الخميس، 16 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

208 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

614 22GHR

مياسة النخلاني

كاتبة يمنية

لم يكد يمضي بضعة أشهر على مُحمّد وعائلته في ألمانيا بعد أن انتقل إلى العمل هناك حتى افتقد الجميعُ وطنهم وبيئتهم السمحة الجميلة ببساطتها؛ حيث الوجوه المبتسمة تعانق العيون كل صباح، والجار يدق على جاره وهو يحمل بين يديه صينية طعام تصاحبها ابتسامة خجلة، ما معناه: «اقبل ما لديّ على بساطته»، حيث المآذن تصدح خمس مرات في اليوم بصوت شجي يلامس شغاف القلب، يتقاطر على إثره المصلون إلى المساجد يلبون النداء، يتصافحون ويسألون ويتبسمون في وجوه الغرباء دون تكلف.

افتقدوا للبساطة في العطاء والحب والتعامل، نعم في أوروبا كل شيء يخلب الألباب ببريقه وروعة إتقانه وصنعه، الطوابير منتظمة، والمباني والطرقات تبرق نظافة وبهاء، الجميع يعملون بجد واجتهاد؛ لكن ما إن يتشبع المرء بهذا البريق الجميل وهذا الصنع المتقن حتى يُصدم ببرودة تسري في أوصاله، ليست برودة الثلج المتساقط في الشتاء فقط، بل برودة أهل البلاد غير المبالين بمن حولهم، وكأن كل واحد منهم يعيش في عالم منفصل لا يكاد يشعر بمن وبما حوله، وهنا يبدأ القادم من بيئة عربية مسلمة بافتقاد الجوهر، الدفء، الإنسان والإنسانية التي عاشها وعاشت فيه منذ نعومة أظفاره، استقاها من القرآن الكريم وسنة الحبيب المصطفى  " صلى الله عليه وسلم" ، القيم التي اكتسبها في البيت والحي والجامع والمدرسة وحتى العمل، فنحن شعوب رغم بساطتنا لكننا تغذينا على القيم والأخلاق منذ أن وعينا على الدنيا.

هكذا بدأ محمد وعائلته بالتأقلم في البيئة الجديدة محاولاً قدر الإمكان التشبث بأطايب دين الإسلام الحنيف، وخُلق النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام التي تعلمها منذ صغره، جاهد كثيرًا حتى لا تصيبه لوثة اللامبالاة والقسوة التي فُطِر عليها أهل هذه البلاد، متجاهلًا الصورة المغلوطة التي كونوها عن المسلمين والإسلام التي حاول الإعلام الغربي جاهدًا ربطها بصور العنف والدماء ظلمًا وعدوانًا رغم أن ديننا دين إنسانية ورحمة.

ذات صباح، وبينما هو يغادر شقته متوجها للعمل، بادره عامل صيانة المصعد بابتسامة مرتبكة وهو يقول: «عذرًا سيدي على الإزعاج، لدينا عطل في المصعد، سنحاول إصلاحه في أسرع وقت ممكن، يمكنكم استخدام الدرج لذلك الحين».

«لا عليك خذ وقتك»، وأكمل: «اسمي محمد، هل تحتاجني في شيء قبل أن أذهب إلى العمل؟!».

هز رأسه نفيًا وهو يشكره، ذهب محمد تاركًا العامل وسط نظرة ذهول من الرجل ذي السنحة العربية وبلحيته الخفيفة، مقارنًا بين صورته التي تكونت لديه عن العرب والمسلمين وبين هذا الرجل الطيب الذي عوضًا عن التذمر بأنه سينزل على الدرج من الدور العاشر يعرض عليه المساعدة، هز كتفه وعاد إلى عمله.

بعد ساعة من العمل المتواصل فُتحت شقة محمد، فانتظر الرجل أن يسمع كلمات توبيخ للتأخير بإصلاح المصعد والإزعاج غير المقبول أمام الشقة، عوضا عن ذلك تقدم نحوه ونحو زملائه صبي يحمل صينية عليها أكواب شاي، وضعها أمامهم وعاد سريعًا إلى أمه، ليعود مرة أخرى وهو يحمل صينية معجنات شرقية ساخنة، وضعها بجانب الشاي وأوشك على المغادرة؛ لكنه استوقفه متسائلًا: «ما هذا؟»...

«طعام لك ولرفاقك، والدتي تعتذر منكم، لم تكن تعلم أنكم قادمون لإصلاح المصعد وإلا أعدت لكم شيئًا أفضل»، قالها الصبي متلعثمًا!

تبادل العامل نظرات استغراب مع زملائه وهو يقول: «لكن لماذا؟!»...

رد الصبي ببراءة: «لا يوجد ما يدعو إلى الدهشة، فهكذا تعودنا في بلادنا؛ لا يأتي أحد لإصلاح شيء في دارنا إلا وأعددنا له شيئًا يأكله، فمن غير اللائق أن نترككم من دون طعام طوال هذا الوقت بينما نحن نستمتع بالطعام، أليس كذلك؟!»...

«ربما!»، قالها مستغربًا.

أوشك على العودة، لكنه توقف وقال للرجل: «لا تشغل نفسك بالأواني حين الانتهاء، اتركها بجانب الباب وسأعود أنا لآخذها لاحقًا»، حيّاه بابتسامة ودخل البيت.

ترك الجميع العمل وجلسوا ليستمتعوا بمذاق الشاي والمعجنات، وقبلها بمذاق الأسلوب الراقي الذي تم استقبالهم به من قبل الأسرة المسلمة في العمارة. لا أحد سواهم سألهم إن كانوا بحاجة إلى المساعدة، ولا أحد سواهم أهداهم الطعام الساخن والشاي، ولا أحد سواهم تبسم في وجوههم كما فعل الوالد وابنه.

«أتدري، ليسوا كما كنا نظن، أقصد المسلمين!»، قال مبادرًا لأصدقائه.

«معك حق»، رد صديقه وهو يرتشف الشاي الساخن.

أكمل الجميع الطعام وعادوا إلى عملهم، وقبل أن يغادروا حمل العامل أكواب الشاي والطبق وطرق باب شقة محمد ففتح له الصبي الباب، أعطاها إياه وهو يقول: «آمل أن تبلغ والدتك ووالدك مني ومن زملائي خالص شكرنا، أقسم أنكم أثّرتم فينا حقًا، أعملُ في إصلاح المصاعد منذ 15 عامًا ولم يعاملني أحد بمثل هذا اللطف والإحسان، بوركتم وبورك دينكم الذي صبغكم بهذه الأخلاق».

حين عاد محمد وحكا له ابنه ما حدث حمد الله تعالى أن بدأت جهوده وجهود عائلته لإزالة النظرة الخاطئة عن الإسلام تؤتي ثمارها؛ فقد وطّن نفسه أن يبقى كما هو لا يتأثر بما حوله، بل يكون هو المؤثر، ولا يجعل نظرات الريبة والشك في وجوه الآخرين تؤثر عليه، فما إن يخرج إلى عمله صباحًا حتى يتلقى الوجوه التي تمر عليه بابتسامة ندية رغم علامات التعجب والاستنكار التي ترتسم أحيانًا على وجوه الآخرين.

وهكذا كان في عمله وبين زملائه حتى عرفوه جميعا بمحمد ذي الروح الطيبة والابتسامة العذبة، يهب إلى مساعدة من يحتاجه دون انتظار شكر أو تقدير، وكلما قابلوه بتعصب أو نفور قابلهم بالحسنى والإيجابية النابعة من قلبه لا تلك المصطنعة. آمن بأن العمل المنوط به ليس فقط إتقان عمله الإداري الذي جاء إليه وتعلمه في الجامعة؛ إنما صار منوطًا به العمل على إزالة هذه السبة التي التصقت بالمسلمين جزافًا، وهذه لا تحتاج إلى أي مجهود عدا أن يكون هو بأخلاقه الطيبة، ويتمسك قدر الإمكان بهدي الحبيب المصطفى  "صلى الله عليه وسلم"  وتعاليمه السمحة.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال