السبت، 27 يوليو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

الدكتور أحمد زكي عاكف وتأديب العلم

د. محمود صالح البيلي - دكتوراه في الأدب والنقد: قيض الله سبحانه وتعالى للعربية من الكتاب من جمع ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

285 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

ESH B AAA

محمود مصطفى حلمي - كاتب وباحث دراسات-

يعد الطفل هو النواة الأساسية لبناء أي مجتمع، فالطفل الناشئ هو بالتأكيد مستقبل الأسرة والمجتمع بل العالم بأسره، لذا فإن الاهتمام بتنشئة الأطفال تنشئة سوية هو الجانب الأهم في الإرادة الحقيقية لإقامة مجتمع سليم وسوي.

ربما أكبر العقبات التي تضعف تنشئة الأطفال تنشئة سليمة هو غياب الوالدين، وغياب الوالدين لا يعني فقط اختفاء الأب والأم عن حياة أبنائهم، بل ربما يعيش الأبوان مع أبنائهم في بيت واحد لكنهم رغم ذلك يكونوا غائبين عنهم وعن الحضور في تفاصيل حياتهم بشكل صحيح.

تواجد الآباء والأمهات في حياة الأبناء يعني بشكل واضح أن يسكنوا قلوب أبنائهم وعقولهم قبل أن يشاركوهم مسكنا واحدا أو يكونوا معا أسرة واحده، لذا فإن الكثير من الآباء والأمهات قد يقعوا فريسة الجهل بما قد يحتاجه أبناؤهم من اهتمام أو رعاية أو تواجد حقيقي في حيواتهم الخاصة قبل العامة وفي الغرف المغلقة قبل المدرسة أو الشارع أو النادي.

الكثير من الآباء والأمهات يعتقدون أن كل دورهم تجاه أبنائهم هو مجرد الإنفاق عليهم وسد احتياجاتهم من ملبس أو مأكل أو مشرب أو أدوات رفاهية أو غير ذلك، لكنهم في تلك الحالة يقعون في جب الخداع الأكبر، لأن الحقيقة هي أن أبناءهم يحتاجون إليهم أكثر مما يحتاجون إلى أموالهم أو تلك الرفاهيات التي يتسابق الآباء في تلبيتها للأبناء ظنا منهم أن ذلك يكفيهم أو أن هذا فقط هو دورهم فقط تجاه أبنائهم.

كما أن شعور الطفل بالحاجة إلى الإشباع العاطفي، وعدم تلبية هذه الحاجة تجعله عرضة للتعلق بكل ما من شأنه أن يمنحه هذا الدفء العاطفي، ولو كان متطرفا أو مجرما.

لذلك حث الشرع الحنيف على رعاية اليتيم والمسح على رأسه وتقبيله، لأنه أشد الأطفال حاجة إلى من يعوضه ما فقده من حنان الأبوة أو الأمومة.

قال الشاعر

ليس اليتيم من انتهى أبواه من

هم الحياة وخلفاه ذليـــلا

إن اليتيم هو الذي تلقـــــى له

أما تخلت أو أبا مشغولا

ولا أدل على خطورة هذه الحاجة من تجاوز النبي [في أدائه بعض الفرائض من أجل هذه الحاجة الطفولية الملحة، فقد تجاوز في صلاته لسماعه بكاء صبي، ونزل من فوق منبره لتعثر الحسن والحسين في الوصول إليه، وحمل أمامه حفيدته لزينب وهو في الصلاة المفروضة، وكان يبدأ بالأطفال بعد عودته من السفر يحملهم ويقبلهم ويردفهم على دابته، وكان يسلم عليهم، ويعطيهم باكورة الثمر، وكل ذلك ثابت عنه في الصحيح.

كما زجر [أحد أصحابه لإهماله إشباع هذه الحاجة، حيث دخل الأقرع بن حابس على النبي [فرآه يقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما فقال الأقرع: «أتقبلون صبيانكم؟ إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم قط، فرد عليه النبي [: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة»» (متفق عليه).

ومن أهم تلك الاحتياجات التي يجب أن يدركها الآباء والأمهات تجاه أبنائهم:

الحب

ربما أكثر ما يحتاجه منا أبناؤنا هو الحب بشكل واضح، والحب لا يعني أن تتواجد مشاعر حبنا لهم في قلوبنا فذلك حادث بالفعل، فالفطرة التي خلقنا الله عليها تزرع في قلب كل أب وأم حب أبنائه بشكل كبير، بل حبا ليس له حدود، لكن ما أعنيه هنا هو أن نظهر ذلك الحب تجاه أبنائنا بشكل حقيقي وواضح وصحيح، وأن نلتمس الطرق التي تظهر لأبنائنا ذلك الحب من داخل قلوبنا وليس من داخل جيوبنا.

المفهوم الخاطئ الذي قد يخدع الكثير من الآباء والأمهات هو اعتمادهم على حبهم لأبنائهم في داخل قلوبهم، ويغفلون بذلك عن إخبار أبنائهم بذلك الحب بشكل واضح ومنطوق، بينما يحتاج الأبناء إلى أن نخبرهم بشكل صريح أننا نحبهم، نحبهم كما هم، لأنهم أبناؤنا، لأنهم جيدون، لأنهم يحبوننا أيضا، ربما إخبار الأبناء بذلك ليل نهار ودون تقيد بوقت أو ظرف محدد سوف يصنع فارقا كبيرا مع الأبناء، بل سيشبعهم بشكل كبير من الناحية العاطفية واللازمة لنشأة شخص متوازن من الناحية النفسية.

الوقت

معني الوقت هنا هو إعطاء الأبناء قدرا جيدا وكافيا من أوقاتنا، وذلك يعني المكوث معهم أكبر قدر ممكن، ولا يعني المكوث التواجد معهم في مكان واحد وفقط، بل إعطاؤهم التركيز اللازم بكل الحواس الممكنة، وإشعارهم بذلك الاهتمام بلا ضجر أو تأفف أو ملل، بل نلقاهم بالابتسام والبشر والضحكات بالتأكيد، كما ينبغي أن نشعرهم أن ذلك الوقت مخصص لهم وفقط حسبما تيسر لنا للجلوس معهم وتبادل الكلمات واللعب معهم أيضا.

الاهتمام

ربما يعتقد البعض أن الاهتمام لا يبتعد في معناه عن مفهوم إعطاء الوقت أو الحب، ولكن ما أعنيه هو الاهتمام بشكل حقيقي، فلا يعتبر المكوث مع الطفل أو الجلوس بجواره اهتماما وأنت ممسكا بهاتفك المحمول تتصفحه أو مركزا عينيك في التلفاز أو الجريدة أو منشغلا بإجراء مكالمات هاتفية.

ولنا أكبر القدوة في رسولنا الكريم ومع اشتغاله [بأمور الجهاد والدعوة والعبادة وأمور الناس إلا أنه كان يلاطف أطفال الصحابة، ويدخل السرور عليهم، ويسأل الطفل عن طائره؛ وهو من هو [في علو منزلته وعظم مسؤولياته.

عن أنس رضي الله عنه قال: «كان لي أخ يقال له أبو عمير، كان إذا جاءنا رسول الله [قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير» (النغير: طائر صغير) (البخاري).

لذا فالاهتمام هنا يعني إعطاء الأبناء التركيز الحقيقي بكل الحواس وبكل طريق ممكن، كذلك الاهتمام بكل ما يخص الأطفال بشكل حقيقي، بلا تسفيه أو تقليل من شأنهم أو إبعادهم عن الحياة العامة التي تخصنا، بل يجب الاهتمام بما يحبون بشكل يرضيهم، كذلك الاهتمام بما يريدون فعله ومناقشاتهم فيه وإعطاؤهم الإحساس أنهم يحتلون قدرا كبيرا من مساحة حياتنا بل القدر الأكبر منها.

التقدير

ربما التقدير مفهوم مرتبط في كثير من الأذهان بالبالغين، فمعظمنا يرى أن الشخص البالغ يحتاج أن نقدره ونعطي له الاحترام اللازم في كل النواحي، لكن الحقيقة الواضحة أن الطفل في احتياج شديد للتقدير أيضا، والتقدير يعني بالنسبة إلى الطفل أن نشعره بكيانه وشخصيته، بل نعطيه الإحساس بأن اهتماماته مهمه أيضا لنا، وتفكيره موضع تقدير وإعجاب من الجميع، كذلك اختياراته هي اختيارات ذكية وجيدة وذلك لا يمنع أن نعدل من تلك الاختيارات أو نصحح مسارها إن ارتأينا المصلحة في ذلك ولكن بأسلوب بسيط وتشجيع واضح دون تثبيط الطفل أو التقليل من أهمية تفكيره أو تسفيه أرائه واختياراته.

ونرى التقدير واضحا أيضا في معاملة نبينا الكريم مع الأطفال،

عن سهل بن سعد] أن رسول الله [أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟، فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا، قال: فتله (وضعه في يده) رسول الله [(البخاري).

وفي ذلك إشارة من النبي [بالاهتمام بالطفل، والتأكيد على إعطائه حقه، وإشعاره بقيمته، وتعويده الشجاعة وإبداء رأيه في أدب، وتأهيله لمعرفة حقه والمطالبة به.

ربما تلك العناصر الأربعة هي الأهم وليست الأوحد تحت مظلة التواجد الحقيقي في حياة الأطفال، فإظهار الحب وتخصيص الوقت والاهتمام والتقدير خطوات في غاية الأهمية حتى يشعر الأطفال بتواجدنا في حياتهم، فكم من أباء وأمهات عاشوا مع أبنائهم سنين طويله وهم غائبين عنهم وعن قلوبهم وحياتهم كلها.

لذا لابد أن نعلم أن تلك المرحلة الأولي من حياة الإنسان هي التي تتكون فيها شخصيته وتتشبع فيها عاطفته وأفكاره التشبع الصحيح والسوي الذي يظهر على الفرد في كل مراحل حياته فيما بعد ويكون الدافع الأكبر في تكوين فردا سليما في مجتمع قوي.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

تربية إبداعية لأبنائك.. كيف؟

رويدا محمد - كاتبة وباحثة تربوية: يعرف الإبداع بأنه النشاط الإنساني المختلف عن المألوف، والذي يؤدي ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال