الخميس، 25 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

56 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

tawazn

الطيب حسين دار الاعلام العربية - القاهرة:

حرص الإسلام على أن ينشأ أتباعه في حياة متوازنة حال الالتزام بتعاليمه، وحفلت آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالتحذير من المغالاة أو التفريط في حياة المسلم..

فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143)، كما قال عن الاعتدال في الإنفاق: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان:67)، {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} (الأعراف:31).

وفي هذا الإطار، يقول أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الدكتور عبدالمنعم فؤاد إن «حياة المسلم بشكل عام حياة وسطية، لأن الدين نفسه دين وسطي، وهذه الوسطية لسنا نحن الذين وضعناها كخريطة للمسلمين، لكن وضعها رب العالمين سبحانه تعالى حيث قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.

أمر إلهي

وأكمل الدكتور عبدالمنعم: «الوسطية أمر وتشريع إلهي؛ المسلم يتبع منهج الله سبحانه وتعالى في أكله وشربه ونومه، في كل ما يتعلق بشؤون حياته لابد أن يكون وسطيا، لا إفراط ولا تفريط، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى علمنا هذا الأمر حتى في الأكل والشرب حيث قال جل وعلا: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}.. وعلمنا الاعتدال في الفرح والحزن فقال: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (الحديد:23)».

وأضاف المشرف العام على الأروقة العلمية بالأزهر الشريف: «لذلك لاحظوا أن الفرح الزائد قد يأتي بمشكلة صحية أو جسدية على الإنسان، وكذلك الحزن الزائد على حده يؤدي إلى مصائب كبرى، ورأينا نبي الله يعقوب عند حزنه على ابنه يوسف، عليهما السلام، قال الله تعالى: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} (يوسف:84)».

وأكمل: «علينا أن تكون حياتنا وسطية، في كل شيء، حتى في أمور الزواج، والإنفاق في الزواج يجب أن تكون التكاليف ميسرة على الشباب وعلى البنات حتى يمكن وأد الشيطان وإبعاده عن شبابنا وبناتنا.. وما نراه من غلو في المهور، والتباري بين العائلات أيهم ينفق أكثر، كل هذا لا علاقة له بتعاليم الإسلام».

وتابع أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر: «حتى الغلو في العبادة مرفوض، لما جاء نفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، كأنهم تقالولها، أي اعتبروها قليلة، ثم قالوا أين نحن من رسول الله وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم: أما أنا فأصوم الدهر فلا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم الليل فلا أنام، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء. فلما بلغ ذلك النبي بين لهم خطأهم وقال صلى الله عليه وسلم: إنما أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له ولكني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني».

وأضاف: «الإسلام يأمرنا بالتوازن والوسطية في جميع أمور حياتنا، الأسرية والاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية التي ذكرناها آنفا، فإذا فعل الإنسان هذه الأشياء عاش حياة كلها هدوء واطمئنان، هذا هو منهج الله تعالى في شرعه الحكيم الذي نظم به حياة العباد».

منهج حياة

بدوره، يوضح أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية في جامعة القاهرة الدكتور طه أبو حسين، أن المسلم مأمور في حياته بالاستقامة، حيث قال الله في كتابه العزيز: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود:112)..

وقال إن المسلم يجب أن يكون واضحا ومتبعا لا مبتدعا حتى يرتاح باله وحاله، ويكون أفراد المجتمع الآخرون كذلك، موضحا أن منطق الاستقامة والاعتدال عندما يسود ويكون منهجا عاما، يستفيد منه الآحاد والجماعات والمجتمع ككل، مشددا على أن هذا منطق المسلمين في الحياة.

كما تحدث عن كيف يجب أن يكون الإنفاق في حياة المسلم، مستندا إلى قول الله في محكم تنزيله: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (الإسراء:29)، موضحا: «أي لا تسرف في إنفاقك على نفسك وأبنائك ثم تتحسر على ما فات وتقول كان عندي أموال».

وتحدث عن الاعتدال في العبادة، موضحا أن إرضاء الله لا يوجب التكلف فيه بأمور ما أنزل الله بها من سلطان، ولكن فاستقم كما أمرت، موضحا: «لا يصح كي أرضي الله أن أزيد في عدد ركعات الصلاة مثلا، أو أخترع فيها بحجة التقرب».

كذلك تطرق أستاذ الصحة النفسية إلى الاعتدال في الأخلاق عن طريق الالتزام بأخلاق الإسلام مع عدم الخضوع أو الخنوع، موضحا: «أنت مأمور بحسن الخلق، لكن لا تجعل حسن الخلق مدعاة لاغتيالك، يقول أحدهم هذا رجل طيب وعلى خلق ولن يرد الإساءة، فيتواصل الاعتداء عليك أو إيذاؤك».

وأكمل: «أخلاق الإسلام ليست هكذا، لا يوجد عندنا إذا ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر، لا يوجد عندنا هذا الأمر، لكن عندنا حسم ورسم للشخصية، عندنا لكل أمة خلق، وخلق الإسلام الحياء، نعم حياء لكن لا يصح أن تكون أخلاقي مركز ضعف في شخصيتي، أكون رجلا خلوقا، لكن شخصيتي لا تقبل الظلم ولا تقبل الإهانة أو الضعف، المسلم ليس إمعة، شخصية المسلم شجاعة كريمة خلوقة محبة للخير مقدامة».

أما بشأن العلاقة مع الآخرين، فذكر أبو حسين أن خلق الإسلام وتعاليمه تجعلها علاقة عطاء وجود وكرم، مصرحا: «لا تضع في ذهنك أبدا أن فلانا يخدعك كي يحصل منك على أموال مثلا، دعه وما يعتقد، وكن كريما جوادا».

وشدد على أن المسلم محب دائما ولا يكره أبدا، مفرقا بين منطق البغض ومنطق الكره.

وذكر أن البغض أن تبغض الفعل الذي يرتكبه أحدهم لا أن تبغضه هو نفسه، لا تكره شخصه، مضيفا «المسلم متأمل في عطاء الله فقط، راغب في عطاء الله فقط، مستند إلى قوة الله فقط، معتز بعبوديته إلى الله فقط، كل هذه الأشياء في النهاية تكون الشخصية القائدة الشخصية القوية الجالبة للخير الدافعة للشر».

كما كشف أبو حسين عن خطورة غياب هذه المفاهيم والقيم الإسلامية عن المجتمع وما يحدث فيه بناء على ذلك من آثار سلبية مدمرة، مشيرا إلى مساهمات أعداء الأمة الواضحة في تغييبها.

تعزيز قيم الاعتدال

وفي السياق ذاته، قال الدكتور حسن الببلاوي، أستاذ علم الاجتماع، أمين المجلس العربي للطفولة والتنمية، إن تعامل الفرد في المجتمع يرتكز إلى تصوراته عن المجتمع نفسه، وعن الآخر والحياة والكون بشكل عام، موضحا أن هذه التصورات تنبع في الأساس من الثقافة التي نشأ عليها.

وفي تعريفه للثقافة التي إليها مرد تصورات الأفراد، كشف أنها عبارة عن مجموعة المفاهيم والعقائد والقيم التي يجب أن تنطلق منها نظرة وتعامل الفرد لتشكيل ارتباطه بالمجتمع كله.

وأوضح أن القيم والمثل العليا تنعكس بالتالي إيجابيا على المجتمع ككل، في إشارة إلى الارتباط الوثيق بين الجانبين، وهو ما توفره بالتأكيد التعاليم الإسلامية فيما يخص قيمة التوازن والاعتدال في المسالك الحياتية المختلفة.

وضرب أستاذ الاجتماع مثالا بقيمة التسامح ودورها في إيجاد مجتمع مسالم صحيح، لا ينتهي فقط عند احترام الآخر، إنما يمتد ليجعل من كل فرد في المجتمع بمنزلة الحامي لغيره الملتزم بتوفير حياة طيبة له.

وأضاف: إن أول قيمة نشأت عليها الحضارة الحديثة مثلا هي قيمة التسامح، بما تشمله من قبول الآخر، واحترام الاختلاف معه، وعدم مصادرة حريته في التعبير عما يريد أو اعتناق ما يراه صحيحا، لافتا إلى أن هذا المسلك الإنساني المتفرد لن يأتي إلا بإدراك أهمية الاعتدال فيما يعتقده أحدنا ويراه صحيحا.

وتابع «أنا متسامح مع الآخرين، لا أتدخل في حياتهم، البغض يأتي من أين؟ يأتي عندما أنكر على الآخر اعتقاداته، أنكر على الآخر مفاهيمه، أنكر على الآخر آراءه».

وأضاف أن تعزيز هذه القيمة سينتج عنه أن يعيش الناس في مجتمع واحد من دون خوف تحت عقد اجتماعي يرعى حقوق الجميع ويحميها.

ولفت إلى أهمية دور الإعلام والمدارس فضلا عن المساجد في تعريف الناس بهذه القيم وتعزيزها في المجتمع.

لا مغالاة ولا تقصير

وفي هذا السياق، قال الدكتور أسامة عبدالسميع الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن الإسلام علمنا الوسطية في أمور الحياة كلها، موضحا «في تعامل المسلم مع أبنائه ومع زوجته ومع جيرانه ومع زملائه في العمل ومع الناس أجمعين، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}». وتابع: «إن كلا من المغالاة والتفريط مرفوض»، مشيرا إلى اتساق الاعتدال مع تعاليم الإسلام.

وأكد أن الاعتدال لا يقتصر على علاقة المسلم بأفراد دون آخرين، بل يمتد من علاقته بنفسه إلى جميع الناس.

كما عرج إلى ضرورة الاعتدال في العبادات، مشيرا إلى قصة الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول: لأقومن الليل، ولأصومن النهار، ما عشت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آنت الذي تقول ذلك؟». فقلت له: قد قلته، يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر». قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: «صم يوما وأفطر يومين». قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، يا رسول الله. قال: «صم يوما وأفطر يوما، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام». قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أفضل من ذلك». قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: «لأن أكون قبلت الثلاثة أيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحب إلي من أهلي ومالي».

حتى في الفهم للدين قال عبدالسميع إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا جميعا: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة» (رواه البخاري).

وأشار إلى أن الله أحل المباحات لعباده في الحياة الدنيا كي يباشروها ولا يحرموا أنفسهم منها، فقال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (الأعراف:32).

أيضا قال سبحانه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77).

وختم قائلا: «الله لم يحرمنا من الطيبات، لكن جعل الاعتدال قيمة مهمة وضرورية فلا مغالاة ولا تقصير».

  

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال