الإثنين، 06 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

002002002

عبدالله شريف ومحمد عبدالعزيز:

الراوي: يحقق المساواة وهو العبادة الوحيدة التي تختفي فيها مظاهر التفاخر والعصبية

د. عمارة: على الدعاة أن ينبهوا إلى الآفات التي لحقت بأمتنا حين ابتعدنا عن قيم الحج

د. منير: تفعيل قيمه باعتبارها أمرا ربانيا وضرورة إنسانية لبقاء المجتمعات وصيانتها

الريان: تجرد الحجاج والتزامهم بأمر الله يحقق مفهوم «التقوى»

النجار: يغير معايير التفاضل.. ويجمع مفاهيم الإحسان والصدقة والالتزام

الجميعي: أسس لوحدة الأمة وحذر من الخلاف والجدال

اعتبر علماء ومفكرون نسك الحج رسالة إلهية من فوق سبع سموات لتعزيز قيم المساواة والعدالة والهداية بين بني آدم على الأرض، وأكدوا أن هذا الركن العظيم من أركان الإسلام تذوب فيه كل الفروق، ويتجرد الجميع من ألقابهم وانتماءاتهم وأجناسهم ليقفوا جنبا إلى جنب، لا فضل بينهم لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي.. وحث العلماء على استلهام القيم الإلهية من هذا النسك العظيم، وجعلها منهج حياة متواصل.. والتفاصيل:

«قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تهفو لزيارة البيت الحرام، وترمي خلفها كل الدنيا لأجل قيمة إسلامية عظيمة تنير قلوبهم وتجذبهم للتوحيد الكامل ولنظرة الرحمة».. بهذه الكلمات بدأ حديثه الشيخ د. محمد الراوي، رئيس قسم التفسير بجامعة الإمام محمد ابن سعود بالرياض وعضو في مجمع البحوث الإسلامية بمصر، موضحا أن أناسا لا يعرف أحدهم أحدا، يجتمعون في موقف واحد، ويهتفون بكلمات متشابهة وبلباس واحد في مشهد يثبت قمة المساواة، فالجميع يعبدون ربا واحدا، ويلبون نداء سيدنا إبراهيم عليه السلام: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ 27 لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ 28 } (الحج:27-29).

يجمعهم الحب والسكينة

وأشار د. الراوي إلى أن كل من يكون في البقعة المباركة عندما تسأله عن أبرز مشاهده يروي لك أنه لا يعلم الغني من الفقير، العاصي من التائب، كذلك لا يعلم من أي طائفة هذا المسلم أو من أي بلد، لكنه يعلم هدفه ووجهته، يجمعهم الحب والسكينة، البكاء والخضوع للواحد القهار سمتهم، واللين مع الآخرين خلال هذه الأيام المباركة طبعهم.

وأوضح أن الحج هو العبادة الوحيدة التي تختفي فيها مظاهر الزينة والتفاخر بالأنساب والعصبية والقبائل وبإنجازات الدول وإخفاقاتها، وبالألوان أبيضها وأسودها.

وتابع أن الحج هو حقيقة الإسلام البيضاء المتوحدة اللاهجة باسم الله، المحبة للغير، الحاضنة لكل الألوان والأعراق والطوائف، المحافظة على الحقوق المحترمة للإنسانية والمبتعدة عن الدماء حتى الحيوان.

وأوضح أنه لا يستطيع أحد أن ينظر من قريب أو بعيد إلى مشهد جبل عرفة مثلا وقد ذاب الجميع في دائرة واحدة والكل يسأل إلها واحدا حاجته ويطمع في رحمته، ويدعو الجميع لبعضهم البعض وأن لا يرى عظمة وقيمة المساواة في الإسلام، وشدد على ذلك رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  في خطبة الوداع فقال: «أيها الناس إن أباكم واحد وإن ربكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».

وأضاف د. الراوي: إذا نظرنا إلى مفهوم العدالة نجد أنه التساوي في الفرص والحقوق والواجبات بنظام تشريعي يحكم، ونجد في الحج ضوابط وأركانا وواجبات ووحدة حتى في الشكل، فحقق الحج مبدأ العدالة فلا تجد تفرقة في العبادة ولا في الحكم ومن يعمل أكثر ويجتهد يكن له نصيب أكبر من الرحمة والمغفرة.

وأشار إلى أن الأمة تحتاج إلى أن تكون دروس الحج واقعا، فنبتعد عن الكره والبغض لأجل اللون والعرق والفكر، وليس مع الثقافات الأخرى ولكن مع بعضهم البعض أولا.

وتابع: نسمع ألسنة من الغرب عن العدالة والمساواة وننبهر بها وننسى المشهد العظيم الذي يبهر الدنيا كلها ويظهر أصل حقوق الإنسان الموجودة في الدين، ننسى رسالة الإسلام في كل عام بل نسينا أبرز قيم ديننا العظيمة خلف سواتر وأكاذيب وقشور، فكثرت دماء المسلمين المهدرة بسبب غياب فقه دروس الحج، وقد حذر من ذلك رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  في خطبته فقال: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وتركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده كتاب الله وسنة نبيه».

طاقة إيجابية

أما د. عمرو عبدالعزيز منير أستاذ تاريخ العصور الوسطى بكلية آداب جامعة جنوب الوادي فقال: العدل في المجتمعات يتحقق بالمساواة: لا ينبغي إغفال الحكمة الربانية من مشهد المساواة الرباني الذي يتجسد على الأرض في أيام معدودات للحج. فالجميع متساوون، وهذه المساواة شرط لقبول الفريضة، فلا رفث ولا جدال ولا فسوق في الحج إذا أراد المؤمن أن تقبل حجته.

وأضاف: لا يصح أن نقصر القيم السامية للحج على هذه الأيام ولا هذا المشهد، بل علينا أن نسعى لتحقيقه دائما باعتباره أمرا ربانيا وضرورة إنسانية لبقاء المجتمعات وصيانتها، والمساواة تعني أن نعطي كل ذي حق حقه، فيثاب المصلح ويعاقب المسيء، وليس أن يتساوى الكل في الإطلاق.

وأشار د. منير إلى أن قيمة العدل هذه ترتبط بالعمل وترتبط بالخلق وترتبط بالسعي.. ولا يرتقي مجتمع على وجه الأرض أو في التاريخ إلا بهذه القيمة.. أن يشعر كل فرد أنه سيأخذ ما يستحق إذا اجتهد وعمل ما بوسعه.. مؤكدا أن تحقيق هذه القيمة كفيل ببلوغ غاية أخرى هي السلم الاجتماعي الذي يضمن الاستقرار.. وتحقق المساواة في المجتمعات بهذا المعنى كفيل بخلق طاقة إيجابية تضمن توجيه طاقات المجتمع لكل ما هو نافع وصالح بدلا من الوقوع في شرك اللامساواة الذي يستنفد طاقة المجتمعات والأمم ويوقفها عن النمو في وقت أصبحت جميع الأمم تتطلع للأمام، ولا ترضى بالوقوف ثابتة، بل تتجه نحو الوحدة لا الفرقة لعل الغد يأتيها بيوم أضحى وأشرق..

وتابع: إن وحدة هذه الأمة هي أسمى غاية رسخها النبي  " صلى الله عليه وسلم"  بين أصحابه مع تنوعهم، أبيضهم وأسودهم، غنيهم وفقيرهم، عربيهم وأعجميهم، ألَّفهم بقول «لا إله إلا الله» وجعلها حصنهم الحصين، من دخله - ولو بعد عداء - تصان حرماته: دمه وماله وعرضه، قاعدة لم يرحل  " صلى الله عليه وسلم"  حتى أعاد تأكيدها ببيان فصيح، ليقينه أن هلاك أمته بتركها، وأنهم سيفعلون!

وأنهى د. منير رأيه قائلا: تزورنا أيام الرحمة في الحج وأفراد أمتنا منقسمون إلى واع لأيام الحج ومعانيها، أو غافل عن مقاصدها، والواعي لها إما قد أدركها على الحقيقة أو أدركها على التحريف والتشويه الذي ألم بكل شيء جميل في أمتنا فأفرغه من جواهره، فإن كان من الذين أدركوها مشوهة فهو كالسائر على غير طريق، لا تزيده الطقوس إلا بعدا، وأما من أدرك هذه الفريضة على الحقيقة فإنه لا يعدو أن يكون مؤمنا بها أو جاحدا لها، راضيا أو ساخطا، فالمتمثل الواعي هو وحده الفائز بيوم أضحى وأشرق.

قيم الحج

من جانبه، أكد د. محمد طه ريان، رئيس موسوعة الفقه الإسلامي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الحج تأسيس وتطهير وتنقية لنفس الإنسان، وصدق رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  حين قال في حديث رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة   "رضي الله عنه" ، قال: سمعت النبي  " صلى الله عليه وسلم"  يقول: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»، وفي رواية له أيضا: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه».

وأضاف أنه ينبغي قبل تناول فكرة تأثير قيمة الحج على نظرة المجتمعات الأخرى إلى الإسلام وتعاليمه وتحقيقه المساواة والعدالة ينبغي أن نتمعن في القيمة الفريدة التي ينبغي أن يحققها الحج في نفوس المسلمين أنفسهم، وهي تبدأ بالتجرد، ويعني التجرد لله من كل شيء من متع الدنيا والشهوات والملذات، والتعود على الصبر في سبيل الله ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، والتقرب إلى الله بما يحب من العبادات القولية والفعلية، ويجب التأكيد على لفظ بما شرع الله وأمر، وليس كما تحب النفس، وهذا معنى «إن أقربكم إلى الله أتقاكم»، مصداقا لقول الله تعالى: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات:13).

وأشار إلى قول أبي سعيد الخدري   "رضي الله عنه" : «حججنا مع عمر بن الخطاب   "رضي الله عنه"  في أول خلافته، فدخل المسجد الحرام حتى وقف على الحجر، ثم قال: إنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  يقبلك ما قبلتك».

وأوضح د. ريان أن التقوى هي سلوك الإنسان مع ربه ومع عباده، فنجد تأصيل هذه الكلمة في فريضة الحج منذ أن ينوي المسلم الذهاب إلى الأراضي المقدسة ويعقد العزم على العودة خاليا من الذنوب، وربما يتمنى أن ينقضي أجله وهو بين يدي الله على جبل عرفات، فالجميع على صعيد واحد اختلفت ألوانهم وقبائلهم ولا يوجد بداخل أحدهم حقد ولا حسد ولا طمع إلا في رحمة الله، تربطهم الأخوة الإسلامية ويؤدون عبادة بخطوات شرعها الله ولا يخالفونها، يقول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ197} (البقرة:197)، ويقول عزوجل: {لَن يَنَالَ اللَّـهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَـكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} (الحج:37)، مشيرا إلى أن الحج ينبغي أن يحدث تغييرا في النفس وليس مجرد أداء الفريضة أو التطهير من الذنوب، ولكن درس لبناء الإنسان المسلم السوي.

وأضاف أنه لابد على الحاج لحظة وقوفه بين يدي الله وقبل الإفاضة أن يرى أمامه ماذا سيقدم بعد الحج، وكيف سيرجع إلى بلده وحياته الأخرى، فالله تعالى يقول: {وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا} (النحل:92)، ولتطبيق قيم الحج في المجتمعات لابد من تربية النشء عليها بدءا من البعد عن احتقار زملائهم أو البحث عن العيوب بهم، ويجب أيضا تعليمهم فقه الاختلاف حتى لا نرى شبابا يقتلون باسم الدين.

وأضاف أن على ولاة الأمور أن يبدأوا بذلك بين الشعوب بالابتعاد عن الفرقة والشخصنة، وأن يعلموا الشعوب قيم الدين ويعملوا على غلق أبواب الفتن.

تحقيق العدالة

إلى ذلك، أكد الشيخ عبدالعزيز النجار، مدير الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أن هناك طرقا لتطبيق المساواة والعدالة الواضحة في رحلة فريضة الحج على المجتمع الحقيقي، تبدأ بتغيير معايير التفاضل غير الصحيحة التي فرضتها المجتمعات على الناس، وتبدأ بتربية الأطفال على بذل الخير وعدم التفرقة بينهم ومراقبة تصرفاتهم في التعامل مع سخرية بعضهم من بعض، مشيرا إلى أنه يجب منعهم من السخرية والانتقاص من الآخرين، وتعويدهم على أن الله خلق الخلق وكرم الإنسان وأنه لا فرق إلا بالأعمال وعمارة الأرض وتنمية المجتمعات، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1} (النساء:1).

وأضاف أن من سبل تحقيق العدالة، تطبيق ولاة الأمور الأحكام على الناس جميعها وأن لا تفرق في الميزان، وهي من أهم شروط المساواة، يقول رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».

وأشار إلى أنه ينبغي تربية الشباب على الإحسان ومراقبة الله وحده والتعاون مع الآخر ومساعدة المحتاج من أجل رضا الله وتقواه، قال رسول الله  " صلى الله عليه وسلم" : «الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك» وهذا من أقوى مشاهد الحج وتقوى الله، حيث يعمل الحاج على مراعاة أوامر الله طول فترة الحج والابتعاد عن نواهيه، مستشهدا بأنه حتى «اللقطة» لا يجوز أخذها.

وأكد أن من أهم أوجه العدالة في الحج «وجوب الهدي» على جميع الحجاج والحكمة من مشروعيته مساعدة الفقراء والمساكين، والتقرب إلى الله وتعظيم البيت الحرام.

وأد الخلاف والجدال

أما د. عبدالمنعم الجميعي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الفيوم، فأكد أن الحج على مدار التاريخ هو أساس التكافل الاجتماعي بين المسلمين، مشيرا إلى تعدد الدروس المستفادة منه على المستوى الإنساني والاجتماعي موضحا أن مشهد وقوف الغني والفقير معا لا يوجد فرق بينهما بملابس واحدة وربما يتقبل من الفقير ويطرد الغني- مشهد عظيم ينبغي دراسته بعناية.

وأشار إلى أنه توجد قيمة عظيمة ذكرها الله في كتبه بقوله: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة:197)، موضحا أن الحج استهدف وقف الخلاف والحديث فيما لا ينفع ولا يضر ولا يبني الأمة الإسلامية الموحدة التي تظهر في لوحة فريدة على جبل عرفات، وفي منى وجميع المشاعر.

وأوضح أن الحج سعى للمساواة بين الجميع، واستشهد بحديث رسول الله  " صلى الله عليه وسلم"  عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كانت قريش، ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، فإن سائر العرب يقفون بعرفة، فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه  " صلى الله عليه وسلم"  أن يأتي عرفات، فيقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله عزوجل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (البقرة:199)، والعلماء فسروها بأن الإسلام جاء ليساوي بين الجميع ولا يغلب أحدا على أحد.

آفات النسيج الاجتماعي

أكد المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة، أن المساواة روح سارية في كل شعائر الإسلام وفرائضه ومناسكه، وهي أكثر ما تكون في مناسك الحج، فالناس يجتمعون في محفل ديني كبير في زمان واحد، وفي مكان واحد، على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وقومياتهم وأوطانهم، يجتمعون وقد اتصفوا بصفات الميلاد والوفاة، يتجردون من ثيابهم كيوم ولدتهم أمهاتهم ويلبسون غير المخيط كأنهم مقبلون على ربهم، لا فرق بين كبير وصغير، ولا أمير وفقير، وهذه المساواة التي تتجلى في مناسك الحج سمة من سمات المنهاج الإسلامي في كل ميادين الحياة.

وأضاف: لذلك يحسن في الدعوة الإسلامية والدعاة المسلمين أن ينبهوا في خطابهم الديني على الآفات التي لحقت بالمجتمعات الإسلامية، والتي سادت في كثير من هذه المجتمعات، إذ لدينا فوارق طبقية تمزق النسيج الاجتماعي في كثير من المجتمعات، ولدينا سلطات مستبدة تحرم شعوبها نعمة الحرية التي فضل الله بها الإنسان على كثير من المخلوقات، ولدينا أناس يموتون من التخمة وأناس يبيعون عقيدتهم للمنصرين لقاء كسرة خبز أو جرعة دواء، ولدينا نظم قطرية مزقت أوصال دار الإسلام وأمة الإسلام وجعلت هناك فوارق فاحشة بين بعض الشعوب وبعضها الآخر.

وتابع د. عمارة: ولدينا غزو فكري يحتل العقل المسلم كما تحتل القواعد الأجنبية كثيرا من أرض الإسلام، ولدينا كثير من الشوائب والأمراض التي تهدد قيم المساواة التي هي منهاج شامل وروح سارية في عبادات المسلمين وشعائرهم.. لذا علينا أن نعود إلى قيمة المساواة لأن الله سبحانه كرم بني آدم جميعا، وقال في كتابه الحكيم: {وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا 70} (الإسراء:70)، وعلمنا في قرآنه أن التفاضل بالتقوى، فأبواب الفضل مفتوحة أمام كل الناس والكل أمام الله سواء، وعلينا أن نحيي هذه السمة لتعم معاملاتنا ومناهج حياتنا.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال