الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

56 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

resize

سيد عبدالله – باحث دراسات إسلامية - الهند:

اجتماع ثلاثة ملايين نسمة تقريبا مع اختلاف الجنسيات واللغات والألوان في ساعة واحدة في ساحة واحدة في بلد واحد في زي واحد تحت إمامة واحدة؛ تعجز المؤتمرات أن تخلق مثلها في مثل هذا القرن الذي يتناحر فيه الناس باسم لغاتهم وألوانهم وقبائلهم وجنسياتهم.

الحج أولا بكل معنى الكلمة يمثل غاية الدين كما هو شأن العبادات كلها، إنه وضع لتحقيق المعنى الرباني الذي دعا إليه الأنبياء والمرسلون، ألا وهو التزكية، تزكية النفوس أولا من العقائد التي بنيت على أساس الشرك الذي لا يأمن فاعله ولا يهتدي سالكه. وقد جعل الله الحج في أطهر بقاع الأرض لا شرك فيه وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (التوبة:28) فبداية الحج ونهايته مناسك وطاعات وقربات كلها وضعت في دائرة مصفاة لا يمسها مشرك ولا كافر وهو من أطهر البلاد في الوجود حتى يجعل الحاج كيوم ولدته أمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» وبهذا وذاك يتحقق كمال التزكية التي أرادها الله تعالى.

والحج ثانيا يحارب التعصب للجنسية والقومية الضيقة والوطنية العمياء والفخر بالألوان والأنساب بحيث جعل الله هذا المؤتمر للعرب والعجم وللأسود والأبيض وللذكر والأنثى وهو بهذا المعنى أول ملتقى عالمي في تاريخ البشرية للسيد والمسود وللضعيف والقوي وللأسود والأبيض وللذكر والأنثى يقومون جنبا إلى جنب يبنون عالما يسود فيه الأخوة والمحبة اللتان هما من سمات الأمة المثقفة، وهو الذي دعا إليه الأنبياء والمرسلون وهذه المناسك تزكية من كل أدناس يشوبها مساس من تعالٍ وأخلاق جاهلية تجعل الإنسان مكبلا ومقيدا خارجا عن مسار إخوته عبدا لشهوته حتى يجعل العاقل الحازم أعمى أصم.

والحج يجعل الحاج يذوب في الملايين بحيث يكون هو المثل الأعلى للأخوة الإسلامية التي هي جزء لا يتجزأ من الأمة، يسير معهم حيث ساروا ويصعد معهم إذا صعدوا ويقف معهم حيث وقفوا ويبكي معهم، ولا يكون كالشاة المنفردة معتزلا عن الجماعة إذ يقول الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (البقرة:199) يقول الإمام ابن كثير عند تفسير هذه الآية: «وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات كما كان جمهور الناس يصنعون، يقفون بها إلا قريشا فإنهم لم يكونوا يخرجون من الحرم فيقفون في طرف الحرم عند أدنى الحل، ويقولون: نحن أهل الله في بلدته، وقُطَّانُ بيته».

والحاج مع الجماعة والجماعة معه وتتجلى هذه من نقطة الإحرام حتى يودع بيت الله ثم تراهم رحماء بينهم في حياتهم بما اتعظوا من الحج من دروس في الأخوة والمحبة، ويلحق بالحجاج كل من تهفو نفسه إلى ذلك المكان بصومهم في ذلك اليوم؛ يوم عرفة يوم يقف الحجاج فيه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطبا غير الحجاج من أمته: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده».

والحج ثالثا ذكريات للنبي الكريم إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام، حين يجتمعون لأجل الله ذاكرين أبا الأنبياء الذي ضحى بحياته كلها وقد علمه الله أن يقول {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام:162) عجبا لأمر ضيوف الرحمن إذ تركوا أرائكهم، وقصورهم، وأموالهم وأولادهم، خرجوا لا ليكتسبوا مالا، بل بذلوا أموالا طائلة لخروجهم، وهذه الأيام سوف ترتج الأراضي المقدسة – إن شاء الله – بتلبية ضيوف الرحمن كما ترتج أجواء العالم الإسلامي جميعا بالتكبير، يذكرون إمامهم الذي سماه ربه خليلا في كتابه، إذ يقول {وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء:125) دالا على كثرة محبته له، كان - والله - كذلك أمة قانتا لله منيبا أواها حنيفا مسلما، فكان كما وصفه ربه.

والحج يذكرنا بمكة وماء زمزم والكعبة والمطاف ومقام إبراهيم ومنى والمروة والصفا والسعي بينهما وعرفات والجمرات، وهذه كلها تذكرنا الدعوة الخالدة التي ظهرت ببابل قبل أربعة آلاف من السنين، دعوة زكت النفوس من الشرك ففتحت النفوس وخاطبت العقول، دعوة كانت من الله ولله وإلى الله وانطلقت من العراق وشملت فلسطين وفاحت ريحها إلى أم القرى وجعلتها أفضل وأكبر مدينة لا ينقطع عنها ضيوفها. وصاحب تلك الدعوة هو خليل الله إمام الحجاج والمعتمرين، فليكن كل حاج متبعا ملته مقتديا به كما ينبغي لكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها التأسي به عندما يكبر في مصلى عيده:

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال