السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

111 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

osraaa mo

صابر علي عبدالحليم - إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية:

خير نموذج لحياة أسرية تنعم بالأمن والاستقرار هو النموذج النبوي الشريف، فيه من الرأي والمشورة ما يجبر الخاطر، ومن العدل ما يدعو إلى المحبة، ومن الملاطفة والمداعبة ما يخفف عن النفس متاعبها، ومن التعاون في قضاء الحوائج ما يدفع إلى الفرح والسرور، ومن الشفقة والرحمة ما يرقق القلوب.

إذا ما أرادت الأسرة أن تنعم بحياة آمنة مستقرة يملأها الدفء والحنان فعليها بالنموذج النبوي الشريف.. ومن هذه النماذج في بيت النبوة:

النموذج الأول: حادثة التخيير لزوجات النبي (صلى الله عليه وسلم)

الزوجة المسلمة لها أن تختار كما اختارت زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) بين أن تبقى مع زوجها تعينه على مطالب الحياة وقوت العيال، صابرة محتسبة، على قدر سعة زوجها، راضية بما قدر لها من العيش، وبين أن ترضى بالحياة الدنيا من الآخرة، فقد خير النبي (صلى الله عليه وسلم) زوجاته بين الدنيا وزينتها، وبين الله ورسوله والدار الآخرة، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} (الأحزاب: 28-29). يقول الزمخشري في تفسيره الكشاف: «أردن شيئا من الدنيا من ثياب وزيادة نفقة وتغايرن، فغم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)»(1).

وكان أول من فاتح النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الأمر أمنا عائشة، رضي الله عنها، إذ قال لها: «يا عائشة، إني ذاكر لك أمرا فلا عليك لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك»، ثم تلا عليها الآية الكريمة، فقالت عائشة، رضي الله عنها: «أو في هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خير نسائه، فقلن مثل ما قالت عائشة» (2). إن الزوجة المسلمة لها أن تختار ما اختارت أمهات المؤمنين، فلها في أمهات المؤمنين الأسوة والقدوة والحسنة، أن تصبر على الحياة ومتاعبها، وأن ترضى بالحلال الطيب من العيش، وألا تحمل زوجها فوق طاقته، حتى لا توقعه في الحرج والمشقة، وأن تعين زوجها على مطالب الحياة والأسرة، راضية بما قسم الله لها؛ حتى ينعم أفراد الأسرة بحياة آمنة مستقرة.

النموذج الثاني: استشارته لنسائه

كان الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) يجلس مع زوجاته، ويتحدث إليهن ويستمع لرأيهن، ويتذاكر معهن بعض المسائل، وإن كان مؤيدا بالوحي إلا أنه (صلى الله عليه وسلم) يريد أن يعلم أمته أمرا مهما وهو رفع مكانة المرأة؛ زوجة وأما.

ومن الأمثلة على ذلك ما كان من زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) أم سلمة، رضي الله عنها، عندما شاورها النبي في أمر أصحابه، وكان ذلك في زمن الحديبية، عندما أرادوا العمرة فأشرطت عليهم قريش، وكانت شروطهم تبدو في ظاهرها مجحفة، ومنها: لا يعتمر النبي وأصحابه هذا العام، بل في عام قابل، فاغتاظ أصحاب النبي [ لمنعهم من أداء العمرة، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما، ففي الحديث: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بدنه، ودعا حالقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما(3). أشارت إليه أم سلمة، رضي الله عنها، بما فيه الصواب، وكان رأيها سديدا.

إن الاستشارة لها دور كبير في أمن واستقرار الحياة الأسرية، فالزوج يستشير زوجته في كثير من الأمور الحياتية، خصوصا فيما يتعلق بالأسرة ومطالبها، حينئذ تشعر الزوجة بوجودها مع زوجها كشخص له قيمته، يستشيرها في شؤون الأسرة ومطالبها، فتشعر بالأنس والسرور، كما يدفعها إلى التفاني في العمل وإخلاصها فيه، وحرصها على رضا زوجها. إن الرجل الذي يأخذ برأي زوجته إذا ما وقع خطأ يلتمس أحدهما العذر للآخر، وينظر إليه نظرة المشفق الراثي، وهذا الشعور المتبادل يؤدي بالضرورة إلى الاستقرار الأسري.

النموذج الثالث: عدل النبي (صلى الله عليه وسلم) بين زوجاته في القسمة

ولنا في هذا الأمر نموذج يقتدى به في الحياة الزوجية والأسرية، فالعدل يدفع إلى الأمن والاستقرار، وإلى وجود جو من المحبة والاستقرار بين الزوجة على وجه الخصوص وزوجها، وبين الأبناء والمجتمع على وجه العموم، فقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) أعدل الناس، وأعطف الناس، وأرحم الناس، فكان إذا خرج لسفر، أو جهاد لدفع العدو اقترع بين نسائه، قال الله تعالى: { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)} (الأحزاب:51).

فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يعدل بين زوجاته في القسمة، ولا يفضل واحدة على الأخرى، لما ورد عن أمنا عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: «كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا امرأة امرأة، فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يفضي إلى التي هو يومها فيبيت عندها» (4)، فإذا كان للرجل أكثر من زوجة فيجب أن يتحرى العدل في معاشرتهن؛ لأن هذا من حقهن عليه، وحتى تنعم الأسرة بالأمن والاستقرار.

النموذج الرابع: تباسط النبي وملاطفته زوجاته

من واجبات الزوج تجاه زوجته أن يشبعها حنانا ومرحا، تحكي أمنا السيدة عائشة، رضي الله عنها، لحالها مع رسول الله [زوجة، فقد كانت في سفر مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه: «تقدموا. فتقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك. فسابقته فسبقته على رجلي، فلما كان بعد خرجت أيضا في سفر فقال لأصحابه: تقدموا. ثم قال: تعالي أسابقك. ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم فقلت: وكيف أسابقك يا رسول الله، وأنا على هذه الحال؟ فقال: لتفعلن. فسابقته، فسبقني، فقال: «هذه بتلك السبقة» (5).

إن المرأة في الإسلام حظها وفير من إكرام زوجها لها ومداعبتها ومعاشرتها بالمعروف، ففي الحديث: آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا.، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما، فقال: كل، فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فلما كان الليل، ذهب أبو الدرداء، يقوم، فقال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم. فلما كان آخر الليل، قال سلمان: قم الآن. قال: فصليا. فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فذكر ذلك له، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «صدق سلمان» (6). إن التوازن بين حاجات الإنسان المادية والمعنوية أمر مهم في استقرار الحياة الأسرية وسعادتها.

النموذج الخامس: خدمته (صلى الله عليه وسلم) لأهل بيته

مما يقتدى به في هذا المقام، ويكون له مردوده الطيب على الحياة الزوجية والأسرية أن الزوج لا يستنكف أن يعمل في خدمة أهله، فيعين زوجته على قضاء الحوائج المنزلية، فقد كان [ هكذا، في علو منزلته ورفعة مكانته، ففي الحديث، عن عروة، عن أبيه، قال: سأل رجل عائشة: هل كان رسول الله [ يعمل في بيته شيئا؟ قالت: «نعم، كان يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته، كما يعمل أحدكم في بيته»(7)، فالنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) خير نموذج يقتدى به في التواضع وعلو الهمة في أن يعمل الرجل في خدمة أهله فيعين زوجته في قضاء مهامها المنزلية، مما يعكس جوا من المحبة والتوافق الأسري.

النموذج السادس: شفقته (صلى الله عليه وسلم) على أولاده وأحفاده

يروي مسلم عن أنس بن مالك (صلى الله عليه وسلم)، قال: «ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)» (8). أجل، كان يتصرف بشفقة ورحمة، وعن عاطفة حقيقية نابعة من صميم قلبه لم يكن بوسع أحد لأن يكون مثيلا له في مجال الأسرة والعائلة.

كان (صلى الله عليه وسلم) أرحم الناس وأكثرهم شفقة وحنانا. كان الحسن والحسين، رضي الله عنهما، يركبان على ظهره [ويطوف بهما.. هل يتصور الأب المسلم أن شخصا بهذا المستوى يأخذ حفيديه على ظهره، ويكون لهما فرسا أمام الآخرين؟ أما هو فكان يفعل هذا تواضعا منه ورحمة وشفقة على أولاده وأحفاده.

وفي أحد الأيام، وبينما كان الحسن والحسين على ظهر النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل عليه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقال: نعم الفرس تحتكما. فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «نعم الفارسان هما» (9).

لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب أولاد وأحفاده حبا جما، ويشعرهم بحبه وشفقته، وهذا الحب لا يمنعه أن يبين لهم الخطأ إن وقعوا فيه، فمثلا: مد الحسين (رضي الله عنه) وهو طفل صغير يده إلى تمر الصدقة، فأسرع رسول الله [وانتزع التمرة من فيه. ففي الحديث، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: أخذ الحسين بن علي، رضي الله عنهما، تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «كخ كخ»، ليطرحها، ثم قال: «أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة» (١٠).

ولم يكن أولاده الذكور وأحفاده هم الداخلون فقط ضمن دائرة حبه وحنانه، فقد كان يحب حفيدته أمامة بنت زينب، مثلما يحب حفيديه الحسن والحسين، رضي الله عنهما، فكثيرا ما شوهد وهو يخرج من البيت وأمامة على كتفه، وكان يحملها أحيانا على ظهره، وهو في صلاته النافلة، فإذا ركع وضعها على الأرض، وإذا قام رفعها (11).

فالأب في أسرته يجب أن يلاعب أطفاله ويداعبهم ويحنو عليهم؛ لأن المداعبة والملاعبة لهما مردودهما الطيب على حياة الأطفال، وفي مستقبلهم وتفوقهم الدراسي.

الهوامش

1 - الزمخشري، الكشاف، ج:3، المكتبة التوفيقية، ص:600.

2 - البخاري، ج:3، كتاب المظالم والغصب، باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح، وغيرها، حديث رقم (2468)، ص:133.

3 - أخرجه البخاري، ج:3، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة، حديث رقم (2731)، ص:193.

4 - أخرجه أحمد في مسنده، ج:41، حديث رقم (24765)، ص:41.

5 - النسائي: السنن الكبرى، ج:8، كتاب عشرة النساء، مسابقة الرجل زوجته، حديث رقم (8896)، ص: 178.

6 - أخرجه البخاري، ج:8، كتاب الأدب، باب صنع الطعام والتكلف للضيف، حديث رقم (6139)، ص:32.

7 - أخرجه أحمد في مسنده، ج:42، مسند الصديقة عائشة بنت الصديق، رضي الله عنها، حديث رقم (25341)، ص:209.

8 - أخرجه مسلم، ج:4، كتاب الفضائل، باب رحمته (صلى الله عليه وسلم) بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك، حديث رقم (2316)، ص:1808.

9 - الهيثمي، مجمع الزوائد، ج:9، ص:182.

١٠ - أخرجه البخاري، ج:2، كتاب الزكاة، باب ما يذكر في الصدقة للنبي (صلى الله عليه وسلم)، حديث رقم (1491)، ص: 127.

11 - الشوكاني، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج:1، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ص:236.

 

  

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال