الثلاثاء، 21 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

33 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

adow d2xx5bk

القاهرة - الوعي الشبابي:

في صيف كل عام تخرج قوافل المسافرين من كل مكان بالعالم متجهة إلى بلدان جديدة.. غريب هو السفر، فنحن نسافر لنرى أشياء مختلفة وتجارب لم تمر علينا.. مدن جديدة ومدن زرناها من قبل، ومدن يواضب بعضناعلى زيارتها في كل عام، ولا بأس في ذلك.. فالغاية تحقق طالما أننا مسافرون.

الكل يسافر، أو على الأقل كل من يستطيع بحسب أهوائه وقدراته المالية، أما الغاية ـ وفق علي النصف في beopen.me ـ  فهي في العادة تكون لكسر روتين الحياة الذي ساهمنا في خلقه وأصبحنا جزء منه وكرهناه. في كل عام، أو كل ربع سنة، أو كل شهر عند بعض الناس، لابد من ترك البلد والسفر للخارج .. للفرح .. للترفيه عن النفس .. إنه أمر طبيعي ويحدث في جميع المجتمعات.

لقد زرنا نحن العرب، نظراً لكثرة أسفارنا، العديد من المدن والوجهات، سواء بغرض الهجرة أو السياحة، فقصدنا كل قارات العالم، ولنا -خصوصا أهل الخليج- في السفر غاية أخرى قد لا تتواجد عند بقية المجتمعات، وهي أن نسافر حتى نكون “أنفسنا”، أو على طبيعتنا، في مكان لا يعرفنا فيه أحد.. حتى لا يحكم علينا أحد.

"ماكو عرب"

“لا أحد يعرفك افعل ما تشاء”، كلمات نقولها لبعضنا عندما نسافر لأجل ما هو ممنوع في بلداننا، ولا نعني فقط الخمر أو القمار أو الجنس، فلا يرى البعض حياءً في ذلك وقد يصله دون معرفة الآخرين، لكننا في الهرب من أبناء جلدتنا نبحث عن ذلك الشعور بالتحرر والاسترخاء والسعادة والفرح في بيئة طبيعية خالية الأحكام المسبقة وأمراض مجتمعاتنا.

فلنعترف .. نحن نكره واقعنا الذي وصلنا إليه وقيوده ونفاقه ومجاملاته التي لا تنتهي .. نكره ما وصلنا إليه من مجتمعات مثخنة بالجراح والأمراض الاجتماعية .. نهرب بعيدا عن مجتمعنا الذي شاركنا في بنائه وإفساده إلى بيئة صحية لا يعرفنا فيها أحد، كل ذلك حتى نستطيع أن نكون أنفسنا لا أكثر.

لهذا نسافر.. لنبتعد عن وجهنا القبيح الذي اخترناه بملء إرادتنا، لنرمي ذلك القناع الزائف.. الذي لا يمثلنا تماماً.. لكننا نرتديه لنتعايش مع مجتمعاتنا، فنحتفظ ببعض آرائنا لأنفسنا، ونجاري الأوضاع والمفاهيم السائدة حتى لا نغرد خارج السرب.. المثير في هذا الأمر أن الجميع يتندر على مجتمعه وعلى الناس التي تعيش فيه، ناسين أو متناسين أننا جزء من هذا المجتمع، نساهم في قبحه عبر تظاهرنا ومسايرتنا له وحكمنا على الآخرين ، فننغمس بصورة المجتمع النمطية .. لكننا في النهاية لا بد أن نسافر.. نسافر لنهرب من أنفسنا، من شخصياتنا المصطنعة، من القناع الذي سئمنا ارتدائه.. نسافر حتى نكون “نحن” كما نريد.. غريب كيف نبحث عن أنفسنا خارج محيطنا العادي بدلاً من السعي تغييره.

إنه أمر مثير للشفقة حقا .. فأنت لن ترى أوروبيا أو أمريكيا يسافر بعيدا عن وطنه ليكون على طبيعته ويستمتع بما هو أصلا موجود في بلده.. وهو أن يكون ذاته. فهو لن يعيش في بلد لا يرتاح فيه أساساً .. وقطعا لن يعيش حياة مصطنعة طوال عمره كما يفعل غالبيتنا.

Yellow tulips and one red standing out of the crowd.

المجتمع الموازي

يفترض في المجتمعات أن تسع أبنائها لا أن تخنقهم.. ومن المحزن أن نرى فشل العديد من المجتمعات العربية في احتواء أبنائها.. حتى تشكل “مجتمع سري” يسير بالتوازي مع المجتمع “المصطنع” الذي نعيش فيه، نقوم من خلاله بتلبية احتياجاتنا الحقيقية والطبيعية مع أفراد يشاركوننا ذات الرؤية والتفكير، إلا أن هذه الأوساط يندر وجودها في مجتمعات تعشق التظاهر. فدول الخليج الأكثر انغلاقا وتدينا بالظاهر تتصدر قائمة ضحايا الابتزاز الجنسي الالكتروني في المنطقة، والشباب العربي يقبل على المخدرات بشتى أنواعها بشراهة متهورة، فأصبح الوضع لا يطاق، وأصبح السفر الدائم أو المؤقت ملاذاً للتنفس وممارسة الحياة كبشر طبيعيين.

وقد بلغت التعاسة بنا أننا نرفض حتى مواجهة واقعنا، فيعيش بعضنا بين سفرة وأخرى، وبينما نحن في مجتمعاتنا يغرق الكثير منا في مُثل زائفة ومثالية لا نستحقها، فنرتدي ذات القناع الذي يدعي العفة والطهارة والخلق والكمال، فنرى أن تخلف بلداننا لا يعكس حالنا فنحن “حتماً أفضل من ذلك”، بل يصل حال بعضنا ليقرر أن “لا أحد أفضل منا”، وكأننا شعوب الله المختارة التي لا تخطئ ولا تزر.

هل هذه الحياة التي نريد؟

إن من الصعب التفكير أننا يمكننا العيش في إجازة لا تنتهي، فالسفر المستمر لا يحل المشكلة وواقعك ينتظرك عند باب طائرة العودة، كما أن السفر الدائم أمر ليس متاحاً للكل.. فلنقف لحظة أمام المرآة ونمعن النظر في أنفسنا، أفرادا وأسر وجماعات.. وبالنهاية كبشر طبيعيين دون الصورة التي “يجب أن نعكسها” عن أنفسنا، فكلنا إنسان يعيش حياة كاملة (أو هكذا يفترض)، بعملها وناسها وهمومها، ألا تفكر كيف سيكون عليه الأمر لو كنت أنت.. أنت ببساطة؟

وكيف ستكون حياتك لو لم تغير من نفسك أو قناعتك أو مزاجك أو معتقداتك لإرضاء من حولك؟ أو لإرضاء مظهر زائف بكيف “يجب للناس أن يروك” وكيف يجب عليك أن ترى الناس؟

إن حياتنا من الممكن أن تكون أكثر صفاءً دون اقتصار هذا الأمر على السفر، فذواتنا الحقيقية موجودة في داخلنا، نطلقها في اللحظة التي نضع فيها أقنعتنا جانباً في كلما وطئنا بلداً جديداً، نفرح بها ونرتاح، فما الذي يمنعنا أن نكون أنفسنا في مجتمعاتنا وبيئتنا الحقيقية؟

إن بداية مجتمع جديد تبدأ مع الذات، فلا يمكن أن نتصور أن يرمي الناس أقنعتهم بينما نبقي أقنعتنا على وجوهنا ننتظرهم. فنحن نتاج هذه البيئة وشركاء في صنعها في الوقت نفسه، حتى وإن كانت لا تعجبنا ، وإذا أردنا لها أن تتغير فإن الأمر بأيدينا.. أن نعيش حياة كاملة في كل الوقت، وليس عند السفر فقط.. عندها قد لا يكتسب السفر الأهمية التي نشعر بها الآن، وأننا يجب أن نسافر حتى نهدأ أو نكون على طبيعتنا.. فما الذي يمنعنا من ذلك في بلداننا؟

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال