السبت، 27 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

55 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

حوارات

sedsmel222

محمد ثابت توفيق :

 يُطلق عليه إعلاميون «شيخ التربويين الإسلاميين».. إنه واحد من الخبراء التربويين الجادين في عالمنا العربي، تشهد له مؤلفاته وأفكاره، ومسيرة عقود في بث الفكر التربوي، وفي هذا الحوار مع «الوعي الإسلامي» يكشف د.سعيد إسماعيل علي، أستاذ التربية بكلية التربية بجامعة عين شمس المصرية، عن أسرار مسيرته التعليمية، وما لاقاه من صعوبات حددت مسيرة حياته العلمية والفكرية، كما يقيم دور الصعوبات في مسيرته، وكذلك أهميتها في حياة الشباب والأمة، كما يتناول أسباب واقعنا الحضاري اليوم، وكيف أسهم التعليم في هذا الواقع، وكيف يمكن أن يقودنا، خاصة مع تضافره مع المعرفة والتكنولوجيا لنتبوأ موقعنا الحضاري من جديد.

في البداية نريد أن نلقي الضوء على طرف من نشأتكم وتكوينكم والصعاب التي لاقيتموها في سبيل الالتحاق بالتعليم.. قبل مواصلة رحلتكم الشاقة مع العلم.. لعل كثيرا من شبابنا يأخذون العظة والعبرة منها.

ـ ولدتُ عام 1937م بضاحية المرج- الريفية آنذاك- من العاصمة المصرية القاهرة، وكان أبي يعمل خياطا بلديا، في حين كانت أمي سيدة أميّة، ولما كان أبي لم ينل قسطا من التعليم على الإطلاق، فقد اجتمع كونهما، رحمة الله تعالى عليهما، أميّين، وكان التعليم الأولي هو السائد في مصر آنذاك، حيث يتعلم الصغار القراءة والكتابة وبعض العلوم، ولا يُبنى على هذا اللون من التعليم، أي إنه لا يستكمل، وكدتُ- للحقيقة- أكتفي به، لولا أن علمت أن أحد أقاربنا من الصغار سيلتحق بالمرحلة الابتدائية مع كونه غير سوي الإدراك، فأخذتني الغيرة الشديدة، وقلتُ في نفسي: إنني الأولى بإكمال التعليم، وكانت أمامي إشكالية كبرى آنذاك، إذ إنه ليس هناك في الأسرة كلها من يعرف أهمية مسيرة التعليم المعتادة، ولا دورها في الحياة، وفي نهاية رحلة التفكير هذه توصلتُ إلى أنه ليس من حل سوى أن أسرق شهادة ميلادي من والدي.. بعدها استعنت بأحد الكبار ورجوته أن يحضر لي استمارة مدرسة الآداب الابتدائية في حي حدائق الزيتون، وكانت الأقرب إلينا، وبالفعل تقدمتُ وقبلتُ في المدرسة، وكانت بالنسبة إلي آنذاك كالفضاء الخارجي لتلاميذ اليوم، وكان تقدمي إليها في العام الدراسي 1947ـ 1948م، وكانت المشكلة الأولى والكبيرة- آنذاك- قد انتقلت من رفض الوالد الذي قبل الأمر، حتى حين، إلى الزملاء من التلاميذ، فقد كانوا يتضاحكون على بساطة ملابسي، ورقة حالي بوجه عام، بل كوني ريفيا لا أعرف تصرفاتهم المنتمية إلى المدينة، ولكن هذه المشكلة صارت حافزي إلى التقدم، بل التفوق الدراسي لإثبات أن بيئتي التي لم تكن تروق لكثير منهم سَتُخرج من هو أفضل..

كان المدرسون يشرحون آنذاك في الفصول، وهي الإشكالية الكبرى اليوم، فلم أحتج إلى دروس خصوصية، وفي نهاية العام جاء ترتيبي الأول على فصول المرحلة الابتدائية كلها، ولا أخجل من القول بأن أبي تضايق لما رأى الشهادة، إذ كان مقتنعا بأني ينبغي أن أرث مهنته، ومن تلك اللحظة حتى تخرجي من كلية الآداب لم يعرف أبي في أي عام أدرس، إلا لما جاء أهل بلدتنا لتهنئته، فلما تعجب منهم أخبروه بأني نلت الشهادة الكبرى، كما كانت تسمى آنذاك..

من يومها تعلمتُ أن أسير، بإرادة الله تعالى، بنفسي وبتوفيقه لي بحسن استثمار قدراتي، وبالتالي صرتُ في الحياة لا أنحني لأحد، مدركا أن الفضل في البداية والنهاية لله تعالى لا لسواه.. وليت شبابنا اليوم يدركون أهمية هذا الدرس جيدا..

وهل استطعت الحفاظ على مسيرة التفوق هذه أمام تحديات الفقر وصعوبة الدراسة الجامعية في تلك الفترة المبكرة من حياتك؟

كان حب التفوق حافزا لي لمزيد من التفوق.. وكنتُ قد حصلتُ في الثانوية على 67%، وهو مجموع ضخم آنذاك، فاخترتُ الالتحاق بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، لكن مستواي لم يكن مناسبا في اللغة الإنجليزية، وكانت مدارس اللغات غير تابعة للدولة، فلم يكن التعليم أمّم بعد، وكانت الإنجليزية في مدارس الدولة شبه إضافية، من هنا قررتُ ترك قسم اللغة الإنجليزية رغم أهميته- آنذاك- التي لم تكن تقل عن الطب والصيدلة.. وانتقلت إلى قسم الفلسفة لحبي لعلم النفس الذي كان ملحقا بالقسم نفسه، ولكني بعد التخرج بتفوق وجدتني غير قادر على إكمال رحلة التعليم العالي، لأن كلية الآداب آنذاك لم تكن تعين معيدين، من هنا فور علمي بوجود كلية وحيدة للتربية في مصر هُرعتُ إليها لأنال دبلومتها وأكمل مسيرة التدرج فيها حتى اليوم.. وكنتُ قد نلتُ درجة الأستاذية منها عام 1979م.

برأيك هل تفتقد الأمة العربية الإسلامية اليوم استنهاض روح التحدي لتبدأ رحلة الصعود من جديد؟

ـ برأي أحد فلاسفة التاريخ ويدعى توينبي إن نظرية التحدي والاستجابة تخص الشعوب والأمم كما تخص الأفراد، فكلما كانت المخاطر والمتاعب أمام قيام أو استرداد الحضارة- كما في حالتنا- هائلة، كان استنهاض الهمة أكبر، وفرص النهوض والتقدم أوفر، ومن هنا أتمنى أن يقدر الشباب مرة ثانية هذا الأمر جيدا.. فلا يستنعمون الحياة لوجود الأب والأم اللذين يوفران كل كبيرة وصغيرة، فلا يمضي الأبناء، مهما كبروا، في مسيرة الحياة إلا وهم متكاسلون، إلا من رحم ربي، وليدركوا أن في تكاسلهم هذا خذلانا منهم للأمة كلها..

أنت أحد رواد التربية والتعليم في الوطن العربي.. ما دور التعليم حتى اليوم في بقاء الأمة العربية الإسلامية على ما هي عليه، ومن قبل قصور التربية ممثلة في وجوه متعددة من أسر ومؤسسات في القيام بدوره؟

ـ نعم هناك قصور في التعليم العربي اليوم.. ولننظر إلى الانتشار المخيف للغة الإنجليزية في الدول العربية والإسلامية، ومساحة التعليم المجاني التي تتقلص، بل دخول الحكومات العربية في مجال التعليم بالإنجليزية، عبر ما يُسمى في مصر بـ«المدارس التجريبية»، وأثمر هذا كله عن ملايين التلاميذ والطلاب لا يعرفون شيئا لا عن دينهم ولا لغتهم، من هنا يجيء التحدي لجيل لا يعرف شيئا عن عمالقة الشعر القديم: البحتري، أبوتمام، المتنبي، امرؤ القيس.. وأقصى ما يعرفه المثقف منهم أسماء صحافيين مع الثقافة الغربية بلا حدود، فإذا ما اعترفنا بأن لدينا طرفا من المتدينين من مدرسين ومدرسات، للأسف يسيئون تقديم صورة ديننا إلى صغارنا، علمنا خطورة وضعنا التعليمي الحالي على واقع الأمة كلها..

عفوا يا دكتور.. لكن الأمر له علاقة بسنين طويلة وتراكم مجهودات لتقويض لغتنا العربية..

ـ هذا صحيح، للأسف الشديد، وأرى أنه بالتحديد عند استقلال كثير من الدول العربية الإسلامية كانت فرصة مواتية للقفز في نوعية التعليم المقدم لأبناء أوطاننا.. لكن للأسف نجح المحتل قبل خروجه في أن يدخل لدينا نفوذا من نوع أشد، عبر الجامعات التابعة له، ونرى هذا في مصر ولبنان تحديدا، ومنذ العشرينيات من القرن الماضي، ومن هنا تخرج الآلاف ممن نضبت ثقافتنا لديهم.

ولكن هل أنت مع القائلين بوجود مؤامرة غربية مستمرة على ثقافتنا منذ سنوات بعيدة حتى اليوم؟

ـ لا أحب منطق القبول بالمؤامرة والصراع على الإطلاق، لكن ما أؤمن به أن العرب والمسلمين لم ينتبهوا للأمر الرباني في الآية الكريمة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } (الأنفال: 60)، وقد ضرب الله تعالى المثل برباط الخيل.. والمقصود، كما أفهمه، هو كل ما يؤدي إلى القوة من علم وتكنولوجيا، لأن العالم اليوم مبني على صراع قوى، وأهم وسائل هذه القوة هي المعرفة، وعدوك يتهيبك مادمت قويا في المعرفة وتطبيقاتها، ومن هنا أعود إلى التعليم من جديد، فقد كنتُ في اليابان رئيسا لندوة هناك، فقالوا لي: إن الهوية اليابانية هي الأصل لديهم، ولذا يعرف التلميذ الإنجليزية، لكن اليابانية أولا لديهم، حفاظا على الهوية اليابانية التي تنمو معه حتى الدكتوراه، وهي الأهم في تكوينه، وبالتالي تعليمه وتعلمه المعرفة والتكنولوجيا.. ترى أين نحن من هذا؟

لكن أليس أمر إعداد الغرب عائدا إلى سنوات أبعد، حتى قبل تطور العلم والتكنولوجيا؟

ـ هذا صحيح، فالحروب الصليبية بدأت منذ وقت مبكر.. منذ القرن الحادي عشر الميلادي، كما أنه- تاريخيا- لدينا التفكك منذ ملوك الطوائف في الأندلس، وكان هذا إنذارا بتفكك النسيج الحضاري للأسف، فإذا ما أضفنا القصور في الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا، فيما بعد، علمنا أن سنن الله في الحضارات أنها دورات، كل فترة تعيش مدة ثم تغيب، وفي الغالب لن يستمر التفوق الحضاري الغربي.. لكن متى سيتم هذا؟ إنه في علم الله تعالى.. لكني أتوقع أن تشرق شمس حضارتنا عندما نأخذ بسنن التطور الحضاري، وحرية التعبير والتفكير المعرفي وتطبيقاته التكنولوجية.

9a md 32718

التنويم الإيحائي صياغة عصرية لعلم قديم يغير إدراك العقل الباطن

القاهرة – الوعي الشبابي:

إنه نور البصيرة الذي يمنحه الله لأناس دون غيرهم بعد أن يسلبهم نور البصر؛ ليكونوا قناديل مضيئة للمحرومين من اكتشاف مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية.. فهذا كفيف حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ من جامعة الإسكندرية، وتم ترشيحه للعمل بإحدى شركات الملاحة البحرية العالمية، لكنه رفض أن يكون أسير عمل مكتبي، وفضل الذهاب إلى المستحيل، فحصل على العديد من دورات التنمية البشرية حتى أصبح في وقت قياسي أحد أشهر الخبراء في هذا المجال، ويعمل حاليًا مساعدًا بالطب النفسي، وانتهى أخيرًا من درجة الماجستير، قسم إدارة الأعمال من جامعة كامبريدج، بالإضافة إلى أنه أول كفيف في العالم يؤلف كتابًا عن الخرائط الذهنية للمبصرين والمكفوفين، كما كتب مقدمة لكتاب "كوارث العولمة وغياب الإدارة" للكاتب اليمني المقيم بألمانيا فلاح الجوفي.. هذا هو السيد محمد عبدالفتاح، الملقب بـ"السيد الشيشيني"..

fuad

القاهرة – عبد الله شريف :

د. أيمن فؤاد السيد: هو أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة الأزهر، ومدير مركز تحقيق النصوص، عالم تخصص في التاريخ والحضارة العربية الإسلامية، عاش منذ نعومة أظافره بين التراث العتيق في مكتبة والده الذي أنشأ فهارس معهد المخطوطات، نال الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون 1986م، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 1983م، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1985م، وجائزة عبدالحميد شومان للعلماء العرب الشبان في العلوم الإنسانية لعام 1988م، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2007م.

له العديد من المؤلفات، منها: تاريخ اليمن في العصر الإسلامي، وتاريخ المذاهب الدينية في بلاد اليمن حتى نهاية القرن السادس الهجري، والدولة الفاطمية في مصر.. تفسير جديد، ودار الكتب المصرية.. تاريخها وتطورها، والتطور العمراني لمدينة القاهرة منذ نشأتها وحتى الآن، والكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات.

ليس أدل على عظمة وغزارة التراث العربي والإسلامي المخطوط من تعرضه، على مدار 14 قرنا وحتى الآن، للاستنزاف والهدر والنهب! فكثيرة هي النوائب التي حلت بهذا التراث، لم تكن البداية بالمذبحة التي ارتكبها التتار بحق مكتبة بغداد، ولم ينته الأمر بعدها بالسلب والنهب والإهمال، فتكفي الإشارة إلى أن مكتبات الغرب يتوافر فيها أكثر من 4 ملايين مخطوطة من أندر ما أبدعته عقول المسلمين. وفي حواره مع «الوعي الإسلامي»، يؤكد أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة الأزهر مدير مركز تحقيق النصوص، د. أيمن فؤاد السيد، أن تراث الأمة العربية الإسلامية غزير وعظيم، لكن غالبيته تعرض للنهب والتلف.. وإلى التفاصيل:

معروف عنكم الاهتمام بشأن التراث المخطوط والذود عما يتعرض له من إهمال أو إتلاف.. كيف جاءت مسيرتك العلمية في هذا الشأن؟ ومن أبرز الرواد الذين أناروا دربك في تلك المسيرة؟

- التعامل مع التراث في العموم شيء مكتسب، ولا توجد كليات أو معاهد تدرس تخصص المخطوطات، لكني درست التاريخ، وأحببت الغوص في التراث القديم وما حمله من معان وأفكار ورؤى مستقبلية عظيمة. ومن أبرز من شجعني على الدخول في هذا المجال، والدي، أمين مخطوطات دار الكتب المصرية. فكنت أتردد كثيرا على الدار القريبة من المنزل، ورأيت قاعة المخطوطات ومخزنها والأشخاص الذين يترددون على أبي وعلى الدار، فضلا عن النقاشات التي كانت تتم بينهم.

ومن أبرز من كانوا يحضرون: الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية المصري د. شوقي ضيف، وقد نشر وحقق كتابه «الرد على النحاة» لابن مضاء، وأخرجه من بين المخطوطات القديمة. ود. خليل يحيى نامي، والمفكر عبدالرحمن بدوي، ود. محمود شاكر، ود. حمد الجاسر، والمستشرق الفرنسي شارل كوينز.

كان أبي يشركني في تجارب الطباعة للكتب التي يتم تحقيقها، فبدأت أرى الخطوط وأنواعها، وطريقة فهرسة المخطوطات، وكنت أذهب معه إلى «معهد المخطوطات»، لاسيما أن والدي هو من أنشأ فهارس المخطوطات في المعهد، منذ 1945م إلى وفاته 1967م.

لا يعرف كثيرون ماهية علم المخطوطات.. فما مراحل تطوره في التاريخ الإسلامي؟

- المخطوطات هي ذاكرة الأمة، حيث إن الطباعة دخلت متأخرة إلى البلدان العربية، ونجد أن الكتاب المخطوط أخذ وقتا طويلا منذ بدايات التدوين حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما دخلت الطباعة في عصر والي مصر محمد علي، وإنشاء مطبعة بولاق، وقبل ذلك كانت الكتابة قائمة على المخطوطات فقط. والمخطوطات هي طريقة التدوين التي كانت متبعة في التاريخ من قدماء المصريين مرورا بالآشوريين واليونانيين والرومان والفرس وكل الحضارات التي تلتها. وقد استخدم القدماء أنواعا مختلفة لكتابة المخطوطات، منها «البردي» الذي يصنع من ساق نبتة تسمى «البردي»، ظهرت في مصر القديمة وانتقلت بعدها في العصور القديمة إلى فلسطين وصقلية والعراق، وكذلك ورق «الرق» و«البرشمان» الذي يصنع من جلود الحيوانات، حيث تغسل وتوضع عليها مواد لإزالة الشعر، ثم تشد الجلود حتى تصبح جاهزة للكتابة.

والمخطوطة هي وسيلة لحفظ الإنتاج الفكري والعلمي، وكانت قديما على البردي والرق والبرشمان، ولم يعرف الورق إلا عندما انتصر المسلمون عام 133هـ على الصينيين قرب سمرقند، وأسروا بعضهم ونقلوا منهم تقنيات صناعة الورق، التي انتقلت إلى العراق في عهد البرامكة، وتم إنشاء مطابخ الورق، وحل الورق تدريجيا حتى القرن الرابع محل «الرق» و«البردي».

يقول البعض إن من الأفضل خروج المخطوطات إلى دول أوروبا حتى لا يمسها إهمال العرب.. بماذا ترد؟

- وجود الآثار في الخارج سفير مهم للحضارة العربية والإسلامية، لكن علينا بدلا من الفخر بخروجها الإبقاء عليها، والاستفادة من العلوم التي تحتويها، وعدم الانشغال بوضع قوانين تقيدها كقانون تداول المخطوطات.

والمخطوطة ليست تحفة للمشاهدة، لكن هي أصل ومرجع لمن يريد البحث عن التاريخ والأدب والعقيدة، ومن يريد أي معلومة لابد أن يعود إلى المصادر، وهي الكتب الخطية، ولا بد من نشرها نشرا علميا للتأكد من أنها أصلية، وليس الاحتفاظ بها متحفيا. والمخطوطة هي الأصل الذي تبنى عليه كل الدراسات والعلوم.

ومن أبرز مظاهر الإهمال ما حدث في مصر مع مخطوطة «الرسالة» للإمام الشافعي، في دار الكتب 2004م، حيث كانت هناك فعالية تسمى يوم المخطوط ويوم الوثيقة، وتم عرضها في مدخل المؤتمر، ثم فقدت أو سرقت، ولم يجدوها حتى الآن.

هذا يدفعنا للحديث عن أبرز مذابح التراث والمخطوطات في التاريخ.

- أنشئ بيت الحكمة في العصر العباسي، وازدهر في عهد الخليفة العباسي المأمون، محدثا نقلة نوعية في الترجمة تمهيدا للعصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية في بداية القرن التاسع الميلادي، سنة 840 م. لكن في عام 1258م، اجتاح «التتار»، العنصر غير الحضري، الأخضر واليابس، ووصلوا إلى مقر الخلافة في بغداد بتآمر من أحد الوزراء، واستطاعوا حرق وتدمير الإنتاج الفكري الإسلامي الذي شمل مئات السنوات، وألقوه في نهر دجلة، وكان يضم ما يقرب من نصف مليون كتاب.

وقبل مذبحة بغداد، توجد مذبحة مكتبة الدولة الفاطمية، التي أضاعت علوما كثيرة على المسلمين. وأيضا هناك العديد من مظاهر الإهمال تحدث يوميا، منها على سبيل المثال: نقل وتخزين عدد كبير من الوثائق والمخطوطات النادرة ومحتويات «الكتبخانة» الملحقة بمسجد الرفاعي بالخليفة، إلى سرداب عمارة ملك لوزارة الأوقاف تقع خلف المسجد، مما يهدد بتلف تلك الوثائق النادرة، التي تعاملت معها مديرية الآثار على أنها ورق دشت، حيث إن سوء تخزين الوثائق وتعرضها للرطوبة ودرجات الحرارة المنخفضة والمرتفعة أيضا، يساعدان على تآكل خام الورق ذاته، بالإضافة إلى الحشرات والقوارض التي تكون في الغالب ساكنة رئيسية في أماكن التخزين السيئة (السرداب)، مما يعجل بسرعة تعرضها للتلف في زمن قياسي.

أيضا المذبحة التي تعرض لها المجمع العلمي بالقاهرة قبل 3 أعوام، حيث أتت النيران عمدا على محتويات المجمع، الذي يعد إحدى أقدم المؤسسات العلمية في القاهرة، والذي أنشأته الحملة الفرنسية عام 1798م، وكان به وقت الحريق عشرات الآلاف من الكتب والمخطوطات والوثائق النادرة، تعرض كثير منها للحرق والتلف، ومن بينها كتاب وصف مصر.

كان للغرب دور في العناية بالتراث العربي المخطوط.. كيف تقارن دور الغرب مع دور مؤسسات التراث وترميم المخطوطات في العالم العربي؟

- معهد المخطوطات العربية أنشئ عام 1945م، ويتبع جامعة الدول العربية، ويهدف إلى تصوير المخطوطات من المكتبات العالمية وإتاحتها في مقره في القاهرة، بعد فهرستها وتسجيلها وعنونتها.

اعتمد المعهد في بدايته على أعمال كارل بروكلمان، خصوصا «تاريخ آداب اللغة العربية» في اختياراتها، وأرسلت بعثات لعدة أقطار لجمع أندر ما تحتويه المخطوطات التي خرجت من بلاد المسلمين. ويقدم المعهد دورات مهمة في تحقيق المخطوط وفي الخطوط وأنواعها وغيرها من الدورات المتعلقة بالتراث.

أما عن الترميم الذي يعد علما كبيرا ذا أصول وقواعد، فهناك مهارات وأدوات يجب أن يتقنها من يقوم بهذه المهمة الخطيرة التي ربما تخرج عملا تستفيد منه أجيال وأمم، وربما يفسد قيمة كبيرة لا تقدر بثمن، وهو يعني تجميل المواد الأثرية وإعادة حالتها إلى شكل أقرب إلى أصلها بغير إضافات تتلفها.

ويوجد في مصر مركزان للترميم: واحد في دار الكتب، والآخر في مكتبة الإسكندرية، وعملهما فني فيزيائي وكيميائي، يختص بإعادة الجلود إلى طبيعتها وترميم المخطوطة وإزالة البكتيريا والثقوب منها.

ويوجد معهد المخطوطات، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، اللذان يعملان على إرساء قواعد متفق عليها وأولويات النشر وحصر التراث المطبوع بالتنسيق مع الدول العربية، وتوحيد القواعد التي يلتزم بها المكتبيون وقواعد النشر العلمي، والتنسيق بين إصدار الكتب، حتى لا تحصل ازدواجية في النشر أو في مشاريع التحقيق.

وأطالب بإنشاء أقسام للمخطوطات وترميمها في قسم المكتبات في كليات الآداب لتطوير هذا العلم، حتى لا يصبح حفظ التراث مجرد اجتهادات.

هل هناك قوانين تكفل استعادة المخطوطات المنهوبة؟

- لا نستطيع إعادة أي مخطوطة، لأنها خرجت في ظروف ومناسبات مختلفة، كان تداول هذه الكتب والممتلكات الثقافية غير مسيطر عليه، وكل المتاحف الغربية تحوي قطعا أثرية ترجع إلى العرب والشرق عموما.

وبعد اتفاقية اليونسكو في 1972م، أصبح لا يستطع أحد استعادة القطع الأثرية إلا ما خرج بعد توقيع الاتفاقية، بشرط أن يكون مسجلا في متحف أو مكتبة، أما غير المسجل وما خرج قبل عام 1972م، فلا نستطيع استعادته.

وهل هناك فهرس موحد للمخطوطات في عالمنا العربي؟

- نعم، لدينا فهرس، وكل مجموعات المخطوطات المهمة في العالم لها مجلدات وكتيبات. والغرب هو أول من بدأ هذه العملية في المكتبة الوطنية بباريس والمتحف البريطاني ومكتبة الدولة في برلين ومكتبة جامعة لايدن. وبدأت دار الكتب المصرية، منذ تأسيسها عام 1870م، في إعداد فهرس قديم، ثم في عشرينيات القرن الماضي قامت بإعداد فهرس حديث، وتشرع الآن في إعداد قاعدة بيانات على الحاسب الآلي، كما في أغلب مكتبات العالم. وتوجد مخطوطات كثيرة في بلادنا لا توجد لها تقنيات أو كتالوجات.

متى بدأ التدوين عند المسلمين؟ ومن أبرز المدونين؟

- بدايات التدوين عند العرب كانت بدائية، فكان كتاب الوحي يسجلون على الحجارة وسعف النخيل. وفي القرن الثاني، انتشر التدوين بكثرة على يد علماء مثل ابن ماجه وأبي داود، والترمذي، والنسائي، والإمام مالك ابن أنس، والبخاري، مرورا بالعصور المتتابعة.

وفي العصر العباسي، تم إنشاء بيت الحكمة في بغداد، وضم علوما كثيرة عن طريق الترجمة في عصر المأمون عن اللغات اليونانية والفارسية، فبدأ الاحتكاك بحضارات أخرى، ونقلوا العلوم المختلفة، وأضافوا إليها وأصبح هناك علم عربي متنوع.

يعد التوثيق أمرا مهما لأي حضارة.. فما أبرز الموضوعات التي تناولتها المخطوطات؟ وماذا تعني مهنة «الوراقة»؟

- المخطوطات العربية تناولت موضوعات في الجغرافيا والرياضيات والفلك والجبر والحديث واللغة والنحو والتاريخ.

وكان يتولى التدوين أشخاص يعرفون باسم «الوراقة»، يعملون على كل ما يخص عملية الكتابة وتصحيحها وتشكيل الأحرف وتلوينها، ومن ثم تغليفها بالجلد ونحوه، وإذاعتها ونشرها. وقد تطور الخط العربي بظهور مهنة الوراقة ومر بمراحل طويلة، بداية من الخط الحجازي (المكي والمدني)، ثم الكوفي (قائم الزاوية)، حتى ابتدعوا خط الوراقي الأصلح للكتابة من خلال ابن مقلة وابن البواب، وظهر في القرن السابع على شكله النهائي «الياقوتي المستعصمي».. كل ذلك واكب عملية الإنتاج الفكري العربي، حتى القرن التاسع عشر.

ما أقدم الكتب المؤرخة وأبرز الدول التي تحتفظ بالكتب والمخطوطات؟

- أقدم كتب تعود إلى القرن الثاني الهجري، وأقدم كتب إسلامية موجودة تعود إلى القرن الثالث، حيث يوجد 40 مصحفا وكتابات مسيحية بالحرف العربي، وعدد من المصادر العربية التي ترجع إلى القرن الثالث، وأكثر ما كتب في القرن الثاني «مفقود».

أما عن أبرز الدول التي تحتفظ بالكتب والمخطوطات فتأتي تركيا في البداية، حيث تضم أكثر من 120 ألف كتاب ومخطوط قديم، تتبعها إيران، ومن ثم مصر. وتعتبر هذه الدول من المراكز الرئيسية للمخطوطات، حجما وكيفا، من ناحية الموضوع والشكل والإخراج.

هل اندثرت مهنة تحقيق المخطوطات؟ وما أهم أخلاقياتها؟

- تحقيق المخطوط هو مصطلح ابتدعه أحمد زكي باشا، ويعني النشر النقدي للنصوص. وهذا اللفظ يستخدمه الغرب، ويتضمن جمع النسخ للكتاب، وتشجيرها، واستبقاء الأصول، واستبعاد الفروع من العائلة الواحدة، ومن ثم مقارنة النسخ حتى تصل إلى النص الأصلي الذي أراده المؤلف.

بدأت مع المؤلفات الكلاسيكية اليونانية والكتاب المقدس، وطبقت على المؤلفات العربية، عندما بدأ المستشرقون عملية إحياء التراث العربي في القرن التاسع عشر على طريقة إليخمان، الذي أسس تقعيد النشرة النقدية للنص بالنصوص الكلاسيكية، وطبقت على المخطوطات العربية.

المهنة لم تندثر كليا، لكنها منقرضة منذ فترة طويلة. فعلى سبيل المثال، الجامعات والمعاهد غير معترفة بالمهنة كأساس للترقية، والأزهر مهتم بالتحقيق لكنه غير ممارس.

والكتب الدينية، التي تشمل التفاسير والأحاديث، لا يوجد بها جديد لتحقيقه، وما يحتاج إلى تحقيق فعلي هو كتب التاريخ واللغة والأصول وعلم الكلام والكتب الطبية، ولابد من معرفة القواعد التي نقلت في عصر النهضة، لأن العلم مسألة تراكمية.

والمخطوطات عموما تعتمد في ألوان كتابتها على الأبيض والأسود، وبعض النسخ فيها منمنمات، كمقامات الحريري، وكليلة ودمنة، ودعوة الأطباء، والحيوان للجاحظ، وكتب الفنون الحربية، وافتتاحيات المصاحف، والفاتحة والبقرة وخاتمة المصحف، وتشتمل على زخارف نباتية هندسية.

وصنع العرب الألوان من مواد مختلفة، منها ما هو مصنوع من مصادر نباتية كالحناء والبن والأرز والورد والأزهار، ومنها ما هو مصنوع من الأحجار الكريمة. ومن أهم الألوان التي كانت تستخرج من مساحيق الأحجار، الأخضر والأزرق اللذان كانا يستخرجان من أحجار الفيروز النفيسة.

أما المصدر الثالث لصناعة الألوان، فهو الأتربة، بعد أن تنخل وتصفى وتسحق لتصبح كالكحل، ثم تخلط بالصمغ والماء حتى تصبح جاهزة لتحلية صفحات المخطوطات. ومن الألوان أيضا التذهيب. وهناك نوعان رئيسيان في تذهيب المخطوطات، هما المطفي واللماع: أولهما يتم بلصق الأوراق الذهبية الرقيقة في مواضع التحلية، والثاني عن طريق التلوين المباشر بماء الذهب.

هل توجد في الدول العربية نسخ مكتوبة من المصحف الشريف؟

- توجد في مصر أوراق في دار الكتب بالخط الحجازي لم تصل إلى حد مصحف كامل، وهناك نسخ قديمة جدا اكتشفت في اليمن وترجع إلى القرن الأول الهجري، تم اكتشافها فوق قبة مسجد انهار بفعل السيول، ونسخ موجودة في المكتبة الوطنية في باريس وتشمل أوراقا غير كاملة بالخط الحجازي المائل، أما الخط الكوفي فموجود منه نسخ كاملة في العالم.

ويوجد في اليمن آلاف الكتب والمخطوطات القديمة بحوزة القبائل والعائلات، وكلها مكتبات شخصية، وأغلبها تشمل فكر المعتزلة وفقههم.

أربعة ملايين مخطوطة عربية منهوبة!

يقدر عدد المخطوطات العربية والإسلامية الأصيلة المنتشرة في مكتبات العالم بأربعة ملايين مخطوطة. وهذا العدد الهائل من المخطوطات، يمثل، إذا كان مجتمعا، ربع عدد الكتب الموجودة في المكتبة البريطانية مثلا، مما حدا بأحد العلماء المسلمين إلى القول إنه لو جمعت الكتب التي صنفها العرب والمسلمون لاستطعنا تغطية الكرة الأرضية بأوراقها.

فعلى سبيل المثال، يزخر المتحف الوطني البريطاني بأنفس الآثار العربية وأثمنها من اليمن ومصر والعراق وغيرها، فهو يحتكم على أكثر من 15 ألف مخطوطة عربية، هي أكبر المجاميع الإسلامية وأكبر ما يعرف من نوعها من المجاميع النفيسة في أوروبا وشمال أميركا، كما أنها جزء من بين أكثر من عشرين مليون مادة تحويها المكتبة البريطانية في خزائنها في المبنى الجديد في سانت بانكرس في لندن.

هذه المجموعة من المخطوطات العربية تسميها المكتبة بدار خزانة كنوز التراث العربي والإسلامي، وتشتمل على: حوالي 7 آلاف مخطوطة فارسية، وألفي مخطوطة أوردية، و400 مخطوطة من ماليزيا الإسلامية، و120 مخطوطة تركية، إلى جانب مجموعات أصغر من الصين الإسلامية ومن المغرب العربي ومن إسبانيا.

98 987

حوار- إسراء البدر :

اصوات تصدح بذكر الله تعالى من خلال الاناشيد المعبرة التي تقدمها فرقة نبا للإنشاد في ألمانيا ومن الجميل ان تتكون مثل هذه الفرق في المجتمع الغربي للمحافظة على اصالة الانشاد العربي والإسلامي بين اوساط الجاليات العربية في المجتمع الغربي , الوعي الشبابي في حوار مع رئيس ومؤسس فرقة نبا للإنشاد في المانيا , شادي بشناق.

5 10 2015 11 28 24 AM

كثرة القهوة والكولا والملح خطر على العظام  ودوران العمود الفقري المفاجئ يدمر الظهر

السيدات أكثر عرضة لأمراض المفاصل والمدخنون والمدمنون أكثر عرضة للهشاشة

العرب يفتقدون ثقافة الجلوس والقيام والانحناء والعلاج الطبيعي وفقدان الوزن

القاهرة – عبدالله شريف:

مستعرضًا أخطر أمراض العظام وأكثرها شيوعًا في الوطن العربي، وضع د.محمد فتحي درويش، الحاصل على درجة ماجستير في طب العظام، "روشتة" لمكافحة تلك الأمراض، بداية من التحذير من الإفراط في تناول "القهوة" و"الكولا" و"الملح" وصولا إلى ضرورة فتح النوافذ لضوء الشمس التي تمثل – بحسب تعبيره – طبيب المنزل.. وكشف في حديثه إلى "الوعي الشبابي" أبرز أمراض العظام المنتشرة في العالم العربي، والتي عزاها إلى افتقاد كثيرين للثقافة الصحية.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال