الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

50 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

2Educational Statements

محمد فريد فرج فراج - باحث شرعي - مصر:

لا يخفى على أحد أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن يمتلك هذا الكم الرهيب من الكتب والمجلات التي تزخر بها مجتمعاتنا اليوم، كذلك لم تكن ظهرت بعصره صلى الله عليه وسلم تلك البنايات التعليمية الضخمة والمتنوعة من المدارس بمختلف مراحلها، والجامعات بشتى صنوفها..

ومع كل هذا التناقض المعرفي بين العصرين، فإن العالم كله، وإن اجتمع، لا يستطيع إنكار الرقي الخلقي والسمو الأدبي اللذين قدمهما النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الجيل الفريد من الصحابة الكرام، رضي الله عنهم أجمعين.

ومن حق كل متعجب أن يتساءل: أنى لهذا النبي الأمي أن يحقق هذه الطفرة الأخلاقية ويرتقي بجيل الصحابة، رضي الله عنهم، من أسفل سافلين بالجاهلية الموغلة في العقائد الضالة والأخلاق الإباحية، إلى تلك المنزلة السامقة، وهذه الرتبة الرفيعة في الأخلاق؟!

كيف تم له ذلك مع هذا الفقر المدقع في الوسائل التعليمية، وتلك البدائية المفرطة في سبل نشرها؟!

ألا تتلخص الإجابة على سؤالي في الحديث عن جندب بن عبدالله بن سفيان البجلي العلقي رضي الله عنه قال: «كنا فتيانا حزاورة مع نبينا صلى الله عليه وسلم، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا، وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان» (1).

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي الصحابة، رضي الله عنهم، على الأعمال الإيمانية بصورة تطبيقية قبل أن يعلمهم آيات القرآن بطريقة نظرية؛ فلما تعلموا آيات القرآن ازدادوا إيمانا على إيمانهم.

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نعم القدوة في العمل بالقرآن؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا مرئيا؛ كما جاء في الحديث عن سعد بن هشام بن عامر أنه قال: «يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن» (2).

فانظر مثلا إلى أثر رؤية الصحابة لتخلق النبي صلى الله عليه وسلم بأخلاق الزهد والتواضع كما يحكي عدي بن حاتم قائلا: «رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده، فسلمت عليه. فقال: من الرجل؟ فقلت: عدي بن حاتم.

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامد بي إليه، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة، فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها. قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بملك. قال: ثم مضى بي رسول الله حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا، فقذفها إلي. فقال: اجلس على هذه. قال: قلت: بل أنت فاجلس عليها. فقال: بل أنت. فجلست عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض. قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك! وعرفت أنه نبي مرسل، فأسلمت» (3).

ووالله لو دبج النبي صلى الله عليه وسلم آلاف الخطب عن الزهد، والتواضع، وخفض الجناح ما أثرت تلك الخطب على عظيم بيانها، وجليل بلاغتها في عدي رضي الله عنه تأثير هذا الموقف العملي، الذي يعكس الكمال البشري في الأخلاق الحميدة؛ لاسيما الزهد والتواضع.

كذلك تأمل تأثير بره وكرمه وإحسانه صلى الله عليه وسلم على من حوله، ومن ذلك ما يرويه أنس رضي الله عنه، قال: «ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه. قال: فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه. فقال: يا قوم! أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة» (4).

ومن ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان بن أمية (وهو يومئذ كافر) مئة من النعم، ثم مئة، ثم مئة!

فقال صفوان: «والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الناس إلي، فمازال يعطيني حتى صار، وإنه لأحب الناس إلي» (5).

فتأمل هذه الطفرة الرهيبة!

في طرفة عين تتحول أمة كاملة من الكفر إلى الإسلام!

في طرفة عين: صفوان بن أمية؛ ألد أعداء الإسلام، وابن ألد أعداء الإسلام.. أمية بن خلف!

قد اشتد على المسلمين هو وأبوه، وقتل أبوه كافرا ببدر، ومزقه المسلمون بسيوفهم!

تاريخ طويل من الحرب الضروس والعداء المستحكم في قلب الرجل، وأبيه!

في طرفة عين تتحول كل مشاعر العداء المستحكم والكراهية المفرطة، إلى حب جياش وود فياض!

ولم يكن ذلك التحول الأسطوري بكثرة الخطب، ولا بيان الشعر، ولا بلاغة القول.

وإنما كان ثمرة طبيعية للتطبيقات العملية لكل الأخلاق القرآنية من الجود، والكرم، والبر، والإحسان!

ووالله لو جمعنا كل ما في الدنيا من الكتب، والخطب، والنثر، والشعر، وكل ما صنف في الجود والبر والكرم، ما أثمر ثمرة واحدة من هذه الثمار الطيبة بهذه الصورة الفورية.

فأين هذا التأثر الفوري من البلادة التي تستقبل بها الآن أعظم الخطب بلاغة، وأروع الشعر بيانا؟!

وهذا باب طويل جدا، لو استقصيناه لكان مجلدات ضخمة، وإنما هذا مقام الإشارة فحسب!

إن الصحابة، رضي الله عنهم، لما كانوا يرون القرآن المرئي في شخص النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يربيهم على أعمال الإيمان، ثم بعد ذلك يسمعون القرآن المتلو فيتطابق المسموع على المرئي فيحدث انسجام بين القول والعمل، ويقع التطابق بين عقيدة الجنان وأقوال اللسان وأعمال الأركان، وحينئذ تتنزل بركات القرآن من السماء، وتتفجر بركاته من الأرض بإذن الرحمن عز وجل.

وأما عندما تفتقد الكلمات الرقراقة، والأشعار البليغة، والخطب الفصيحة تطبيقا عمليا في الحياة الواقعية، فإنها تكون بمنزلة الورد البلاستيكي جميل المظهر لكنه بلا روح أصلا.

فأنى لهذا أن يؤتي أكله، أو أن يخرج ثماره؟!

والخلاصة من وراء هذا كله؛ أنه لا إصلاح إلا بخلق مناخ إيماني تتفتح فيه عيون النشء على صور تطبيقية للمنهج القرآني السامي بحيث تطابق مع التوجيهات النظرية؛ لأن التربية إلى المناخ العملي أحوج منها إلى التلقينات المباشرة.

وإلا، فإن التضارب بين التوجيهات النظرية والحياة العملية لا ينتج إلا جيلا مشوها مصابا بالانفصام النفسي، والتخلخل الداخلي.

اللهم اجعل أعمالنا خيرا من أقوالنا، وسرائرنا خيرا من علانيتنا، وجوهرنا خيرا من مظهرنا عند الناس.

الهوامش

1 - (صحيح، رواه ابن ماجه 61؛ والطبراني في الكبير 1678)؛ واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» 1376؛ والبيهقي في السنن 5498، وفي الشعب 50).

2 - (صحيح، رواه الإمام أحمد 24269؛ ومسلم: 746).

3 - (ابن هشام 2/580:581؛ الروض الأنف 7/477:479).

4 - (صحيح، رواه الإمام أحمد 12051؛ ومسلم 2312).

5 - (صحيح، رواه الإمام أحمد 27638؛ ومسلم 2313).

 

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال