الإثنين، 29 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

238 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

20 01

القاهرة – الوعي الشبابي:

يذكر عن جابر بن عبدالله أنه قال: رأى عمر بن الخطاب لحمًا معلقًا في يدي فقال: ما هذا يا جابر؟ قلت اشتهيت لحمًا فاشتريته. فقال عمر: أو كلما اشتهيت اشتريت يا جابر؟! ما تخاف الآية "أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا".

هذا الخبر يحتاج منا إلى وقفة مع النفس وبخاصة أولئك الذين غلب عليهم الاهتمام بأنواع المآكل والمشارب حتى كادت أن تكون همهم الأكبر وإن أنكروا ذلك بألسنتهم، فحالهم شاهد بذلك، فالسمنة سيماهم والاغراق في الشراء ديدنهم، حتى إنهم يشترون ما يشتهون وما لا يشتهون! فأين حالهم من حال جابر وماذا عسى عمر بن الخطاب قائلا لو رآهم!

وفي الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن ماجه وغيره عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت"، غير أن فيه ضعفاً، ذكره ابن مفلح في (الآداب).

وفي معناه ما ورد عن جابر في (الموطأ) قال: رأى عمر بن الخطاب لحماً معلقاً بيدي، فقال: ما هذا يا جابر؟ قلت: اشتهيت لحماً فاشتريته. فقال: أو كلما اشتهيتَ اشتريتَ يا جابر! أما تخاف هذه الآية: {أَذْهَبتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا}؟

ويشهد لذلك آثار أخرى وردت في هذا الباب؛ وذلك لأن النفس ليس لها حد، فإذا صار هم الإنسان بطنه، واستمر دائماً على السعي في تحصيل كل ما يشتهي أتعب نفسه ومعدته، وتجاوز به ذلك إلى السرف ولا بد.

وقد نعى الله على أناس انهماكهم في الشهوات، بقوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا}، فمن أذهب طيباته في حياته الدنيا واستمتع بها؛ نقصت درجته في الآخرة، لما ورد في هذا من الأحاديث الصحيحة. قال الإمام أحمد: يؤجر المرء في تركه الشهوات، ومراده: ما لم يخالف الشرع.

وأما الامتناع عن أكل الطيبات مطلقاً بلا سبب شرعي، فليس من الدين في شيء؛ لأن الله أمر بالأكل منها بقوله تعالى: {كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لله} الآية. قال الشيخ تقي الدين: من امتنع من أكل الطيبات بلا سبب شرعي فهو مبتدع، والله المستعان.

وقد أراد عمر رضي الله عنه أن يعلم جابراً ضبط النفس وأن لا يطاوع نفسه في كل ما تشتهيه، كم نحن اليوم بحاجة الى مقولة عمر رضي الله عنه ونحن نشهد اجتياح الأسواق الكبيرة أو ما يسمى بـ"المولات" إلى مناطقنا حيث غزتها، وحتى شوارعنا المتواضعة، بعدما كانت حكراً على المناطق السياحية لجلب السواح الأغراب والأعراب، فصرنا نجدها هنا وهناك. وكلما شمخ بناء وسألتُ: ما هذا؟ أُجِبْتُ: مول جديد! وكأنما الأرض ما وجدت إلا لعمارتها بالأسواق والمحلات المكدسة فوق بعضها البعض، والمطاعم الغربية ذات الوجبات السريعة ـ ولا أدري لماذا هم مستعجلون دائماً ـ التي ما أنزل الله بها من سلطان، لا طعم لها ولا فائدة إلا لإثبات وتذكيرنا بأنهم وإن لم يكونوا بجنودهم وأسلحتهم في بلاد المسلمين إلا أنهم هنا معنا بأفكارهم وعاداتهم وثقافتهم في بلادنا وأسواقنا وفي مطاعمنا.

تلك "المولات" يزيّنوها ويلوّنوها ويضعون فيها ما يستهوي النفوس ويقسي القلوب ويجبلها على التعلق بهذه الدنيا الفانية!

ففيها: تجد المرأة ضالتها من ملابس وزينة والحلي والجزادين والأحذية حتى لا تخرج وإلا وقد أخرجت كل ما في جيبها وجيب زوجها! بل حتى من جيب من يرافقها، وحتى نفسيتها خرجت من إنسانيتها، تغّيرت فتراها لا يهمّها إلا أن تكون المميزة ـ وهي أو لا أحد ـ فيمتلئ قلبها حسداً من التي تفوقها مالاً وأناقة، أو احتقاراً لمن هي أقل منها مستوى وليست مثلها على الموضة.

يجد الشاب ضالته من النساء المتبرجات، والبنات المائلات المميلات سهلات المنال، يتعثر الواحد بهن من كثرتهن، واختلاط سافر، ضحك واستهتار، وميوعة! لو شاهدها أجدادنا الأولون لماتوا غيظاً وكمداً.

يجد الولد فيها من ألعاب الكترونية وترفيه مشوّه فيه من المساوئ الخلقية والسلوكية ما لا يعلمها إلّا الله عز وجل، يخرج الطفل من مركز اللعب هذا وقد خرج عقله من رأسه، سارح لا تستقر عيناه من شدة ما أتعبها في تركيزه على شاشات الكمبيوتر وخلف الشبكة العنكبوتة التي ما وجدت فريستها إلا بفلذة أبنائنا!

يا حسرتاه على أموال المسلمين أين تُنفق وعلى أي وجه!!!

يا حسرتاه على تضييع نعم الله وبذلها بما لا ينفع! وقد أخبرنا حبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلّم: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ) (رواه الترمذي (2417) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي").

أين أنت يا عمر لترى المسلمين ماذا اشتهوا وماذا اشتروا إذا بلغ المال في أيدينا مبلغه وصرنا في حيرة أين نضعه وفاض من جيوبنا وخزائنا؟!!

إليك أخي بعض وجوه الإنفاق المشروعة عّلنا بها ننقذ أنفسنا من وعيد الجبار الأحد الصمد: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الإسراء، 16).

أولاً: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (البقرة، 215)، إذاً الوالدان من أولويات ما تنفق عليه أخي المسلم، وكم من أقارب لا نعلم حالهم ولا نعلم كيف ينفقون، وكأن لسان الحال يقول الله يعين، حسبي بيتي وأولادي والله المستعان، أين حديث رسولنا الكريم: "ما نقص مال من صدقة" (رواه الترمذي، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي")؟ أما اليتامى والمساكين فيملأون البلد، فما عليك إلا أن تسأل فترى المحتاجين يأتوك من كل فج عميق.

ثانياً: أوجه البر كثيرة: منها صلة الأرحام بالهدايا والصدقات وصرف الزكاة، كما يقال: "الأقربون أولى بالمعروف".

الإنفاق على مجالس العلم وطلابه، نشر كتيبات اسلامية، وإنفاق المال في طباعة المصاحف ونشرها في أرجاء المعمورة، المساهمة بإعالة من يريد الزواج والمساهمة بعفة شباب المسلمين، مساعدة الغارمين، القرض الحسن لإخواننا المحتاجين، ومن لا يستطيع دفع إيجار بيته كم سيجد منك أخوة صادقة عندما تقول: سأساهم معك بمبلغ شهريًّا عسى أن يفرج عنك، تدريس شباب المسلمين المتفوقين الذين لا يستطيعون دفع تكاليف الجامعات، مساعدة أصحاب المشاريع الصغيرة الذين لا يجدون رؤوس الأموال وفي عقولهم أعمال تدرّ على المجتمع الخير الكثير، ومن ثم تشغيل اليد العاملة التي تقبع في الطرقات عاطلة عن العمل، وبناء المساجد وفيها من الثواب الكبير الذي لا يخفى على أحد.

التعليقات   

0 #1 معتز الصديق 2015-12-16 06:30
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً كثيراً النصائح الغالية
اقتباس

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال