الجمعة، 03 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

401 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

652256

د. محمد سعد :

الأسماء في كل أمة عنوان حضارتها، وميسم أصلها الذي تفتخر به، ودليل واضح على سموها، ورفعتها، ومرآة صافية لكثير من قيمها وعاداتها.

ذلك بأن الأسماء في حقيقتها هي مجموعة من القيم الإنسانية والمعاني الجمالية، والآثار التاريخية.

فقد كان لأهل الجاهلية قبل الإسلام أسماؤهم التي تصور حياتهم وترسم بيئتهم بكل مكوناتها فسموا: صخرا، وحجرا، وجحرا، وأسدا، وفهدا، وقيسا، وكلبا وسرحان، وظبية، ومها، وزينب، وهندا، ودعدا، وظالما، ومغيرة.... وواضح إلى أي مدى تعكس هذه الأسماء مكونات البيئة التي عاشوا فيها والقيم الإنسانية التي تربوا عليها.

 وعن هذه الطريقة يقول الجاحظ في كتابه الحيوان: «كان الرجل إذا ولد له ذكر خرج يتعرض لزجر الطير والفأل، فإن سمع إنسانا يقول حجرا أو رأى حجرا سمى ابنه به وتفاءل فيه الشدة والصلابة والبقاء والصبر وأنه يحطم ما لقي، وكذلك إن سمع إنسانا يقول ذئبا أو رأى ذئبا تأول فيه الفطنة والخب والمكر والكسب، وإن كان حمارا تأول فيه طول العمر والوقاحة والقوة والجلد، وإن كان كلبا تأول فيه الحراسة واليقظة وبعد الصوت والكسب وغير ذلك» (1).

وهكذا تصبح البيئة بكل مكوناتها وقيمها من أهم الروافد، وأصفى المنابع التي يستقي منها الناس أسماءهم.

وإذا طبقت هذا على كثير من البيئات تجد مصداق ذلك واضحا جليا، فالبيئة البدوية تختلف أسماؤها عن الحضرية، وتختلف الريفية عن المدنية، وأرباب الصناعة والتجارة يختلفون عن غيرهم من أرباب الفكر والثقافة وهكذا.

ولقد كان للإسلام منهج فريد في التعامل مع الأسماء وطريقة التسمية، وقد بدا ذلك واضحا في سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حين وجه الأنظار نحو وجوب اختيار الأحسن من الأسماء حين قال «إنكم تدعون - أي ينادى عليكم - يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم» (2).

ولم يقف المنهج النبوي في اختيار الأسماء عند هذا الحد بل تعداه إلى عدة قواعد ومعايير مهمة أوجب على الأب باعتباره المسؤول الأول عن التسمية أن يلتزم بها وهذه المعايير هي:

1- اختيار الأحسن من الأسماء

فعلى المربي أن يحرص دائما على اختيار أحسن الأسماء وأجملها، لا كما يفعل بعض الناس حين يحرص على وجود عنصر الغرابة أو الطرافة في الاسم؛ غير ملتفت إلى معناه ودلالته.

ومن الطريف أن شخصا يدعى ميمونا رزق ببنت فلما أراد أن يسميها قال سوف أبحث عن أصغر الأسماء، فوقع اختياره على اسم «مي» فسألته: بم سميت ابنتك يا أستاذ ميمون؟ فقال: مي. فقلت له: هل تعرف معنى «مي»؟ قال: لا. قلت؟ إنه القرد الصغير.

فأنشأ يضحك قائلا: عائلة قرود..!!

وما أجمل أن نتذكر هذا الحديث ونحن نفكر في اختيار أسماء أولادنا:

«إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبدالله وعبدالرحمن» (3).

ولقد كان الصحابي يأتي إلى النبي  فيسأله صلى الله عليه وسلم عن اسمه فإن وجد في اسمه دلالة قبيحة أو معنى يدعو إلى خلق ذميم، غيره إلى اسم آخر، وربما غير اسمه الحسن إلى ما هو أحسن منه.

كما غير: حازم، وشهاب، وزيد الخيل، وكلها أسماء حسنة في ذاتها لكنه غيرها إلى ما هو أحسن منها. فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم حازم إلى «مطعم» بمعنى مرزوق، وغير اسم «شهاب» إلى «هشام»، وغير اسم «زيد الخيل» إلى «زيد الخير» (4).

2- البعد عن الأسماء ذات الإيحاءات الصادمة والمتشائمة

إن تعاليم الإسلام تحمل في ثناياها وفي مغازيها حفاظا على المشاعر الإنسانية الراقية، لأن الإسلام ما جاء إلا لهداية البشر وتنوير حيواتهم بكل ما هو سام ورفيع، ومن ثم لم يسغ الإسلام صدم مشاعر الناس بالأسماء التي تثير التشاؤم أو الخلاف أو الحرب أو الكآبة.

وإذا كانت بعض الأسماء تدعو إلى التشاؤم فإن الأصل أن المسلم لا يتطير، ولا يتشاءم، إذ المتشائم لا يبرح أن يكون خائفا رعديدا، فضلا عن إيمان المسلم بأن كل شيء يجري بقدر الله يجعله ساكن النفس مطمئنا، لكن لما كانت النفس البشرية، التي خلقها الله تجنح دوما إلى كل جميل، وتنفر من كل قبيح، كان الرسول صلى الله عليه وسلم[ يحب الفأل الصالح، والكلمة الحسنة، ويتفاءل بالاسم الحسن، فقد روي عنه أنه لما هاجر هو وأبو بكر مروا بإبل بالجحفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم[: «لمن هذه الإبل؟»، قال: رجل من أسلم، فالتفت إلى أبي بكر فقال: «سلمت إن شاء الله» فقال: «ما اسمك؟» فقال: مسعود، فالتفت إلى أبي بكر فقال: «سعدت إن شاء الله» (5).

3- البعد عن الأسماء التي تخالف المعتقد الصحيح لكل مسلم

فمن المقرر أنه لا يجوز التسمية بما يخالف المعتقد الصحيح لكل مسلم، كالتسمية بأسماء الله مثلا كمن يسمي ابنه: رحمن، أو أكبر، أو قيوم، وكذلك التسمية بما لا ينبغي أن يوصف به إلا الله سبحانه وتعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أشنع الأسماء عند الله رجل تسمى ملك الأملاك ، لا ملك إلا الله عز وجل» (6).

أو التسمية بالتعبيد لغير الله، كعبد النبي وعبد الرسول وعبد علي وعبدالحسين وعبد الحسن، وعبد الملاك، وعبد المسيح ونحو ذلك.

4- البعد عن الأسماء التي تدعو إلى خلق ذمه الإسلام

ونعني بالمعيار الخلقي ألا يكون الاسم دالا على خلق ذمه الإسلام، أو تعارض مع الغاية العظمى لديننا، وهي إتمام مكارم الأخلاق، كأن يعبر الاسم عن مسلك نفسي منحرف كالكبر، أو تزكية النفس، أو الذل والاحتقار ونحو ذلك.

ولهذا السبب غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم «برة» لكونه دالا على تزكية النفس، بينما المسلم متواضع وقور، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع هذا الاسم: «لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم» (7).

كذلك غير النبي صلى الله عليه وسلم : حزن، وعتلة، لكونهما يحملان معنى الشدة والغلظة، بينما المسلم لين سهل، وكذا غير اسم «بغيض»، إلى محبوب واسم «خرقة» غيره إلى عبدالله، لكونهما يحملان معنى الذل والاحتقار، والمسلم عزيز ومكرم.

5- البعد عن الأسماء ذات الدلالات القبيحة

ونعني بقبح الدلالة كون الاسم دالا على معنى قبيح، تأنف الطباع السليمة منه، وينفر منه ذو الفطرة السوية، وقبح الدلالة هنا قد يكون في الوصف الذي يحمله الاسم كالتسمية بغافل، أو عاص، أو غاو أو ظالم ونحو ذلك.

فلاشك أن هذه الأسماء تحمل من قبيح الصفات ما يجعل صاحب الطبع السليم يأنف من التسمية بها، ومن ثم فقد غير النبي الكريم صلى الله عليه وسلم اسم «جعيل» تصغير «جُعَل» وهو حشرة صغيرة كالخنفساء إلى اسم «عمرو» (8)، وغير اسم «شيطان» إلى عبدالله (9)، وغير اسم العاصي إلى مطيع (10)، وعاصية إلى جميـلة (11)، وإلى مطيعة (12)، كل هذا وفقا لهذا المعيار، وهو قبح الدلالة.

ومن الأسماء ذات الإيحاءات الصادمة بل المقززة: إغراء، فتنة، وناهد (13)، وفاتن، ورماس (14) ومي (15) وسوزان (16).

هوامش :

1- الحيوان للجاحظ 1/324، والاشتقاق لابن دريد، ص7.

2- صحيح ابن حبان، ج13/ص135، ح5818، ومسند أحمد، ج5/ص194، ح21739.

3- أخرجه مسلم (3/1682، رقم 2132). والحاكم (4/304، رقم 7719) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (9/306، رقم 19089).

4- المعجم الكبير للطبراني، وراجع معرفة الصحابة لأبي نعيم.

5- خرج الحديث.

6- خرج الحديث.

7- وقد غير الرسول صلى الله عليه وسلم[ هذا الاسم إلى زينب، وهي زينب بنت جحش أم المؤمنين، وكذلك زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد وإلى جويرية، وهي جويرية بنت الحارث المصطلقية أم المؤمنين وإلى ميمونة، أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية (انظر كتاب أحسنوا أسماءكم، ص413).

8- غير منسوب، استشهد يوم الخندق، سنن البيهقي ج 9 ص 308.

9- وهو عبدالله بن قرط، سنن البيهقي، ج 9 ص308.

10- وهو مطيع بن الأسود العدوي والد عبدالله بن مطيع، قال البيهقي عن عبدالله ابن الحارث بن جزء الزبيدي قال: توفي صاحب لي غريبا فكنا على قبره أنا وعبدالله ابن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص، وكان اسمي العاص واسم ابن عمر العاص واسم ابن عمرو العاص، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم[: «انزلوا واقبروه وأنتم عبيدالله، قال فنزلنا فقبرنا أخانا وصعدنا من القبر وقد أبدلت أسماؤنا». سنن البيهقي، ج 9 ص307.

11- وهي جميلة بت عمر بن الخطاب، وجميلة بنت أبي الأفلج.

12- وهي مطيعة بنت النعمان.

13- الناهد: الفتاة التي نهد صدرها أي ارتفع.

14- «رماس» جمع رمس والرمس هو القبر، وقيل الرماس ظلمة القبور، راجع لسان العرب مادة «رمس».

15- مي: القرد الصغير.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال