الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

30 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

688

أ.د. وليد خالد الربيع - الأستاذ بكلية الشريعة – جامعة الكويت:

يقرر المفكر الأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار حفظه الله في أكثر من موضع حقيقة واقعية وهي أن «القراءة المثمرة عمل غير ممتع»؛ لأنها تعتمد على عمليات عقلية مرهقة من جهة، ومن جهة أخرى لأنها عملية مملة بالمقارنة مع وسائل الترفيه الأخرى كالتلفاز ووسائل التواصل الحديثة، ونتيجة لذلك فإنه يرى أن هجر الكتب والعزوف عن القراءة مأساة أعظم من مأساة الطلاق المنتشرة في المجتمع، وأعظم من مأساة البطالة لأن الشرور النابعة من الأمية الثقافية أعم وأخطر من سواها من الأزمات.

وقد سبق العقاد إلى هذه الحقيقة فقال مقارنا بين المجتمعين المسلم والغربي: «إن القراءة لم تزل عندنا سخرة يساق إليها الأكثرون طلبا لوظيفة أو منفعة، ولم تزل عند أمم الحضارة حركة نفسية كحركة العضو الذي لا يطيق الجمود» (1).

وقد أعدت عدة دراسات ميدانية حول ظاهرة العزوف عن القراءة في الكويت والخليج، منها:

1- دراسة عن اتجاهات الشباب نحو المطالعة في المجتمع الكويتي المعاصر، أعدها إسحاق يعقوب القطان عام (1987م).

2- دراسة عن الميول القرائية لدى طلاب المرحلة المتوسطة وطالباتها بدولة الكويت، أعدها رفيق حسن الحلمي عام (1989م).

3- حلقة دراسية حول العزوف عن القراءة بين الشباب العربي الخليجي، أعدها المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج العربي عام (1995م).

4- دراسة عن عزوف طلبة المدارس عن القراءة في المرحلة الثانوية، أعدها د. أحمد العلي وآخرون عام (2000م)، تناولت (1200) طالب وطالبة من المحافظات الست بالتساوي، وتوصلت إلى بروز ظاهرة العزوف عن القراءة المثمرة والفعالة، والعزوف عن ارتياد المكتبات المدرسية والعامة، ونقص مهارات الطلبة بالاستفادة من مصادر المكتبة المتعددة.

5- دراسة واقع القراءة الحرة لدى الشباب أعدها د. علي الحاجي عام (2002م)، وهي دراسة كبيرة جاءت في (500) صفحة تقريبا، تناولت (231933) شخصا من دول مجلس التعاون، كان نصيب دولة الكويت (11674) شخصا، وقد تناولت الدراسة العوامل المؤثرة في القراءة الحرة، والمعوقات، واتجاهات القراءة لدى الشباب.

وقد توصلت هذه الدراسة إلى نتيجة خطيرة ومهمة في الوقت ذاته، وهي أن أكبر معوقات القراءة ليست الأوضاع الصحية، ولا المالية، ولا الأسرية، ولا المدرسية، بل هي أسباب شخصية بحتة، ودوافع ذاتية محضة كالكسل، أو الانشغال بوسائل ترفيه أخرى، فقد ذكر (58 في المئة) من شريحة الدراسة أن هناك وسائل تغنيهم عن القراءة مثل التلفاز والفيديو. وهذا طبعا قبل ظهور الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.

وكثير منهم يقرر أن لا توجد عوائق مادية أو اجتماعية تحول دون القراءة، بل معظمهم من مستويات دراسية جيد إلى جيد جدا، ومن أسرة تحثهم على القراءة وذات دخل جيد، وهم قادرون ماديا على تحصيل الكتب (2).

وظاهرة العزوف عن القراءة المثمرة ليست قاصرة على العالم العربي والإسلامي، بل إنها قد طالت العالم الغربي الذي تتفاخر الإحصائيات العالمية بكثرة قراءة شعوبه مقارنة بالقراءة في العالم العربي والإسلامي.

فعلى سبيل المثال أشارت دراسة فرنسية في سنة (2003م) إلى أن (50في المئة) من الجمهور الفرنسي بدأ يعزف عن الكتاب ويتجه إلى الإنترنت كمصدر للمعلومات والمتعة، وحينها أعلن وزير الثقافة حالة الطوارئ القصوى؛ لأنه وجد منسوب القراءة في انخفاض، فنزل ومعه كبار الكتاب والمؤلفين إلى الشوارع والحدائق العامة والمراكز الثقافية والمكتبات العامة يقرؤون ويتحدثون مع الناس عن القراءة والكتب في مهرجان أسموه «مهرجان جنون المطالعة» (3).

وفي الولايات المتحدة قامت الهيئة القومية التي ترعى المواهب الفنية بعمل دراسة عن قراءة الكتاب في أمريكا‏،‏ معتمدة علي عينة من أكثر من (‏17000)‏ من البالغين من أهم المجموعات الديموجرافية‏.‏

والدراسة بعنوان «القراءة في خطر» وترسم صورة قاتمة‏، فهي تكشف عن انخفاض معدل القراءات الأدبية بين كل المجموعات من جميع الأعمار‏،‏ وأن معدل الانخفاض قد تزايد‏،‏ خاصة بين الشباب في الأعوام العشرين الماضية.

وتشير الدراسة المذكورة إلى ارتباط انخفاض قراءة الكتب بظهور الإعلام الإلكتروني الذي جذب الأمريكيين بعيدا عن القراءة‏ (4).‏

ولا شك أن معوقات القراءة كثيرة، منها معوقات مادية وأخرى معنوية، مثل قلة الصبر والملل، أو عدم معرفة قيمة العلم أو الكتاب، أو طول الكتاب، والخطأ في الابتداء وصعوبة الكتاب من حيث الأسلوب أو المصطلحات، ومنها الشرود وعدم التركيز، وكثرة الملهيات، وكثرة الأشغال، وغيرها من المعوقات (5).

ولاشك أن الأهم من تشخيص المشكلة هو علاجها، وفي هذا المقام أود أن أؤكد على أمر جوهري دلت عليه السنة المطهرة، وأكدته نتائج الدراسات وتوصياتها، وهو التأكيد على دور الأسرة في ترسيخ عادة القراءة لدى الأطفال، وتنمية حب المطالعة لديهم.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بالأطفال، ويحرص على تعليمهم مبادئ الدين وأسس الخلق، ويرسخ في نفوسهم معالي الأمور، كما ظهر ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» (أخرجه أحمد).

وعن عمر بن أبي سلمة قال: «كنت غلاما في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، فما زالت طعمتي بعد» (أخرجه البخاري).

وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة».

فكان صلى الله عليه وسلم يولي كثيرا من الأطفال عناية واهتماما، وقد ظهر بعد ذلك تأثيرهم الواضح في المجتمع الإسلامي الأول، مثل: عبد الله بن الزبير، وعبد الله ابن عمر، ومعاذ بن جبل، ومعاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، وسمرة بن جندب، ورافع بن خديج، والحسن والحسين رضي الله عنهم.

وقد أكدت الدراسات المذكورة وغيرها أهمية دور الأسرة في حث أبنائها على القراءة وترسيخ حب المطالعة لديهم، بحيث تصبح القراءة الحرة من الأنشطة اليومية للأسرة (6).

وقد توصل د. صالح النصار في دراسته عن تعليم الأطفال القراءة ودور الأسرة والمدرسة في ذلك (7)، إلى نتائج مهمة منها: أن نجاح الطفل في تعلم القراءة يبدأ قبل المدرسة من البيت في سن الثالثة تقريبا، فالوالدان هما المعلم الأول للطفل في عالم اللغة المكتوبة.

ومن النتائج الخطيرة التي توصل إليها هي أن الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة وهم غير مهيئين لتعلم القراءة من الممكن أن تصبح عملية التعلم محبطة لهم وللمعلمين، مما يرتب عليه آثار خطيرة تنعكس على التعليم ومخرجاته كما هو واقع.

وتقدم بمجموعة من التوصيات منها أنه ينبغي على أولياء الأمور أن يقرؤوا لأطفالهم قبل المدرسة، ويعلموهم مبادئ القراءة والكتابة، ويناقشوا القصص التي يقرؤوها معهم لتنمية مهارتي القراءة والاستيعاب لديهم.

وذكر أنه ينبغي على أولياء الأمور أن يدعموا الأطفال في سن المدرسة كي يستمروا في النمو كقراء أكفاء؛ بمراقبة حلهم للواجب المنزلي، وشراء الكتب، وجعل القراءة هوايتهم في أوقات الفراغ.

وخلاصة القول: إن جعل القراءة عادة يومية ممتعة يحتاج إلى أن يحب الوالدان قبل الأولاد العلم، ويستمتعا بالمعرفة، ويتلذذا بالفكر الراقي، ثم ينقلا ذلك الشغف، وتلك المحبة إلى أبنائهما بالقدوة العملية قبل المحاضرات القولية، إذ لا يمكن للطفل أن يحب القراءة وهو يرى هجر والديه للكتب، وإعراضهما عن المعرفة، وترسيخ كراهية العلم في نفسه بالتذمر والتسخط كلما أقبل العام الدراسي مما ينعكس سلبا على الطفل في بغض المدرسة والتعلم.

إن مسؤولية الأسرة عظيمة في تربية أبنائها، ومتابعتهم، وتقويمهم، وعلاج انحرافهم، فالأسرة كالتربة؛ إن صلحت صلح نباتها، وإن فسدت فسد نباتها.

وقد حمل الشرع الوالدين هذه المسؤولية، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (متفق عليه).

وقيام الأسرة بمسؤولياتها يثمر ثمارا طيبة؛ فالمعلم الصالح، والوزير القدير، والشرطي الأمين، والطبيب الخبير، والقاضي العادل، والمعلمة القدوة وغيرهم من فئات مؤثرة في جوانب المجتمع المختلفة، فكل أولئك هم بالدرجة الأولى ثمرة أسرة صالحة، اجتهدت في تعليمهم وتوجيههم.

الهوامش

1- مجلة الرسالة العدد (427) مقالة: السيف والكتب انظر https://ar.wikisource.org

2- واقع القراءة الحرة لدى الشباب د. علي الحاجي (ص:458).

3- القراءة الذكية د. ساجد العبدلي (ص:4).

4- مقالة بعنوان ضوء أحمر بقلم: مها النحاس، جريدة الأهرام العدد (43524-العدد:4 فبراير 2006م).

5- كيف تقرأ كتابا؟ محمد المنجد (ص:21).

6- واقع القراءة لدى الشباب (ص:469).

7- تعليم الأطفال القراءة - دور الأسرة والمدرسة - د. صالح بن عبدالعزيز النصار (ص:55).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال