الأربعاء، 15 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

196 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

 10a na 37721

محمد شعبان أيوب - باحث في التاريخ والتراث:نتيجة بحث الصور عن محمد شعبان أيوب

منذ اللحظات الأولى للإسلام والقرآن يتنزل على رسول الله يفصل له قصص الأنبياء الذين سبقوه. ولم يكن هذا القصص للتسلية والتخفيف عن المسلمين مما يكابدونه من ألم فحسب، كما لم يكتف القرآن بذكر أخبارهم من دون بيان وتوضيح وتعليق لإفادة المسلمين وأخذ العبرة والنهج، لكننا أيضا نجد في هذه الآيات الكريمات تعظيما وتبجيلا وتكريما لكل الأنبياء والمرسلين.

ولم يكن هذا التعظيم لأنبياء الله ورسله في القرآن الكريم فقط، بل حرص نبينا على تبيانه وإجلائه لأصحابه ولأمته كافة، وكشف أن الإيمان بالرسل أحد قواعد الإيمان الأساسية وأركانه الستة.

احترام الأنبياء أساس لاحترام غير المسلمين

ولقد استمر هذا النهج الكريم في المدينة المنورة بعد الهجرة، وحتى بعد الصراعات التي دارت بين المسلمين واليهود تارة، وبينهم وبين النصارى تارة أخرى؛ ما توقف القرآن عن الثناء على أنبياء الله -عز وجل- وفي مقدمتهم موسى وعيسى -عليهما السلام- نبيا اليهود والنصارى.

وإنه حين حدث خلاف بين مسلم ويهودي حول المفاضلة بين الأنبياء، غضب الرسول لمصلحة اليهودي، فقد روى أبو هريرة  "رضي الله عنه": قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه فقال: لا، والذي اصطفى موسى على البشر. فسمعه رجل من الأنصار فقام فلطم وجهه، وقال: تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي  بين أظهرنا؟! فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال  : «لم لطمت وجهه؟!». فذكره، فغضب النبي  حتى رئي في وجهه ثم قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله؛ فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي، ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى».

لقد أدرك نبينا أن وجود اليهود والنصارى إلى يوم القيامة أمر مسلم به، وقد أخبر بذلك في أحاديث نبوية كثيرة، وإذا كان وجودهم أمرا لا شك فيه، فلم يكن ثمة بد من التعامل معهم، والاعتراف بهم، والبحث عن أفضل السبل للتعايش وضمان الاستقرار، بل والتعاون على المشتركات.

مدح المخالفين والاعتراف بما لهم

وقد كان من أعجب ما قام به عدم اقتصاره على مجرد التلطف والتودد مع المخالف، وإنما كان يتجاوز ذلك إلى الثناء والمدح، حتى أولئك المحاربون له بالسيف كان يمدحهم إذا رأى منهم ما يستحق ذلك.

لقد مدح سهيل بن عمرو وهو حينئذ من مفاوضي المشركين في صلح الحديبية، ويعلن للكل من المسلمين مستبشرا: «لقد سهل أمركم»؛ لما يعلمه من سهولة أمر سهيل وحسن طباعه.

وحين يتكلم عن خالد بن الوليد  "رضي الله عنه"  قبل إسلامه، في العام السابع من الهجرة، وبعد عدة معارك شرسة كان خالد بن الوليد فيها على رأس جيوش المشركين، ومن أهمها غزوة أحد، وغزوة الأحزاب، ووقعة الحديبية، فإنه يصرح للوليد بن الوليد أخي خالد بن الوليد (وكان الوليد قد أسلم حينذاك): «أين خالد؟». فقال الوليد: يأتي به الله. فقال  : «ما مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره».

ثم ها هو  يمدح أخلاق قوم مشركين رفضوا الدخول في دين الإسلام، ولم يقبلوا أن ينصروه؛ مدحهم لأنه رأى أن لهم أخلاقا حسنة في بعض الأمور فامتدحها، أولئك القوم كانوا من بني شيبان ممن سكنوا في شمال شرق الجزيرة العربية على أطراف العراق آنئذ، وكانوا يتحالفون مع الدولة الساسانية الفارسية، فلقد عرض عليهم رسول الله الإسلام، فاستحسنوا أمره للغاية، وكانت ردودهم على النبي غاية في الأدب والصدق، على أنهم رفضوا صراحة أن يدخلوا في الإسلام؛ خوفا من كسرى، فلما رأى هذه الأخلاق منهم قال معترفا: «ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وأموالهم، ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟». فقال النعمان بن شريك: اللهم لك ذا. فتلا رسول الله  : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46)} (الأحزاب:45 و46)، ثم قام فأخذ بيدي أبي بكر  "رضي الله عنه" ، فقال: «يا أبا بكر، أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها؛ بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم».

إن هذا الموقف من رسول الله  ليعتبر من المواقف المحورية التي يجب أن يتمثلها المسلمون في حوارهم مع غير المسلمين، إنه  لا يمتنع عن ذكر محاسنهم وفضائلهم دون كذب ولا رياء، إنما يذكر الحق الذي رآه، وفي هذا إحقاق للحق، وفي الوقت نفسه ترقيق لقلوب المخالفين والمعارضين؛ مما يجعل خلافهم مع المسلمين أقل حدة وأضعف شوكة.

العدل مع غير المسلمين

إن العدل عند نبينا أمر مطلق، لا يتوقف عند أصحاب الأديان والأجناس والعصبيات والمصالح المخالفة، ولا غير ذلك من الوشائج الأرضية والعلاقات البشرية، وهو مما أصله الإسلام ودعا إليه، فقد قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا  اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } (المائدة:8).

لقد تجلى عدله مع المخالفين في مواطن كثيرة أحاطت بها سيرته، منها ما حدث عندما سرق رجل من المسلمين من إحدى قبائل الأنصار من بني أبيرق بن ظفر بن الحارث، وكان اسمه في رواية: طعمة بن أبيرق، وفي رواية أخرى: بشير بن أبيرق، وكان هذا الرجل قد سرق درعا من جار له مسلم يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب مملوء بالدقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار، ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين، فالتمست الدرع عند طعمة فحلف بالله ما أخذها، فقال أصحاب الدرع: لقد رأينا أثر الدقيق في داخل داره. فلما حلف تركوه، واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي، فوجدوا الدرع عنده، فقال اليهودي: دفعها إلي طعمة بن أبيرق. فجاء بنو ظفر -وهم قوم طعمة- إلى رسول الله وسألوه أن يجادل عن صاحبهم، فهم رسول الله  أن يعاقب اليهودي، فأنزل الله -عز وجل- هذه الآيات: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ  وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) } (النساء: 105-107).

لم يكن الأمر مجرد تبرئة رجل وإدانة آخر، «إنما كان أمر تربية هذه الجماعة الجديدة؛ لتنهض بتكاليفها في خلافة الأرض وفي قيادة البشرية، وهي لا تقوم بالخلافة في الأرض، ولا تنهض بقيادة البشرية حتى يتضح لها منهج فريد متفوق على كل ما تعرف البشرية، وحتى يثبت هذا المنهج في حياتها الواقعية، وحتى يمحص كيانها تمحيصا شديدا، وتنفض عنه كل خبيئة من ضعف البشر، ومن رواسب الجاهلية، وحتى يقام فيها ميزان العدل -لتحكم به بين الناس- مجردا من جميع الاعتبارات الأرضية، والمصالح القريبة الظاهرة، والملابسات التي يراها الناس شيئا كبيرا لا يقدرون على تجاهله!».

كان النبي في تعامله مع غير المسلمين والمخالفين عموما يعتمد على حسن الخلق أولا، ورجاء الخير لهذا المخالف في العاجل والآجل، بل كان يحزن أن نفسا قد تفلتت من دعوته إلى ذلك الخير فأتاها أجلها؛ ولقد مرت به جنازة فقام، فقيل: إنه يهودي. فقال: «أليست نفسا».

وبهذا المنطق المتسامح القائم على قاعدة أخلاقية صلبة ينظر الإسلام إلى المخالف، على أن ذلك المخالف يجب أن يقابل الإحسان بالإحسان لا بالإساءة والتشويه والعداء؛ إذ الإسلام دين لا يقبل أنصاره إهانته أو الحط من شأن رموزه وقيمه وشرعته.

الهوامش

1- البخاري: كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (الصافات:139) (3233)، والترمذي (3245)، وابن ماجه (4274).

2- انظر على سبيل المثال: البخاري: حديث رقم (2768)، ورقم (2109)، ومسلم: حديث رقم (2944)، ورقم (155).

3- البخاري: كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب (2581).

4- الذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق بشار عواد، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، بيروت، 2003م، 1/318.

5- البيهقي في الدلائل 2/422 - 427، وأبو نعيم في الدلائل 1/237 - 242؛ وانظر: ابن كثير: البداية والنهاية 3/164، 165.

6- راغب السرجاني: فن التعامل النبوي مع غير المسلمين، دار أقلام للنشر والتوزيع، القاهرة، ص95.

7- الترمذي عن قتادة بن النعمان (3036)، وقال الترمذي: غريب. والحاكم 4/385 - 388 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

8- سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق، الطبعة السابعة عشرة، القاهرة، 2/753.

9- مسلم: باب القيام للجنازة (961).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال