الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

126 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

غار حراء 7

مياسة النخلاني - كاتبة يمنية:

في أحد كهوف جبل النور الواقع شمال مكة المكرمة، وبينما كان سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الصادق الأمين، معتزلا عن عالمه الذي كره فساده وانحلاله، ومفكرا في ملكوت السموات والأرض، غير مقتنع بأن العالم الذي يعيش فيه من صنع أصنام من الحجارة، ظل قلبه الطاهر يتتبع النور المنبعث من بين ضلوعه.

اختار كهفا من كهوف الجبل، يقضي وقته متفكرا فيما حوله، فهو يدرك أن ثمة سر للعالم المتسع من حوله، سهر الليالي منتظرا إجابة على الأسئلة التي تطرحها عليه روحه وعقله.

وحين أتت الإجابة المنتظرة لم تكن ميسرة على لسان بشر، بل شاء الله أن يتنزل عليه سيدنا جبريل عليه السلام من السماء، ليلقي عليه الأمر الإلهي «اقرأ»

اقرأ يا محمد إن أردت أن تخرج من هذه الحيرة التي تربك تفكيرك.

اقرأ إن أردت أن تعرف سر الوجود.

اقرأ إن أردت أن تخرج قومك من الضلالة إلى الهداية والصلاح.

اقرأ إن أردت أن تفهم وتدرك وتتطور.

اقرأ لتعرف كيف تعبد ربك وتنجو في هذه الحياة الفانية.

اقرأ.

وقرأ عليه أفضل الصلاة والسلام في كتاب سماوي أصبح هو المشرع والمنهج لحياتنا ولكل تفاصيلها صغيرة أو كبيرة.

وحين قرأ، وقرأ معه من آمن به ومن تبعه ومن سار على هديه، خرج من متاهة الحيرة، ووضع قدمه على بداية الطريق الذي صنع من أمته وأتباعه أمة تسارع الأمم للاقتداء بها والنهل من معارفها والاستفادة من إمكانياتها العقلية والمعرفية التي نبغت؛ لأنها قرأت وتعلمت وفهمت ثم أعطت ما كفل للناس حياة كريمة تحسدها عليها الأمم.

دارت الأيام ونسينا أو تناسينا هذا الدرس الرباني، ببساطة توقفنا عن القراءة، والبحث واكتساب المعرفة، ابتعدنا عن درب الهداية والنور، وتركنا أبواب المعرفة مغلقة، ودروب العلم مهملة.

فإذا بنا نفقد هويتنا ومكانتنا لنغدو جزءا من العالم الثالث، العالم الذي لا ينافس ولا يعطي، بل يتلقى ما تهبه الأيادي صاغرا منصاعا، يصارع ليبقى على قيد الحياة وليحصل ولو على فرصة واحدة ليستعيد أمجاده الآفلة، ولو ركزنا قليلا في أول كلمة وسورة أنزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن القراءة هي الحل لكل المشاكل التي تواجهنا وتعاني منها مجتمعاتنا.

فالقراءة هي المصدر الأنقى للحصول على المعارف والخبرات، حيوات أمم كاملة وعصور وعقود مضت، تجارب سطرت وخلدت بين صفحات الكتب ليحفظها التاريخ بدوره لنا لنتعلم ونتطور، من يقرأها ويطلع عليها لابد وأن يضع قدمه على أول الطريق لبلوغ المكانة التي خلدت هذه الأمم وجعلتها منارة يتتبع ضوؤها من أراد أن يسير في الطريق الصحيح ويصل لمكانة متميزة تجعله معلما تسارع الأمم المعاصرة واللاحقة للسير على دربه.

فمن ملك المال قد يفقده في أي لحظة، ومن ملك الجاه قد ينسى مع الوقت، ومن ملك السلطة يمحى اسمه بمجرد أن يغادرها، لكن من قرأ وملك المعرفة وترجمها إلى أفعال إيجابية وإنجازات، لن يفقدها ولن يفقد المكانة التي صنعها لنفسه ومجتمعه حتى وإن غادر الحياة، سيظل اسمه مخلدا تردده الأجيال وتتعلم منه.

فكم من الأمم غابت ومُحيت عن الوجود بينما ظلت أسماء أساطين العلم والمعرفة خالدة، راسخة على جبال الورق وفي ثنايا العقول، وكما قال عباس محمود العقاد: «القراءة تضيف إلى عمر الإنسان أعمارا أخرى». وقد تكون لا متناهية.

وحين نقرأ فإننا نمد جسرا بين عالمنا الحاضر والعالم الماضي، نرتحل بعقولنا وأرواحنا لنعود محملين بكنوز معرفية تفتح لنا أي باب نريد الولوج منه، سنمتلك ثقة عالية، ووقار وقدرة على الحديث وإدارة أي حوار، هيبة لا تصنعها إلا المعرفة المعمقة.

سنكون ذلك المتحدث البارع الذي لا يستطيع أحد أن يجاريه فكيف بهزيمته وإسكاته، سنثبت أنفسنا وقدراتنا وإمكانياتنا التي تطورت وتحسنت مع كل كتاب قرأناه، لن نستمر طويلا في الدرجة الأولى من السلم الوظيفي أو المكانة الاجتماعية، بل سنجبر الآخرين أن يفسحوا لنا مكانا رحبا لنكون في المقدمة، ومعنا سنأخذ محيطنا ومجتمعنا وعالمنا الذي ننتمي إليه لينافس هو الآخر على المراتب الأولى في أي محفل نمثله، وأي مكان نتواجد فيه.

حينها لن نكون اليد التي تمتد لتأخذ، بل تلك التي تعطي وتهب وتعلم وتربي وتبني وتصنع، فالشعب القارئ المثقف هو شعب قائد، محرك، يقود المركب أينما يريد، ويوجه الدفة للجهة التي يراها مناسبة، لن يجادله أو يعارضه أحد فهو يملك سلاح المعرفة، السلاح الذي تحتاجه كل الإمكانيات الأخرى والتي ستتبخر وتذهب سدى إن غابت المعرفة، فإن أردنا أن نصل إلى هذه المكانة فعلينا أولا أن نبدأ بأفراد المجتمع الذين يشكلون نواة التغيير والتطور.

فالقراءة خير ما ينمي قدرات الفرد على اتخاذ القرارات الصحيحة، والتحكم بتصرفاته وأفكاره، فلا يكون الشخص الذي يبحث عن مستشارين يضعون بين يديه الحلول الجاهزة بل يغدو الموجه والناصح، يصبح عقله أكثر تحفيزا وإنتاجا للأفكار الخلاقة التي تصب في صالحه وصالح محيطه ومجتمعه.

فمن يمتلك القدرة على الخروج سالما من الأزمات التي تواجهه ويحل مشاكله ذاتيا، سيتعدى نفسه ويحل مشاكل المحيط من حوله، والحصيلة أن يمتلك المجتمع عقولا تتكاتف على إخراجه من المأزق والقضايا التي تربك عجلة القيادة فيستعيد توازنه.

فالحقيقة التي لا يمكن نكرانها أن القراءة هي مقياس تقدم أو تأخر الأمم، فانتشار الأمية يعني البقاء في قاعدة الهرم، وكلما قلَّت الأمية ارتقت الأمة إلى مركز أقرب من رأس الهرم، ومن تكون في القمة هي تلك التي قضت تماما على الأمية وغدت القراءة ركنا أساسيا في حياة أفرادها، ولأجل ذلك نجد الدول والحكومات تحاول جاهدة انتزاع الجهل والأمية من عقول أفرادها ليكونوا عونها لمغادرة القاعدة والصعود نحو القمة.

ففي «البرازيل»، على سبيل المثال، أعلنت الحكومة في (2014م) عن مبادرة «الخلاص بالقراءة» والتي تشمل السجون البرازيلية، فإيمانا من الحكومة أن المعرفة والعلم أساس وحل كل مشكلة، أعلنت عن إسقاط أربعة أيام من فترة عقوبة كل مسجون مقابل كل كتاب يتم قراءته، على أن يتم تقديم مقال خال من أي أخطاء لضمان إبحار المسجونين عميقا بين دفتي الكتاب، والخروج للمجتمع بعقول نيرة تمثل قوة دافعة لا عقبة وعائق.

وفي «إيطاليا» تم إقرار مبادرة مشابهة في مقاطعة «كالابريا» الإيطالية تقضي بتخفيف (3) أيام من العقوبة مقابل كل كتاب يقرؤه المسجون على أن يتم مناقشته فيه وتقديم مقال عنه.

مبادرة مشابهة أطلقتها المدونة التونسية «لينا بن مهني» في (2016م) من خلال شبكة التواصل الاجتماعي تحت شعار «من حق السجين أن يقرأ» بهدف جمع آلاف الكتب وتوزيعها على السجون ليحصل السجناء على فرصة تنمية مهاراتهم الفكرية، وخلال فترة وجيزة تم تجميع نحو (10) آلاف كتاب.

باختصار: كلمة السر موجودة بين دفتي الكتب، وكل ما علينا أن نفعله هو أن نقرأ، حينها نكون قد سلكنا المسار الصحيح ونضمن مكانا لنا ولمجتمعاتنا في المقدمة.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال