الأحد، 28 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

188 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

6 18 2015 10 39 50 AM

عَلاء الدِّين حسَـن :

جاء اسم السَّـلام في القـرآن الكريم في قول الله تعـالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَـلِكُ الْقُدُّوسُ السَّـلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُـبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْـرِكُونَ} (الحشر: 23).

هذا الاسم معناه أنَّه جلَّ جلاله ذو السَّلامة، أي أنَّ ذاتَه جلَّ جلاله سلِمت من كلِّ عيب، وأنَّ صفاته تنـزَّهت عن كلِّ نقص، وأنَّ أفعاله خلت عن أيِّ شر.. لا يلمُّ به سبحانه موت ولا فناء ولا مرض ولا فتور ولا غفلة ولا سهو ولا نسيان ولا نوم، فعِلْمُه عزَّ وجلَّ سلِم من أن يُحجَب عنه شيء، وسمعه سلِم من أن يغيب عنه مسموع، وبصره سلِم من أن يغيب عنه مبصَر، وغناه سلِم من الحاجة إلى غيره ومن الفقر، وعزَّته سلِمت من أن يطرأ عليها ذل.

والله تعالى هو السَّلام، أي إنَّه جل جلاله ذو السَّلامة لعباده، فليس في الوجود كلِّه سلامة إلا وهي معزوَّة إليه.

أنت إذا سرت على قدميك، ما الذي يضمن لك ألا تقع؟ جهاز للتوازن أودعه الله في أذنك الداخلية من أجل سلامتك.

ولكي تتحقق السلامة، جعل الله العين في المحجر، وجعل الدماغ في الجمجمة، وأودع النخاع الشوكي في العمود الفقري، والقلب في القفص الصدري، وأجرى معامل كريات الدم الحمراء في نقي العظام.

والسَّـلام، سَلِمَ المؤمنون من عذابه، فهو جلَّ شأنه ذو سلامة على أوليائه:

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (النَّمل: 59).

ومن معاني هذا الاسم، أنَّ ذكرَ الله عزَّ وَجلَّ يورث الأمن والطمأنينة والسَّلامة، والدليل على ذلك هو قوله تعالى {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرَّعد: 28).

فإذا ذكرته شعرت بالسَّـلام، إنَّك إذا ذكرت الله زال عنك الخوف، وزالت عنك الوحشة، إنَّك إذا ذكرته أنست به، وازددت حبًّـا له.

ومن معاني اسم السَّـلام أنَّك إذا اتصلت بالله عزَّ وَجلَّ طهرت نفسـك من العيوب، ومن البخل والشح والحقد والضغينة والحسد والكبر والغرور، إذن هو ذو سلام في جسمك أعطاك أعضاء، وأعطاك أجهزة، وأعطاك خلايا وأنسجة، ومنحك دقَّة بالغة في جهازك العظمي والعصبي والعضلي والدوران والشـرايين والأوردة، وإذا كنت خائفًا وذكرته بثَّ في قلبك السَّلام، فإذا اتصلت به طهرك من كلِّ العيوب والنقائص.

والمؤمن الحق يتخلَّق بهذا الاسم، فيسلم من المخالفات الشرعية سرًّا وعلنًا، ويبرأ من العيوب ظاهرًا وباطنًا ؛ ليتحقق له معنى الآية الكريمة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشُّعراء: 87 – 88).

وفي شهر رمضان يتجلَّى السَّلام على أوليائه، فيطهر نفوسهم من الآثام، ويهبهم الأمن والسَّلام، وهو سبحانه وتعالى سلّم ظواهرنا من السجود لغيره، وبرأها من العبادة لسواه، وسلم بواطننا وأكرمنا بالإيمان {ولكنَّ الله حبَّب إليكم الإيمانَ وزيَّنه في قلوبكُم وكرَّه إليكُم الكفرَ وَالفسوقَ وَالعِصيان أولئكَ همُ الرَّاشدون} (الحجرات: 7).

وكما سلمنا الله من الشرك، فعلينا أن نكون سالمين من كل وصف لا يليق بنا، علينا أن نسلم القلب عن أن يكون له التفات إلى غير الله.. وخير من نال الحظ الوافر من اسم السلام هو رسول السلام ص، فقد سلم ظواهرنا وبواطننا من الترهات والدناءات، فكان الرحمة المهداة للعالمين.

ولقد كان من دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام {ربَّنا وَاجعلنَا مسلمَين وَمِن ذرِّيَّتنا أمَّـة مسلِمة لَك} (البقرة : 128)، ورحم الله القائل:

لكَ النَّجـوى إذا تَّقد الهُيامُ

وهزَّ القلبَ بالشَّوقِ سلامُ

سـلامٌ نازهٌ مِن أيِّ نقصٍ

عظيمٌ كاملٌ منهُ السَّـلامُ

سـلام ربنـا في كلِّ شيءٍ

عظيم أمـره أبدًا تـمامُ

كمالٌ في الصِّفات وفي فعالٍ

تعالى خالقًا وهو السَّـلامُ

وإفشاء السلام من الأمور التي تجلب المحبَّـة، وتنشُر المودَّة بين النَّاس، جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص «لَا تدخلُوا الجنَّة حتَّى تُؤمنوا، وَلا تُؤمنوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلَا أدُلُّكم عَلى شيءٍ إذَا فعلتُمُوهُ تَحابَبْتُم؟ أَفشوا السَّلامَ بينَكُم» (رواه مسلم في صحيحه برقم: 54).

وعند البخاري في «الأدب المفرد» من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص: «إنَّ السَّلامَ اسمٌ من أسماءِ اللَّه، وَضَعَهُ الله في الأرض، فأفْشُوا السَّلام بينكم» (البخاري في الأدب المفرد، حديث رقم (989)، وإسناده صحيح).

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنَّ رجلًا سأل رسول الله ص: أيّ الإسلام خير؟ قال: «تطعمُ الطعام، وَتقرأُ السَّلام، على من عرَفت، ومَن لم تَعْرِف» (البخاري (حديث رقم 28)، ومسلم (حديث رقم 39).

وبيَّن رسول الله ص أنَّ من حقِّ المسلم على أخيه أن يُسَلِّمَ عليه؛ ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله ص قال: «حقُّ المسلم على المسلم ست. قيل: ما هنَّ يا رسول الله؟ قال: إذا لقيتَهُ فسلِّمْ عليه، وإذا دعاك فأجِبْهُ، وإذا استَنصَحَك فانصَح له، وإذا عطس فحمِدَ اللَّه فشمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فعُدْهُ، وإذا ماتَ فاتبعه» (صحيح مسـلم (ص 1705).

وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ ص قال: «إيَّاكم وَالجلوسَ على الطُّرُقات، فقالوا: يا رسولَ اللَّه، ما لنا من مَجالِسِنا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فيها، فقال: فإذا أبَيْتُم إلّا المجلس فأعطوا الطريق حقَّه، قالوا: وما حقُّ الطريق يَا رسـولَ الله؟ قال: غضُّ البَصَر، وَكفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلام، وَالأمرُ بالمَعروف وَالنَّهي عن المنكَر» (البخاري (مع الفتح 11/ 8)، ومسلم (14/ 102 مع النووي).

وكانَ النَّبيُّ ص يسلِّمُ على الصِّبيان، كما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (البخاري (مع الفتح 11/ 32)، ومسلم (مع النووي 15/ 1).

وكان يُسَـلِّمُ على النِّساء أيضًا، ففي سـُنَنِ التِّرمذي، والأدب المفرد للبخاري بإسنادٍ حسَنٍ لِشواهده من حديث أسماءَ بنت يزيد- رضي الله عنها- أنَّ رسول الله ص مرَّ بِي، وأنا في جَوارٍ أتْراب، فسلَّم علينا. (الترمذي (7/ 475 مع التحفة)، والبخاري (في الأدب المفرد/ 1048).

وكذلك إذا كان المَجلِس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، فإنَّ النبي ص سلَّم على مَجلِس فيه مثل هذه الأخلاط .

وكم من شَـرٍّ دُفِعَ بسبب إلقاء السَّـلام، وكم من خيرات حلَّت بسبب كلمة السَّلام، وكم من أرحام وُصِلَتْ بفضل السَّلام.

وفي المقابل كم حلَّ من نَكَدٍ وبَلاء، وكم ساد من بُؤسٍ وشَقَاء، وكم زاد من إدبار وتنافُر ؛ بِسَبَب عدم إلقاء السَّلام!

قال علماؤنا: ابتداءُ السَّلام سُنَّة، وردُّه واجب، وإن كان المُسلِّم جماعة، فهو سُنَّة كفاية في حقِّهم، وإذا سلَّم بعضُهم حَصَلت سُنَّة السلام في حقِّ جميعهم، فإن كان المُسلَّم عليه واحدًا تعيَّن عليه الرَّد، وإن كانوا جماعةً كان الردُّ فرضَ كفاية في حقِّهم، فإنْ ردَّ واحدٌ منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضـل أن يبتدئ الجميعُ بالسَّلام وأن يردَّ الجميع.

من صَيغ السلام

أخرج أبوداود في سُنَنِه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي ص فقـال: السلام عليكم، فردَّ عليه السلام، ثم جلس، فقال النبي ص: عشر، ثم جاءَ آخَرُ فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه فجلس، فقال: عِشْرُونَ، ثم جاء آخَرُ فقـال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليـه فجلس، فقـال: ثلاثون» (رواه أبوداود في سننه ك الأدب– ح رقم 5197).

< وقد شرعت للسلام آداب، منها:

قول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (النِّساء: 86).

وقول النبي ص: «يسلِّمُ الصغير على الكبير، والمارُّ على القاعد، والقليلُ على الكثير» (البخـاري (11/ 15 مع الفتح).

وقد تكون هناك موانع شرعيَّة تَمنع مِن إلقاء السلام، بل ومِن رَدِّه، كأن يكون عدم الردِّ كي ينْزجر العاصي عن معصِيَتِه، ويُقْلِعُ المُذْنِب عن ذنبه.

وقد يكون في إلقاء السلام على رجل شرير دفع لشرِّه.

وقد قال النبي ص في شأن رجل: «بئسَ أخو العشير» (البخاري في الأدب– ح 6032)، فلما قدم ألان له النبي ص القول.

وبالجمـلة، ففي باب إفشاء السَّلام، أو تركه، ينبغي أن نراعي المصالح الشرعية العامة، فإفشاء السلام والإكثار منه، والسلام على الصغير والكبير، والقريب والبعيد، ومن عرفت، ومن لم تعرف- هو الأصل في العلاقات.

وصحَّح بعض أهل العلم حديث البراء بن عازب- رضي الله عنهما– قال: قال رسول الله ص: «ما مِن مسلمَين يلتقيانِ فيتصافحان، إلا غفرَ لهما قبل أن يتفرقا» (رواه أبوداود– ك الأدب– ح 5214).

والمؤمن يحرص على البشاشة، وطَلاقة الوجه، والابتسامة عندَ السَّلام، حيث يقول ص: «وَتبسُّمُك في وَجهِ أَخِيك صَدَقة» (سنن الترمذي– ك البر والصلة– ح 2083)، ويقول ص: «لا تَحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أنْ تلقَى أخاكَ بوجهٍ طَليق» (ص مسلم– ك البر والصلة– ح 6857).

والجنة هي دار السَّلام، قال تعالى {لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِم} (الأنعام: 173).وتحية المؤمنين يوم يلقون ربهم في الآخرة هي السلام، قال تعالـى: {خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} (إبراهيم: 23).

ولقد جاء التبيان النبوي ليربط الإسـلام بالسلام والإيـمان بالأمان، فقـال ص: «المسلمُ من سلِم الناسُ من لسانهِ ويده، والمؤمن مَن أمِنَهُ الناسُ على أموالهم وأنفسهم» (رواه النَّسـائي 6/530).

في القرآن الكريم تأكيد صـريح على السـلم, وخاصة عند غيـاب القتال, قال الله تعـالى {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (النِّساء: 90).

وكذا إنْ عَلِم المسلم أنَّ الذي يقاتله قد جنح للسلم، فإنَّ المسلم يدخل في الحالة السلمية، قال تعالى {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (الأنفال: 61).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال