الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

159 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

 bnatsoft.com1441630523221

السنوسي محمد السنوسي - كاتب إسلامينتيجة بحث الصور عن السنوسي محمد السنوسي

في علاقة المسلمين بغيرهم، ثمة رواسب كثيرة صنعت الأزمة التي نعاني آثارها بين الجانبين، وأيضا ثمة خطوات مطلوب اتخاذها حتى يمكن توفير البيئة المناسبة لتحقيق المقصد الإلهي من خلق الناس مختلفين؛ على مستوى النوع، والقبيلة، والأمة؛ حيث يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات:13).

وفي مقدمة تلك الخطوات المهمة، المطلوب اتخاذها، أن نفكك مصطلح «الآخر»؛ الذي نريد أن نتعارف معه، وأن نقيم معه علاقات صحيحة؛ تحقق مصالح الطرفين، من غير ذوبان أو انكفاء..

فهذا «الآخر» ليس شيئا واحدا، وليس كتلة صماء لا تقبل التفكيك؛ كما أنه ليس خيرا كله، ولا شرا كله.. بل يحمل في داخله تمايزات وتنويعات، ينبغي أن نفهمها ونأخذها بعين الاعتبار ونحن نبني تجاهه رؤيتنا الفكرية، وقراراتنا العملية.

ولا يمكن احترام «الإنسان»، أي إنسان، والقيام بالحقوق الواجبة له لأنه إنسان، بغض النظر عن الفوارق الدينية والمذهبية والطبقية؛ دون أن نفكك رؤيتنا لـ«الآخر»، ونكف عن تحميل «الآخر» بأفراده جميعا ما يرتكبه البعض من خطأ وخطايا..

فهذا التفكيك للمفهوم، والتفرقة بين من يندرجون تحته؛ هو منهج إسلامي فريد أرساه القرآن الكريم بمثل قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً} (آل عمران:113).

ونقول بداية: إن الإسلام ينطلق في موقفه من الحضارات والثقافات الأخرى، من التأكيد على أن الاختلاف والتعددية سنة من سنن الله البالغة، التي تثبت بها طلاقة قدرة الله سبحانه على خلق الناس على نحو متمايز؛ سواء في عقائدهم، أو ألسنتهم، أو ألوانهم، أو طبائعهم. كما تثبت بها أيضا حرية الإنسان واختياره في أن يسلك طريق الخير أو طريق الشر، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ  فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ  إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (المائدة:48).

يوضح د. عمارة أن الإسلام يؤكد أن التعددية في الحضارات والثقافات هي الأصل والقاعدة، بل إن الإسلام ليجعلها القانون الإلهي في ميادين الاجتماع الإنساني وشؤون العمران البشري؛ فالوحدانية خصيصة للخالق سبحانه، أما ما عدا الخالق الواحد فقائم على التعددية، كسنة جارية وحاكمة في كل الميادين، في القوميات والأجناس.. في الشعوب والقبائل.. في الشرائع والمناهج.. بل إن غياب التعددية، ومن ثم التدافع الحضاري والحراك الاجتماعي، إنما يعني الموات المتمثل في غيبة إبداع الخصوصيات: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (البقرة:251)، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} (الحج:40) (1).

بجانب ذلك، يؤكد الإسلام -في نظرته للآخر- ضرورة اتباع القسط والعدل، وعدم بخس الناس حقوقهم، لمجرد أنهم يختلفون معنا في الدين أو الرأي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ  وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا  اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى  وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة:8).

ولذا -وهنا مربط الفرس- يجب ألا نتعامل مع الغربي، أو الآخر عموما، على أنه كتلة واحدة أو موقف واحد، إنما يجب أن نميز فيه بين عدة أطراف، وفق ثلاثية مهمة أطر لها د. عمارة، وهي: التمييز بين «الإنسان» الغربي، و«العلم» الغربي، و«المشروع» الغربي (2).

الإنسان الغربي

فـ«الإنسان» الغربي لا مشكلة لنا معه، بل قد يكون هذا الإنسان ضحية لـ«صناعة الصورة» في مارد الإعلام المتحيز ضد قضايانا العادلة؛ ومن ثم، فهو بالنسبة لقضايانا يمثل إمكانية صداقة ومعاونة؛ بل إن هذا الإنسان يفتح عقله وقلبه حتى لإسلامنا، إذا نحن أحسنا خطابه، وعرضنا عليه بضاعتنا بمنطق العقل والعدل والمصلحة» (3).

ويكفي للتدليل على تلك الحقيقة؛ حقيقة أن الإنسان الغربي -من زاوية عامة- يمثل لنا إمكانية صداقة وتعاون وتعارف؛ أن نشير إلى نتائج استطلاع الرأي (4) الذي أجرته الإدارة العامة لشؤون الصحافة والاتصالات بالمفوضية الأوروبية بواسطة مؤسسة «باروميتر»، والذي كان يدور حول 15 سؤالا، من بينها سؤال يقول:

وضح من بين الدول الآتية، ما إذا كانت هناك دولة تمثل -في رأيك- تهديدا للسلام في العالم؟

وكان الاستطلاع يشمل 15 دولة -بينها إسرائيل- من مناطق الأزمات الرئيسية في العالم، ومن بينها خمس دول عربية وثماني دول إسلامية، وكانت النتيجة أن 59% ممن أجري معهم الاستطلاع أشاروا إلى أن إسرائيل تمثل خطرا على سلام العالم بأسره؛ لتحتل إسرائيل المركز الأول.

العلم الغربي

أما «العلم الغربي»، فهو يصدق عليه الآية الكريمة: {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} (يوسف:65)؛ لأن المسلمين هم الذين أقاموا المنهج التجريبي المؤسس على الملاحظة، والتجربة، والاستقراء، ثم الاستنباط؛ وكان لهم الفضل في تطوير هذا المنهج بما أفاد الغرب لاحقا، وجعله يقيم حضارته المعاصرة على هذا المنهج وعلى منجزاته التي أضافها المسلمون إلى مسيرة التطور الحضاري البشري.

على أنه ينبغي التفرقة بين تلك العلوم التجريبية -التي هي محايدة- وبين فلسفتها وتطبيقاتها، التي تتغير وتتبع عقائد كل أمة وثقافتها؛ وعن هذا الفرق المهم يقول الأستاذ محمد أسد: «فالمعرفة نفسها (أي العلم التجريبي) ليست غربية ولا شرقية، إنها عامة بالمعنى الذي يجعل الحقائق الطبيعية عامة. إلا أن وجهة النظر التي ترى منها هذه الحقائق وتعرض، تختلف باختلاف المزاج الثقافي في الشعوب... (فهذه العلوم) تتعلق بملاحظة الحقائق وبجمعها وتحديدها ثم استخراج القواعد المعقولة منها.

أما النتائج الاستقرائية... أي فلسفة العلوم، فإنها لا تبنى على الحقائق والمشاهدة فقط، ولكنها تتأثر إلى حد بعيد جدا بمزاجنا المتأصل فينا، أو بموقفنا الحدسي من الحياة ومشاكلها... (ومن هنا) فليست العلوم الحديثة التجريبية هي المضرة بالحقيقة الثقافية في الإسلام، وإنما المضر هو روح المدنية الغربية التي يقترب المسلم بها إلى تلك العلوم» (5).

المشروع الغربي

وأما مشكلتنا -بالنسبة مع الغرب- فهي مع «المشروع الغربي» الاستعماري، الذي يوظف كل شيء -بما في ذلك القيم الدينية- لتبرير أطماعه وتحقيقها؛ وهو المشروع الذي زرع «إسرائيل» في قلب العالم الإسلامي؛ لتكون حارسه وعينه على البلاد العربية.

بهذه «الثلاثية» التي تفكك مصطلح «الآخر» -خاصة في سياق علاقتنا مع الغرب- وتوضح لنا الفروق الكبيرة بين مكونات المصطلح؛ يمكن لنا أن نبني صورة ذهنية صحيحة عنه، ونحسن التعامل معه، وصولا إلى ترسيخ مكانة «الإنسان» واحترام حقوقه.. فقط لأنه إنسان.

الهوامش

(1) د. محمد عمارة، حضارة أم حضارات؟، مجلة «المسلم المعاصر»، ص 9، العددان 73/ 74، محرم 1416هـ.

(2) د. عمارة، مستقبلنا بين العالمية الإسلامية والعولمة الغربية، مجلة «المسلم المعاصر»، ص 32، العدد 104، محرم 1423هـ.

(3) المصدر نفسه، ص 32.

(4) انظر تقرير مصطفى محمود عبدالله، جريدة الأهرام، ص 6، بتاريخ 11 نوفمبر 2003م.

(5) الإسلام على مفترق الطرق، محمد أسد، ص 71، 72، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، 1984م.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال