025221252

اليمن - مياسة النخلاني:

وُلدت صماء وكان يمكن أن تكمل حياتها كأي فتاة قُدِّر لها الانعزال عن العالم من حولها، لكنها ومنذ وقت مبكِّر جدًا قررت أن تتمرد على العجز والإعاقة، وأن لا تستسلم لقيود تمنعها من تحقيق ذاتها، بل ومساعدة غيرها في الخروج من واقعهم المؤلم، ومد يد العون لكثير من الفتيات ليقتبسن قدرًا من ثقتها ويقينها.. هذه هي الشابة اليمنية منال الأشوال رئيس جمعية السعيدة للفتيات الصم، والتي حلَّت ضيفًا على "الوعي الشبابي"، فإليها.

دعينا أولا نقول لقراء الموقع من هي منال الأشول؟

اسمي منال علي صالح الأشول، رئيس جمعية السعيدة للفتيات الصم - تعز، ومعلمة علوم وأحياء لقسم الصم بمجمع صينة للبنات لدمج الصم، كما أنني رئيس قسم ذوي الاحتياجات الخاصة بمكتب التربية، وعضو مجلس إدارة المؤسسة الخيرية لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وممثل ومنسق منظمة DPIفي اليمن، وعضو تنفيذي المكتب العربي للمنظمة، حاصلة على ماجستير علوم تخصص طفيليات حيوانية، وطالبة دكتوراة بجامعةUM الماليزية تخصص طفيليات.

أمام كل هذه العضويات والمسؤوليات.. بالتأكيد صادفتك العديد من العقبات سواء خلال مسيرتك الدراسية أو المهنية وكذا الحياة الاجتماعية؟

كثيرة جدًا بالفعل، وبقدر ما أكره أن أتذكرها إلا أنني أعتبرها خلاصة تجربة تمكِّنني حاليًا من نصح الفتيات في جمعيتنا بكيفية مواجهتها والتغلب عليها.. أغلبها تتعلق بقلة وعي الناس من حولنا لما نحن عليه وما نريد أن نكونه.. مازال البعض يعتقدنا مرضى ونحتاج للعلاج.. بينما نحن لسنا مرضى، ولا نحتاج للشفقة ويمكننا انجاز الكثير.. تغلبنا على المعوقات بالتحدي وقوة الإرادة، لأن الإنجاز هو الطريقة الوحيدة التي تجعل الآخرين يثقون بنا ويؤمنون بقدراتنا.

ماذا تعني لك جمعية السعيدة للفتيات الصم وماهي الانجازات التي حققتها تحت رئاستك؟

أسسنا الجمعية في أبريل سنة 2009م، ونحن الآن في الذكرى السادسة للتأسيس يكفينا أن نفتخر بأنها أول جمعية خاصة بالنساء الصم في اليمن ككل، وتعتبر أول جمعية من حيث التأسيس عربيًا لذات الفئة، تلتنا جمعية المرأة الصماء الأردنية.. الإنجاز هنا أن جميع عضوات الهيئة الإدارية من الصم، وهن فتيات مبدعات ولديهن إرادة قوية في قهر المستحيل وتمكين غير الممكن.. استطعنا وبدون دعم كباقي الجمعيات في المحافظة واليمن أن نؤسس قاعدة قوية نبني عليها إنجازاتنا.. كما تمكننا من كسب ثقة الآخرين من خلال تنفيذ عدة مشاريع بمبالغ رمزية مقابل ملايين تصرف على لا شيء.. كما أسسنا أول مركز رياضي للفتيات الصم بمحافظة تعز وهو الوحيد من نوعه في الجمهورية اليمنية ككل، ويتدرب فيه 3 فرق هي الطاولة والشطرنج والطائرة، ولنا مشاركات طيبة محليًا وخارج اليمن، وأحرزنا العام الماضي بطولة الجمهورية في الشطرنج لفئة الصم، أيضًا نحن أول جمعية من تعز تشارك بمؤتمر الرياضة وبورقة عمل أدرجت بعنوان "رياضة الصم في اليمن الواقع والطموح"، وكنا الوحيدين الممثلين لفئة الصم في المؤتمر.. وقدمنا عدة أوراق عمل خارج اليمن عن إنجازاتنا كنساء وفتيات صم يواجهن مجتمع يفتقد الثقة بقدرات الآخرين آخرها ورقة عمل في مؤتمر فيينا، لكن للأسف لم نشارك فيه بسبب أوضاع اليمن حاليًَا وعجزنا عن استخراج فيزا خلال الوقت المحدد.

إذن للجمعية إنجازات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي؟

بالتأكيد، و هذه الإنجازات لا تنسب لي وحدي، بل هي إنجاز لجميع عضواتها، وما وصلنا إليه اليوم في جمعيتنا هو نتاج عمل جماعي بحت وتفاني من جميع العضوات والمتطوعات في الجمعية.

 محليًا أقمنا علاقات طيبة مع الجميع وهذا إنجاز بحد ذاته مع حاجز اللغة الإشارية، وكوننا فتيات ونساء صم نشق طريقنا في مجتمع لا يُقدِّر أهمية تمكين النساء من ذوات الإعاقة وإعطائهن حقوقهن ودمجهن في المجتمع.. واستطعنا الوصول إلى المناطق الريفية والتواصل مع النساء والفتيات الصم هناك وحثهن على التواصل مع الآخرين والتعبير عن أنفسهن وأحلامهن وما يرغبن أن يصبحنه في المستقبل.

ونفس الشيء إقليميًا ودوليًا حيث نشارك مع المنظمات الدولية والجمعيات العربية وأقمنا علاقات طيبة مع الأغلبية وهو ما منحنا امتياز الحصول على عضوية المنظمة الدولية للإعاقة، وأصبحنا نمثلها في اليمن ونعمل حاليًا عبر جمعية السعيدة على تكوين تحالف للجمعيات الخاصة بذوي الإعاقة في اليمن في عدة مؤتمرات خاصة آخرها ورشة عمل في الأردن عن مناهضة العنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة في مخيمات اللاجئين.

وما أبرز المؤتمرات والفعاليات التي شاركت فيها الجمعية؟

المؤتمر الدولي الثالث لأبحاث الإعاقة بالرياض 2009، مؤتمر الأمراض الوراثية وأمراض الدم بعدن 2008، مؤتمر المرأة الصماء بعمان الأردن 2011، ورشة "ثقي بقدراتك" لتأهيل النساء الصم بالدوحة 2012، الملتقى الأول للصم المسلمين بالدوحة 2013، البطولة العربية الأولى للشطرنج بعمان الأردن 2012، مؤتمر واقع الإعاقة في الوطن بلبنان 2013، ورشة تدريبية لأعضاء المكتب العربي للمنظمة بالقاهرة 2014، مؤتمر تشغيل ذوي الإعاقة بلبنان 2015، ورشة مناهضة العنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة في مخيمات اللاجئين بعمان الأردن 2015، مؤتمر الرياضة الأول بتعز 2013، بطولة الجمهورية الخامسة للشطرنج بصنعاء 2014، بطولة الجمهورية الثانية للصم لتنس الطاولة 2013.

كيف تقدمين الدعم للفتيات في المؤسسة وكيف تتعاملي مع الفتاة المحطمة نفسيًا واليائسة وهل حدث وغيَّرتِ مسار تفكير فتاة ونقلتها من اليأس إلى الثقة؟

نواجه في الجمعية عدة حالات من اليأس، لكننا نعمل معًا وندعم بعضنا البعض، ونتشارك خبرات الحياة، وكثيرًا ما استطعنا أن نسحب الفتيات من حالة اليأس وأن نجدد ثقتهن بأنفسهن، ونغيِّر من إحساسهن تجاه أنفسهن ليحببن الحياة مرة أخرى، وتتولد لديهن الرغبة في تجربة أمور جديدة دون خوف.

كلمة توجهينها للشباب؟

كلنا نبدأ من نقطة لا علاقة لها بالعمر، لذا أقول لهم أن لدى كل منكم الفرصة للبدء من أي مرحلة، ولديكم ميزة إضافية للبدء الآن بتحديد أهدافكم في هذه الحياة والأخذ بالمبادرة.. ويمكن للجميع إن أحسنوا النية أن يصنعوا إنجازًا بحجم الإعجاز، وبأبسط الوسائل المتاحة.