الجمعة، 26 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

36 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

DJ1mew8XUAEaqfX

محمد محمد الشحات - كاتب وقاص مصري                                        :

قد تعجب عزيزي القارئ من العنوان، ولكي نزيل العجب تعال نتصفح هذه الكلمات معا ونقف على مصدر الإعجاب والحب.

في عصرنا الحاضر ومنذ سنوات ليست بالبعيدة، وفي ظل تطور العلوم، وأدوات البحث والكشف عن المجهول، وزيادة الإقبال على تنمية الأداء البشري وتطويره للحصول على أفضل وأجود منتج وبأقل جهد مع توفير الوقت، ظهر ما يسمى بعلم «التنمية البشرية»، الذي يعنى بتنمية قدرات الإنسان حتى يكون حكيما رشيدا يمتلك المهارات المختلفة.

وتبعا لذلك ظهرت دورات عديدة، منها: فن القيادة، والتواصل، والإقناع، وغرس القيم، وإدارة الوقت، وإدارة الذات، ومما يثير في نفسي الإعجاب والدهشة كيف قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن الصحراء بالحب.. وهذا هو بيت القصيد.

بالحب ظهر الأنصار، ومجد القرآن فعلهم {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الحشر:9). بالحب امتزجت النفوس، وتعانقت الأرواح، وتلاشت الحجب المصطنعة، وصنع ابن الصحراء مع قائده وحبيبه صلى الله عليه وسلم تاريخا مجيدا لم يتكرر بنفس المواصفات، ولكننا نحاول أن نقترب منه تعبدا وتأسيا لنعيد الدورة الحضارية المرجوة والمنشودة مرة أخرى.

لقد أطل النبي الكريم بنوره على الوجود، فأزال غشاوات ظلت على العيون أزمنة متعاقبة، وبدد ظلمات النفوس وأودع فيها الإيمان الممزوج بالحب، فدخل الناس طواعية غير مكرهين {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة:256). جاء الرسول إلى الدنيا، والناس عطشى للحب أكثر من العطش للماء؛ لأنهم كانوا في صحراء القسوة واللارحمة، حيث البيئة القاسية، والقلوب المتحجرة، والحروب والصراعات لأسباب تــــافهة، وبمجرد أن حل النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بصفاته وسماته الربانية رأوا إنسانا ونبيا ورسولا لم يروا من قبله مثيلا، خصوصا عند أصحاب المعارف بالتاريخ والسير منهم.

وقد حل النبي صلى الله عليه وسلم بالنفوس محل أرواحهم ومهجهم حبا، بل قل عشقا، في سابقة لم تحدث من قبل، فأعلن منذ اليوم الأول عن رابطة الأخوة التي تتسامى فوق كل الروابط (الدم، والنسب، والقرابة، والجوار) «ويسمعه الناس يناجي ربه آخر الليل: وأنا شهيد أن العباد كلهم إخوة.. وتلا ذلك الحب في الله – ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه – وتبسمك في وجه أخيك صدقة. وزيارة المريض لك بها أجر. وإذا أحببت أخاك فأخبره أنك تحبه – وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في» (رواه مالك). كل هذه المفردات وغيرها من شأنها أن تزيل الرواسب وتعمق معاني وصور الحب الطاهر البعيد كل البعد عن المصالح الشخصية. هذا المناخ العام في تلك البيئة القوية بدأ الإنسان يتصالح مع نفسه ومع غيره من الناس، وامتد التصالح مع الحيوان والنبات، بل حتى الجمادات.

وصار الرسول صلى الله عليه وسلم يغرس القيم والمفاهيم بطريقة عملية آنية متوازنة، فشعر المسلم آنذاك بآدميته وكيانه وصار له رأي يحترم (ممارسة الشورى)، فعشق الصحابة النبي الإنسان، والقائد، والمربي، والرسول الهادي. وأصبح المسلمون يفدون النبي، والدين، وكل القيم بالمهج، والأرواح، والغالي والنفيس.. فلا تعجب.

من كان يظن أن هناك قائدا، مهما كان حزمه ومهما كانت قوته وشدته، يستطيع أن يسوس تلك النفوس الشرسة الصخرية المتغيرة في مزاجها العام ويجعل منها قادة عالميين في شتى مجالات الحياة إنه نبي الرحمة المهداة والنعمة المزجاة.. لقد صهرها في بوتقة الحب ذلك المعنى السامي الجميل الذي لا يجري وراء المظهر الخادع وإنما يسير وراء جمال النفس وروحها، وحلو منطقها وابتسامة الرضا على محياها. تلك النفس التي عشقت النبي حبا وإعجابا فجاءت نوادر الحب مخرجات طبيعية لذلك الحب الطاهر، وإليك بعض هذه النوادر.

- وفد أبو سفيان المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش الرسول، طوته عنه، فقال: يا بنية، ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله وأنت رجل مشرك (سيرة ابن هشام، وفيه كلام لأهل العلم).

- رفعوا خبيبا رضي الله عنه على الخشبة ونادوه يناشدونه: أتحب أن محمدا مكانك؟ قال: لا، والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه. فضحكوا منه (البداية والنهاية).

- امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما فعل رسول الله؟ قالوا: خيرا، هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه. فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل (رواه ابن إسحاق إمام المغازي، ورواه البيهقي مرسلا).

- وترس أبو دجانة يوم أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك (زاد المعاد، ص:130)، ومص مالك الخدري جرح رسول الله حتى أنقاه، قال له: مجه. قال: والله ما أمجه أبدا (زاد المعاد 136).

أرأيت الحب كيف فعل النوادر العجيبة؟! ففي هذا المجتمع الحائر جاء النور حاملا النور {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} (المائدة:15)، فحرر النفوس من قيد الذل وحرر الروح من ذل القهر والخوف، «وحل القائد المبعوث رحمة محل الروح والنفس وشغل منه مكان القلب والعين؛ من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه. يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله، فاندفع إليه الحب الصادق كما يندفع الماء إلى الحدور، وأحبه رجال أمته وأطاعوه حبا وطاعة لم يسمع بمثلها في تاريخ العشاق والمتيمين» (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن الندوي).

هكذا قاد النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالحب، الذي لم يمنعه من الحزم والشدة في حال تطلب الموقف ذلك، وكان النبي رغم ذلك يغضب، ولكن متى؟ عندما تنتهك حرمات الله فلم يغضب صلى الله عليه وسلم لنفسه قط.

سيظل النبي صلى الله عليه وسلم يقود الأمة والعالم وهو في قبره بتعاليمه وتوجيهاته ومنهجه، فهذا جزء من العقيدة {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} (آل عمران:31). نعم، فلا يكفي الحب وحده، ولكن يخرج عنه الاتباع والسير على النهج القويم، فالحب منهج حياة للمسلم، به يحنو على الفقير، ويمسح على رأس اليتيم، ويحسن معاملة الزوجة والولد بعاطفة الأبوة والحب فتسلس له قيادة أسرته ومن يتولى المسؤولية عنهم في عمله الحياتي، هذا إن أردنا أن ننجح ونتميز ويضرب بنا المثل في هذا الشأن.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال