الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

41 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

 

إبراهيم نويري - باحث أكاديمي - الجزائر

تعتبر وحدة الأمة من أصول مقاصد الإسلام المقررة الثابتة الراسخة. فهي من أهم أسس ومرتكزات الأمة في المنظور الإسلامي، فهي تمثل مظاهر وأمارات القوة والمنعة والعزة في كيانها.

ومما لا ريب فيه أن المتأمل في تاريخ المسلمين، يلاحظ أن قضية الوحدة والتكامل والتماسك قد مرت بمراحل متعددة، ولم تكن البتة على مستوى بياني واحد. فقد ظلت في صعود وهبوط، وفي مد وجزر، حسب الظروف المحلية والخارجية التي مرت بها الأمة الإسلامية والحضارة الإسلامية.

ففي مراحل الازدهار الأولى كانت الأمة الإسلامية تعيش حالة حضارية نادرة ونموذجية أيضا، حيث انصهرت في كيانها شعوب وأعراق كثيرة؛ وبالرغم من التمايز والتباين الذي كان يبدو على الصعيد القومي واللغوي والعرقي، إلا أن المدارس الاجتهادية المتنوعة التي ظهرت في أرجاء الأمة الإسلامية، ظلت تنعم بمشاعر الوحدة والتآلف والتقدير المتبادل، نظرا لاستقائها من منابع واحدة والتزامها بضوابط وآليات متفق عليها. وقد كانت الأنظمة السائدة في الأمة سواء منها السياسية أو الاجتماعية أو الآداب الأخلاقية منضبطة بإطار الاعتصام بقيم الأمة الواحدة.

بيد أن ظروفا كثيرة بعضها يعود إلى العوامل الداخلية، وبعضها الآخر يعود إلى العوامل الخارجية، أفضت إلى أوضاع لم تعرفها الأمة في عصور ازدهارها، حيث ظهرت الدولة القومية الحديثة في الغرب، ثم تم فرض نسقها وأنموذجها على الأمة الإسلامية بعد ارتطامها بحركة الاستعمار الغربي وخضوعها القسري للأحكام والمقررات التي فرضها فرضا قهريا. لكن الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر بشتى مكوناته وتوجهاته استشعر خطر التقسيم والتجزئة والإزرام عن الثوابت والأصول، وذلك منذ سقوط الخلافة العثمانية، التي كانت بالرغم من ضعفها ورمزيتها، توفر مظلة وإطارا رمزيا لوحدة الأمة. وكان هذا الإطار يحفظ على الأمة بعض عناصر القوة والهيبة على الصعيد الدولي.

وحدة الأمة في الخطاب الإسلامي

أما بالنسبة لمسوغات أو مبررات مركزية المكانة أو المنزلة التي تحظى بها قضية وحدة الأمة في الخطاب الإسلامي والفكر الإسلامي على إطلاقه، فمن البداهة القول إنها تنبثق من مرجعية الإسلام نفسه ومن معين ثوابته المكينة الراسخة، وفي مقدمتها العقيدة الإسلامية والقيم والخصائص العامة لهوية المذهبية الإسلامية بكل مكوناتها ومقاصدها.

ويمكن لنا أن نثبت هنا -من منظورنا الخاص- أبرز العوامل التي تشكل وتعضد خلفية أهمية وحدة الأمة في الخطاب الإسلامي، وهي تتمثل فيما يلي:

1- مبدأ وحدة الأمة بذرة مباركة طيبة لمشروع إنساني عام يهدف إلى ربط الإنسان المسلم بسنن وضوابط قوامها الحرية واحترام الحقوق المتبادلة وطبيعة الواقع وأعرافه ونواميسه. كما أنه مشروع يراعي ضوابط ومقاصد الشريعة ومقومات سعادة المجتمعات. لذلك فهو ضرورة مؤكدة، وحاجة ملحة في آن واحد.

2- الأوضاع العامة في الأمة الإسلامية، وكذلك ازدواجية الشخصية على المستوى الفردي للإنسان المسلم، تدل على وقوع ما يشبه حالة من حالات الانفصام والتباعد الفظيع بين المقومات العقدية والفكرية، وبين السلوك والواقع والمعاملة في حياة الأفراد وأيضا في شبكة العلاقات الاجتماعية للأمة في سياقها الواسع.

3- إحساس الأمة المسلمة بضرورة اللقاء والتناصر والتعاون.. هو إحساس منطقي وواقعي أيضا، لأنه منبثق من أصول معتقداتها ومن مرجعيتها الأولى.. ناهيك عن إدراكها على صعيد الواقع الماثل لمخاطر التفرق والتشرذم الذي أضر بها ضررا فادحا، في عالم لم يعد يعير أي اهتمام للضعفاء ناهيك عن المتخاصمين.

4- الأمة الإسلامية خلال هذه الانعطافة التاريخية الحساسة، يتعين عليها أن تبادر إلى تصحيح أوضاعها العامة، وأن تدرك عناصر القوة الحقيقية في كيانها، كما يجب أن يكون لها تشخيص صحيح للأسباب التي كانت وراء الواقع السيئ الذي تعيشه، والأهم من ذلك أن تضبط منهجية عمل، من أجل تفعيل عناصر القوة الكامنة في مرجعيتها وفي موروثها العقدي والثقافي، بغية تجاوز وتخطي الواقع السيئ المنظور أو القائم بالفعل، مع السعي الحثيث للقضاء على كل عوامل الضعف والوهن والتراجع الأخلاقي والعلمي والحضاري.

5- الخطاب الوحدوي في الفكر الإسلامي المعاصر، مشروع حضاري يستند إلى كليات حقائق الوحي ومسلمات الدين والشريعة والسلوك الإسلامي الأقوم.. كما أنه يروم ويتطلع إلى دحض كل ألوان وأوجه التناقضات والسلبيات التي تنخر كيان هذه الأمة، مثل المنازع الطائفية والفئوية والحزبية الضيقة، لأنه انبثاق من جوهر الرسالة والنبوة. فهو في أصله تفكير يهدف إلى تجسيد وحدة الغاية ووحدة المضمون المنبثقين من وحدة النص.

6- فكرية وحدة الأمة في المنهج الإسلامي تستهدف إعزاز الأمة الإسلامية وإحياء دورها الحضاري الريادي بوصفها أمة شاهدة وأمينة على حقائق ومضامين الوحي كما تناهى إلى الرسالة الخاتمة. ومن ثم فإن الإطار الجامع الذي تمثله هذه الأسس في حده الأدنى، إنما يؤمن أرضية للقواسم المشتركة بين جميع المسلمين.. فالأسس والمقومات الجامعة من شأنها تقريب أفراد الأمة وتياراتها الفكرية والمذهبية، فضلا عن كونها تمثل جوهر هوية الأمة وفكريتها وأهم القسمات التي تميزها عن غيرها من أمم المعمورة.

7- المشروع الوحدوي الإسلامي هو مشروع حضاري في المقام الأول. فهو يقدم الإنسان المسلم بوصفه إنسانا مصلحا فاعلا في الواقع وصانعا للحضارة.

8- للوحدة الإسلامية وفقه التآلف والتقارب مستويات ومفاهيم كثيرة، الأمر الذي قد يتيح أن تكون -في مجال البحوث والدراسات- بابا متخصصا وقائما بذاته في الفكر الإسلامي المعاصر وبحوث التغيرات والصيرورات الاجتماعية.

9- الخطاب الإسلامي المعاصر في الأغلب الأعم من توجهاته، يعول في استعادة قيم الوحدة الإسلامية وبلورة أطروحتها على الجماهير العامة والنخب الواعية؛ لذلك فهو يمارس التعبئة الفكرية وتعليم المسلمين السلوك الوحدوي. فهذا الخطاب يؤمن بأن الوحدة متى أصبحت مطلبا للجماهير المسلمة، فإنها سوف تتحقق، لأن إرادتها مع المغالبة المستمرة ستنتصر على القوى والعوامل والمنازع المضادة للتوجه الوحدوي.

10- ليس من الضرورة في تصورات وكتابات مفكري الفكر الإسلامي المعاصر، مناهضة الدولة القطرية القائمة في المجال العربي والإسلامي، أو استعادة صورة الخلافة الإسلامية وفق صيغها وأشكالها المعروفة في التاريخ الإسلامي. لأن الأهم من ذلك كله، يتمثل في تحقيق أبعاد وأهداف ومقاصد وحدة الأمة وشحذ همم المسلمين، وتعضيد عناصر القوة في كيان الأمة الإسلامية وصون مكاسب هذه الأمة.

تعضيد الوحدة والتآلف

كما سلفت الإشارة فإن قضية وحدة الأمة في هذا العصر، بحاجة إلى عمل وإلى جهود متلاحقة، لا سيما أن الأجيال المسلمة الجديدة واقعة تحت تأثير ثقافي وإعلامي غربي عنيف، يستهدف إبعادها بوسائل الدهاء والختل والتخدير الصامت عن أصولها العقدية وثوابتها التي تكون هويتها الفكرية والحضارية المتميزة؛ ولذلك نرى أن هذه الآليات والوسائل من شأنها الإبقاء على جذوة فكرية وحدة الأمة متقدة حية في النفوس والضمائر مهما ادلهمت الخطوب، ومهما اتسعت التحديات أمام أمتنا ووحدتها وقوتها وتعاونها:

أولا: إنشاء مجلس إسلامي أعلى أو مركز بحثي متخصص في مسائل وحدة الأمة الإسلامية، يضطلع بمتابعة ورصد التحديات التي تواجه الأمة المسلمة، وكتابة دراسات وتقارير دقيقة عنها قصد تحييد آثارها وإضعاف تداعياتها على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ثانيا: إنشاء فضائيات ومحطات إذاعية تعنى بالعمل على توحيد الأمة وتخفف من مسببات التنافر والتباعد والاستقطاب العدائي.

ثالثا: إنشاء «مواقع علمية» على الشبكة العالمية للمعلومات تتكفل بخدمة رسالة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وإشاعة آداب الخلاف وفقهه بين المسلمين. من أجل المساهمة في الحوار وتقريب الآراء ووجهات النظر في المسائل الخلافية التاريخية.

رابعا: تفعيل العمل من أجل الإفادة من المبادرات المتكررة التي بدأت تظهر في ساحات العمل المختلفة مستفيدة من مناخ عودة مفهوم الأمة باعتباره مفهوما جوهريا في تشكيل المشترك الجمعي في أبعاده المختلفة.

خامسا: دعوة الإعلاميين والمفكرين ونشطاء الأوعية والوسائط الاتصالية الجديدة لحسن استغلال واستثمار وسائل الاعلام والاتصال والوسائط والأوعية التقنية المعاصرة، للدعوة إلى وحدة الأمة، وبيان قيمها ومفاهيمها وأهدافها.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال