الأحد، 05 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

287 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

022001200

أحمد مصطفى القضاة :

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (لقمان: 12). لقد اشتملت نصائح لقمان الحكيم لابنه على أصول التربية القويمة، ولا أعتقد أن نظريات التربية القديمة والحديثة قد فاقت أو ساوت تلك الأصول التي أوردها الله سبحانه على لسان رجل وصف بالحكمة، وقد خبر الحياة وخبرته، وتأمل كثيرًا في متقلبات الدهر وتجارب الناس، فكانت وصاياه نابعة من قناعة وصدق، ومبنية على تجربة ومعرفة.

لاشك أن نصيحة لقمان التربوية لابنه كانت صورة صادقة، خالية من الشبهة، بعيدة عن الأعراض المصلحية، تحمل في طياتها كل معاني الإصلاح، ومرتكزات التربية السليمة، وهي تدل على العمق التربوي عند قائلها، كما تدل على المعرفة العميقة للنفس البشرية، وما يدور فيها من خواطر وأحاسيس، وما ينازعها من قضايا ونوازع.

وأما الأصول التربوية التي اشتملت عليها وصية لقمان لابنه فهي:

الأصل الأول:

حمل المبدأ، والاقتناع بالفكر، والدفاع عن التصور، والاعتزاز به، وخير المبادئ وأفضلها في الحياة وللأجيال، تلك التي تقوم على توحيد الله سبحانه ونبذ الشرك بكل صوره وألوانه، {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13).

ولم يقل لقمان كلامه جزافا في الهواء ليسير مع أدراج الرياح، ولم يوجه توجيهه دون برهنة أو تدليل، حتى ولو كان التوجيه والإرشاد لابنه المستمع المطيع لأن المبدأ لا يؤخذ إلا بالتدليل، والتصور لا يحمل إلا بالاقتناع، وبالاقتناع المبني على دليل، وإلا فستمحى المبادئ، وتزول التصورات، وتتبخر الأفكار من أول وهلة تتعرض فيها للضغط والمواجهة، أو للنبذ والاستهزاء.

ويعد هذا المسلك سمة بارزة من سمات التربية الإسلامية المبنية على الإقناع والوعي، ونبذ الإكراه المشين، والتلقين المبهم، لأن الفرد الموجه الذي يقع تحت سيطرة الإكراه الفكري أو التلقينات الضاغطة هو فرد ضائع مشتت لا يحمل من العقل ألا اسمه.

ونلاحظ صورة هذا الأصل التربوي العظيم في ثنايا كلام لقمان لابنه وهو يعرض عليه قضايا الوجود، وسلوكات الحياة، بما يتناسب مع شخصية الابن الموجَّه، وثقافة زمانه، وبأمثلة فكرية من واقع الحياة تتلاءم مع مستوى الابن الذهني.

لقد عرض القضية الأساسية، قضية توحيد الله الخالص، ثم دلل عليها {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، وعرض صورة الحياة القويمة الصالحة المبنية على التقوى والمراقبة ثم برهن عليها، {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 16)، {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (لقمان: 17) وعرض صورة حياة الفرد في تعامله ومشيته ومخاطبته ثم عقب على كل قضية بما يستأصل شرها ويغرس خيرها، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، {إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ} (لقمان: 19).

الأصل الثاني:

مراقبة الله سبحانه في الأفعال والأقوال، {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}.

إن الإنسان بطبعه يميل إلى الخوف والمراقبة، وفي حالة غيابهما يفقد معنى إنسانيته ليكون مجرما في حياته، وهذه الفطرة الربانية لابد لها من أن تسير في مسارها الصحيح لتحقق الحياة معناها المطلوب.

واعتقاد الفرد المربي الموجه أن الله يراقبه في قوله وفعله، لا يعزب عنه مثال ذرة في الأرض ولا في السماء، يعلم الحسنات والسيئات، ويسجل الكبائر والصغائر هو الضابط الوحيد والأكيد لكل السلوكات والتصرفات، حيث تستوي حالة الفرد هذا ليعيش في الحياة مستقيم التصرف، معتدل السلوك، صالح الضمير، مهذب النفس، هو الضابط أيضا للفرد في كل أوقاته وحالاته، في السر والعلن، وفي الليل والنهار وفي الخلوة والخلطة، وفي الكبر والصغر، وفي البيت والمجتمع.

هذه ركيزة أساسية من ركائز التربية الصالحة، تأتي بعد قاعدة التوحيد التربوي، أكد عليها لقمان لترسخ في نفس الابن المربى رسوخ الجبال في الأرض، ولتكون في أعماق وجدانه عمق النجم في السماء، ولتصلب قاعدة التوحيد في قلبه صلابة الصخرة الصماء.

وكان يربي لقمان ابنه عند قاعدة التوحيد على أسسها الصحيحة السليمة، ومن أبرز أسسها، الاعتقاد أيضا بأن الله صاحب السلطان والقدرة، ومالك الأمر كله، وقيوم السموات والأرض، يأتي بأصغر شيء في الوجود كما يأتي بأكبره، ويبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.

وهذا معلم بارز عظيم من معالم التربية القويمة، التربية التي تربي في نفس الفرد أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن لقمة العيش التي من أجلها تكد وتكدح هي بيد الله خالقها، وستأتيك عندما تكتب لك، ولو كانت مثقال حبة خردل في صخرة أو في السموات أو في الأرض.

والواقع التربوي من كل هذا أن يعيش الفرد قرير النفس، هادئ البال، مستريح الضمير يعمل في حياته دون ضنك وعناء، ودون قلق وشقاء، يقنع بالقليل ولا يطمع بالكثير، يوازن حياته ضمن قاعدة - اعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا.

فإذن، هذه قاعدة تربوية أصَّلها لقمان في توجيهاته لابنه، في الوقت الذي تكثر فيه النظريات التربوية الحديثة، متخبطة بين نظرية ونظرية، أو بين تجربة وتجربة، لأنها لم تؤصل التربية، ولم تبنها على أسسها الأولية السليم، ولذا نراها تكثر المراقبة على الأجساد دون غرس الرقابة في الضمائر، ومن هنا تضخم جهاز الرقابة لفساد الوجدان، واختلال الشعور، وتضخمت العقوبات لتضخم الجرائم، وتلونت المشاكل لغياب المراقب الفعلي.

الأصل الثالث:

إقامة الصلاة {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ} وهذه تربية متكاملة، تربية روحية جسدية، وتربية أخلاقية اجتماعية، وتربية علمية ثقافية، ولا يستغني عنها الصغير ولا الكبير، ولا الغني ولا الفقير، فالصلاة تهذب الروح، وتقوي الجسد، وتنمي الفكر، وتزيل الفوارق، وتعلم الصبر، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتمحو الذنوب، وتغسل الخطايا، وتزيد الصلة بالله، وتؤكد العبودية، وتغذي الولاء، وتغرس الخشوع، وتثبت التقوى، وتنير البصائر.

الأصل الرابع:

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنكَرِ}.

وهذا يعني مخالطة الناس، والصبر على أذاهم، وتبني قضاياهم، وتقديم الحلول الصالحة لمشاكلهم، والقيام بحركات إصلاحية، شعارها الأمر بالمعروف، والدعوة إلى الخير، والنهي عن المنكر، والتحذير من أضراره.

والتربية التي تعنى بنقل الفرد من واقعه المحدود إلى واقع الآخرين ليعيش حياتهم وقضاياهم غير التربية التي تعنى بذات الفرد للفرد ذاته، فتلك تربية قويمة أصيلة، وهذه تربية ناقصة عرجاء.

وكأن لقمان يشير غالى أن التربية السليمة للفرد تلك التي تنقل الفرد من العيش لنفسه إلى العيش للآخرين، والتضحية بنفسه لا لنفسه وإنما لأنفس الآخرين، وشتان بين فرد يتعب المجتمع ليحيا هو، وبين فرد يتعب نفسه ليريح الآخرين، مع أن القيام بالإصلاح بين الناس، وتحمل تكاليف ذلك الإصلاح، فيه حفظ للفرد من الانجراف في تيارات المنكر، ورياح الخراب، وفيه ثبات لشخصيته على معتقده المتبنى.

الأصل الخامس:

المجالدة والصبر، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (لقمان: 17).

القيام بالدعوة إلى الله مهمة عظيمة، وتكاليف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شاقة صعبة، لا يتحملها إلا الصابرون، ولا يلقاها إلا أصحاب العزائم، ذلك أن الحياة بطبيعتها مليئة بالمشاق والمصاعب، وأن تبني قضايا الناس والإصلاح بينهم على اختلاف أمزجتهم أمر شاق وصعب وخاصة عند الرجال الذين يقيسون الحياة بميزان الرجولة، ويوصلون الحقوق إلى أهلها بطرائق أهل الرجولة، ولذلك لابد لكل هذا من التحمل والصبر، ومن التضحية والجلد.

ويصور لقمان لابنه الأذى أو الابتلاء أنه واقع قد أصابه لأنه عبر عنه بالفعل الماضي «أصابك» ولم يقل: واصبر على ما يصيبك، فليس له خيار في ذلك إلا الصبر والعزيمة، وهو بهذا الأسلوب يلزم نفس المخاطب بالقبول في قضية تتردد النفس فيها، بل وقد يصيبها الخور، أو يحل فيها الوهن.

الأصل السادس:

العزة والتواضع، {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18).

والصعر معناه الميل، والمعنى ولا تمل خدك للناس احتقارا لهم، وكبرا عليهم، وإعجابا بنفسك، وإعراضا عنهم، وإنما أقبل عليهم متواضعا، هينا لينا، ومؤنسا لهم، مستأنسا بهم، كما قيل في المعنى: ولا تذل نفسك للناس من غير حاجة.

وليس بعد هذه التربية تربية.. التربية التي تربي الفرد على العزة والاستعلاء على الدنايا مع التواضع والإيناس، وهي توازن بين كل جوانب الحياة، وتنشئ الفرد ليعيش متواضعا في حياته من غير مذلة، وعزيزا فيها من غير كبر.

ولا ريب أن التواضع من غير مسكنة ولا مذلة عنوان الشخصية المتينة، ورمز الرجولة الصلبة، وشعار الأخوة الإنسانية، ولغة التعامل مع بني البشر، من حيث هم بشر، وأن التكبر وخاصة المقترن بالجهل علامة طيش عند الإنسان، وإشارة غرور في الحياة، ولون من ألوان مرض الأنفس، ودليل على خفة صاحبه، وبرهان على استهتاره بحياة الناس وقيمهم.

الأصل السابع:

الاعتدال في المشية والحركة، {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}.

بعد أن بين المشية المشينة، والحالة الطائشة التي ترفضها مبادئ التربية السليمة، أتى بالصورة الصادقة لحركة الشخصية المثالية، وهي إشارة إلى لون من ألوان التربية المستقيمة التي تعتني بحركات الجسد كما تعتني بخواطر النفس، إذ لا قيمة لأفكار قيمة، وتصورات سليمة، ومبادئ مثالية لا تترجم على حركات الجسد، والعيب كل العيب في تربية تعتني بخواطر الإنسان وأحاسيسه لكنها عاجزة عن معالجة أمره في مشيته وحركته.

وقد قيل: إن الحركة تعبير عن الشخصية، فصاحب الحركة الطائشة إنسان طائش مخدوع مغرور متكبر، وصاحب الحركة المتماوتة إنسان ذليل متماوت أبله، وصاحب الحركة المعتدلة إنسان معتدل متزن رصين، قد ترجم كل معاني الاعتدال والاتزان المحتفظ في نفسه إلى واقعه المنظور.

الأصل الثامن:

أدب المحادثة، {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ} (لقمان: 19).

وهي صورة لا يستغني عنها من أعد نفسه ليكون في مصاف الرجال، وعلى مستوى الدخول في مجالسهم، والتخاطب بلغتهم، والتعامل بطرائقهم، بعيدا عن الفوضى والضوضاء، أو الانعزال والانكماش، كما أنها صفة ملازمة لمن نصب نفسه داعيا إلى الله، بأسلوب رضي، وكلام خير، وحديث طيب.

والاعتدال في المحادثة لا يقل أهمية عن الاعتدال في الحركة، فالصوت العالي الجهوري إيذاء للسامع ورعونة عند المتكلم، والصوت الخفيف الميت مهانة للمتكلم وتهاون بالسامع، وخير الأصوات أعدلها نطقا، وأخفضها سماعا، وأكثرها ارتياحا، وأقلها صياحا.

الأصل التاسع:

التربية بالموعظة {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ}.

وهي لون من ألوان التربية الإسلامية، ولعلها من أنسب أنواع التربية، وخاصة في مثل هذا الموضع الذي يكون فيه المربي أو الموجه هو المسؤول عن الفرد المربى، وتربطه به علاقة دم أو صلة محب، لافتراض أنه يحترم الأقوال، ويقبل النصائح، دون عناء تفكير.

الأصل العاشر:

المخاطبة والنصيحة بالعطف واللين، {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِال}، {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ}، {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ}.

وهذه الطريقة أيضا من أنجح الطرق في التربية، حيث العطف على الموجه والمحبة لهدايته، والتفاؤل في استجابته، ولقد أثبتت تجارب الحياة أن النفس البشرية ميالة إلى من يعطف عليها، ونرى من حولنا أن الآباء الذين يهينون أبناءهم في أثناء تربيتهم يقابلون بالرفض ويصابون بالفشل، وأن الآباء الذين يرحمون أبناءهم، ويعطفون عليهم في أثناء تربيتهم يلاقون المحبة والاحترام.

والمخاطبة بالبنوة في التربية هي طريقة الأنبياء في تربيتهم لأبنائهم، وفي تعاملهم معهم، فإبراهيم لما أراد ذبح ابنه إسماعيل ناداه {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (الصافات: 102)، ونوح لما صعد السفينة نادى ابنه {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ} (هود: 42)، ويعقوب مع أبنائه {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ} (يوسف: 87).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال