10800107 10202381375770400 938880422 o

القاهرة – عبدالله الشريف:

د.علي عبد الرازق جلبي، أستاذ الاجتماع، بجامعة الإسكندرية، عمل باحثًا بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ورئيسًا لقسم الاجتماع، بكلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية جامعة قطر.. كما تم إعارته للعمل بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان وجامعة بيروت العربية، وجامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية، وأستاذ بجامعات الجزائر، والإمارات.. وأكد في حوار خاص مع "الوعي الشبابي: أن الشاب العربي عليه أن يخرج من منظومة التعليم الفاشلة، التي وُضع فيها، وذلك بالتواصل مع الثقافات الأخرى، فإلى التفاصيل.

"العدالة الاجتماعية" مصطلح تناقلته الألسنة خاصة في السنوات الأخيرة سعيًا وراء حياة كريمة.. فما هي أشكال العدالة الاجتماعية وعلاقتها بعلم الاجتماع؟

موضوع العدالة الاجتماعية موجود في كل أفكار علماء الاجتماع منذ عشرات السنين، ومنذ عصر "ابن خلدون"، ومفهوم العدالة يتمثل في المساواة والحصول على فرص متكافئة بين أفراد المجتمع الواحد مهما اختلفت لغاتهم ودياناتهم، وتتضمن عدم تهميش جزء من المجتمع أو استبعاده، أو استخدام التمييز العنصري ضده.

ولتطبيق العدالة الاجتماعية عمليًا لا بد من تكامل جهود جميع المؤسسات في الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوصول إلى مرحلة المساواة، فلا يمكن فصل أي اتجاه عن آخر، فلو قلنا إن هناك استبعاد لطرف ما في المجتمع من العمل، فهذا الموضوع لا يرتبط بعلم الاجتماع فقط، ومثله حرمان طرف معين من المشاركة السياسية أو الحصول على منصب في أي مؤسسة أو هيئة.

يتهم علم الاجتماع بأنه علم مترجم من الغرب.. ولا يرتبط بالحضارة العربية والإسلامية.. كيف ترد على هذه الاتهام؟

العلم هو العلم وليس احتكارًا على أحد، وعلماء الاجتماع العرب لم يأخذوا أفكار الغرب كما هي ويطبقوها على الواقع العربي، والعلم قائم عن الاختبار بمعنى لو هناك أفكار في العالم الغربي، فهي ظهرت في ظروف اجتماعية ونفسية وثقافية وسياسية مختلفة، وعلماء النفس العرب قاموا بالعمل على إجراء بحوث على النظريات الغربية وأخذ ما يساعد في تفسير ظروف الواقع الذي نعيشه، وبعضها يتم تطويرها بما يلائم المجتمعات الشرقية.

والعلم طبيعته إنساني ولا يرتبط بشرق أو غرب ويرتبط بالحضارة الزمنية، ولقد سبقنا حضارة فرعونية وبها علم وكذلك اليونانية والإسلامية وكان بهما علم، والآن هناك حضارة غربية.

وتطبيق المفاهيم الغربية مفهوم خاطئ عند الناس، حيث لا يتم تطبيقها بل يتم اختبارها وهذا دور العالم بدراسة صحة الافتراضات في ظروف مختلفة ويتم تطويرها في ظروف المجتمع نفسه.

والعولمة أثرت تأثيرًا سلبيًا في الفكر العربي على جميع المستويات، ومن أبرز التحديات التي تواجه علم الاجتماع أزمة المنهج ومحاولة اتسامه بالموضوعية وسيطرة المفاهيم الإجرائية والتحرر من القيم، والعلماء العرب تنبهوا إلى أزمة المنهج منذ السبعينيات من القرن الماضي، وحاولوا التكيف معها، ولابد من إعداد دراسات جديدة تعبر عن حال الوطن العربي ومشاكله الاجتماعية.

وأبرز ما يواجهه علماء الاجتماع هو التبعية فيما يتعلق بالقضايا النظرية والتطبيق وليدة النشأة والبيئة الخاصة بالغرب، ما تتسبب في فجوة كبيرة بين استيعاب عالم الاجتماع بقضايا مجتمعه؛ لذا عليه أن يأخذ من الغرب ما يلائم مجتمعه، وأن يضيف إليه ولا يكتفي بالنقل الحرفي فقط. ولا أحب إطلاق تصنيفات على علم الاجتماع، فالعلم هو العلم.

مع تطور وسائل الاتصال والانتقال.. هل يتجه العالم العربي للتوحد؟ وما دور علماء الاجتماع لتصحيح وجهة المجتمعات؟

للأسف العالم عموما يتجه للتقسيم والفرقة على أسس مذهبية ودينية واجتماعية، وهناك مصالح عالمية تدعم ذلك، ودور علماء الاجتماع يتمثل في التحليل والرصد، وتم إطلاق مؤتمر حول المواطنة ، تم فيه طرح الاندماج الاجتماعي وضرورة التحول من الإقصاء إلى الاندماج، والمواطنة الحقيقية والترابط والتماسك بين كل مجتمع، من خلال التخلي عن سياسة العنصرية والطبقية والاستبعاد، وانتشال هذه المفاهيم من العقول يساعد على التوحد.. لكن في المقابل نجد أن ثورة تكنولوجيا المعلومات زادت من وعي الشعوب وأحدثت تغيرات جذرية في الثقافة، والتواصل لعب دورًا في أن الناس أصبحت على دراية بكل ما يحدث ليس في المجتمع الذي تعيش فيه وحسب بل في كل المجتمعات بالعالم.

والوعي رفع سقف الطموح والآمال ما أدى للحركة المجتمعية الشعبية ودفع إلى اتخاذ رأي وقرار بالحركة على الأرض للتغيير للأفضل.

انتقادات كثيرة لأسلوب التعليم في بلدان العالم العربي.. ما أثر ذلك على المجتمع وكيف يمكن إصلاح المنظومة؟

نحتاج إلى ثورة حقيقية هادفة في التعليم، في كل دول العالم العربي، فالتعليم قائم الآن على التلقين والحفظ وعلى الكم والأوراق والشهادات بصرف النظر عن العلم الحقيق والفائدة العائدة على الإنسانية.

ولابد من تغيير هذا الاتجاه ليكون من أجل التمكين ببناء قدرات الناس لتساعد على وجود وظيفة في سوق العمل، وأسواق العمل الآن تطلب خريج بمواصفات معينة، لا تتوفر في العالم العربي.

والأجهزة والجامعات تنافس وتطلع لتعليم مبني على التمكين، ووجود مهارات اجتماعية وثقافية وتكنولوجية، بحيث يكون للشاب شخصية مؤثرة في المحيط الذي ينشأ فيه، لابد من تغيير بيئة التعليم، حيث يتم الدفع بمئات الآلاف في الجامعات بلا فائدة، ولا بد من الاهتمام بنوعية الخريج، حتى يكون قادرًا على خدمة المجتمع، وهذه الثورة الحقيقة التي لا بد أن تحدث.

ما نصيحتك للشاب العربي؟

لا بد أن يهتم ببناء نفسه وشخصيته، في محيط أسرته وحيه ومدينته، ويصبح كيانًا له قيمه، والاستفادة من كل الفرص المحيطة، والأخذ من ثقافات الغرب ما يتناسب مع مجتمعه بتطويره واختباره.