الخميس، 16 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

44 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

anwar elkahf

بقلم - د.عبدالعال عبدالرحمن:

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات، الحمد لله الذي علم العثرات، فسترها على اهلها وانزل الرحمات، ثم غفرها لهم ومحا السيئات، فله الحمد ملئ خزائن البركات، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات، وله الحمد عدد حبات الرمال في الفلوات، وعدد ذرات الهواء في الأرض والسماوات، وعدد الحركات والسكنات، سبحانه سبحانه سبحانه الطير سبحه والوحش مجده والموج كبره والحوت ناجاه والنمل تحت الصخور الصم قدسه والنحل يهتف حمداً في خلاياه، الناس يعصونه جهراً فيسترهم والعبد ينسى وربي ليس ينساه.

وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرج للكربات إلا هو، ولا مقيل للعثرات إلاهو، ولا مدبر للملكوت إلا هو، ولا سامع للأصوات إلا هو، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته، وما انتصر دين إلا بمداد عزته، وما اقشعرت القلوب إلا منعظمته، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته، واقام اعوجاج الخلق بشريعته، وعاش للتوحيد ففاز بخلته، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته، صلى عليك الله يا علم الهدى  أما بعد فيا أيها الأخوة الأحباب في جميع جنبات الأرض أقدم بين يديكم كتابي الجديد تحت عنوان أنوار الكهف الذى يقص قصة أصحاب الكهف بصورة جديدة وطرح جديد أتمنى أن تستمتعوا به وتستفيدوا منه وأنصح جميع المسلمين أن يعلموا أولادهم هذه القصة الفريدة لهؤلاء الفتية الاطهار الابرار وأن يقتبسوا منها العبر والعظات، وأتمنى أن يصل هذا الكتاب النافع إلى كل بيت من بيوت المسلمين وأسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يجعله في ميزان حسناتي وحسنات حازم أخي رحمه الله وأن يعم بنفعه جميع المسلمين.

ما الكهف:

الكهف كما قال علماء اللغة هو الشق أو الفتحة الواسعة في الجبل فإن لم يتسع فهو غار وهنا لطيفة بين الفرق بين الكهف أو الغار فالغار هو المكان الضيق في قلب الجبل الذى لا يتسع إلا لفرد أو فردين أو ثلاثة فإن إتسعت هذه الفتحة في قلب جبل من الجبال سمى كهفا.

أين مكانه:

الله أعلم بمكان الكهف ومن يجزم بمكان له فإنما هو يضرب بقسط بين من المجازفة والتخمين إذ لو علم الله جل وعلا في تحديد مكان الكهف مصلحة شرعية أو ضرورة عقدية لبينه لنا رب البرية أو سيد البشرية، فما سكت القرآن عنه وجب علينا نحن المسلمين أن نسكت عنه وألا نبحث فيما وراءه لاسيما وقد أمر ربنا نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله في قصة اصحاب الكهف (ولا تمار فيهم إلا مراءا ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) إذا لا تستفتى إلا الواحد الاحد لا تستقى هذه المعلومات إلا من القرآن والقرآن فيه الغنى والكفاية.

فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة:

 ورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي - صلىالله عليه وسلم - قال صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاءله من النور ما بين الجمعتين ". واه الحاكم ( 2 / 399 ) والبيهقي ( 3 / 249 ). والحديث: قال ابن حجر في " تخريج الأذكار ": حديث حسن، وقال:وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف. انظر: " فيض القدير " ( 6 / 198(وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع (6470).

العلاقة بين سورة الكهف وفتنة الدجال:

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح (من قرأ عشر آيات من سورة الكهف وقى من فتنة الدجال) ولعل العلاقة بين السورة وفتنة الدجال أن سورة الكهف حوت أربع قصص حملت في ثناياها أربع فتن وهم الفتنة في الدين التي حدثت لفتية الكهف - فتنة المال والولد – فتنة الجاه والسلطان –فتنة العلم والدجال سيأتي آخر الزمان بهذه الفتن الأربعة.

  1. يطلب من الناس عبادته من دون الله (فتنة الدين)
  2. سيأمر السماء أن تمطر ويفتن الناس بما في يده من أموال (فتنة المال)
  3. فتنة العلم بما يخبر به الناس من أخبار
  4. فتنة السلطة لأنه سيسيطر على جزء كبير من الأرض.

متى وقعت قصة أصحاب الكهف وما تاريخها؟: للعلماء قولان في زمن وقوع القصة:

القول الاول: قيل إن قصة أصحاب الكهف وقعت بعد زمن عيسى عليه السلام في عهد ملك يقال له دقيانوس وكان هذا الملك كافرا ظالما جبارا كفر بالله جل وعلا وعبد الأصنام والآلهة المكذوبة الباطلة المدعاة وأمر قومه بالكفر بالله وأرهقهم وعذبهم وفتنهم وكلفهم بالذبح لأصنامه وآلهته الباطلة وسامهم سوء العذاب ومن أعلن التوحيد منهم قتله،فلما رفع إليه أمر الفتية الذين أنكروا ما رأوه واعترضوا على هذه الأصنام والآلهة الباطلة وراو ببصائرهم التي من الله بها عليهم ونورها لهم أن الذى يستحق أن يوحد هو الله وأن هذه الحجارة لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تغنى عن نفسها فضلا عن غيرها شيئا.

أرب يبول الثعلــــــــــــــبان برأســــــــــــــــــــــــــــه              لقد ذل من بالت عليه الثعالب

فلـــــو كـــــان ربا كـــــــــان يمنع نفــــــــــسه               فلا خير في رب نأته المطالب

برئت من الأصنام في الأرض كلها         وأمـنت بالله الــذى هو غــــــــالـب

آمن هؤلاء الفتية بالله الواحد الأحد واعترضوا على ما يفعله الناس من شرك بين فرفع أمرهم إلى هذا الملك الظالم دقيانوس فأمر بإحضارهم على الفور فخاطبهم وناقشهم وكلمهم وردوا عليه بقوة ووضوح فأمهلهم ليتخلوا عن دينهم الحق وليعودوا الى دينه الباطل فهرب هؤلاء الفتية بدينهم ليلا واواهم المبيت الى الكهف وكان من أمرهم الشيء العجيب.

القول الثاني: ما رواه محمد ابن اسحاق والطبري عن ابن عباس أنه لما اشتدت الأزمة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ورأي كفار مكة إتشار دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بدا لهم أن يرسلوا إلى اليهود بالمدينة ليسألوهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن مدى صدقه من كذبه لأن اليهود أهل كتاب وعلى علم بصفات الأنبياء وأخبارهم،فأرسل كفار مكة النضر بن الحارث وعقبة بن أبى معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة،فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته،وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة،فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله،وقالا أنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، فقالت لهم اليهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقول فراوا فيه رأيكم، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنهم قد كان لهم شأن عجيب؟ وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم،فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فأخبروهم بها،فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا:قال: أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يستثنى،فانصرفوا عنه،ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل عليه السلام،حتى أرجف أهل مكة وقالوا:وعدنا محمد غدا واليوم خمسة عشرة ليلة وقد أصبحنا فيها ولا يخبرنا بشيء عما سألناه،حتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحى عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عز وجل بسورة الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف. ( للأمانة العلمية هذا السند فيه مقال كما روى أهل العلم )

فوائد جلية ومعانى خفية

  1. معرفة اليهود بقصة أصحاب الكهف يدل على أن زمنهم متقدم على زمنهم يعنى الفتية كانوا في زمن قبل زمن اليهود،وفيها دلالة أيضا على أن قصتهم قديمة محفورة محفوظة مسطورة في الكتب القديمة بدءا من اليهود و انتهاءا بالقرآن الكريم.
  2. موقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما تأخر عليه الوحى يبين لمن لديه عقل راجح أن النبي لا ينطق عن الهوى ولا يتكلم من قبل نفسه ولا من عند كيسه،إنما يتكلم بوحى من الله قال تعالى مادحا له في سورة القمر (والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو الا وحى يوحى )."سورة القمر"

وقال تعالى (ولو تقول علينا بعض الاقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين).

فمع تأخر الوحى عنه صلى الله عليه وسلم لم يدل لهم بأي رد على سؤالهم وهذا دليل بين على أنه أمين على الرسالة والوحى مع أن كفار مكة إستعجلوا الإجابة وبدأوا يسخرون منه ويتكلمون بكلام أحزنه قالوا:( وعدنا محمد أن يخبرنا غدا واليوم قد مضى خمسة عشر يوما، فما هو إلا رجل متقول).

  1. تأييد الله لنبيه بذكر قصة أصحاب الكهف وفي ذكرها إقامة الحجة على الكفار حتى لا يكون لهم عذر أمام الله يوم القيامة.

تفرد سورة الكهف بقصص أربعة

تفردت سورة الكهف بذكر أربع قصص لم ترد في أي سورة من سور القرآن الكريم كله قصة أصحاب الكهف وقصة صاحب الجنتين وقصة موسى والخضر وقصة ذي القرنين وتفرد السورة بذكر هذه القصص يعطيها بريقا خاصا.

كيف إهتدى الفتية للإيمان بالله؟

هناك أقاويل كثيرة سردت طريقة إهتداء الفتية للإيمان بالله من بين قومهم المشركين الذين كانوا يعبدون الأوثان، وأصحها قصتان:الأولى أنهم إلتقوا براع غنم مؤمن يقال أنه كان من الحواريين فعرفهم على عقيدة التوحيد فلاقت فطرا سليمة لم يدنسها الشرك فامنوا بالله الواحد الاحد ,والقصة الثانية تقول أن هؤلاء الفتية نظروا الى الاصنام فوجدوها لا تسمع ولا تبصر ولا تدفع عن عابديها ضرا ولا تجلب لهم نفعا ونظروا ببصائرهم الى خلق السموات والارض فتبين لهم ان ربهم هو رب السموات والارض فقذف الله في قلب كل واحد منهم الإيمان فالتقوا في يوم عيد لقومهم فقرروا أن ينبذوا الشرك وعبادة الاصنام وان يعتزلوا قومهم المشركين وأن يتوجهوا بعبادتهم نحو خالقهم العظيم.

ولم يسرد لنا القرآن الكريم تفاصيل هدايتهم ولكن الله أجملها بقوله (إنهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى) المهم ايها القارئ الكريم أن تعرف أنهم فتية امنوا بالله وحده وتركوا الفرش الوثيرة والحجر الواسعة والدور والقصور وآووا الى الله في كهف ضيق موحش مظلم فأواهم الله وشملهم برحمته وعنايته.

فتية الكهف كانوا في بداية الشباب وكانوا من أبناء الاكابر:

حكى ابن كثير في كتاب البداية والنهاية أن فتية الكهف كانوا من أبناء الاكابر يعنى كانوا يعيشون في رغد من العيش وظاهر القرآن يدل على أنهم من الأثرياء ومع ذلك فضلوا حياة الكهف عن الحياة في القصور لان الكهف مع التوحيد وسع في نظرهم من الدنيا وما فيها،اما القصر الخالي من نور التوحيد فهو في الحقيقة مظلم أضيق من سم الخياط ,ضحوا بكل شيء من اجل عقيدتهم ضحوا بآبائهم وإخوانهم وتركوا ملاعب صباهم وتوجهوا الى خالقهم وخرجوا من هذه القرية المظلمة سائلين الله رحمته فاستجاب دعائهم وجعلهم آية من آياته وخلد ذكراهم في كتابه.

أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا:

بدأت السورة بقص خبر أصحاب الكهف على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية , أم حسبت أم هنا بمعن بل يعنى بل حسبت يا محمد أن خبر الفتية وما حدث لهم بعجيب من آياتنا بل في آياتنا ما هو أعجب من خبرهم.

قال ابن عباس: الذى أتيتك من العلم والبينة والكتاب أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم.

يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية: ( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد:أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فان ما خلقت من السموات والارض وما فيهن من العجائب أعجب من أمر أصحاب الكهف،وحجتى بكل ذلك ثابتة على هؤلاء المشركين من قومك وغيرهم من سائر عبادى).

وأظهر الأقوال في معنى الآية الكريمة ما ذكره صاحب أضواء البيان: أن الله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: إن قصةأصحاب الكهفوإن استعظمها الناس وعجبوا منها، فليست شيئا عجبا بالنسبة إلى قدرتنا وعظيم صنعنا، فإن خلقنا للسموات والأرض، وجعلنا ما على الأرض زينة لها، وجعلنا إياها بعد ذلك صعيدا جرزا، أعظم وأعجب مما فعلنابأصحاب الكهف، ومن كوننا أنمناهم هذا الزمن الطويل، ثم بعثناهم، ويدل لهذا الذي ذكرنا آيات كثيرة:

ويقول الشيخ السعدى في تفسير الآية ( لا تظن أن قصة أصحاب الكهف وما جرى لهم غريبة على آيات الله، وبديعة في حكمته، وأنه لا نظير لها، ولا مجانس لها، بل لله تعالى من الآيات العجيبة الغريبة ما هو كثير،من جنس آياته في أصحاب الكهف وأعظم منها، فلم يزل الله يري عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم ما يتبين به الحق من الباطل، والهدى من الضلال، وليس المراد بهذا النفي أن تكون قصة أصحاب الكهف من العجائب، بل هي من آيات الله العجيبة، وإنما المراد أن جنسها كثير جدا، فالوقوف معها وحدها في مقام العجب والاستغراب نقص في العلم والعقل، بل وظيفة المؤمن التفكر بجميع آيات الله، التي دعا الله العباد إلى التفكير فيها؛ فإنها مفتاح الإيمان، وطريق العلم والإيقان.

قال محمد ابن اسحاق ( ما أظهرت من حججي على العباد أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم.

قصة أصحاب الكهف ليست بأعجب من خلق السموات والأرض:

إن قصة أصحاب الكهف قصة عجيبة جدا إن مكث هؤلاء الفتية في كهفهم ثلاثمائة وتسع سنين وهم رقود يتقلبون يمينا وشمالا ثم يبعثهم الله تعالى بعد أن مضت أجيال عديدة فهذه اية من أعظم الآيات وهي تستحق التأمل والعجب غير ان عجائب قدرة الله لا تنتهي، فليست قصة الفتية بأعجب من خلق السموات والأرض وما فيهن من الأمور العظام التى تستحق التفكر فى هذه المخلوقات العظيمة كالجبال والشمس والقمر والسموات وغيرها من الآيات التى تملآ السموات والأرض كثير ويراها الناس ليل نهار.

لا تتعجب من قدرة الله في شفاء مريض فقدرة الله لا تعرف المستحيل:

نسمع كثيرا أن هناك مرضى أشرفوا على الموت وسرى المرض الفتاك في أجسادهم وقد تيقن كل من حولهم أنها اللحظات الاخيرة وإذا بقدرة الله تتدخل فتدب العافية في جسد المريض وينتهي المرض تماما إنها قدرة الله التي ليس لها حدود ولا عجب فأمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.

قالوا أتعجبين من أمر الله؟:

لما جاءت الملائكة لزوجة ابراهيم عليه السلام تبشرها بإسحاق تعجبتكيف لها ان تلد وهي في هذه السن وزوجها شيخا كبيرا،فأنكرت الملائكة عليها تعجبها من أمر الله، أي من قضائه. وقدره، أي لا عجب من أن يرزقكماالله الولد، وهوإسحاق وهنا أقف وأوجه نداء مليء بالأمل لكل من لم يرزق بالذرية حتى الان وأقول له لا تيأس فالأمل بالله أوسع وأكبر من السموات والارض والله قادر أن يمن عليك في لحظة بالحمل والذرية فعلق قلبك بالله فالذي جعل الفتية ثلاثمائة وتسع سنين نائمون لم يتغير في اجسادهم شيئا قادر على ان يمن عليك بالذرية الصالحة والذى رزق مريم بعيسى بلا اب قادر على ان يرزقك ولدا صالحا تقر به عينك فعلقوا قلوبكم بالله وتوكلوا عليه وأحسنوا الظن به.

آيات الله العجيبة:

إن الله جل وعلا دعا عباده في آيات كثيرة في القرآن الكريم إلى التفكر في آياته والتأمل في مخلوقاته الدالة على عظمة خالقها وكمال موجدها وعظمة الرب الجليل سبحانه وتعالى وكم هي الآيات العظيمة والبراهين الواضحة الدالة على كمال الخالق الرب العظيم سبحانه

وفي كل شيء له اية  ***  تدل على أنه الواحد

ومن آياته العجيبة:-

اختلاف الليل والنهار ورفع السماء بلا عمد وخلق الابل وما بها من القدرة العظيمة في تحمل المشاق وتمهيد الارض للعباد وخلق الانسان من نطفة من ماء مهين والشمس والقمر وإختلاف الليل والنهار والفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس وإنزال المطر وتصريف الرياح وتسخير الانعام للبشر والسحاب المسخر بين السماء والارض والبرق والرعد وانشقاق القمر، كأن الله يقول لكفار مكة واليهود الذين وقفوا عند امر الفتية العجيب وتركوا مئات الآيات العجيبة والتي يرونها ليل نهار وفيها ما هو أعجب من خبر الفتية بكثير ومع ذلك لم يؤمنوا وفي هذا إقامة الحجة عليهم.

ما هو الرقيم:

وردت أقوال كثيرة في معنى الرقيم قيل إسم الوادي الذى فيه أصحاب الكهف وقيل إسم القرية التي خرجوا منها،وقيل اسم الكلب وأصح القوال في معنى الرقيم هو قول سعيد بن جبير وهو أنه لوح من رصاص أو حجارة كتب فيه أسماء هؤلاء الفتية وقصتهم وعددهم ومتى خرجوا وفي عهد من خرجوا ولماذا خرجوا ثم علق على باب الكهف حتى تتناقل خبرهم الأجيال فعلى هذا يكون الرقيم بمعنى المكتوب مأخوذ من قوله تعالى (كتاب مرقوم ) أي مكتوب والرقم بمعنى الكتابة.

لماذا خرج الفتية:

خرج الفتية من بين أظهر قومهم المشركين فارين بدينهم بعد أن هددهم الملك الظالم دقيانوس فتشاوروا فيما بينهم وقرروا أن يهربوا بدينهم فلجأوا إلى كهف ضيق مظلم فكان من أمرهم الشيء العجيب.

إذ أوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا اآتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا:

ترك الفتية الدور والقصور وآووا إلى كهف لكنهم قبل أن يأووا الى الكهف سألوا رب العالمين رحمته وهذه الرحمة التي تكون في القلوب تزيل الوحشة ولا يزيل الوحشة الا الانس بالله ويجدها المؤمن إذا عظم الإيمان في قلبه يبحث عنها أهل الثراء في السرايا شتاءً وفي المنتجعات صيفا فلا يجدونها، ويجدها المؤمن كلما تلا القرآن أو ذكر الله أو درس حديث رسول الله ضاق به المكان أو اتسع كان في حرب أو في سلم.

وجدها إبراهيم عليه السلام وهو في جوف النار، ووجدها محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الغار والكفار محيطين به، ووجدها يونس وهو في بطن الحوت،ووجدها يوسف في بطن الجب.

علم الفتية أن الامور تدبر في الملكوت الأعلى فلم يلجأوا لأحد إلا الله وهنا وهكذا أيها المؤمن تعلم من هؤلاء الفتية الاطهار أن تقبل على الله بالدعاء قبل الشروع في أي عمل فالله هو الذى بيده أن ييسره لك.

عجبا لهذا الايواء:

العادة أن الإنسان يأوي إلى أبيه وأمه، يأوي إلى بيته، لكن هؤلاءأووا إلى الكهف، والكهف موحش، الكهف مقفر، الكهف بعيد، الكهف ليس فيه أهل،الكهف ليس فيه متاع، ولا أثاث، ليس مجهزاً ليأوي إليه الإنسان، لكن هؤلاءأووا إلى الله، أووا إلى الكهف في سبيل الله، ولذلك صار الكهف مأوى، صارالكهف على بعده، وعلى بساطته وبدائيته، وعلى خلوه من الأثاث، والرياش،والمتاع صار بالنسبة لهم مأوى، لماذا؟ ؛ لأنهم آووافي الحقيقة إلى الله، أوى إلى الله فآواه الله، ومن آواه الله فلا ضيعةعليه،إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِفراراً بدينهم من أجل ربهم، خوفاً من الفتنة التي تفتنهم فتردهم عن دينهم،إنهم اعتنقوا التوحيد، وعرفوا الحق فاتبعوه، والعجب أنهم فتية، فيا عبدالله: لا يغرك السِّن فقد يوجد على الحق من هو صغير فتيٌ، و يا أيها الشابالذي نشأ في طاعة الله: هنيئاً لك فربما تعرف حقاً لم يعرفه الكبار، وانظرحولك في الدنيا، كم من الكبراء والخبراء؟ كم من هؤلاء لم يعرفوا الحق، لكنالصغير إذا عرف الحق، ونشأ عليه فإنه يبقى يسري في جسده منذ صغره، وشاب نشأفي طاعة الله، هذا التأسيس من مرحلة مبكرة أدعى للثبات، ولذلك نشّئوافتيانكم على طاعة الله ذكوراً وإناثاً، عرّفوهم الحق يا أيها الآباء،عرفوهم الحق.

فقه الفتية في دعائهم:

دعا الفتية ربهم وسألوه أن ينزل عليهم من لدنه رحمة وهذه الرحمة تشمل كل شيء فهم قد خرجوا تاركين أهليهم واخوانهم وبيوتهم فيحتاجون الى تثبيت ويحتاجون الى سكينة وطمأنينة وحفظ في هذا الكهف المظلم فما أحوج الخائفين الى هذه السكينة ويحتاجون إلى الراحة بعد التعب الذى وجدوه حتى وصلوا الى الكهف فاجملوا في الطلب فعمتهم رحمة الله ولبى الله لهم كل ما يحتاجونه وهنا وقفه ونصيحة للداعين أن يفقهوا فقه الدعاء: أن بعض الناس ربما يطلب تفاصيل؛ آتنيسيارة، وآتني وظيفة، وآتني بيتاً، وآتني مالاً، وآتني، ولكن عندما يسألالله من فضله فضل الله فيه كل هذه وزيادة عما سألت يا عبد الله، كذلك العافية، فإذنسؤال الله للعمومات من فقه الدعاءفأجملوا في الطلب.وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً، ما أحسن الرشد، الرشد: إصابة الحق، الرشد: المسلك الصحيح، الرشد: ضد الضلال، والغواية، ما أجمله وما أحسن من أوتيه،وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً،نحن فتية صغار، ما عندنا خبرة، نحن فتية نحتاج إلى حماية، ليس عندناحماية، نحن فتية خرجنا ما نعرف إلا بيوتنا، وبلدنا إلى أين نتجه، ليس لناخبرة بالطرقات، والدروب، والأسفار، لا نعرف إلى أين نتجه، لكن المهم أن نفربديننا، المهم أن ننجو من هؤلاء الظلمة.

سل الله الرشد:

كان من دعاء المصطفي صلى الله عليه وسلم سؤال الله العزيمة على الرشد عن شَدَّاد بْن أَوْسٍ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيُعَلِّمُنَا أَنْ نَقُولَ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِيالْأَمْرِ، وَأَسْأَلُكَ العَزِيمَةَ على الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ،وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَقَلْبًا سَلِيمًا،وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ،وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) والحديثصححه الألباني في السلسة الصحيحة رقم 3228وحسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند

والرشد هنا بمعنى الفلاح والصواب وهكذا يا أيها المسلم تعلم أن تسأل الله أن يهيء لك من امرك رشدا فانت لا تعرف . كل الاحتمالات في البيت إذا نزلت، ولا تعرف كل الاحتمالات في الوظيفة، إذاتوظفت فيها، ولا تعرف كل الاحتمالات في نوعية السيارة إذا اخترتها، ولاتعرف كل الاحتمالات في أشياء كثيرة، فماذا ستفعل للوقاية من الاحتمالات،تتبع الاحتمالات عملية منهكة جداً، تحتاج حسابياً، ورياضياً، إلى أعمالذهنية كثيرة، ثم أنت ستجلس إذا صار كذا، لا بد أن أفعل كذا، وإذا صار كذا،لا بد أن أفعل كذا، لدرجة أنه يضيق الوقت، والمصادر، والجهد، عن الوفاءبمواجهة كل الاحتمالات، لكن عندما تقول: هيئ لي من أمري رشداً، الله يدلك،الله يسلك بك المسالك، والدروب.

وهنا نقطة التحول الفتية في حياة هؤلاء الفتية:

الان وصلوا الى الكهف بدأوا يدخلونه واحدا تلو الاخر هناك في الكهف المظلم عالم من النور والإخلاص والتوحيد والمعانى السامية هنا خطوط الرحمة الإلهية متجلية على جدران هذا الغار وأمواج لطف الخالق تسبح في فضائه ليس هناك وجود للأصنام من أي نوع كانت التوحيد يلف المكان ولا يصل الظلمة الجبارين الى هذا الكهف دخل الفتية جميعهم فبدأت المكافآت الربانية واستجابة الدعاء تترى عليهم.

فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا:

لما دخل الفتية إلى الكهف فارين بدينهم من بطش هذا الملك الظالم بدأت المكإفات الربانية واستجابة الدعاء تظهر لهم، فالذى ينظر إلى حال الكهف وما حدث لهم يرى بعين البصيرة أن الكهف تحول إلى قصر واسع مهيىء بكل أنواع الراحة والطمأنينة والأمان وكأنهم قبل دخولهم كان الخدم يجهزون لهم كل وسائل الراحة في هذا  ر رررالكهف والشمس تستعد لتنظيف الكهف والكلب يستعد لأن يحرسه من الخارج والرعب يشكل سياجا من الخارج يحفظهم فأي عناية هذه وأي ولاية وكرامة حدثت لهؤلاء الفتية الذين هزوا الكون كله بإيمانهم بالله الواحد الأحد فسارعت أكبر الأجرام السماوية لنصرتهم وحتى تنال شرف الدفاع عن عباد الله المؤمنين ومن هنا نبدأ في ماذا حدث لهم في الكهف بمجرد دخوله ووسائل التهيئة التي هيأها الله لهم في هذا الكهف.

1-الضرب على الآذان: لما دخل الفتية إلى الكهف كانوا متعبين من تسلق الجبل والسرعة في الفرار من القرية حتى لا يكتشف أمرهم فكان أول شيء يحتاجونه هو الراحة وأقصى درجات الراحة هو النوم العميق والنوم هو الراحة التامة التي تطغى على الالام العضوية في الذات الإنسانية، لكن كيف يأتي لهم نوم عميق في كهف عرضة لأصوات العواصف والرياح الشديدة والسباع المفترسة لذا ضرب الله على آذانهم، والضرب هنا ضرب رحمة لا ضرب عقاب ولو أن الله لم يضرب على آذانهم لأصبحت الراحة غير كاملة

2- حارس في الخارج: بعدما هيء الله لهم الراحة الكاملة كان لابد من حارس يحرسهم سخر اللهم لهم كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد أي فناء الكهف لكى يحرسهم ويكون باعثا لمزيد من الرعب لكل من يقترب منهم.

3-الرعب: إن كهفا مفتوحا تدخل منه الشمس يمر عليه ثلاثة قرون ليس من المعقول أن لا يمر به سبع كاسر ولا وحش ضارى ولا قطاع طرق ولا قافلة تسير، لكن كل هؤلاء لم يستطيعوا أن يصلوا إليهم لأن الله ألقى عليهم الهيبة قال تعالى (لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا). الأصل أنك تمتلىء رعبا ثم تولى الفرار لكن من شدة الهيبة التي ألقاها عليهم أنك لما تراهم تولى منهم فرارا ثم تمتلىء منهم رعبا، جعل الله الفتيه في منظر شديد الرعب لكل من يراهم فكانوا يتقلبون يمينا وشمالا وأعينهم مفتوحة والذى ينظر إليهم يظن أنهم أيقاظ وهم في الحقيقة نائمون وهذا من كفاية الله لعباده المؤمنين الذين آمنوا به ووحدوه

4- الشمس ودورها في حماية الفتية: سخر الله لهم الشمس عند الإشراق تميل عن كهفهم ذات اليمين فلا تصيبهم إصابة مباشرة حتى لا توقظهم ولا تؤذى أجسامهم بأشعتها الشديدة إذا سلطت عليهم مباشرة وعند الغروب تقرضهم أي تتركهم وتنثر عليهم شعاعا خفيفا حتى تطهر الكهف من الميكروبات والجراثيم وتكون أكمل في حفظ أجسامهم لأن الجسم الذى لا يتعرض للشمس أبدا تلين عظامه ويفسد فما الذى جعل الشمس على علو كعبها ونظر الناس إليها تستحى أن تؤذيهم؟أنه ما في قلبهم من إجلال الله وتوحيده، وهذا الذى حدث ليس شيئا مألوفا يقع لهم ولغيرهم بل جعل الله إزورار الشمس عنهم آية من آياته الدالة على رحمته بعباده  (ذلك من آيات الله ).

والشمس جند من جنود الله وقد سخرها من قبل لعبد من عباده ونبي من أنبيائه وهو يوشع بن نون عليه السلام لما أراد أن يفتح أريحا نظر إليها وقد همت بالغروب فقال لها أنتى مأمورة وأنا مأمور اللهم أحبسها على فتأخرت في الغروب حتى أتم حربه وفتح الله له.

5-التقليب: من حفظ الله للفتية تقليبهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا تأكل الأرض أجسامهم وهذا من كمال عناية الله بهم وصدق الشاعر في قوله

وإذا العناية لا حظتك عيونها             نم فالحوادث كلهن أمان

تصوير حي لوضعهم داخل الكهف:

 وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُعَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَالشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيات اللَّهِ مَنيَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُوَلِيّاً مُّرْشِداً (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌوَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْفِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (,

يقول صاحب الظلال في تفسيره لهذه الآيات:وهو مشهد تصويري عجيب , ينقل بالكلمات هيئة الفتية في الكهف , كما يلتقطهاشريط متحرك. والشمس تطلع على الكهف فتميل عنه كأنها متعمدة , ولفظ(تزاور)تصور مدلولها وتلقي ظل الإرادة في عملها. والشمس تغرب فتجاوزهمإلى الشمال وهم في فجوة منه.

.وقبلأن يكمل نقل المشهد العجيب يعلق على وضعهم ذاك بأحد التعليقات القرآنيةالتي تتخلل سياق القصص لتوجيه القلوب في اللحظة المناسبة:

( ذلك من آيات الله).. وضعهم هكذا في الكهف والشمس لا تنالهم بأشعتها وتقرب منهم بضوئها. وهم في مكانهم لا يموتون ولا يتحركون.

) منيهد الله فهو المهتد. ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا). وللهدى والضلال ناموس. فمن اهتدى بآيات الله فقد هداه الله وفق ناموسه وهو المهتدي حقا.ومن لم يأخذ بأسباب الهدى ضل , وجاء ضلاله وفق الناموس الإلهي فقد أضلهالله إذن , ولن تجد له من بعد هاديا.

ثميمضي السياق يكمل المشهد العجيب. وهم يقلبون من جنب إلى جنب في نومتهمالطويلة. فيحسبهم الرائي أيقاظا وهم رقود. وكلبهم - على عادة الكلاب- باسط ذراعيه بالفناء قريبا من باب الكهف كأنه يحرسهم. وهم في هيئتهم هذهيثيرون الرعب في قلب من يطلع عليهم. إذ يراهم نياما كالأيقاظ , يتقلبونولا يستيقظون. وذلك من تدبير الله كي لا يبعث بهم عابث , حتى يحين الوقتالمعلوم.

وقفة مع الفتنة في الدين:

إن أعظم الفتن على الإطلاق هي فتنة المسلم في دينه،وهي التي تعرض لها هؤلاء الفتية الابرار ضحوا بوطنهم وأهليهم وبوضعهم الاجتماعي الذى كانوا فيه فرارا بدينهم لم يهجروا بيوتهم الفسيحة من أجل طلب دنيا زائلة فانية علموا أن دينهم هو أغلى ما يملكون فضحوا بكل شيء من أجله، وكذلك أنت أيها المسلم دينك دينك لحمك دمك لا تفرط فيه ولو بجبال الدنيا ذهب،فخسارة الدين هي في الحقيقة خسارة للدنيا والاخرة وهي الخسران الحقيقى الذى لا نجاح بعده،أما كل خسارة في الدنيا قابلة لأن تعوض كخسارة مال أو فقد ولد أو غيره لذلك يا عبد الله يا أيها الشباب إحذروا الفتنة في الدين إبتعدوا عن شبكات الإنترنت التي تبث سموم الشبهات في صدوركم حتى تصدكم عن دين الله وكونوا حريصين على البعد أن أي شيء يحول بينكم وبين دينكم من صديق سوء او موقع فاسد أو غيره واقتدوا بهؤلاء الفتية الاطهار وتمسكوا بعقيدة التوحيد فهي أغلى ما تملكون فخسارتها تعنى الخلود الأبدى في نار جهنم وخسران لنفسك التي بين جنبيك قال تعالى (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ذلك هو الخسران المبين).

وأعلم أيها المسلم أن رحمة الله ليست مقصورة على مكان دون مكان بل إذا نزلت الرحمة في كهف مظلم حولته إلى جنة،وإذا حجبت عن قصر فسيح حولته إلى سجن قبيح.

الفرار بالدين من الفتن تاريخ قديم:

إن الصراع بين أهل الحق والباطل قديم جدا منذ أن وطىء ابونا ادم عليه السلام قدمه على هذه الارض وبدأ الصراع بينه وبين ابليس لعنه الله فأخذ يوشى بين قابيل وهابيل حتى دفع قابيل لان يقتل اخاه، ثم نجد نوح عليه السلام أول الرسل والصراع بينه وبين قومه حتى أهلكهم الله بطوفان عظيم عم الارض بأسرها ونجى الله عباده المؤمنين،وهذا ابراهيم عليه السلام الذى ثار على قومه الذين يعبدون الاصنام حتى ألقوه في النار فنجاه الله منها ثم اعتزلهم ( فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا)،وهذا موسى عليه السلام وصراعه الطويل مع فرعون حتى أغرقه الله ونجى موسى وقومه وجعله آيه للعالمين وهذا سيد الانبياء عليه الصلاة والسلام وصراعه مع صناديد الكفر في مكة وعلى رأسهم أبوجهل وعقبه ابن ابى معيط وأبولهب حتى مكنه الله منهم وقتلوا جميعا في غزوة بدر،الشاهد أيها الاخوة من ضربى لهذه الأمثلة أن تعلموا أن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم قدم الأزل ولا يزال إلى يوم القيامة فهذه سنة الله في الأرض لكن العاقبة والنصر يكون في النهاية لعباد الله المؤمنين المتقين.

أصحاب الأخدود والفتنة في الدين:

حكى لنا القرآن الكريم قصة أصحاب الاخدود وشدة الفتنة التي تعرضوا لها في قوله تعالى (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) من قبل ملك كافر لما امن الناس بالله رب الغلام أمر بحفر الاخاديد على افواه السكك وأضرم فيها النيران  وألقى فيها المؤمنون في النار فأي فتنة وأي ثبات ثبت عليه عباد الله المؤمنين يرى النار أمامه مشتعلة فيفضل أن يرمى في النار على ترك الدين وهكذا أيها المسلمون الثبات الثبات حتى الممات لا تفرطوا في دينكم ولا عقيدتكم ولو قطعتم اربا اربا ولو وضعت رقابكم على مقصلة الموت أنت الفائز ولو حرقوك بالنار وجعلوك رمادا مصيرك الى الجنة ان ثبت ومت على التوحيد الخالص لله رب العالمين فما يضر الشاة سلخها بعد ذبحها المهم الحياة الاخروية وهي الحياة الحقيقية فالمؤمن راحته بعد الموت يستريح من نصب الدنيا وتعبها الى رحمة الله تعالى المهم أن تموت وانت موحد بالله فحياتك الحقيقية بعد الموت قال تعالى (ويقول الكافر ياليتنى قدمت حيأتي )

وحكى رسول الله قصة أصحاب الاخدود والفتنة التي تعرضوا لها في حديث طويل ) من حديث صُهَيْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال " كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْوَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا غُلامًا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْكَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّغلاماأُعَلِّمْهُ السِّحْرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلامًا يُعَلِّمُهُفَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَكَلامَهُفَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَإِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَىالرَّاهِبِفَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِي أَهْلِي وَإِذَاخَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِي السَّاحِرُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَإِذْ أَتَىعَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتْ النَّاسَ فَقَالَ الْيَوْمَأَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمْ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًافَقَالَاللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِالسَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُفَرَمَاهَافَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَلَهُ الرَّاهِبُ أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي قَدْبَلَغَ مِنْأَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنْ ابْتُلِيتَ فَلا تَدُلَّعَلَيَّ وَكَانَ الْغُلامُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُدَاوِيالنَّاسَمِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَفَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْأَنْتَشَفَيْتَنِي فَقَالَ إِنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُفَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ فَآمَنَبِاللَّهِفَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَيَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قَالَرَبِّي قَالَوَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي قَالَ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْيَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلامِ فَجِيءَ بِالْغُلامِفَقَالَ لَهُالْمَلِكُ أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَوَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ فَقَالَ إِنِّي لا أَشْفِي أَحَدًاإِنَّمَايَشْفِي اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَىالرَّاهِبِ فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَفَأَبَىفَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِفَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَلَهُارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِفَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلامِ فَقِيلَلَهُارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِفَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِالْجَبَلَفَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلافَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَاللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْبِمَا شِئْتَ فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَىالْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَكَفَانِيهِمُاللَّهُ فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِفَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَعَنْدِينِهِ وَإِلا فَاقْذِفُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّاكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَانْكَفَأَتْ بِهِمْ السَّفِينَةُ فَغَرِقُواوَجَاءَ يَمْشِيإِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَكَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّىتَفْعَلَمَا آمُرُكَ بِهِ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍوَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِيثُمَّ ضَعْالسَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّالْغُلامِ ثُمَّ ارْمِنِي فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِيفَجَمَعَ النَّاسَفِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْكِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَبِاسْمِاللَّهِ رَبِّ الْغُلامِ ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِفَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَالنَّاسُآمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ آمَنَّا بِرَبِّالْغُلامِ فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُقَدْوَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ فَأَمَرَبِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَوَقَالَ مَنْ لَمْيَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْفَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَافَتَقَاعَسَتْ أَنْتَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلامُ يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِعَلَى الْحَق". قد رواها مسلم (3005 )

من أمثلة الفتنة في الدين التي يتعرض لها المسلمون في العصر الحديث:

طاغوت بلاد الشام وفتنة المسلمين في دينهم:

إن ما يحدث الآن في بلاد الشام المباركة من فتنة عظيمة وابتلاء كبير يتعرض له المسلمون هناك من هذه الطائفة النصيرية العلوية بقيادة الطاغوت الاكبر بشار الاسد من قتل وتشريد من بلادهم لهو خير دليل على أن الإيمان حين تقع الفتن بالشام.

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد وسنن أبى داوود أنه قال (بينما أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسى فظننت أنه مذهوب به فتبعته ببصرى فعمد به إلى الشام ألا إن الإيمان حين تقع الفتن بالشام.

ولن يمكن الله عز وجل لهؤلاء النصيرية من هذه البلاد المباركة التي ستكون الملاحم الكبرى قبل قيام الساعة فيها وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (طُوبَى لِلشَّامِ. فَقُلْنَا: لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا (صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/503

وما يحدث الآن فى حلب من حرق للأخضر واليابس ينم عن مدى الحقد الدفين الذى تكنه هذه الطائفة العلوية لأهل السنة فى سوريا،فواجب على المسلمين أن يستنفروا لنصرة إخوانهم هناك فمن خذل مؤمنا واحدا خذله الله فكيف بخذلان أمة فى الشام تنتهك دينا ودما وعرضا ومالا فادفعوا عقوبة الله وخذلانه لكم بنصرة المظلومين فى بلاد الشام،وواجب على فصائل المجاهين أن يتوحدوا ولا يختلفوا دفاعا عن الأعراض التى تنتهك ليل نهار فإن لم تتحدوا الآن على عدوكم الذى يستبيح الدين والعرض والنفس والمال فمتى تتحدوا؟

فاللهم أنصر أهل الشام وأيدهم بتأييدك وأغثهم فلا مغيث إلا أنت،اللهم أنصر من نصرهم وأخذل من خذلهم،وأنزل بأسك على عدوهم ومن عاونه يا ذا البطش الشديد.

مسلمى بورما والفتنة في الدين:إن ما يتعرض له المسلمون في بورما في هذه الأيام من الفتنة في دينهم والقتل على الهوية وحرق لبيوتهم وتهجيرهم من ديارهم من قبل البوذيين الكفرة يصدق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ((يوشكالأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِنقلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل،ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم

الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا،وكراهية الموت.

لذا واجب على المسلمين حكاما وشعوبا أن ينصروا إخوانهم المستضعفين من قبل هذه الفئة الباغية فمن خذل مسلما خذله الله فى موطن يحب فيه نصرته والجزاء من جنس العمل. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من إمرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحبفيه نصرتهوما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله فى موطن يحب فيه نصرته.)

فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا يتألم لألمه ويحزن لمصابه فعلى المنظمات الاسلامية أن تتضافر لمنع هذه المذابح التي يتعرض لها النساء العزل والشيوخ الرتع وأن يرحموا ضعف اطفال المسلمين الذين يحرقوا أمام آبائهم، وأن ينتشلوهم من خطر المنظمات التنصيرية التي تنتهز هذه الفرصة وتنتشر كانتشار النار في الهشيم. فأي ضعف وصل اليه حال الامة يرون صور إخوانهم يحرقون على الشاشات ولا يتحرك لهم ساكن لذا مقاطعة هذه الدولة والدول الداعمة لها ضرورة شرعية حتى تقوى شوكة المسلمين هناك، ورحم الله أمير المؤمنين الذى سير جيشا لنصرة امراة مسلمة فاللهم هيء لهذه الامة أمر رشد يعز فيه دينك , فالله الله في مسلمى اراكان انقذوهم وأنشروا قضيتهم وانصروهم حتى ينصركم الله.

أهل السنة في الأحواز بإيران والفتنة في الدين:

إن ما يعانيه المسلمين السنة في الأحواز العربية من قتل وإعدامات وتعليق على المشانق من قبل النظام الإيرانى الشيعى الذى يريد أن يطوق هذا الإقليم ويطمس هويته العربية السنية ينم عن الحقد الدفين الذى يكنه الرافضة لأهل السنة وهذا الذى يحدث من اعدامات بلا محاكمات يعد فتنة للمسلمين في دينهم فالواجب على الدول الإسلامية وعلى رأسها مصر وبلاد الحرمين أن تنتصر لهؤلاء المستضعفين بكل ما يستطيعون ويقفوا حائطا منيعا أمام المشروع الإيرانى الصفوى في المنطقة العربية وواجب على المسلمين هناك الصبر واللجوء إلى الله عز وجل  وأن تكون لهم الأسوة الحسنة في هؤلاء الفتية وأن يأووا إلى الله كما إوى إليه هؤلاء الفتية.

المسلمين في أفريقيا وحملات التنصير الممنهجة:

              من أخطر المشكلات التي تواجه القارة الأفريقية وأشدها تأثيرا هي مشكلة التنصير فقارة إفريقيا مرتع خصيب لآلاف المنصِّرين منذ أمدٍ بعيد، لهذا صارت هذهالقارة من أكثر بقاع الأرض انشغالًا واشتعالًا بأنشطة التنصير، فحلم تحويل أفريقيا المسلمة إلى قارة مسيحية تقوده البابوية وتدعمه الدول المسيحية ومجلس الكنائس العالمى و كل الجهات المعادية القوية التي تعمل ضد الإسلام وعقيدته ودعوته في هذا العصر، منذعهد الحروب الصليبية، ويستمد هذا المخطَّط قوته من الإمكانات الضخمة التي تُسخَّر له، ومن الدعم المادي الكبيرالذي يُقدَّم له سنويًا لدعم أنشطته وإرسالياته في مختلف دول العالم

ففي النيجر: استغلت المنظمات الإنسانية ظروف المجاعة في تنصير مواطني هذه الدولة التي يدين أكثر من من شعبها بالإسلام، عن طريق دعم الأقلية البلاد، وتوطين عناصر من المنصِّرين الكونغوليين في بعض مدن النيجر،بخاصةٍ العاصمة نيامي، ليُشكِّلوا بؤرًا تنصيرية عديد في هذه الدولة.

كذلك في الصومال يستغلون حاجتهم الى الدواء والكساء والطعام فيحفرون لهم الابار وينشئون المدارس والمستشفيات وكل هذا مقابل أغلى شيء يمتلكه هؤلاء الضعفاء ألا وهو دينهم ونحن نسيناهم وتخلينا عنهم وتركناهم فريسة سهلة لحملات الكنيسة التنصيرية.

فالله الله في اخواننا في أفريقيا المسلمة قدموا لهم ما يدفع عنهم فتنة الدين

بث مباشر:

صور لنا القرآن الكريم مشهد الفتية وهم فارين من ملكهم الظالم وهم داخلون الى الكهف في مشهد حى وكانك تراه بعينك وهذا من جلال التصوير القرآنى الذى ينقل لك المعنى في صورة خيالية وكانك ترى المشهد امامك فتامل معى قوله تعالى ( إذ أوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا) ستقف أمامها خاشعا مطرقا لجلال التصوير القرآنى في نقل المشهد حيا كما هو فأبرزت الايتان الكريمتان عناصر التصوير في فرار الفتية من جبروت الملك الظالم وهم على خوف شديد فشخصت السرعة في معناها ومبناها الموسيقى فقوله تعالى (إذ ) يدل بمعناه الزمانى ومبناه الصوتى على قصر الوقت الذى قطعه الفتية في البحث عن الكهف في سرعة خوفا من الوقوع في يد الطاغية على العكس من كلمة (حين) التي قد تسد مسدها في المعنى الزمانى فهي تدل على البطء وطول الوقت مما قد لا يتناسب مع المقام من السرعة ودلالة (اوى ) على مشهد السرعة أدق من لفظ لجأ حين توضع مكانها لأن لجأ تفيد الوصول في تؤدة وتلكوء مما لا يتناسب مع السياق القرآنى.

ثم مايوحيه لفظ «الفتية» من الشباب والنضارة، وتدفق البذل والكرم في نصر الحق، والصلابة والقوة في جانب الباطل، فموطن الغرابة فيهم أن ولايتهم في شبابهم، والشباب مرحلة الغواية والميل، ولكن تكون ولاية الشيخ الكبير مثار العجب، لذلك كان الشاب المستقيم من السبعة الذين سيظلهم الله في ظلهيوم لا ظل إلا ظله امام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ثم ما يدل عليه وزن الفتية من العدد وهو دون العشرة وهم كذلك لأن العرب استعملت فعلة في جمع القلة.

وأما قوله تعالى: {فضربنا} فالفاء وحدها التي تدل في اللغة على الترتيب والتلاحق صورت سرعة إستجابة الله لهم، حيث هيأ لهم كهفا يحفظهم فيه دلالة على ولايتهم، والولاية دون النبوة، لما في«الضرب» من معنى الإيذاء والعقاب، لفرارهم بدينهم، بينما الأنبياء لا يفرون، وإنما يواجهون الكفار في ثبات وإصرار، وتسليط «الضرب» على السمع أبلغ في النوم من تسليطه على العين، فقد تتناوم العينان، وصاحبهما يقظان، وإنما النائم الحقيقي هو الذي ضرب على سمعه لا بصره، وهكذا إذا ما

تأملت ما في الآيتين من الحروف والألفاظ، لوجدت أن كل حرف ولفظ لا بديل له في التصوير القرآني فهو يفيض بمعان غزيرة، لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربى مبين ).

لا تدخل في معركة خاسرة:

لم يدخل الفتية في معركة خاسرة خاسرة مع قومهم بل فكروا وتشاوروا وأخذوا بالأسباب الحسية والمعنوية فخرجوا من بين أظهر قومهم فمدحهم وأثنى عليهم ولم يعاتبهم لماذا لم تواجهوا قومكم؟ لماذا هربتم؟ لما لم تقاتلوا هذا الحاكم الكافر فقد علموا أن قوتهم ضعيفة وعددهم محدود ولا سبيل لهم للمواجهة المباشرة مع قومهم وهنا رسالة للشباب أن لا يستعجلوا فلله سنن في هذا الكون فبعض الشباب هداهم الله يريد أن يطبق الشريعة الاسلامية بجميع حدودها في يوم وليلة وهذا ليس من الفقه في شيء فالمسألة لابد لها من تدرج فمن استعجل شيء قبل آوانه عوقب بحرمانه فالعاطفة ليست كل شيء بل لابد لها من عقل يديرها حتى لا ندخل في معركة خاسرة.

فها هو عمر بن الخطاب رضى الله عنه يعطل حد السرقة في عام المجاعة لحاجة الناس فهل يخرج عليه الناس ويقولون يا كافر كيف تعطل حدا من حدود الله لا؟

فالشاهد أن المسالة تحتاج الى فقه ولا تدار بالعواطف بل لابد من تحكيم الشرع والعقل والنظر الى الأمور من جميع جوانبها ولابد للمسلم أن يعرف قدراته وقدرات خصمه فها هم الصحابة في مكة كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم نريد ان نقاتل كفار قريش وهم الابطال الشجعان لكن النبي كان يقول لهم (لم نؤمر ) ليس وقته الان اضبطوا أعصابكم نحن في موطن ضعف وليس ممكن لنا حتى نقاتلهم.

الذى يقرأ سير الانبياء يجد أن أغلبهم لم يواجهوا قومهم مع أن بعضهم أمن معه عددا كثيرا لكن لم يواجهوهم ويدخلوا معهم في معارك خاسرة فالشاهد ايها الاخوة انه إذا كان هناك بون شاسع بين الفئة المؤمنة والفئة الباغية الظالمة يحسن بالمؤمنين الفرار والاعتزال بدينهم من الفتن أما إذا كانت الفئة المؤمنة هي التي لها الشوكة والغلبة هنا يتاكد الجهاد على العصبة المؤمنه نصرة للحق وإعلاء لكلمة الله وإبطالا للباطل.

 

كلب يكرم لمصاحبته للأخيار:

كلب صاحب قوما صالحين فنالته شرف صحبتهم , شتان شتان بين صحبة الأخيار وصحبة الفجار فكلب صاحب الأخيار ذكره العزيز الغفار في قرأن يتلى إلى يوم القيامة فكيف بمن صحبوا العلماء الأخيار فأنظر أيها المسلم كيف كانت الصحبة الصالحة بين هؤلاء الفتية سبب في وحدتهم وتجمعهم على الحق والثبات عليه وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على صحبة الصالحين فيما رواه عنه الصحابى الجليل ابى موسى الاشعرى( إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. )متفق عليه

فالصحبة الصالحة هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم فلابد أن يعود عليك نفعا من صحبتهم يذكروك بالله وبر الوالدين وصلة الرحم والاحسان الى الناس ولا تعدم منهم مشورة طيبة في دين او دنيا وقد ورد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماًيذكرون اللَّه عز وجل تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى
السماء الدنيا، فيسألهم ربهم وهو أعلم: ما يقول عبادي قال: يقولون يسبحونك
ويكبرونك، ويحمدونك ويمجدونك، فيقول: هل رأوني فيقولون: لا والله ما رأوك،فيقول: كيف لو رآوني قال: يقولون لو رآوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لكتمجيداً وأكثر لك تسبيحاً، فيقول: فماذا يسألون قال يقولون: يسألونك الجنة،قال: يقول: وهل رأوها قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لهاطلباً وأعظم فيها رغبةً. قال: فمم يتعوذون قال: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها قال: يقولون: لا والله ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوهاقال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافةً، قال: فيقول: فأُشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهمإنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ

أثر علم الحساب والتاريخ في الاعتبار والاتعاظ: قال تعالى (لنعلم أى الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا).

جعل الله إحصاء معرفة المدة التى لبثها الفتية في الكهف من آياته وكلما كان الإنسان أكثر نظرا وسبرا للأحداث وأزمنتها وما تغيرت خلاله فهو أكثر إعتبارا من غيره ممن لا يرى إلا المشاهدات ولا يصلها بما مضى من حالها وفي هذه الآية فضل علم الحساب والتاريخ وفضل تعلمه وتعليمه ونشره للناس مع بيان أثره على الإيمان بالله وما فيه من إظها ر آياته وقدرته.

وقوله تعالى (لنعلم أي الحزبين )يعنى ليظهر أمرهم علانية وأما علم الله له فهو قبل ذلك وبعده سواء ولا فرق إلا أنه ظهر للناس والله يجرى الأحداث ليظهر منها أشياء للناس وإلا فهو يعلمها قبل ما تحدث ومن ذلك قوله تعالى (وليبتلى الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) فلما ذكر جل جلاله أنه يبتليهم ليخرج ما في قلوبهم قال (والله عليم بذات الصدور) يعنى أنه يعلمه ولو لم يظهروه إنما ليظهره لكم لتروه وتسمعوه.

حكم اقتناء الكلب للحراسة:

الأصل في إقتناء الكلب المنع لما ثبت في الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من إتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو زرع إنتقص من أجره كل يوم قيراط) وفي حديث ابن عباس في الصحيحين قال رسول الله (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) وامتناع الملائكة عن الدخول دليل على دخول الشياطين وحضورها.

فلا يجوز للمسلم أن يقتني الكلب، إلا إذا كان محتاجاً إلى هذاالكلب في الصيد أو حراسة الماشية أو حراسة الزرع.

مشروعية الوكالة والنيابة:

 لما استيقظ الفتية أرسلوا واحدا منهم ليشتري لهم طعاما من المدينة وحكى الله الحوار الذى دار بينهم في قوله تعالى (وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا أبنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا( 21 ) سورة الكهف.

الكتمان وأثره فى عدم إكتشاف أمر الفتية:

في هذه الآية دليل على جواز الوكالة وهو أن ينوب الإنسان شخصا غيره في أمر معين ومن معنى الوكالة في هذه الآية قوله تعالى ( والعاملين عليها) فعليها تتضمن نيابة ووكالة على الزكاة وقريب منها قوله تعالى (إجعلنى على خزائن الأرض ) وقوله تعالى ( إذهبوا بقميصى هذا ) وقوله ( فأبعثوا حكما من أهله).

والأصل في الوكالة الجواز بلاخلاف، وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم عروة البارقى ليشترى شاة بدينار فأشترى شاتين بدينار وباع واحدة بدينار وجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم بدينار وشاة.

وكان أبورافع وكيلا بين النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة حتى تزوجها،وأيضا وكل صلى الله عليه وسلم عمرو ابن أمية الضمرى في قبول نكاح أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الحدود واستيفائها.

كما أرسل أنيسا فقال له (أغد يا أنيس إلى إمراة هذا فإن إعترفت فارجمها، وأرسل أقواما من أصحابه بكتبه إلى الملوك والرؤساء وجلب الزكاة وإبلاغ القبائل أمره ونهيه.

الكتمان

ورد في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إستعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذى نعمة محسود) قال المناوى رحمه الله في تفسير هذا الحديث أي كونوا لها كاتمين عن الناس،واستعينوا بالله على الظفر بها،ثم علل طلب الكتمان لها بقوله )فإن كل ذى نعمة محسود) يعنى إن أظهرتم حوائجكم للناس حسدوكم فعارضوكم في مرادكم.(فيض القدير)

هنا فائدة خفية نستفيدها من هؤلاء الفتية وهي كتمان الأمر لأنهم عندما أرسلوا واحدا منهم ليحضر لهم طعاما أوصوه بأن يتخفي ويكتم أمرهم وأن يكون حذرا في دخوله وخروجه ولا يشعرن بهم أحدا وهكذا أيها الأخوة كل واحد منا في حياته حرى به أن يتبع منهج الكتمان ،فكلما كان أمرك مكتوم عن الناس كلما كان أنجح لك في دينك ودنياك وكلما ابتعدت عنك أعين الحاقدين والحاسدين علا أمرك لأن الأمور المكشوفة للناس ما تلبث أن تتوجه إليها أعين الحاسدين فتضعفها أو تميتها.

وأضرب لك مثالا من الممكن أن يكون حدث لكل واحد منا وهو أنك تكون مقدم على مشروع معين أو سفر أو زواج أو غيره فينتشر الخبر بين الناس فتجد الأمور تعطلت فجأة ولا تجد لها سببا واضحا وما هو إلا لأعين الحاسدين قد توجهت إليك فكانت سببا في فساد أمرك وتعطل حالك لذا يا أيها المسلم أكتم أمرك يكثر خيرك.

هل هناك تعارض بين الأمر بالتحدث بالنعمة وبين الحث على الكتمان:

 الأصل أنه لا تعارض فالكتمان يكون قبل حصول الحاجة فإذا حصلت وأنعم الله عليك ببلوغ ما تريد فتحدث بالنعمة واشكر الله عليها ما لم تخش من حاسد.

الدليل على جواز كتمان النعم خوفا من الحسد: الدليل قوله تعالى ( قال يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين)

قال ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى ( لا تقصص رؤياك على اخوتك.....)

يؤخذ من هذا الأمر كتمان النعمة حتى توجد وتظهر كما ورد في حديث (استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان فإن كل ذى نعمة محسود ) انتهي من تفسير ابن كثير

أمور أكتمها عن الناس:

 من حسن عقل المؤمن أن يعلم أن الخير الذى يسعى إليه،ربما واجهه بعض الناس بالحسد والكراهية،بل ربما سعوا في إفساد الأمور عليه وإيصال الضرر إليه ومن الأمور المحبذ كتمانها عن الناس حتى تظهر الخطبة والعزم على الزواج وأمور الصفقات التجارية ودخلك المادي والوظائف والترقيات وتفوق الأولاد وغيرها مما يغلب على ظنك إن أظهرتها للناس سيحسدوك عليها.

 

كتمان الأسرار الزوجية سبب لنجاحها:

إن أولى الفئات في المجتمع المطالبين بكتم أسرارهم عن الناس هما الزوجان لأن إفشاء الأسرار الزوجية سبب للفساد وكثرة المشاكل خاصة أمور العلاقة الزوجية فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها.

وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينشر الذى يحدث بينه وبين زوجته على الفراش شبهه بشيطان لقى شيطانة على قارعة الطريق فغشيها والناس ينظرون فعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء عنده قعود فقال:لعل رجلا يتحدث بما فعل بأهله،ولعل امرأة تحدث بما فعلت مع زوجها،فأرم القوم (أي سكتوا عن خوف )فقالت أسماء " أي والله إنهم ليفعلون إنهن ليفعلن "قال:"فلا تفعلوا:فإن مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فغشيها والناس ينظرون.

الكتمان المحرم:هناك أمور محرم على المسلم كتمانها مثل:-

1-    كتمان الشهادة فلا يجوز للمسلم أن يكتم الشهادة وذلك لقوله تعالى ( ولا تكتموا الشهادة)

2-كتمان العلم قال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار)

3-كتمان عيب السلعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ).

حث الشريعة على الكتمان في الحرب:

حثت الشريعة الإسلامية على الكتمان وحفظ السر خاصة في الحروب لأن الكتمان من أسباب النصر على الأعداء قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) أي احترزوا من عدوكم وتيقظوا له ولذلك أحاط النبي صلى الله عليه وسلم خططه الحربية وتحركاته العسكرية بالكتمان والسرية.

أهمية الدليل والبرهان:

كل فكرة لابد لها من دليل وبرهان واضح حتى تثبت في العقل،فلما نظر هؤلاء الفتية الأطهار إلى خلق السموات والأرض علموا أن الذى خلق هذه المخلوقات العظيمة هو الذى يستحق أن تصرف إليه العبادة بكل أنواعها ونظروا بعين البصيرة الى ما يعبده قومهم من أصنام صماء بكماء عمياء فعلموا علم اليقين أن قومهم ليسوا على شيء وطلبوا منهم أن يأتوا بدليل واضح وحجة ظاهرة على صحة ما يعتقدونه قال تعالى حاكيا عنهم ( لولا يأتون عليهم بسلطان بين ) ولولا هنا للتحضيض والحث والغرض منها التعجيز ،فلما لم يأتي قومهم بدليل على صحة عبادتهم للأصنام قاموا منكرين لما يعبدونه ومعلنين توحيدهم لله رب العالمين لا شريك له.

كذا أنت أيها المسلم يجب عليك أن تسأل عن الدليل ولا تسير خلف كل ناعق ينعق في فضائية مجهولة يبث سمومه إلى الناس بلا أدلة ولا براهين ولا يغرك علو أصواتهم حتى يتبين لك بالدليل الساطع صحة ما يدعون إليه وينادون به.

أيها الشاب لا تكن إمعة:

هنا درس لشباب الأمة من هؤلاء الفتية الأبرار الذين لم يسايروا قومهم على شركهم بالله ولم ينصاعوا لهم بل وحدوا ربهم وقاموا بينهم مجاهرين بالدعوة وإعلان التوحيد لله والبراءة من الشرك فلا تكن إمعة يا أخي إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت بل وطن نفسك أن تحسن إذا أحسنوا وأن تحسن أيضا إذا أساءوا ولك الأسوة في رسولك الكريم الذى ما قابل إساءة بإساءة قط بل كان من خلقه العفو والصفح.

واضرب لكم أمثلة إن فعلنا فيها مسألة الدليل إنحلت مشاكل كثيرة واستأصلنا بؤرا صديدية تعانى منها الامة الاسلامية.

قضية الإلحاد وغياب الدليل:

بدأت في هذه الايام تطل علينا من جديد ظاهرة الالحاد بوجهها القبيح يتبناها مجموعة من السفهاء المارقين الذين إنقلبوا على فطرتهم وخالفوا ما استيقنته أنفسهم من حتمية أن يكون هناك إلها قادرا حكيما واحدا أحدا لهذا الكون الذى كل ذرة فيه تنطق بوحدانية الله.

إتخذ هؤلاء المارقين مواقع على شبكة الانترنت يبثون فيها سمومهم وينشرون أفكارهم الخبيثة يستقطبون شبابا فارغا من كل شيء انتكسوا على فطرتهم السليمة التي فطرهم الله عليها ولم ينتفعوا بعقولهم التى وهبها لهم الله فكانت الأنعام أفضل منهم.

هلا أتى هؤلاء الملحدين بدليل على ما يعتقدونه كيف ينكرون وجود الخالق وهم أنفسهم آية من أعظم آيات الله التي تدل دلاله واضحة على أنه الواحد الأحد وصدق الشاعر إذ يقول:عجبا لمن يعصى الإله    أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية               تدل على أنه الواحد

ونحن هنا ليس بصدد الرد على هؤلاء بالأدلة فالأدلة على وجود الخالق الأعظم لا تعد ولا تحصى لكنى الآن أريد أن أوجه رسالة إلى الشباب بفتية الكهف العظام في طلب الدليل ولا يسمحوا لهؤلاء الشراذم أن يؤثروا على عقولهم ويزرعوا فيها نبته الإلحاد الشيطانية.

كذلك واجب على الدول أن تقضى على هذه النبتة الشيطانية التي بدأت تتسلل إلى بلاد العرب للأسف حتى لا تستشرى ونندم حيث لا ينفع الندم.

وواجب على الدعاة أن يكثفوا محاضرات التوحيد وتعميق الإيمان بالله في نفوس شباب الأمة عبر المساجد ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

وواجب على الدولة أن تضرب بيد من حديد على هؤلاء العابثين المفسدين في الأرض حتى يكونوا عبرة لغيرهم وأن يحفظوا جناب التوحيد وأن يغلقوا قنواتهم ومواقعهم التي يتسللون منها إلى شباب الامة

سحرة فرعون وغياب الدليل:

 أصبحت الأمة الإسلامية الآن تئن من مجموعة من السفهاء الرويبضة يتصدرون الشاشات ويلقون على الناس كلاما ليس له أساس من الصحة وعار من الصدق بدون أدلة وبراهين على ما يقولونه هذا يخرج يكذب أحاديث البخاري وهذا يخرج يكذب الأئمة الاربعة وهذا يسب العلماء ويتهمهم وهذا يتكلم في الحدود وما الذى يطبق وما الذى لا يطبق وهذا الشيخ العلامة يفك السحر ويجلب الحبيب،هذا يعالج بأعشاب مجهولة جميع الأمراض , هلا ربينا أولادنا على منهج تتبع الدليل حتى لا يفتنهم هؤلاء السفهاء ويغسلون أدمغتهم ويدفعونهم إلى مزالق الشبهات دفعا.

لذا أرى أننا إذا فعلنا مقولة أين الدليل لاسترحنا من كثير من هذه الخرافات التي ليس لها أساس من الصحة.

 

الشيعة وغياب الدليل:

إن المنهج الذى ينتهجه الشيعة عار من الدليل والبرهان فهم يأتون بأحاديث موضوعة ويتخذونها دينا ومنهجا يكفرون عامة المسلمين عليها فأين دليلهم على صدق ما يتهمون به امنا عائشة رضى الله عنها الحصان الرزان حبيبة رسول الله؟ وأين دليلهم على ضرب أنفسهم بالسياط في يوم عاشوراء؟ وأين دليلهم على أن عليا أفضل من أبوبكر وعمر؟ وأين دليلهم على الإمامة التي كفروا من لا يؤمن بها؟ وأين دليلهم على تكفير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعنهم لأفاضل الصحابة وكبارهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب؟ وأين و أين و أين؟ لذا يا أيها المغرورين بالشيعة والشعارات البراقة التي يرفعونها ككراهيتهم لإسرائيل وأمريكا أمثال حسن نصر الله والله إنهم أقرب الناس لإسرائيل وأمريكا ولكنهم يريدون خداع أهل السنة ولم يدخل التتار الى العراق ويقتلوا المسلمين إلا بمساعدة الشيعة ولم تدخل أمريكا إلى العراق الا بمساعدة الشيعة ويتقربون إلى الله بقتل أهل السنة لذا حذارى يا شباب الأمة أن تغتروا بهؤلاء واتبعوا منهج فتية الكهف في السؤال عن الدليل ولا تصدقوا هؤلاء الضالين فهذه الأمة قد تميزت بعلم الحديث والإسناد الصحيح لذا واجب عليها أن لا تسمع إلا بدليل من القرآن والسنة وما سواهما وما يعارضهما فهو باطل منكر.

داعش وغياب الدليل على ما يفعلونه:

من الجماعات الضالة التي خرجت علينا في هذا العصر جماعة أعلنت الخلافة الإسلامية وعينت رجل مجهول في كل شيء يدعى أبوبكر البغدادى وشقوا عصا الجماعة وخالفوا علماء المسلمين الثقات وأخذوا يكفرون كل من لا ينزل تحت ولايتهم ويذبحون من خالفهم بأبشع الطرق وأفعالهم تصب في مصلحة أعداء الأمة هؤلاء الخوارج الذين حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيهم تحقرون صلاتكم الى صلاتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , فهلا أتى هؤلاء الخبثاء بدليل صحيح على ما يفعلونه من تكفير لأئمة المسلمين وعامتهم واستحلال دمائهم.

وقد أضر هؤلاء بالإسلام ضررا بالغا وأصبحوا حجر عثرة في انتشاره لما ينتشر عنهم من مقاطع يذبحون فيها مخالفيهم بأبشع الطرق فماذا تتوقع إذا رأي هذه المقاطع غير المسلمين هل ستكون وسيلة من وسائل الدعوة أم ستنفرهم من اعتناق الاسلام؟

وأيضا قد أضر هؤلاء الدواعش بالجهاد الإسلامي في سوريا وأصبحوا عقبة أمام المجاهدين هناك وخففوا الضغوط عن نظام بشار الأسد،أما في سيناء فقد أشعلوا الفتن مع الجيش المصري وقتلوا الامنين وفجروا الكمائن.

فمن هو هذا المزعوم أبى بكر البغدادي الذى نصب نفسه خليفة للمسلمين ومن أين جاء ومن يموله ومن يقاتل بجانبه هذه كلها أمور مجهولة لذا يجب على علماء الأمة ودعاتها أن يوطدوا في نفوس الشباب مسألة الدليل حتى لا يقعوا فريسة لهؤلاء المارقين.

الثبات على المبدأ:

كل صاحب مبدأ وقيمة لا يمكن أن تبقى مبادئه أو تستمر إلا إذا ثبت عليها، ودعا إليها، وضحَّى من أجلها، أيًّا كان هذا المبدأ وهذه القيمة، فما بالكمبقيم ومبادئ وأخلاق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ لأنهاتنزيلٌ من حكيمٌ حميد

ولا شك أن الثبات على المبدأ أصبح عزيزا في هذه الأيام سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات

فنجد بعض الناس يتلونون ويأكلون على كل الموائد وإنما تحركهم غرائزهم وأهوائهم ولا يثبتون على مبادئهم.

ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة في الثبات على المبدأ أنظر يا عبد الله كيف ساومه كفار مكة بكل أنواع الترهيب والترغيب عرضوا عليه المال والرئاسة والنساء حتى عرضوا عليه أن يعبد ألهتهم عاما ويعبدون الهه عاما ومع ذلك ثبت وصمد مع كل هذه الاغراءات ولم ينثن ويتراجع أمام التحديات وأساليب التهديد والترغيب التي مارسها إزاؤه المشركين فلم يساوم قط في دينه، وهو في أحرج المواقف في مكة وهو محاصر بدعوته، وأصحابه القلائل يُتخطفون ويُؤذون في الله أشد الإيذاء، وهم صابرون محتسبون.

كذلك أنتم أيها الدعاة أثبتوا على مبادئكم ولا تتلونوا في افتاءاتكم طلبا لرضا الناس ولا تستدرجوا لأنصاف الحلول من أجل التنازل عن بعض دعوتكم وتعلموا من فتية الكهف الثبات على الحق مهما كلفكم فهؤلاء الفتية ثبتوا على الحق الذى يدينون به ولم يبدلوا ولم يغيروا ولم يداهنوا فيه بل قاموا بين أظهر قومهم ثابتين مجاهرين بالتوحيد مع أنهم فتية أحداث لكن الله ثبتهم وربط على قلوبهم وأيدهم بمدد من عنده.

حكم بناء المساجد على القبور في الشريعة الإسلامية:

 

كان في أهل الكهف عبرة وعظة للناس فعظموهم وأكبروا منزلتهم حتى قال بعض كبارهم الأمراء والسلاطين لنتخذن عليهم مسجدا إلتماسا لصلاحهم لأن الله لا يجعل المعجزة والكرامة إلا لمن أحب وهذا الأمر قاله كبراؤهم (قال الذين غلبوا على أمرهم) يعنى أهل الغلبة من ذوى الأمر والقهر وهذا الفعل إستدل به بعض الجهال على جواز إتخاذ القبور مساجد وعلى جواز دفن الصالحين فيها وهذا لا حجة فيه فإن الذين طلبوا ذلك ليسوا المسلمين الصالحين وإنما أهل القهر والتسلط والإستبداد كما في ظاهر الآية وقد قال ابن عباس كما في رواية العوفي إن قائل ذلك عدوهم وما يذكر في القرآن من أحوال الأمم السابقة لا يجوز الأخذ بها إن خالفت ما جاءت به شرعة محمد صلى الله عليه وسلم ولوجاز ذلك لجاز إتخاذ الأصنام وذلك لقوله تعالى (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادى الشكور)

ولا يختلف العلماء على النهي في إتخاذ القبور مساجد ولا وضعها فيها وفي الصحيحين من حديث عائشة مرفوعا (لعن الله اليهود إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة: لولا ذلك لأبرز قبره،خشى أن يتخذ مسجدا.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمى من يفعل ذلك شرار الخلق كما في الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها أن أم سلمة رضى الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية فذكرت له ما رأت فيها من الصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجد وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة).

وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا:

ظاهر الآية أنهم ناموا وأعينهم مفتوحة ونقلبهم:حتى لا تأكل الأرض أجسادهم والله قادر على أن يمنع الأرض أن تأكل أجسادهم ولكن حتى يأخذ الناس بالأسباب والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله فما عليك أيها المسلم إلا أن تأخذ بالاسباب وأنت على يقين أن هذه الأسباب لا تضر ولا تنفع إلا بإذن مسببها سبحانه وتعالى وتصدق في الإعتماد على الله في قضاء الحوائج.

ملئت منهم رعبا: لما عليهم من المهابة والجلاله في أمرهم والخطاب هنا لجنس أي إنسان لا بخصوصية الرسول عليه الصلاة والسلام وهنا لمحة جميلة وهي أن الذى ينظر إليهم يسارع بالفرار وكلما تذكر منظرهم إمتلأ منهم رعبا ولفظ ملئت يدل على شدة الرعب من منظرهم بحيث أن جسدك كله يمتلىء منهم رعبا.

وهذا الكهف الذى دخلوه كان في جبل على قارعة الطريق عرضة لأن تدخله الوحوش الكواسر وتحوم حوله الضوارى والسباع ولكن الله رزقهم تلك الهيئة وأحاطهم بسياج من الرعب حتى يفر عنهم من يريدهم فإذا فر عنهم من يريدهم بقوا على حالهم فأصابهم الأمن الذى أراده الله لهم وفي هذا إستجابة لدعائهم وحفظ لهم فمن حفظ الله في أوامره ونواهيه حفظه الله في نفسه وزوجه وولده وسخر له الكون يخدمه .

الإسرائيليات في قصة أصحاب الكهف:

من القصص التي أكثر فيها المفسرون من ذكر الإسرائيليات قصة أصحاب الكهف ومن التفاسير التي أكثرت في ذكر الاسرائيليات عنهم تفسير ابن جرير الطبري والدر المنثور فقد أوردوا أخبارا عن مكانهم أنهم كانوا في مدينة من مدائن الروم تدعى أفسوس وأنهم من خواص الملك ومن قال أنهم من أبناء الملوك وذكر مجاهد أنهم كانوا صغارا وكان في آذانهم القرطة ومن ذكر أنهم كانوا على دين المسيح عيسى بن مريم والصحيح أنهم كانوا قبل المسيح عليه السلام , وورد عن أبى جعفر أنهم كانوا صيارفة.

ووردت إسرائيليات في أسمائهم وقالوا إن أسمائهم يمليخا وميكسلمينا ومرنوش ودبرنوش وشاذنوس ويطونس وكفيشطيوش وهو الراعى الذى تبعهم وقالوا أن الذى أرسلوه ليشترى لهم طعاما إسمه يمليخا والذى تكلم نيابة عنهم أمام الملك هو ميكسلمينا.

ووردت أيضا أخبار كثيرة في عددهم فمن قائل أنهم ثمانية ومن قائل أنهم ثلاثة رابعهم كلبهم والصحيح كما ورد عن ابن عباس أنهم سبعة وثامنهم كلبهم لأن الله عز وجل لما ذكر اختلاف الناس في عددهم عقب على من قال ثلاثة ورابعهم كلبهم و من قال خمسة وسادسهم كلبهم عقب بقوله رجما بالغيب أي قولا بلا علم.

وحكى القول الثالث (سبعة وثامنهم كلبهم ) ثم سكت عنه فدل ذلك على صحته.

ووردت إسرائيليات كثيرة في كلبهم وإسمه ولونه قيل أنه كلب راع تبعهم على دينهم وقيل إنه كلب مكسلمينا وهو أكبرهم وكان راع غنم وقيل إنه كلب صيد وقيل إنه كلب نبح عليهم فطردوه خوفا أن يفضحهم فكلمهم الكلب وقال لا تخافوا فأنا على دينكم ناموا حتى أحرسكم وقيل أنه كلب طباخ الملك وقد وافقهم على الدين وصحبهم ووردت إسرائيليات في إسم الكلب أنه قطمير وورد أن اسمه ريان وورد أن لونه أصفر ومن قائل أحمر وورد أثارا في الرقيم فمن قائل أن الرقيم إسم الوادى ومن قال إسم الكلب وإسم القرية التي خرجوا منها وورد أن اسم الكهف بنجلوس ووردت أيضا أنهم لما إستيقظوا وجدوا أنفسهم قد طالت لحاهم وأظافرهم وشعورهم وهذا خطأ بين لأنهم لو كان هذا حدث لعرفوا أنهم لم يناموا يوما أو بعض يوم ولما قالوا هذا والصحيح أنهم إستيقظوا بعد ثلاثمائة وتسع سنين على نفس الحالة التي ناموا عليها.

هذهالإسرائيليات الواردة في القصة والتي ذكرتها وفصلت فيها الكلام أرى أنهامما لا تفيد في الدين، والقرآن والإسلام في غنى عنها، فبعض الروآيات منها غريبة يستبعدها العقل ويأباه الفكر.

لقد علّم سبحانه نبيه وبيّن له كيف يجب أن يتعامل في مثل هذه الأمور، فقال تعالى: (فلا تمار فيهم إلا مراءاً ظاهراً ولا تستف فيهم منهم أحداً) ويجب علينا نحن كذلك أن نلتزم بهذا القول والمنهج الرباني، القصد من ذكر هذه القصص في القرآن هو ضرب الأمثال لنتعظ ولنمتثل أمر الله، والروايات الكثيرة في مثل هذا المقام يبعدنا عن الهدف الأساسي الذي يريده الله تبارك وتعالى.

وإنشغال بما لا يفيد فما هي الفائدة التي تقع لنا عندما نعرف اسم الكلب ولونه و أسماء الفتية ومكانهم فعلينا أن نأخذ العبرة والعظة من القصة ولا نشغل أنفسنا بأمور لا فائدة منها لا في دين ولا دنيا.

حكمة الفتية وفطنتهم:

 لما استيقظ الفتنة بعد نوم طويل وكلوا واحدا منهم أن يذهب للقرية لكى يحضر لهم طعاما وهذا من السداد والتوفيق لأن الواحد أبلغ في التخفي والكتمان وإذا كشف أمره فهو فدائى واحد للمجموعة كلها ومن هنا نتعلم أن لا تضع كل ما تملك في مشروع واحد فإذا خسر خسرت كل مالك ولكن نوع مشاريعك إذا خسر مشروع نجح آخر،وكذلك لا تعلق كل آمالك على شخص فإذا هلك تحطمت نفسيا وهذا نداء للشباب الذين يعلقون كل شيء على فتاة يحبها فإذا خطبت إلى أحد غيره أقدم على الإنتحار وكثير ما رأينا هذه النماذج فالذى يريد أن يعلق كل شيء فليعلقه بربه الحى الذى لا يموت ويتوجه إليه بكل أركانه ويفرغ حياته كلها لمرضاته.

إستشير في أمورك توفق للخير:

إن المنهج الذى سار عليه فتية الكهف في الشورى بينهم كان سببا في نجاتهم وتوفيقهم إلى الرأي السديد ويظهر هذا التشاورفي الآيات القرآنية (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فاووا الى الكهف) وقوله تعالى (فأبعثوا أحدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا) من فوائد الشورى إجتماع الكلمة وإتخاذ القرار السديد.

كذلك أيها المسلم إذا أقدمت على مشروع تجارى مثلا أو زواج أو صفقة أو سفر فأطلب مشورة أهل الصلاح وتخير ذوى الخبرة والفراسة كالعلماء الصادقين والشيوخ الذين عركتهم الحياة فما خاب من استخار وما ندم من إستشار.

الشورى في الإسلام:

الشورى في الإسلام طاعة لله تعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحقللأمة المسلمة، وواجب على الحاكم، وهي نظام سياسي إسلامي عظيم، وحلقة وصلبين الحاكم ورجاله.

والمتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه كان يشاور أصحابه في الأمور التي تنزل بالمسلمين ولا يكون فيها نص شرعي يجب إتباعه وإنما النظر والفكر والخبرة بالناس والحياة والتجارب والحس والمشاهدة.

فقد قال أنس رضي الله عنه: "استشار رسول الله الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: «إن الله قد أمكنكم منهم»، فقام عمر بن الخطابرضي الله عنه: "يا رسول الله اضرب أعناقهم"، فأعرض عنه رسول الله، ثم عاد.. فقام أبو بكر رضي الله عنه: "يا رسول الله، نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء..". (كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وذكرهابن كثيرفي تفسيره لآية 67 من الأنفال.

وشاورالنبيصلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أحد في المقام والخروج، فرأوا الخروج، فلمالبس لأمته وعزم قالوا: "أقم"، فلم يمل إليهم بعد العزم، وقال: «لا ينبغيلنبي يلبس لأمته فيضعها حتى يحكم الله».

وشاور علياً وأسامة فيما رمى به أهل الإفكعائشةرضي الله عنها، فسمع منهما، حتى نزل القرآن فجلد الرامين، ولم يلتفت إلى تنازعهم، ولكن حكم بما أمره الله.

ومن الدلائل التي تدل على أهمية الشورى في الإسلام: أن الله سبحانه وتعالىأمر بها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو المؤيد بالوحي، فقال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَىاللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

بل إن الإسلام جعلها من صفات المؤمنين الصالحين، حتى إنها وردت في السياقالقرآني الكريم بين ركنين عظيمين من أركان الدين هما: الصلاة والزكاة، قالتعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَوَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [الشورى: 38].

وأخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنها أمانة، فقال: «المستشار مؤتمن» (رواه أصحاب السنن).

أي: أمين على ما استشير فيه، فإذا عرف المصلحة فكتمها، أو أشار بخلافها، فقد غش وترك الإحسان.

وقال الحسن: "ما تشاور قوم إلا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم". رواه البخاري في الأدب المفرد. وفي لفظ: "إلا عزم لهم بالرشد أو بالذي ينفع". والشورى هي السبيل إلى الرأي الجماعي، الذي هو خير للفرد والمجتمع من رأيالفرد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: « إن أمتي لا تجتمع على ضلالة » ( رواهابن ماجه )

ويجب أن يلاحظ أن من خصائص الشورى في الإسلام أنها يجب أن تتم في إطار الشريعة، ومنهاج النبوة المحمدية، فلا تخرج عن النصوص الشرعية منالقرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة. وأن يشاور أهل الاختصاص من ذوي العلم والفهم، والعقل والخبرة والحنكة، كل بحسب اختصاصه وعلمه.

أنت الجماعة ولو كنت وحدك:

تعلمنا قصة أصحاب الكهف لزوم جماعة الحق ولو كانت قليلة مستضعفة فيا صاحب الحق أثبت على الحق الذى تعتقده ولو كنت وحدك،كثير هم الذين يعتقدون أنهم على الحق ويحاربون ويناضلون في سبيل إظهاره رغم بطلانه البين فأين أنت يا صاحب الحق؟كفاك صمتًا، تكلَّم، ولا تَخشَ في الحقِّ لوْمة لائمٍ، ناضِلْ من أجْل الحقِّ، ستُواجهُ عديدَ من المصاعب،لكن العقبى ستكون لأهل الحق ولنا في هؤلاء الفتية أسوة حسنة فهم عدد قليل وأتباع الباطل كثر ومع ذلك لم يخافوا بل قاموا بين أظهر قومهم المشركين ثائرين على ملكهم الظالم لم يقولوا نسير خلف الركب الكثير ونتبع دين آبائنا وأجدادنا بل وقفوا في وجه الظالم وأعلنوا الحق بلا تلون ولا مداهنة فيه ولم يقولوا نحن قلة بل ثبتوا فربط الله على قلوبهم وخلد ذكراهم.

فيا أيها المسلم لا تنظر خلفك لترى كثرة الأتباع ولكن أنظر أمامك لترى سلامة الطريق

ولو كان رأي الأكثرية مقدما لكان قوم لوط أولى من لوط وفرعون أولى من موسى وأبوجهل أولى من محمد، الأكثرية معتمدة لكن إذا كانت ضد الحق صارت صفرا.

فيا صاحب الحق أبشر فالدَّعمُ من ربِّ العباد، من القاهرِ فوق عباده أليس هذا كافيًا؛ لكي تقفَ في وجه الباطل الذي تفشَّى في مجتمعاتٍ صارَت تَنسلخُ تدريجيًّا من هُويَّتها الإسلاميَّةوتَركنُ إلى رأيِ المفكِّر فلان، والكاتبِ علان، والتجارب المُستوردة التي لا أصلَ لها في دينِ ربِّ العباد، وتتناسىما هي عليه من دينٍ، مجتمعات ضجَّ أهلُها من المراوغة والنِّفاقِ، والتخاذُل عن الحقِّ، فما أقلَّ أهلَ الحقِّ! وما أكثرَ أهلَ الباطل في زمنٍ غلَبت شهوتُه على هُويَّتِه!

الله يختار لك تفاصيل حياتك:

من الدروس المهمة التي نستلهمها من قصة أصحاب الكهف هي أنه من أستقام على أمر الله هيء الله له كل شيء فيه صلاحه أنظر إلى الفتية كيف كانوا في مكان وساقهم الله إلى مكان مختار بعناية وهيء لهم أسباب الراحة والسكينة والطمأنينة بكل تفاصيلها كذلك أنت أيها الشاب استقم على أمر الله وسيهيء الله لك زوجة مختارة بعناية من بيت صلاح ودين وسيختار لك جامعتك التي تدرس فيها بعناية وسيهيء لك صحبة صالحة تدفعك إلى الخير لكن أنت إستقم على أمر الله ولا تشغل نفسك حتى بتفاصيل حياتك فكل شيء سيهيئه الله لك على أكمل وضع وأفضل صورة إن استقمت على أمره ونهيه.

خذ المعلومة من مصدر موثوق:

هناك مصادر كثيرة تقص على الناس، في إعلام، وفي أخبار، في كتب قديمة، وفي روآيات، وقصص، وفي فيس بوك، وتويتر، وفي مصادر كثيرة للمعلومات الآن، لكن من الذي يفوز، ما هي المعلومة الصحيحة؟ كل واحد يتكلم، ما هي المعلومة الصحيحة؟ التي تأتي من الوحي، هذه قضية المصدر الصحيح للمعلومة، المصدر،الوحيد للمعلومة الصحيحة، المعلومة الصحيحة عن الغيب، سواءً كان غيباً ماضياً، أو غيباً حاضراً غاب عنا الآن، أو غيباً مستقبلياً، لا مصدر صحيحاً لكل المعلومات عن الغيب إلا الوحي فقط، الباقي رجم بالغيب، استنباطات، استنتاجات، قد تخطئ وقد تصيب، وقد تكون مجرد تخيلات حتى ما فيها استنتاج أصلاً إلا المجازفة، إذن إعتمد مصدرنا، وليس المصادر الأخرى، لا كتب أهل الكتاب المحرفة، ولا كتب التواريخ التيكتبها علماء الآثار، والأخبار،، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ، نحن فقط من عندنا الحق المطلق الذى لا مرية فيه.

أعظم علاج للنسيان:

أفضل علاج لم يعانى من النسيان هو الإكثار من ذكر الله وذلك لقوله تعالى (ولا تقولن لشأي إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وأذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدينى ربى لأقرب من هذا رشدا).

 بارقة أمل:

نداء لكل المسلمين في جنبات الأرض أن لا يفقدوا الأمل فالليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر والأمل في الله كبير والمؤمن لا ييأس أبدا وهذه الأمة منصورة وهذا وعد من الله لن يتخلف قال تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون)لكن علينا أن نقف في محراب العبودية خاشعين لله متمسكين بما كان عليه الشرب الأول من النبى وأصحابه

متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله حتى نكون أهل لنزول نصر الله علينا وأقول لكم أيها الإخوة إن الرب الذى أمات أصحاب الكهف ثلاث مائة سنين وأزدادوا تسعا ثم أحياهم قادر على أن يحى أمتنا مهما طال سباتها.

يا أيها المريض سل الله الرحمة:

يظن كثير من الناس أن الرحمة تعنى أن ينجيك الله من النار ويدخلك الجنة هذا معنى من معانى الرحمة لكن الرحمة أعم وأشمل من كل هذه المعانى فرحمة الله إذا نزلت على المريض شفي بإذن الله وإذا نزلت على الفقير أغنته بفضل الله وتدبر دعاء أيوب عليه السلام بعدما طال أمد البلاء دعا الله تبارك وتعالى قال تعالى حاكيا عنه (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين)دعا الله وأثنى عليه ومدحه بصفة الرحمة فاستجاب الله دعائه.

رحمة تغنينى بها عن رحمة من سواك:

هذا نداء عاجل لكل من أثقلته الديون سل الله الرحمة كما سألها الفتية فو الله لو نزلت عليك رحمة الله لقضيت ديونك ولو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك وخذ هذا الدعاء السحرى وأكثر منه في سجودك وتخير أوقات إجابة الدعاء وستجد الفرج قريب جدا إن شاء اللهروى الطبراني في معجمه الصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: ( ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليكمثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيناً لأداه الله عنك؟ قل يا معاذ: اللهم مالك الملك، تؤتيالملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنعمنهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ). حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1821).

تدبر يا أخي هذا الدعاء النبوي بعد الثناء على الله دعا ه أن ينزل عليه رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواه وإذا نزلت عليك رحمة الله فلا حاجة لك في أي شيء آخر في هذه الدنيا.

ليتك تحلو والحياة مريرة             وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذى بينى وبينك عامر              وبينى وبين العالمين خراب فمن وجد الله ماذا فقد ومن فقد الله ماذا وجد.

لا منحة ولا عطية ولا شيء يؤتيه الله للعبد أعظم من دين الإسلام:

مسألة التوحيد مسألة مصيرية وهي رأس الأمر ومنتهاه وهي مفتاح الجنة ولا يقبل من العبد صرفا ولا عدلا يوم القيامة إذا أتى الله بدون التوحيد، وهي أعظم منه م ن الله يمنها على عبده أن يهديه إلى توحيده والإيمان به أنظر كيف هدى الله إليه فتية صغار ما عركتهم سيوف ولا صقلتهم تجارب وصرف عنه شيوخ كبار عركوا الحياة ورأوا آياته ليل نهار ومع ذلك صرفهم الله عنه لذا أعلم يا أخي أن أعظم أنواع العقوبة أن ترى الحق فيصرفك الله عن إتباعه.

وما بعث نبي ولا أرسل رسول إلا بالتوحيد وما سلت سيوف وسددت رماح بين أهل الحق وأهل الباطل إلا من أجل لا إله إلا الله، إنها الكلمة التي لو وضعت في كفة والسموات والأرض في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله إنها مفتاح الجنة والنجاة من النار، ومن أجلها يضحى المسلم بكل غال ونفيس فلا أغلى منها لا مال ولا ولد ولا الدنيا بما فيها من مات عليها وكانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة وما خسر من إتبعها ولو شق نصفين وتناثر لحمه بين جبلين ولو قذف بالمجانيق لأن الموت في سبيلها هو أغلى الأماني وأسمى المعاني.

وصى بها نوح ووصى بها نوح أبنائه قبل مماته ووصى بها يعقوب عليه السلام وضحى من أجلها موسى وعيسى

وقضى فيها محمد أنفاس حياته يدعو إليها، إنه التوحيد أصل الأصول وسلم الوصول، أسال الله عز وجل أن يثبتنا عليه ويتوفانا عليه إنه ولى ذلك والقادر عليه.

وربطنا على قلوبهم:قال تعالى (وربطنا على قلوبهم إذقاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا).

 ربطنا على قلوبهم أي صبرناهم على مخالفة قومهم وما كانوا عليه من العيش الرغيد والنعمة والربط على القلب يكون عند الفقد يقول الله حاكيا عن أم موسى لما فقدت موسى (وربطنا على قلبها إإن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين) وهؤلاء الفتية تركوا آبائهم وأمهاتهم ودورهم تركوها خلف ظهرهم ومثل هذا يحتاج إلى أن يربط على قلبه حتى يثبت على دينه (وربطنا على قلوبهم) لأنه ليس سهلا أن يترك شابا و مجموعة من الشباب حياة معينة فيها اللهو والعمل والاولاد والزوجة ومعايشة الناس ثم يحيدون عن ذلك كله ليعيشوا في كهف غائر مهجور هذا أمر صعب جدا يحتاج إلى الثبات، والثبات لا يكون إلا من الله لذلك الذين من يريد الهداية يجب أن يستعين بربه ليلهمه الثبات لذلك ربط الله على قلوب الفتية ليثبتوا على الحق.

الكلب الذى كان معهم كان كلبهم هم وليس كلبا لغيرهم:

ذكر الله مع أصحاب الكهف كلبا،وأضافه إليهم في قوله و(كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) أي كلبهم الذى كان معهم من قبل لا كلب غيرهم وقد عده معهم لكونه منهم فلو لم يكن مصاحبا لهم قبل دخولهم الكهف لما ذكرهم في العدد معهم في قوله تعالى (ثلاثة رابعهم كلبهم )(خمسة سادسهم كلبهم ) (سبعة وثامنهم كلبهم ) ومن القرائن أيضا قوله تعالى (باسط ذراعيه بالوصيد) يعنى في فناء الكهف في صورة الحارس لهم ليهيبهم،وفي ذلك قوله تعالى (لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) يعنى منهم ومن كلبهم لأنه معدود فيهم.

إذا أردت الهداية فأسلك سبلها:

 لا تظن أن الهداية ستأتيك على طبق من فضة فلابد من مجاهدة وسعى في طلبها كما فعل فتية الكهف الذين رأوا ببصائرهم فعلموا أن ربهم هو رب السموات والارض وجاهدوا قومهم حتى نجاهم الله منهم ولذلك ذكر العلماء أسبابا للهداية من أهمها:-

  1. الإيمان بالله قال تعالى (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)
  2. المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى (وأتبعوه لعلكم تهتدون) وقال (وإن تطيعوه تهتدوا)
  3. الحرص على تعلم الوحى والعمل بما علم منه قال تعالى(ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ) يعنى ذلك أن تحرص أخي المسلم أن تطبق ما تعلمته من الدين والمواعظ الإيمانية حتى لا تكون حجة عليك أمام الله يوم القيامة.
  4. المواظبة على العبادات من صلاة وزكاة وصوم وغيرها قال تعالى (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله فعسى أولئك ان يكونوا من المهتدين فعسى من الله واجبة كما قال ابن عباس.
  5. مجاهدة النفس في طلب الهداية فمن جاهد نفسه في طلب الحق ومعرفته رزقه الله هداية التوفيق قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وخير مثال قصة سلمان الفارسي الذى جاهد في معرفة الدين الحق حتى هداه الله للإسلام.

 

الجهر بالدعوة والصبر عليها:

هنا درس عظيم للدعاة إلى الله يتعلمونه من فتية الكهف وهو الجهر بالدعوة وأن لا يخافوا في الله لومة لائم كما فعل الفتية مع قومهم حاكيا عنهم القرآن(إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض) قاموا وسط قومهم المشركين معلنين توحيدهم لله رب العالمين وهكذا عندما يغمر الإيمان القلوب فتسرى إلى الجوارح قوة الإيمان مستمدة من القلب ملك البدن، لم يخافوا بطش الملك الظالم دقيانوس قاموا ثائرين على الباطل وهكذا أيها الدعاة لابد أن تجهروا بالدعوة إلى الله في النوادي والمساجد والطرقات حتى يعلو دين الله وتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب بان له شريك:

 لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب بإدعاء أن له شريكا كما افتراه عليه قوم أصحاب الكهف كما قال عنهم أصحاب الكهف (هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه إله لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا )

وافتراء الكذب على الله بجعل الشركاء له هو أعظم الظلم جاء مبينا في آيات كثيرة كقوله تعالى (إن الشرك لظلم عظيم )

وقوله (ومن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين)

وقوله جل وعلا (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين).

وفجأة تدب فيهم الحياة فلتنظر ولتسمع:

و كذلكبعثناهم ليتساءلوا بينهم. قال قائل منهم: كم لبثتم ? قالوا: لبثنا يوما أوبعض يوم. قالوا: ربكم أعلم بما لبثتم , فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلىالمدينة , فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكمأحدا. إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم , ولن تفلحوا إذنأبدا.

إنالسياق يحتفظ بالمفاجأة في عرض القصة , فيعرض هذا المشهد , والفتيةيستيقظون وهم لا يعرفون كم لبثوا منذ أن أدركهم النعاس. إنهم يفركون أعينهم , ويلتفت أحدهم إلى الآخرين فيسأل: كم لبثتم ? كما يسأل من يستيقظ مننوم طويل. ولا بد أنه كان يحس بآثار نوم طويل. (قالوا: لبثنا يوما أو بعضيوم ) ثمرأوا أن يتركوا هذه المسألة التي لا طائل وراء البحث فيها , ويدعو أمرهالله - شأن المؤمن في كل ما يعرض له مما يجهله - وأن يأخذوا في شأن عملي.فهم جائعون. ولديهم نقود فضية خرجوا بها من المدينة: (قالوا: ربكم أعلم بمالبثتم , فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة , فلينظر أيها أزكى طعامافليأتكم برزق منه). أي فليختر أطيب طعام في المدينة فليأتكم بشيء منه وهم يحذرون أن ينكشف أمرهم ويعرف مخبؤهم , فيأخذهم أصحاب السلطان في المدينة فيقتلوهم رجما - بوصفهم خارجين على الدين لأنهم يعبدون إلها واحدا في المدينة المشركة!- أو يفتنوهم عن عقيدتهم بالتعذيب. وهذه هي التي يتقونها. لذلك يوصون الرسول أن يكون حذرا لبقا، وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا. إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا. فما يفلح من يرتد عن الإيمان إلى الشرك , وإنها للخسارة الكبرى.

وهكذانشهد الفتية يتناجون فيما بينهم , حذرين خائفين , لا يدرون أن الأعوام قدكرت , وأن عجلة الزمن قد دارت , وأن أجيالا قد تعاقبت , وأن مدينتهم التييعرفونها قد تغيرت معالمها , وأن المتسلطين الذين يخشونهم على عقيدتهم قددالت دولتهم , وأن قصة الفتية الذين فروا بدينهم في عهد الملك الظالم قدتناقلها الخلف عن السلف ; وأن الأقاويل حولهم متعارضة ; حول عقيدتهم , وحولالفترة التي مضت منذ اختفائهم.

وهنا يسدل الستار على مشهدهم في الكهف ليرفع على مشهد آخر. وبين المشهدين فجوة متروكة في السياق القرآني.

ولناأن نتصور ضخامة المفاجأة التي اعترت الفتية - بعد أن أيقن زميلهم أنالمدينة قد مضى عليها العهد الطويل منذ أن فارقوها ; وأن الدنيا قد تبدلت من حولهم فلم يعد لشيء مما يذكرونه ولا لشيء مما يعرفونه وجود! وأنهم من جيل قديم مضت عليه القرون. وأنهم أعجوبة في نظر الناس وحسهم , فلن يمكن أنيعاملوهم كبشر عاديين. وأن كل ما يربطهم بجيلهم من قرابات ومعاملات ومشاعر وعادات وتقاليد , كله قد تقطع , فهم أشبه بالذكرى الحية منهمبالأشخاص الواقعية , فيرحمهم الله من هذا كله فيتوفاهم

لناأن نتصور هذا كله. أما السياق القرآني فيعرض المشهد الأخير , مشهد وفاتهم , والناس خارج الكهف يتنازعون في شأنهم:على أي دين كانوا , وكيف يخلدونهمويحفظون ذكراهم للأجيال. ويعهد مباشرة إلى العبرة المستقاة من هذا الحادثالعجيب.

( وكذلكأعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق , وأن الساعة لا ريب فيها. إذ يتنازعون بينهم أمرهم , فقالوا: ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم. قال الذين غلبوا على أمرهم: لنتخذن عليهم مسجدا )

إنالعبرة في خاتمة هؤلاء الفتية هي دلالتها على البعث بمثل واقعي قريب محسوس.يقرب إلى الناس قضية البعث. فيعلموا أن وعد الله بالبعث حق , وأنالساعة لا ريب فيها.وعلى هذا النحو بعث الله الفتية من نومتهم وأعثرقومهم عليهم.

 (انتهي من تفسير صاحب الظلال)

إقبال الصبيان على الحق أشد وأسرع من الشيوخ:

 أكثر أتباع الأنبياء من الفتيان وقد قال الله عمن آمن مع موسى ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) يعنى فتيانهم.

مع أن الكبار أكمل عقولا ولكنهم أشد عنادا وأنفة خصوصا وقد تجذرت عندهم سنة التمسك بعادات الاباء والاجداد وإن كانوا على الباطل لذا يا أيها المسلم عليك أن تتبع الحق وأن تسلك الطريق الذى يوصلك إليه ولا تلتفت إلى عادات ابائك وأجدادك إن كانت مخالفة لكلام الله ورسوله

عود نفسك:

لابد لكل فكرة أو مبدأ من دليل أو برهان تقوم عليه إلا سقط من أول لقاء ( لولا يأتون عليهم بسلطان بين ) وإذا لم يكن هناك حجة قوية أو دليل ساطع فهو ضعيف ولن تقنع أحد بفكرتك إن لم يؤيدها النور الساطع الذى يكشف الغشاوة عن العيون وينير سبيل الحق أما فرض الفكرة بالقوة والإرهاب المادي دليل على الافلاس وضحالة ما تدعو إليه ويعد إفتئاتا على الحق وظلما له.

من عندك لا من عند غيرك:

 لما دعا الفتية ربهم قالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة ) لم يقولوا ربناآتنا رحمة وهنا لمحة جميلة وهي أنهم طلبوا رحمة من عند ربهم كأنهم يقولون يا ربنا نريد رحمة منك أنت فقط لا من أحد غيرك لأننا ما خرجنا إلا من أجلك لذا نريدها رحمة من عندك لأننا في الحقيقة ما أوينا الى الكهف نحن آوينا اليك تركنا أعز ما نملك وآوينا اليك أنت فظللنا بظلال رحمتك التي إذا نزلت علينا نجونا من بطش الظلمة وكذلك أنت أيها المسلم تعلم من الفتية أن لا تطلب إلا من الله ولا تعلق قلبك بأحد إلا الله فما أجمله من دعاء حول الكهف المهجور إلى قصر فسيح تظلله رحمة الله وعنايته.

أين هم الان وأين ملكهم الظالم:

 الدنيا ساعة سريعة الزوال كأنها أحلام نائم وما بين غمضة عين وأنتباهتها تجد نفسك أمام رب العالمين ليسألك عن النقير والقطمير ويحاسبك على القليل والكثير والان أسالك أين الفتية الان وأين ملكهم وقومهم المشركين وأنت تقرأ هذه السطور؟ نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكى أحدا على الله أنهم يتقلبون في رحمة الله في قبورهم يرون منازلهم من الجنة والنعيم المقيم ويشاهدون الحور العين وما أعده الله لهم جزاء على توحيدهم إنهم ضحوا نعم لكن العقبة كانت لهم، أما ملكهم الظالم وقومهم المشركين فهم الآن يتقلبون في النار في قبورهم وينتظرون أشد العذاب يوم القيامة وهنا أذكرك يا أيها القارئ الكريم أن تعب الطاعة مضى وبقى الاجر ولذة المعصية أيضا ذهبت وعليك وزرها فوقت الطاعة مضى ووقت المعصية مضى لكن يبقى لك الأجر محفوظا عند من لا يضيع عنده مثقال ذرة من خردل، الشاهد أيها الأخوة أن الدنيا ستمضى سريعا بكل ما فيها فحافظ على دينك وعبادتك حتى لا تلقى الله مفلسا يوم القيامة، وقف على قدم راسخ وتقرب إلى ربك بكل ما تستطيع ولا تغرك الدنيا وزخرفها فو الله في لحظة تجد نفسك في القبر فالبدار البدار إلى طاعة العزيز الغفار.

ما الكهف الذى ستلجأ إليه عند الفتن:

إن هذا الزمان قد إنتشرت فيه فتن الشهوات والشبهات التي تقع على الناس كقطر المطر ولا ملجأ لك أيها المسلم إلا أن تلجأ إلى الله تأوى إليه كما آوى اليه هؤلاء الفتية، فالفتن إذا اشتدت كالبحر تحير العقول ومن أعظم أسباب النجاة منها دعاء الله تعالى كما قال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه: ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا الله كدعاء الغريق فلا تقترب منها ولا تحوم حولها فالفتن تجذب القلوب إليها بالوقوع فيها أو تتبع أخبارها، وأفضل الناس من يشتغل بالعبادة إذا اشتغل الناس بالفتن قال صلى الله عليه وسلم (العبادة في الهرج كهجرة إلى ) فمن عرف الحق ثبت في الفتن ومن جاء الفتن وأقبل عليها بلا علم تحير وتذبذب قال حذيفة رضى الله عنه (لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك). الخلاصة أن تعلم العلم الشرعي والدعاء واللجوء إلى العبادة أفضل الكهوف التي تنجى من الفتن في هذا الزمان.

الهداية بيد الله وحده:

إذا تيقن المسلم أن الهداية لا يوفق إليها الا الله لجأ الى الله بصدق أن يرزقه الهداية كما رزقها لهؤلاء الفتية الأبرار قال تعالى (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا).

وجاءت الهداية في القرآن الكريم على نوعان:-

1-النوع الاول: هداية الدلالة والإرشاد وهذا النوع من الهداية يملكها الرسل والدعاة إلى الله أن يبينوا طريق الحق والرشاد للناس وقد أثبتها الله لنبيه في قوله تعالى (وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم) والهداية هنا بمعنى إيضاح طريق الحق والضلال.

2-النوع الثاني:هداية التوفيق:وهذه لا يملكها إلا الله عز وجل فهو الذى يوفق ويلهم أما الرسل فلا يملكون هداية التوفيق إنما هم هداة يدلون ويرشدون الخلق لما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم.

مثال على ذلك: النبي صلى الله عليه وسلم لم يملك هداية عمه أبو طالب الذى دافع عنه وسانده ضد كفار مكة وهو إمام الأنبياء صلى الله عليه وسلم وقد نفي الله عز وجل هداية التوفيق عن نبيه قال تعالى (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء )

وسيدنا نوح عليه السلام لم يملك هداية ابنه ولوط لم يملك هداية زوجته ولذا أقول أن الرسل لا يملكون إلا هداية الدلالة والإرشاد أما هداية التوفيق فتفرد بها من بيده القلوب وهو الله عز وجل .

لذا يا من تريد الهداية اسأل من بيده الهداية وعلق قلبك به.

تلطف في أمرك كله:

لما أرسل الفتية واحدا منهم أن يحضر لهم طعاما أمروه أن يتلطف في سيره ودخوله وخروجه حتى لا ينكشف أمرهم والعجيب أن هذه الكلمة جاءت في وسط القرآن وكأن هذا الدين دين الرفق واللين، وكل واحد منا في حياته يحتاج إلى الرفق واللين والتلطف مع أبويه وأبنائه وزملاء العمل ومع زوجته، فما دانت الجزيرة العربية للنبي صلى الله عليه وسلم إلا بحسن خلقه ولطفه ورفقه في التعامل مع الناس قال تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك).

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه ) رواه مسلم ( 4698 ). وقال عليه الصلاة والسلام لأشج عبد القيس: ( إن فيك خصلتين يحبهما الله، الحلم والأناة ) رواه مسلم

فعلينا جميعاً بالرفق في الأفكار والمواقف وفي كل ما يجدّ من الحوادث وعدم العجلة فإنها ليست من منهج الأمة الإِسلامية وخاصة في زمنالفتن.

فيا أيها الاب أرفق في تربية اولادك و يا أيها الدعاة الرفق الرفق مع العصاة حتى تجنوا ثمار الدعوة و يا أيها المعلم عليك بالرفق واللطف مع تلاميذك فما ستجنيه معهم باللطف واللين أعظم بكثير مما ستجنيه إذا اتبعت الشدة والغلظة.

و يا أيها الرجال رفقا بالقوارير أرفقوا بنسائكم وتحملوهم قد تكون زوجتك مضغوطة من تربية الاولاد طوال اليوم فالتمس لها العذر.

هناك سر عجيب:

كيف لفتية صغار حدثاء الاسنان يذكرهم الناس حتى الآن ويذكرهم الله في كتابه الكريم، إن هناك سرا في أمر هؤلاء الفتية بلغ بهم هذه المنزلة والكرامة إن هذا السر هو ما جعل أبو بكر الصديق يرتفع عند الله وتعلو منزلته عن جميع الصحابة إنه القلب كما ورد عن بعض السلف قوله (والله ما سبقهم أبوبكر بكثير صلاة ولا كثير صيام ولكن بشىء وقر في قلبه)، أيها الاخوة ما وقر في قلوب الفتية من إجلال الله وتعظيمه وصدق التوكل عليه هذا هو السرالعجيب إنه الصدق الذى نحن في أشد حاجة إليه في هذه الايام العصيبة إسأل نفسك هل أنت صادق في محبتك لله ورسوله؟ هل أنت صادق في التوكل على الله أم هو كلام يتردد على الألسنة والقلوب في وادى آخر؟هل أنت صادق في محبة الخير للمسلمين كما تحب لنفسك أم هي شعارات فقط؟هل أنت صادق في التعلق بالأخرة أم قلبك قد إمتلأ بحب الدنيا وتفضيلها على الاخرة؟ أسئلة كثيرة يجب أن نسألها لأنفسنا حتى نعرف من أين أوتينا من أين هذا الهم والكدر الذى أصاب الناس هل المسلمون صادقون في التوبة والاستغفار أم مقيمون على المعاصي ليل نهار ويرددوا صيغ الاستغفار بدون عزم وندم لابد من وقفة كبيرة مع النفس،ما سلط الله على الامة حثالة الخلق يستبيحوا بيضتها وينهبوا ثرواتها إلا بسبب إقبال الناس على المعاصي، فالذنوب هي السبب فى ضعف الامة والعقوبات التي تنزل عليها من الله،كأن هناك ملكا يصيح بالمسلمين من السماء أفيقوا عودوا الى ربكم هو القادر على أن ينجيكم مما أنتم فيه لا تلتفتوا إلى غيره النجاة من هاهنا لا طريق للنجاة إلا الفرار الى الله جرب يا عبدالله أن تصدق وستجد العجب العجاب، إرجعوا أيها الشباب الى المساجد عودوا الى القرآن وصلاة الفجر المساجد تئن من قلة المصلين،راجع نفسك ما الذى جعلك لا تصلى قيام الليل وكنت من قبل تصليه؟ما الذى جعلك تعق والديك وكنت من قبل تبرهم؟ لابد من وقفة جادة مع انفسنا فلو كنا صادقين مع الله كما صدق هؤلاء الفتية لنجانا الله من كل المحن فالله الله في الصدق واصلاح القلوب.

الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين:

 كل صداقة يوم القيامة كانت على معاصي الله في الدنيا ستكون عداوة يوم القيامة فهل يكون شبابنا مثل فتية الكهف يصادقون شبابا صالحين يدفعونهم إلى الخير ويحثونهم عليه أم ستكون صداقات علىمعصية الله في الخمارات وعلى نواصي الشوارع والمواقع المشبوهة هل سيجتمع الشباب في المساجد وعلى فعل الطاعات والبر والاحسان؟ هل ستجتمع مع صديقك في الجنةوتفرح أنك صادقته في الدنيا مثل فتية الكهف الذين سيجتمعون في الجنان فرحين بصداقتهم، فيا أيها المسلم أحذر من صداقة نهايتها نار جهنم و يا أيها الاباء إبحث لولدك عن أصدقاء صالحين يدفعونه إلى الخير وصدق رسولنا الكريم الذى قال في الحديث الصحيح (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) فإذا أردت أن تعرف خلق شخص فأنظر الى خلق صديقه، لذا حذارى حذارى من اصحاب السوء الذين يدفعونك الى الهلاك والخسران في الدنيا والاخرة وخير مثال عم النبى صلى الله عليه وسلم ظل به أصدقاء السوء حتى منعوه من كلمة توجب له سعادة الأبد وقف أبو جهل على رأسه وقال تموت على غير ملة عبدالمطلب فقال هى على ملة عبدالمطلب ولم يسمع لرسول الله وهو واقف على رأسه يقول له كلمة يا عم قلها أحاج لك بها عند الله فأبى فأنظر كيف كانت صداقة السوء سبب فى الشقاء الأبدى والعياذ بالله.

إحذر أن تهيج الامم على دينك:

 ليس عاقلا من يسعى في شتات أمة محمد، لاتكن سببا في شن الحملات المسعورة على الاسلام، فأعمال بعض المسلمين المنافية لمنهج الاسلام الوسطى يتخذها بعض مرضى القلوب ذريعة للهجوم على الاسلام وأهله ولنا في اصحاب الكهف الأسوة الحسنة، فقد أمروا صاحبهم أن يتخفي ويتلطف حتى لا يهيج قومهم عليهم فيرجموهم أو يجبروهم على العودة الى ملتهم الكفرية، لذلك كن سفيرا حسنا لدين الاسلام وكن سببا في نشر الدين بأخلاقك الحسنة ولا تتبع منهج المتشددين المتطرفين الذين أساءوا الى الدين واتبعوا منهج العنف والتفجيرات في بلاد الغرب وسيلة لنشر الدين بل هم كانوا سببا في إيذاء اخوانهم المسلمون الذين يعيشون في بلاد الغرب والتضييق عليهم من قبل الحكومات الغربية.

حسن ظنهم بالله عجيب:

لما تشاور الفتية وقرروا ان يأووا إلى الكهف قال القرآن حاكيا عنهم (فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ) يعنى بمجرد أن تآووا الى الكهف سينشر الله لكم من رحمته، ومعنى ينشر يوحى بالسعة والإنشراح يعنى هم كانوا على يقين وحسن ظن بالله أن لن ينزل عليهم رحمته فقط بل سينشرها نشرا عليهم ويغدق عليهم فضلا كبيرا جزاءا على توحيدهم فالضيق يقابلُه البَسْط والسّعة، لقد قالوا هذه الكلمة وهم واثقون في رحمة الله معتقدون أنالذي هاجروا إليه لن يُسلمهم ولن يخذلهم، وسوف يُوسِّع عليهم برحمته هذاالضيق الذى يجدونه، وقد وَسَّعه الله عليهم فعلاً حين أنامهم، أَلاَ ترى النائم يربع فيالدنيا هنا وهناك ولا تحدُّه حدود؟

لذا أيها المسلم أسألك عدة اسئلة وأجبنى عليها بصدق هل عندما تدعو الله تحسن الظن به أنه سيستجيب دعائك؟أم أنك تدعو وقلبك لاه غافل.هل يا أيها المتصدق عندك حسن ظن بالله أن الله سيخلف عليك صدقتك أضعافا كثيرة؟ هل نحن عندنا حسن ظن بالله أن الجولة الأخيرة ستكون لدين الله؟هل سيضيع الله من يدعو إليه وينصر دينه؟هل سيضيع الله حقوق المظلومين في بلاد الشام وغيرها؟لابد أن نسأل أنفسنا هذه الأسئلة وغيرها فما ظنكم برب العالمين؟

شباب سلكوا سبل المعالى وما عرفوا سوى الإسلام دينا:

 الناظر إلى حال شباب الصحابة وشباب اليوم يجد بونا شاسعا بين إهتمامات الشباب قديما واهتمامات الشباب حديثا فالان الشاب يكون عمره 20 عاما ويقولون عنه مراهق ولا يتحمل أدنى مسئولية مع والده فكيف لشاب بهذه التربية يرجى منه أن يسهم في نصرة الأمة ويساهم في رفعة شأنها وهو لا يهتم إلا بالنوادي والتسكع في الطرقات والرحلات والفيسبوك وغيرها من وسائل التقنية الحديثة.

إن الأمة في أمس الحاجة إلى شباب مثل أسامة بن زيد الذى ولاه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش الإسلامي وهو في عمر ثمانية عشر عاما، وهذا ابن عباس وهو غلام صغير يلقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة , سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وصيتهالمشهورة وهو غلام صغير وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار " فقال لهالنبي صلى الله عليه وسلم :(( يا غلام إني أعلمك كلمات إحفظ الله يحفظك إحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أنينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو إجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف )) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح 2516 وقال الشيخ الألباني: ( صحيح ) انظر صحيحالجامع للألباني حديث
رقم: 7957

وهذا على بن أبى طالب عمره لم يتجاوز عشر سنين وكان أول من أسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فلم يستصغر نفسه ويقول من أنا حتى أتقدم علىكبار قومي في هذا الأمر الجلل!! فبمجرد أنه عرف الحق وتبين له الباطل الذييعيش عليه مجتمعه شهد شهادة الحق ولم يقل كيف أخالف أهلي وقومي وعشيرتي!! وتأمل كيف أنه في هذا السن لم يكن يشغله اللعب واللهو والضياع بل رأي في نفسهأنه جدير كل الجدارة أن يكون فخراً لكل شباب الإسلام في كل زمان ومكان بأن يكونأول من دخل في دين الإسلام وهو غلام لا يتجاوز عمره العشر سنين. فلله دره ماأعلا همته وما اسما هدفه.

وهذا عمرو أبن سلمه رضي الله عنه كما في صحيح البخاري كان عمره ست سنين أو سبع سنين وكانإماماً لقومه يؤمهم في الصلاة لأنه كان أحفظهم للقرآن فلما بلغهم قول النبي صلىالله عليه وسلم (إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً [، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا من عمرو بن سلمه الطفل الذي عمره لا يتجاوزالسبع سنين فقدموه ليكون إماماً لهم!

غلامين صغيرين كان لهما في معركة بدر موقف لا ينتهي منه العجب وهما معاذ بنعمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء رضي الله عنهما ونترك الحديث عن هذا الموقف العجيب للصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كما في صحيح البخاري قال: بينما أنافي الصف يوم بدر إذ نضرت عن يميني وعن شمالي فإذا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما فتمنيت لو أن غيرهما كان بجواري ليحميني فغمزني احدهما فقال يا عمأتعرف أبا جهل قلت نعم وما حاجتك إليه قال سمعت انه يسب رسول الله والذي نفسيبيده لأن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ثم غمزني الأخر فقاللي مثل مقالة صاحبه ثم لم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت هذاصاحبكما فانقضا عليه كالصقرين فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفاإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبراه فقال أيكما قتله قال كل منهما أنا قتلته قال هل مسحتم سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال صلى الله عليه وسلم: كلاكما قتله. البخاري حديث رقم 3141، ومسلم 4668
سبحان الله فرعون هذه الأمة وطاغية زمانه يكون مصرعه على يدي غلامين شابين منشباب الصحابة الكرام!! لماذا؟ حتى تكون الصورة واضحة جلية يتبين من خلالها إلىأي حد وصل مستوى أولئك الشباب الأفذاذ , وكيف أثمرت تلك التربية الرائعة من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم على أيدي صحابته الكرام مثل أولئك الأبطال فأخرجت هذه النماذج الرائعةبكل ما تعنيه الكلمة.

في غزوة بدر يقول سعد بن أبي وقاص: رأيت أخي عمير قبل أن يعرضنا رسول الله يومبدر يتوارى ـ أي: يختبئ في الجيش ـ، فقلت: ما لك يا أخي؟! قال: إني أخاف أنيراني رسول الله فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة. يريدالشهادة! ماذا يفعل بعض الأبناء اليوم في هذه السن؟.

ونلمس الحرص نفسه عند زيد بن ثابت رضي الله عنه فيأتي قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مفاخرين بما حصّل صاحبهم يحدثنا عن ذلك فيقول: ذهب بي قومي إلى النبي صلى الله عليه وسلمفقالوا: يا رسول الله هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرةسورة فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه و سلم وقال يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإنيوالله ما آمن يهود على كتابي قال زيد فتعلمت كتابهم ما مرت بي خمس عشرة ليلةحتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه وأجيب عنه إذا كتب. رواه البخاري تعليقاً وأحمد (5/186) (21673)

هذه بعض النماذج المشرقة من شباب الصحابة فهلا ربينا شبابنا على تحمل المسؤولية وعلو الهمة كما ربى النبي صلى الله عليه وسلم شباب الصحابة  

لذا إن كانت هذه الأمة تريد نهضتها وأن تلحق بسباق الأمم فعليها أن تهتم بشبابها وتنشئهم على الجلد والمصابرة والعزم والجد حتى تنهض أمتنا وتفيق من غفلتها، أما شبابا أنهكت أجسامهم المخدرات وألهتهم المسكرات والسهرات فلا رجاء فيهم وقد علم عدونا كيف يحاربنا بدون سلاح عن طريق إفساد الشباب ونشر المخدرات فأصبح الشاب ليس له هم إلا الكيف وكيف يحصل عليه.

ثناء رب العالمين على فتية الكهف:

وصف القرآن لهم بأنهم فتية ثناء عليهم بدلالة السياق لأن الفتى في العادة يألف اللهو والباطل فلما لم يصرفهم ذلك عن المعالى إستحقوا التنويه.

ما أضر بالناس اليوم إلا سوء المطعم:

طلب الفتية من صديقهم الذى أرسلوه أن يتخير لهم أطيب الطعام وأزكاه وفي هنا إشارات، الأولى أنهم كانوا من أبناء الذوات لأن الذى يبحث عن أزكى الطعام هم الاثرياء والإشارة الثانية أنهم طلبوا أزكى الطعام فلا يكون الطعام ذكيا إلا إذا كان حلالا وهنا وقفة مع طيب المطعم فالناظر في حال الناس اليوم يجدهم يتورعون عن الربا وأكل الحرام ولكنه يبخس الأجير حقه والخادم ويأكل أموال الناس بالباطل، وطيب المطعم من أسباب استجابة الدعاء قال رسول الله لبلال: (أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ) وقال (تجد الرجل أشعث أغبر يطيل السفر ذي طمرين وقد غذى بالحرام فالنار أولى به) فحرى بالمسلم أن يتقى الله فيما يطعمه وأن يتحرى الحلال الطيب ولا يطعم أولاده شيئا حراما فأيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به والبعد كل البعد عن ما حرم الله من الاطعمة والمشروبات كلحم الخنزير والميتة والخمر المحرمة وأن يتحرى من يشترى منهم الاطعمة أنهم صالحون فنجد أنفسنا الان نكتشف بين الحين والاخر أن جزارا كان يذبح الحمير للناس فلابد للإنسان أن يتحرى فى من يشترى منهم طعامه الصدق والأمانة والدين  فاتقوا الله في مطعمكم وتاسوا بفتية الكهف النبلاء.

كيف تحصن نفسك من الفتنة في الدين:

إنصلاح دين المرء في الدنيا يعني سعادته وفوزه في الآخرة، وإن رأس مال المسلم دينه، فمن فرَّط فيه وعرَّضه للفتن فقد خاب وخسر، ومن حافظ عليه واعتنى بتقويته أفلحونجح، ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِيالَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِيوَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةًلِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ ). رواهمسلم ( 2720)

قالالمناوي – رحمه الله:- ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ) أي: الذي هو حافظ لجميع أموري، فإن مَنفسد دينُه فسدت جميعُ أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة." فيض القدير " ( 2 / 173) .

يستطيع المسلم - بتوفيق الله له – أن يحصِّن دينَه من الفتن وذلك بسلوكه سبيل المؤمنين فيما أوصوا به من أمور، ومن ذلك:

  1. الابتعاد عن بيئة الفساد الديني والخلقي، فيبتعد عن السكنى في ديار الكفر، وينأىبنفسه عن مخالطة الفسَّاق، ومن ابتعد عن وسائل الفساد حفظَ دينه من الضياع بإذن الله، وتوشك بيئات الكفر ومخالطة أهلها أن تؤثر في الساكن بينهم من المسلمين، وقدرأينا وسمعنا ما يفطِّر القلب ممن انتكس على عقبيه، وباع دينه بمتاع من الدنيازائل، وكان ذلك بسبب انبهاره ببيئة الكفر وأهلها، وموت قلبه في السكنى بينهم، أوبمخالطتهم.

ومما يشبه ما سبق: الابتعاد عن الدخول في معترك الخلافات بين المسلمين، وخاصة إذاأدَّى الاختلاف بينهم إلى التقاطع والتدابر والعراك.

قالشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

ومنإستقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين: تبيَّن له أنه ما دخل فيها أحدٌ فحمدعاقبة دخوله ؛ لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه، ولهذا كانت مِن باب المنهيعنه، والإمساك عنها من المأمور به الذي قال الله فيه
( فليحذر الذين يخالفون عن
أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )منهاج السنَّة النبوية " ( 4 / 410 ) .

  1. ومما يعين المسلم على تحصين دينه: تقوية إيمانه، بفعل الطاعات الواجبة، وتركالمنكرات المحرَّمة، ومن أعظم الطاعات الواجبة: الصلاة، فيحافظ المسلم علىإقامتها في أوقاتها، بشروطها، وأركانها، وخشوعها، قال تعالى: ( وَأَقِمِالصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)العنكبوت/ منالآية 45.

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام بعموم الطاعات للنجاة من فتن الدين،وحذَّر من فتن الدنيا كالمال والنساء والجاه أن تكون سبباً ليبيع دينه من أجلها،وأخبر أنه قد يكون المرء مسلماً في الليل فيرتد في النهار! أو يكون مسلماً فيالنهار فيرتد في الليل.

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُالرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُكَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ). رواه مسلم ( 118. (

قالالشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:

المهم: أن الرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من هذه الفتن التي كقطع الليل المظلم، يصبح الإنسان مؤمناً ويمسى كافراً - والعياذ بالله - يومٌ واحدٌ يرتد عن الإسلام، يخرج من الدَّين، يصبح فيه مؤمناً ويمسى كافراً - نسأل الله العافية - لماذا؟يبيع دينه بعرَض من الدنيا، ولا تظن أن العرَض من الدنيا هو المال! كل متاعالدنيا عرَض، سواء مال، أو جاه، أو رئاسة، أو نساء، أو غير ذلك، كل ما فيالدنيا من متاع: فإنه عرَض، كما قال تعالى: ( تبتغون عرَض الحياة الدنيا فعندالله مغانم كثيرة ) فما في الدنيا كله عرَض.

فهؤلاء الذين يُصبحون مؤمنين ويمسون كفاراً، أو يمسون ويصبحون كفاراً: كلهميبيعون دينهم بعرَض من الدنيا.

نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن، واستعيذوا دائما من الفتن." شرح رياض الصالحين " ( 2 / 20 )

  1. ومنه: الدعاء، وقد أرشدنا ربنا تعالى، وعلَّمَنا نبينا صلى الله عليه وسلم منجوامع دعائه ما ينفع من أراد حماية دينه من الفتن، ومنه: قوله تعالى ( اهْدِنَاالصِّرَاطَ المُسْتَقِيم ) في كل ركعة، ومنه: ( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْهَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ،وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ.. ) - رواهوالترمذي ( 464 ) وحسَّنه، وأبو داود ( 1425 ) – وهو ما يقوله المسلم في قنوتالوتر، وغير ذلك كثير، مما فيه الاستعانة بالله تعالى أن يهدي الداعي للدينالقويم، والصراط المستقيم، وأن يثبته عليهما، وأن يدلَّه على خير طريق وأقصرهمما يوصله إلى رضوانه تعالى.
  2. البُعد عن الرفقة السيئة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ): ( الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ رواه أبو داود ( 4833 ) والترمذي ( 2378 )وحسَّنه.

قال الخطابي – رحمه الله -: لا تخالل إلا من رضيت دينه وأمانته ؛ فإنك إذا خاللته قادك إلى دينه ومذهبه، فلاتُغَرِّرْ بدينك ولا تخاطر بنفسك فتخالل من ليس مرضيّاً في دينه ومذهبه." العزلة " ( ص 141 )

  1. تعلم العلم الشرعي، والرجوع إلى أهل العلم الثقات: فمِن أعظم ما يرد به المسلم الفتنة في دينه عنه العلم الشرعي، ولذا كان الجاهلعرضة للفتنة في دينه، فانظر من يطوف حول القبور، ومن يعتقد النفع والضر بالأموات، فإنك إن تأملت حالهم رأيتهم من الجهلاء، ومن كان منهم على علم فهو ممن باع دينهليأكل به عرَضاً من الدنيا زائل.

ماذا تفعل إذا إنزلقت قدمك فى فتنة الدين:

  1. فليبادر إلى الخروج منها، والانفكاك عنها بالكلية، بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، والندم على ما فرط في جنب الله، والعزم على ألا يعود إليها أبداً.
  2. وليغيِّر بيئته إلى بيئة طاهرة نظيفة.
  3. وليدعُ ربَّه تعالى – بصدق وإخلاص - أن يخلِّصه منها.
  4. وليعقب بعدها بأعمال صالحة، وليستكثر منها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

قال تعالى: ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) سورة هود/114-115

  1. ينبغي على المرء أن يكون على بينة من أمره، بصيراً بعيبه، عارفا من أين أُتي،وكيف تمكن الشيطان منه ؛ فإن كانت فتنته في شهوة الفرج فليسع جاهداً إلى تحصين نفسهبالنكاح ؛ فإن عجز فليستكثر من الصوم ؛ فإنه له وجاء، كما أخبر النبي صلى اللهعليه وسلم.

قال النووي رحمه الله: " والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة، ويقطع شر المني، كمايفعله الوجاء ".

وإن كانت الفتنة بغير ذلك من الشهواتأو الشبهات، فليبادر بعلاجها بنقيضها، وفيما سبق من أسباب العصمة من الفتن ماينبه على ذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

هل أنت على يقين بوعد الله؟

: وعود الله للناس مؤمنهم وكافرهم في القرآن الكريم كثيرة جدا لكن هل حال المسلمين اليوم ينم على أنهم على يقين بوعد الله لهم؟

هل نحن على يقين أن النصر في النهاية سيكون لعباد الله المؤمنين مصداقا لقوله تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون) لو نحن على يقين بأن النصر حليف المؤمنين لماذا لا نسعى في تحقيق الإيمان والعمل الصالح حتى نكون أهلا لنزول نصر الله علينا والناظر الان الى ديار المسلمين يجدها تعج بالمخالفات ليلا ونهارا من ملاهي ليلية وخمور وتعرى في الشوارع ومخدرات ومسكرات وعقوق للأباء والأمهات هل نحن نستحق نزول نصر الله علينا ونحن على هذه الحال؟كلا والله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ومن هنا أوجه لك أيها المسلم عدة أسئلة أجب عليها بصدق

هل أنت على يقين بوعد الله أنك إن تصدقت بجزء من مالك سيخلفه الله عليك أضعافا كثيرة؟ إذا أجبت بنعم إذا لماذا لا تتصدق على الفقراء والمساكين الحقيقة أيها الأخوة نحن نحتاج إلى إصلاح شامل لقلوبنا والاهتمام بالأعمال القلبية من اليقين والتوكل والخوف والمحبة والرجاء نحتاج الى إصلاح قلبى والنظر إلى قلوبنا وتفقدها هل نحن في زيادة أم نقصان هل الأعمال التي نعملها تخرج خالصة لوجه الله أم هي اعمال جوارح خالية من أي مشاركة قلبية، ولن تجد ثمرة ولا أثر لعملك الا إذا كان ملك البدن هو المحرك لهذا العمل فحرى بنا أيها الاخوة أن نتفقد قلوبنا.

التقليد الأعمى بدون الرجوع إلى مصادر الحق:

 لم يتبع الفتية قومهم على ما كانوا عليه من الباطل مع أنهم فتية صغار وقومهم كان فيهم الكبراء والشيوخ لكنهم ثاروا على الباطل ورفضوا إتباعه لم يقلدوهم تقليد أعمى كما يفعل شبابنا في هذه الايام يقلدون شباب الغرب في تقاليع اللباس الجديدة وماركات قص الشعر الجديدة مع أنها تخالف شريعتنا الغراء ومن أمثلة التقليد الاعمى أيضا ان تتبع نساء المسلمين نساء الكافرات في لباسهن العاري دون النظر لمشروعية هذا اللباس ام لا ومن صوره ايضا الوشم الذى ينقشه الشباب على أجسامهم تقليدا أعمى لشباب الغرب ومن صوره الأعياد المستحدثة كعيد شم النسيم وعيد الحب وعيد الام وهذه كلها أشياء لم تأت بها شريعتنا فواجب علينا أن نسير على ما سار عليه نبينا وأصحابه هؤلاء هم الرعيل الأول والنبع الصافي الذين يجب أن نقتدى بهم ونسير على نهجهم وواجب علينا أن نوطن شبابنا على أن يقتدوا بفتية الكهف ولا يقلدوا كل من هب ودب وأن يسلكوا سبيل المؤمنين ولا ينصاعوا لأهل الغواية والضلال.

منهج القرآن في إقامة الدليل والحجة على المخالفين: أقام القرآن الكريم الحجة على الكفار في آيات كثيرة:-

لما إتهم الكفار القرآن الكريم بأنه أساطير الأولين كتبها النبي صلى الله عليه وسلم من عند نفسه طلب منهم رب العزة أن يأتوا بمثل هذا القرآن إن كانوا صادقين في إفترااتهم على الرسول صلى الله عليه وسلم فلما لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله نزل معهم التحدى بأن يأتوا بسورة من مثله فلما لم يستطيعوا أقيمت عليهم الحجة وسقط كلامهم

خاطب القرآن الكريم عقول الكافرين الذين يعبدون الأصنام من دون الله بقوله تعالى (هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) فكيف لصنم لا يسمع منك دعاءا ولا ينفع ولا يضر ولا يدفع عن نفسه فضلا عن غيره الضرر أن تتوجه إليه الأيدى بالدعاء، وتنحر من أجله الذبائح وتقدم إليه النذر وغيره من صنوف العبادة التي لا تتوجه إلا إلى الله وههنا بطلت حجتهم ولم يبقى لهم عذر.

محاجاة إبراهيم لقومه وبراءته من شركهم:

هذه صورة أخرى من محاجاة أهل الباطل هذا هو أبو الانبياء ابراهيم عليه السلام يقيم الحجة على قومه المشركين متدرجا معهم من القمر ثم الشمس ووضح لهم الحكمة في أنهم ليسوا بألهة لأنهم يغيبون عن الخلق فكيف لإله يأفل ويفيب، وفي النهاية وجه وجهه للذى فطر السموات والأرض حنيفا (أي مائلا عن الشرك إلى التوحيد) وجه وجهه لرب الشمس والقمر ورب هذا الكون بأكمله ولم يستطع قومه أن يقيموا دليلا واحدا على صحة ما يعتقدونه من عبادة الأصنام.

قال تعالى (اتونى بأثارة من علم إن كنتم صادقين )وقال جل وعلا (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات إتونى بكتاب من قبل هذا أو آثارة من علم إن كنتم صادقين ).

نداء لكل كفار الارض إلى عباد الأصنام إلى عباد بوذا وعباد البقر وعباد الفئران وعباد الشمس والقمر والكواكب ماذا خلق إلهك المزعوم من الأرض هل خلق جبلا أو نهرا أو بحرا دلنا عليه وإلا فأنت كاذب كافر متقول على الله بغير علم. هاتوا دليلا على ما إستأثرتم به على أن ما تعبدون من الآلهة خلقوا من الارض شيئا أو أن لهم شركا في السموات وإلا فأنتم قد ارتكبتم أشد أنواع الظلم بإفترائكم على الله الكذب بأن جعلتم له ندا وشريكا في ملكه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. سورة الطور وما فيها من الحجج وإقامة البراهين: قال تعالى (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون )

يعن هل خلقتم من عدم وإذا سلمتم أنكم لم تخلقوا من العدم إذا هل أنتم خلقتم أنفسكم طبعا لا إذا من خلقكم لابد من إله قادر حكيم خلقكم

أنظر أيها القارئ الكريم كيف أقام القرآن عليهم الحجة والبرهان بأن الخالق هو الله وإن كان كفار مكة يعلمون أن الخالق الرازق هو الله لكنهم لا يتوجهون إليه بالعبادة من صلاة وصيام ونذر وذبح وغيره من صنوف العبادة التي يجب أن توجه لله الواحد الأحد وحكى عنهم القرآن في قوله تعالى (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)

وقال تعالى (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )

إذا هم يعترفون أن الله ربا لكن لا يعترفون به إلها فأصبحوا بذلك كفار لأنهم أنكروا توحيد الألوهية.

طرائق استدرار رحمة الله:

نزلت رحمة الله على الفتية لأنهم عملوا لها أعمالا ومن أعظمها توحيد الله فهل نحن أهل لنزول رحمة الله علينا؟

كلنا في أمس الحاجة إلى رحمة الله عز وجل ولولا رحمة الله لهلكنا ولكى نستجلب رحمة الله هناك طرائق عدة لكى تنزل عليك رحمة الله ومن هذه الوسائل

1-الإحسان الى خلق الله والرحمة بهم: أقرب الناس الى رحمة الله هم الذين يحسنون الى خلقه قال تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين) الذين يحسنون الى اليتامى والضعفاء والمساكين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراحمون يرحمهم الله إرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء)

2- الدعاء:من أعظم الاسباب التي تستجلب بها رحمة الله دعاء الله وقدإستعمل الفتية هذا السلاح وسألوا الله الرحمة وبالدعاء تستنزل الرحمات وتستدفع البلايا والنقم.

النظرة المادية والنظرة الإيمانية:

ما حدث لأصحاب الكهف من معجزة وكرامة ضد القوانين والسنن التي يسير عليها الكون من بقائهم طيلة هذه السنين بدون أي تغير على أجسامهم واستيقاظهم بعد ذلك لهو أكبر رد لهؤلاء الذين ينظرون للحياة بنظرة مادية بحتة لا يرون إلا الدنيا ومتعها وزينتها الزائلة يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة غافلون أصحاب هذه النظرة لا يرون الا الأسباب ولا يعلقون قلوبهم بمسببها سبحانه الذى بيده أن يعطل هذه الاسباب فلا تؤدى نتيجتها لا يؤمنون الا بما تراه أعينهم وما لا تراه لا يؤمنون به أضرب لك مثالا لو أن شخص مريض وجئت تقرأ عليه الرقية الشرعية وهي أصل الشفاء في كلام الله سبحانه وتعالى أصحاب النظرة المادية لا يرونإلا العقاقير للعلاج أما الشيء الذى لا يرونه من تأثير القرآن في الشفاء لا يؤمنون به، لذا مدح الله عباده المؤمنين بأنهم يؤمنون بالغيب أي الشيء الذى لا يرونه وأخبرهم الله ورسوله بوجوده فهم يؤمنون بالله ولم يرونه ويؤمنون بعذاب القبر ونعيمه ولم يرونه ويؤمنون بالجنة والنار ولم يرونهم.

هذا الكون له رب عظيم يدبره بحكمة بالغة ولا يحدث فيه شيء الا بإذنه بل لا تتحرك ذرة فيه الا بحوله وقوته أما أصحاب النظرة المادية لا يرون الا الأسباب أمامهم فالمرض لا يشفي الا بالعقار وإذا تصدقت نقص مالك وليس هناك إلا الدنيا وملذاتها العاجلة وما وراء ذلك فهو سراب ومجرد أوهام هؤلاء إذا قصصت عليهم قصة أصحاب الكهف لن يصدقوها لأنهم لا يرون اليد الخفية التي تعمل في هذا الكون لا يصدقون أنهم ناموا 309 سنة بدون تغير وكيف ينامون بلا طعام ولا شراب من المؤكد أنهم ماتوا لا يعلمون أن الذى وضع قوانين لهذا الكون قادر على أن يبطلها متى شاء وقادر على أن يجعلها لا تعمل، جعل النار بردا وسلاما على ابراهيم وشق البحر لموسى ونجاه من فرعون فعطل خاصية الاحراق في النار وعطل خاصية السيلان فى الماءوفلق البحر فكان كالجبل العظيم.

الأسباب لا تملك شيئا وإنما من يملك أن يجعلها تؤثر أولا هو الله وحده فقط لذا يا أيها المتصدق سيزيد مالك إن تصدقت ويا أيها المريض الدواء سبب لا تعلق قلبك به إنما علق قلبك بالله الشافي يا من وقعت في أزمة مالية أبذل الأسباب وثق في أن الذى سيفرج الازمة هو الله ويا من وسطت المسئول الفلاني في مصلحتك كن على يقين أن الذى سييسر لك قضاء مصلحتك ليس هذا المسئول إنما هو الله هو الذى سيفتح لك القلوب فتحل قضيتك ويا أيتها الأرملة من سيرعى أولادك هو الله ومن سيحفظهم هو الله ويا من أغرقته الديون من سيسدد عنك دينك هو الله ويا أمة الاسلام لن تأتيكى النصرة ولا العزة إلا من عند الله ليس من غرب حاقد ولا مجلس أمن فاسد.

فالنظرة الماديّة للحياة معناها:

أن يكون تفكير الإنسان مقصورًا على تحصيل ملذاته العاجلة، ويكون عمله محصورًا في نطاق ذلك، فلا يتجاوز تفكيره ما وراء ذلك من العواقب، ولا يعمل له، ولا يهتم بشأنه، ولا يعلم أن الله جعل هذه الحياة الدنيا مزرعة للآخرة، فجعل الدُّنيا دارَ عمل، وجعل الآخرة دار جزاء، فمن استغل دنياه بالعمل الصالح ربحَ الدارين، ومن ضيّع دنياه ضاعت آخرته: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11].

فالله لم يخلق هذه الدنيا عبثًا بل خلقها لحكمة عظيمة، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2].

وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف:7].

أوجد سبحانه في هذه الحياة من المتع العاجلة، والزينة الظاهرة من الأموال والأولاد، والجاه والسلطان، وسائر المستلذات ما لا يعلمهإلا الله.

فمن الناس - وهم الأكثر - من قَصَر نظرهُ على ظاهرها ومفاتنها، ومتَّع نفسَهُ بها، ولم يتأمل في سرها، فانشغل بتحصيلها وجمعها والتمتع بها عن العمل لما بعدها؛ بل ربما أنكر أن يكون هناك حياة غيرها، كما قال تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [الأنعام: 29].

وقد توعد الله تعالى مَنْ هذه نظرتُهُ للحياة؛ فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7، 8].

وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16].

وهذا الوعيد يشمل أصحابَ هذه النظرة؛ سواء كانوا من الذين يعملون عمل الآخرة؛ يريدون به الحياة الدنيا، كالمنافقين والمرائين بأعمالهم، أو كانوا من الكُفَّارِ الذين لا يؤمنون ببعث ولا حساب، كحال أهل الجاهلية والمذاهب الهدامة من رأسمالية وشيوعية، وعلمانية إلحادية، وأولئك لم يعرفوا قدرَ الحياة، ولا تعدو نظرتهم لها أن تكون كنظرة البهائم، بل هم أضل سبيلًا؛ لأنهم ألغَوا عقولهم، وسخروا طاقاتهم، وضيعوا أوقاتهم فيما لا يبقى لهم، ولا يبقون له سلاح الرعب في غزوة بدر الكبرى:  قال تعالى (وما يعلم جنود ربك الا هو ) كان الرعب جندا من جنود الله حمى الله به فتية الكهف من أي شخص يتعرض لهم فظلوا مئات السنين محاطين بسياج من الهيبة والرعب حتى أيقظهم الله وإذا عادت بنا الذاكرة نجد أن سلاح الرعب كان الرعب أحد جنود الرحمن في يوم بدر، وكان الرعب سببًا من أسباب النصر؛ روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "نُصِرْتُ بِالرُّعَبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ"[6]. وفي رواية أحمد: "وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ" فقبْل أن يصل رسول الله  إلى العدوِّ بمسيرة شهر يدخل في قلوبهم الرعب، فالرعب يدخل في قلوب كلالناس، ولكن العجيب أن يدخل في قلب القويّ فيخاف من الضعيف، وأن يدخل الرعبفي قلب الكثير فيخاف من القليل، أو يدخل الرعب في قلب المدجج بالسلاحفيخاف من الأعزل، وإننا نرى طفلاً صغيرًا يحمل حجرًا، ويهدد به جنديًّامدججًا بالسلاح، فيخاف أن يخرج من عربته المصفَّحة.

قال تعالى عن جيش المشركين في يوم بدر في سورة الأنفال: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال) فقد كان جيش الكافرين ثلاثة أضعاف المسلمين يوم بدر، ولكن الله ألقى الرعب في قلوب الكافرين، وقد رأينا] الصواريخ وهي تضرب رجلاً أعزلَ قعيدًا على كرسيّ متحرّك، ونرى فرقة عسكرية كبيرة تهاجم رجلاً أعزلَ في منزله، ويجب ألا نتعجب من ذلك؛ لأن الله ملأ قلوبهم بالرعب.

قصة أصحاب الكهف عند النصارى:

قصة أهل الكهف لها ذكر في بعض المصادرالمسيحية القديمة تحت عنوان النائمون السبعة وإن كانت المصادر اليهودية لمتذكر شيئا عنها‏.‏ وكان أول من ذكر القصة من المسيحيين هو الكاهن العراقي جيمس الساروغي أو الساروجي الذي عاش بمقاطعة ساروغ‏(‏ ساروج‏)‏ في العراق وكتب القصة شعرا باللغةالسريانية دون إشارة الي المصدر الذي استقاها عنه ثم نقلها عنه الي اللغةاللاتينية القس جريجوري أسقف مدينة تور الفرنسية في نحو القرن السادسالميلادي‏.‏

وكان الساروغي قد عاصر الإمبراطور جيستينالأول‏(Justin)(452‏ ـ‏527‏ م‏)‏ الذي حكم الامبراطوارية الرومانية الشرقيةفي الفترة من‏(518‏ ـ‏527‏ م‏)‏ والذي يعتقد بأنه في زمانه أفاق اصحابالكهف من سباتهم‏,‏ وتم العثور عليهم‏,‏ ثم ماتوا وبنيت غرفة العبادة‏(‏المسجد‏)‏ فوق الكهف لوجود نقود صكت باسمه عند قواعد تلك الغرفة‏.‏

وقدتم نقل هذه القصة بعد ذلك من السريانية الي العديد من اللغات التي كانتمنها اليونانية‏,‏ واللاتينية‏,‏ والحبشية والهندية والفارسية والعربية‏.‏

وفي موسوعته المعنونة‏'‏ تاريخ انحطاط وسقوط الإمبراطورية الرومانية‏'‏

ذكر المؤرخ الانجليزي ادوارد جيبون الذي عاش في القرن الثامن عشر الميلادي‏ قصة النيام السبعة معتبرا إياها من الخرافات الإغريقية‏,‏ ومدعيا ان القرآن الكريم قد صاغها بأسلوب شيق‏!!‏

وللأسفالشديد فإن معظم الذين تناولوا هذه الواقعة من الكتاب الغربيين قد تابعواإدوارد جيبون في مزاعمه‏,‏ وكان منهم المستشرق الفرنسيماسينيو‏,(Massignon)‏ باللغة الفرنسية‏,‏ ومما يدحض هذه الاباطيل جملةتفصيلا ان هذه المصادر الغربية تذكر ان كهف النيام السبعة ـ كما تسميهم تلكالمصادر ـ يقع في بلدة إفسوس‏(Ephesus)‏ بإقليم الأناضول في تركيا دونأدني قرينة تاريخية أو دينية علي ذلك‏.‏

ويعلم هؤلاء الكتاب الغربيون أن واقعة أهل الكهف كانت بعد زمن المسيح ـ عليه السلام ـ وبالتاليفإنهم لا يملكون خبر السماء عنها‏,‏ وكل ما عندهم من أخبار تناقلها الناسشفاها عن هذه الواقعة بأقوال متضاربة كثيرا فيما بينها ولذلك اخطأوا فيتحديد مكان الكهف وجعلوه في إفسوس باعتبار انها كانت مركزا للدعوةالمسيحية‏,‏ بعد ان كانت من قبل مركزا من مراكز الشرك بالله وعبادة الأوثانوالأصنام‏,‏ ومما يؤكد صدق الواقعة تاريخيا أن لفظتي‏(‏ الكهف‏)‏و‏(‏الرقيم‏)‏ كانتا تترددان علي ألسنة الشعراء العرب من أمثال أمية بن أبيالصلت‏,‏ وأن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت قد زار كهف الرقيم علي طريقالقوافل بين الحجاز وبلاد الشام وهو في طريقه الي ملك الروم من اجل دعوتهالي الإسلام في زمن الخليفة الأول سيدنا أبي بكر الصديق‏(‏ رضي الله ـتعالي ـ عنه‏)‏ وان موقع كهف الرقيم كان معروفا لدي المسلمين الأوائل‏,‏فقد ذكره كل من المقدسي في كتابه المعنون احسن التقاسيم في معرفةالأقاليم‏,‏ وياقوت الحموي في كتابه المعنون معجم البلدان كما زاره كل منالصحابي عبادة بن الصامت‏,‏ والأمير أسامة بن منقذ أحد قواد البطل صلاحالدين الأيوبي‏.‏

كذلك زار موقع كهف الرقيم‏(‏ الرجيب‏ )‏ منالغربيين كل من المستشرق الفرنسي تشارل كلير مونت ـجانو‏ الذي عاش في الفترة من‏(1846‏ ـ‏1923‏ م‏)‏ وكانقنصلا لفرنسا في مدينة القدس في زمن الخلافة العثمانية‏,‏ كما زار مندوبان من الجمعية البريطانية التي عرفت باسم صندوق التنقيب الفلسطيني‏(Palestine Explortation Fund)‏ الذي نشر كتابا في سنة‏1882‏ مبعنوان مساحة شرق فلسطين‏,‏ كما زاره الفرنسي إيزوبيلفيستير‏()‏ ونشر مقالا مفصلا عنه في إحدي المجلات الإنجليزيةذكر فيه الدراسات العلمية التي تؤكد الوصف القرآني لأهل الكهف‏.‏

وزاركهف الرقيم كذلك الأمريكي هوج نبلي أستاذ الدين والاثار‏(‏ بجامعة يانجبرجهام‏)‏ والذي نشر بحثا وافيا عن موقع الكهف وأكد أنه هو الكهف المقصودفي المصادر الإسلامية والمسيحية‏(‏ وليس كهف إفسوس‏)‏ كما ذكر ان اصحابالكهف عاشوا في أواخر القرن الميلادي الأول وبداية القرن الثاني‏,‏ وأنهمهربوا بدينهم والتجأوا الي البلقاء في الاردن‏,‏ وذلك لأن الامبراطورالروماني تراجان‏(Trajan)‏ الذي حكم في الفترة من‏(98‏ ـ‏117‏ م‏)‏ كان قداصدر في سنة‏(112‏ م‏)‏ مرسوما يقضي بإدانة كل مسيحي لا يقدم القرابينللأوثان‏,‏ ويقوم بعبادتها والسجود لها فرفض هؤلاء الفتية الشرك باللهولذلك فروا بدينهم الي كهف الرقيم‏.‏ ويؤكد ذلك النقود البيزنطية التي عثرعليها في كهف الفتية بالرقيم‏,‏ والتي تأكد دارسوها أنها من عهد الامبراطورتراجان الذي كان قد غزا أرض الاردن في حدود سنة‏(106)‏ وبني المدرجالروماني الموجودة بقاياه في عمان الي اليوم‏,‏ والذي كان تراجان قد ملأهبالاصنام التي كان هو وأتباعه يعبدونها من دون الله‏,‏ والتي وجدت بقاياكثيرة لها في هذا المدرج‏.‏

وكان الامبراطور تراجان يقضي بالموت عليكل من يرفض عبادته الوثنية‏,‏ وكان أتباع المسيح ـ عليه السلام ـ يلاحقونويقتلون طيلة فترة حكمه‏,‏ وكان هؤلاء الفتية من أخلصهم ايمانا بالله ـتعالي ـ ويقينا في وحدانيته المطلقة فوق خلقه ففروا بدينهم الي الكهف‏.‏

ثمشاءت إرادة الله ـ تعالي ـ أن يخفف من مطاردة أتباع المسيح فتحولالامبراطور الروماني قسطنطين الأول من الوثنية الي المسيحية في‏(‏ سنة‏313‏ م‏),‏ ودعا الي مؤتمر نيقية سنة‏(325‏ م‏)‏ وتوفي سنة‏(337‏ م‏).‏ ثم خلفهمن بعده ابنه قسطنطين الثاني‏.‏ الذي قتل في سنة‏(340‏ م‏)‏ وظل حكمالامبراطورية الرورمانية ينتقل من حاكم الي آخر حتي جاء عهد الامبراطورثيودوسيوس الثاني‏.(Theodosius)‏ الذي حكم في الفترة من‏(408‏ ـ‏450‏ م‏)‏ويعتقد ان في عهده أفاق الله ـ سبحانه وتعالي ـ فتية الكهف من نومهم‏,‏ليؤكد لكل من عاش هذا الحدث أو سمع به قدرته علي البعث‏,‏ والتي كانتومازالت محل شكوك المتشككين ورفض الملاحدة الكافرين‏,‏ وليؤكد كذلك علي منازل المؤمنين الذين يؤثرون الهجرة بدينهم علي الرضوخ لبعض الحكام الظالمين‏.‏ والوصف القرآني لقصة اصحاب الكهف جاءت علي نسق كل القصصالقرآني بدون تفاصيل‏,‏ وذلك من أجل استخلاص الدروس والعبر المستفادةمنها‏,‏ وعلي الرغم من ذلك فإن الكشوف الآثرية جاءت لتؤكد صدق القرآنالكريم في كل ما جاء به‏,‏ فالكهف في منطقة الرقيم و‏(‏ليس في إفسوس‏)‏ ولافي غيرها من الاماكن‏,‏ والفتية كانوا سبعة وثامنهم كلبهم و‏(‏ولم يكونوااكثر أو اقل‏),‏ وان فترة مكثهم في الكهف كانت ثلاثمائة سنة شمسية‏(‏ وهيتساوي ثلاثمائة وتسعا من السنوات القمرية‏).‏ وليس أقل ولا أكثر من ذلك‏,‏وأن مسجدا كان قد بني فوق الكهف بعد وفاة هؤلاء الفتية ودفنهم في الكهفالذي تتجه فتحته في الاتجاه الجنوبي الشرقي‏(‏ أي في اتجاه القبلةتماما‏).‏

وورود تلك التفاصيل بهذه الدقة يمثل جانبا من جوانب الإعجاز في كتاب الله يعرف بالإعجاز التاريخي‏.‏

وانطلاقا من التوجه المادي البحت للحضارة المعاصرة أنكر كثير من الدهريين المعاصرينواقعة اصحاب الكهف كما أنكروا كل معجزات الأنبياء جميعا‏,‏ وذلك لتصورهمانه ليس في الإمكان إبقاء جسد حي في حالة السبات العميق لمدة ثلاثمائة سنةشمسية ثم إيقاظه حيا‏,‏ ويبطل هذا الزعم أن الانسان المعاصر ـ بإمكاناتهالمحدودة ـ قد تمكن من حفظ عدد من اعضاء جسد الانسان حية بالتبريد البطئ‏(‏وذلك من مثل القلب‏,‏ الكبد‏,‏ والكلي وقرنية العين‏,‏ والدم‏,‏ وغيرها‏)‏وذلك بعملية تسمي عملية وقف الاستقلاب‏(MetabolicInhibtion)‏ يتم فيهاايقاف عمليات الهدم والبناء للخلايا والانسجة بالتبريد التدريجي‏.‏

كذلكأمكن تعريض جسد الانسان للتبريد التدريجي الي درجات حرارة منخفضة حتييتجمد بالكامل دن احداث الضرر بخلاياه او انسجته او اجهزته فيصبح شبيهابالميت‏,‏ ثم بتدفئة هذا الجسم المتجمد وذلك برفع درجة الحرارة بالتدريجعاد الي حالته الحية‏.‏ وقد تعلم العلماء ذلك من حالات اعداد من افرادالبشر الذين دفنوا تحت الجليد لعدة ايام‏,‏ وبالتدفئة التدريجية عادوا الي الحياة بإذن الله ‏,‏ وإذا كان الأمر قد اصبح اليوم بمقدور الإنسان فهل يعجز خالق الانسان عن تحقيقه؟ وقد حفظ الله أجساد أصحاب الكهف من التحلل علي مدي ثلاثمائة من السنين الشمسية وهي تساوي ثلاثمائة وتسعا من السنينالقمرية‏,‏ ثم ايقظهم بقدرته من سباتهم الطويل‏,‏ ويبقي من الدقة القرآنيةتحديد فتحة الكهف بأنها في اتجاه القبلة‏,‏ حتي لا يختلط الأمر علي الناسويرجف المرجفون باقتراح عدد من الكهوف غيره من مثل كهوف إفسوس في تركيا‏,‏وطرسوس في شمال سوريا‏,‏ و غيرها كثير‏.‏ ومن اجل ذلك قال ربنا ـ تباركوتعالي‏:‏- وتري الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذاغربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهوالمهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا‏.‏(‏الكهف‏:17)‏

وهذاالوصف يحدد فتحة الكهف في اتجاه الجنوب الشرقي وهو اتجاه القبلة لأهل قريةالرقيم‏.‏ ويبقي من الدقة القرآنية الفائقة الاشارة الي العثور عليهم بعدوفاتهم وبالإشارة كذلك الي المسجد الذي بني فوق الكهف وذلك بقول ربناـ تبارك وتعالي‏:‏وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأنالساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا أبنوا عليهم بنياناربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا‏.
(‏
الكهف‏:21).‏

وقد اكتشف هذا المسجد فوق الكهف مباشرة بعد ازالةالردم والأنقاض التي كانت قد تجمعت عليه‏,‏ وهو مقام علي سبعة أعمدةرومانية مازالت بقاياها قائمة‏.‏

هذه الحقائق منفردة ومجتمعة هي منأوجه الإعجاز التاريخي في كتاب الله‏,‏ والذي يشهد له بأنه لا يمكن أن يكونصناعة بشرية ـ فالحمد لله علي نعمة الإسلام وعلي بعثة خير الأنام صلي اللهوسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدينوآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏ انتهي من كلام الدكتور زغلول النجار.

العاقبة الحميدة:

من صبر وتحمل المشاق وثبت على إيمانه فإن العاقبة الحميدة ستكون له المهم النهاية ستكون لمن؟ البدايات صعبة والنهاية عندما تكون سعيدة تنسى المؤمن مرارة البداية وهنا في قصة الفتية خير عظة وعبرة للمؤمنين الصادقين وفيها حث لهم على الصبر وتحمل المشاق في سبيل الله فهؤلاء الفتية هربوا بإيمانهم وأبدانهم فحفظ الله لهم الإيمان والأبدان طيلة ثلاثمائة وتسع سنة وهربوا وهم منبوذون ومطاردون فأيقظهم الله وقد خلد ذكراهم وعظمهم الناس حتى أنهم بنوا عليهم مسجدا وهذا إن كان ممنوعا - وخصوصا في شريعتنافالمقصود أن ذلك الخوف العظيم من أهل الكهف وقت إيمانهم ودخولهم في الغار أبدلهم الله به بعد ذلك أمنا وتعظيما من الخلق وهذه عوائد الله فيمن تحمل المشاق من أجله أن يجعل له العاقبة الحميدة.

فيا أيها البار بوالديه العاقبة الحميدة ستكون لك ويا أيها المحسن الى الفقراء والمساكين العاقبة الحميدة ستكون لك ويا واصل الرحم يا من تؤدى الامانة ويا من تحسن الى زوجتك وأولادك العاقبة الحسنة لك في الدنيا والاخرة.

ويا أيها الظالم إنما هي أيام وسترى نتيجة ظلمك في الدنيا قبل الاخرة ويا ايها العاق لوالديه سترى نتيجة عقوقك في الدنيا قبل الاخرة يا من تفسد شباب الامة بالمخدرات والمسكرات سترى العاقبة الوخيمة التي ستحل بك ويا أيها المظلومون المقهورون في كل مكان سينتقم الله لكم ممن ظلمكم.

المشهد الأخير: بعد أن علم الناس بأمر الفتى رفعوا أمره إلى الملك المؤمن الذى كان على علم بخبر الفتية الذين هربوا من القرية من مئات السنين ولم يعثر أحد عليهم وتناقل خبرهم جيل بعد جيل فلما رفعوا أمره الى الملك قال له أنهم خرجوا في الصباح وخرج في المغرب ليشتري لهم طعاما فأجتمع الناس عليه بعدما رأوا النقود الفضية التي معه وعليها رسمة الملك دقيانوس فاطلع الملك على النقود وقال له أن هذه النقود فعلا من عهد ملك ظالم نجانا الله منه منذ ثلاثمائة وتسع سنه وأخبره أنهم ناموا طيلة هذه المدة وطلب منه أن يريه أصحابه وخرج معه إلى الكهف وخرج الناس ورائهم حتى وصل الى باب الكهف وطلب الفتى من الملك ومن معه أن يدخل هو أولا ليخبرهم بالمدة التي ناموها والكرامة التي حدثت لهم من الله عز وجل ودخل الفتى الى أصحابه وأخبرهم بالمدة التي ناموها فازدادوا إيمانا مع إيمانهم وتيقنوا أن الذى أنامهم طيلة هذه السنين ثم أحياهم بدون أي تغير على أجسامهم قادر على أن يحيى الموتى يوم القيامة ليجازيهم على أعمالهم وهنا حصلت الموعظة وحمدت العاقبة وتمت النعمة من رب العالمين على الفتية الاطهار فدعوا ربهم أن يقبض أرواحهم فقبض الله أرواحهم إليه وفاضت أرواحهم إلى السماء حيث النعيم المقيم والملك ينتظر الفتى يخرج فتأخر فى الخروج فدخل الملك عليهم الكهف فوجدهم موتى فأكبرهم الناس وعظموا أمرهم ومن كان يتشكك في البعث وكيفيته تيقن أن الله قادر على بعث الموتى بأرواحهم وأجسادهم ليجازيهم على ما كسبت يداهم في هذه الدنيا وأصبح أمر الفتية حديث الناس وتناقلت أخبارهم الأجيال حتى وصل خبرهم إلى الكتاب الحكيم في قرأن يتلى إلى يوم القيامة وأسدل الستار على قصة الإيمان والتوحيد وانتصر الحق على الباطل ونصر الله عباده المؤمنين وحفظهم وأسبغ عليهم نعمته وهم الان في روح وريحان وجنت نعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته فنسمع قصتهم مرة أخرى منهم في جنة الفردوس إن شاء الله.

جنتي وبستاني في صدري:

لم يتحمل الفتية ثقل الكفر بالله الذى يرونه ليل نهار من قومهم المشركين فآثروا حياة الكهف على حياة القصور وهذا يبين بجلاء أن السعادة والطمأنينة ليس لها علاقة بسعة المكان أو ضيقه فالمؤمن يجد الراحة والطمأنينة ولو في سجن، وتضيق به الأرض بما رحبت لو تأثر إيمانه فالكهف مع إيمان وتوحيد يتحول إلى قصر فسيح أما قصر بلا توحيد فهو كالسجن الضيق وقد حكى بن القيم عن شيخه شيخ الاسلام بن تيمية , قال ابن القيم: " وقال لي مرة – يعني شيخ الإسلام - ما يصنعأعدائي بي!! أنا جنتي وبستاني في صدري، أني رحت فهي معي لا تفارقني، إنّ حبسيخلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ماعدل عندي شكر هذه النعمة أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ونحوهذاوكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله , وقال لي مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسورمن أسره هواه، ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: فضرب بينهمبسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من , قبله العذاب، وعلم الله ما رأيت أحدا أطيبعيشا منه قط، مع كل ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضدها،ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً،وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه،وكناإذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض، أتيناه فما هو إلا أننراه ونسمع ,كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحاً وقوة ويقينا وطمأنينة، فسبحانمن أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فأتاهم من روحهاونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها " انتهي "الوابل الصيب" (ص 11 )

كرامات الاولياء:

 لا شك أن هؤلاء الفتية كانوا من أولياء الله الصالحين فأجرى الله لهم هذه الكرامة والمعجزة نصرة لهم وتأييدا للحق الذى يعتقدونه.

من أصول أهل السنة والجماعة المتفق عليها التصديق والإيمان بكرامات الأولياء.
والكرامة: هي " أمر خارق للعادة، يجريه الله تعالى على يد ولي ؛ تأييدا له، أوإعانة، أو تثبيتا، أو نصرا للدين " انتهي من " مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابنعثيمين "
( 8 / 626
).

ومعنى هذا: أن الله تعالى قد يخرق العادة لعبد من عباده الصالحين، لحاجته إلى ذلك؛ كأن يقع في ضائقة فيزيلها الله عنه بأمر خارق، أو لإقامة الحجة على صدق دينالإسلام، وإبطال شبهات أعدائه.

والكرامة قد تكون بعلم أمر لم يقع بعد، أو قد وقع، لكنه غائب عن المخبِر به.
ولا يعني ذلك: أن هذا الرجل الصالح (الولي) عنده علم الغيب، وإنما هو علم من اللهتعالى ألهمه الله إياه بمنام صادق، أو إلهام، أو فراسة إيمانية.

أصحاب البدع والكرامات:

 خرق العادة يعد كرامة إذا كان يحصل لشخص يعرف بالتقوى والصلاح، لأن الكرامةتكون للمؤمنين أولياء الله تعالى، وأولياء الله تعالى سمتهم الأساسية هي الإيمانوالتقوى.

قال الله تعالى: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يونس / 62 – 64.

فمن لم يكن متقيا، فخرق العادة له لا يعتبر كرامة ؛ بل قد يكون إستدراجا من اللهتعالى له، وامتحانا لعباده، أو من عمل الشعوذة والسحر وعمل الشياطين.

وهذا المسيح الدجال يكون قبل يوم القيامة، وتخرق له العادات، امتحانا من الله
 
لعباده.

ومن الألفاظ المأثورة عن بعض السلف: لو رأيتم الرجل يطير في الهواء، أو يمشي علىالماء ؛ فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود،وأداء الشريعة.

المعالم التي تُمَيَّز بها الكرامة.

الكرامة لا تكون خلاف أحكام الشرع: ومثل ذلك من يدعي أنه يُحمل إلى عرفة يومعرفة من مكان بعيد في لمح البصر فيقف مع الحجاج ثم يرجع إلى بلده، فهذا لا يعد منالكرامات، لأن الوقوف المشروع بعرفة يكون تابعا للحج ويلزمه الإحرام من الميقاتوالالتزام بأحكام الإحرام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:" ومنهم من يطير به الجني إلى مكة، أو بيت المقدس أو غيرهما، ومنهم من يحملهمعشية عرفة، ثم يعيده من ليلته، فلا يحج حجا شرعيا، بل يذهب بثيابه، ولا يحرمإذا حاذى الميقات، ولا يلبي، ولا يقف بمزدلفة، ولا يطوف بالبيت، ولا يسعى بينالصفا والمروة، ولا يرمي الجمار، بل يقف بعرفة بثيابه، ثم يرجع من ليلته، وهذاليس بحج مشروع باتفاق المسلمين، بل هو كمن يأتي الجمعة ويصلي بغير وضوء وإلى غيرالقبلة ".

انتهي من " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " ( ص 171).

أو مثل من يتخلف عن صلاة الجماعة دائما ويدعي أنه يجتمع مع مايسمونهم برجال الغيبويصلون جماعة، فهذا خلاف الشرع لأن المسلم مأمور شرعا بحضور صلاة الجماعة فيالمساجد وعدم التخلف عنها إلا لعذر.

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:" عن إبراهيم الخراساني أنه قال: احتجت يوما إلى الوضوء فإذا أنا بكوز من جوهروسواك من فضة رأسه ألين من الخز (الحرير) فاستكت بالسواك وتوضأت بالماء وتركتهماوانصرفت. قلت: في هذه الحكاية من لا يوثق بروايته، فإن صحت دلت على قلة علم هذاالرجل، إذ لو كان يفهم الفقه علم أن استعمال السواك الفضة لا يجوز، ولكن قَلَّعلمه فاستعمله، وإن ظن أنه كرامة، والله تعالى لا يكرم بما يمنع من استعماله شرعاإلا إن أظهر له ذلك على سبيل الامتحان " انتهي من " تلبيس إبليس " ( 337 ).

ومثل ذلك: من يجلس يخبر الناس بأمور هي في الشرع تعد غيبة أونميمة ونحو هذا، فإنهذه الأخبار إما أن تكون مناما، أو فراسة إيمانية رزقه الله إياها ليمتحنه بها،فلا يخبر بها، لأن المسلم مأمور بترك الغيبة والنميمة، وإما أن تكون شعوذة ومنتلبيسات إبليس، لأن من شأنه أن يوسوس بما يفرق جماعة المسلمين.

صور من صور الكرامات التي حدثت لأولياء الله الصالحين:

كرامات حدثت لأبى بكر الصديق:

روت عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه أخبرها بأن الحملالذي في بطن امرأته أنثى، وذلك أنه ذكر من يرثه لعائشة وهو على فراش الموت، فقال: " إِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ،فقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أَبَتِ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ فَمَنِ الْأُخْرَى؟فَقَالَ: ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ. أُرَاهَا جَارِيَةً " رواه مالك في " الموطأ " ( 2783 ).

وقد وقع الأمر كما أخبر به بناء على رؤيا رآها، أو شيء ألهمه الله إياه ووقع فيقلبه، أو ظن ظنه بناء على فراسة إيمانية صادقة.فقد جاء في بعض الروآيات: " قد ألقي في نفسي"، وفي أخرى: " فَإِنِّي أَظُنُّهَاجَارِيَةً ".

قال ابن عبد البر: " وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا: (إِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّمَا هِيَأَسْمَاءُ، فَمَنِ الْأُخْرَى؟ فَأَجَابَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّ ذَابَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ أُرَاهَا جَارِيَةً)، فَهَذَا مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُعَنْهُ ظَنٌّ لَمْ يُخَطِّئْهُ " انتهي من "الاستذكار" (22/298 )

وقال الزرقاني رحمه الله تعالى:" قال ابن مُزَيْن: قال بعض فقهائنا: وذلك لرؤيا رآها أبو بكر انتهي من " شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك " ( 3 / 218)

كرامات حدثت لعمر بن الخطاب:

- لما فتح عمر مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص فقالوا له: أيها الأميران لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها. فقال لهم: وما ذاك؟
فقالوا له: إنا إذا كانت ثلاث عشرة ليلة نحوا من ‏هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكربين أبويها، فأرضينا أباها وحملنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ‏ثمألقيناها في النيل، فقال لهم عمرو: إن هذا شيء لا يكون في الإسلام وان الإسلاميهدم ما كان قبله، فأقاموا ثلاثة أشهر لا يجري قليلا ولا كثيرا، فكتب إلى عمر بنالخطاب ( رضي اللّه عنه )، فكتب إليه عمر: انك قد أصبت بالذي فعلت، إن الإسلاميهدم ما قبله، وكتب إلى عمرو إني قد بعثت إليك ‏بطاقة داخل كتابي هذا إليكفالقها في النيل إذا وصل كتابي إليك، فلما قدم كتاب عمر ( رضي اللّه عنه)إلى‏ عمرو بن العاص فإذا فيها مكتوب: من عبد اللّه عمر أمير المؤمنين إلى نيلمصر: إما بعد: فان كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر، وان كان اللّه الواحد القهار هو مجريك فنسال اللّه الواحد القهار إن يجريك. فالقي البطاقة في النيل قبل يومالصليب بشهر فقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج فانه لا تقوم مصلحتهم ‏فيها إلابالنيل، فلما القي البطاقة أصبحوا وقد أجراه اللّه تعالى ستة عشر ذراعا في ليلةواحدة، فقطع اللّه تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم.

2-كان عمر قد أمر سارية على جيش للمسلمين إلى بلاد فارس, فاشتد على عسكره الحالعلى باب نهاوند, وكثرت الجموع, وكاد المسلمون ينهزمون, وعمر رضي الله عنهبالمدينة فصعد المنبر وخطب, ثم استغاث في إثناء خطبته بأعلى صوته: ياساريه الجبل! يا ساريه الجبل, من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم, فأسمع الله سارية وجيشه أجمعين , صوت عمر فلجئوا إلى الجبل وقالوا: هذا صوت أمير المؤمنين, فنجوا وانتصروا (طبقات الشافعية 2/ 326 ).

كرامات حدثت لشيخ الإسلام بن تيمية:

قد وقع لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من هذه الخصائص، ما حكاه عنه بعض تلامذته والعارفين به , قال ابن القيم رحمه الله:وَلَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْ فِرَاسَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَرَحِمَهُ اللَّهُ أُمُورًا عَجِيبَةً، وَمَا لَمْ أُشَاهِدْهُ مِنْهَا أَعْظَمُوَأَعْظَمُ، وَوَقَائِعُ فِرَاسَتِهِ تَسْتَدْعِي سِفْرًا ضَخْمًا. أَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِدُخُولِ التَّتَارِ الشَّامَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَوَسِتِّمِائَةٍ، وَأَنَّ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ تُكْسَرُ، وَأَنَّ دِمَشْقَ لَايَكُونُ بِهَا قَتْلٌ عَامٌّ وَلَا سَبْيٌ عَامٌّ، وَأَنَّ كَلَبَ الْجَيْشِ وَحِدَّتَهُ فِي الْأَمْوَالِ، وَهَذَا قَبْلَ أَنْ يَهُمَّ التَّتَارُ بِالْحَرَكَةِ.ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاسَ وَالْأُمَرَاءَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ لَمَّاتَحَرَّكَ التَّتَارُ وَقَصَدُوا الشَّامَ: أَنَّ الدَّائِرَةَ وَالْهَزِيمَةَعَلَيْهِمْ، وَأَنَّ الظَّفَرَ وَالنَّصْرَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَقْسَمَ عَلَىذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ يَمِينًا، فَيُقَالُ لَهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَحْقِيقًا لَا تَعْلِيقًا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ.

وَكَانَتْ فِرَاسَتُهُ الْجُزْئِيَّةُ فِي خِلَالِ هَاتَيْنِ الْوَاقِعَتَيْنِ مِثْلَ الْمَطَرِ. وَلَمَّا طُلِبَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأُرِيدَ قَتْلُهُ بَعْدَمَاأُنْضِجَتْ لَهُ الْقُدُورُ، وَقُلِّبَتْ لَهُ الْأُمُورُ،اجْتَمَعَ أَصْحَابُهُلِوَدَاعِهِ، وَقَالُوا: قَدْ تَوَاتَرَتِ الْكُتُبُ بِأَنَّ الْقَوْمَ عَامِلُونَعَلَى قَتْلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَصِلُونَ إِلَى ذَلِكَ أَبَدًا،قَالُوا: أَفَتُحْبَسُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيَطُولُ حَبْسِي، ثُمَّ أَخْرُجُوَأَتَكَلَّمُ بِالسُّنَّةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ.

وَلَمَّا تَوَلَّى عَدُوُّهُ الْمُلَقَّبُ بِالْجَاشِنْكِيرِ الْمُلْكَ أَخْبَرُوهُبِذَلِكَ، وَقَالُوا: الْآنَ بَلَغَ مُرَادَهُ مِنْكَ، فَسَجَدَ لِلَّهِ شُكْرًاوَأَطَالَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا سَبَبُ هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ فَقَالَ: هَذَابِدَايَةُ ذُلِّهِ وَمُفَارَقَةُ عِزِّهِ مِنَ الْآنِ، وَقرب زَوَالِ أَمْرِهِ.فَقِيلَ: مَتَى هَذَا؟ فَقَالَ: لَا تُرْبَطُ خُيُولُ الْجُنْدِ عَلَى الْقُرْطِ حَتَّى تُغْلَبَ دَوْلَتُهُ. فَوَقَعَ الْأَمْرُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَ بِهِ، سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْهُ.

وَقَالَ مَرَّةً: يَدْخُلُ عَلَيَّ أَصْحَابِي وَغَيْرُهُمْ فَأَرَى فِيوُجُوهِهِمْ وَأَعْيُنِهِمْ أُمُورًا لَا أَذْكُرُهَا لَهُمْ ,
فَقُلْتُ لَهُ أَوَ غَيْرِي لَوْ أَخْبَرْتَهُمْ؟ فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أَكُونَ مُعَرِّفًا كَمُعَرِّفِ الْوُلَاةِ؟
وَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: لَوْ عَامَلْتَنَا بِذَلِكَ لَكَانَ أَدْعَى إِلَىالِاسْتِقَامَةِ وَالصَّلَاحِ، فَقَالَ: لَا تَصْبِرُونَ مَعِي عَلَى ذَلِكَجُمُعَةً، أَوْ قَالَ: شَهْرًا , وَأَخْبَرَنِي غَيْرَ مَرَّةٍ بِأُمُورٍ بَاطِنَةٍ تَخْتَصُّ بِي مِمَّا عَزَمْتُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانِي, وَأَخْبَرَنِي بِبَعْضِ حَوَادِثَ كِبَارٍ تَجْرِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَوْقَاتَهَا، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَهَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ بَقِيَّتَهَا. وَمَا شَاهَدَهُ كِبَارُ أَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَاشَاهَدَتْهُ ".انتهي من "مدارج السالكين" (2/ 458-459 )

وأحسن من هذا ما حكاه عنه ابن القيم رحمه الله في كتابه " الوابل الصيب" (ص 67) حيث قال: "وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو معذلك من أطيب الناس عيشا، وأشرحهم صدرا، وأقواهم قلبا، وأسرهم نفسا، تلوح نضرةالنعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض:أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحا وقوةويقينا وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دارالعمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها " انتهي كلامه.

كرامات السلف الصالح:

أما حصول الكرامات لصلحاء هذه الأمة من علمائها وعبادتها وزهادها فشيء كثير جدا،ونحن نذكر طرفا يسيرا مما وقع من ذلك مما ذكره أهل العلم في كتبهم، وننبه على أنكثيرا مما يحكى في هذا الباب لا يصح، فينبغي التثبت مما يروى في هذا الباب قبلالاعتداد به، والتعويل عليه.

عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: " شَهِدْتُخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْحِيرَةِ أُتِيَ بِسُمٍّ،فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: سُمُّ سَاعَةٍ قَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ " ثُمَّازْدَرَدَهُ – يعني ابتلعه ولم يصبه سوء.

"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (6/498)،"البداية والنهاية" (6 /382).

وعَنْ ثَابِتٍ البُنانيّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنَسٍفَجَاءَ قَهْرَمَانُهُ فَقَالَ: " يَا أَبَا حَمْزَةَ قَدْ عَطِشَتْ أَرْضُنَا، قَالَ: فَقَامَ أَنَسٌ فَتَوَضَّأَ وَخَرَجَ إِلَى الْبَرِيَّةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَعَا، فَرَأَيْتُ السَّحَابَ يَلْتَئِمُ، قَالَ: ثُمَّمَطَرَتْ حَتَّى مَلَأَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَمَّا سَكَنَ الْمَطَرُ بَعَثَ أَنَسٌ بَعْضَ أَهْلِهِ فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتِ السَّمَاءُ؟ فَنَظَرَ فَلَمْ تَعْدُ أَرْضُهُ إِلَّا يَسِيرًا".

انتهي من "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (7 /11)، "البداية
والنهاية" ( 9 / 107 )

وعَنْ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ: " خَرَجْنَا غُزَاةً إِلَى كَابُلَ وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَلَمَّادَنَوْنَا مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ قَالَ الْأَمِيرُ: لَا يَشُذَّنَّ مِنَالْعَسْكَرِ أَحَدٌ، فَذَهَبَتْ بَغْلَةُ صِلَةَ بِثِقْلِهِا فَأَخَذَ يُصَلِّيفَقِيلَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ ذَهَبُوا فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ خَفِيفَتَانِ،قَالَ: فَدَعَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تُرَدَّعَلَيَّ بَغْلَتِي وَثِقلَهَا، قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ".

انتهي من "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (7 /142)

وعَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: " لَمَّاغُسِّلَ أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ الْقَارِئُ بَعْدَ وَفَاتِهِنَظَرُوا مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى فُؤَادِهِ مِثْلَ وَرَقَةِ الْمُصْحَفِ قَالَ:فَمَا شَكَّ مَنْ حَضَرَهُ أَنَّهُ نُورُ القرآن "  انتهي من "تهذيب الكمال" (33 /201(

وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، عَنْأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ: " أَنَّ امْرَأَةً خَبَّبتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُفَدَعَا عَلَيْهَا فَذَهَبَ بَصَرُهَا، قَالَ: فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: يَاأَبَا مُسْلِمٍ إِنِّي قَدْ كُنْتُ فَعَلْتُ، وَفَعَلْتُ وَلَا أَعُودُلِمِثْلِهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَارْدُدْ عَلَيْهَابَصَرَهَا، قَالَ: فَأَبْصَرَتْ". انتهي من "حلية الأولياء" (5 /121 )

وعَنْ بِلَالِ بْنِ كَعْبٍ الْعَكِّيِّ قَالَ: " رُبَّمَا قَالَ الصِّبْيَانُ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ إِذَا مَرَّالظَّبْيُ: ادْعُ اللَّهَ يَحْبِسُ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ، فَيَدْعُو اللَّهَفَيَحْبِسُهُ حتّى يأخذُوه بأيدِيهم ".
انتهي من "تاريخ دمشق" (27 /215(

وعَنْ شَقِيقٍ قَالَ: " كُنْتُ فِي زَرْعٍ لِي إِذْأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ تُزْهِي قَالَ: فَسَمِعْتُ فِيهَا صَوْتًا أَمْطِرِي زَرْعَفُلَانٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ الرَّجُلَ فَسَأَلْتُهُ مَا تَصْنَعُ بِزَرْعِكَ؟قَالَ: أبَذْرُ ثُلُثَهُ، وَآكُلُ ثُلُثَهُ، وَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ " انتهي من "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (7/94 )

وعَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِالشِّخِّيرِ: " أَنَّ عَامِر بن عَبد قَيْس كَانَ يَأْخُذُ عَطَاءَهُ فَيَجْعَلُهُفِي طَرَفِ رِدَائِهِ، فَلَا يَلْقَى أَحَدًا مِنَ الْمَسَاكِينِ يَسْأَلُهُإِلَّا أَعْطَاهُ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ رَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ فَيَعُدُّونَهَا فَيَجَدِوُنَهَا سَوَاءً كَمَا أُعْطِيَهَا ".

انتهي من "تاريخ دمشق" (26 /29)، "الإصابة" (5/77)

وعَنْ يُونُسَ قَالَ: " كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ سَبَّحَتْ آنِيَةُ بَيْتِهِ ".
انتهي من "تاريخ دمشق" (58 /323)، "حلية الأولياء" (2 /206)

وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: " كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ وَصَاحِبٌ لَهُ سَرَيَا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَإِذَا طَرَفُ سَوْطِأَحَدِهِمَا عِنْدَهُ ضَوْءٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: إِنَّا لَوْ حَدَّثَنَاالنَّاسَ بِهَذَا كَذَّبُونَا، فَقَالَ مُطَرِّفٌ: الْمُكَذِّبُ أَكْذَبُ "

انتهي من "حلية الأولياء" (2/205)، "سير أعلام النبلاء" (4 /193)

وعَنِ الْجُرَيْرِيِّ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللَّهِبْنُ شَقِيقٍ مُجَابَ الدَّعْوَةِ فَكَانَتْ تَمُرُّ بِهِ السَّحَابَةُ فَيَقُولُ:اللَّهُمَّ لَا تَجُوزُ كَذَا وَكَذَا حَتَّى تُمْطِرَ، فَمَا تَجُوزُ ذَلِكَالْمَوْضِعَ حَتَّى تُمْطِرَ ".
انتهي من "تاريخ دمشق" (29 /161 )

وعن الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ:" كَانَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَجْتَنِي الرُّطَبَ مِنْ شَجَرِ الْبَلُّوطِ ".
انتهي من " تاريخ دمشق" (6 /326)، "سير أعلام النبلاء" (7 /393)

وعن يحيى بن كثير البصري قال: " اشترى كَهمس بن الحسن دقيقا بدرهم فأكل منه، فلماطال عليه كَاله، فإذا هو كما وضعه "

انتهي من "سير أعلام النبلاء" (6 /317)

غاية الكرامة:قال شيخ الإسلام:" إنما غاية الكرامة لزوم الاستقامة، فلم يكرم الله عبدا بمثل أن يعينه على مايحبه ويرضاه ويزيده مما يقربه إليه ويرفع به درجته " انتهي من "مجموع الفتاوى" (11/ 298 )

الغلو بالصالحين:

الغلو بالصالحين هذا بدعة، وطريقة شيطانية، حتى هؤلاء أصحاب الكهفالشيطان ما ترك الناس فيما يتعلق بهم، فقد أغرى بعضهم أن يبنوا عليهممسجداً، ونحن نعلم أنه لا يجوز بناء المساجد على القبور، وأن القبر إذا كانفي مسجد يخرج القبر إذا كان المسجد أولاً، والقبر جاء بعد ذلك، هذا منكرإذن يخرج القبر ينقل إلى المقبرة، وإذا كان القبر أولاً، ثم بني عليهالمسجد فما بني على باطل فهو باطل، فيزال المسجد، ويكشف القبر، ولا تجوزالصلاة في مسجد فيه قبر، كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام، وسأل ربههذا.

ومن الغلو الذى لبسه الشيطان على بعض الناس في قصة هؤلاء الفتية أنهم قالوا أن أظفارهم وشعورهم قد نمت حتى أصبح منظرهم كئيبا مزريا وهذا الكلام يكذبه صريح القرآن فلو كانت شعورهم وأظافرهم قد طالت فعلا لما قالوا نمنا يوما أو بعض يوم لعلموا أنهم ناموا فترة طويلة لكنهم هم أنفسهم ما أحسوا عند قيامهم كم لبثوا.

وهكذا يلبس الشيطان على الناس ويجعلهم يغالوا في الصالحين وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الغلو حيث قال صلى الله عليه وسلم (لا تطرونى كما أطرت النصارى المسيح بن مريم إنما أنا عبدالله ورسوله )

وقوله لا تطرونى (أي لا تبالغوا في مدحى ) أنظروا كيف أن النصارى بالغوا في الغلو بالمسيح عليه السلام حتى أوصلوه لدرجة الالوهية وأنظروا كيف بالغ اليهود في العزير حتى قالوا إنه ابن الله .

صور من الغلو بالصالحين في الواقع المعاصر:

 من الغلو بالصالحين الذى نراه اآان من إنتشار الموالد وشد الرحال اليها كمسجد السيد البدوى وما يحدث فيه من طواف بالقبر وسؤال لحاجات لا يقدر عليها الا الله فتجد المريض يذهب الى هناك ويطوف بالقبر يسأل صاحب القبر الشفاء وهذه تسأل انجاب الولد وهذا يسأل النجاح وهذا يسأل الرزق وكل هذا من صور الشرك والعياذ بالله وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير فماذا أبقى هؤلاء لله اذا كان صاحب القبر يفعل كل هذا،وصاحب القبرو في أمس الحاجة الى الحى، والميت لا يملك لنفسه فضلا عن غير ه شيئا فكيف يقضى الحاجات وهو في قبره مرهون بعمله ولكنه تزيين الشيطان للناس حتى يصدهم عن الطريق المستقيم ،ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان مرض النبي صلى الله عليه وسلم تذاكربعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها: مارية - وقد كانت أم سلمة وأم حبيبةقد أتتا أرض الحبشة - فذكرن من حسنها وتصاويرها قالت: فرفع النبي صلى اللهعليه وسلم رأسه فقال: (أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة

الغلو بالمشايخ وشدة التعلق بهم:

حب المشايخ من أهل السنة والجماعة محمود، وخاصة إذا أدى ذلك إلى المزيد منالالتزام والتدين، والانتفاع بما عندهم ويدعون الناس إليه من العلم والدين, ولكن يشترط لذلك القصد فيه بلا إفراط أو مبالغة لا تحمد عواقبها، فحب الشيخ إذاترتب عليه حضور المحاضرات والدروس، ومصاحبة أهل الخير والتأسي به وبهم في طلبالعلم وطاعة الله وعبادته، فهو حب شرعي ؛ ومن أحب قوما حشر معهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

وقد روى البخاري (6169) ومسلم (2641) عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًاوَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ: ( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ(

وإذا كانت محبته إياه ليست إلا مجرد الشغف به، وحب لقائه واستحسان النظر إليه وإلىصورته في التليفزيون أو المجلات ونحو ذلك، وهي مع ذلك لا تقربه إلى الله فمحبته له مدخولة مذمومة.

وإذا كان حاله في محبته يجمع بين حضور المحاضرات والدروس، ومصاحبة أهل الخير وحبطلب العلم، وبين الشغف به وحب النظر إليه وإلى صورته وحب التشبه به في لبسه وهيئته، فهو محمود على مؤدى المحبة الحميد المتمثل في البر والطاعة، ومذموم على مؤداهاغير الحميد المتمثل في الإفراط في محبته والعناية الزائدة به .

وإذا كان له فضل تعلق به، من غير وقوع في محذور شرعي، من غلو أو إفراط، أو تقليدمذموم، أو تعلق منحرف أو شاذ بصورته: فمثل هذا لا بأس به إن شاء الله.

وليعلم أن من أوسع أودية الباطل الغلو في الصالحين: روى النسائي (3057) من حديث ابْن عَبَّاسٍ أن النّبِي صَلّى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَاأَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ ) صححه الألباني في "صحيح النسائي" وغيره.

قال شيخ الإسلام رحمه الله:" قوله ( إياكم والغلو في الدين ) عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال.والغلو هو مجاوزة الحد بأن يزاد في حمد الشيء أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك "

انتهي "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" (ص 106)

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" قد كَثُر في الوقت الأخير إطلاق الإمام عند النَّاس ؛ حتى إِنه يكون الملقَّب بهامن أدنى أهل العلم، وهذا أمرٌ لو كان لا يتعدَّى اللفظَ لكان هيِّناً، لكنهيتعدَّى إلى المعنى ؛ لأنَّ الإِنسان إِذا رأي هذا يُوصفُ بالإِمام تكون أقوالُهعنده قدوة ؛ مع أنَّه لا يستحِقُّ " انتهي.

"الشرح الممتع" (1 /17)

وقال علماء اللجنة الدائمة:" الغلو في محبة الشخص وتعلق القلب به لذاته حتى لا يستطيع فراقه والإعجاب به إلىحد الغرام ليس من المحبة في الله، بل ذلك خلل في التوحيد "    انتهي."فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /472)

والضابط في حب المشايخ حتىيكون في الله: أن يكون متمثلا في الاقتداء بهم في الخير وأعمال البر والمعروف،ومصاحبتهم وحضور دروسهم العلمية وسؤالهم عند الحاجة إلى ذلك، والدعاء لهم بظهرالغيب، والثناء عليهم ونحو ذلك.

فالواجب علينا القصد في محبةالمشايخ وعدم الغلو في ذلك، وأن نتحرى الاعتدال والقصد في كل شيء من أمور ديننا ودنيانا, وإياك إياك أن تعلق أمر دينك بشيخ من الشيوخ، مهما ذهب في واد، كنت وراءه ؛ بلاجعل همك وطلبتك من يوصلك إلى طريق النبي صلى الله عليه وسلم ؛ واجعل تقليدك لهديالنبي صلى الله عليه وسلم، 6-6-وسنته، وهدي أصحابه الكرام , وسنتهم ؛ فإن حب المشايخإنما هو تبع لحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب دينه وشرعه، وعلى قدر تمسك هؤلاءالمشايخ بالدين والشرع تكون محبتهم.

وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول:

الذى يرى حال الفتية يجد أنهم يردون أمورهم الى الله فأنظر عندما إستيقظوا واختلفوا في المدة التي لبثوها في النوم بعضهم قال نمنا يوما وبعضهم قال بعض يوم فلما علموا أن هذا الجدال لا فائدة منه ردوه إلى الله بقولهم (ربكم أعلم بما لبثتم ) وهكذا يجب أن يكون المسلم في شأنه كله أن يرد أموره الى الله فان تنازعت مع زوجتك أو مع جارك أو مع أخيك أو مع شيخك رد المسألة الى حكم الله ورسوله فيها والحكم الذى يحكم به الشرع إتبعه وقل له سمعنا وأطعنا وأمتثل قوله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَوَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِيشَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء/59.

قال مجاهد وغير واحد من السلف: " (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله، وهذاأمر من الله عز وجل، بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يردالتنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِمِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) الشورى/10، فما حكم به كتاب الله وسنةرسوله وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال " انتهي من " تفسيرالقرآن العظيم " (2/345).

لذا إذا اتبعنا منهج هؤلاء الفتية برد الأمور المتنازع فيها سواء صغرت أو كبرت الى الله ورسوله وحكم الشرع لأسترحنا،ولما دبت الخلافات بيننا، والشرع فيه الكفاية هذه عقيدة التوحيدرد الأمر إلى الله في المختلف فيه الذي لا نعلم حقيقته وما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كمل الدين وتمت النعمة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما تحتاجه الأمة فيجميع شئونها حتى قال أبو ذر رضي الله عنه: ( ما ترك النبي صلى الله عليهوسلم، طائرا يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما ) وقال رجل منالمشركين لسلمان الفارسي رضي الله عنه علمكم نبيكم حتى الخراة ـ آدابقضاء الحاجة ـ قال: ( نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أونستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي باليمين أو نستنجي برجيع أو عظم.

فالنبي عليه الصلاة والسلام بين كل الدين إما بقوله وإما بفعله وإماابتداءا أو جوابا عن سؤال وأحيانا يبعث الله أعرابيا من أقصى الباديةليأتي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسأل عن شيء من أمور الدينلا يسأله عنه الصحابة الملازمون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولهذاكانوا يفرحون أن يأتي أعرابي يسأل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عنبعض المسائل، ويدلك على أن النبي، صلى الله عليه وسلم، ما ترك شيئامما يحتاجه الناس في عبادتهم ومعاملتهم وعيشهم إلا بينه يدلك على ذلكقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلامدينا ) ـ ( المائدة )

علق الأمور بمشيئة الله:

عاتب الله نبيه عليه الصلاة والسلام عندما قال للكفار عندما جاءوه وسألوه الأسئلة الثلاثة قال لهم سأخبركم غدا ولم يقل إن شاء الله فتأخر عليه الوحى خمسة عشرة ليلة فلما نزل عليه خبر الفتية في سورة الكهف قال الله له معاتبا (ولا تقولن لشأي إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وأذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا ) وفي هذا توجيه ربانى للنبي وأمته أن يعلقوا أمورهم المستقبلية بمشيئة الله فإذا أقبلت على سفر فقل سأسافر غدا إن شاء الله وإذا هممت بمقابلة صديق لك فقل سأقابلك غدا إن شاء الله فإن هذا يعلق القلب بالله ويوطد لأعمال القلوب في النفوس فيعلم العبد أنه لا يجرى شيء في هذا الكون إلا إذا شائه رب الكون.

لا تشغل نفسك بتفاصيل لا فائدة منها وأترك المراء :

 بعدما أعثر الله على الفتية تنازع الناس في عددهم فمن قائل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم ومن قائل خمسة سادسهم كلبهم ومن قائل سبعة وثامنهم كلبهم فعقب الله على القول الأول والثاني بقوله رجما بالغيب ولم يعقب على القول الثالث وهو سبعة وثامنهم كلبهم فدل ذلك على أن العدد الصحيح هو سبعة وثامنهم كلبهم كما ورد عن ابن عباس لكن هنا وقفة؛ ما الفائدة التي ستحصل لك في دينك ودنياك إن عرفت العدد وما الذى ستستفيده إن علمت أسمائهم والمدينة التي كانوا يعيشون فيها، كل هذه أمور لا تفيدنا في شيء المهم في القصة أخذ العبرة والعظة منها وتطبيقها في حياتك لكن إشغال النفس بتفاصيل لا فائدة منها أمر نهي عنه الشرع فلا تتدخل فيما لا يعنيك ولا تكثر الأسئلة في تفاصيل الأمور فمن شغل نفسه بتعلم القرآن وطلب العلم الشرعي لم ينشغل بكثرة السؤال ولا القيل والقال وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدال والمراء عَنْأَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: " أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَوَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَالْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْحَسُنَ خُلُقُهُ ".

فجدير بالعبد إن أتاه الأمر الشرعي، أن يمتثله ولا يكثر من الأسئلة، فقديأتيه الجواب بما لا يسره أو بما يثقل عليه كما حصل مع بني إسرائيل حينأمروا أن يذبحوا بقرة، فلو عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لأجزأتهم، لكنهمتنطعوا وتشدقوا وأكثروا الأسئلة حتى شُدِّد عليهم.

وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم حين أكثروا سؤاله جدا، فقد روى البخاريفي كتاب الفتن عن قتادة أن أنساً حدثهم قال: سألوا النبي صلى الله عليهوسلم حتى أحفوه بالمسألة – أي أضجروه وأحرجوه بكثرة المساءلة – فصعد النبيصلى الله عليه وسلم ذات يوم المنبر فقال: "لا تسألوني عن شيءٍ إلا بينتلكم". فجعلت أنظر يمينا وشمالا فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي. يعني خوفامن غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أنس:...ثم أنشأ عمر يقول: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، نعوذ بالله من سؤ الفتن.

فكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" الآية.

ولما نزل قول الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) قال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، فقال: أكل عام يا رسول الله؟فأعرض عنه، فقال في الثالثة: أكل عام يا رسول الله؟ قال: "لا. ولو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم".
لا تسأل مستهزءا أو مناظرا: إن الأصل أن يسأل الإنسان ليتعلم ويعمل لا ليجادل ويفحم ويناظر، فهناك فرق كبير بن الاستفتاء والمناظرة، فالمناظرة لها مجلسها وشروطها، أما الاستفتاء فهو سؤال للاسترشاد وطلب العلم أو حل إشكال..

وأقبح من هذا أن يسأل طالب العلم الشيخ ليمتحنه ولا شك أن هذا النوع منالأسئلة هو من البدع المحدثة التي لم يعرفها أسلافنا رضي الله عنهم، ومثلهذه الأسئلة قد تتسبب في توريط العلماء، وهل كانت محنة الإمام البخاري رحمهالله وخروجه من بلده إلا من مثل هذا؟!! , ثم إن كثرة الأسئلة بما لا يترتب عليه عمل إنما هو استكثار من حجج الله علىالعبد، لما سأل أحدهم عالما فأكثر عليه قال له العالم: كل ما تسأل عنهتعمل به؟ قال: لا. قال: فما تصنع بازدياد حجة الله عليك؟.

: ولأن هذه الآفة من أشد الآفات ضررا على الفرد والمجتمع فقد ذمها الشرع ونهيعنها وبين قبحها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: " ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهمعلى أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدّحدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تقربوها، وسكت عن أشياء من غير نسيانفلا تبحثوا عنها".
إن ما تركه الله ليس عن نسيان كما قال تعالى( وما كان ربك نسيا). وعن سلمانرضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء فقال: " الحلال ما أحل الله في كتابه، و الحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنهفهو مما قد عفا عنه، فلا تتكلفوا ".وقد فقه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلمهذه المسألة فكانوا يتهيبون من سؤاله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرجالشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: "كنا نهينا أن نسأل رسول الله صلى اللهعليه وسلم عن شيء، وكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع".

مواضع عشرة يكره السؤال فيها:-

هناك مواضع ذكرها الشاطبي رحمه الله يكره السؤال فيها ونذكرها هنا باختصار وهي:
أولا: السؤال عما لا ينفع في الدين: كسؤال عبد الله بن حذافة من أبي؟ فهذا لن يعود عليه بأي فائدة، بجانب أنهلو افترض أن أمه قد قارفت ذنباً في الجاهلية، وأنه كان ثمرة هذا الذنب فأيأذية وأي عقوق يكون قد صدر منه في حق أمه وهي إنما كانت في الجاهلية؟! لكن -والحمد الله- الرسول عليه الصلاة والسلام برأها من ذلك. وروي أيضاً أن بعضالناس سألوا: ما بال الهلال يبدو رقيقاً كالخيط، ثم لا يزال ينمو حتى يصيربدراً، ثم ينقص إلى أن يصير كما كان. فأنزل الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَعَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَالْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّمَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا )[البقرة:189]، فأعرضالقرآن الكريم عن إجابة السؤال، وأجاب بما يفيد السائل في دينه؛ لأنه سؤالليس وراءه فائدة. وفي قوله تعالى: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُواالْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا) إبطال لما كانوا عليه في الجاهلية، حيث كانوايعتقدون أنه يحرم على من عاد من الحج وأراد أن يدخل البيت أن يدخله منالباب، ولكن يدخله من الخلف من النافذة، فيمنعون المحرم من الدخول من بابالبيت، وبعض العلماء يقول: إن المقصود هنا الإشارة إلى انتقاد هذا الذي سألعن الأهلة بأن الهلال يبدوا دقيقاً ثم يصير بدراً ثم ينقص ثانية. فقولهتعالى: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا (يعني أن المشتغل بهذه المسائل كالذي يأتي البيوت من ظهورها، لكن عليك أنتأتي البيوت من أبوابها بأن تسأل عما يفيدك في دينك لا عما لا يعنيك
ثانيا: السؤال بعد بلوغ الحاجة:- فالنص الشرعي قد يكون واضحاً وظاهراً، ثم بعدما يبلغه العلم يبدأ يشق علىنفسه، ويسأل بعدما بلغ من العلم حاجته، كالرجل الذي سأل عن الحج: أفي كلعام يا رسول الله؟ مع أن ظاهر قوله تبارك وتعالى: (وَلِلَّهِ عَلَىالنَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ )[آل عمران:97] يكفي في امتثاله أن يوقعه الإنسانمرة واحدة في عمره، فظاهره أنه ليس إلى الأبد لإطلاقه. ومن هذا سؤال بنيإسرائيل عن البقرة بعد ما قال لهم موسى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْتَذْبَحُوا بَقَرَةً )[البقرة:67] أيَّ بقرة، و لو ذبحوا أي بقرة لأنتهيالأمر ولأدوا ما وجب عليهم، لكنه التنطع والتشدد، وكان يكفيهم النص الشرعي بذبح بقرة.

ثالثا: السؤال في غير وقت الحاجة:- يعني: أن يسأل وهو غير محتاج إلى جوابه في ذلك الوقت.

رابعا: السؤال عن صعاب المسائل وشرارها:- أما السؤال عن صعاب المسائل وشرارها فكما جاء النهي عن الأغلوطات في حديثمعاوية عند أبي داود: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الأغلوطات) والأغلوطات: هي المسائل التي يغالط بها العلماء ليزلوا فيها، فيهيج بذلك شروفتنة.

خامسا: السؤال عن علة الحكم:- يعني هنا الحكم الشرعي من الأمور التعبدية التي لا يعقل معناها، وهي لها معنى وحكمة , وإن لم يطلع على ذلك، كتقبيل الحجر الأسود، وبعض مناسك الحج، أو أي أمر تعبدي كما هو معروف، فيكون الأمر من قبيل التعبد، ثم هو يتنطعويسأل عن علة هذا الحكم مع أنه من الأمور التعبدية، كالسؤال عن علة قضاءالصوم دون الصلاة في حق الحائض والنفساء.

 فعن معاذة رضي الله عنها قالت: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟فقالت: (أحرورية أنت؟!). أي: أأنت من الخوارج؟! والخوارج يرون أن الحائضتقضي الصلاة كما تقضي الصوم، فلم تقف هذه المرأة عند ما ورد وحُدَّ لها فيالشرع، ولذلك جاء جواب عائشة رضي الله عنها أولاً: بأن وبختها وقالت: (أحرورية أنت؟!) أي: أأنت تذهبين مذهب الخوارج؟! ثم قالت: (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).

سادسا: بلوغ السؤال حد التكلف والتعمق:- ويدل على ذلك قوله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ, وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ )[ص:86]، والتكلف: هو التنطع في الأسئلةوالتعمق، ولما سأل عمر: يا صاحب الحوض! هل ترد حوضك السباع؟ قال صلى اللهعليه وسلم: "يا صاحب الحوض! لا تخبرنا؛ فإنا نرد على السباع وترد علينا".

سابعا: ظهور معارضة الكتاب والسنة بالرأي من السؤال:- هذا من المواضع المذمومة، أن يكون واضحاً من صيغة السؤال أنه يريد أن يعارضالقرآن والسنة بعقله وبرأيه وبهواه.

 ولما قيل لمالك بن أنس رضي اللهتعالى عنه: الرجل يكون عالماً بالسنة، أيجادل عنها؟ قال: (لا. ولكن يخبربالسنة فإن قبلت منه وإلا سكت) فمع أن معه الحق لكنه لا يماري ولا يجادل، فالمراء والجدال من الأخلاق المذمومة.

ثامنا: السؤال عن المتشابهات:- وعلى ذلك يدل قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌفَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَتَأْوِيلِهِ )[آل عمران:7]، وفي الحديث: "متى رأيتم الذين يتبعون ما تشابهمنه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم"، يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدمحفظه الله تعالى هؤلاء هم الذين حذرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريممنهم، الذين يتتبعون المتشابهات، ولعلنا نجد صورة واضحة جداً في العلمانيين، والملاحدة من الكفار، هؤلاء الناس هذه مهنتهم وهذه حرفتهم، فهم يتقنونصناعة الشبهات والخوض في الأمور المشتبهة، وعدم رد المتشابه إلى المحكم،فالتمسك بالمتشابه والإعراض عن المحكم مما ينبئ عن وجود هذا المرض والزيغ في القلب، والعياذ بالله عز وجل.

تاسعا: السؤال عما شجر بين السلف الصالح:- أي الخلاف الذي كان بين الصحابة رضي الله عنهم. فمن المكروه والمذموم أنيخوض الإنسان فيما كان بينهم من الخلاف، وقد سئل عمر بن عبد العزيز عن قتال أهل صفين فقال: (تلك دماء عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا).

وقدسئل آخر عن ذلك في مناسبة أخرى مماثلة فقال: قال تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌقَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَعَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )[البقرة:134]). فالمقصود عدم الخوض حتى لو كانبعض الصحابة مخطئين في ذلك؛ لأن شأننا نحن مع هؤلاء السادة الأطهارالأبرار هو ما ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة الحشر:(وَالَّذِينَ جَاءُوامِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَاالَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّالِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر:10]. فنحننستغفر لهم فيما اجتهدوا فيه وأخطأوا، ونعتقد أن ما حصل من الصحابة منالقتال في موقعة الجمل وصفين إنما هو عن اجتهاد خالص لله عز وجل، يريدون بهإحقاق الحق، ولكن هذا أمر قدره الله وقضاه ووقع، وليس لنا أن نخوض في هذاالأمر بالوقوع في أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن سألسؤالاً من هذا الباب فقد وقع فيما نُهينا عنه من كثرة السؤال كما بينا.

عاشرا: سؤال التعنت وقصد غلبة الخصم:- وفي القرآن في ذم نحو هذا قوله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَقَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِيقَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ )[البقرة:204]، (ألد الخصام) أي: مجادل. ومنه قوله تبارك وتعالى: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ )[الزخرف:58] وهو الجدل، كما في قوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىأَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْلَمُشْرِكُونَ )[الأنعام:121].

 ومناسبة هذا أنهم قالوا: هل ما قتله اللهحرام وما قتلتموه أنتم أو ما ذبحتموه أنتم يكون حلالاً؟ انظر إلى التلبيسوإيقاع الشبهات في قلوب المؤمنين! فنزلت الآية السابقة. وقال النبي صلىالله عليه وآلة وسلم: "أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" (الألد الخصم): الشخص الشديد الجدل والشديد الخصومة والتعنت، فهذه جملة من المواضع التييكره السؤال فيها، ويقاس عليها ما سواها. رزقنا الله وإياكم العلم النافعوالعمل الصالح ووفقنا لكل خير،وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمدوآله وصحبه أجمعين.

مصادر المعلومات عند شباب اليوم:

قال تعالى (نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) هنا أيها الإخوة المصدر الصحيح للخبر من الله الذى لا تخفي عليه خافية، من يعلم السر وأخفي سيقص عليك خبر الفتية، ومن أصدق من الله قيلا من يستطيع أن يحكى بالتفصيل وبالدقة التي يقصها عليك ربك إنه هو الذى القى في قلوبهم الايمان، وهو الذى يسر لهم الهروب من الملك الظالم، وهو الذى هيء لهم الكهف، وهو الذى بعثهم إذا الخبر الصحيح من عنده لا من عند أهل الكتاب ولا من غيرهم ولكن جيل اليوم من أين يتلقى معلوماته هل يتلقى شباب اليوم معلوماتهم من مصادر موثوقة أم من مصادر مشبوهة ونلخص مصادر التلقي عند شباب اليوم في:

 الانترنت: يتلقى شباب اليوم معلوماته من مواقع الشبكة العنكبوتية وهذه الشبكة مليئة بالغث والسمين وهي بحر لا ساحل له ويوجد فيها مواقع لجميع الفرق الضالة من شيعة وصوفية وبهائية والحادية ويوجد فيها أيضا مواقع تنشرالخنا والفجور فالواجب على الشباب أن يحصنوا أنفسهم بالعلم الشرعى عندما يتعاملون مع الشبكة العنكبوتية حتى لا تزيغ قلوبهم بالشبهات وتفسد أنفسهم بالشهوات وواجب على الدولة أن تقوم بحذف المواقع التى تبث الزيغ والضلال على الناس وكذلك المواقع الإباحية،وواجب على الأسرة أن تتابع أبنائها إذا أدخلت السبكة فى البيت وتجعل الكمبيوتر فى مكان مكشوف حتى لا ينفرد الفتى والفتاة بهذه المواقع خفية فاحذروا يا شباب الأمة فالمتربصون بكم من الداخل والخارج كثير،نسأل الله عزوجل أن يصلح شبابنا وأن يربى لنا أبنائنا إنه ولى ذلك والقادر عليه.

مصادر التلقي الصحيحة: الا هي مصادر تلقي الدين؟

المصدر الأول:لتلقي الدين هو كتاب الله تعالى﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾[المائدة: 3] فلذلك الذي لم يرضَ ذلك أو يأخذه من غير الكتاب والسنة؛ فهو لم يرض الإسلام دينًا.

المصدر الثاني:سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-، سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة،ويدخل فيها: قوله وفعله وتقريره -عليه الصلاة والسلام وقال النبي -صلىالله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض».

المصدر الثالث:والإجماع هنا مبني على كتاب الله وعلى سنة الرسول - صلى الله عليهوسلم- والإجماعُ إجماعُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم _ لأن الأُمة بعدذلك تفرقتْ أما الصحابة فقد اجتمعوا -رضي الله عنهم- في ذلك.

هذه هي المصادر الصحيحة التي يجب أن نستمد منها ديننا فإنك يا أخي المسلم إذا مرضت بحثت عن أمهر الأطباء في علتك وسألت وتحريت عنه وعن مدى قوته في تخصصه وأنا لا أعيب عليك هذا لكن أجدك عندما تقدم على مشروع أو أمر معين في حياتك في البيع والشراء مثلا: لم تكلف نفسك أن ترفع هاتفك المحمول لتتصل على عالم موثوق فتسأله عن الحكم الشرعي في المسألة التي ستقدم عليها، وهذا للأسف بسبب رقة الدين عند كثير من الناس في هذه الأيام إلا من رحم الله والأولى والواجب علينا أن يكون الدين والحكم الشرعي نصب أعيننا قبل القدوم على أي عمل، وهذا هو سمة المؤمنين الصالحين الذين يتورعون لدينهم ويحرصون على رضا ربهم.

مصادر التلقي الباطلة:

 تعلمنا سورة الكهف أن نتلقى ديننا من الله عن طريق الوحى لأن الحق المطلق فقط من الله الذى يأتي في القرآن الكريم والسنة الصحيحة لكن للأسف نجد أن كثيرا من الناس في هذه الايام يتلقون دينهم من مصادر باطلة ومن المصادر الباطلة التي لا يجوز أخذ الدين منها:

1- الأهواء: بعض الناس يأخذون دينهم بالأهواء يأخذ من الدين ما يجد هواه يتبعه ويرفض ما لا يتفق مع هواه مثل:  مسألة تتبع الرخص في فتاوى العلماء

قال عمربن عبد العزيز: لا تكن ممن يتبع الحق إذا وافق هواه، ويخالفه إذا خالف هواه، فإذاأنت لا تثاب على ما اتبعته من الحق،وتعاقب على ما خالفته من الحق ويقول بن القيمرحمه الله: والعبد إذا اتبع هواه فسد رأيه ونظره فأَرَتْهُ نفسُه الحسنَ في صورةالقبيح، والقبيحَ في صورة الحسن،فالتبس عليه الحق بالباطل ؛فأنّى له الانتفاعبالتذكر أو بالتفكر أو بالعظة ويقول ابن تيمية رحمه الله: والإنسان خُلق ظلوماًجهولاً،فالأصل فيه عدم العلم، وميله إلى ما يهواه من الشر، وقد جاء ذم إتباع الهوىفي القرآن الكريم العظيم في آيات كثيرة, بل ووصف الله أهل تلك الصفة بأسوأ الأوصاففقال (عز وجل )في من اتبع هواه: )أفرأيت من اتخذ إلهههواه}. (لأنه في كل شيء لا يرجع الى القرآن ولا إلى السنة, ولا إلى أهل العلمإنما يرجع إلى هواه حتى ولا يرجع إلى عقله وإنما يرجع إلى هواه) {أفرأيتمن اتخذ إلهههواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةفمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون} (وإذا كان الإنسان تنصحه بكتاب اللهوبسنة رسول الله وبكلام أهل العلم فلا ينتصح فعلى ماذا يدل هذا الجواب: {فإنلم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} الجواب {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إنالله لا يهدي القوم الظالمين} الجواب " بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغيرعلم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان مما اخشىعليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى" وكان من دعائه عليهالصلاة والسلام: " اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاقوالأعمال والأهواء" ويقول الإمام علي رضي الله عنه: إن أخوف ما أتخوف عليكماثنتان طول الأمل وإتباع الهوى فأما طول الأمل فينسي الآخرة وأما إتباع الهوى فيصدعن الحق قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمُّه فلايستحضر ما لله ورسوله من الأمر, ولا يطلبه أصلا ولا يرضى لرضى الله, ولا يغضب لغضبالله ورسوله, بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه, ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهوا، عباد الله إن علاج الهوى يكون بالتجرد لله والخشية منه سبحانه بانقطاع القلب عنحظوظ النفس المزاحمة لمراد الرب منه، وعن التفات القلب إلى ما سوى الله، رغبة فيه،وحباً وخوفاً ورجاءً وإنابة وتوكلاً.

2-  الرؤى والأحلام: لا يجوز أخذ حكما في الدين من رؤي وأحلام , كثير من القبور المنتشرة في العالم الإسلامي كلها رُؤى، واحديقول: أنا رأيتُ في المنام أن قبر فلان هنا فيتخذ الناس هذا المكان مزارا، مثل الخضر، هل هو حي فعلًا؟الجماهير على أنه مات قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك له عدة قبور في العالم الإسلاميِّ.

ونجد أن في كثير من المؤلفات يأتيك الغزاليُّ في "إحياء علوم الدين"، وقبله أخذ من "قوت القلوب"، سنجد أنه يقول: والله رأيتالخضرَ! قال لي الخضر! فعل الخضر! كل هذه رؤى وأحلام من الشيطان.

ويأتي شخص يقول رأيت في المنام أنى أصبحت وليا وقال لي الملك لا تصلى، واخر يقول رأيت في المنام أن البنوك حلال وجاءني الرسول وقال لا بأس بها هي حلال، وهذا يقول رأيت الصحابة يرقصون ويستمعون للغناء وهذا يدل على أن الغناء حلال، وهذا يقول رأيت العالم الفلانى وقال لى كذا وكذا مما ينافي الشرع والدين، فالخلاصة أنه لا يجوز أخذ أي حكم شرعى من الرؤى والاحلام.

3-المتشابِه والغريب والشاذُّ من الأقوال. المتشابه: أهل الزيغ والضلال يتمسكون بجزء من المتشابه ويتركون ما ثَبَتَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

4-أيضًا منمصادرالتلقي: الأحاديث المكذوبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأئمة الهدى. سنجد كتبًا كثيرةً جدًّا مليئة بهذه الموضوعات، وهي عُمدة عند طوائفَ من المسلمين، هل تعمدوا أن يأخذوا هذه الأحاديث الموضوعة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟! معاذ الله، لكنْ ظنوه شيئًا ثابتًا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ مثل "بحار الأنوار"، يخرج أحد الباحثين ويقول: خمس وتسعين بالمئة مما في هذا الكتاب مكذوب، وكتاب احياء علوم الدين فوُجدت كتبكثيرة فيها أحاديث موضوعة على رسول الله "صلى الله عليه وسلم."

5- القول بعصمة الرجال: لا يوجد أحد معصوم الا الرسول صلى الله عليه وسلم وكل يؤخذ منه ويرد الا رسول الله أما تنصيب أناسا يكونون حجة على الدين فلا يجوز، والحق لا يعرف بالرجال، ولكن الرجال يعرفون بالحق، وأي شخص مهما علا رسمه وسما كعبه اذا قال ما يخالف القرآن والسنة فقوله يضرب به عرض الحائط.

قصة شبيهة لقصة أصحاب الكهف:

 حكى لنا القرآن الكريم قصة عزير عليه السلام وهو رجل صالح من بنى اسرائيل وقد عده كثير من أهل العلم أنه من أنبياء الله عليه السلام قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ( البداية والنهاية ): المشهور أن عزيرا نبي من أنبياء بني اسرائيل).

قال الله تعالى:( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىعُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُاللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًاأَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَوَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةًلِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًافَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 259.
والمشهور أن هذا الرجل هو العزير، حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِبُرَيْدَة، قال ابن كثير: " وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ "
انتهي من "تفسير ابن كثير" (1/ 687.(

مر عزير على هذه القرية - وهي بيت المقدس على المشهور، بعد أن خربها بختنصر وقتل أهلها - وهي خاوية ليس فيهاأحد، فوقف متفكرا فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة، وقال: (أنى يحيي هذهالله بعد موتها) وذلك لما رأي من دثورها، وشدة خرابها، وبعدها عن العود إلى ماكانت عليه، قال الله تعالى: (فأماته الله مائة عام ثم بعثه)، وقد عمرت البلدةوتكامل ساكنوها وتراجعت بنو إسرائيل إليها، فلما بعثه الله عز وجل بعد موته، كانأول شيء أحيا الله فيه: عينيه، لينظر بهما إلى صنع الله فيه، كيف يحيي بدنه؟فلما استقل سويا قال الله له -أي بواسطة الملك-: (كم لبثت قال لبثت يوما أو بعضيوم)، قالوا: وذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه الله في آخر نهار، فلما رأي الشمسباقية، ظن أنها شمس ذلك اليوم، فقال: (أو بعض يوم) ؛ ( قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) وذلك: أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير،فوجده كما فقده، لم يتغير منه شيء، لا العصير استحال، ولا التين حمض ولا أنتن،ولا العنب تعفن (وانظر إلى حمارك) أي: كيف يحييه الله عز وجل وأنت تنظر (ولنجعلكآية للناس) أي: دليلا على المعاد (وانظر إلى العظام كيف ننشزها) أي: نرفعها، فنركببعضها على بعض، وركب كل عظم في موضعه حتى صار حمارا قائما من عظام لا لحم عليها،ثم كساها الله لحما وعصبا وعروقا وجلدا، وذلك كله بمرأي من العزير، فعند ذلك لماتبين له هذا كله (قال أعلم أن الله على كل شيء قدير) أي: أنا عالم بهذا، وقد رأيتهعيانا، فأنا أعلم أهل زماني بذلك، ووجه الشبه بين هذه القصة وقصة اصحاب الكهف هي أنه ظل مائه سنة ميتا ثم بعثه الله لكى يثبت له عيانا أنه على كل شيء قدير وأن البعث بعد الموت حق وكذلك في قصة الفتية بعثهم الله من نومهم الطويل لكى يظهر لهم ولأهل الزمان قدرة الله في الإحياء بعد الاماته فان الإله الذى أنامهم هذه المدة الطويلة ثم أيقظهم بعد ذلك بدون أي تغير يطرأ عليهم قادر على أن يحي الموتى يوم القيامة كخلقهم الاول بدون أي تغيير وهكذا يبين الله للناس آياته لعلهم يوقنون.

الفرقة الناجية واتباع الدليل:

من أخص صفات الفرقة الناجية هي أنهم يدعون إلى إتباع الدليل من كتاب الله وسنة رسوله فهم يقفون على الدليل ولا يسيرون هكذا خبط عشواء يأخذون من كل أحد بل يأخذون صحيح السنة ويلتزمون بها ومتى ما ذكرتهم بالدليل من الكتاب والسنة التزموه ووقفوا على حدوده أما باقى الفرق الضالة من غلاة الصوفية والرافضة وغيرهم ممن يأخذون دينهم من الولى الفلانى وصاحب الضريح وأحاديث مكذوبة لا يدرى من أين أتوا بها ينتهجونها في عقيدتهم وعباداتهم ويعتقدون أن من لم يؤمن بها فهو ضال ويكفرونه في غالب الاحيان.

أبرز الخصائص للفرقة الناجية:هي التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة هذه الأمور الأربعة تجد الفرقة الناجيةبارزة فيها:

1-ففي العقيدة: تجدها متمسكة بما دل عليه كتاب اللهوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , من التوحيد الخالص في ألوهية الله , وربوبيته , وأسمائه وصفاته.

2-وفي العبادات تجد هذه الفرقة متميزة في تمسكهاالتام وتطبيقها لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم , في العبادات في أجناسها , وصفاتها وأقدارها وأزمنتها وأمكنتها وأسبابها , فلا تجد عندهم ابتداعاً فيدين الله , بل هم متأدبون غاية الأدب مع الله ورسوله لا يتقدمون بين يدي اللهورسوله في إدخال شيء من العبادات لم يأذن به الله.

3-وفي الأخلاق تجدهم كذلك متميزين عن غيرهم بحسنالأخلاق كمحبة الخير للمسلمين , وانشراح الصدر , وطلاقة الوجه , وحسن المنطق والكرم, والشجاعة إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسنها.

4-وفي المعاملات تجدهم يعاملون الناس بالصدق , والبيان اللذين أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم, في قوله: ( البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كذبا وكتما محقت بركةبيعهما. (

والنقص من هذه الخصائص لا يخرج الإنسان عن كونهمن الفرقة الناجية لكن لكل درجات مما عملوا , والنقص في جانب التوحيد ربما يخرجه عن الفرقة الناجية مثل الإخلال بالإخلاص, وكذلك في البدع ربما يأتي ببدع تخرجه عن كونه من الفرقة الناجية.

أما في مسألة الأخلاق والمعاملات فلا يخرج الإخلالبهما من هذه الفرقة وإن كان ذلك ينقص مرتبته.

وقد نحتاج إلى تفصيل في مسألة الأخلاق فإن من أهمما يكون من الأخلاق اجتماع الكلمة, والاتفاق على الحق الذي أوصانا به الله تعالىفي قوله: ( شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَاإِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواالدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الشورى/13.

وأخبر أن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً أن محمداًصلى الله عليه وسلم , برئ منهم فقال الله عز وجل: ( إِنَّ الَّذِينَفَرَّقُوادِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) الأنعام/159. فاتفاق الكلمة وائتلاف القلوب من أبرز خصائص الفرقة الناجية - أهل السنةوالجماعة - فهم إذا حصل بينهم خلاف ناشئ عن الاجتهاد في الأمور الاجتهادية لا يحملبعضهمعلى بعض حقداً , ولا عداوة , ولا بغضاء بل يعتقدون أنهم إخوة حتى وإن حصلبينهمهذا الخلاف , حتى إن الواحد منهم ليصلي خلف من يرى أنه ليس على وضوء ويرىالإمامأنه على وضوء , مثل أن الواحد منهم يصلي خلف شخص أكل لحم إبل , وهذا الإماميرىأنه لا ينقض الوضوء , والمأموم يرى أنه ينقض الوضوء فيرى أن الصلاة خلف ذلكالإمامصحيحة , وإن كان هو لو صلاها بنفسه لرأي أن صلاته غير صحيحة , كل هذا لأنهميرونأن الخلاف الناشئ عن اجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد ليس في الحقيقة بخلاف , لأنكل واحد من المختلفين قد تبع ما يجب عليه اتباعه من الدليل الذي لا يجوز لهالعدولعنه , فهم يرون أن أخاهم إذا خالفهم في عمل ما اتباعاً للدليل هو فيالحقيقةقد وافقهم, لأنهم هم يدعون إلى اتباع الدليل أينما كان, فإذا خالفهم موافقةلدليلعنده فهو في الحقيقة قد وافقهم، لأنه تمشي على ما يدعون إليه ويهدون إليهمن تحكيم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يخفي على كثيرمن أهل العلم ما حصل من الخلاف بين الصحابة في مثل هذه الأمور, حتى في عهدالنبيصلى الله عليه وسلم ولم يعنف أحداً منهم , فإنه عليه الصلاة والسلام لمارجعمن غزوة الأحزاب وجاءه جبريل وأشار إليه أن يخرج إلى بني قريظة الذين نقضواالعهدفندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: لا يصلين أحد منكم العصر إلافيبني قريظة ).

فخرجوا من المدينة إلى بني قريظة وأرهقتهم صلاة العصر فمنهممنأخر صلاة العصر حتى وصل إلى بني قريظة بعد خروج الوقت لأن النبي صلى اللهعليهوسلم قال:

( لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ). ومنهم من صلىالصلاةفي وقتها , وقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد منا المبادرة إلىالخروجولم يرد منا أن نؤخر الصلاة عن وقتها - وهؤلاء هم المصيبون - ولكن مع ذلكلميعنّف النبي صلى الله عليه وسلم أحداً من الطائفتين , ولم يحمل كل واحد علىالآخرعداوة أو بغضاء بسبب اختلافهم في فهم هذا النص، لذا أرى أنه من الواجب علىالمسلمين الذين ينتسبون إلى السنة أن يكونوا أمة واحدة , وأن لايحصل بينهم تحزب هذا إلى طائفة والآخر إلى طائفة أخرى والثالث إلى طائفةثالثة وهكذا بحيث يتناحرون فيما بينهم بأسنة الألسن , ويتعادونويتباغضون من أجل اختلاف يسوغ فيه الاجتهاد , ولا حاجة إلى أن أخص كل طائفةبعينها , ولكن العاقل يفهم ويتبين له الأمر.

فأرى أنه يجب على أهل السنة والجماعة أن يتحدواحتى وإن اختلفوا فيما يختلفون فيه فيما تقتضيه النصوص حسب أفهامهم فإن هذا أمرفيه سعة ولله الحمد , والمهم ائتلاف القلوب واتحاد الكلمة ولا ريب أن أعداءالمسلمين يحبون من المسلمين أن يتفرقوا سواء كانوا أعداءً يصرحون بالعداوة , أو أعداء يتظاهرون بالولاية للمسلمين أو للإسلام وهم ليسوا كذلك, فالواجبأن نتميز بهذه الميزة التي هي ميزة للطائفة الناجية وهي الاتفاق على كلمة واحدة.

هل الجماعات الاسلامية المعاصرة من الفرقة الناجية:

النبي صلى الله عليهوسلم قال لحذيفة لما قال: يا رسول الله كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذاالخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم )،قال حذيفة: فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: ( نعم وفيه دخن ) قلت: وما دخنه؟ قال: ( قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر )، قال حذيفة: يا رسول الله فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ( نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: ( هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا ) يعني: من العرب. قلت: يا رسول الله فما تأمرنا عند ذلك؟ قال: ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ( فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموتوأنت على ذلك ) رواه البخاري ومسلم.

هذا الحديث العظيم يبين لنا، أن الواجبعلى المسلم: لزوم جماعة المسلمين والتعاون معهم في أي مكان سواء كانت جماعةوجدت في الجزيرة العربية، أو في مصر أو في الشام أو في العراق أو في أمريكاأو في أوروبا أو في أي مكان.

فمتى وجد المسلم جماعة تدعو إلى الحق ساعدهموصار معهم، وأعانهم وشجعهم، وثبتهم على الحق والبصيرة، فإذا لم يجد جماعةبالكلية فإنه يلزم الحق: وهو الجماعة، ولو كان واحداً كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لعمرو بن ميمون: ( الجماعة ما وافق الحق، وإن كنت وحدك .(

فعلى المسلم أن يطلب الحق، فإذا وجد مركزاًإسلامياً يدعو إلى الحق، أو جماعة في أي مكان يدعون إلى الحق - أي: إلى كتابالله وسنة رسوله، وإلى العقيدة الطيبة - في أوروبا أو في أفريقيا أو في أي مكان، فليكن معهم يطلب الحق ويلتمس الحق ويصبر عليه ويكون مع أهله.

هذا هو الواجب على المسلم، فإذا لم يجدمن يدعو إلى الحق لا دولة ولا جماعة لزم الحق وحده واستقام عليه، فهو الجماعةحينئذ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لعمرو بن ميمون.

وفي زمننا هذا - والحمد لله - توجد الجماعاتالكثيرة الداعية إلى الحق، كما في الجزيرة العربية..، وفي اليمن والخليج،وفي مصر والشام وفي أفريقيا وأوروبا وأمريكا وفي الهند وباكستان وغير ذلك منأنحاء العالم، توجد جماعات كثيرة ومراكز إسلامية وجمعيات إسلامية تدعو إلى الحقوتبشر به، وتحذر من خلافه. فعلى المسلم الطالب للحق في أي مكان أن يبحث عنهذه الجماعات، فإذا وجد جماعة أو مركزاً أو جمعية تدعو إلى كتاب الله عز وجلوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبعها ولزمها، كأنصار السنة في مصر والسودان، وجمعية أهل الحديث في باكستان والهند، وغيرهم ممن يدعو إلى كتاب الله، وسنةرسوله صلى الله عليه وسلم، ويخلص العبادة لله وحده، ولا يدعو معه سواه من أصحابالقبور ولا غيرهم.

رجل من أهل الجنة يرى صديقه في وسط النار:

 نتعلم من قصة أصحاب الكهف الحرص على الصحبة الصالحة ولزوم جماعة الحق والبعد عن أصدقاء السوء لأنهم أصل كل بلاء ومن يسمع القصص من المدمنين وأرباب السجون يعلم يقينا خطر الصحبة السوء فهذا الشاب قد جره صديقه الى الإدمان بعدما شعر بالصداع فأعطاه قرصا مخدرا وهكذا كل ما يشعر بالصداع يعطيه حتى أصبح مدمنا وتعود جسمه عليه،وهذا أخر يجر صديقه الى حفلات الرقص والعرى وأوكار الدعارة،وهذا يسحب صديقه الى السرقة وهذه تسحب صديقتها الى ممارسة الحرام وقد قص علينا القرآن الكريم قصة لصديقين يوم القيامة ملخصها.

وهي إخبار من الله تعالى عن مؤمن من أهل الجنَّة يمكنه ربه من رؤية صديق له في وسطالنَّار، فلا يصيبه الحزن، ولا الكدر، بل يشكر ربه المتفضل عليه بالهداية،والإنجاء من الكفر والنار، ويلتفت لنعيمه الذي هو، ويشتغل به.

قال تعالى: ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَالَ قَائِلٌمِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ.أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ. قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ. فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِيسَوَاءِ الْجَحِيمِ. قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ. وَلَوْلَانِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ. أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ.إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَالْفَوْزُ الْعَظِيمُ. لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُون  (الصافات/ 50 – 61.
قال ابن القيم – رحمه الله -:ثم يقول المؤمن لإخوانه في الجنة: هل أنتم مطلعون في النار لننظر منزلة قريني هذا، وما صار إليه، هذا أظهر الأقوال، وفيها قولان آخران: أحدهما: أن الملائكةتقول لهؤلاء المتذاكرين الذين يحدِّث بعضهم بعضاً: هل أنتم مطلعون، رواه عطاء عنابن عباس، والثاني: أنه مِن قوله الله عز وجل لأهل الجنة، يقول لهم: هل أنتم مطلعون؟.

والصحيح: القول الأول، وأن هذا قول المؤمن لأصحابه، ومحادثيه، والسياق كله،والإخبار عنه، وعن حال قرينه. " حادي الأرواح " ( ص 179   .(

قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله -:( قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ) يقول المؤمن مخاطبا للكافر: والله إنكدت لتهلكني لو أطعتك. ( وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ( أي: ولولا فضل الله عليَّ: لكنت مثلك في سواء الجحيم حيث أنت، محضر معك فيالعذاب، ولكنه تفضل عليَّ، ورحمني، فهداني للإيمان، وأرشدني إلى توحيده ( وَمَاكُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) الأعراف/ 43.

وقوله: ( أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُبِمُعَذَّبِينَ )هذا من كلام المؤمن مغبطاً نفسه بما أعطاه الله من الخلد في الجنة، والإقامة في دار الكرامة، لا موت فيها، ولا عذاب ؛ ولهذا قال: ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.(
" تفسير ابن كثير " ( 7 / 16)

فقل لى يا أيها الشاب هل تود أن تكون يوم القيامة في النار بسبب صديق السوء فأهرب منه الآن قبل ما يهلكك في الدنيا والاخرة وتحرى من الصالحين ما يعينك على طاعة ربك ومولاك قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )

قصص أاناس أحياهم الله بعد ما أماتهم:

لم تكن قصة فتية الكهف القصة الوحيدة التي أظهر الله فيها قدرته على إحياء الموتى بل هناك قصص أخرى أحيا الله فيها الموتى نلخصها في الاتي:

1- إحياء عيسى عليه السلام للموتى بإذن الله :من ضمن المعجزات التي أيد الله به عيسى عليه السلام احياء الموتى (وتحى الموتى باذن الله )

2-ما جاء في قصة القتيل زمن موسى عليه السلام، وما حصل من إحياء الله تعالى له ليدلعلى من قتله، قال تعالى: ( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِياللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آياتهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) البقرة/ 73.

3-وما حصل من إحياء الله تعالى للرجل الذي أماته – وحماره – مائة عام، ثم أحياه،قال الله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىعُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُاللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماًأَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَوَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةًلِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماًفَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 259.

4-وما حصل من إحياء الله تعالى لقوم كثُر، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُمُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّأَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) البقرة/ 243.

5-وما حصل من إحياء الله تعالى لمن أماتهم من قوم موسى عليه السلام الذين طلبوا منهرؤية الله تعالى، فأخذتهم الصاعقة، فماتوا، ثم بعثهم الرب تعالى، قال تعالى: ( ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) البقرة/ 56.

الإعجاز العلمي في سورة الكهف:

 تضمنت قصة أصحاب الكهف إعجاز علمي في ثناياها يقول تعالى (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) يقول الدكتور زغلول النجار: ويعجب الانسان لماذا قال ربنا وضربنا على آذانهم ومن الثابت علميا ان آخر حاسة يفقدها النائم هي حاسة السمع ولهذا قال ربنا تبارك وتعالى فضربنا على آذانهم وأول ما يستيقظ عنده هي حاسة السمع لذلك قال تعالى فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا , وهي معجزة علمية حقيقية لأن الإنسان لم يدرك هذه الحقيقية إلا في القرن العشرين مما يؤكد لكل ذي بصيرة أن هذه الملاحظة التي جاءت في سورة الكهف لا يمكن أن تكون صناعة بشرية إنما هي بيان من الله الخالق.

ويعنيناهنا من الآية التي نحنبصددها العلاقة بين الضرب على الآذن والإستغراق فيسبات عميق‏ ,‏ وإن كانالأمر قد تم بمعجزة إلهية والمعجزات لا تعلل‏ ,‏ولكن نص الآية الكريمةيشير إلى علاقة ما قال عنها بعض المفسرين هي حالةمن الإغماء الطويل‏ ,ولكن الإغماء العادي إذا طال دون عناية مركزة يفضيحتماً إلى الوفاة‏.‏

وقالالبعض الآخر: إن الله ـ تعالى ـ قد حجبوظيفة السمع ليناموا‏ ,‏ وإن كان الظاهر أنه ـ سبحانه وتعالى ـ قد أوقفوظيفة السمع ضمن إيقاف جميع وظائفالجسم الأخرى‏ ,‏ فآذانهم لا يسمعون بهارغم كونها موجودة‏ ,‏ وعيونهم لايبصرون بها رغم كونها مفتوحة‏ ,‏ وعضلاتهم لا يستعملونها رغم كونها سليمة ولذلك قال تعالى‏:
" فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً. ثُمَّ
بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُواأَمَداً " ( الكهف‏:12-11).‏

ثم قال تعالى (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) وفي هذه الآية إعجاز علمي فمن المعروف علميا أن هناك مرض إسمه التقرحات السريرية المرضى خاصة كبار السن أو المقعدين إذا ناموا فترة طويلة على جنب واحد وإذا كان الانسان مقعد على كرسيه يجلس على جانب واحد هذا الضغط يمنع وصول الدم الى الجلد فيؤدى الى تهتك الجلد ويؤدى الى تقرحات قد تصل الى ما دون الجلد من العضلات خاصة في المناطق التي توجد فيها بروزات عظمية كالعصعص والركبتين والمعصمين كل هذه الأماكن التي ترتكز على أجزاء عظمية هي أول مراكز الالتهاب وهنا نرى الحكمة من قول ربنا تبارك وتعالى (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) لأنه شاء ربنا تبارك وتعالى ان لا تصاب هذه الاجساد بأي تقرحات سريرية لان مثل هذه التقرحات قد تؤدى في النهاية الى الوفاة ونعلم أن ربنا تبارك وتعالى قادر عل كل شيء ولكن أراد ربنا تبارك وتعالى أن يؤكد لنا أن هذا الكلام هو كلامه هو وليس من صنع البشر وعملية التقليب لكى تحميهم من التقرحات السريرية التي تؤدى الى هلاكهم وأيضا تشعر المراقبين لهم أو من يقترب من كهفهم أنهم ليسوا موتى ولكنهم احياء يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال فيزداد الناظر لهم رعبا من منظرهم.

وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه:في هذه الآية  الكلام حديث عن علاقة الشمس بفتحة الكهف يحدد لنا بدقة شديدة أي الكهف كان كهفهم فإن كثيرا من المعاصرين قالوإن الكهف كان في تركيا أو في اليونان أو في سوريا او كان في الاردن وفي الحقيقة هذا الوصف الذى جاء في القرآن الكريم لا ينطبق إلا على كهف كانت فوهته في اتجاه الجنوب الشرقي في اتجاه القبلة تماما وهو كهف الرقيم او الرجيب في الاردن خارج مدينة عمان ولذلك حدد ربنا تبارك وتعالى اتجاه فتحة الكهف في هذه الآية حتى لا يختلط الامر على الناس (انتهي من كلام زغلول النجار).

الدعاء يصنع المعجزات:

إستخدم الفتية أقوى سلاح وهو دعاء الله عز وجل ولجأوا إليه سائلين الرحمة وهكذا المؤمن لا يعتمد على نفسه بل يلقى حموله على ربه لأن من اعتمد على ماله قلَّ ومن إعتمد على عقله ضلَّ ومنإعتمد على الله فلا يضلفلا تقل أنا معي الواسطة الفلانية والموضوع بيدها وتخرج قلبك من التعلق بالخالق الى التعلق بالمخلوق، وهنا يكلك الله الى نفسك، فلا تقضى الحوائج بمثل الدعاء وصدق التوكل على الله وكان هذا ديدن الفتية في حياتهم التعلق بالله ورد الأمور إليه لأن قلوبهم قد امتلأت حبا وتعلقا به كيف لا وهم تركوا كل شيء من أجله جل وعلا وهكذا يجب أن يكون المسلمون في هذه الأيام أن يرغبوا الى الله وعطائه فهو المعطى على الحقيقة ولا يقدر أحد أن ينفعك إلا إذا أراد الله لك ذلك فإذا تيقنت هذه العقيدة وأشربها قلبك كنت أهلا لإستجابة الدعاء لكن للدعاء آدابا يجب أن نتعلمها حتى يكون دعائنا أحرى للإجابة:

ومن آداب الدعاء:

آداب الدعاء:

  1. أن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائهوصفاته، ممتلئاً قلبه بالتوحيد، فشرط إجابة الله للدعاء استجابة العبد لربه بطاعته وترك معصيته، قال الله تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186.
  2. الإخلاص لله تعالى في الدعاء:، قال الله تعالى: ( وما أمرواإلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة/5،والدعاء هو العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالإخلاص شرط لقبوله.
  3. أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى:، قال الله تعالى:(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) الأعراف/180.
  4. الثناء على الله تعالى قبل الدعاء بما هو أهله:، روى الترمذيعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ:اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَفَقَعَدْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ، ثُمَّادْعُهُ ) وفي رواية له (3477): ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْبِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ ). قَالَ:ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَىالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّهَا الْمُصَلِّي، ادْعُ تُجَبْ ) صححهالألباني في "صحيح الترمذي" (2765، 2767) .
  5. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى اللهعليه وسلم:
    ( كل دعاء محجوب حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ) رواه الطبراني في "الأوسط" (1/220)، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (4399).
  6. استقبال القبلة، روى مسلم ( 1763 ) عن عُمَرَ بْنِالْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌوَأَصْحَابُهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِفَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: ( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي،اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَمِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ) فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِمَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْمَنْكِبَيْهِ.. الحديث , قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: فِيهِ اِسْتِحْبَاباِسْتِقْبَال الْقِبْلَة فِي الدُّعَاء، وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِيهِ.
  7. رفع اليدين في الدعاء:، روى أبو داود ( 1488 ) عَنْ سَلْمَانَ رضي اللهعنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّرَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَارَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا )، وصححه الشيخالألباني في "صحيح أبي داود" (1320(.

ويكون باطن الكف إلى السماء على صفة الطالب المتذلل الفقيرالمنتظر أن يُعْطَى، روى أبو داود (1486) عن مَالِكِ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنهأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَاسَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلا تَسْأَلُوهُبِظُهُورِهَا )، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1318.(

وهل يضم يديه عند رفعهما أو يجعل بينهما فرجة؟نص الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/25) أنهاتكون مضمومة. ونص كلامه: " وأما التفريج والمباعدة بينهما فلا أعلم له أصلا لا فيالسنة ولا في كلام العلماء " انتهي.

  1. اليقين بالله تعالى بالإجابة، وحضور القلب: لقول النبي صلىالله عليه وسلم: ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ،وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ( رواه الترمذي (3479)، وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2766(.
  2. الإكثار من المسألة، فيسأل العبد ربه ما يشاء من خير الدنياوالآخرة، والإلحاح في الدعاء، وعدم استعجال الاستجابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ،مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ:يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي،فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735).
  3. الجزم فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لايَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَلَهُ ) رواه البخاري (6339) ومسلم (2679).
  4. التضرع والخشوع والرغبة والرهبة، قال الله تعالى: ( ادعواربكم تضرعاً وخفية ) الأعراف/55، وقال: ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننارغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء/90، وقال: ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) الأعراف/205.(
  5. الدعاء ثلاثاً، روى البخاري (240) ومسلم (1794) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: ( بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌلَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ:أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلا جَزُورِ بَنِي فُلانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ عَلَىظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُفَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ: فَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ.وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌفَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ ثُمَّأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ - وَكَانَإِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا - ثُمَّ قَالَ:اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضِّحْكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّعَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِرَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِأَبِي مُعَيْطٍ - وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ - فَوَالَّذِي بَعَثَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُالَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِبَدْرٍ).
  6. إطابة المأكل والملبس، روى مسلم (1015) عَنْ أَبِيهُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ: ( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ،فَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُواصَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )، وَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَيُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّيَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ،وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ) قال ابن رجب رحمه الله:فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجِبٌ لإجابة الدعاء ا.هـ.
  7. إخفاء الدعاء وعدم الجهر به، قال الله تعالى: ( ادعوا ربكمتضرعا وخفية ) الأعراف/55، وأثنى الله تعالى على عبده زكرياعليه السلام بقوله: ( إذ نادى ربه نداءً خفياً ) مريم/.

من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة.

فمن الأوقات الفاضلة: وقت السحر و هو ما قبل الفجر، و منها الثلثالآخر من الليل، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة، و منها وقت نزول المطر،و منها بين الأذان و الإقامة.

و من الأماكن الفاضلة: المساجد عموما، و المسجد الحرام خصوصا.

و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء: دعوة المظلوم، و دعوة المسافر،و دعوة الصائم، و دعوة المضطر، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب.

أما موانع إجابة الدعاء فمنها:

1-أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب معالله عز و جل، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعوالإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفسبالموت و نحوه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اللهعليه و سلم: ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواهمسلم.

2-أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى.أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء اللهعز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك.

3-أن يكون المانع من حصول الإجابة: الوقوع في شيء من محارم الله مثلالمال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة، و مثل رين المعاصي على القلوب، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب.

4-أكل المال الحرام، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء، فعن أبيهريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( يا أيهاالناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، و إن الله أمر المتقين بما أمر بهالمرسلين فقال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بماتعملون عليم ) و قال: ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك!! ) رواه مسلم.فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينةعلى الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابةبسبب أكله للمال الحرام، نسأل الله السلامة و العافية.

5-استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء، فعن أبي هريرة رضي اللهعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم.

6-تعليق الدعاء، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت، بل على الداعيأن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم:) لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت، ليعزمالمسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم.

ولا يلزم لحصول الإستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنهكل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه فيالإتيان بها.

ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع: فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء، أو أن يدفع عنه بهشرا، أو أن ييسر له ما هو خير منه، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيثيكون العبد إليه أحوج. والله تعالى أعلم.

حسن الظن بالله:

مع الضيق والمحنة التي كان فتية الكهف يمرون بها لكنهم كان عندهم حسن ظن بالله أنه سيرحمهم وينجيهم من هذه المحنة فلما دعوا ربهم قالوا (فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا )أنظر يا أيها المسلم كيف كانوا على يقين أن الرحمة ستشملهم والمعونة ستنزل اليهم بل ليست أي رحمة بل رحمة ستنشر نشرا عليهم وتعمهم ويكون فيها النجاة والأمن والطمأنينة وأنظر كيف قالوا يهيئ كأنهم كانوا على يقين أن الله سيهيئ لهم الكهف فيصبح قصر ويرفق بهم وييسر لهم ما يرتفقون به أنا أتعجب من هؤلاء الفتية من قوة الايمان التي كانت في قلوبهم فهل شباب اليوم على درجة إيمانية مثل الدرجة التي وصل لها هؤلاء الفتية؟ هل المسلمون اليوم يدعون ربهم وهم يحسنون الظن به أم يدعو بلسانه وقلبه في واد آخر جرب أن تحسن الظن بالله وتتذوق حلاوته سترى أمورا كثيرة قد تغيرت في حياتك ستجد لذة في الدعاء وكأنك تدعو ربك سل نفسك عندما تقع في محنة هل تستحضر حسن الظن بالله أنه سينجيك منها أم ستيأس وتقنط؟ لابد لنا يا إخوة من الرجوع الى أنفسنا لقد غيرت الحياة المادية أمورا كثيرة في حياتنا بعدنا بعدا شديدا عن أعمال القلوب أصبحت الصلاة مجرد عادة لدى الكثير منا اإا من رحم الله ذهب الخشوع وحضور القلب بسبب الانهماك في الدنيا وشدة التعلق بها حتى الواحد منا يدخل الى الصلاة بين يدى الله وقلبه في أودية الدنيا يهيم لا يدرى بما قرا ولا كم ركعة صلى فحرى بنا ان نقف وقفة جادة مع أنفسنا ونعود الى الشرب الاول وهو م ما كان عليه النبي وأصحابه

حسن الظن بالله تعالى عبادة قلبية جليلة، ولم يفهمها حق فهمها كثير من الناس،ونحن نبيِّن معتقد أهل السنَّة والجماعة في هذه العبادة، ونبيِّن فهم السلف القولي والعملي لها، فنقول:إن حسن الظن بالله تعالى يعني اعتقاد ما يليق بالله تعالى من أسماء وصفات وأفعال،واعتقاد ما تقتضيه من آثار جليلة، كاعتقاد أن الله تعالى يرحم عباده المستحقين،ويعفو عنهم إن هم تابوا وأنابوا، ويقبل منهم طاعاتهم وعبادتهم، واعتقاد أن لهتعالى الحِكَم الجليلة فيما قدَّره وقضاه.

ومن ظنَّ أن حسن الظن بالله تعالى ليس معه عمل: فهو مخطئ ولم يفهم هذه العبادة علىوجهها الصحيح، ولا يكون حسن الظن مع ترك الواجبات، ولا مع فعل المعاصي، ومن ظنَّذلك فقد وقع في الغرور، والرجاء المذموم، والإرجاء المبتدع، والأمن من مكر الله، وكلها طوام ومهالك.

قال ابن القيم – رحمه الله -:وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأن حسن الظن إن حمَل على العمل وحث عليهوساعده وساق إليه: فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي: فهوغرور، وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عنالمعصية: فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء ورجاؤه بطالة وتفريطاً: فهو المغرور.

" الجواب الكافي " ( ص 24).

وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:وإحسان الظن بالله لابد معه من تجنب المعاصي وإلا كان أمنًا من مكر الله، فحسنالظن بالله مع فعل الأسباب الجالبة للخير وترك الأسباب الجالبة للشر: هو الرجاءالمحمود.

وأما حسن الظن بالله مع ترك الواجبات وفعل المحرمات: فهو الرجاء المذموم، وهوالأمن من مكر الله.

" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 2 / 269         . (
الأصل في المسلم أن يكون دائماً حسن الظنَّ بربه تعالى، وأكثر ما يتعيَّن علىالمسلم حسن الظن بربِّه تعالى في موضعين:

الأول: عند قيامه بالطاعات.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَاذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِيفِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍتَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُإِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ). رواه البخاري ( 7405 ) ومسلم ( 2675( .

فيلاحظ في الحديث علاقة حسن الظن بالعمل أوضح ما يكون، فقد أعقبه بالترغيب بذِكره عز وجل والتقرب إليه بالطاعات، فمن حسُن ظنه بربهتعالى دفعه ذلك لإحسان عمله.

قال الحسن البصري رحمه الله: " إن المؤمن أحسنَ الظنّ بربّه فأحسن العملَ، وإنّالفاجر أساءَ الظنّ بربّه فأساءَ العمل.

رواه أحمد في " الزهد " ( ص 402(.

وقال ابن القيم - رحمه الله:ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علِم أن حُسن الظن بالله هو حُسن العمل نفسه ؛ فإنالعبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أنه يجازيه على أعماله ويثيبه عليها،ويتقبلها منه، فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسُن ظنُّه حسُنَ عمله، وإلا فحُسن الظن مع اتباع الهوى: عجْز...

وبالجملة: فحُسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك: فلا يتأتي إحسان الظن." الجواب الكافي " ( ص 13 - 15 ) مختصراً.

وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله -:قيل: معناه: ظنّ الإجابة عند الدعاء، وظنّ القبول عند التوبة، وظن المغفرة عندالاستغفار، وظن قبول الأعمال عند فعلِها على شروطها ؛ تمسُّكًا بصادق وعْده، وجزيل فضلِه.

قلت: ويؤيدهُ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ( ادْعوا الله وأنتم موقِنونبالإجابة ) – رواه الترمذي بإسناد صحيح -، وكذلك ينبغي للتَّائب والمستغفر،وللعامل أن يَجتهد في القيام بِما عليه من ذلك، موقنًا أنَّ الله تعالى يقبل عملَه، ويغفِر ذنبه ؛ فإنَّ الله تعالى قد وعد بقبول التَّوبة الصادقة، والأعمالالصالحة، فأمَّا لو عمل هذه الأعمال وهو يعتقد أو يظنُّ أنَّ الله تعالى لايقبلُها، وأنَّها لا تنفعُه: فذلك هو القنوط من رحْمة الله، واليأس من رَوْحالله، وهو من أعظمِ الكبائر، ومَن مات على ذلك: وصل إلى ما ظنَّ منه.

فأمَّا ظن المغفرة والرحمة مع الإصرار على المعصية: فذلك محض الجهل والغرة، وهو يجر إلى مذهب المرجئة. " المفهم شرح مسلم " ( 7 / 5، 6       .(
الثاني: عند المصائب، وعند حضور الموت.

عَنْ جَابِرٍ رضِيَ الله عَنْه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلمقَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يقولُ ( لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَيُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ ). رواه مسلم ( 2877(.

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 10 / 220) .  

يجب على المؤمن أن يُحسن الظنَّ بالله تعالى، وأكثر ما يجب أن يكون إحساناً للظن بالله: عند نزول المصائب، وعند الموت، قال الحطاب: ندب للمحتضر تحسين الظنبالله تعالى، وتحسين الظن بالله وإن كان يتأكد عند الموت وفي المرض، إلا أنهينبغي للمكلف أن يكون دائماً حسن الظن بالله.

انتهي. وينظر: " شرح مسلم "، للنووي ( 17 / 10).

فتبين مما سبق أن حسن الظن بالله تعالى لا يكون معهترك واجب ولا فعل معصية، ومن اعتقد ذلك نافعاً له فهو لم يثبت لله تعالى ما يليقبه من أسماء وصفات وأفعال على الوجه الصحيح، وقد أوقع نفسه بذلك في مزالق الردى،وأما المؤمنون العالِمون بربهم فإنهم أحسنوا العمل وأحسنوا الظن بربهم أنه يقبلمنهم، وأحسنوا الظن بربهم عند موتهم أنه يعفو عنهم ويرحمهم ولو كان عندهم تقصير،فيُرجى لهم تحقيق ذلك منه تعالى كما وعدهم.

قضية البعث بعد الموت:

 بعث الله الفتية لكى يبرهن للناس على قدرته على الإحياء بعد الإماته وأن وعد الله بالبعث بعد الموت حق لا مرية فيه ونوم الفتية هذه القرون ثم بعثهم بعد هذا النوم الطويل دليل واضح على كمال قدرة الله، ومن هنا نتطرق الى هذه القضية العظمى التي برهنت عليها الكتب وبلغتها الرسل وهي أصل من أصول الإيمان بالله أن تؤمن باليوم الاخر الذى يقف فيه العباد لله رب العالمين يحاسبون فيه على النقير والقطمير.

قضية البعث بعدالموتقضية قديمة جديدة، لها أنصارها، ولها خصومها؛ أنصارها المؤمنون باللهواليوم الآخر، والمعتقدون أن البعث حق، والنار حق، والجنة حق، وخصومهاالمنكرون لعقيدةالتوحيد، والجاحدون بالبعث والنشور، والقائلون: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [الأنعام:29]، والقائلون أيضاً: {قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [المؤمنون: 82}

وخصومقضية البعث من المحدثين: الشيوعيون، والوجوديون، والماديون، الذين كفروابالله ربًّا، وجحدوا باليوم الآخر، وقالوا: إنَّ الحياة مادة فحسب!! ومن ثمخاصموا الأديان، وافتئتوا عليها، وتطاولوا على أنصارها، وسخروا من أهلها،ومن هؤلاء أيضاً الذين غرتهم الحياةالدنيا، وفتنهم منجزاتالعلم، فقالوا ساخرين مستنكرين مستكبرين: أين الله؟!

علمالله سبحانه أن أمثال هؤلاء المنكرين والجاحدين لقضية البعث موجودون في كلزمن وحين، فخلَّد سبحانه في كتابه الكريم مثالاً لبيان حقيقة هذه القضية؛ليقيم الحجة على المنكرين والجاحدين، وليبين لأهلالإيمانوالدين، أن البعث حقيقة كبرى من حقائق الأديان، وقدَّم الأدلة والبراهينعلى ما يجلي هذه القضية، ويجعل الحكم فيها حاسماً قاطعاً، لا يأتيه الباطلمن بين يديه ولا من خلفه، لا يرتاب فيه إلا من ختم الله على قلبه وسمعه،وجعل على بصره غشاوة، فلم يبصر الحق الذي أنزله الله، ولم ير النور الذي أضاء به لعباده طريق الهداية.

ضرب الله مثلاً قرآنياً لهذه القضيةالمصيرية، ضمَّنه صورة مادية مُفْحِمة مقنعة، ودليلاً ملموساً، يناصر قضيةالبعث، ويظاهر دعوى النشور، فقال سبحانه، بعد ذكر قصة {الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [البقرة من الآية:258]: {أَوْكَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَاقَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُاللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَلَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍفَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰحِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِكَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُقَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:259}.  

فهناضرب الله سبحانه مثلاً لرجل كان شاكاً في قضية البعث، وفي أثناء سيره فيقرية من القرى التي عفا عليها الزمان، وطوى أهلها النسيان، قال في نفسهمتسائلاً، أو منكراً: كيف لهذه القرية - وقد فقدت كل عناصر الحياة - أنتعود الحياة إليها ثانية، وهل إلى مرد من سبيل، فأراد الله أن يقيم لهالدليل على قدرته سبحانه على البعث والنشور، وعلى الإحياء بعد الممات،فأمات سبحانه ذلك الرجل مائة عام، ثم بعثه بعد ذلك الزمن الطويل، فسألهسبحانه سؤال تقرير -وهو أعلم بحاله ومقاله-: كم لبثت في تلك الحال، فأجاب: {لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}،فأخبره سبحانه حقيقة المدة التي لبثها في موته، وبين له عظيم قدرته، وأنهرغم تلك الفترة التي قضاها وهو في عداد الموتى، فإن طعامه وشرابه لم يتغيرمنهما شيء، بل بقيا على حالهما، وكذلك دابته التي كان يستعين بها في قضاءحوائجه ما زالت كما هي، وأخبره أنه فعل ما فعل به؛ ليجعل من خبره آيةللناس، وليعلموا أن الله حق، {وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج:6]، فلما تبين للرجل حقيقة ما فعل به الله، أيقين بالبعث والنشور، وسلَّم بأن الله على كل شيء قدير.

والغرضالرئيس من هذا المثل: بيان قدرة الله سبحانه على البعث ثانية بعد الممات،وبيان أن قضية البعث حق، لا مراء فيها ولا جدال، وأن من جادل فيها وعاند،فقد خسر خسراناً مبيناً، وضل ضلالاً بعيداً.

فهل يعي المنكرون للبعث هذه الحقيقة، فيعودوا لرشدهم، ويؤمنوا أن الله حق، {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ} [الحج:7]؟!

أدلة عقلية على حدوث البعث بعد الموت:

كفل كتاب الله تعالى ببيان البعث والأدلة عليه، وهي أدلة عقلية شرعية..
عقلية: لأن مساقها مساق الاستدلال العقليوشرعية: لأنها وردت في الشرع وجاء بها الكتاب.

والسببفي إيراد الأدلة مباشرة من القرآن هو لفت النظر إلى أن القرآن ليس خطابًالمن يقرّ به فقط، بل هو خطاب لمن يجحده ويطلب دليل صحته؛ فهذا الكتاب يملكالدليل والمدلول عليه؛ ففيه الشفاء للجميع: من الملحد إلى الوثني إلى أهلالكتاب إلى المنافق، إلى الشاك أو الممتري، إلى صاحب مرضالقلبمن الشك والريبة، إلىالشهوةوالاضطراب إلى خالجة الصدور ووساوس النفوس، فجاء الشرع ببيان أن البعث أمر حتمي، والقول بخلافه جنون وخرف.

الدليل الأول: الاستدلال بخلق الإنسان أول مرة على إمكان إعادته.. فلماذايشك في الإعادة؟ فليشك إذًا في وجوده! فإذا كان وجوده مسبوقًا بعدم، فعلىالبداهة فالوجود المسبوق بوجود سابق أَوْلى وأيسر وأهون، هذا في عرفنا لكنالمقدورات لله تعالى نسبتها واحدة، ولهذا عندما يورد الله تعالى هذا السؤالمن منكري البعث تأتي الإجابة هكذا بكل بدهية ووضوح: {أَوَلَمْيَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌمُّبِينٌ. وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِيالْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}، فجاءت الإجابة: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:77-79].

{سَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا}، فجاءت الإجابة هكذا: {قُلِالَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْوَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً} [الإسراء:51]، {وَمِنْآياتهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْدَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشورى: 29]، {وَهُوَالَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِوَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم:27]، والنسبة لله تعالى واحدة في شأن بدائة الخلق أو إعادته، ولهذا قال المفسرون في قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} قالوا: "فيعرفكم وفي قياسكم".

{قُلْسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُيُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ} [العنكبوت:20]، فهما نشأتان: "فلما قررهم في الإبداء بأنهمن الله احتج عليهم بأن الإعادة إنشاء مثل الإبداء فإذا لم يعجزه الإبداءوجب أن لا يعجزه الإعادة فكأنه قال ثم ذلك الذي أنشأ النشأة الأولى هو الذيينشيء النشأة الآخرة فللتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ" (تفسير النسفي، جـ 3، ص 255).

ويقول البغوي: "{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}، فانظروا إلى ديارهم وآثارهم كيف بدأ خلقهم {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} أي: ثم الله الذي خلقها ينشئها نشأة ثانية بعدالموتفكما لم يتعذر عليه إحداثها مبدءًا لا يتعذر عليه إنشاؤها معيدًا" (تفسير البغوي، جـ 1، ص 237).

الدليل الثاني: الاستدلال بإنزال الله الماء من السماء وإ حياء الأرض بهبالنبات، وأن هذه عملية إحياء من الموت وعملية إعادة للحياة مستمرة دائمًا،ومماثلة لما وعدتم به من البعث، وهي أمام أعينكم كل لحظة فلم لا تعتبرون؟! ولم إذًا تتعجبون من البعث؟!

ولهذا يتكرر عرض إحياء الأرض بالنبات بالماء النازل من السماء في كتاب الله تعالى ثم تعقب هكذا: {كَذَلِكَ النُّشُورُ}، {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}، {لعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

وانظر إلى الآيات: {واللَّهُالَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍمَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}، ثم قال بعدها: {كذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر:9]، {وَنَزَّلْنَامِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّالْحَصِيدِ. وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ. رِزْقاًلِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتا}، ثم قال بعدها: {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق:9-11]، {وَهُوَالَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىإِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍفَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}، ثم قال بعدها: {كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[الأعراف من الآية:57].

{اللَّهُالَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِيالسَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَيَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِإِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُون. وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَعَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ. فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِاللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} -ثم قال بعدها- {إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم:48-50].

الدليل الثالث: الاستدلال بخلق ما هو أَوْلى وأعظم خلقًا من الإنسان -الذي يستعظمون بعثه- وهو خلق السماوات والأرض: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:57]، {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات:27]، وبالتالي ينص القرآن وينبه على أن الله خلق ما هو أعظم منالإنسان ولم يعي ولم يتعب ولم يكترث بخلقهما، أفلا يقدر على خلق ما هو أقلمنهما؟!

ولذلك بعدما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:57]، قال تعالى بعدها: {وَمَايَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ. إِنَّالسَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايُؤْمِنُونَ} [غافر:58-59]، فواضح أنها سيقت للاستدلال على الساعة.

وبعدما قـال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ}؟ فصّل سبحانـه خلقه للسماوات والأرض فقال: {..بَنَاهَا.رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَضُحَاهَا. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَاوَمَرْعَاهَا. وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا. مَتَاعاً لَّكُمْوَلِأَنْعَامِكُمْ} ثم قال تعالى بعدها:{فإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى. يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى}[النازعات:27-35]، وقال تعالى: {أوَلَمْيَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْيَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَىإِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف:33]، وقال: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81].

الدليل الرابع: الاستدلال بالحكمة.وذلك أن القول بعدم البعث هو قول بأن الله تعالى خلق الحياة عبثًا وسدىً وهباءً، وهذا لا يليق برب العالمين.. هذه واحدة.

والثانية: أن الحكمة ملحوظة في كل جزء من الكون وفي كل ثناياه -فالعين في محلها بمايحفظها من أهداب ومحاجر وحاجبين، والرِجْل لوظيفتها، واليد والأصابع،والخلايا وأنواعها، والتوازن في الخلق في كل عالم من الحيوان والطير،والديدان والحشرات والوحوش، وبين العوالم وبعضها وبين السماء والأرض، وفيهذا الجانب كتبت أسفار تراجع خاصة في علم الأحياء والكيمياء وغيرها..

فإنكانت الحكمة هكذا مبثوثة ومنطوية في كل ذرة، وفي كل منعطف في هذه الحياة،وفي الكون العريض وآفاقه، فكيف يكون الوضع الكلي للحياة عبثًا بلا حكمة؟! {سَنُرِيهِمْآياتنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْأَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍشَهِيدٌ} [فصلت:53].

وكيف يكون الغرض العام من الحياة والكون والخلق كله عبثًا بلا هدف؟
وفيعالم البشر كم من ظالم مات ظالمًا لم يقتص منه، وكم من مظلوم مات بدمعهكمدًا لم ينتصف له فإن كانا يستويان فيلزم من هذا أن الظالم كالمظلوم، ومنكف عنالظلمسيستوي مع من أغرق فيه، ومن عف عن المحارم كمن انتهكها فيلزم من هذا أنالحياة عبث وسدى وبلا حكمة، بل يلزم منها الإلحاد في وجود الله تعالىوإنكاره..

هذا ما عده القرآن سبة لله تعالى، ونزه تعالى نفسه وقدسها عن هذا العبث وتعالى عن هذا الظن، وانظر إلى هذه الآيات: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}، ثم نزه تعالى نفسه عن هذا فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:115- 116]، فتعالى ربنا عن هذا العبث وتنزه عنه، {وَمَاخَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص:27].

فهو ظن سيىء برب العالمين، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}، ثم أعقبت بتقرير الساعة: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر:85]، ومعنى {بِالْحَقِّ}: "إلا ملتبسًا بالحق مراعيًا فيه مقتضى الحكمة البالغة" (تفسير البيضاوي،جـ 1، ص 185)، "إلا خلقًا ملتبسًا بالحق وهو ما تقتضيه الحكمة والمَعْدلةوفيه دلالة على وجود الصانع الحكيم والبعث للمجازاة على ما قررناه مرارًا" (المصدر السابق، جـ 1، ص 176). 

(مَا خَلَقْنَاالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍمُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)} الأحقاف:3]، والسورة كلها في إنكار المشركين للبعث، والرد عليهم وتقريره، {وَعْدَاللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْعَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ. أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْمَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّابِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءرَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} [الروم:6-8]، {وَلِلَّهِمَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الّـَذِينَأَسَـاؤُوا بِمَا عَمِلُـوا وَيَجْزِيَ الّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم:31]، فهذا نص على أن خلقه لهما لهذا القصد، وهكذا.

طالما هناك من أنعم وطالببشكر هذه النعم، فلا بد من أنه يملك الجزاء على الوفاء وعلى عدمه، فعلى منيلحظ وجه النعمة أن يلحظ جانب الواجب المترتب عليها، وهذا الواجب لا تستقيمالمطالبة به إلا بيوم يحاسب، كلٌ على قيامه بالشكر أو عدم ذلك..

الدليل الخامس: تعداد ما خلقه الله تعالى في هذه الحياة على أنهنِعَم، وأن هذه النعم تستوجب الشكر، ثم هناك من يشكر ومن لا يشكر، فكيفيستويان -الشاكر والجاحد-؟

فلا بد أن يكون للمُنعِم جزاؤه لكل منهما.وطالما هناك من أنعم وطالب بشكر هذه النعم، فلا بد من أنه يملك الجزاء علىالوفاءوعلى عدمه، فعلى من يلحظ وجه النعمة أن يلحظ جانب الواجب المترتب عليها،وهذا الواجب لا تستقيم المطالبة به إلا بيوم يحاسب، كلٌ على قيامه بالشكرأو عدم ذلك..

يقول البيضاوي: "{وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [يس من الآية:15]، والتمسوا من نعم الله، {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [يس من الآية:15]، المرجع فيسألكم من شكر ما أنعم عليكم" (تفسير البيضاوي،ج 1،ص:364)،

وقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8]، يقول البيضاوي: "الذي ألهاكم، والخطاب مخصوص بكل من ألهاه دنياه عن دينه و{النَّعِيمِ} بما يشغله للقرينة والنصوص الكثيرة كقوله: {مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} [الأعراف من الآية:32]، {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ} [البقرة من الآية:172]، وقيل: يعمّان يعني المؤمن والكافر إذ كلٌ يُسأل عن شكره" (تفسير البيضاوي، ج 1، ص 524).

الدليلالسادس: الاستدلال بعموم القدرة المستدَل عليه من النظر في خلقه تعالىوقدرته الباهرة في خلقه، فيذكر طلاقة قدرته التي لا تتوقف على شيء إلا مجردإرادته تعالى، ولهذا يشير إلى هذا مع الطرق الأخرى، وهذا واضح في آخرسورة يس: {أَوَلَمْيَرَ الْأِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌمُبِينٌ. وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِيالْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:77-78].

فرد عليه:

بدليل بداية الخلق: ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (يس:79)

ثم أعقبه بإيراد خلقه تعالى ما هو أولى وأعظم: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ[ ( يس:81 )

ثم نص على عموم قدرته: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82].

وكذلك في سورة النحل: فقد حكى الله تعالى عن المشركين أنهم أقسموا أن لا بعث فقال تعالى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ} [النحل من الآية:38]. 

وكانت الإجابة:

أولاً:بإثبات الحقيقة ولو أنكروها وأنها من موعود الله تعالى الذي لا محالة منتحققه ولا التفات إلى أقوالهم التي تلقى على عواهنها بلا دليل، بل ظنٌوتخرصٌ ومكابرةٌ، فقال تعالى: {بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [النحل من الآية: 38].

ثانيًا: الاستدلال على البعث بدليل الحكمة التي ذكر تعالى بعض أوجهها وبعض أغراضها فقال تعالى: {ليُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ} [النحل:39]، فنص تعالى على بيان الحق في اختلافهم سواء في شأن البعث أوالتوحيدوالشرك، أو النبوة والرسالة أو افترائهم في التشريع بل في جميع ما اختلفوا فيه.

ثالثًا: استدل تعالى بعموم القدرة فقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [النحل:40].

الدليل السابع: الاستدلال بعموم العلم المستدَل عليه أيضًا بهذا الخلق( الْحَمْدُلِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُالْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ. يَعْلَمُ مَايَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَالسَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ)  ( سبأ:1-2 )

ثمأورد تعالى إنكارهم للبعث ورد عليهم بعموم علمه تعالى، ودليله ما يشاهدونه من الخلق واستقامته، فلو كان في علمه تعالى نقص ما -سبحانه- لما استقامتالسماوات والأرض، فلا وجه لما يستبعدونه من العلم باختلاط التراب المتحللمن الأجساد بتراب الأرض: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوالا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِالْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلافِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍمُبِينٍ} [سبأ:3].

يا مسلم الساعة لاريب فيها فلم تفرط في جنب الله:

قال تعالى (ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها ) أيقظ الله الفتية حتى يزدادوا يقينا أن وعد الله في قيام الساعة حق وأنها لا ريب فيها فهل حال المسلمين الان من الاقامة على الذنوب والمعاصي ليل نهار يوحى أنهم على يقين بقيام الساعة وأنهم سيقفون بين يدى الله يحاسبهم على القليل والكثير في الحقيقة الناس يؤمنون بالساعة لكن أفعالهم لا تنم عن هذا فهل آكل أموال اليتامى يوقن بالساعة؟ وهل قاطع الرحم يوقن بالساعة؟ وهل المنظمات الربوية ومن يتعامل بالربا يوقنون بالساعة؟والحساب لابد من أن تسأل نفسك هل أنت على يقين أنه سيأتي عليك يوم ستقف فيه بين يدى الله ويحاسبك فيه تنظر يمينك وشمالك فلا ترى إلا النار تلقاء وجهك ستقول نعم، إذا مالي أراك تتعدى حدود الله ليل نهار مالي أراك في غفلة مالي أراك مقصر في الصلوات مالي أراك عاقا لوالديك ومسيء لأرحامك وجيرانك ومتساهل بالربا وينادى عليك ربك ليل نها ر بالتوبة وأنت لاه غافل حتى تفيق وأنت بين الموتى فهلموا أيها الإخوة أن نفر إلى الله ونآوى إليه كما آوى إليه الفتية حتى يصيبنا برحمته ويشملنا بعفوه قال تعالى (قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم.


لجوء المؤمنين إلى الكهوف فرارا بالدين بين القديم والحديث:

 لم تكن قصة أصحاب الكهف هي القصة الوحيدة في الفرار إلى الجبال والإختباء في الكهوف هربا بالدين، بل لقد سطر التاريخ وقائع عدة  مشابهة لقصة أصحاب الكهف فيها لجأ المسلمين الى الكهف هربا بدينهم ونذكر منها:-

  1. إختباء النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر في غار ثور هر با من كفار مكة:لما إشتد الأذى الذى يلاقيه النبي وأصحابه من كفار مكة أذن الله له بالهجرة فخرج رسول الله هو وصاحبه أبو بكر الصديق ليلا من مكة مهاجرين الى المدينة النبوية وفي الطريق إختبأ النبي وصاحبه في غار في جبل يسمى بغار ثور وظلا فيه ثلاث ليال وقد ورد في كتاب الله قصة المبيت في الغار قال تعالى: " إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاتَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِوَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَكَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( المائدة ) فالآية نص واضح على ائتمار المشركين على قتله صلى الله عليه وسلم، وأنهما باتا في الغار.

أما ما صح من السنة النبوية في قصة المبيت في الغار:

  • ·‏‏عَنْ عَائِشَةَ ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،‏ ‏زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،‏ ‏قَالَتْ:(( ثُمَّلَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،‏ ‏وَأَبُوبَكْرٍ ‏‏بِغَارٍ فِي ‏‏جَبَلِ ثَوْر،‏‏ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍيَبِيتُعِنْدَهُمَا ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ،‏ ‏وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّثَقِفٌ لَقِنٌ ( أي حاذق سريع الفهم ))،‏ ‏فَيُدْلِجُ ‏‏مِنْ عِنْدِهِمَابِسَحَرٍ ( أي يخرج من عندهما آخر الليل ) فَيُصْبِحُ مَعَ ‏‏قُرَيْشٍ ‏‏بِمَكَّةَ ‏‏كَبَائِتٍ فَلا يَسْمَعُ أَمْرًا ‏‏يُكْتَادَانِ ‏بِهِ إِلاوَعَاهُحَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ

الحديث رواه البخاري (3905) في قصة طويلة بوب عليها: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.

  • ·‏عَنْ ‏‏أَبِي بَكْرٍ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏‏قَالَ:‏ قُلْتُلِلنَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏وَأَنَا فِيالْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا.فَقَالَ ‏‏: مَا ظَنُّكَ يَا ‏‏ أَبَا بَكْرٍ ‏‏بِاثْنَيْنِ اللَّهُثَالِثُهُمَا. رواه البخاري (3653(

وتظهر المقابل صورة لغار ثور الذى اوى بين جنباته أشرف الخلق

الشاهد أيها الإخوة أن الكهوف والجبال كانت قديما وحديثا ملجأ لعباد الله المؤمنين وجند من جنود الله ينصر به عباده المؤمنين من بطش الكفار كما حدث مع فتية الكهف.

  1. فرار عيسى بن مريم والمؤمنون معه الى جبل الطور هربا من يأجوج ومأجوج: بعد مقتل المسيح الدجال على يد المسيح عيسى بن مريم يخرج يأجوج ومأجوج على الناس فيقضون على الأخضر واليابس فيوحى الله إلى عيسى بن مريم أن حرز عبادى الى الطور فيختبأون في مكان ضيق في الجبل وقد وردت قصة ياجوج وماجوج في السنة النبوية في حديث النواس بن سمعان وهو حديث طويل يصف فتنة الدجال ونزولالمسيح ابن مريم عليه السلام وقتله له – وكان مما جاء فيه:فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ – يعني الدجال - إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ..فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ،وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُبِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ..فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍبِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَوَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَىبُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْفَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِعِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْمِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَىوَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْفَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِعِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِالْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُاللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُالْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِيثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ... فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَاللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَكُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَفِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ )رواه مسلم 2937)

ظاهر هذا الحديث يدل على أن خروج يأجوج ومأجوج على المسلمين في بلاد البعثة النبوية وبلاد الشام وما حولها: فذِكْرُ بحيرة طبرية – وهي في بلاد الشام وانحصار عيسى عليه السلام والمؤمنين معه في مكان ضيق, وإلقاء جثث يأجوج ومأجوج حيث شاء الله – يعني من الأرض -.

مؤمنين يأوون الى كهف فيسد عليهم فينجيهم الله بفضل أعمالهم الصالحة:

ورد في السنة النبوية قصة لثلاثة نفر أواهم المبيت الى غار فتقع صخرة من أعلى الجبل فتسد عليهم باب الغار فيدعون الله بأعمال صالحة فتنفرج الصخرة ويخرجوا يمشون

فقد روى البُخاريّ ومسلم من حديث عبدالله بنعُمر بن الخطَّاب - رضِي الله عنْهُما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّىالله عليْه وسلَّم - يقول: ((انطلق ثلاثةُ رهْطٍ ممَّن كان قبلكم، حتَّىأوَوا المبيتَ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرتْ صخرةٌ من الجبل فسدَّت عليهمالغار، فقالوا: إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخرة إلاَّ أن تدعوا الله بصالِح أعمالكم، فقال رجُل منهم: اللَّهُمَّ كان لي أبَوانِ شيْخان كبيران،وكنت لا أغْبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي في طلب شيءٍ يومًا فلمأرُح عليهما حتَّى ناما، فحلبتُ لهُما غبوقَهما فوجدتُهما نائمَين، وكرهت أن أغبقَ قبلَهما أهلاً أو مالاً، فلبثْتُ والقدح على يدي أنتظِر استيقاظَهُما حتَّى برق الفجْر، فاستيْقَظا فشرِبَا غبوقَهما، اللَّهُمَّإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه من هذهالصَّخرة، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج))، قال النَّبي - صلَّى اللهعليْه وسلَّم -: ((وقال الآخَر: اللَّهُمَّ كانتْ لي بنتُ عمّ، كانت أحبَّالنَّاس إليَّ، فأردتُها عن نفسِها، فامتنعتْ منِّي حتَّى ألمَّت بها سَنةٌمن السنين، فجاءتْني فأعطيتُها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيْني وبيننفسِها، ففعلتْ، حتَّى إذا قدرتُ عليْها قالت: لا أحلّ لك أن تفضَّ الخاتمإلاَّ بحقِّه، فتحرَّجت من الوقوع عليْها، فانصرفتُ عنْها وهي أحبُّالنَّاس إليَّ، وتركت الذَّهَب الَّذي أعطيتُها، اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلتابتغاء وجهِك، فافْرُج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصَّخرة غير أنَّهم لايستطيعون الخروج منها))، قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((وقال الثَّالث: اللَّهُمَّ إنّي استأجرتُ أُجراءَ فأعطيْتُهم أجرَهم غيررجُل واحدٍ ترَك الَّذي له وذهب، فثمَّرت أجْرَه حتَّى كثُرَت منه الأموال،فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله، أدِّ إليَّ أجْري، فقلتُ له: كلُّ ماترى من أجرِك، من الإبل والبقر والغنم والرَّقيق، فقال: يا عبد الله، لاتستهزئْ بي، فقلت: إنِّي لا أستهزئُ بك، فأخَذه كلَّه فاستاقَه، فلم يتركمنْه شيئًا، اللَّهُمَّ فإن كنت فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك، فافرجْ عنَّا مانحن فيه، فانفرجتِ الصَّخرة، فخرجوا يَمشون))[1].

جبل يهتز لنصرة غلام مؤمن:

 آوى الفتية الى كهف في جبل فنجاهم الله من بطش الملك الظالم،وأمر ملك ظالم جنوده بأن يذهبوا بالغلام المؤمن بالله إلى قمة جبل فنجاه الله منهم ودعا الغلام ربه بقوله (اللهم اكفنيهم بما شئت) فاأتز الجبل وسقط جنود الملك من أعلاه ونجا الغلام،ورجع الى الملك ماشيا في القصة المشهورة بقصة أصحاب الاخدود الذى كان فيها الغلام سببا في إيمان الناس بالله رب العالمين.

الشاهد أن الله ينجى عباده المؤمنين ويسخر لهم أقوى مخلوقاته كالجبال فيحفظهم في كهوفها وغيرانها ويبسط عليهم رحمته فتتحول الجبال الى قصور بالنسبة للمؤمنين الموحدين .

جبلان: جبل لم يأوى ابن نبى والاخر آوى المؤمنون واستوت سفينتهم عليه:.

كما أن الجبال وسيلة وسبب لحفظ عباد الله المؤمنين فإنها لا تحفظ من عصى الله وكفر به لأنها جند من جنود الله تنفذ ما يأمرها الله به، فالكهف في الجبل حفظ فتية صغار لكنه لم يعصم إبن نبى كفر بالله هنا النسب يتقطع فلا نسب ولا صلة بين المؤمن والكافر فإبراهيم تبرأمن أبيه الكافر ولوط تبرأ من زوجته الكافرة ونوح قال له ربه لما دفعته الشفقة والعاطفة على ابنه قال له إنه ليس من أهلك انه عمل غير صالح، ونحن بصدد الحديث عن هذان الجبلان جبل ظن إبن سيدنا نوح أنه سيعصمه من الماء والغرق ولكن الطوفان تجاوز الجبل وغرق مع الكافرين لانه لم يسمع نصيحة والده بان يسلك سبيل المؤمنين ويركب معهم السفينة والجبل الثانى هو جبل الجودى الذى استقرت عليه سفينة نوح عليه السلام مع من آمن معه بالله وهكذا أيها الاخوة يجب أن نعلم أن القصة كلها مدارها على الايمان والطاعة فما يكون سببا في حفظ المؤمن يجعله الله سببا لهلاك الكافر فهذا جبل وهذا جبل جبل لم يعصم الكافر وجبل استقرت عليه سفينة المؤمنين.

بريق الألماس فيما يجب أن نتعلمه من فتية الكهف الأسلاف

يجب على المسلم أن يأخذ العبرة والعظة من قصة أصحاب الكهف وأن يطبق ما تعلمه فى حياته حتى لا يكون حجة عليه أمام الله يوم القيامة ونلخص الفوائد والعبر التى يجب على الناس عامة والشباب خاصة أن يتعلموها من فتية الكهف فى النقاط التالية:-

  1. تعلمنا قصة أصحاب الكهف أن رحمة الله ليست مقصورة على مكان دون مكان بل تنزل على المؤمن ولو كان فى كهف ضيق فتحوله الى قصر فسيح ويحجبها الله عن العاصى ولو كان فى أبهى القصور فتحوله له إلى سجن ضيق.
  2. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الدعاء يفرج الله به البلايا وينجى المؤمن من الشدة التى وقع فيها وهو عدة المؤمن فى الأزمات واللجوء إلى الله فى المحن سمة عباد الله المتوكلين.
  3. تعلمني قصة أصحاب الكهف أنى إذا أحسنت الظن بالله مع حسن العمل كان الله عند ظنى به ولو عظم كربى واشتدت محنتى فالله جاعل لى فرجا ومخرجا بحسن ظنى به (وإنى لأرجو الله حتى كأننى أرى بجميل الظن ما الله صانع ).
  4. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الخبر اليقين والحق المطلق لا يأتى إلا من الله ورسوله فيبعث فى نفسى التصديق بكل ما جاء عن الله على لسان رسوله ويزرع فى قلبى برد اليقين بالله حتى كأنى أرى بعينى ما أخبر الله به من الغيب رأى عين.
  5. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن لا أيأس من روح الله ففى رقدة يغير الله الحال من حال إلى حال.
  6. تعلمني قصة أصحاب الكهف أنى إذا توكلت على الله وصدقت فى الإعتماد عليه سخر الله لى مخلوقاته فكانت سببا فى نصرتى وحمايتى.
  7. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن إحرص غاية الحرص على إختيار من أصادقه وأن أتحرى فيه الصلاح والتقوى لأن الصاحب ساحب والمرء على دين خليله والصديق الصالح ينفع صديقه فى الدنيا والاخرة أما صديق السوء فيورد صاحبه المهالك فى الدنيا والآخرة.
  8. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن عقيدة التوحيد هى أغلى ما أملك وإن ضحيت من أجلها بكل ما أملك فأنا الرابح الحقيقى.
  9. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن لا أصدق أى أحد إلا إذا دعم كلامه بأدلة واضحة وبراهين ساطعة.
  10. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الإستشارة وسيلة للتوفيق للخير والأصلح للإنسان فى دنياه وأخراه.
  11. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن أعلق الأمور بمشيئة الله لأنه لا يحدث شىء فى كون الله إلا إذا أراده الله.
  12. تعلمني قصة أصحاب الكهف أنه لا أحد يقدر يربط على القلوب ويثبتها عند الأزمات إلا الله فيبعث فى قلبى التعلق بالله وحده وسؤاله التثبيت.
  13. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الساعة لا ريب فيها وأن البعث من القبور حق لا مرية فيه.
  14. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن العاقبة فى النهاية تكون لعباد الله المتقين فتحثنى على الصبر على طاعة الله حتى ألقاه.
  15. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن من حفظ الله فى أمره ونهيه حفظه الله فى شأنه كله.
  16. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
  17. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن ما يحققه المسلم بالرفق واللين أعظم بكثير مما يحققه بالشدة والعنف.
  18. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن لا أتدخل فيما لا يعنينى ولا أدخل فى تفاصيل ليس لى فيها مصلحة دينية ولا أخروية.
  19. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن أترك المراء والجدال وأرد الأمور المتنازع فيها إلى الله.
  20. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن دين الإسلام وسط فى كل شىءلا فيه غلو ولا تفريط.
  21. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الكتمان سبيل إلى تحقيق المبتغى والمطلوب.
  22.  تعلمني قصة أصحاب الكهف أن كل المعبودات من دون الله معبودات باطلة ولا يملك معتقدوها أى دليل على صحة ما يعتقدونه.
  23. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الإمامة فى الدين لا تنال إلا بالصبر واليقين.
  24. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن آيات الله كلها عجيبة وتدعونى إلى التفكر فيها والإعتبار بها.
  25. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن لا احتقر نفسى فالفتى الصغير من الممكن أن يوفقه الله إلى أمور عظام لم يوفق إليها شيخ كبير.
  26. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن الهداية بيد الله وحده.
  27. علمني قصة أصحاب الكهف أن الخسران الحقيقى الذى ليس بعده فلاح هو خسران التوحيد وأن المؤمن ينشر بالمناشير ولا يفرط فى لا إله إلا الله.
  28. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن فتن الشهوات تدفع بالصبر وفتن الشبهات تدفع بالعلم.
  29. تعلمني قصة أصحاب الكهف أن أسير خلف الحق ولو العالم كله على باطل فأنا الجماعة ولو كنت وحدى.

الفهرس

الموضوع رقم الصفحة
مقدمة 1
ما الكهف 2
أين مكان الكهف 3
فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة 4
العلاقة بين سورة الكهف وفتنة الدجال 4
متى وقعت قصة أصحاب الكهف؟وما تاريخها؟ 5
فوائد جلية ومعانى خفية 7
تفرد سورة الكهف بقصص أربعة 8
كيف إهتدى الفتية للإيمان بالله 8
فتية الكهف كانوا في بداية الشباب وكانوا من أبناء الأكابر 9
أم حسبت أن لكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا 10
قصة أصحاب الكهف ليست بأعجب من خلق السموات والأرض 11
لا تتعجب من قدرة الله في شفاء مريض فقدرة الله لا تعرف المستحيل 12
قالوا أتعجبين من أمر الله 12
آيات الله العجيبة 12
ما هو الرقيم 14
لماذا خرج الفتية 14
إذآوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهىء لنا من أمرنا رشدا 14
عجبا لهذا الإيواء 15
فقه الفتية في دعائهم 16
سل الله الرشد 17
نقطة التحول في حياة الفتية 18
فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا 18
الشمس ودورها في حماية الفتية 20
تصوير حى لوضعهم داخل الكهف 20
وقفة مع الفتنة في الدين 21
الفرار بالدين من الفتن تاريخ قديم  
أصحاب الأخدود والفتنة في الدين 23
أمثلة الفتن في الدين التى يتعرض لها المسلمون في العصر الحديث 26
مسلمى بورما والفتنة في الدين 27
أهل السنة في الأحواز بإيران والفتنة في الدين 29
المسلمين في أفريقيا وحملات التنصير الممنهجة 30
بث مباشر 31
لا تدخل في معركة خاسرة 32
كلب يكرم لمصاحبة الأخيار 33
أثر علم الحساب والتاريخ في الإعتبار والإتعاظ 35
حكم إقتناء الكلب للحراسة 36
مشروعية الوكالة والنيابة 36
الكتمان وأثره في عدم إكتشاف أمر الفتية 37
أمور أكتمها عن الناس 39
كتمان الأسرار الزوجية 39
الكتمان المحرم 40
حث الشريعة على الكتمان في الحرب 41
أهمية الدليل والبرهان 41
أيها الشاب لا تكن إمعة 41
قضية الإلحاد وغياب الدليل 42
سحرة فرعون وغياب الدليل 43
الشيعة وغياب الدليل 44
داعش وغياب الدليل على ما يفعلونه 45
الثبات على المبدأ 46
حكم بناء المساجد على القبور في الشريعة الإسلامية 47
وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد 48
الإسرائيليات في قصة أصحاب الكهف 46
حكمة الفتية وفطنتهم 51
إستشير في أمورك توفق للخير 51
الشورى في الإسلام 52
أنت الجماعة ولو كنت وحدك 54
الله يختار لك تفاصيل حياتك 55
خذالمعلومة من مصدر موثوق 56
أعظم علاج للنسيان 56
بارقة أمل 56
يا أيها المريض سل الله الرحمة 57
رحمة تغنينى بها عن رحمة من سواك 57
لا منحة ولا عطية ولا شىء يؤتيه الله للعبد أعظم من دين الإسلام 58
وربطنا على قلوبهم 59
الكلب الذى كان معهم كان كلبهم وليس كلبا لغيرهم 60
إذا أردت الهداية فأسلك سبلها 61
الجهر بالدعوة والصبر عليها 61
لا أحد أظلم ممن إفترى على الله الكذب بأن له شريك 62
وفجأة تدب فيهم الحياة فلتنظر ولتسمع 63
وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق 64
إقبال الصبيان على الحق أشد وأسرع من الشيوخ 64
عود نفسك 65
من عندك لا من عند غيرك 66
أين هم الآن وأين ملكهم الظالم 66
ما الكهف الذى ستلجأ إليه عند الفتن 67
الهداية بيد الله وحده 68
تلطف في أمرك كله 68
هناك سر عجيب 69
الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين 70
إحذر أن تهيج الأمم على دينك 72
حسن ظنهم بالله عجيب 73
شباب سلكوا سبل المعالى وما عرفوا سوى الإسلام دينا 73
ثناء رب العالمين على فتية الكهف 77
ما أضر بالناس اليوم إلا سوء المطعم 77
كيف تحصن نفسك من الفتن في الدين 77
ماذا تفعل إذا انزلقت قدمك في الفتنة في الدين 81
هل أنت على يقين بوعد الله 83
التقليد الأعمى بدون الرجوع إلى مصادر الحق 83
منهج القرآن في إقامة الدليل والحجة على المخالفين 84
محاجاة إبراهيم لقومه وبراءته من شركهم 84
طرائق إستدرار رحمة الله 86
النظرة المادية والنظرة الإيمانية 87
قصة أصحاب الكهف عند النصارى 90
العاقبة الحميدة 96
المشهد الأخير 97
جنتى وبستانى في صدرى 98
كرامات الأولياء 100
أصحاب البدع والكرامات 100
المعالم التى تميز بها الكرامة 101
صور من صور الكرامات التى حدثت لأولياء الله الصالحين 103
كرامات حدثت لأبى بكر الصديق 103
كرامات حدثت لعمر بن الخطاب 104
كرامات حدثت لشيخ الإسلام بن تيمية 106
كرامات السلف الصالح 106
الغلو بالصالحين 109
صور من الغلو بالصالحين في الواقع المعاصر 110
الغلو بالمشايخ وشدة التعلق بهم 110
وإن تنازعتم في شىء فردوه إلى الله والرسول 113
علق الأمور بمشيئة الله 115
لا تشغل نفسك بتفاصيل لا فائدة فيها وأترك المراء 116
مواضع عشرة يكره السؤال فيها 118
مصادر المعلومات عند شباب اليوم 123
قصة شبيهة بقصة أصحاب الكهف 128
الفرقة الناجية واتباع الدليل 130
هل الجماعات الإسلامية المعاصرة من الفرقة الناجية 133
مصادر التلقى الصحيحة 134
مصادر التلقى الباطلة 135
رجل من أهل الجنة يرى صديقه وسط النار 135
قصص لأناس أحياهم الله بعد ما أماتهم 137
الإعجاز العلمى في سورة الكهف 138
الدعاء يصنع المعجزات 141
حسن الظن بالله 147
قضية البعث بعد الموت 152
يا مسلم الساعة لا ريب فيها فلم تفرط في جنب الله 163
لجوء المؤمنين إلى الكهوف فرارا باالدين بين القديم والحديث 165
مؤمنون يأوون إلى كهف فيسد عليهم فتنجيهم أعمالهم الصالحة 167
جبل يهتز لنصرة غلام مؤمن 169
جبلان جبل لم يآوى إبن نبى والآخر آوى المؤمنون واستوت سفينتهم عليه 169
بريق الألماس فيما يجب أن نتعلمه من فتية الكهف الأسلاف 170

                                                                                                                            

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال