الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

128 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

y y u

د. محمد أحمد عزب – أستاذ العقيدة المشارك جامعة المدينة العالمية:

التزام المسلم تجاه دينه يأخذ مسارين؛ أولهما: مسار التصور، والثاني هو مسار السلوك، لا ينتفع المرء بإيمان لا يقوم على تصور صحيح، كما لا ينفعه تصور يبدو كفكرة كامنة في نفسه وضميره، لا يقوم بتفعيلها سلوكا في حياته، ولا تجد آثارها في أفعاله وتصرفاته.

يعبر عن هذا الالتزام بالاستقامة، وهي أمر الله لعباده قاطبة، بل هي أمره تعالى لسيدهم خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ } (هود: 112)، وهي من أشد ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم، قال ابن عادل في تفسيره: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية هي أشد عليه من هذه الآية، ولذلك قال: «شيبتني هود وأخواتها»، وكذا قال البغوي، وغير واحد من المفسرين.

والاستقامة المأمور بها في الآية فسرها البيضاوي بقوله: «اتباع النصوص من غير تصرف وانحراف بنحو قياس واستحسان»، وهذا هو الجانب الأول في الاستقامة وهو جانب التصور، وهو التسليم لحكم الشرع ووفق توجيهاته المعصومة، وألا تحرف النصوص عما وضعت له، أو يضم لها غير المعصوم مما يراه الناس مما لا يقع تحت مقدورهم العلم به أو معرفته أو القول فيه بالتخرص.

ولقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بلزوم ما أنزله عليه من الوحي المعصوم، وألا يسير خلف أهواء الجاهلين، فإن أهواءهم لا تقف عند حد، وليس لها سقف، ثم هي ناقصة متغيرة، فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } (الجاثية: 18).

وهذه الشريعة التي جعل الله رسوله عليها، وشرعها له تراعي مصالح الفرد في الدارين، وما خفي من مصالح الدارين لا ينبغي طلبه أو إدراكه إلا منها، كما قال العز ابن عبدالسلام: «أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح».

والذين لهم حق طلب هذا هم ورثة النبوة من العلماء المجتهدين، وهؤلاء ضبط الفقه الإسلامي تناولهم للدليل والاجتهاد فيه والفتوى من خلاله، ولم يترك الأمر لمجرد النظر ليتكلم صاحبه في دين الله بما يراه وفق هواه، قال الشافعي رحمه الله فيما نقله عنه الخطيب البغدادي: «لا يحل لأحد يفتي في دين الله إلا رجلا عارفا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، وبمحكمه وتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذلك بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيرا باللغة، بصيرا بالشعر، وما يحتاج إليه للعلم والقرآن، ويستعمل مع هذا الإنصاف، وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأمصار، ويكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هذا هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم، ولا يفتي».

كما أن خواطر المرء وما يجول في نفسه من إرادة الخير أو تصوره، لابد فيه أيضا من اتباع الأثر، نقل الغزالي عن أبي سليمان الداراني قوله: «لا ينبغي لمن ألهم شيئا من الخير أن يعمل به حتى يسمع به في الأثر، فيحمد الله تعالى إذا وافق ما في نفسه».

بهذا ضبط الإسلام الجانب الأول وهو التصور، حيث جعله قائما على الصحة والاستقامة والرسوخ في العلم لا الرضوخ للهوى وخلجات النفس، مهما كان خيرا.

أما الجانب الثاني وهو السلوك وتطبيق الشريعة في واقع المسلم، واستصحابها معه في حله وترحاله، فهو التحول بتعاليم الشريعة من تعاليم وتوجيهات إلى واقع حي، وإلى معاملة يكون فيها صاحبها مراقبا لله في كل بادرة، فليس لتدينه قيمة إذا كان فكرة كامنة في نفسه، يتمنى عودة الناس للدين وهيمنة أخلاق الشريعة على واقعهم، وهو من أبعد الناس عن هذه الأماني، خاصة إذا خلا بنفسه، وكان في مأمن من عيون الناس واطلاعهم على مكنون فعله، فإنه لو انحرف فقد ثمرة الإيمان بالغيب، الذي جعله الله من صفات المتقين في مفتتح كتابه إذ قال: { ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ } (البقرة: 2- 3) فقد قيل في بعض وجوه تفسيره: إن المراد به أنهم يؤمنون إذا غابوا، وليسوا كالمنافقين، ويؤيده قوله تعالى: { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } (ق:33) قال ابن كثير: «أي: من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله».

وفي حديث جبريل المشهور في الصحيح، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، والإحسان هذا الذي هو سلوك فعل الخير في الغيب يجمع كل منازل السير إلى الله، كما عبر عن ذلك ابن القيم.

فاستقامة المرء على دين الله هو جمعه بين الحق الصحيح والتدين به، وجعله واقعا حيا وسلوكا في معاملة الخلق والنفس، وهذا ما كان عليه خير القرون المتبعين لأقوم هدي، فمن سار سيرتهم فقد حاز مكارمهم، ولو خالف بين سلوكه وتصوره؛ فليتذكر ما شيب خاتم النبيين من أمر الله له بالاستقامة.

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال