-
تم إنشاءه بتاريخ الخميس، 12 نوفمبر 2015
-
كتب بواسطة: adminkw
السنوسي محمد السنوسي :
• لا يختلف اثنان على أن فترة الشباب هي عصب حياة الإنسان؛ التي تتشكل فيها خبراته، ويتمتع فيها بكامل حيويته وحضوره ولَمَعانه الفكري والعضلي.
وبقدر ما يُراكِم المرء في هذه الفترة من حيوية ونشاط، يمكنه أن يملأ حياته فيما بعدُ إبداعًا وتألقًا؛ بحيث يكون إضافةً للحياة لا عالة عليها.
وتأتي مرحلة الجامعة لتشكل عصب مرحلة الشباب، التي هي بدورها عصب حياة الإنسان.. فالجامعة هي الفترة المكثَّفة المركزة التي ينبغي على كل شاب أن يعطيها عناية خاصة.
لكن للأسف قد تمر تلك الفترة الذهبية دون أن يلتفت الشباب لها كما ينبغي، بل قد يدخلونها دون أن يعرفوا عنها، اللهم إلا أنها عبارة عن مجموعة أوراق ينبغي عليهم أن يحفظوها ليحرزوا تقديرات متميزة، تُفسح لهم مكانًا في سوق العمل، أو مقاعد التدريس!
لا.. ليست هذه أهمية مرحلة الجامعة فحسب.. إننا بهذا التصور نهدر تلك الطاقات الكامنة في هذه الفترة المهمة من حياة الإنسان.
• الجامعة معمل يتعلم فيه الشاب كيف ينسج علاقات مع الآخرين، كيف يتواصل معهم، كيف يشاركهم عقولهم ويشاركونه عقله.
هي فرصة مجانية لمدِّ شبكة عريضة من التواصل الإنساني، والنفسُ لم تتعكر بعد بما يورثها الشك في الآخرين، أو يكبّلها بالحذر الزائد منهم!
نفوس الشباب صفحة بيضاء، وإمكانيةُ مَلْئِها بالخبرات المتبادلة أمرٌ ميسور.. ولذلك كانوا دائمًا يناصرون الأنبياء، ويتبعون صوت الحق الصادع.
ويمكن توثيق هذه العلاقات عبر المشاركة في المعسكرات الكشفية والرحلات التي تنظمها الجامعة.. وفصلُ الصيف باب واسع للتزاور وتمتين أواصر المحبة.
• كما أن فترة الجامعة فرصة ليستنشق الإنسان عبير الثقافات المختلفة، سواء التي تمت بصلة مباشرة لمجال دراسته أم لا؛ لأن لديه من الوقت ومن صفاء الذهن ما يمكّنه من التجول بحرية وبِنَهمٍ في مختلف العلوم والمعارف.
فلا ينبغي أن يحبس الشابُ نفسَه في مرحلته الجامعية داخل نوع معين من المعرفة؛ بل عليه أن ينفتح ما وسعه الانفتاح، لاسيما في أوائل العام الدراسي وفي إجازة الصيف.
طالع الجرائد.. اقرأ المجلات.. لتكن زياراتك مستمرة لمكتبة الكلية والمكتبات العامة.. كوِّن نواة مكتبتك الشخصية في هذه الفترة، وسجلْ في مدونتك ما تنوي شراءه لاحقًا.. كن ضيفًا دائمًا على الندوات العلمية والثقافية، العامة والتي تتصل بتخصصك.
• أما النقطة الثالثة التي أحب أن أشير إليها- وقد فاتتني أنا شخصيًّا، ولذا أحسُّ بأهميتها- فهي التعود على الكتابة خلال المرحلة الجامعية.
لا تجعل نفسك في هذه الفترة المهمة من حياتك في موضع "المتلقي" فحسب، بل حاول أن تجرب موضع "المرسِل"، وتنثر عبير أفكارك على الآخرين.. وثقْ أنها سترتد إليك أفكارًا مضاعفة وأكثر دقة وحيوية!
دونْ مشاهداتك وملاحظاتك.. تابع أفكارك وطوِّرها.. تعلمْ فنون الكتابة ولو أن تبدأ بتسجيل خواطرك اليومية.. تواصل مع منافذ النشر المختلفة، واطلب من أصدقائك أن يمدوك بملاحظاتهم واستفد منها.
الجامعة- باختصار- فرصة لتفجير طاقاتٍ كامنة في نفسك.. لو لم تكتشفها في هذا الفضاء الخصب، فربما فاتت سنواتٌ حتى تعرفها.. وربما لم تعرفها أبدًا..!!