القاهرة - الوعي الشبابي:

يُعتبر كمال بشر، الأب المؤسس لعلم اللغة الحديث، جلبًا وتحديثا وإضافة ونشرًا، فمساهماته فاقت حدود الدراسة الأكاديمية بالمشاركة في الحياة لنشر اللغة العربية وتصحيح ما علق بها من لحن وتخليصها من الهجوم الأجنبي على ألفاظها.

وتوفى بشر، نائب رئيس مجمع اللغة العربية سابقًا، أمس الجمعة، عن عمر ناهز 94 عامًا، بعد أن قضى أكثر من نصف قرن في خدمة اللغة العربية وعلومها، فمحاولته لا تنسى في مجال إعادة اللغة لوضعها ومكانتها التي تستحقها.

ويقول د.محمد عبد الباسط، إن د.كمال بشر أحد كبار علماء اللسانيات المعاصرين، الذين وضعوا قدما في التراث وأخرى في الحداثة المعاصرة، فهو الأزهري الدارعمي ثقافة، وهو من أوائل الذين ابتعثهم جامعة القاهرة للحصول على الدرجات العالية في اللسانيات الحديثة، فحصل على درجة الماجستير في الدرس اللغوي المعاصر عام 1953م وعلى درجة الدكتوراه من الجامعة ذاتها في تخصص الأصوات عام 1956م.

ومنذ ذلك التاريخ البعيد جد الأستاذ في مختلف أنشطة الثقافة العربية المعاصرة تأليفًا وتدريسًا وإشرافًا على عشرات البحوث والدراسات التي أكدت جدارته وريادته وإخلاصه لما يمكن أن نطلق عليه "البحث في حيوية الثقافة العربية". وهي مقولة الشيخ أمين الخولي التي وعاها هذا الجيل المتفرد، وعمل لها وبها حتى لقي ربه راضيًا مرضيًا.

ويضيف د.محمد السيد إسماعيل، أن الدكتور كمال بشر من أهم علماء علم اللغة المعاصرين ويعد كتابه المترجم عن دور الكلمة لـ استيفن أولمان من المراجع الأساسية في علم اللغة وهو اختيار جيد من الدكتور بشر وقد تجاوزت أهمية عالمنا الجليل حدود الجامعة فكانت له إسهاماته المتميزة فى مجمع اللغة العربية واختبار المذيعين والمذيعات وتوعيتهم بأصول النطق الصحيح لأصوات اللغة العربية.

وأضاف: "شرفت بالدراسة على يديه، وأشهد أن له أسلويًا متميزًا ممتعًا جاذبا حتى إننا كنا نعاود حضور محاضراته أكثر من مرة للاستفادة والاستمتاع وفى يقيني أن د.بشر يحتل بعلمه وانجازاته المكانة التي يحتلها كبار علماء اللغة على مستوى العالم".

وكان من عباراته الشهيرة قوله :يقول فيرث ....ونقول نحن .....وهى عبارة دالة على انجازاته الخاصة المتميزة ..رحم الله استأذنا الراحل وعوضنا عنه خيرًا.

ويقول الناقد أحمد حسن، إن كمال بشر، يعد أحد علماء اللغة الكبار الذين أسهموا في وضع علم اللغة في بؤرة المشهد المعاصر وأذكر أنه كان أحد الداعين إلى دراسة علم اللغة اﻻجتماعي واﻻهتمام بالدراسة الوصفية واﻻحتفاء بتنوع اللغات الخاصة بكل فئة اجتماعية،ﻷن ذلك يجعلنا في قلب الحياة المعاصرة وبالفعل أصبح طلاب دار العلوم في الفرقة الثالثة يدرسون علم اللغة اﻻجتماعي بدﻻ من علم اللغة التاريخي الذي كان يهتم بظواهر لغوية قديمة ﻻ تهم سوي فئة ضيقة من المتخصصين.

وكان لكمال بشر اهتمام أيضًا باﻻتجاهات اللسانية الحديثة التي تفرعت عن شجرة علم اللغة الحديث الذي أسسه العالم اللغوي الكبير "دي سوسير"، وقد أضاء لنا كثيرا من الإسهامات اللغوية المتعددة لنعوم تشومسكي وأذكر أنه قام بضبط مصطلح البنيوية مفضلًا استخدام البنوية ﻷنها أدق لغويًا بالرغم من شيوع المصطلح اﻷول على طريقة الخطأ الشائع والصحيح المهجور.

وظل كمال بشر عالمًا متعدد العطاء متواصل الجهود في مجمع اللغة العربية حتى الرمق اﻵخير من حياته رحم الله أستاذنا العظيم العالم اللغوي الجليل الدكتور كمال بشر.