلقى كلامي بترحاب قائلاً: إن شاء الله.

قصصت على أحد أصدقائي ما رأيت فقال لي : " إن هذه موضة " قلت: معقول موضة ؟؟ وما فائدتها بنطال ممزق موضة ؟؟ قال: نعم بنطال ممزق موضة. قلت لاحول ولا قوة إلا بالله. عندما يتعطل التفكير، يهيمن التقليد ولوكان ضاراً.

وعلى شاكلة ما ذكرت. أرى أحياناً أطفالاً صغاراً خاصة بنات. منظراً متناقضاً، الأم محجبة، وقد تكون منقبة تمسك يد ابنتها الصغيرة، وقد ألبستها ثوب يكشف ذراعيها كاملة، وقسم من صدرها وظهرها، أتساءل ما معنى هذا اللباس، لعله يكون موضة أيضاً. احتمال تعثر البنت وسقوطها، مما قد يسبب جرح لها أو اتساخ جسمها من أرض الطريق أكثر من وقوع الشاب الفتى الذي ذكرته أنفاً. كما أن اللباس يقي أشعة الشمس.

والغريب أنني رأيت مرة بنت ليست طفلة صغيرة، وإنما عمرها قرابة التسع سنوات بهذا الشكل تصطحبها جدتها المحجبة أيضاً. لم أتمالك نفسي هذه المرة فقلت للمرأة المصاحبة للبنت بعد ألقيت عليها السلام هل هذه ابنتك قالت: ابنة ابني. قلت لها أليس من الأفضل أن تستروا جسدها، وقد بلغت هذا العمر. قالت نعم. قلت ولو لم تبلغ البنت الحلم يجب أن تلبس اللباس المحتشم لتتدرب على لبس الحجاب مستقبلاً، قالت نعم أشكرك.

إن ابتكار أشياء جديدة مفيدة للإنسان في مختلف مجالات الحياة، وخاصة اللباس، إن كان فيه فائدة للإنسان لابأس. أما ابتكار شيء جديد من الموضات لافائدة منها بل فيها مضرة لأمر يثير الغرابة، كيف يتقبله بعض الناس !!.

من يسير مع الموضة من المسلمين، هل فكر مرة من يصمم الموضات؟؟، ولماذا يصممونها؟؟. ولماذا الموضات كثيرة للنساء وقليلة للرجال. الحضارة المعاصرة حضارة مادية همها الربح وجني الثروة بأي طريقة، ولو بطرق فيها مفاسد، سئل أحد مصممي الأذياء ممن لاخلاق لهم عن غرابة تصميماته، قال إنه يتعمد إظهار المناطق المثيرة في الجسم.

الإسلام لم يترك شيئاً حتى اللباس ذكره وبين الهدف منه : قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (الأعراف 26)، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » 1

المقصود من الحديث التشبه المخالف للشرع، وفيه مفسدة، والمخالف للذوق العام.

1-   سنن أبي داود

 

 

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"